الصفحات

الاثنين، 19 سبتمبر 2016

الطعن 1911 لسنة 80 ق جلسة 27 / 3 / 2012 مكتب فني 63 ق 77 ص 493

برئاسة السيد القاضي/ عبد المنعم دسوقي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ د. خالد عبد الحميد نائب رئيس المحكمة, عبد الرحيم الشاهد، الريدي عدلي وطارق سويدان.
------------
- 1  حق "حق التقاضي".
حق التقاضي. حق مصون ومكفول للناس كافة ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي.
المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن من المبادئ الدستورية أن التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي.
- 2  حق "حق التقاضي".
حق التقاضي. عدم تناقضه مع تنظيمه تشريعياً. شرطه.
المقرر أنه ليس هناك ثمة تناقض بين حق التقاضي كحق دستوري وبين تنظيمه تشريعياً بشرط ألا يتخذ المشرع هذا التنظيم وسيلة إلى حظر حق التقاضي أو إهداره, كما أن قصر حق التقاضي على درجة واحدة, هو مما يستقل المشرع بتقديره بمراعاة أمرين. أولهما: أن يكون هذا القصر قائماً على أسس موضوعية تمليها طبيعة المنازعة وخصائص الحقوق المثارة فيها, ثانيهما: أن تكون الدرجة الواحدة محكمة أو هيئة ذات اختصاص قضائي من حيث تشكيلها وضماناتها والقواعد المعمول بها أمامها, وأن يكون المشرع قد عهد إليها بالفصل في عناصر النزاع جميعها. الواقعية منها والقانونية, فلا تراجعها فيما تخلص إليه جهة أخرى.
- 3  محاكم اقتصادية "الاختصاص القيمي للمحاكم الاقتصادية".
منح المشرع الدوائر الابتدائية بالمحاكم الاقتصادية دون غيرها الاختصاص بنظر المنازعات التي لا تجاوز قيمتها خمسة ملايين جنيه وتقريره عدم جواز الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة من دوائرها الاستئنافية. صحيح. علة ذلك. م 6، 11 ق 120 لسنة 2008.
إذ كان المشرع في إطار سلطته التقديرية في تنظيم أوضاع وإجراءات التقاضي في القضايا الاقتصادية بما قرره في النصين الطعينين (المادتين 6، 11 من القانون رقم 120 لسنة 2008) من اختصاص الدوائر الابتدائية بالمحاكم الاقتصادية دون غيرها بنظر المنازعات والدعاوى التي لا يجاوز قيمتها خمسة ملايين جنيه, ومن عدم جواز الطعن في الأحكام الصادرة من المحكمة الاقتصادية بطريق النقض, عدا الأحكام الصادرة ابتداء من الدوائر الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية يرجع إلى ضمان سرعة الفصل في هذه المنازعات بواسطة قضاة مؤهلين ومتخصصين يتفهمون دقة المسائل الاقتصادية وتعقيداتها في ظل نظام العولمة وتحرير التجارة محلياً وعالمياً بما يحقق وصول الحقوق لأصحابها على نحو ناجز مع كفالة حقوق الدفاع كاملة وتحقيقاً لذلك فقد أنشأ المشرع محاكم اقتصادية بدوائر محاكم الاستئناف تضم دوائر ابتدائية وأخرى استئنافية يرأسها رئيس بمحاكم الاستئناف وتشكل من قضاة بمحاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية.
- 4  محاكم اقتصادية "الطعن بالنقض على الدعاوى الاقتصادية".
قصر ولوج طريق الطعن بالنقض على الدعاوى الاقتصادية الهامة واتخاذ معياراً موضوعياً مجرداً لتحديد هذه الأهمية، منهج أقرته المحكمة الدستورية. أثره. تباين المحكمة المختصة بنظر الاستئناف تبعاً لقيمة الدعوى وغلق باب الطعن بالنقض بالنسبة للأحكام الصادرة من بعض هذه المحاكم. لا إخلال فيه بحق التقاضي ومبدأ المساواة.
عمد المشرع إلى قصر ولوج طريق الطعن بالنقض على الهام من الدعاوى الاقتصادية واضعاً معياراً موضوعياً مجرداً لتحديد هذه الأهمية هو قيمة الدعاوى, وهو منهج أقرته المحكمة الدستورية عليه وبرأت نهجه في توزيع الاختصاص بين محاكم مختلفة في منازعات مماثلة بحسب القيمة ومن ثم تباين المحكمة المختصة بنظر الاستئناف تبعاً لقيمة الدعوى وغلق باب الطعن بالنقض بالنسبة للأحكام الصادرة من بعض المحاكم الاقتصادية دون البعض الآخر من الإخلال بالحق في التقاضي وبمبدأ المساواة بين المواطنين المنصوص عليهما في الدستور.
- 5  عقد "بعض أنواع العقود: عقود الإذعان".
عقد الإذعان. خصائصه. تعلقه بسلع ومرافق ضرورية واحتكار الموجب لها احتكاراً قانونياً أو فعلياً أو قيام منافسة محدودة النطاق بشأنها مع صدور الإيجاب للناس كافة وبشروط واحدة ولمدة غير محددة.
المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن من خصائص عقود الإذعان أنها تتعلق بسلع أو مرافق تعتبر من الضروريات بالنسبة للمستهلكين أو المنتفعين ويكون فيها احتكار الموجب هذه السلع أو المرافق احتكاراً قانونياً أو فعلياً أو تكون سيطرته عليها من شأنها أن تجعل المنافسة فيها محدودة النطاق وأن يكون صدور الإيجاب منه إلى الناس كافة وبشروط واحدة ولمدة غير محدودة.
- 6  عقد "بعض أنواع العقود: عقود الإذعان".
السلع الضرورية محل عقد الإذعان. ماهيتها.
السلع الضرورية محل عقد الإذعان هي التي لا غنى للناس عنها, والتي لا تستقيم مصالحهم بدونها بحيث يكونون في وضع يضطرهم إلى التعاقد بشأنها, ولا يمكنهم رفض الشروط التي يضعها الموجب ولو كانت جائرة وشديدة.
- 7  عقد "بعض أنواع العقود: عقود الإذعان".
القضاء بأن عقد التسهيل الائتماني ليس من عقود الإذعان تأسيساً على حرية الطاعنين في التعاقد مع أي من البنوك المتعددة بديلاً عن البنك المطعون ضده. صحيح.
إذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن للطاعنين حرية كاملة في التعاقد مع أي من البنوك المتعددة بديلاً عن البنك المطعون ضده وأن الإذعان قصره المشرع على كيانات اقتصادية وشركات خصها بأداء خدمة لا يؤديها غيرها وهو ما لا يتوافر في العقد سند الدعوى, فإنه يكون قد وافق صحيح القانون.
- 8  بنوك "العلاقة بين البنوك وعملائها".
العلاقة بين البنوك وعملائها. خضوعها لمبدأ سلطان الإدارة. مؤداه. تحديد حقوق طرفيها بالشروط الواردة بالعقد ما لم تكن مخالفة للنظام العام.
المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن العلاقة بين البنوك وعملائها تخضع بحسب الأصول لمبدأ سلطان الإدارة, والذي يقضي بأن العبرة في تحديد حقوق طرفي العقد هو بما حواه من نصوص, بما مؤداه احترام كل منهما للشروط الواردة فيه, ما لم تكن هذه الشروط مخالفة للنظام العام.
- 9  محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع".
فهم الواقع في الدعوى وبحث الأدلة والمستندات وتفسير الاتفاقات والمحررات. من سلطة محكمة الموضوع.
لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وفي تفسير الاتفاقات والمحررات بما تراه أوفى بمقصود عاقديها.
- 10  بنوك "بيع البنك للعقار المرهون".
عدم تضمن عقد الاعتماد المبرم بين طرفي الدعوى التزاماً على عاتق البنك بالتنفيذ على العقار المرهون قبل اللجوء إلى أي طريق آخر للحصول على الدين المستحق بموجبه. أثره. اعتبار بيع هذا العقار رخصة خولها القانون للبنك لا يجوز إجباره على إنفاذها - التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر - صحيح.
إذ كان البين من نصوص عقد الاعتماد المبرم بين الطرفين أنها لم تتضمن التزاماً على عاتق البنك بالتنفيذ على العقار المرهون قبل اللجوء إلى أي طريق آخر للحصول على الدين المستحق بموجبه, وقد خلص الحكم المطعون فيه إلى أن بيع العقار هو رخصة خولها القانون للبنك فلا يجوز إجباره على إنفاذها, وهو ما يتفق وصحيح القانون.
- 11  نقض "أسباب الطعن: الأسباب المتعلقة بالنظام العام".
الأسباب المتعلقة بالنظام العام. لمحكمة النقض وللنيابة وللخصوم إثارتها ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن. شرطه.
المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن لمحكمة النقض من تلقاء ذاتها كما يجوز للخصوم وللنيابة العامة إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم وليس على جزء آخر منه أو حكم سابق عليه لا يشمله الطعن.
- 12  بنوك "الحساب الجاري: إقفاله". فوائد "الفوائد المرکبة: الأصل تحريمها".
الفوائد المركبة. الأصل تحريمها. الاستثناء. ما تقضي به القواعد والعادات التجارية. من حالاته - جواز تقاضي عائد على متجمد الفوائد قبل إقفال الحساب الجاري، مؤداه. تحريم تقاضي تلك الفوائد عقب إقفال الحساب لصيرورة الرصيد ديناً عادياً لا يسري عليه هذا العرف. المادتان 232 و233 مدني. علة ذلك. تعلق ذلك بقاعدة آمرة.
المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن النص في المادة 232 من التقنين المدني على أن "لا يجوز تقاضي فوائد على متجمد الفوائد ولا يجوز في أي حال أن يكون مجموع الفوائد التي يتقاضها الدائن أكثر من رأس المال وذلك كله دون إخلال بالقواعد والعادات التجارية" وفي المادة 233 منه على أن "الفوائد التجارية التي تسري على الحساب الجاري يختلف سعرها القانوني باختلاف الجهات, ويتبع في طريقة حساب الفوائد المركبة في الحساب الجاري ما يقضي به العرف التجاري" يدل - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - على أن المشرع قد حرم تقاضي الفوائد المركبة واستثنى من ذلك ما تقضي به القواعد والعادات التجارية وأقر ما جرى عليه العرف على تقاضي عائد على متجمد الفوائد في الحساب الجاري, أما بعد إقفاله فإن الرصيد يصبح ديناً عادياً يخضع للقواعد العامة, ولا يسري عليه هذا العرف ولا يجوز الاتفاق على تقاضي فوائد مركبة عن هذا الدين, باعتبار أن تحديد الحد الأقصى للفوائد من القواعد الآمرة التي لا يصح الاتفاق على مخالفتها.
- 13  بنوك "الحساب الجاري: إقفاله". فوائد "الفوائد المرکبة: الأصل تحريمها".
قفل الحساب الجاري وتصفيته. مناطه. انتهاء العمليات المتبادلة بين العميل والبنك وعدم الاستمرار فيها. لمحكمة الموضوع سلطة استخلاص ذلك من ظروف الدعوى وملابساتها.
الحساب الجاري ينتهي بانتهاء العمليات المتبادلة بين العميل والبنك وعدم الاستمرار فيها وفقاً لما تستخلصه محكمة الموضوع من ظروف الدعوى وملابساتها.
- 14  بنوك "الحساب الجاري: إقفاله". فوائد "الفوائد المرکبة: الأصل تحريمها".
قفل الحساب الجاري. أثره. وقوع المقاصة العامة فوراً وتلقائياً بين مفرداته الموجودة في جانبيه واستخلاص رصيد وحيد يحل محل جميع حقوق طرفيه كل في مواجهة الآخر.
متى تقرر قفل - الحساب الجاري - فإنه يتم تصفيته ويترتب على ذلك وقوع المقاصة فوراً وتلقائياً بين مفرداته الموجودة في جانبيه وتستخلص من هذه المقاصة رصيداً وحيداً هو الذي يحل محل جميع حقوق كل من الطرفين في مواجهة الآخر.
- 15  بنوك "الحساب الجاري: إقفاله". فوائد "الفوائد المرکبة: الأصل تحريمها".
قفل الحساب الجاري وتسويته. مقتضاه. اعتبار الرصيد مستحقاً بأكمله وصيرورته ديناً عادياً محدد المقدار وحال الأداء. أثره. عدم جواز تقاضي فوائد مركبة عن هذا الرصيد. الاستثناء. ثبوت وجود عادة أو قاعدة تجارية تقضي بذلك. م 232 مدني.
يعتبر رصيد الحساب الجاري مستحقاً بأكمله بمجرد قفل الحساب وتسويته, ويصبح هذا الرصيد ديناً عادياً محدد المقدار وحال الأداء مما لا يجوز معه وفقاً للمادة 232 من القانون المدني تقاضي فوائد مركبة عنه إلا إذا ثبت وجود عادة أو قاعدة تجارية تقضي بذلك وإلا فإنه تسري عليه الفوائد القانونية لا الاتفاقية.
----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن البنك المطعون ضده أقام على الطاعنين الدعوى رقم .... لسنة 2007 تجاري الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بإلزامهما متضامنين بمبلغ مقداره ......... (اثنى عشر مليون وثمانمائة وثلاثة عشر ألفاً وخمسمائة وأربعة وتسعون جنيهاً) بخلاف ما استجد ويستجد من فوائد بواقع 16% والمصروفات حتى تمام السداد. وقال بياناً لذلك إنه بموجب عقد اعتماد مؤرخ 2 من يوليو سنة 2002 منح الطاعن الأول بضمان وكفالة الثاني تسهيلات ائتمانية نتج عنها الرصيد المطالب به. وإذ تقاعسا عن سداده فقد أقام الدعوى. وجه الطاعنان دعوى فرعية بطلب الحكم أصلياً بإلزام البنك بتقديم كشف حساب مبيناً به رصيد الطاعنة الأولى شاملاً القرض والإيداعات والتسويات والرصيد المستحق والفوائد والأسس التي احتسبت عليها، والمصروفات البنكية عن كل سنة وكيفية معالجتها حسابياً وفي حالة الامتناع عن ذلك إلزامه بغرامة تهديدية عن كل يوم تأخير اعتباراً من تاريخ الحكم وحتى تقديم الكشوف والمستندات وكذا تسليم الشيكات التي سلمت للبنك على سبيل الضمان واحتياطياً ندب خبير لفحص كشوف الحساب والمستندات وتحديد رصيد الطاعنة الأولى والانتقال للبنك لتحقيق ذلك الرصيد وما عسى أن يستحق عليه من فوائد والقضاء بما يسفر عنه ذلك التقرير وبتاريخ 28 من ديسمبر سنة 2008 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة الإسكندرية الاقتصادية للاختصاص وقيدت برقم .... لسنة 2009 لسنة 1 ق الإسكندرية الاقتصادية الاستئنافية. دفع الطاعنان بعدم دستورية نص المادتين 6، 11 من القانون رقم 120 لسنة 2008 لمخالفتهما لنص المادتين 40، 68 من الدستور. ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وبعد أن أودع تقريره عدل البنك طلباته إلى الحكم بإلزام الطاعنين بأن يؤديا له مبلغ مقداره ........ جنيه قيمة المديونية المستحقة عليهما والفوائد بواقع 16% وما استجد منها وما يستجد حتى تمام السداد وبتاريخ 20 من ديسمبر سنة 2009 قضت المحكمة أولاً: في الدعوى الأصلية بإلزام الطاعنين بأداء مبلغ ..... (ثمانية عشر مليون وسبعمائة وستة عشر ألفاً، وسبعمائة ست وستون جنيهاً وعشرون قرشاً) والفوائد بواقع 16% سنوياً من 31 مايو سنة 2009 وحتى تمام السداد. ثانيا: في الدعوى الفرعية بانتهائها
طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على دائرة فحص الطعون الاقتصادية حددت جلسة لنظره أمام هذه المحكمة، وفيها التزمت النيابة رأيها.

-------------
المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنان بالوجه الأول من السبب الأول منهما مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه إذ رفض الدفع المبدى منهما بعدم دستورية نص المادتين 6، 11 من القانون 120 لسنة 2008 بإصدار قانون بإنشاء المحاكم الاقتصادية رغم مخالفتهما لأحكام المادتين (40، 68) من الدستور إذ قصر المشرع فيهما حق التقاضي على درجة واحدة مما يحرم المتقاضي من استكمال جوانب دفاعه التي فاتته أمام محكمة أول درجة ويحول بين محكمة ثاني درجة ورقابة أعمال المحكمة الأولى، وأخل بالمساواة الواجبة بين المواطنين أمام القانون بما يعيبه
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك بأن المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن من المبادئ الدستورية أن التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي، ومن المقرر أنه ليس هناك ثمة تناقض بين حق التقاضي كحق دستوري وبين تنظيمه تشريعياً بشرط ألا يتخذ المشرع هذا التنظيم وسيلة إلى حظر حق التقاضي أو إهداره, كما أن قصر حق التقاضي على درجة واحدة, هو مما يستقل المشرع بتقديره بمراعاة أمرين. أولهما: أن يكون هذا القصر قائماً على أسس موضوعية تمليها طبيعة المنازعة وخصائص الحقوق المثارة فيها, ثانيهما: أن تكون الدرجة الواحدة محكمة أو هيئة ذات اختصاص قضائي من حيث تشكيلها وضماناتها والقواعد المعمول بها أمامها, وأن يكون المشرع قد عهد إليها بالفصل في عناصر النزاع جميعها الواقعية منها والقانونية, فلا تراجعها فيما تخلص إليه جهة أخرى. لما كان ذلك، وكان المشرع في إطار سلطته التقديرية في تنظيم أوضاع وإجراءات التقاضي في القضايا الاقتصادية بما قرره في النصين الطعينين من اختصاص الدوائر الابتدائية بالمحاكم الاقتصادية دون غيرها بنظر المنازعات والدعاوي التي لا يجاوز قيمتها خمسة ملايين جنيه, ومن عدم جواز الطعن في الأحكام الصادرة من المحكمة الاقتصادية بطريق النقض, عدا الأحكام الصادرة ابتداء من الدوائر الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية يرجع إلى ضمان سرعة الفصل في هذه المنازعات بواسطة قضاة مؤهلين ومتخصصين يتفهمون دقة المسائل الاقتصادية وتعقيداتها في ظل نظام العولمة وتحرير التجارة محلياً وعالمياً بما يحقق وصول الحقوق لأصحابها على نحو ناجز مع كفالة حقوق الدفاع كاملة وتحقيقاً لذلك فقد أنشأ المشرع محاكم اقتصادية بدوائر محاكم الاستئناف تضم دوائر ابتدائية وأخرى استئنافية يرأسها رئيس بمحاكم الاستئناف وتشكل من قضاة بمحاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية، وقد عمد المشرع إلى قصر ولوج طريق الطعن بالنقض على الهام من الدعاوى الاقتصادية واضعاً معياراً موضوعياً مجرداً لتحديد هذه الأهمية هو قيمة الدعاوى, وهو منهج أقرته المحكمة الدستورية عليه وبرأت نهجه في توزيع الاختصاص بين محاكم مختلفة في منازعات مماثلة بحسب القيمة ومن ثم تباين المحكمة المختصة بنظر الاستئناف تبعاً لقيمة الدعوى وغلق باب الطعن بالنقض بالنسبة للأحكام الصادرة من بعض هذه المحاكم دون البعض الآخر من الإخلال بالحق في التقاضي وبمبدأ المساواة بين المواطنين المنصوص عليهما في الدستور ومن ثم يكون النعي بهذا الوجه على غير أساس متعينا رفضه
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالوجه الثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله وفي بيان ذلك يقولان أنهما تمسكا في دفاعهما أمام محكمة الموضوع بأن عقد الاعتماد موضوع التداعي من عقود الإذعان لاستحالة مناقشة شروطه إلا أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أن الإذعان في العقود يكون في شركات أو كيانات اقتصادية خصها المشرع بأداة خدمة لا يؤديها غيرها وهذا الشرط منتف في البنوك بما يعيبه ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن من خصائص عقود الإذعان أنها تتعلق بسلع أو مرافق تعتبر من الضروريات بالنسبة للمستهلكين أو المنتفعين ويكون فيها احتكار الموجب هذه السلع أو المرافق احتكاراً قانونياً أو فعلياً أو تكون سيطرته عليها من شأنها أن تجعل المنافسة فيها محدودة النطاق وأن يكون صدور الإيجاب منه إلى الناس كافة وبشروط واحدة ولمدة غير محدودة، والسلع الضرورية هي التي لا غنى للناس عنها, والتي لا تستقيم مصالحهم بدونها بحيث يكونون في وضع يضطرهم إلى التعاقد بشأنها, ولا يمكنهم رفض الشروط التي يضعها الموجب ولو كانت جائرة وشديدة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن للطاعنين حرية كاملة في التعاقد مع أي من البنوك المتعددة بديلاً عن البنك المطعون ضده وأن الإذعان قصره المشرع على كيانات اقتصادية وشركات خصها بأداء خدمة لا يؤديها غيرها وهو ما لا يتوافر في العقد سند الدعوى, فإنه يكون قد وافق صحيح القانون والنعي عليه في ذلك على غير أساس
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالوجه الثالث من السبب الأول وبالسبب الثاني من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، إذ تمسكا في دفاعهما بأن البنك المطعون ضده قد منعهما من التصرف بالبيع في الوحدات المرهونة لصالحه طوال سريان الرهن، ولم يقم ببيعهما استنادا إلى التفويض الصادر له منهما في ذلك، مما حرمهما من سداد الدين المستحق عليهما من ثمن المبيع، إلا أن الحكم رفض هذا الدفاع بقالة أن بيع الوحدات المرهونة هو رخصة كفلها القانون للبنك فلا يجوز إجباره على إنفاذها وأخذ بتقرير الخبير المنتدب في الدعوى محمولا على أسبابه رغم أن التقرير لم يحسم أمر هذا الدفاع وترك الفصل فيه للمحكمة، وهو ما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك بأن المقرر في قضاء هذه المحكمة، أن العلاقة بين البنوك وعملائها تخضع بحسب الأصول لمبدأ سلطان الإرادة, والذي يقضي بأن العبرة في تحديد حقوق طرفي العقد هو بما حواه من نصوص, بما مؤداه احترام كل منهما للشروط الواردة فيه, ما لم تكن هذه الشروط مخالفة للنظام العام. وأن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وفي تفسير الاتفاقات والمحررات بما تراه أوفى بمقصود عاقديها أو أصحاب الشأن، لما كان ذلك، وكان البين من نصوص عقد الاعتماد المبرم بين الطرفين أنها لم تتضمن التزاماً على عاتق البنك بالتنفيذ على العقار المرهون قبل اللجوء إلى أي طريق آخر للحصول على الدين المستحق بموجبه, وقد خلص الحكم المطعون فيه إلى أن بيع العقار هو رخصة خولها القانون للبنك فلا يجوز إجباره على إنفاذها, وهو ما يتفق وصحيح القانون، فيكون النعي على غير أساس
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالوجه الرابع من السبب الأول من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، إذ اتفقا في عقد الاعتماد على أن تكون مدته سنة واحدة إلا أن البنك المطعون ضده قام بتجديده بإرادته المفردة دون إتباع القواعد القانونية التي تلزمه بإلغائه بمجرد توقفهما عن السداد، فضلا عن عدم قيامه بإخطارهما بالتجديد، وإذ عول الحكم على ذلك وقضى بإلزامهما بالدين الناتج عن العقد، فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك بأن البين من نص البند الثالث من عقد الاعتماد موضوع الدعوى المؤرخ 2 من يوليه سنة 2002 أن مدته تبدأ من تاريخ التوقيع على العقد وينتهي الاعتماد ويستحق السداد في 2 من يوليه سنة 2003، وإذ خلت الأوراق من دليل على قيام البنك بتجديد العقد بعد ذلك التاريخ، فإن النعي بهذا الوجه يضحى غير صحيح ومن ثم غير مقبول
وحيث إن المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن لمحكمة النقض من تلقاء ذاتها كما يجوز للخصوم وللنيابة العامة إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم وليس على جزء آخر منه أو حكم سابق عليه لا يشمله الطعن، وكان النص في المادة 232 من التقنين المدني على أن "لا يجوز تقاضي فوائد على متجمد الفوائد ولا يجوز في أية حال أن يكون مجموع الفوائد التي يتقاضاها الدائن أكثر من رأس المال وذلك كله دون إخلال بالقواعد والعادات التجارية" وفي المادة 233 منه على أن "الفوائد التجارية التي تسري على الحساب الجاري يختلف سعرها القانوني باختلاف الجهات, ويتبع في طريقة حساب الفوائد المركبة في الحساب الجاري ما يقضي به العرف التجاري" يدل وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة على أن المشرع قد حرم تقاضي الفوائد المركبة واستثنى من ذلك ما تقضي به القواعد والعادات التجارية وأقر ما جرى عليه العرف على تقاضي عائد على متجمد الفوائد في الحساب الجاري, أما بعد إقفاله فإن الرصيد يصبح ديناً عادياً يخضع للقواعد العامة, ولا يسري عليه هذا العرف، ولا يجوز الاتفاق على تقاضي فوائد مركبة عن هذا الدين, باعتبار أن تحديد الحد الأقصى للفوائد من القواعد الآمرة التي لا يصح الاتفاق على مخالفتها. وكان من المقرر، في قضاء هذه المحكمة، أن الحساب الجاري ينتهي بانتهاء العمليات المتبادلة بين العميل والبنك وعدم الاستمرار فيها وفقاً لما تستخلصه محكمة الموضوع من ظروف الدعوى وملابساتها، وأنه متى تقرر قفل الحساب فإنه يتم تصفيته ويترتب على ذلك وقوع المقاصة فوراً وتلقائياً بين مفرداته الموجودة في جانبيه وتستخلص من هذه المقاصة رصيداً وحيداً هو الذي يحل محل جميع حقوق كل من الطرفين في مواجهة الآخر، ويعتبر الرصيد مستحقاً بأكمله بمجرد قفل الحساب وتسويته, ويصبح هذا الرصيد ديناً عادياً محدد المقدار وحال الأداء مما لا يجوز معه وفقاً للمادة 232 من القانون المدني تقاضي فوائد مركبة عنه إلا إذا ثبت وجود عادة أو قاعدة تجارية تقضي بذلك وإلا فإنه تسري عليه الفوائد القانونية لا الاتفاقية. لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق ومن تقرير الخبير وما قدمه الطرفان من مستندات أن الحساب الجاري تحت لطلب "رقم ......." قامت الطاعنة الأولى بفتحه لدى فرع ........ بالبنك المطعون ضده بتاريخ 2 من يوليه سنة 2002 وأن هذا الحساب قفل وزالت صفته بانتهاء مدته المتفق عليها بينهما في 2 من يوليه سنة 2003 وخلت الأوراق مما يفيد تجديده صراحة وفقاً لما جاء بعقد فتح الاعتماد ومن ثم فإن التاريخ الأخير يكون هو تاريخ قفل هذا الحساب ويترتب على ذلك أن الرصيد المدين سالف الذكر يصبح دينا عاديا محدد المقدار وحال الأداء مما لا يجوز معه تقاضي فوائد مركبة عنه، وإذ خلا طلب فتح الحساب من اتفاق على سعر للفائدة يسري بعد قفل الحساب فيستحق عنه الفوائد القانونية البسيطة وقدرها 5% سنويا على ذلك المبلغ منذ تاريخ قفل الحساب الحاصل في 2 من يوليه 2003 وحتى تمام السداد. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى باحتساب الفوائد الاتفاقية من 31 مايو 2009 وحتى تمام السداد فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه في هذا الخصوص
وحيث إن الموضوع متعين الفصل فيه وفقا لحكم الفقرة الأخيرة من المادة 12 من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية رقم 120 لسنة 2008، ولما تقدم، وكان البين من كشوف الحساب المقدمة من البنك المدعي أن رصيد مديونية المدعى عليهما عند انتهاء مدة الاعتماد بتاريخ 2 من يوليه سنة 2003 مبلغ 6.739.341.560 جنيه، وأثبت الخبير المنتدب في ملحق تقريره أن هناك شيكات مصرفية قام البنك بتحصيلها وأضيفت لحساب الشركة المدعى عليها الأولى اعتباراً من التاريخ الأخير وحتى الحادي عشر من أكتوبر سنة 2004 تقدر قيمتها بمبلغ 62.970.0 جنيه، فيكون جملة المستحق على المدعى عليهما مبلغ 6.676.371.560 جنيه بالإضافة إلى الفوائد القانونية بواقع 5% اعتبارا من تاريخ انتهاء الاعتماد في 2 من يوليه سنة 2003 وهو ما تقضي به المحكمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق