لذلك كان من الضروري وضع تشريع ينظم نزع ملكية العقارات التي تلزم
لتنفيذ المشروعات بحيث يكفل إلى جانب حقوق ذوي الشأن سرعة القيام بهذه الإجراءات
مبسطة حاسمة وتيسير الحاجة الملحة إلى تحقيق ثمرات المشروعات العامة للبلاد في
أسرع وقت ممكن.
وقد اشتمل مشروع القانون المرافق على المبادئ التي تحقق الأهداف
المذكورة مع توفير الضمانات الكافية لحماية حق الملكية وكافة حقوق ذوي الشأن
وتعويضهم عنها تعويضا عادلا يقتضونه في فترة وجيزة.
فلقد أفرد القانون الباب الأول لتنظيم تقرير المنفعة العامة وفرق بين
تقرير المنفعة ونزع الملكية، فأجاز في المادة 2 تقرير المنفعة العامة بقرار من
الوزير المختص ترفق به مذكرة تشمل بيان المشروع المطلوب اعتباره من أعمال المنفعة
العامة، كمال نص على التوسع في نشره ورتب على ذلك حق دخول العقارات اللازمة لإجراء
عمليات المقاس ووضع علامات التجديد.
وقد اشتمل الباب الثاني على نصوص جديدة تنظم حصر الممتلكات التي يتم
الاستيلاء عليها وتحقيق ملكيتها وفحص حقوق الغير الموقعة عليها بطرق سهلة مبسطة
سيكون من شأنها التيسير على الملاك وعدم إرهاقهم بتقديم مستندات عديدة كانت
تستلزمها القواعد العامة الخاصة بفحص الملكية والحقوق العينية الجاري عليها العمل.
وكثيرا ما كان يتعذر على ذوي الشأن الحصول عليها فيتعطل صرف الأثمان المستحقة- كما
أنه سيترتب على هذه النصوص الجديدة تخفيف المجهودات الكبيرة التي كانت تبذلها
المصالح في هذا السبيل.
فقد نصت المادة 5 على أن يكون حصر الممتلكات بمعرفة لجنة يشترك فيها
مع موظفي المصلحة المختصة رجال الحكومة المحليون والصراف ويعلن عن موعد قيامها
بإجراءات الحصر في المحل المعد للإعلانات بالمديرية أو المحافظة وفي قسم البوليس
أو مقر العمدة ويدعى للحضور إليها بخطاب موصى عليه بعلم الوصول كل من يهمهم الأمر
لإثبات حقوقهم.
ونصت المادة 6 على عرض الكشوف المشتملة على حصر الممتلكات والأثمان
والتعويضات المقدرة لها مع خرائط تبيين المواقع وذلك في عدة أماكن ولمدة شهرين تحقيقا
للتوسع في العلانية ويخطر الملاك وأصحاب الشأن بهذا العرض بخطاب موصى عليه مصحوب
بعلم الوصول ويعلن عن هذا الغرض في الجريدة الرسمية وفي جريدتين يوميتين واسعتي
الانتشار وذلك لتنبيه ذوي الحقوق للتقدم بالمستندات التي تؤدي حقوقهم، هذا فضلا عن
توفر العلانية الكافية لتنفيذ المشروع، ويخطر في نفس الوقت الملاك المستأجرون
بالإخلاء على أن يتم الإخلاء في مدة أقصاها خمسة شهور.
وأوجبت المادة 7 على جميع من يهمهم الأمر الاطلاع على الكشوف المعروضة
وأجازات لكل ذي حق أن يتقدم بما قد يكون لديه من اعتراض على ما ورد بالكشوف فيما
يتعلق بالسطح والنوع أو لإثبات ما قد يكون له من حقوق على العقارات كرهن أو اختصاص
أو غير ذلك.
كما أجازت نقض المادة لأصحاب الشأن الحق في الاعتراض على التعويضات
بنفس الطريقة على أن يرفق بالاعتراض رسم بنسبة 2% من قيمة الزيادة محل الاعتراض
حتى لا تقدم اعتراضات غير جدية.
وقد أعطيت لأصحاب الحقوق مدة شهر للاطلاع على الكشوف المعروضة وتقديم
ما عسى أن يكون لديهم من اعتراضات على البيانات المدونة بها خلال ثلاثين يوما من
تاريخ انتهاء العرض وبذلك يتوفر لكل ذي حق متسع من الوقت للفحص والاعتراضات - ولكي
تحسم الأمور ي استقرار الحقوق وللتوصل إلى سرعة صرفها نصت المادة 8 على اعتبار
البيانات المدرجة في الكشوف نهائية إذا لم تقدم عنها اعتراضات خلال المدة المذكورة
بحيث يكون صرف التعويضات المدرجة بها الأسماء المبينة أمامها مبرئا لذمة الجهة
نازعة الملكية وهذا الإبراء نسبي فحق أي إنسان على العقارات المدرجة في الكشوف لن
يسقط قبل الأشخاص الذين تصرف لهم التعويضات بل سيظل قائما وخاضعا للقواعد
القانونية العامة التي تقرر للدائن الحقيقي الحق في الرجوع على الدائن الظاهر بما
يكون قد استوفاه بغير حق.
واشتمل هذا الباب أيضا على إجراءات مبسطة لنقل ملكية العقارات إلى
المنفعة العامة فاستغنى عن تحرير عقود البيع التي تكبد المصالح وذوي الشأن مشقات
كبيرة في استيفاء الإجراءات الشكلية التي يستلزمها التعاقد الرضائي العادي واكتفى
مادة 9 بالحصول على توقيع ذوي الشأن على استمارات نماذج تعد لهذا الغرض ثم تودع بملكية
الشهر العقاري في حالة تعذر الحصول على توقيع ذوي الشأن فقد اكتفى بأن يكون نقل
الملكية بموجب قرار وزاري.
واشتمل الباب الثالث على القواعد التي تنظم طريقة الفصل في المعارضات
التي تقدم بعد الاطلاع على الكشوف وفرق بين ما يتعلق منها بالتعويضات بين ما يقدم لأسباب
أخرى، فنصت المادة 11 على النوع الثاني وأوجبت إخطار ذوي الشأن بما قد يوجد من
عقبات تحول دون صرف التعويضات المستحقة مع بيان الشروط الواجب توافرها لاقتضاء
المبالغ المستحقة لهم كما نصت على إبراء ذمة الحكومة من التعويضات المقرر بموجب
المادة 16 في باب الاستيلاء المؤقت على العقارات إذ لا يحق عدلا أن تستمر الحكومة
ملزمة بأداء ذلك التعويض في حين أن صرف التعويضات المستحقة عن نزع الملكية متعذر
بسبب عقبات لا دخل لها فيها كوجود حجز أو رهن أو اختصاص أو أي حق للغير.
ولقد كان المتبع حتى الآن إيداع المبالغ التي لا يتيسر صرفها بسبب مثل
هذه العقبات في خزينة المحكمة الابتدائية الواقع في دائرتها العقار وكان هذا
النظام يكبد المصالح مجهودات عديدة في سبيل نقل هذه المبالغ من حسابها إلى خزينة
المحكمة كما أن أصحاب الحقوق يتحملون مشقات جسيمة للاطلاع على محاضر الإيداع
واستيفاء شروط الصرف والتردد بها بين أقلام الكتاب والمصالح المختصة.
ولملافاة هذه الصعاب نص المشروع (مادة 11فقرة 2)على مبدأ جديد يقضي
بإيداع هذه المبالغ في أمانات المصلحة القائمة بإجراءات نزع الملكية في حساب منفرد
وبذلك تتوحد لإجراءات في يد جهة واحدة يسهل على ذوي الشأن التعامل معها بدلا من
التردد على جهات حكومية مختلفة فضلا عن أن هذا النظام الجديد لن يضير أصحاب الشأن
في شيء إذ لا فرق بين أن تكون المبالغ المستحقة لهم مودعة في خزينة المحكمة أو في
خزينة المصلحة المختصة وكلاهما خزينة حكومية.
ونصت المادة 12 على المعارضات الخاصة بالتعويضات فأوجبت إحالتها في
خلال خمسة عشر يوما من تاريخ انقضاء المدة المحددة بموجب المادة 7 إلى رئيس
المحكمة الابتدائية الكائن في دائرتها العقارات ليحيلها بدوره في ظرف ثلاثة أيام
إلى القاضي الذي يندبه لرئاسة لجنة الفصل في هذه المعارضات ونصت المادة 13 على
الكيفية التي تشكل بها لجنة الفصل في المعارضات برئاسة القاضي الذي يندبه رئيس
المحكمة الابتدائية، وبعضوية اثنين من الموظفين الفنيين أحدهما عن مصلحة المساحة
والثاني عن المصلحة طالبة نزع الملكية، يختارهما وزير الأشغال العمومية بالاتفاق
مع الوزير المختص، على أن تفصل اللجنة في المعارضات خلال شهر من تاريخ ورودها
إليها. ونصت المادة 14 على حق المصلحة وذوي الشأن في استئناف قرارات اللجنة سالفة
الذكر أمام المحكمة الابتدائية خلال خمسة عشر يوما من تاريخ إعلانهم بالقرار
المذكور على أن تحكم على وجه الاستعجال ويكون حكمها نهائيا.
واشتمل الباب الرابع على مبادئ جديدة تنظم الاستيلاء على العقارات
فأجاز أخذها بطريق التنفيذ المباشر بموجب قرار وزاري ينشر في الجريدة الرسمية ورتب
لمالكيها تعويضا مقابل عدم الانتفاعبها من تاريخ الاستيلاء عليها لحين صرف
التعويضات المستحقة عن الملكية وتعين المصلحة المختصة خلال أسبوع من تاريخ
الاستيلاء قيمة التعويض ويعلن صاحب الشأن بذلك (مادة 16) وبذلك يتيسر للمصالح
القيام بتنفيذ المشروعات فورا فتحقق الثمرات المقصود منها دون أن يلحق الملاك أي
ضرر وسيترتب على هذا النص إزالة الصعوبات التي كانت تعانيها المصالح في عدم القيام
بتشغيل المشروعات في المواعيد المقررة لها وفي حدود السنة المالية المدرج
بميزانيتها الاعتماد المخصص للمشروع الأمر الذي كان يترتب عليه في كثير من الحالات
تحميل الخزانة تكاليف إضافية كما كان يترتب عليه عدم إمكان استخدام المبالغ
المدرجة في الميزانية المعتمدة.
وقد أجاز المشروع الاستيلاء المؤقت بموجب قرار من المدير أو المحافظ
في حالات الطوارئ المستعجلة وحددت المدة بما لا يتجاوز الاتفاق على زيادتها وجب
نزع ملكيتها مادة 18 تعويض الملاك مقابل عدم الانتفاع بالعقارات المستولى عليها عن
أي نقص أو تلف يقع عليها ولقد أوجب المشروع نشر قرار الاستيلاء في الجريدة الرسمية
ورتب على هذا النشر أثرا له أهمية كبيرة وهو اعتبار العقارات المستولى عليها بموجب
المادة 16 مخصصة للمنفعة العامة من تاريخ النشر فلا يجوز التصرف فيها بالبيع- وهذا
القيد لا يضر بمالك العقار في شيء إذ أنه سيتقاضى تعويضا مقابل عدم الانتفاع من
تاريخ الاستيلاء لحين صرف الثمن.
ولقد تناول الباب الخامس التحسينات التي تطرأ على العقارات بسبب أعمال
المنفعة العامة وقد لوحظ أن القانون رقم 5 سنة 1907 قد قصر خصم مقابل التحسين الذي
يعود على العقارات نتيجة أعمال المنفعة العامة على الأجزاء الباقية من العقار الذي
يؤخذ منه جزء للمشروع كما قصر ما يخصم مقابل ذلك التحسين بحيث لا يتجاوز نصف الثمن
وفي هذا النص قصور كبير إذ إنه يخرج من تحمل مقابل التحسين العقارات التي تستفيد
من المشروعات العامة والتي لا يؤخذ منها أي جزأ وبذلك يفوز ملاك هذه العقارات
بالفائدة دون أن يتحملوا أي أي نصيب في التكاليف كما أن الذين تؤخذ أجزاء من
العقارات المملوكة لهم هم وحدهم الذين يخصم منهم مقابل التحسين الذي يعود على باقي
الملك وهذه التفرقة في المعاملة لا تتفق مع العدالة- لذا رؤي أن من العدالة
التسوية بين جميع من يستفيدون من تنفيذ المشروعات العامة سواء دخلت أجزاء
ممتلكاتهم في هذا التنفيذ أم لم تدخل، كما جعلت القيمة التي يتحملونها نظير هذه
الاستفادة معادلة لنصف تكاليف تنفيذ المشروع بجوار أملاكهم(مادة 21) وقد قصرت هذه
القاعدة على العقارات التي تؤخذ في مشروعات التنظيم في المدن والقرى فخرجت بذلك
العقارات التي تؤخذ بسائر المشروعات الأخرى حيث اقتصر في شأنها على ما يطرأ على
أجزاء العقار المنزوعة ملكيته بعض أجزائه من تحسين أو نقص في القيمة بحيث يجب أن
تراعى قيمة الزيادة أو النقصان في تقدير قيمة التعويض المستحق على ألا يجاوز ذلك
نصف تكاليف تنفيذ المشروع (مادة 19) وهناك عقارات يطرأ عليها تحسين كبير وتزيد
قيمتها نتيجة تنفيذ مشروع عام لا يقع بجوارها وهي بطبيعة الحال لن تخضع لأحكام
المادتين المذكورتين غير أنه رؤي أن من العدالة في حالة أخذ هذه العقارات للمنفعة
العامة لمشروع لاحق ينشأ بجوارها أن يكون تقدير قيمتها بدون مراعاة الزيادة التي
طرأت أو يمكن أن تطرأ على قيمتها نتيجة تنفيذ تلك المشروعات السابقة إذا لم يكن قد
مضى على تنفيذها خمس سنوات فإذا انقضت هذه المدة وجب تقدير قيمتها الفعلية التي
تساؤيها وقت أخذها (مادة 20).
ولقد رؤي ادماج نصوص المرسوم بقانون رقم94 لسنة 1931 الخاص بالتوسع في
نزع الملكية ضمن هذا المشروع للارتباط الوثيق بينها وأدرجت نفس المبادئ التي اشتمل
عليها في الباب السادس من هذا المشروع مع إدخال بعض التعديلات لتحقيق الغاية
المقصودة ولاجتناب اللبس الموجود في النصوص الحالية.
والغرض من النصوص الواردة في هذا الباب هو تخويل السلطة القائمة على
أعمال التنظيم حق نزع ملكية مساحات قد لا تكون لازمة لأي مشروع منفعة عامة أصلي
ولكن بقاءها بحالتها التي هي عليها لا يتفق مع التحسين والتجميل الواجب مراعاته في
المدن والقرى إذ لوحظ في الشوارع التي تنشأ أو توسع تخلف مساحات صغيرة لا يمكن
تقسيمها أو البناء عليها بشكل مقبول ويكون - من شأن بقائها أو استغلالها بهذا
الشكل تشويه الشارع ولذلك أجازت لمادة 22 نزع ملكية اللازم للمشروع الجديد أو كانت
متخلفة مشروعات سابقة - ولقد كانت المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 54 لسنة
1931 تجيز هذا التوسع في نزع الملكية إلى مسافة 30 متر جانبي الشارع أو الميدان
غير أنه تبين عند تطبيق هذا النص أنه لازالت هناك مساحات مختلفة بعد هذه المسافة
تقضي المصلحة العامة بنزع ملكيتها لذلك جاء نص المادة الجديدة غفلا من تقدير أية
مسافة رغبة في ترك تقديرها للجهة القائمة بنزع الملكية.
وكان المرسوم بقانون رقم 94 لسنة 1931 يقضي بالتصرف في المساحات
المتخلفة التي نزع ملكيتها بطريق التوسع ببيعها بطريق الأولوية إلى ملاكها
السابقين فرؤي العدول عن ذلك إذ إنه ما مدام قد أجيز نزع ملكية هذه المساحات فلا
محل لتقييد السلطة العامة بأعمال نزع الملكية أو ترك لها حرية التصرف فيها
بالطريقة التي تتفق مع المصلحة العامة.
وقد أجازت المادة 23 تأجيل دفع التعويضات المستحقة عن هذا النوع من
نزع الملكية لمدة خمس سنوات مع ترتيب فائدة قدرها 4% سنويا لملاك هذه العقارات
وتدفع الفائدة في نهاية كل سنة- وقد اقتصر هذا النص على العقارات التي تتجاوز
قيمتها1000ج إذ إن الفائدة المقررة ستكون ضئيلة إذا كانت قيمة العقارات عن 1000 ج
بحيث لا تكفي مالك العقار لإيجاد مسكن آخر له.
وقد اشتمل الباب السابع على أحكام عامة ووقتية تضمنت مبادئ جديدة فيها
تسهيل كبير في الإجراءات وتوفير المجهودات التي كانت تبذلها المصالح المختلفة
ويتكبد أصحاب الشأن في سبل تذليلها مشقات جسيمة .
ونصت المادة 32 على إلغاء القانون رقم 5 لسنة 1907 للمرسوم بقانون رقم
94 لسنة 1931 وجميع ما يتعارض مع هذا القانون من أحكام ما عدا القانون رقم 525
لسنة 1154.
ويتشرف وزير الأشغال العمومية بعرض مشروع بقانون السابق على مجلس
الوزراء بعد إفراغه في الصيغة التي وافق عليها مجلس الدولة رجاء الموافقة عليه
واستصداره؛
وزير الأشغال العمومية