الصفحات

الأربعاء، 28 سبتمبر 2016

نقض جنائي الطعن 50331 لسنة 75 ق جلسة 13 / 11 / 2012 مكتب فني 63 ق 122 ص 688

جلسة 13 من نوفمبر سنة 2012

برئاسة السيد المستشار/ أحمد عبد الباري سليمان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أسامة توفيق، وعبد الحميد دياب، مجدي عبد الحليم، وإبراهيم عبد الله نواب رئيس المحكمة.

--------------------

(122)
الطعن رقم 50331 لسنة 75 القضائية

(1) حكم "بيانات التسبيب".
القانون لم يرسم شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده كافياً في تفهم الواقعة وظروفها.
 (2)
إجراءات "إجراءات المحاكمة". دعوى جنائية "نظرها والحكم فيها". أحوال شخصية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". تزوير "أوراق رسمية". اشتراك.
تقدير جدية النزاع حول مسألة من مسائل الأحوال الشخصية أمام المحكمة الجنائية ومدى لزوم وقف الدعوى الجنائية من عدمه. تستقل به المحكمة الجنائية. المادة 223 إجراءات.
مثال لتسبيب سائغ لحكم صادر بالإدانة في جريمة الاشتراك في تزوير وثيقة الزواج
.
 (3)
إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوي" "سلطتها في تقدير الدليل". تزوير "أوراق رسمية". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". اشتراك .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي.
الأصل في المحاكمات الجنائية باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه. حقه في تكوين عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها. حد ذلك؟
القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً.
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على علم الطاعن بعدم خلو الزوجة من الموانع الشرعية في حكم صادر بالإدانة في جريمة الاشتراك في تزوير وثيقة زواج
.
 (4)
تزوير "أوراق رسمية". اشتراك. أحوال شخصية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عقد الزواج. ماهيته؟
العقاب على التزوير في وثيقة الزواج. مناطه: وقوع تغيير في الحقيقة في إثبات خلو أحد الزوجين من الموانع الشرعية مع العلم بذلك. حضور الطاعن أمام المأذون مع المحكوم عليهما الآخرين وإقرارهم بخلو الزوجين من الموانع الشرعية مع أن المرأة كانت بائنة من الطاعن بينونة كبرى مع علمهم بذلك. كفايته لتوافر الاشتراك في تزوير وثيقة الزواج
.
 (5)
إجراءات "إجراءات المحاكمة". إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
حق المحكمة الاستغناء عن سماع شهود الإثبات بقبول المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً.
 (6)
تزوير "أوراق رسمية". جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
القصد الجنائي في جريمة التزوير. موضوعي. تحدث الحكم عن استقلالاً. غير لازم. ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه. الضرر في تزوير المحررات الرسمية. مفترض. علة ذلك؟
مثال.

-----------------------
1 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون، ومن ثم فإن منعي الطاعن على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل.
2 - من المقرر أن المادة 223 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أنه: "إذا كان الحكم في الدعوى الجنائية يتوقف على الفصل في مسألة من مسائل الأحوال الشخصية جاز للمحكمة الجنائية أن توقف الدعوى وتحدد للمتهم أو المدعى بالحقوق المدنية أو المجني عليه على حسب الأحوال أجلاً لرفع المسألة المذكورة إلى الجهة ذات الاختصاص"، فأجاز المشرع بذلك للمحكمة الجنائية سلطة تقدير جدية النزاع، وما إذا كان يستوجب وقف السير في الدعوى الجنائية أو أن الأمر من الوضوح أو عدم الجدية بما لا يقتضى وقف الدعوى واستصدار حكم فيه من المحكمة المختصة، ولما كان الحكم المطعون فيه أخذاً من أقوال شهود الإثبات وإقرار الطاعن الوارد بالتحقيقات، قد دلل على أن الطاعن قام بمراجعة المحكوم عليها الثانية لعصمته مع علمه علماً يقينياً أنه طلقها ثلاث طلقات أصبحت بها المحكوم عليها الثانية بائنة بينونة كبرى لا تحل له إلا بعد زواجها بآخر وشهد على هذه المراجعة المحكوم عليه الثالث وقد أخفوا على المأذون الذي قام بالمراجعة أن الطلاق الذي يقوم بمراجعته هو الطلاق الثالث، وخلص الحكم في حدود سلطته التقديرية إلى ما مؤداه أن المستند المقدم من الطاعن بشأن رفع دعوى تصحيح وصف الطلاق أمام محكمة الأحوال الشخصية قصد به إطالة أمد التقاضي، وأن الطاعن لو كان حسن النية لرفع هذه الدعوى قبل مراجعة المحكوم عليها الثانية، وهو تدليل سائغ يؤدى إلى ما رتبه عليه الحكم، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون على غير أساس.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر علم الطاعن بأن الطلاق الحاصل بتاريخ ..... كان هو المكمل لثلاثة في قوله:- "وحيث إنه عن القول بأن المتهم لم يرتكب جريمة التزوير باعتبار أن القانون اعتبر الطلقات الثلاث هي طلقة واحدة ولكون الطلاق تم في جلسة واحدة فمردود عليه بأن الواقعة الثابتة أن الطلاق الذي تم بين المتهم الأول والمتهمة الثانية كان في ثلاثة مجالس متفرقة وكلٌّ طلقة بوثيقة، فالطلاق الأول تم الساعة ..... والطلاق الثاني تم في الساعة ..... والطلاق الثالث في الساعة .... من يوم .... ولا يصح في ذلك أنهم تموا جميعاً في يوم واحد لكون المتهم الأول كان يقوم بتوثيق كل طلاق على حدة لإثباته رسمياً في وثيقة فمن كون اعتبارهن بعد ذلك طلقة واحدة فإنه يكون مخالفاً لشرع الله". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من مجموع الأدلة والعناصر المطروحة أمامها الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها، وكان الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه، فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، ولما كان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمدت عليها المحكمة بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل معين لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، وكان جماع ما أورده الحكم من الأدلة والقرائن التي اطمأنت المحكمة إليها يسوغ ما رتب عليها ويصح استدلال الحكم به على ثبوت واقعة الاشتراك في تزوير عقد الزواج في حق الطاعن وعلمه بعدم خلو الزوجة من الموانع الشرعية، فإن ما يثيره من منازعة حول عدد مرات الطلاق لا يكون له محل، ولا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً حول تقدير محكمة الموضوع للأدلة القائمة في الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
4 - من المقرر أن عقد الزواج هو وثيقة رسمية يختص بتحريرها موظف عام هو المأذون الشرعي، وهذه الورقة قد أسبغ القانون عليها الصفة الرسمية لأنه بمقتضاها تقوم العلاقة الزوجية قانوناً بين المتعاقدين وتكون للآثار المترتبة عليها متى تمت صحيحة قيمتها إذا ما جد النزاع بشأنها، ومناط العقاب على التزوير في وثيقة الزواج هو أن يقع تغيير الحقيقة في إثبات خلو أحد المتعاقدين من الموانع الشرعية مع العلم بذلك، فكل عبء يرمي إلى إثبات غير الحقيقة في هذا الصدد يعد تزويراً، وكون المرأة أصبحت بائنة بينونة كبرى من زوجها هو من الموانع الشرعية للزواج وإثبات المأذون الشرعي خلو الزوجين من الموانع بعد أن قرر أمامه الطاعن والمحكوم عليهما الآخرين بذلك مع أنهم يعلمون أنها بائنة من الطاعن بينونة كبرى ولا تحل له إلا بعد الزواج من آخر يتحقق به جريمة الاشتراك في تزوير وثيقة الزواج مع العلم بذلك ويكون نعي الطاعن على الحكم بانتفاء أركان جريمة اشتراكه في التزوير غير سديد.
5 - من المقرر أن للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً، ولما كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن لم يتمسك بطلب سماع شاهدة الإثبات الأولى بل إنه اكتفى صراحة بأقوالها وباقي الشهود الواردة في التحقيقات وأمرت المحكمة بتلاوتها، فإن دعوى الإخلال بحق الدفاع لا تكون مقبولة.
6-
من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة التزوير من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها، وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه، وكان من المقرر أن الضرر في تزوير المحررات الرسمية مفترض لما في التزوير من تقليل الثقة بها على اعتبار أنها من الأوراق التي يعتمد عليها في إثبات ما بها، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في بيانه واقعة الدعوى واستعراضه لأدلتها كافياً وسائغاً للتدليل على علم الطاعن بعدم خلو المتهمة الثانية من الموانع الشرعية لكونها أصبحت بائنة منه بينونة كبرى بعد طلاقها الثالث، فإن ما يثيره الطاعن بشأن قيامه بتطليقها قبل التحقيق معه وأصبحت أجنبية عنه مما ينفى الركن المعنوي في حقه يكون غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم: أولاً: اشتركوا بطريق الاتفاق فيما بينهم والمساعدة مع موظف عمومي حسن النية هو ..... مأذون ناحية ..... في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو وثيقة زواج المتهمين الأول والثانية حال تحريرها مع المختص وذلك بجعلهم واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمهم بتزويرها، بأن أقر المتهمان الأول والثانية وأيدهما الثالث أمامه بخلوهما على غير الحقيقة من الموانع الشرعية في حين أنها مطلقة من المتهم الأول طلاقاً بائناً بينونة كبرى مع علمهم بذلك، فحرر المأذون عقد الزواج على هذا الأساس وتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة على النحو المبين بالأوراق .وأحالتهما إلى محكمة جنايات ..... لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ ثانياً، ثالثاً، 41/ 1، 42، 213 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات ومصادرة المحررات المزورة المضبوطة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاشتراك في تزوير محرر رسمي، قد شابه قصور في التسبيب، وفساد في الاستدلال، وإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه بين واقعة الدعوى في عبارات مبهمة ومجملة، وتمسك دفاعه بطلب وقف الدعوى لحين الفصل في الدعوى المقامة منه بتعديل وصف الطلاق وذلك حتى يثبت أن الطلاق رجعي وليس بائناً بينونة كبرى، وقدم صورة رسمية من صحيفة هذه الدعوى غير أن المحكمة اطرحت دفعه بما لا يسوغ إطراحه، كما نازع دفاعه أمام المحكمة في عدد مرات الطلاق واستدل بأقوال الشهود والمستندات الدالة على صحة دفاعه وتمسك بطلب مناقشة شاهدة الإثبات الأولى للتدليل على أن الطلاق كان رجعياً وأنه أكره على إيقاعه مما تنتفي معه أركان الجريمة المسندة إليه، غير أن المحكمة لم تحقق دفاعه، والتفتت عن مستنداته ولم تجبه إلى طلبه، وأخيراً فإنه قام بتطليق المحكوم عليها الثانية قبل مباشرة التحقيق معه مما ينفى توافر الركن المعنوي لتلك الجريمة، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه. ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة مستقاة من أقوال شهود الإثبات وإقرار الطاعن بالتحقيقات. لما كان ذلك، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه، أن المحكمة استعرضت الأدلة القائمة في الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، كما أورد مؤدى أقوال شهود الإثبات ومضمون إقرار الطاعن في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون، ومن ثم فإن منعي الطاعن على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكانت المادة 223 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أنه: "إذا كان الحكم في الدعوى الجنائية يتوقف على الفصل في مسألة من مسائل الأحوال الشخصية جاز للمحكمة الجنائية أن توقف الدعوى وتحدد للمتهم أو المدعى بالحقوق المدنية أو المجني عليه على حسب الأحوال أجلاً لرفع المسألة المذكورة إلى الجهة ذات الاختصاص"، فأجاز المشرع بذلك للمحكمة الجنائية سلطة تقدير جدية النزاع، وما إذا كان يستوجب وقف السير في الدعوى الجنائية أو أن الأمر من الوضوح أو عدم الجدية بما لا يقتضى وقف الدعوى واستصدار حكم فيه من المحكمة المختصة، ولما كان الحكم المطعون فيه ـ أخذاً من أقوال شهود الإثبات وإقرار الطاعن الوارد بالتحقيقات ـ قد دلل على أن الطاعن قام بمراجعة المحكوم عليها الثانية لعصمته مع علمه علماً يقينياً أنه طلقها ثلاث طلقات أصبحت بها المحكوم عليها الثانية بائنة بينونة كبرى لا تحل له إلا بعد زواجها بآخر، وشهد على هذه المراجعة المحكوم عليه الثالث، وقد أخفوا على المأذون الذي قام بالمراجعة أن الطلاق الذي يقوم بمراجعته هو الطلاق الثالث، وخلص الحكم في حدود سلطته التقديرية إلى ما مؤداه أن المستند المقدم من الطاعن بشأن رفع دعوى تصحيح وصف الطلاق أمام محكمة الأحوال الشخصية قصد به إطالة أمد التقاضي، وأن الطاعن لو كان حسن النية لرفع هذه الدعوى قبل مراجعة المحكوم عليها الثانية، وهو تدليل سائغ يؤدى إلى ما رتبه عليه الحكم، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر علم الطاعن بأن الطلاق الحاصل بتاريخ ..... كان هو المكمل لثلاثة في قوله:- "وحيث إنه عن القول بأن المتهم لم يرتكب جريمة التزوير باعتبار أن القانون اعتبر الطلقات الثلاث هي طلقة واحدة ولكون الطلاق تم في جلسة واحدة فمردود عليه بأن الواقعة الثابتة أن الطلاق الذي تم بين المتهم الأول والمتهمة الثانية كان في ثلاثة مجالس متفرقة وكلٌّ طلقة بوثيقة فالطلاق الأول تم الساعة ..... والطلاق الثاني تم في الساعة ..... والطلاق الثالث في الساعة .... من يوم .... ولا يصح في ذلك أنهم تموا جميعاً في يوم واحد لكون المتهم الأول كان يقوم بتوثيق كل طلاق على حدة لإثباته رسمياً في وثيقة فمن كون اعتبارهن بعد ذلك طلقة واحدة فإنه يكون مخالفاً لشرع الله". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من مجموع الأدلة والعناصر المطروحة أمامها الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها، وكان الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه، فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، ولما كان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمدت عليها المحكمة بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل معين لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، وكان جماع ما أورده الحكم من الأدلة والقرائن التي اطمأنت المحكمة إليها يسوغ ما رتب عليها ويصح استدلال الحكم به على ثبوت واقعة الاشتراك في تزوير عقد الزواج في حق الطاعن وعلمه بعدم خلو الزوجة من الموانع الشرعية، فإن ما يثيره من منازعة حول عدد مرات الطلاق لا يكون له محل، ولا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً حول تقدير محكمة الموضوع للأدلة القائمة في الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان عقد الزواج هو وثيقة رسمية يختص بتحريرها موظف عام هو المأذون الشرعي وهذه الورقة قد أسبغ القانون عليها الصفة الرسمية لأنه بمقتضاها تقوم العلاقة الزوجية قانوناً بين المتعاقدين وتكون للآثار المترتبة عليها متى تمت صحيحة قيمتها إذا ما جد النزاع بشأنها ومناط العقاب على التزوير في وثيقة الزواج هو أن يقع تغيير الحقيقة في إثبات خلو أحد المتعاقدين من الموانع الشرعية مع العلم بذلك، فكل عبء يرمي إلى إثبات غير الحقيقة في هذا الصدد يعد تزويراً وكون المرأة أصبحت بائنة بينونة كبرى من زوجها هو من الموانع الشرعية للزواج وإثبات المأذون الشرعي خلو الزوجين من الموانع بعد أن قرر أمامه الطاعن والمحكوم عليهما الآخرين بذلك مع أنهم يعلمون أنها بائنة من الطاعن بينونة كبرى ولا تحل له إلا بعد الزواج من آخر يتحقق به جريمة الاشتراك في تزوير وثيقة الزواج مع العلم بذلك ويكون نعي الطاعن على الحكم بانتفاء أركان جريمة اشتراكه في التزوير غير سديد. لما كان ذلك، وكان للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً، ولما كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن لم يتمسك بطلب سماع شاهدة الإثبات الأولى بل إنه اكتفى صراحة بأقوالها وباقي الشهود الواردة في التحقيقات وأمرت المحكمة بتلاوتها، فإن دعوى الإخلال بحق الدفاع لا تكون مقبولة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة التزوير من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها، وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه، وكان من المقرر أن الضرر في تزوير المحررات الرسمية مفترض لما في التزوير من تقليل الثقة بها على اعتبار أنها من الأوراق التي يعتمد عليها في إثبات ما بها، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في بيانه واقعة الدعوى واستعراضه لأدلتها كافياً وسائغاً للتدليل على علم الطاعن بعدم خلو المتهمة الثانية من الموانع الشرعية لكونها أصبحت بائنة منه بينونة كبرى بعد طلاقها الثالث، فإن ما يثيره الطاعن بشأن قيامه بتطليقها قبل التحقيق معه وأصبحت أجنبية عنه مما ينفى الركن المعنوي في حقه يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق