جلسة 2 مايو سنة 2007
برئاسة السيد المستشار / محمود عبد الباري نائب رئيس
المحكمة
وعضوية السادة
المستشارين / محمد حسين مصطفى , إبراهيم الهنيدي , حسن الغزيري ومحمود
عبـد الحفيظ
نواب رئيس المحكمة.
--------------
(75)
الطعن 64011 لسنة 76 ق
(1) تفتيش " التفتيش بغير إذن " .
دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . مأمورو الضبط القضائي "
اختصاصاتهم " . حكم "
تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها
" .
تفتيش المنازل . من إجراءات التحقيق . لا
يجوز إجراؤه إلا بمعرفة سلطة التحقيق أو بأمر منها .
دخول
المنازل لغير تفتيشها . عمل مادي تقتضيه الضرورة . محظور على رجال السلطة العامة
في غير الأحوال المبينة قانوناً . عدم ورود تلك الأحوال على سبيل الحصر في المادة
45 إجراءاوجود
المتهم بحالة غيبوبة داخل منزله وحده . حالة ضرورة . تجيز لرجال السلطة العامة
دخول المنزل .
مثال
لتسبيب سائغ للرد على الدفع ببطلان التفتيش في جريمة إحراز مخدر .
(2) إثبات "
بوجه عام " " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص
الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود "
" سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص
الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن
أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ
المحكمة بشهادة شاهد . مفاده ؟
منازعة
الطاعن بشأن عدم توافر حالة الضرورة التي استدعت دخول رجال السلطة العامة واختلاق
حالة التلبس . جدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى . إثارته أمام محكمة النقض . غير
جائز .
(3) دفوع " الدفع بشيوع التهمة "
" الدفع بتلفيق التهمة " . دفاع
" الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الدفع
بشيوع التهمة أو تلفيقها أو بعدم السيطرة على مكان الضبط . موضوعي . لا يستأهل
رداً . استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
(4)
إثبات " أوراق رسمية " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل
" . نقض " أسباب
الطعن . ما لا يقبل منها " .
الأدلة
في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق
رسمية . شرط ذلك ؟
الجدل
الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - لما كان الحكم
المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مفاده أنه لدى عودة الرائد ...... الضابط بقسم
.... إلى مقر استراحة ضباط الشرطة بدائرة القسم توجه لحجرة زميله المتهم "
الطاعن " الذي كان قد عاد لتوه من إجازته وإذ طرق باب الحجرة مرات عديدة لم
يسمع رداً فساوره الشك في سلامة زميله وإذ حاول فتح الباب تبين غلقه من الداخل
فقام بإزاحة زجاج شراعة الباب فشاهد المتهم مستلقياً على سريره بطريقة غير طبيعية
وفي شبه غيبوبة فقام بإبلاغ الرائد .... رئيس مباحث القسم وطلب منه إرسال سيارة
إسعاف لإنقاذ المتهم وتم إبلاغ مدير إدارة البحث الجنائي ومفتش المباحث الجنائية
بمديرية الأمن وانتقلوا ومعهم بعض ضباط شرطة قسم ..... إلى مقر الاستراحة حيث
حاولوا مرة أخرى النداء على المتهم من خارج الحجرة إلا أنه لم يجبهم وبمشاهدتهم له
عبر زجاج الباب تبين أنه لا يحرك ساكناً وعليه قام أحد الضباط بمد يده عبر الزجاج
وقام بفتح الباب بواسطة مفتاحه الموجود في الكالون من الداخل وإذ دلف زملاء المتهم
من الضباط شاهدوا بجواره عددًا من السجائر وعلبة معدنية مفتوحة بداخلها كمية من
نبات البانجو كما تبين لهم أن بعض السجائر ملفوفة يدوياً وبداخلها خليط من التبغ
ونبات البانجو وبمواجهة المتهم بعد إفاقته أقر بإحرازه النبات المخدر بقصد التعاطي
، وأورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة في حق الطاعن أدلة مستمدة من أقوال شهود
الإثبات وتقرير المعمل الكيماوي وهي أدلة لها معينها الصحيح من أوراق الدعوى بما
لا يماري الطاعن فيه ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ،
وكان الحكم قد عرض لدفع الطاعن ببطلان القبض والتفتيش ورد عليه بقوله : " إن
الثابت للمحكمة من أقوال شهود الإثبات التي تطمئن إليها المحكمة أن المتهم كان في
حالة شبه غيبوبة تستوجب التدخل لمساعدته بإسعافه حتى يتم إنقاذه ، وهي من الحالات
التي تخول لرجال السلطة الدخول في أي محل مسكون إعمالاً لنص المادة 45 من قانون
الإجراءات الجنائية ، وإذ دلف شهود الإثبات إلى داخل الحجرة التي يقيم بها المتهم
وصولاً للغاية من ذلك وهي مساعدته بإسعافه حتى يتم إنقاذه مـن الحالة التي
شاهـدوه عليها وهي شبه الغيبوبة وأثناء ذلك ظهر لهم عرضاً دون أي بحث من جانبهم
نبات الحشيش المخدر " البانجو " بداخل علبة السردين وبعض من السجائر
الملفوفة والمختلط بتبغها أجزاء من ذات النبات المخدر ولم يكن بالحجرة محل الضبط
سوى المتهم والذي كان قد أغلقها من الداخل بمفتاحها تاركاً المفتاح بكالون الباب
من الداخل ، وكان التلبس حالة تلازم الجريمة ذاتها بصرف النظر عن شخص مرتكبها ومن
ثم فقد توافرت حالة التلبس مما يبيح لمأمور الضبط القضائي القبض على المتهم الحاضر
وتفتيشه ومن ثم فإن ما أتاه ضباط الواقعة شهود الإثبات من إجراءات مع المتهم من
ضبط المخدر المضبوط والقبض على المتهم وتفتيشه يكون في نطاق السلطة المخولة لهم
قانوناً ويتفق وصحيح القانون ومن ثم يكون الدفع على غير سند من الواقع والقانون
متعيناً رفضه . " ، وكان الأصل أن تفتيش المنازل إجراء من إجراءات التحقيق
يقصد به البحث عن الحقيقة في مستودع السر ولا يجوز إجراؤه إلا بمعرفة سلطة التحقيق
أو بأمر منها ، أما دخول المنازل لغير تفتيشها فلا يعد تفتيشاً بل هو مجرد عمل
مادي قد تقتضيه حالة الضرورة ، ودخول المنازل وإن كان محظوراً على رجال السلطة
العامة في غير الأحوال المبينة في القانون ، وفي غير حالة طلب المساعدة من الداخل
، وحالتي الحريق والغرق إلا أن هذه الأحوال الأخيرة لم ترد على سبيل الحصر في
المادة 45 من قانون الإجراءات الجنائية ، بل أضاف النص إليها وما شابهها من
الأحوال التي يكون أساسها قيام حالة الضرورة بحيث يمكن أن يكون من بينها وجود
المتهم بحالة غيبوبة في منزله وحده بحيث لا يستطيع أن يطلب المساعدة وتبين رجال
السلطة العامة ذلك . وكان ما أورده الحكم على النحو آنف البيان كافيًا وسائغًا في
الرد على دفع الطاعن ويضحى منعاه في هذا الشأن غير قويم .
2 - من المقرر أن
لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث
الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من
صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها
أصلها في الأوراق - كما هو الحال في الدعوى - ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير
الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بشهادة
شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم
الأخذ بها ، إذ في قضائها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها ما يفيد
ضمناً أنها أطرحتها ولم تعول عليها ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود
الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة فإن ما يثيره الطاعن من منازعة بعدم توافر حالة
الضرورة التي استدعت دخول رجال السلطة العامة إلى غرفته واختلاق حالة التلبس لا
يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في
تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ويكون ما ينعاه الطاعن في
هذا الصدد غير مقبول .
3 - من المقرر أن الدفع بشيوع التهمة أو عدم
سيطرة المتهم على مكان الضبط من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة رداً
خاصاً اكتفاء بما تورده من أدلة الثبوت التي تطمئن إليها بما يفيد اطراحها ، وكان
الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإدانة الطاعن مما ثبت من بسطه سلطانه على المخدر
المضبوط تأسيساً على أدلة سائغة لها أصلها في الأوراق وتتفق والاقتضاء العقلي
والمنطقي ، وكان الطاعن لا ينازع في صحة ما نقله الحكم من تلك الأدلة ، فإن منعاه
في هذا الخصوص يضحى غير سديد .
4 – لما كانت الأدلة في المواد الجنائية
إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في
العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة
القائمة في الدعوى ، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد الأدلة المنتجة في الدعوى
التي صحت لدى المحكمة على ما استخلصته من مقارفة الطاعن للجريمة المسندة إليه
استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها والتفتت المحكمة في نطاق ما هو مخول لها من
تقدير موضوعي عما جاء بنتيجة تحليل دم المجني عليه من خلوه من آثار المواد المخدرة
- بفرض صحة ذلك - فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً
موضوعياً في تقدير الأدلة وفى استنباط المحكمة لمعتقدها وهو ما لا يجوز إثارته
أمام محكمة النقض .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت
النيابة العامة الطاعن بأنه : حاز وأحرز بقصد
التعاطي الحشيش المخدر " بانجو " في غير الأحوال المصرح بها قانوناً . وأحالته إلى محكمة
جنايات ..... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/1 ، 29 ، 37 /1 ، 42 /1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن
مكافحة المخدرات المعدل بالقانونين رقمي 61 لسنة 1977 ، 122 لسنة 1989 والبند رقم
1 من الجدول رقم 5 الملحق بالقانون الأول وقرار وزير الصحة رقم 46 لسنة 1997
بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وبتغريمه مبلغ عشرة آلاف جنيه عما
أسند إليه وأمرت بمصادرة المضبوطات .
فطعن المحكوم
عليه في هذا الحكم بطريق النقض ...... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـــة
حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه
بجريمة إحراز نبات الحشيش المخدر بقصد التعاطي قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد
في الاستدلال ؛ ذلك أنه دفع ببطلان القبض والتفتيش لإجرائهما بدون إذن من النيابة
وعدم وجود حالة ضرورة تبيح لرجال الضبط الدخول لغرفته الخاصة دون إذن واطرح الحكم
هذا الدفع برد قاصر غير سائغ اعتماداً على أقوال شهود الإثبات التي لا يطمئن إليها
، كما التفت الحكم عن الرد على دفاعه بعدم سيطرته على مكان الضبط ، وأغفل الحكم
دلالة ما ثبت من تقرير فحص دم الطاعن من عدم وجود آثار لمواد مخدرة به وهو ما يعيب
الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن
الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مفاده أنه لدى عودة الرائد ..... الضابط
بقسم .... إلى مقر استراحة ضباط الشرطة بدائرة القسم توجه لحجرة زميله المتهم
" الطاعن " الذي كان قد عاد لتوه من إجازته وإذ طرق باب الحجرة مرات
عديدة لم يسمع رداً فساوره الشك في سلامة زميله وإذ حاول فتح الباب تبين غلقه من
الداخل فقام بإزاحة زجاج شراعة الباب فشاهد المتهم مستلقياً على سريره بطريقة غير
طبيعية وفى شبه غيبوبة فقام بإبلاغ الرائد .... رئيس مباحث القسم وطلب منه إرسال
سيارة إسعاف لإنقاذ المتهم وتم إبلاغ مدير إدارة البحث الجنائي ومفتش المباحث
الجنائية بمديرية الأمن وانتقلوا ومعهم بعض ضباط شرطة قسم ..... إلى مقر
الاستراحة حيث حاولوا مرة أخرى النداء على المتهم من خارج الحجرة إلا أنه لم يجبهم
وبمشاهدتهم له عبر زجاج الباب تبين أنه لا يحرك ساكناً وعليه قام أحد الضباط بمد
يده عبر الزجاج وقام بفتح الباب بواسطة مفتاحه الموجود في الكالون من الداخل وإذ دلف
زملاء المتهم من الضباط شاهدوا بجواره عددًا من السجائر وعلبة معدنية مفتوحة
بداخلها كمية من نبات البانجو كما تبين لهم أن بعض السجائر ملفوفة يدوياً وبداخلها
خليط من التبغ ونبات البانجو وبمواجهة المتهم بعد إفاقته أقر بإحرازه النبات
المخدر بقصد التعاطي وأورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة في حق الطاعن أدلة مستمدة
من أقوال شهود الإثبات وتقرير المعمل الكيماوي وهى أدلة لها معينها الصحيح من
أوراق الدعوى بما لا يمارى الطاعن فيه ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها
. لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض لدفع الطاعن ببطلان القبض والتفتيش ورد عليه
بقوله : " إن الثابت للمحكمة من أقوال شهود الإثبات التي تطمئن إليها المحكمة
أن المتهم كان في حالة شبه غيبوبة تستوجب التدخل لمساعدته بإسعافه حتى يتم إنقاذه
وهى من الحالات التي تخول لرجال السلطة الدخول في أي محل مسكون إعمالاً لنص المادة
45 من قانون الإجراءات الجنائية وإذ دلف شهود الإثبات إلى داخل الحجرة التي يقيم
بها المتهم وصولاً للغاية من ذلك وهى مساعدته بإسعافه حتى يتم إنقاذه من الحالة التي
شاهدوه عليها وهى شبه الغيبوبة وأثناء ذلك ظهر لهم عرضاً دون أي بحث من جانبهم
نبات الحشيش المخدر "البانجو" بداخل علبة السردين وبعض من السجائر الملفوفة
والمختلط بتبغها أجزاء من ذات النبات المخدر ولم يكن بالحجرة محل الضبط سوى المتهم
والذي كان قد أغلقها من الداخل بمفتاحها تاركاً المفتاح بكالون الباب من الداخل ،
وكان التلبس حالة تلازم الجريمة ذاتها بصرف النظر عن شخص مرتكبها ومن ثم فقد
توافرت حالة التلبس مما يبيح لمأمور الضبط القضائي القبض على المتهم الحاضر
وتفتيشه ومن ثم فإن ما أتاه ضباط الواقعة شهود الإثبات من إجراءات مع المتهم من ضبط
المخدر المضبوط والقبض على المتهم وتفتيشه يكون في نطاق السلطة المخولة لهم
قانوناً ويتفق وصحيح القانون ومن ثم يكون الدفع على غير سند من الواقع والقانون
متعيناً رفضه . " ، وكان الأصل أن تفتيش المنازل إجراء من إجراءات التحقيق
يقصد به البحث عن الحقيقة في مستودع السر ولا يجوز إجراؤه إلا بمعرفة سلطة التحقيق
أو بأمر منها ، أما دخول المنازل لغير تفتيشها فلا يعد تفتيشاً بل هو مجرد عمل مادي
قد تقتضيه حالة الضرورة ، ودخول المنازل وإن كان محظوراً على رجال السلطة العامة في
غير الأحوال المبينة في القانون ، وفي غير حالة طلب المساعدة من الداخل ، وحالتي
الحريق والغرق إلا أن هذه الأحوال الأخيرة لم ترد على سبيل الحصر في المادة 45 من
قانون الإجراءات الجنائية ، بل أضاف النص إليها وما شابهها من الأحوال التي يكون أساسها
قيام حالة الضرورة بحيث يمكن أن يكون من بينها وجود المتهم بحالة غيبوبة في منزله
وحده بحيث لا يستطيع أن يطلب المساعدة وتبين رجال السلطة العامة ذلك . وكان ما أورده
الحكم على النحو آنف البيان كافيًا وسائغًا في الرد على دفع الطاعن ويضحى منعاه في
هذا الشأن غير قويم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص
من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة
الدعوى حسبما يؤدى إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام
استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق
- كما هو الحال في الدعوى - ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون
فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد
أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، إذ في
قضائها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها ما يفيد ضمناً أنها اطرحتها
ولم تعول عليها ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة
تصويرهم للواقعة فإن ما يثيره الطاعن من منازعة بعدم توافر حالة الضرورة التي
استدعت دخول رجال السلطة العامة إلى غرفته واختلاق حالة التلبس لا يعدو أن يكون
منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى
مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ويكون ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد غير
مقبول . لما كان ذلك ، وكان الدفع بشيوع التهمة أو عدم سيطرة المتهم على مكان
الضبط من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة رداً خاصاً اكتفاء بما تورده
من أدلة الثبوت التي تطمئن إليها بما يفيد اطراحها ، وكان الحكم المطعون فيه قد
أقام قضاءه بإدانة الطاعن مما ثبت من بسطه سلطانه على المخدر المضبوط تأسيساً على
أدلة سائغة لها أصلها في الأوراق وتتفق والاقتضاء العقلي والمنطقي ، وكان الطاعن
لا ينازع في صحة ما نقله الحكم من تلك الأدلة ، فإن منعاه في هذا الخصوص يضحى غير
سديد . لما كان ذلك ، وكانت الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت
عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع
الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، وكان الحكم
المطعون فيه قد أورد الأدلة المنتجة في الدعوى التي صحت لدى المحكمة على ما
استخلصته من مقارفة الطاعن للجريمة المسندة إليه استناداً إلى أدلة الثبوت التي
أوردتها والتفتت المحكمة في نطاق ما هو مخول لها من تقدير موضوعي عما جاء بنتيجة
تحليل دم المجني عليه من خلوه من آثار المواد المخدرة - بفرض صحة ذلك - فإن ما
يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة وفى
استنباط المحكمة لمعتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ما
تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق