الصفحات

الخميس، 26 مايو 2016

شرط اختصاص المحكمة الدستورية بالفصل في تناقض القوانين

الطعن 10 لسنة 36 قضائية  "دستورية " جلسة 5/3/2016
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا 
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من مارس سنة 2016م، الموافق الخامس والعشرين من جمادى الأولى سنة 1437ه
برئاسة السيد المستشار/ عدلي محمود منصور رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم حشيش وسعيد مرعي عمرو والدكتور عادل عمر شريف ورجب عبد الحكيم سليم وبولس فهمي إسكندر وحاتم حمد بجاتو نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عبد العزيز محمد سالمان رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الآتي 
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 10 لسنة 36 قضائية "دستورية". بعد أن أحالت محكمة القضاء الإداري بحكمها الصادر بجلسة 17/1/2010، ملف الدعوى رقم 10665 لسنة 64ق.

الوقائع
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - في أن المدعي كان قد أقام الدعوى رقم 10665 لسنة 64 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري (الدائرة السادسة) ضد المدعى عليهما، طلب في ختامها الحكم: بوقف تنفيذ وإلغاء قرار مجلس تأديب الطلاب بكلية دار العلوم الصادر بتاريخ 22/12/2009, الذي قضى بحرمانه من امتحان مادة التدريبات الأدبية في الفصل الدراسي الأول من العام الجامعي 2009/ 2010, مع ما يترتب على ذلك من آثار؛ أخصها تمكينه من دخول الامتحان وتنفيذ الحكم بمسودته بغير إعلان، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه. وإذ ارتأت محكمة الموضوع أن نص المادة (184) من قانون تنظيم الجامعات الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 49 لسنة 1972، يتضمن إخلالاً بمبدأ المساواة بين الطلاب الذين صدرت في شأنهم قرارات من مجلس التأديب، وبين غيرهم من الطلاب الذين صدرت في شأنهم قرارات تأديبية من هيئات أخرى، كما ينتقص من اختصاص مجلس الدولة في مجال وقف تنفيذ قرار مجلس التأديب، وذلك بوضع عائق يحول دون الطالب واللجوء إلى قاضيه الطبيعي، يتمثل في ضرورة اللجوء أولاً إلى مجلس التأديب الأعلى قبل الطعن على القرار أمام مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري، مما يخل بحق التقاضي الذي كفله الدستور, فقد أصدرت حكمها بجلسة 17/1/2010 بوقف تنفيذ القرار المطعون وإحالة الأوراق إلى هذه المحكمة عملاً بنص المادة (29/ أ) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، وذلك للفصل في دستورية نص المادة (184) من قانون تنظيم الجامعات الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 49 لسنة 1972.
المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة
وحيث إن المادة (184) من قانون تنظيم الجامعات الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 49 لسنة 1972 تنص على أنه: "لا يجوز الطعن في القرار الصادر من مجلس تأديب الطلاب إلا بطريق الاستئناف ويرفع الاستئناف بطلب كتابي يقدم من الطالب إلى رئيس الجامعة خلال خمسة عشر يوما من تاريخ إبلاغه بالقرار، وعليه إبلاغ هذا الطلب إلى مجلس التأديب الأعلى خلال خمسة عشر يوما
ويشكل مجلس التأديب الأعلى على الوجه التالي
- نائب رئيس الجامعة المختص.رئيسا
- عميد كلية الحقوق أو أحد الأساتذة بها
- أستاذ من الكلية أو المعهد الذي يتبعه الطالب
ويصدر باختيار الأساتذة الأعضاء قرار من رئيس الجامعة
وفي جميع الأحوال لا يجوز الحكم بوقف تنفيذ قرارات مجلس تأديب الطلاب أو مجلس التأديب الأعلى قبل الفصل في الموضوع". 
وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى، على سند من القول بأن التكييف الصحيح لسبب إحالة الدعوى المعروضة من محكمة القضاء الإداري إلى المحكمة الدستورية العليا، هو وجود تعارض بين كل من نص المادة (49) من قانون مجلس الدولة الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 الذي يجيز لمحاكم مجلس الدولة وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، والنص المحال للفصل في دستوريته، والذي لا يجيز الحكم بوقف تنفيذ قرار مجلس تأديب الطلاب أو مجلس التأديب الأعلى قبل الفصل في الموضوع، مما مؤداه خروج الفصل في هذا التعارض عن اختصاص المحكمة الدستورية العليا
وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على أن تقرير اختصاصها ولائيا بنظر دعوى بذاتها سابق بالضرورة على تثبتها من توافر شروط اتصال الخصومة القضائية بها وفقًا للأوضاع المنصوص عليها في قانونها
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مخالفة نص في قانون لقانون آخر، وإن كان لا يشكل في ذاته خروجا على أحكام الدستور المنوط بهذه المحكمة صونها وحمايتها، إلا أن ذلك لا يستطيل إلى حالة ما إذا كانت تلك المخالفة تشكل إخلالاً بأحد المبادئ الدستورية التي تختص هذه المحكمة بحمايتها والذود عنها
وحيث إنه متى كان ذلك، وكانت محكمة القضاء الإداري تنعي على النص المحال إخلاله بمبدأ المساواة، وانتقاصه من حق التقاضي؛ على النحو السالف البيان، بالمخالفة لأحكام الدستور، ومن ثم فإن الدعوى الدستورية الراهنة تستهدف الفصل في دستورية هذا النص في ضوء الأحكام المنصوص عليها في الدستور، بصرف النظر عن التعارض المدعى به بين هذا النص ونص المادة (49) من قانون مجلس الدولة؛ ويكون الدفع بعدم اختصاص هذه المحكمة بنظر الدعوى قائما على غير أساس، مما يتعين الالتفات عنه
وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت كذلك بعدم قبول الدعوى؛ استنادا إلى أن حكم الإحالة لم يبين النصوص الدستورية المدعى مخالفتها ولا أوجه مخالفة النص المحال لتلك النصوص
وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على أن ما تغياه قانونها بنص المادة (30) منه، من وجوب أن تتضمن صحيفة الدعوى الدستورية أو قرار الإحالة بيانًا بالنص التشريعي المطعون بعدم دستوريته والنصوص الدستورية المدعى مخالفتها وأوجه هذه المخالفة؛ هو ألا تكون صحيفة الدعوى أو قرار الإحالة مجهلاً بالمسائل الدستورية المطروحة على هذه المحكمة، ضمانًا لتعيينها تعيينًا كافيا، فلا تصير خفاء في شأن مضمونها، أو اضطرابا حول نطاقها، ليتمكن ذوو الشأن جميعا من إعداد دفاعهم ابتداء وردا وتعقيبا في المواعيد التي حددتها المادة (37) من ذلك القانون، ولتتولى هيئة المفوضين بعد ذلك تحضير الدعوى، وإعداد تقرير يكون فيه تعيين هذه المسائل ممكنًا، ويتحقق ذلك كلما كان بنيان عناصرها منبئًا عن حقيقتها
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان حكم الإحالة قد أوضح أن النص المحال يصادر – على النحو السالف البيان – الحق في حق التقاضي بحجبه محاكم مجلس الدولة عن مباشرة اختصاصها بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه قبل الفصل في موضوع الدعوى، ومن ثم يكون حكم الإحالة قد تضمن بيانًا للنص التشريعي الذي قامت لدى محكمة الموضوع شبهة عدم دستوريته، كما تضمن النصوص الدستورية المدعى مخالفتها وأوجه تلك المخالفة، وتبعا لذلك؛ تكون الدعوى الدستورية الراهنة قد اتصلت بالمحكمة الدستورية العليا اتصالاً مطابقًا لما تقضي به المادتان (29/ أ) و(30) من قانون هذه المحكمة، ويكون الدفع بعدم قبولها قائما على غير سند، مما يتعين طرحه
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية – وهي شرط لقبولها - مناطها - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم في المسألة الدستورية على الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع، يستوي في شأن توافر المصلحة أن تكون الدعوى قد اتصلت بالمحكمة عن طريق الدفع أو عن طريق الإحالة، والمحكمة الدستورية العليا هي وحدها التي تتحرى توافر شرط المصلحة في الدعاوى الدستورية للتثبت من شروط قبولها، بما مؤداه أن الإحالة من محكمة الموضوع إلى المحكمة الدستورية العليا لا تفيد بذاتها توافر المصلحة، بل يتعين أن يكون الحكم في المطاعن الدستورية لازما للفصل في النزاع المثار أمام محكمة الموضوع، فإذا لم يكن للفصل في دستورية النصوص التي ثارت بشأنها شبهة عدم الدستورية لدى محكمة الموضوع انعكاس على النزاع الموضوعي؛ فإن الدعوى الدستورية تكون غير مقبولة
وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكانت رحى النزاع في الدعوى الموضوعية تدور حول طلب الحكم بوقف تنفيذ قرار مجلس تأديب الطلاب بكلية دار العلوم بحرمان المدعي من امتحان مادة التدريبات الأدبية في الفصل الدراسي الأول من العام الجامعي 2009/ 2010, قبل الفصل في موضوع الدعوى، وهو ما قضت به محكمة القضاء الإداري، وكان النص المحال يقضي بعدم جواز الحكم بوقف تنفيذ قرارات مجلس تأديب الطلاب أو مجلس التأديب الأعلى قبل الفصل في الموضوع، وكان الفصل في دستورية هذا النص لن يحقق للمدعي في الدعوى الموضوعية أية فائدة عملية؛ ذلك أن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بوقف تنفيذ قرار مجلس تأديب الطلاب المؤيد بقضاء المحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 4/9/2013 في الطعن رقم 13687 لسنة 56 قضائية عليا، قد حقق للمدعي مبتغاه من طلب وقف التنفيذ، فضلاً عن أن الثابت بالأوراق أن المدعي قد حصل على ليسانس اللغة العربية وآدابها والعلوم الإسلامية من كلية دار العلوم بجامعة القاهرة في العام الجامعي 2010/ 2011, ومن ثم فإن الفصل في دستورية النص المحال لن يكون له أي أثر أو انعكاس على الدعوى الموضوعية، الأمر الذي تنتفي إزاءه المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الماثلة، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول هذه الدعوى
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق