الصفحات

الخميس، 27 أكتوبر 2016

الطعن 10938 لسنة 77 ق جلسة 2 / 3 / 2008 مكتب فني 59 ق 29 ص 172

جلسة 2 من مارس سنة 2008
برئاسة السيد المستشار / محمد طلعت الرفاعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / عادل الشوربجي , على شكيب , هاني عبد الجابر نواب رئيس المحكمة وعزمي الشافعي .
-------------
(29)
الطعن 10938 لسنة 77 ق
(1) حكم " بيانات التسبيب ".                
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة وإيراد الأدلة السائغة على ثبوتها في حقه على نحو كاف . لا قصور .
(2) إثبات " خبرة " .
عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه . لا ينال من سلامة الحكم .
مثال .
(3) إثبات " قرائن "" معاينة " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب" . قتل عمد .
        النعي على الحكم عدم بيان مضمون المعاينة التصويرية . غير مجد . طالما لم يعول عليها في إثبات التهمة وإن أشار إليها كقرينة في الرد على الدفع بعدم صحة اعتراف الطاعن .
(4) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . قتل عمد . قصد جنائي .
        مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر نية القتل لدى الطاعن .
(5) إثبات " اعتراف " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ".
لمحكمة الموضوع الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق ولو عدل عنه بعد ذلك . متى اطمأنت إليه . ولها تقدير صحة ما يدعيه من أن اعترافه انتزع منه بطريق الإكراه .
الدفع ببطلان الاعتراف للإكراه . إثارته لأول مرة أمام النقض . غير مقبول .
مثال .
(6) إثبات " شهود ". محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى ".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشهود . مفاده ؟
(7) إجراءات " إجراءات المحاكمة ". دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الطلب الجازم . ماهيته ؟
مثال .
(8) إثبات " خبرة " . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ".
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم . موضوعي.
عدم التزام المحكمة بإجابة طلب مناقشة الطبيب الشرعي . مادامت الواقعة وضحت لديها ولم تر من جانبها اتخاذ هذا الإجراء .
قرار المحكمة بصدد تجهيز الدعوى وجمع الأدلة . تحضيري . جواز العدول عنه .
(9) ارتباط . اقتران . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . ظروف مشددة . قانون" تفسيره " . قتل عمد . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها "" حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون" .
قضاء المحكمة بمعاقبة الطاعن بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات طبقا للمادة 234 الفقرة الثانية عقوبات تأسيساً على أن القتل اقترنت به جناية سرقة بإكراه باعتبار أن الإكراه هو فعل القتل . خطأ في تطبيق القانون . علة ذلك ؟
الفعل الواحد . إن صح وصفه بعدة أوصاف . إلا أن توقيع العقوبة لا يكون إلا عن الجريمة الأشد . أساس ومقتضى ذلك ؟
(10) ارتباط . اقتران . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب ". سرقة . ظروف مشددة . قانون " تفسيره ". قتل عمد . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الارتباط "" سلطتها في تقدير الاقتران " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " .
        تغليظ العقاب على جريمة القتل العمد المقترنة بجناية أخرى . شرطه : أن تكون الأخيرة مكونة من فعل مستقل متميز عن فعل القتل . أساس ومقتضى ذلك ؟
 فعل الاعتداء المكون لجريمة القتل العمد . لا يعتبر ظرفاً مشدداً لجريمة السرقة المرتكبة معها . توقيع العقاب على الطاعن يكون مجرداً من هذا الظرف باعتبار الواقعة جنحة سرقة .
انتهاء الحكم إلى اعتبار الواقعة قتل عمد مقترن بجناية سرقة بالإكراه . خطأ في تطبيق القانون . دخول العقوبة الموقعة على الطاعن في الحدود المقررة لجريمة القتل المرتبط بجنحة سرقة مجردة من ظرف الاقتران بعد إعمال حكم المادة 17 عقوبات . غير مجد . علة وأساس ذلك ؟
(11) ظروف مخففة . عقوبة " تطبيقها " . قانون " تفسيره " . قتل عمد . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " .
العقوبة المقررة لجريمة القتل العمد المجردة من أى ظروف مشددة : السجن المؤبد أو المشدد .
المادة 17 عقوبات . إباحتها النزول بعقوبة السجن المشدد إلى عقوبة السجن أو الحبس الذي لا تقل مدته عن ستة أشهر . تطبيقها واجب . حال إفصاح المحكمة أخذ المتهم بالرأفة .
انتهاء المحكمة إلى إدانة الطاعن بجريمة القتل العمد مجردة من أي ظروف مشددة وإلى أخذه بالرأفة وفقا للمادة 17 عقوبات . وإيقاع إحدى العقوبتين التخييريتين وفقا للمادة 234 فقرة أولى عقوبات . خطأ في تطبيق القانون . علة وأثر ذلك ؟
(12) دعوى مدنية . قانون " تفسيره " . محكمة الإعادة . محكمة النقض " سلطتها". نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها "" حالات الطعن . الخطأ في القانون "" أثر الطعن "" نظر الطعن والحكم فيه "" الطعن لثاني مرة " .
تدخل المدعى بالحق المدني في الدعوى الجنائية لأول مرة بعد إحالتها من محكمة النقض إلى محكمة الموضوع لإعادة المحاكمة . غير مقبول .
مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر والقضاء بقبول الدعوى المدنية وإلزام الطاعن بالتعويض . خطـأ في تطبيـق القـانون .
اقتصار العيب الذي شاب الحكم فيما قضى به في الدعويين الجنائية والمدنية على مخالفة القانون . يوجب تصحيحه . أساس وعلة وأثر ذلك ؟
________________
        1- لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما مؤداه أن الطاعن وقد ارتبط بالمجني عليها بعلاقة آثمة كان دائم التردد عليها بمسكنها لممارسة الفحشاء وحين التقاها ليلة الحادث بحجرتها لمعاشرتها أبت إلا أن يتزوجها وهددته بإفشاء أمر علاقتهما لأسرتها إن لم يمتثل لرغبتها فعاجلها بضربها بيـده مما أفقدها الوعي وما لبث أن عثر على سكين بالحجرة طعنها بها عدة طعنات في مقاتل من جسدها وحين تيقن أنها أسلمت الروح استولى على قرطها الذهبي ولاذ بالفرار وساق الحكم على ثبوت الواقعة على نحو ما سلف في حق الطاعن أدلة سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من أقوال ضابط الواقعة وما اعترف به الطاعن بتحقيقات النيابة العامة ومما ثبت بتقرير الصفة التشريحية بمصلحة الطب الشرعي .
2- لما كان الحكم المطعون فيه قد نقل عن تقرير الصفة التشريحية لجثة المجنى عليها أن إصابتها بالصدر والكتف حيوية ذات طبيعة قطعية طعنية وتحدث على غرار الضرب بجسم صلب ذو حافة حادة كنصل السكين وأن وفاة المجني عليها تعزى لما أحدثته هذه الإصابات من تهتك بالأحشاء الصدرية وإنها جائزة الحدوث من السكين المضبوط وبالتصوير الذي أورده المتهم في اعترافه , وكان ما أورده الحكم نقلاً عن تقرير الصفة التشريحية كافياً في بيان مضمونه ولتحقيق المواءمة بينه وبين باقي الأدلة المطروحة في الدعوى ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم عدم إيراده مضمون هذا التقرير كاملاً يكون في غير محله لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه .
3- لما كان الحكم قد استند في إثبات التهمة في حق الطاعن إلى أقوال ضابط الواقعة واعتراف الطاعن بالتحقيقات وتقرير الصفة التشريحية ولم يعول في ذلك على ما تضمنته المعاينة التصويرية التي قام بها الطاعن لكيفية ارتكاب الحادث ، وإن أشار في مدوناته في معرض رده على ما أثاره الدفاع بشأن عدم صحة اعتراف الطاعن أن الأخير قام بإجراء تصوير لكيفية ارتكاب الجريمة كقرينة معززة لما ساقه في مقام التدليل على صحة الاعتراف ومن ثم ينحسر عن الحكم قالة القصور في التسبيب لعدم بيان مضمون المعاينة التصويرية .
   4- لما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل في حق المحكوم عليه في قوله " وحيث إنه عن نية القتل فإنه لما كان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالظـروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية وإذا كان ذلك فإن هذه النية قامت في نفس المتهم وتوافرت لدية من حاصل ما تبينته من ظروف الدعوى وأن المتهم خوفاً من افتضاح أمره مع المجني عليها حدد لحظة تهديدها إياه بافتضاح ذلك الأمر التخلص منها فقام بالاعتداء عليها حتى سقطت وفقدت وعيها وأمسك بالسكين التي عثر عليها داخل الحجرة مكان ارتكابه للواقعة ووال الاعتداء عليها حتى فقدت حياتها وتخلص منها وأنه متى كان ذلك وكان كل ما أتاه المتهم لا يكون إلا عن قصد إزهاق روح المجنى عليها " ، وكان ما أورده الحكم - على السياق المتقدم- وما جاء بصورة الواقعة التي اقتنعت بها المحكمة كافياً وسائغاً في استظهار نية القتل ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد .
5- من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع وأن لمحكمة الموضوع دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بلا معقب عليها وكان الحكم المطروح قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى اطراح الدفع ببطلان اعتراف المحكوم عليه لصدوره تحت تأثير الإكراه وأفصح عن اطمئنانه إلى صحة هذا الاعتراف ومطابقته للحقيقة والواقع ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا المنعى يكون غير سليم ، وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن لم يثر الدفع ببطلان اعترافه لأنه وليد إكراه معنوي على النحو الوارد بأسباب الطعن ، فإنه لا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض .
6- من المقرر أن الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق – كما هو الحال في الدعوى الماثلة – وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات ، كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهى متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد انها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وإذ كان الطاعن لا ينازع في صحة ما نقله الحكم من أقوال الضابط شاهد الإثبات واعترافات الطاعن بتحقيقات النيابة العامة ، فإنه لا يكون ثمة محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها ، ولا تعويل في قضائه بالإدانة على أقوالهما بدعوى اطراح الحكم للقرائن التي أشار إليها في أسباب الطعن للتدليل على عدم معقولية الواقعة التي اقتنعت بها المحكمة والتفاته عن تحقيقها والرد عليها إذ أن مفاد ما تناهى إليه الحكم من تصوير للواقعة هو اطراح دفاع الطاعن المخالف لهذا التصوير .
7- من المقرر أن الطلب الذي تلتزم به محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية وكان البين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن وإن كان قد طلب بجلستي ....،..... استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته إلا أنه لم يعد إلى طلبه هذا في ختام مرافعته بالجلسة الأخيرة والتي اقتصر فيها على طلب البراءة ، فليس له أن ينعى على المحكمة عدم إجابته إلى هذا الطلب أو الرد عليه .
        8- من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إليها من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة وهى غير ملزمة من بعد بإجابة طلب مناقشة الطبيب الشرعي مادام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى ، ومادام استنادها إلى الرأي الذي انتهى إليه الخبير هو استناد سليم لا يجافي المنطق أو القانون بما يكون منعى الطاعن في هذا الخصوص غير مقبول . ولا يغير من ذلك أن تكون المحكمة قد استأجلت الدعوى لمناقشة الطبيب الشرعي ثم عدلت عن قرارها ، ذلك لأن القرار الذي تصدره المحكمة في مجال تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق .
9- لما كان الثابت بالحكم أن الطاعن قتل المجنى عليها بضربها بسكين عدة ضربات بمنطقتي الصدر والكتف ولما تيقن من وفاتها سرق منها قرطها الذهبي ، وقضت المحكمة بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات طبقا للمادة 234 فقرة ثانية عقوبات على أساس أن القتل اقترنت به جناية سرقة بإكراه باعتبار أن الإكراه هو فعل القتل ، فإنها تكون قد أخطأت لأن هذه السرقة وإن كان يصح في القانون وصفها بأنها بإكراه إذا ما نظر إليها مستقلة عن جناية القتل العمد إلا أنه إذا نظر إليها معها - كما هو الواجب - فإن فعل الاعتداء الذي يكون جريمة القتل يكون هو الذي يكون في ذات الوقت ركن الإكراه في السرقة ولما كانت المادة 32 من قانون العقوبات صريحة في أن الفعل الواحد إذا صح في القانون وصفه بعدة أوصاف ، فلا يصح أن يوقع على مرتكبه إلا عقوبة واحدة هي المقررة للجريمة التي عقابها أشد ، ولما كان هذا مقتضاه أن الفعل الواحد لا يصح أن يحاسب عليه فاعله إلا مرة واحدة
ج  فإنه متى كان الفعل يكون جريمة لها عقوبة خاصة بها ويكون في ذات الوقت ظرفاً مشدداً لجريمة أخرى ، يجب عند توقيع العقاب على المتهم أن لا يكون لهذا الفعل من اعتبار في الجريمتين المسندتين له إلا بالنسبة للجريمة الأشد عقوبة ، فإذا ما كانت هذه الجريمة هي التي يكونها الفعل عدت الأخرى فيما يختص بتوقيع العقوبة كأنها مجردة عن الظرف المشدد .
10- لما كان القانون في الشق الأول من الفقرة الثانية من المادة 234 المذكورة إذ غلظ عقوبة القتل العمد متى ارتكبت معه جناية أخرى ، إنما أراد بداهة أن تكون الجناية الأخرى مكونة من فعل مستقل متميز عن فعل القتل ، ومقتضى هذا أن لا تكون الجناية الأخرى مشتركة مع جناية القتل في أي عنصر من عناصرها ولا في أي ظرف من ظروفها المعتبرة قانوناً عاملاً مشدداً للعقاب ، فإذا كان القانون لا يعتبرها جناية إلا بناء على ظرف مشدد ، وكان هذا الظرف هو المكون لجناية القتل العمد ، وجب عند توقيع العقاب على المتهم أن لا ينظر إليها إلا مجردة عن هذا الظرف وهو ما مؤداه النظر إلى جريمة السرقة مجردة عن ظرف الإكراه أي جنحة سرقة ويكون عقاب الطاعن طبقا لنص المادة 234 من قانون العقوبات في فقرتها الثانية التي أعمل نصها الحكم على ما انتهى إليه في التكييف القانوني واعتباره القتل مقترناً بجناية السرقة بالإكراه هو خطأ في تطبيق القانون ، ولا يحاج في هذا الصدد بأن الخطأ لا يؤثر في سلامة الحكم مادام أن العقوبة التي أوقعها على الطاعن – السجن المشدد – تدخل في الحدود المقررة لجريمة القتل المرتبط بجنحة سرقة مجردة من ظرف الاقتران بعد إعمال المادة 17 من قانون العقوبات مما تنتفى معه مصلحة الطاعن في التمسك بالخطأ الذي وقع فيه الحكم على الوجه المتقدم ذلك أن المادة 234 في فقرتها الثالثة من قانون العقوبات تستوجب لاستحقاق العقوبة المنصوص عليها فيها أن يقع الفعل لأحد المقاصد المبينة بها وهى التأهب لفعل جنحة أو تسهيلها أو ارتكابها بالفعل أو مساعدة مرتكبيها أو شركائهم على الهرب أو التخلص من العقوبة فيجب لانطباق هذه المادة أن تقوم بين القتل والجنحة رابطة السببية على الوجه الذي بينه القانون أما إذا انتفت هذه الرابطة فلا ينطبق هذا النص ولو قامت علاقة الزمنية بين القتل والجنحة – كالحال في الدعوى الماثلة – إذ لا يبين من مدونات الحكم المطعون فيه ومن المفردات المضمومة أن جريمة القتل ارتكبت بقصد السرقة مما ينفى رابطة السببية بين القتل والسرقة وأن جريمة القتل وقعت لغرض آخر غير المنصوص عليه وتلتها جنحة السرقة ، وليس بين الجريمتين سوى مجرد الارتباط الزمنى بما يستوجب توقيع عقوبة واحدة عن تلك الجريمتين وذلك بالتطبيق للفقـــرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات لجامع الارتباط بينهما وهى عقوبة جريمة القتل مجردة من أي ظروف مشددة التي ثبتت في حق الطاعن وبريء الحكم من المناعي الموجهة إليه بخصوصها .
11- لما كانت العقوبة المقررة للجريمة المار ذكرها طبقا للفقرة الأولى من المادة 234 من قانون العقوبات هي السجن المؤبد أو المشدد ، وكانت المادة 17 من القانون آنف الذكر التي أعملها الحكم في حق الطاعن تبيح النزول بالسجن المشدد إلى عقوبة السجن أو الحبس الذي لا تقل مدته عن سته أشهر ، وأنه وإن كان هذا النص يجعل النزول بالعقوبة المقررة للجريمة إلى الجريمة التي أباح النزول إليها جوازياً ، إلا أنه يتعين على المحكمة إذا ما رأت أخذ المتهم بالرأفة ومعاملته طبقاً للمادة 17 المشار إليها ألا توقع العقوبة إلا على الأساس الوارد في هذه المادة باعتبار أنها حلت بنص القانون محل العقوبة المنصوص عليها فيه للجريمة محل الاتهام. وإذ كان ذلك ، وكان الحكم قد أفصح عن معاملة الطاعن طبقا للمادة 17 من قانون العقوبات وأوقع عليه عقوبة السجن المشدد لمدة عشر سنوات ، وهي إحدى العقوبتين التخييريتين المقررتين لجريمة القتل العمد مجردة من أي ظروف مشددة التي دين بها الطاعن طبقاً للفقرة الأولى من المادة 234 من قانون العقوبات ، فإنه يكون قد خالف القانون إذ كان عليه أن ينزل بعقوبة السجن المشدد إلى عقوبة السجن أو الحبس الذي لا تقل مدته عن ستة أشهر مما يتعين معه تصحيحه وفقا للقانون .
12- من المقرر أنه لا محل لما يثيره الطاعن بشأن خطأ الحكم لخلوه من أسماء المدعيين بالحقوق المدنية ، ذلك أن طبيعة الطعن بطريق النقض وأحكامه وإجراءاته لا تسمح بالقول بجواز تدخل المدعى بالحق المدني في الدعوى الجنائية لأول مرة بعد إحالتها من محكمة النقض إلى محكمة الموضوع لإعادة الفصل فيها بعد نقض الحكم ، وكان الحكم قد خالف هذا النظر وقضى بقبول الدعوى المدنية ، إذ ألزام الطاعن بالتعويض المدني المطلوب رغم عدم سبق ادعاء المدعى بالحقوق المدنية في المحاكمة الأولى ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون من هذه الناحية ، وأنه ولئن كان الطعـن بالنقض للمرة الثانية ، إلا أه لما كان العيب الذي شاب الحكم فيما قضى به في الدعويين الجنائية والمدنية مقصوراً على مخالفة القانون ، فإنه يتعين وفقاً للمادتين 35، 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن تصحح المحكمة الخطأ من تلقاء نفسها لمصلحة الطاعن وتحكم بمقتضى القانون دون حاجة إلى تحديد جلسة لنظر الموضوع ، مادام العوار لم يرد على بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم ، مما كان يقتضى التعرض لموضوع الدعوى . لما كان ذلك ، فإنه يتعين تصحيح الحكم باستبدال عقوبة السجن لمدة ثلاث سنوات بعقوبة السجن المشدد المقضي بها عليه ، ونقض الحكم في الدعوى المدنية والقضاء بعدم قبولها .
________________
 الوقائــع
    اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه : قتل عمداً .... بأن انهال عليها ضرباً بسكين قاصداً من ذلك قتلها وأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها ، وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أنه في ذات الزمان والمكان سرق بالإكراه القرط الذهبي المملوك للمجنى عليها على النحو المبين بالتحقيقات . وأحالته إلى محكمة جنايات ... لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة . والمحكمة المذكورة قضت حضورياً ببراءته ومصادرة السلاح الأبيض المضبوط .
     فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض وقيدت بجدولها برقم ... لسنة ... القضائية ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات ... لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى . ومحكمة الإعادة قضت حضورياً (بهيئة مغايرة) عملاً بالمادة 234 /1، 2 من قانون العقوبات بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات وإلزامه بأن يؤدى للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ خمسة آلاف جنيه وواحد على سبيل التعويض المؤقت .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
________________
 المحكمة
    وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد المقترن بجناية السرقة بإكراه قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع وانطوى على الخطأ في تطبيق القانون ، ذلك بأنه لم يورد مؤدى تقرير الصفة التشريحية كامـلا ، ولم يبين مضمون المعاينة التصويرية التي أجراها الطاعن لوقوع الحادث مع أنه تساند إليها في معرض رده على الدفع المثار بشأن صحة اعترافه ، واستظهر نية القتل بما لا يسوغ توافرها ، ورد الحكم بما لا يصلح رداً على دفاعه ببطلان اعترافه بتحقيقات النيابة العامة لأنه جاء وليد إكراه بشقيه المادي والمعنوي تمثل شقه الأخير في القبض على والدة الطاعن واحتجازها بقسم الشرطة ولم يعن بتحقيقه ، واعتنق تصوير الطاعن للواقعة الذي أدلى مكرهاً رغم عدم معقوليته وتعارضه مع ماديات الدعوى لقرائن عددها ، إلا أن الحكم تغافل عن دلالتها التي تنبئ عن أن للواقعة صورة أخرى خلاف تلك التي اعتنقتها المحكمة وأعرض عن تحقيقها والرد عليها وصولاً إلى استجلاء تلك الصورة ، فضلاً عن أن المحكمـة في سبيل تحقيق دفاع الطاعن استأجلت الدعوى لمناقشة الطبيب الشرعي في تقريره وعلى وجه الخصوص بشأن ما إذا كان من المتصور انتزاع القرط من أذن المجنى عليها دون أن يترك أثار إصابية بها إلا أن المحكمة فصلت في الدعوى دون أن تستجيب لهذا الطلب أو ترد عليه ، كما أخذ الحكم الطاعن بظرف الاقتران بين الجريمتين المسندتين إليه مع وحدة الفعل المادي بين تلك الجريمتين مما ينفي توافر هذا الظرف وأن الواقعة بفرض حصولها لا تشكل سوى قتل مرتبط بجنحة سرقة ومع ذلك التفت الحكم عن دفاعه في هذا الشأن وأخيراً فإن الحكم أخطأ إذ خلا كلية من بيان أسماء المدعين بالحقوق المدنية ، كل ذلك مما يعيبه بما يستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما مؤداه أن الطاعن وقد ارتبط بالمجنى عليها بعلاقة آثمة كان دائم التردد عليها بمسكنها لممارسة الفحشاء ، وحيـن التقاها ليلة الحادث بحجرتها لمعاشرتها أبت إلا أن يتزوجها وهددته بإفشاء أمر علاقتهما لأسرتها إن لم يمتثل لرغبتهـا فعاجلها بضربها بيده مما أفقدها الوعي وما لبث أن عثر على سكين بالحجرة طعنها بها عدة طعنات في مقاتل من جسدها وحين تيقن أنها أسلمت الروح استولى على قرطها الذهبي ولاذ بالفرار وساق الحكم على ثبوت الواقعة على نحو ما سلف في حق الطاعن أدلة سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من أقوال ضابط الواقعة وما اعترف به الطاعن بتحقيقات النيابة العامة ومما ثبت بتقرير الصفة التشريحية بمصلحة الطب الشرعي . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد نقل عن تقرير الصفة التشريحية لجثة المجنى عليها أن إصابتها بالصدر والكتف حيوية ذات طبيعة قطعية طعنية وتحدث على غرار الضرب بجسم صلب ذو حافة حادة كنصل السكين وأن وفاة المجني عليها تعزى لما أحدثته هذه الإصابات من تهتك بالأحشاء الصدرية وإنها جائزة الحدوث من السكين المضبوط وبالتصوير الذي أورده المتهم في اعترافه , وكان ما أورده الحكم نقلاً عن تقرير الصفة التشريحية كافياً في بيان مضمونه ولتحقيق المواءمة بينه وبين باقي الأدلة المطروحة في الدعوى فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم عدم إيراده مضمون هذا التقرير كاملاً يكون في غير محله لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد استند في إثبات التهمة في حق الطاعن إلى أقوال ضابط الواقعة واعتراف الطاعن بالتحقيقات وتقرير الصفة التشريحية ولم يعول في ذلك على ما تضمنته المعاينة التصويرية التي قام بها الطاعن لكيفية ارتكاب الحادث، وإن أشار في مدوناته في معرض رده على ما أثاره الدفاع بشأن عدم صحة اعتراف الطاعن أن الأخير قام بإجراء تصوير لكيفية ارتكاب الجريمة كقرينة معززة لما ساقه في مقام التدليل على صحة الاعتراف ، ومن ثم ينحسر عن الحكم قالة القصور في التسبيب لعدم بيان مضمون المعاينة التصويرية . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل في حق المحكوم عليه في قوله : " وحيث إنه عن نية القتل فإنه لما كان من المقرر أن قصد القتل أمر خفى لا يدرك بالظـروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية موكول إلى قاضى الموضوع في حدود سلطته التقديرية وإذا كان ذلك فإن هذه النية قامت في نفس المتهم وتوافرت لدية من حاصل ما تبينته من ظروف الدعوى وأن المتهم خوفاً من افتضاح أمره مع المجني عليها حدد لحظة تهديدها إياه بافتضاح ذلك الأمر التخلص منها فقام بالاعتداء عليها حتى سقطت وفقدت وعيها وأمسك بالسكين التي عثر عليها داخل الحجرة مكان ارتكابه للواقعة ووال الاعتداء عليها حتى فقدت حياتها وتخلص منها وأنه متى كان ذلك وكان كل ما أتاه المتهم لا يكون إلا عن قصد إزهاق روح المجنى عليها" وكان ما أورده الحكم ـــ على السياق المتقدم ـــ وما جاء بصورة الواقعة التي اقتنعت بها المحكمة كافياً وسائغاً في استظهار نية القتل فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع وأن لمحكمة الموضوع دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بلا معقب عليها وكان الحكم المطروح قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى اطراح الدفع ببطلان اعتراف المحكوم عليه لصدوره تحت تأثير الإكراه وأفصح عن اطمئنانه إلى صحة هذا الاعتراف ومطابقته للحقيقة والواقع فإن ما يثيره الطاعن في هذا المنعى يكون غير سليم ، وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن لم يثر الدفع ببطلان اعترافه لأنه وليد إكراه معنوي على النحو الوارد بأسباب الطعن فإنه لا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أيضاً أن الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق – كما هو الحال في الدعوى الماثلة – وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهى متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد انها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وإذ كان الطاعن لا ينازع في صحة ما نقله الحكم من أقوال الضابط شاهد الإثبات واعترافات الطاعن بتحقيقات النيابة العامة فإنه لا يكون ثمة محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها ولا تعويل في قضائه بالإدانة على أقوالهما بدعوى اطراح الحكم للقرائن التي أشار إليها في أسباب الطعن للتدليل على عدم معقولية الواقعة التي اقتنعت بها المحكمة والتفاته عن تحقيقها والرد عليها إذ أن مفاد ما تناهى إليه الحكم من تصوير للواقعة هو اطراح دفاع الطاعن المخالف لهذا التصوير . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الطلب الذي تلتزم به محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية وكان البين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن وإن كان قد طلب بجلستي ...،.... استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته إلا أنه لم يعد إلى طلبه هذا في ختام مرافعته بالجلسة الأخيرة والتي اقتصر فيها على طلب البراءة ، فليس له أن ينعى على المحكمة عدم إجابته إلى هذا الطلب أو الرد عليه فضلا عن أنه من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إليها من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة وهى غير ملزمة من بعد بإجابة طلب مناقشة الطبيب الشرعي مادام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى ومادام استنادها إلى الرأي الذي انتهى إليه الخبير هو استناد سليم لا يجافى المنطق أو القانون بما يكون منعى الطاعن في هذا الخصوص غير مقبول . ولا يغير من ذلك أن تكون المحكمة قد استأجلت الدعوى لمناقشة الطبيب الشرعي ثم عدلت عن قرارها ، ذلك لأن القرار الذي تصدره المحكمة في مجال تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق . لما كان ذلك ، وكان الثابت بالحكم أن الطاعن قتل المجنى عليها بضربها بسكين عدة ضربات بمنطقتي الصدر والكتف ولما تيقن من وفاتها سرق منها قرطها الذهبي ، وقضت المحكمة بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات طبقا للمادة 234 فقرة ثانية عقوبات على أساس أن القتل اقترنت به جناية سرقة بإكراه باعتبار أن الإكراه هو فعل القتل ، فإنها تكون قد أخطأت لأن هذه السرقة وإن كان يصح في القانون وصفها بأنها بإكراه إذا ما نظر إليها مستقلة عن جناية القتل العمد إلا أنه إذا نظر إليها معها - كما هو الواجب - فإن فعل الاعتداء الذي يكوِّن جريمة القتل يكون هو الذي يكوِّن في ذات الوقت ركن الإكراه في السرقة . ولما كانت المادة 32 من قانون العقوبات صريحة في أن الفعل الواحد إذا صح في القانون وصفه بعدة أوصاف فلا يصح أن يوقع على مرتكبه إلا عقوبة واحدة هي المقررة للجريمة التي عقابها أشد، ولما كان هذا مقتضاه أن الفعل الواحد لا يصح أن يحاسب عليه فاعله إلا مرة واحدة فإنه متى كان الفعل يكوِّن جريمة لها عقوبة خاصة بها ويكون في ذات الوقت ظرفاً مشدداً لجريمة أخرى ، يجب عند توقيع العقاب على المتهم أن لا يكون لهذا الفعل من اعتبار في الجريمتين المسندتين له إلا بالنسبة للجريمة الأشد عقوبة ، فإذا ما كانت هذه الجريمة هي التي يكوِّنها الفعل عُدت الأخرى فيما يختص بتوقيع العقوبة كأنها مجردة عن الظرف المشدد ، ثم إن القانون في الشق الأول من الفقرة الثانية من المادة 234 المذكورة إذ غلظ عقوبة القتل العمد متى ارتكبت معه جناية أخرى إنما أراد بداهة أن تكون الجناية الأخرى مكونة من فعل مستقل متميز عن فعل القتل ومقتضى هذا أن لا تكون الجناية الأخرى مشتركة مع جناية القتل في أي عنصر من عناصرها ولا في أي ظرف من ظروفها المعتبرة قانوناً عاملاً مشدداً للعقاب ، فإذا كان القانون لا يعتبرها جناية إلا بناء على ظرف مشدد ، وكان هذا الظرف هو المكون لجناية القتل العمد ، وجب عند توقيع العقاب على المتهم أن لا ينظر إليها إلا مجردة عن هذا الظرف وهو ما مؤداه النظر إلى جريمة السرقة مجردة عن ظرف الإكراه أي جنحة سرقة ويكون عقاب الطاعن طبقا لنص المادة 234 من قانون العقوبات في فقرتها الثانية التي أعمل نصها الحكم على ما انتهى إليه في التكييف القانوني واعتباره القتل مقترنا بجناية السرقة بالإكراه هو خطأ في تطبيق القانون ، ولا يحاج في هذا الصدد بأن الخطأ لا يؤثر في سلامة الحكم مادام أن العقوبة التي أوقعها على الطاعن – السجن المشدد – تدخل في الحدود المقررة لجريمة القتل المرتبط بجنحة سرقة مجردة من ظرف الاقتران بعد إعمال المادة 17 من قانون العقوبات مما تنتفي معه مصلحة الطاعن في التمسك بالخطأ الذي وقع فيه الحكم على الوجه المتقدم ، ذلك أن المادة 234 في فقرتها الثالثة من قانون العقوبات تستوجب لاستحقاق العقوبة المنصوص عليها فيها أن يقع الفعل لأحد المقاصد المبينة بها وهى التأهب لفعل جنحة أو تسهيلها أو ارتكابها بالفعل أو مساعدة مرتكبيها أو شركائهم على الهرب أو التخلص من العقوبة فيجب لانطباق هذه المادة أن تقوم بين القتل والجنحة رابطة السببية على الوجه الذي بينه القانون أما إذا انتفت هذه الرابطة فلا ينطبق هذا النص ولو قامت علاقة الزمنية بين القتل والجنحة – كالحال في الدعوى الماثلة – إذ لا يبين من مدونات الحكم المطعون فيه ومن المفردات المضمومة أن جريمة القتل ارتكبت بقصد السرقة مما ينفى رابطة السببية بين القتل والسرقة وأن جريمة القتل وقعت لغرض آخر غير المنصوص عليه وتلتها جنحة السرقة وليس بين الجريمتين سوى مجرد الارتباط الزمنى بما يستوجب توقيع عقوبة واحدة عن تلك الجريمتين وذلك بالتطبيق للفقـــرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات لجامع الارتباط بينهما وهي عقوبة جريمة القتل مجردة من أي ظروف مشددة التي ثبتت في حق الطاعن وبريء الحكم من المناعي الموجهة إليه بخصوصها . لما كان ذلك ، وكانت العقوبة المقررة للجريمة المار ذكرها طبقا للفقرة الأولى من المادة 234 من قانون العقوبات هي السجن المؤبد أو المشدد وكانت المادة 17 من القانون آنف الذكر التي أعملها الحكم في حق الطاعن تبيح النزول بالسجن المشدد إلى عقوبة السجن أو الحبس الذي لا تقل مدته عن ستة أشهر ، وأنه وإن كان هذا النص يجعل النزول بالعقوبة المقررة للجريمة إلى الجريمة التي أباح النزول إليها جوازياً ، إلا أنه يتعين على المحكمة إذا ما رأت أخذ المتهم بالرأفة ومعاملته طبقاً للمادة 17 المشار إليها ألا توقع العقوبة إلا على الأساس الوارد في هذه المادة باعتبار أنها حلت بنص القانون محل العقوبة المنصوص عليها فيه للجريمة محل الاتهام . وإذ كان ذلك ، وكان الحكم قد أفصح عن معاملة الطاعن طبقا للمادة 17 من قانون العقوبات وأوقع عليه عقوبة السجن المشدد لمدة عشر سنوات ، وهي إحدى العقوبتين التخيريتين المقررتين لجريمة القتل العمد مجردة من أي ظروف مشددة التي دين بها الطاعن طبقاً للفقرة الأولى من المادة 234 من قانون العقوبات ، فإنه يكون قد خالف القانون إذ كان عليه أن ينزل بعقوبة السجن المشدد إلى عقوبة السجن أو الحبس الذي لا تقل مدته عن ستة أشهر مما يتعين معه تصحيحه وفقا للقانون . لما كان ذلك، وكان لا محل لما يثيره الطاعن بشأن خطأ الحكم لخلوه من أسماء المدعين بالحقوق المدنية ، ذلك أن طبيعة الطعن بطريق النقض وأحكامه وإجراءاته لا تسمح بالقول بجواز تدخل المدعى بالحق المدني في الدعوى الجنائية لأول مرة بعد إحالتها من محكمة النقض إلى محكمة الموضوع لإعادة الفصل فيها بعد نقض الحكم ، وكان الحكم قد خالف هذا النظر وقضى بقبول الدعوى المدنية ، إذ ألزام الطاعن بالتعويض المدني المطلوب رغم عدم سبق ادعاء المدعى بالحقوق المدنية في المحاكمة الأولى فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون من هذه الناحية ، وأنه ولئن كان الطعن بالنقض للمرة الثانية ، إلا أنه لما كان العيب الذي شاب الحكم فيما قضى به في الدعويين الجنائية والمدنية مقصوراً على مخالفة القانون ، فإنه يتعين وفقاً للمادتين 35، 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن تصحح المحكمة الخطأ من تلقاء نفسها لمصلحة الطاعن ، وتحكم بمقتضى القانون دون حاجة إلى تحديد جلسة لنظر الموضوع مادام العوار لم يرد على بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم ، مما كان يقتضى التعرض لموضوع الدعوى . لما كان ذلك ، فإنه يتعين تصحيح الحكم باستبدال عقوبة السجن لمدة ثلاث سنوات بعقوبة السجن المشدد المقضي بها عليه ، ونقض الحكم في الدعوى المدنية والقضاء بعدم قبولها ورفض الطعن فيما عدا ذلك .
________________

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق