الصفحات

الأحد، 5 يونيو 2016

الطعن 381 لسنة 54 ق جلسة 18 / 11 / 1990 مكتب فني 41 ج 2 ق 284 ص 679

برئاسة السيد المستشار /سعيد صقر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين /محمد فؤاد شرباش نائب رئيس المحكمة وخلف فتح الباب و الهام نواره ومحمد محمود عبد اللطيف.
------------------
- 1  دعوى " نطاق الدعوى . الطلبات العارضة".
إقامة الدعوى ابتداء بطلب تسليم العين محل التداعي. تعديل الطلبات فيها إلى طلب الطرد للغصب وإزالة ما أقيم عليها من مبان إعتباره من قبيل الطلبات العارضة. م124 مرافعات. علة ذلك.
إذ كانت دعوى المطعون ضدهما قد أقيمت ابتداء بطلب الحكم بإلزام الطاعنتين الثانية و الثالثة بتسليم العين محل التداعي و ذلك فى مواجهة الطاعن الأول تأسيساً على أن المطعون ضدهما إشتريا هذه العين من هاتين الطاعنتين بعقد بيع شهرة برقم 3236 فى 1976/5/13 إلا أن الأخيرتين سهلتا للطاعن الأول وضع يده على العين و اغتصابها بما تكون معه الدعوى فى حقيقتها مقامة أصلاً بطلب إلزام الطاعنتين جميعاً بتسليم العين محل التداعي على سببين أولهما : عقد البيع بالنسبة للطاعنتين الثانية و الثالثة باعتباره يرتب التزاماً عليهما بتسليم العين المبيعة و ثانيهما : العمل غير المشروع المتمثل فى فعل الغصب بالنسبة للطاعن الأول و هو ما يجعل الأخير خصماً حقيقياً فى الدعوى بصرف النظر عن كونه قد اختصم فيها للحكم فى مواجهته ، و لما كانت المادة 123 من قانون المرافعات تنص على أنه " تقدم الطلبات العارضة من المدعى أو من المدعى عليه إلى المحكمة بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة ..... " و تنص المادة 124 من ذات القانون على أنه " للمدعى أن يقدم من الطلبات العارضة - ما يتضمن تصحيح للطلب الأصلي أو تعديل موضوعه لمواجهة ظروف طرأت أو ثبتت بعد رفع الدعوى - ما يكون مكملاً لطلب أو مترتباً عليه أو متصلاً به اتصال لا يقبل التجزئة .... " و كان المطعون ضدهما قد عدل طلباتهما فى الدعوى إلى إلزام الطاعنين بتسليمهما العين محل التداعي و طرد الطاعن الأول منها و إزالة ما أقامه عليه من مبان ، و كان طلب الطرد الموجه إلى الطاعن يعتبر مكملاً لطلب التسليم الذى أقيمت به الدعوى عليه ابتداء و يقوم على ذات السبب الذى بنى عليه هذا الطلب و هو فعل الغصب المكون للعمل غير المشروع ، كما أن طلب إزالة المباني الموجه إليه هو من توابع طلب التسليم لكونه ما ترتب عليه ، فإن تعديل المطعون ضدهما لطلباتهما على النحو المشار إليه يكون من قبيل الطلبات العارضة التي أجاز المشرع للمدعى تقديمها أثناء نظر الدعوى بمقتضى المادة 124 سالفة الذكر و ليست بدعوى جديدة تختلف فى موضوعها و سببها عما رفعت به الدعوى ابتداء على ما يذهب إليه الطاعنان .
- 2  إيجار " القواعد العامة في عقد الإيجار ". محكمة الموضوع " سلطتها بالنسبة للمنازعات الناشئة عن العقود ". إثبات " إجراءات الإثبات ".
إيجار الأرض الفضاء . عدم خضوعه لقوانين إيجار الأماكن . العبرة في وصف العين المؤجرة هي بما ورد بعقد الإيجار . متى كان حقيقا انصرفت إليه إرادة المتعاقدين استقلال محكمة الموضوع بتقدير ذلك متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة . لا عبرة بالغرض .الذى أجرت من أجله الأرض ولا بما يقيمه المستأجر عليها من منشآت
قوانين إيجار الأماكن استثنت صراحة الأرض الفضاء من تطبيق أحكامها و الضابط فى تعيين القانون الواجب التطبيق مرده فى الأصل إلى وصف العين المؤجرة فى عقد الإيجار شريطه أن يكون ما ورد به مطابقاً لحقيقة الواقع وما قصد إليه المتعاقدان و هو ما تستقل بتقديره محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها من الأوراق ، و لا عبرة فى هذا الخصوص بالغرض المؤجرة من أجله هذه الأرض و لا بما يقيمه عليها المستأجر من منشآت تحقيقاً لهذا الغرض.
- 3  نقض " أسباب الطعن . الأسباب القانونية التي يخالطها واقع".
النعي بعلم المطعون ضدهما منذ أكثر من سنة سابقة علي تاريخ رفع الدعوي بإقامة المباني المطلوب إزالتها . عدم تمسك الطاعن به أمام محكمة الموضوع . دفاع قانوني يقوم علي واقع . عدم قبول التحدي به لأول . مرة أمام محكمة النقض
لما كان الطاعنون لم يتمسكوا أمام محكمة الموضوع بدفاعهم الوارد ، بوجه النعي - أن الحكم قضى بإزالة المباني على سند من نص المادة 924 مدنى حال أن هذه المادة توجب على المطعون ضدهما أن يطلبا الإزالة فى ميعاد سنة من يوم علمهما بإقامتها و الثابت من محاضر أعمال الخبراء المقدمة تقاريرهم فى الدعوى أن علم المطعون ضدهما بإقامة تلك المباني سابقة على رفع الدعوى بأكثر من سنة - مع أنه دفاع قانوني يقوم على واقع يقتضى تحقق تلك المحكمة من كيفية توافر علم المطعون ضدهما بإقامة المباني المطلوب الحكم بإزالتها و تاريخ هذا العلم فإنه لا يقبل من الطاعنين التحدي بهذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض .
- 4  ملكية " أسباب كسب الملكية : الالتصاق".  محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدلة ".
استخلاص الحكم المطعون فيه سوء النية وإعمال حكم م924 مدني في شأن إزالة المباني التي أقامها الطاعن على عين النزاع تأسيسا على أنه لا سند له في وضع يده عليها بعد إطراح الحكم دفاع الطاعن بشأن استئجاره لعين النزاع استخلاص سائغ. يدخل في نطاق السلطة التقديرية لقاضي الموضوع.
لما كان البين من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه أعمل حكم المادة 924 من القانون المدني في شأن إزالة المباني التي أقامها الطاعن الأول على ما خلص إليه من أن الأخير لا سند له في وضع يده على الأرض محل التداعي بعد أن أطرح دفاعه بشأن استئجاره لها من الطاعنتين الثانية و الثالثة بما يوفر في حقه سوء النية لإقامته تلك المباني في أرض مملوكة للمطعون ضدهما و هو من الحكم استخلاص سائغ يدخل في نطاق السلطة التقديرية لقاضى الموضوع .
- 5  إثبات " إجراءات الإثبات . ندب الخبراء". خبرة. عقد " عقد الإيجار". محكمة الموضوع " سلطتها بالنسبة لمسائل الإثبات ".
محكمة الموضوع ليست ملزمة بإجابة الخصوم إلى طلب ندب خبير مرجح متى وجدت فى تقارير الخبراء المقدمة إليها ما يكفى لا اقتناعها بالرأي الذى . انتهت إليه.
محكمة الموضوع ليست ملزمة بإجابة الخصوم إلى طلبهم ندب خبير مرجح فى الدعوى متى وجدت تقارير الخبراء المقدمة إليها ما يكفى لاقتناعها بالرأي الذى انتهت إليه بصدد المنازعة التي استعانت برأي أهل الخبرة فيها .
----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضدهما أقاما على الطاعنين الدعوى 5001 لسنة 1986 أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية انتهيا فيه إلى طلب الحكم بتسليمها العقار المبين بصحيفة الدعوى وبطرد الطاعن الأول منه وإزالة ما أقامه عليه من مبان وقالا شرحاً لدعواهما أن الطاعنتين الثانية والثالثة باعتا لهما قطعة أرض فضاء موضحة بصحيفة الدعوى بعقد مؤرخ 16/10/1971 ومشهر تحت رقم 3236 في 13/5/1976. إلا أن الطاعن الأول وضع يده على هذه الأرض بطريق الغصب واستغلها لصالحه فأقاما الدعوى بطلباتهما سالفة البيان ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره, حكمت بتسليم العقار للمطعون ضدهما وإزالة ما عليه من مبان. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 6100 لسنة 99ق قضائية القاهرة. بتاريخ 12/12/1983 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف, طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن, وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
----------------
المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
حيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعي الطاعنون بالأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون من أربعة وجوه حاصل أولها أن الدعوى أقيمت ابتداء بطلب إلزام الطاعنتين الثانية والثالثة بتسليم العين محل التداعي باعتباره أثراً من آثار عقد البيع الصادر منهما إلى المطعون ضدهما وقد اختصم فيها الطاعن الأول للحكم في مواجهته إلا إن المطعون ضدهما عدلا طلباتهما أثناء نظر الدعوى بصحيفة أعلنت للطاعنين في 10/5/1980 إلى إلزام الأخيرين جميعاً بتسليم هذه العين وبطرد الطاعن الأول منها وإزالة ما أقامه عليها من مبان وهي طلبات تخرج من حيث طبيعتها وأساسها القانوني عن الطلب الأصلي الذي رفعت به الدعوى ومع ذلك قضى الحكم في تلك الطلبات
وحيث إن هذا النعي مردود, ذلك أنه لما كانت دعوى المطعون ضدهما قد أقيمت ابتداء بطلب الحكم بإلزام الطاعنتين الثانية والثالثة بتسليم العين محل التداعي وذلك في مواجهة الطاعن الأول تأسيساً على أن المطعون ضدهما اشتريا هذه العين من هاتين الطاعنتين بعقد بيع تم شهره برقم 3236 في 13/5/1976 إلا أن الأخيرتين سهلتا للطاعن الأول وضع يده على العين واغتصابها بما تكون معه الدعوى في حقيقتها مقامة أصلاً بطلب إلزام الطاعنين جميعاً بتسليم العين محل التداعي على سببين أولهما: عقد البيع بالنسبة للطاعنتين الثانية والثالثة باعتباره يرتب التزاماً عليهما بتسليم العين المبيعة وثانيهما: العمل غير المشروع المتمثل في فعل الغصب بالنسبة للطاعن الأول وهو ما يجعل الأخير خصماً حقيقياً في الدعوى بصرف النظر عن كونه قد اختصم فيها للحكم في مواجهته. لما كانت المادة 123 من قانون المرافعات تنص على أنه "تقدم الطلبات العارضة من المدعي أو من المدعى عليه إلى المحكمة بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة ....." وتنص المادة 124 من ذات القانون على أنه "للمدعي أن يقدم من الطلبات العارضة 1- ما يتضمن تصحيح الطلب الأصلي أو تعديل موضوعه لمواجهة ظروف طرأت أو تبينت بعد رفع الدعوى 2- ما يكون مكملاً للطلب الأصلي أو مترتباً عليه أو متصلاً به اتصال لا يقبل التجزئة ..........." وكان المطعون ضدهما قد عدلا طلباتهما في الدعوى إلى إلزام الطاعنين بتسليمهما العين محل التداعي وطرد الطاعن الأول منها وإزالة ما أقامه عليها من مبان, وكان طلب الطرد الموجه إلى الطاعن يعتبر مكملاً لطلب التسليم الذي رفعت به الدعوى عليه ابتداء ويقوم على ذات السبب الذي بني عليه هذا الطلب وهو فعل الغصب المكون لعمل غير المشروع, كما أن طلب إزالة المباني الموجه إليه هو من توابع طلب التسليم لكونه مما يترتب عليه فإن تعديل المطعون ضدهما لطلباتهما على النحو المشار إليه يكون من قبيل الطلبات العارضة التي أجاز المشرع للمدعي تقديمها أثناء نظر الدعوى بمقتضى المادة 124 سالفة الذكر وليست بدعوى جديدة تختلف في موضوعها وسببها عما رفعت به الدعوى ابتداء على ما يذهب إليه الطاعنون. لما كان ذلك وكانت تلك الطلبات العارضة قد وجهت إلى الأخيرين بصحيفة أعلنت إليهم في 10/5/1980 على ما جاء في وجه النعي وكان الطاعنون لا يجادلون في أن ذلك تم على النحو الذي رسمه القانون في المادة 123 مرافعات فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى في الدعوى على نحو ما آلت إليه طلبات المطعون ضدهما فيها لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه ويضحى النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الثاني أن الحكم أقام قضاءه على أن العين محل النزاع تخضع لأحكام القانون المدني باعتبارها أرضاً فضاء حال إنها مؤجرة مكاناً مبنياً إلى الطاعن الأول بتاريخ 1/1/1971 صادر إليه من الطاعنتين الثانية والثالثة في تاريخ سابق على بيعها لها إلى المطعون ضدهما ومن ثم فهي تخضع لأحكام قانون إيجار الأماكن رقم 52 لسنة 1969 الذي لا يجيز طرد المستأجر إلا في الأحوال المحددة فيه
وحيث إن هذا النعي غير سديد, ذلك أنه لما كانت قوانين إيجار الأماكن قد استثنت صراحة الأرض الفضاء من تطبيق أحكامها وكان الضابط في تعيين القانون الواجب التطبيق مرده في الأصل إلى وصف العين المؤجرة في عقد الإيجار شريطة أن يكون ما ورد به مطابقاً لحقيقة الواقع وما قصد إليه المتعاقدان وهو ما تستقل بتقديره محكمة الموضوع متى أقامت قضاؤها على أسباب سائغة لها أصلها من الأوراق, وكان لا عبرة في هذا الخصوص بالغرض المؤجرة من أجله هذه الأرض ولا بما يقيمه عليها المستأجر من منشآت تخصيصاً لهذا الغرض. لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بأن العين محل النزاع كانت أرض فضاء حتى تاريخ بيعها إلى المطعون ضدهما بالعقد المؤرخ 16/10/1971 وذلك على ما استخلصه من تقرير الخبير الذي اطمأن إليه وهو استخلاص سائغ له أصله الثابت بالأوراق فإن الحكم إذ أعمل أحكام القانون المدني على واقعة الدعوى يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح ويضحى النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الثالث أن الحكم قضى بإزالة المباني على سند من المادة 924 مدني حال أن هذه المادة توجب على المطعون ضدهما أن يطلبا الإزالة في ميعاد سنة من يوم علمهما بإقامتها. والثابت من محاضر أعمال الخبراء المقدمة تقاريرهم في الدعوى أن علم المطعون ضدهما بإقامة تلك المباني سابقة على رفع الدعوى بأكثر من سنة على ما جاء بمحضر أعمال الخبير المؤرخ 4/6/1977 وأقوال المطعون ضده الأول في المحضر المؤرخ 21/3/1979 مما يكون معه الحكم قد أخطأ في تطبيق تلك المادة
وحيث إن هذا النعي غير مقبول, ذلك أنه لما كان الطاعنون لم يتمسكوا أمام محكمة الموضوع بدفاعهم الوارد في وجه النعي مع أنه دفاع قانوني يقوم على واقع يقتضي تحقق تلك المحكمة من كيفية توافر علم المطعون ضدهما بإقامة المباني المطلوب الحكم بإزالتها وتاريخ هذا العلم فإنه لا يقبل من الطاعنين التحدي بهذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الرابع من السبب الأول وبالسببين الثالث والرابع أن الحكم وهو بصدد إعمال قواعد الالتصاق طبقاً للمادة 924 مدني قد افترض سوء نية الطاعن الأول وقت إقامته المباني المطلوب إزالتها مع أن المادة 965 مدني تفترض حسن النية دائماً ما لم يقم الدليل على العكس وإذ كان عقد الإيجار الصادر لذلك الطاعن من الطاعنتين الثانية والثالثة مصرح له فيها بإقامة تلك المباني فإن ذلك كان يوجب إعمال المادة 925 مدني التي تحول دون طلب الإزالة إذا كان من أقام المنشآت يعتقد بحسن نية أن له الحق في إقامتها, إلا أن الحكم ذهب إلى القول بأنه على فرض صحة تلك العلاقة الإيجارية فإنها لا تخول للطاعن إقامة تلك المباني أو أن يزيد فيها مما يكون فضلاً عن مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه قد عابه الفساد في الاستدلال وخالف الثابت في الأوراق
وحيث إن هذا النعي مردود, ذلك أنه لما كان البين من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه أعمل حكم المادة 924 من القانون المدني في شأن إزالة المباني التي أقامها الطاعن الأول على ما خلص إليه من أن الأخير لا سند له في وضع يده على الأرض محل التداعي بعد أن أطرح دفاعه بشأن استئجاره لها من الطاعنتين الثانية والثالثة بما يوفر في حقه سوء النية لإقامته تلك المباني في أرض مملوكة للمطعون ضدهما وهو من الحكم استخلاص سائغ يدخل في نطاق السلطة التقديرية لقاضي الموضوع فإن النعي عليه في هذا الشق بفساد الاستدلال يكون في غير محله – لما كان ذلك وكان لا محل للاستناد لنص المادة 965 من ذلك القانون التي تتحدث عن حسن النية في شأن كسب الحيازة لاختلاف مجال أعمالها عن نطاق الدعوى المطروحة
وكان مناط أعمال المادة 925 من القانون المدني أن يكون من أقام المنشآت يعتقد بحسن النية أن له الحق في إقامتها بما لا محل معه لإعمالها على واقعة الدعوى بعد أن خلص الحكم إلى توافر سوء نية الطاعن الأول وقت إقامته المباني المطلوب إزالتها فإن النعي عليه في هذا الخصوص بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه يكون على غير أساس. لما كان ما تقدم وكان ما أورده الحكم – وعلى ما سلف بيانه في معرض تدليله على سوء نية ذلك الطاعن كاف لحمل قضائه في هذا الشأن فإنه لا يعيبه بعد ذلك ما استطرد إليه من القول بأنه "مما يزيد في سوء نيته أي – الطاعن الأول – أنه حتى على فرض صحة العلاقة الإيجارية فإنها لا تخوله إقامة هذه المباني أو أن يزيد فيها" إذ أن ذلك من الحكم كان تزيداً يستقيم قضاؤه بدونه ومن ثم فإن النعي عليه في هذا الصدد بمخالفة الثابت في الأوراق يكون غير مقبول لوروده على ناقله من أسباب الحكم لا أثر لها في قضائه
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولون أن الحكم لم يجبهم إلى طلبه ندب خبير مرجح في الدعوى بمقولة أن التقارير المقدمة فيها تكمل بعضها ولا تعارض بينها حال أنها جاءت متناقضة إذ خلص إحداها إلى صحة العلاقة الإيجارية محل عقد الطاعن الأول بشأن استئجاره مكاناً مبنياً. هذا إلى أن الحكم أهدر تلك العلاقة برمتها على سند من أن تعامل المطعون ضدهما مع الطاعنتين الثانية والثالثة جرى على أرض فضاء وذلك من الحكم لا يحمل قضاءه بإهدار تلك العلاقة لكونه لا يمس وجود عقد إيجار الطاعن وترتيبه لأثاره القانونية حتى بفرض انصرافه إلى أرض فضاء
وحيث إن هذا النعي مردود, ذلك أنه لما كانت محكمة الموضوع ليست ملزمه بإجابة الخصوم إلى طلبهم ندب خبير مرجح في الدعوى متى وجدت في تقارير الخبراء المقدمة إليها ما يكفي لإقناعها بالرأي الذي انتهت إليه بصدد المنازعة التي استعانت برأي أهل الخبرة فيها, وكانت منازعة الطاعن الأول قد قامت على أنه يستأجر العين محل التداعي بوصفها مكاناً مبنياً بموجب العقد المؤرخ 1/1/1970 الصادر إليه من الطاعنتين الثانية والثالثة والمثبت تاريخه في 28/3/1972 وكان أي من تقارير الخبراء المقدمة في الدعوى لم يعرض لبحث صحة هذا العقد أو عدم صحته لأن ذلك لم يكن داخلاً في نطاق ما عهد إليهم بحثه باعتباره من المسائل المنوط بالمحكمة الفصل فيها وكان تقرير الخبيرين المؤرخين 13/7/1977, 10/4/1982 قد خلصا إلى أن العين محل التداعي كانت أرضاً فضاء حتى 21/3/1976 استناداً إلى ما جاء في تأشيرة المكتب الهندسي على كشف تحديد المساحة وفقاً للمعاينة التي تمت على الطبيعة في هذا التاريخ, وكان تقرير الخبير المؤرخ 8/5/1979 قد خلا من بحث تلك الواقعة التي لم تكن داخلة فيما عهد إليه بحثه فإن الحكم إذ اطمأن إلى ما جاء في التعزيزين المشار إليهما بشأن منازعة الطاعن ....... ذلك أن هو التفت عن طلب الطاعنين ندب خبير مرجح في الدعوى ويكون النعي عليه في الصدد على غير أساس
لما كان ذلك وكان تقرير الأدلة في الدعوى والأخذ بما يطمأن إليه منها هو من أطلاقات قاضي الموضوع, كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن تقرير الخبير المؤرخ 15/1/1978 (وصحته 8/2/1978) الذي تناول الرد على اعتراضات الطاعن الأول قد أورد بأن عقد الإيجار سند الأخير في الدعوى لا يطمأن إليه لما لحقه من إضافات وتصويبات انصبت على طبيعة العين المؤجرة ورقم العقار حررت جميعها بالقلم الحبر بينما حرر العقد بالآلة الكاتبة فإن أخذ الحكم بهذا التقرير باعتباره مكملاً للتقرير المؤرخ 3/7/1977 يفيد عدم اطمئنانه بدوره إلى انصراف ذلك العقد إلى العين محل التداعي وهو ما يكفي في ذاته لاطراح عقد إيجار الطاعن الأول ومن ثم يضحى النعي عليه بقصور التسبيب في غير محله
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق