الصفحات

السبت، 17 سبتمبر 2016

الطعن 6276 لسنة 65 ق جلسة 6 / 5 / 1997 مكتب فني 48 ق 74 ص 511

جلسة 6 من مايو سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ومصطفى عبد المجيد نائبي رئيس المحكمة وزغلول البلشي وعبد الرحمن فهمي.

---------------

(74)
الطعن رقم 6276 لسنة 65 القضائية

(1) إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل" نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استناد الحكم - صحيحاً - إلى دليل ثابت بالأوراق. لا خطأ في الإسناد. الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. لا تجوز إثارته أمام النقض.
(2) أحوال شخصية. قانون "تفسيره".
شروط صحة الزواج؟ المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية.
(3) مواقعة أثنى بغير رضاها. قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
القصد الجنائي في جريمة مواقعة أنثى بغير رضاها. مناط تحققه؟
تحدث الحكم استقلالاً عن هذا القصد غير لازم. كفاية أن يكون ما أورده من وقائع وظروف مؤدياً للدلالة على قيامه.
مثال.
(4) مواقعة أنثى بغير رضاها. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
استعمال الجاني الإكراه مع المجني عليها في جريمة مواقعة أنثى. غير لازم. كفاية أن يكون الفعل قد حصل بغير رضاء صحيح ممن وقع عليها.
رضاء المجني عليها في جريمة المواقعة أو عدمه. تقديره. موضوعي.
(5) مواقعة أنثى بغير رضاها. إثبات "بوجه عام". جريمة "أركانها". إكراه. محكمة الموضوع سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مواقعة المجني عليها بالمباغتة والاحتيال والغش والتدليس يتوافر بهم الإكراه في جريمة المواقعة المنصوص عليها في المادة 267/ 1 عقوبات.
مجرد الاختيار لا يتوافر به الرضا الصحيح. ما دامت القرائن والدلائل المتعلقة به تدل عليه.
المجادلة في أدلة الدعوى وتجريحها. غير مقبول أمام النقض.
مثال لانعدام الرضا في جريمة مواقعة الأنثى.
(6) حكم "إصداره". محضر جلسة. تزوير "الإدعاء بالتزوير". إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن ما لا يقبل منها".
الأصل في الإجراءات الصحة. عدم جواز إثبات ما يخالف الثابت بمحضر الجلسة أو الحكم إلا عن طريق الادعاء بالتزوير.

---------------
1 - لما كان البين أن ما أورده الحكم المطعون فيه سواء في بيانه لواقعة الدعوى أو تحصيله لأقوال المجني عليها له صداه وأصله الثابت في الأوراق، ولم يحد الحكم عن نص ما أنبأت به أو فحواه، ومن ثم فقد انحسرت عنه بذلك قالة الخطأ في الإسناد والفساد في الاستدلال ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن في غير محله، ولا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة لأدلة الإدانة القائمة في الدعوى ومصادرة عقيدتها وهو ما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
2 - لما كان من المقرر في فقه الأحناف الواجب العمل به طبقاً لنص المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية، إنه يشترط لصحة الزواج محلية المرأة، وألا يقوم بها سبب من أسباب التحريم، ومنها ألا تكون المرأة معتدة، إذ هي من المحرمات من النساء حرمة مؤقتة، لما هو ثابت من تحريم الزواج منها - بالكتاب والسنة والإجماع - حتى تنتهي عدتها وذلك لحفظ الأنساب من الضياع وعدم الاختلاط. وكذلك يشترط لصحة عقد الزواج الإشهاد عليه لإعلانه وإظهار أمره بين الناس لخطورة ما يترتب عليه من آثار تتعلق بالأعراض والأنساب، وحتى تنتفي الريب والشبهات.
3 - لما كان ما يتطلبه القانون لتوافر القصد الجنائي في جريمة مواقعة الأنثى بغير رضاها هو أن يكون الجاني قد ارتكب الفعل الذي تتكون منه هذه الجريمة وهو عالم إنه يأتي أمراً منكراً، ولا عبرة بما يكون قد دفعه إلى ذلك من البواعث المختلفة والتي لا تقع تحت حصر، ولا يلزم في القانون أن يتحدث الحكم استقلالاً عن هذا القصد، بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن عمد بطريق المباغتة والاحتيال والخداع - إلى مواقعة المجني عليها، وهو يعلم - على ما سلف بيانه - بطلان زواجه منها وعدم صحته، لإجرائه عليها وهي معتدة ودون الإشهاد عليه، ومن ثم لا يقبل منه القول بانتفاء القصد الجنائي لديه.
4 - لما كان القانون لا يشترط لتوافر ركن القوة في جريمة مواقعة الأنثى أن يستعمل الجاني الإكراه المادي مع المجني عليها بل يكفي أن يكون الفعل قد حصل بغير رضاء صحيح ممن وقع عليها، كأن يكون بناء على خداع أو مباغته أو بالمكر واستعمال الحيلة. وكانت مسألة رضاء المجني عليها أو عدم رضائها في جريمة المواقعة مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع فصلاً نهائياً وليس لمحكمة النقض بعد ذلك حق مراقبتها في هذا الشأن طالما أن الأدلة والاعتبارات التي ذكرتها من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم.
5 - لما كان ما أثبته الحكم المطعون فيه - ورد به على دفاع الطاعن في هذا الشأن - من أن الطاعن إنما توصل إلى مواقعة المجني عليها بالمباغتة والاحتيال والغش والتدليس بأن أوهما إنها زوجته بعقد صحيح يتفق وأحكام الشريعة، فإذا كانت قد سكتت تحت هذا الظن الخاطئ وهي في مثل هذه الظروف، فلا تأثير لذلك على توافر أركان الجريمة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 267 من قانون العقوبات. ولا يغير من ذلك تلك العبارة التي نطقت بها المجني عليها للطاعن - زوجتك نفسي - إذ لابس النطق بها ذلك الظن الخاطئ بعد أن أوهمها الطاعن - بالاحتيال والخداع - إن فيها الحَلَّ والحِلَّ والعودة إلى زوجها وأولادها - دون أن ينصرف قصدها إلى إنشاء العقد وترتيب أحكامه وآثاره، وهو ما يمثل إكراهاً معنوياً لا يتوافر معه الرضاء الصحيح، ذلك بأن الرضا وإن كان لا يتحقق من غير اختيار، فإن مجرد الاختيار لا يتوافر به الرضا الصحيح ما دامت القرائن والدلائل المتعلقة به تدل على ذلك - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه رد على دفاع الطاعن بشأن توافر رضاء المجني عليها بما يدحضه وينفيه، فإن النعي على الحكم بهذا الوجه من الطعن لا يعدو أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على نحو معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح وهو ما لا يقبل لدى محكمة النقض.
6 - لما كان الثابت بمحضر المحاكمة إن الدعوى نظرت بجلسة سرية، إلا أن الثابت بالحكم المطعون فيه إنه صدر علناً، وكان الأصل في الإجراءات الصحة ولا يجوز الادعاء بما يخالف ما ثبت منها، سواء في محضر الجلسة أو في الحكم إلا بالطعن بالتزوير، فإنه لا يقبل من الطاعن قوله إن الحكم صدر بجلسة غير علنية ما دام لم يتخذ من جانبه إجراء الطعن بالتزوير فيما دون بالحكم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه واقع..... بغير رضاها وكان ذلك بطريق التدليس بأن أفهمها بأنها لا تحل لمطلقها.... حتى تنكح زوجاً غيره وعقد عليها عقداً باطلاً وتمكن بهذه الوسيلة من التدليس من مواقعتها، وإحالته إلى محكمة جنايات شبين الكوم لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 267/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة مواقعة أنثى بغير رضاها - قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وران عليه الإخلال بحق الدفاع وانطوى على البطلان، ذلك بأن ما أورده الحكم - وعول عليه من أقوال المجني عليها من أن الطاعن واقعها بغير رضاها وبطريق الخداع والتدليس لا أصل له في الأوراق. وقام دفاع الطاعن على انتفاء القصد الجنائي لديه، وأن مواقعة المجني عليها تمت برضاء منها، ورد الحكم بما لا يصلح رداً. هذا إلى أن الحكم صدر في جلسة غير علنية - مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه أن الطاعن وهو إمام وخطيب مسجد.... مركز بركة السبع - تلقى علومه ودرس أحكام الشريعة في الأزهر الشريف، جمع علم العلماء، وجرى مجرى السفهاء، فكان أسير الشيطان، أهلكته شهوته، وغلبت عليه شقوته، لم يحفظ للمنبر هيبته، ولم يرع للدين حرمة واستغل الثقة فيه في المكر والغش وخداع وتضليل البسطاء من الناس، إذ استفتاه الشاهد الثاني في أمر زوجته المجني عليها بعد أن طلقها الثالثة يوم 26 من يونيه سنة 1994 فأفتاه بأنها حرمت عليه حتى تنكح زوجاً غيره، وعرض عليهما أن يقوم بهذه المهمة على أن يكون الأمر سراً بينهم وفي طي الكتمان، وأمسك بيد المجني عليها وأمرها أن تزوجه نفسها - خلال فترة عدتها ودون شهود وبغير صداق - فانصاعت لأمره بعد أن أوحى لها بالغش والتدليس إن ذلك يتفق وأحكام الشريعة الإسلامية. ثم دعى المجني عليها وزوجها إلى مسكنه بزعم النصح والإرشاد، وهناك طلب من الأخير مغادرة المسكن وترك زوجته معه ليتم لها النصح، وغلق الأبواب وقام بمواقعتها بعد أن أوهمها أنها زوجته بعقد صحيح شرعي. وأورد الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة استمدها من أقوال المجني عليها وزوجها الشاهد الثاني والنقيب..... رئيس مباحث مركز شرطة.....، وهي أدلة سليمة وسائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على المفردات - المنضمة - أن ما أورده الحكم المطعون فيه سواء في بيانه لواقعة الدعوى أو تحصيله لأقوال المجني عليها له صداه وأصله الثابت في الأوراق، ولم يحد الحكم عن نص ما أنبأت به أو فحواه، ومن ثم فقد انحسرت عنه بذلك قالة الخطأ في الإسناد والفساد في الاستدلال، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن في غير محله، ولا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة لأدلة الإدانة القائمة في الدعوى ومصادرة عقيدتها وهو ما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر في فقه الأحناف الواجب العمل به طبقاً لنص المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية، أنه يشترط لصحة الزواج حلية المرأة، وألا يقوم بها سبب من أسباب التحريم، ومنها ألا تكون المرأة معتدة، إذ هي من المحرمات من النساء حرمة مؤقتة، لما هو ثابت من تحريم الزواج منها - بالكتاب والسنة والإجماع - حتى تنتهي عدتها، وذلك لحفظ الأنساب من الضياع وعدم الاختلاط. وكذلك يشترط لصحة عقد الزواج الإشهاد عليه لإعلانه وإظهار أمره بين الناس لخطورة ما يترتب عليه من آثار تتعلق بالأعراض والأنساب، وحتى تنتفي الريب والشبهات. وكانت مثل هذه الأمور لا تحتمل العبث، و ولا تخفى على الطاعن حسبما قرر بتحقيقات النيابة العامة - على ما يبين من المفردات وبحسبانه قد تلقى علومه ودرس أحكام الشريعة في الأزهر الشريف - حسبما هو ثابت بمدونات الحكم ولا ينازع فيه الطاعن. لما كان ذلك، وكان كل ما يتطلبه القانون لتوافر القصد الجنائي في جريمة مواقعة الأنثى بغير رضاها هو أن يكون الجاني قد ارتكب الفعل الذي تتكون منه هذه الجريمة وهو عالم أنه يأتي أمراً منكراً، ولا عبرة بما يكون قد دفعه إلى ذلك من البواعث المختلفة والتي لا تقع تحت حصر، ولا يلزم في القانون أن يتحدث الحكم استقلالاً عن هذا القصد، بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن عمد بطريق المباغتة والاحتيال والخداع - إلى مواقعة المجني عليها، وهو يعلم - على ما سلف بيانه - بطلان زواجه منها وعدم صحته، لإجرائه عليها وهي معتدة ودون الإشهاد عليه، ومن ثم لا يقبل منه القول بانتفاء القصد الجنائي لديه. لما كان ذلك، وكان القانون لا يشترط لتوافر ركن القوة في جريمة مواقعة الأنثى أن يستعمل الجاني الإكراه المادي مع المجني عليها بل يكفي أن يكون الفعل قد حصل بغير رضاء صحيح ممن وقع عليها، كأن يكون بناء على خداع أو مباغته أو بالمكر واستعمال الحيلة. وكانت مسألة رضاء المجني عليها أو عدم رضائها في جريمة المواقعة مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع فصلاً نهائياً، وليس لمحكمة النقض بعد ذلك حق مراقبتها في هذا الشأن طالما أن الأدلة والاعتبارات التي ذكرتها من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم. وإذ كان ما أثبته الحكم المطعون فيه - ورد به على دفاع الطاعن في هذا الشأن - من أن الطاعن إنما توصل إلى مواقعة المجني عليها بالمباغتة والاحتيال والغش والتدليس بأن أوهمها إنها زوجته بعقد صحيح يتفق وأحكام الشريعة، فإذا كانت قد سكتت تحت هذا الظن الخاطئ وهي في مثل هذه الظروف، فلا تأثير لذلك على توافر أركان الجريمة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 267 من قانون العقوبات. ولا يغير من ذلك تلك العبارة التي نطقت بها المجني عليها للطاعن - زوجتك نفسي - إذ لابس النطق بها ذلك الظن الخاطئ بعد أن أوهمها الطاعن - بالاحتيال والخداع - أن فيها الحَلَّ والحِلَّ والعودة إلى زوجها وأولادها - دون أن ينصرف قصدها إلى إنشاء العقد وترتيب أحكامه وآثاره، وهو ما يمثل إكراهاً معنوياً لا يتوافر معه الرضاء الصحيح، ذلك بأن الرضا وإن كان لا يتحقق من غير اختيار، فإن مجرد الاختيار لا يتوافر به الرضا الصحيح ما دامت القرائن والدلائل المتعلقة به تدل على ذلك - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعن بشأن توافر رضاء المجني عليها بما يدحضه وينفيه، فإن النعي على الحكم بهذا الوجه من الطعن لا يعدو أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على نحو معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح وهو ما لا يقبل لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن الدعوى نظرت بجلسة سرية، إلا أن الثابت بالحكم المطعون فيه أنه صدر علناً، وكان الأصل في الإجراءات الصحة ولا يجوز الادعاء بما يخالف ما ثبت منها، سواء في محضر الجلسة أو في الحكم إلا بالطعن بالتزوير، فإنه لا يقبل من الطاعن قوله إن الحكم صدر بجلسة غير علنية ما دام لم يتخذ من جانبه إجراء الطعن بالتزوير فيما دون بالحكم. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق