الصفحات

الأربعاء، 3 يونيو 2015

الطعن 5662 لسنة 65 ق جلسة 6 / 3 / 1997 مكتب فني 48 ق 44 ص 301

جلسة 6 من مارس سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ مجدي الجندي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسين الشافعي ومحمود شريف فهمي وإبراهيم الهنيدي نواب رئيس المحكمة ومحمود مسعود شرف.

--------------

(44)
الطعن رقم 5662 لسنة 65 القضائية

(1) إثبات "شهود". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
للمحكمة الإعراض عن طلب سماع شهود النفي. ما دام أن الطاعن لم يتبع الإجراءات المنصوص عليها في المادة 214 مكرراً ( أ )/ 2 إجراءات.
(2) إثبات "بوجه عام". صلح. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
التفات الحكم عن الصلح الذي تم بين عائلتي المجني عليه والمتهم. لا يعيبه. عدم التزام المحكمة إيراد أسباب ذلك.
(3) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر نية القتل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قتل عمد. قصد جنائي. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
قصد القتل. أمر خفي إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه. استخلاصه. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر نية القتل.
(4) قتل عمد. اقتران. نقض "الطعن لثاني مرة". محكمة النقض "نظرها موضوع الدعوى". خطف. هتك عرض. عقوبة "تطبيقها".
ثبوت استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد أو في فترة قصيرة من الزمن. كاف لتطبيق عقوبة المادة 234/ 2 عقوبات.
تقدير قيام الاقتران. موضوعي. ما دام سائغاً.
مثال: لحكم بالإدانة في جريمة قتل عمد مقترن بجريمتي خطف وهتك عرض بالقوة صادر من محكمة النقض لدى نظرها موضوع الدعوى.

----------------
1 - من المقرر أنه لا جناح على المحكمة إن هي أعرضت عن طلب سماع شهود النفي ما دام الطاعن لم يتبع الطريق الذي رسمه قانون الإجراءات الجنائية في المادة 214 مكرراً ( أ ) فقرة ثانية لإعلان الشهود الذين يرى المتهم سماع شهادتهم أمام هذه المحكمة.
2 - لا يعيب الحكم التفاته عن الصلح الذي تم بين عائلتي المجني عليه والمتهم في معرض نفي التهمة عنه وهو ما يدخل في تكوين معتقدها في الدعوى ولا تلتزم في حالة عدم أخذها به أن تورد سبباً لذلك إذ الأخذ بأدلة الثبوت التي ساقها الحكم يؤدي دلالة إلى إطراح هذا الصلح.
3 - من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في صدور سلطته التقديرية، وإذ كان ذلك فإن هذه النية من حاصل ما بينته المحكمة من ظروف الدعوى، ذلك بأنه عقب قيام المتهم بخطف المجني عليه وهتك عرضه خشى من افتضاح أمره فصمم على قتله حيث أحضر قطعة من القماش قام بلفها حول عنقه بإحكام وقام بالضغط الموضعي والمتصل والشديد عليها ثم عقدها بعقدة مزدوجة قاصداً من ذلك إزهاق روحه ووضع الجزء السفلي من الجلباب الذي كان يرتديه المجني عليه بداخل تجويف فمه لمنعه من الاستغاثة ولم يتركه حتى فاضت روحه إلى بارئها فتم له ما ابتغاه ثم حفر له قبراً داخل مسكنه أخفى فيه جثته ومما يؤكد توافر نية القتل لدى المتهم ما جاء باعترافه بالتحقيقات بقيامه بلف قطعة من القماش حول رقبة المجني عليه وجذبها وليها واستمراره في الإمساك بها حتى مات المجني عليه.
4 - لما كان المتهم قارف جناية خطف المجني عليه الذي لم يبلغ عمرة ست عشرة سنة كاملة ثم أتبع ذلك بجناية هتك عرضه بالقوة بأفعال مستقلة عن الجناية الأولى ثم بقتل المجني عليه سالف الذكر عمداً، وقد ارتكبت هذه الجنايات في فترة قصيرة من الزمن وفي مسرح واحد بما يتحقق به معنى الاقتران لما هو مقرر من أنه يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد أو في فترة قصيرة من الزمن وتقدير ذلك مما يستقل به قاضي الموضوع ما دام يقيمه على ما يسوغه. ومن ثم تتوافر في حق المتهم جريمة القتل العمد المقترن بجنايتي خطف المجني عليه الذي لم يبلغ من العمر ست عشرة سنة كاملة وهتك عرضه بالقوة.
وحيث إنه لما تقدم يكون قد ثبت للمحكمة أن..... في يوم..... بدائرة مركز الدلنجات محافظة البحيرة - قتل..... عمداً بأن لف حول عنقه قطعة من القماش وجذب طرفيها بشدة واستمر في ذلك قاصداً من ذلك إزهاق روحه فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد تقدمت هذه الجناية جنايتان أخريان هما أنه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر - أولاً: خطف من غير تحيل ولا إكراه المجني عليه سالف الذكر الذي لم تبلغ سنه ست عشرة سنة كاملة. ثانياً: هتك عرض المجني عليه بالقوة حال كونه لم يبلغ من العمر ست عشرة سنة كاملة. الأمر المعاقب عليه بالمادتين 268، 289 من قانون العقوبات وهي الجريمة المؤثمة بالمادة 234/ 1، 2 من قانون العقوبات مما يتعين معه معاقبته على مقتضى هذه المادة وعملاً بنص المادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية.
وحيث إن المحكمة وهي بصدد تقدير العقاب الذي يتناسب مع جرم المتهم فإنها لا تجد من سبيل للرأفة أو متسع للرحمة ويتعين القصاص منه حقاً وعدلاً والحكم عليه بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة امتثالاً لقوله تعالى "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى....." ولكم في القصاص حياة يا أولى الألباب لعلكم تتقون" صدق الله العظيم. الآيتان 178، 179 من صورة البقرة. وحيث إن المحكمة استطلعت رأي فضيلة مفتى جمهورية مصر العربية في شأن المحكوم عليه نفاذاً لحكم المادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية والذي انتهى في تقريره إلى أن الدفاع المبدى بشأن الاتفاق على الصلح في مقابل لا وجه له شرعاً وبالتالي فلا يعتد به. وأنه متى أقيمت هذه الدعوى قبل المتهم..... بالطريق الشرعي ولم تظهر في الأوراق شبهة دارئة للقصاص كان جزاؤه الإعدام قصاصاً لقتله المجني عليه..... عمداً جزاء وفاقاً، إذ القتل أنفى للقتل.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: قتل..... عمداً بأن لف قطعة قماش حول عنقه وجذب طرفيها بشدة قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد تقدمت هذه الجناية جنايتان أخريان هما أنه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر أولاً: خطف المجني عليه سالف الذكر الذي لم يبلغ من العمر ست عشر سنة كاملة بقصد الحصول على مبلغ من المال - ثانياً: هتك عرض المجني عليه سالف الذكر الذي لم يبلغ ست عشرة سنة كاملة بالقوة بأن أمسك به مقيداً حركته وكم فاهه بجلبابه وخلع عنه ملابسه وأولج قضيبه في دبره فحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي الشرعي - وأحالته إلى محكمة جنايات دمنهور لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قررت إرسال الأوراق إلى فضيلة مفتي الجمهورية وحددت جلسة...... للنطق بالحكم وبالجلسة المحددة قضت المحكمة حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بالمواد 234/ 1 - 2، 268، 289 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالإعدام شنقاً فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (قيد بجدول محكمة النقض برقم.... لسنة 63 القضائية) كما عرضت النيابة العامة القضية مشفوعة بمذكرة برأيها وبجلسة..... قضت المحكمة أولاً: بعدم قبول الطعن المقدم من المحكوم عليه شكلاً - ثانياً: بقبول عرض النيابة العامة للقضية وبنقض الحكم المطعون فيه الصادر بإعدام المحكوم عليه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات دمنهور لتفصل فيها من جديد دائرة أخرى ومحكمة الإعادة - بهيئة أخرى - قضت حضورياً عملاً بالمادة 234/ 1 - 2 من قانون العقوبات وبإجماع الآراء بمعاقبة المتهم بالإعدام شنقاً.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض - للمرة الثانية - كما عرضت النيابة العامة القضية مشفوعة بمذكرة برأيها. وبجلسة..... قضت محكمة النقض أولاً: بعدم قبول الطعن المقدم من المحكوم عليه شكلاً - ثانياً: بقبول عرض النيابة العامة وبنقض الحكم المطعون فيه الصادر بإعدام المحكوم عليه وتحديد جلسة لنظر الموضوع وبجلسة.... قررت المحكمة حضورياً وبإجماع الآراء إرسال أوراق القضية إلى فضيلة مفتي الجمهورية لاستطلاع الرأي الشرعي وحددت جلسة للنطق بالحكم.


المحكمة

حيث إن واقعة الدعوى حسبما استقرت في يقين المحكمة واطمأن إليها وجدانها مستخلصة من الأوراق والتحقيقات وما دار بشأنها بجلسات المحاكمة تتحصل في أن المتهم.... كان يمر بضائقة مالية لم يتمكن بسببها من إتمام زواجه ففكر في وسيلة غير مشروعة يحصل من خلالها على مبلغ من المال يساعده على الخروج من هذه الضائقة المالية وليتمكن من إتمام زواجه، وقد أوعز له الشيطان إلى سلوك طريق الشر فسولت له نفسه خطف طفل جيرانه المجني عليه..... حتى يحصل من أهله على مبلغ ثلاثة آلاف جنيه مقابل رده وإعادته إليهم مستغلاً في ذلك اطمئنان الطفل له وتعلقه به، وبتاريخ...... قام بتنفيذ ما اعتزمه فخطف الطفل المذكور وأخفاه في مسكنه "مسكن المتهم" بعيداً عن أهله، وأثناء فترة حجزه للمجني عليه دفعه تفكيره الآثم وغريزته البهيمية إلى جرم أفدح حيث قام بهتك عرض المجني عليه الذي لم يتجاوز الثالثة من عمره بأن أولج قضيبه في دبره حتى أدماه. ولما هاله فداحة جرمه وخشى افتضاح أمره وسوس له الشيطان بجرم أبشع إذ أكمل حلقات إثمه وفجوره بقتله المجني عليه حيث أحضر قطعة من القماش قام بلفها حول عنقه واعتصره قاصداً من ذلك إزهاق روحه ولم يتركه حتى فاضت روحه إلى بارئها ثم حفر له قبراً داخل حجرته وأخفى فيه جثة ضحيته، ثم واصل مسيرته الإجرامية فبعث إلى والد المجني عليه بخطاب نسبه إلى من زعم أنه قد خطف نجله يحثه فيه على دفع مبلغ ثلاثة آلاف جنيه إليه - أي إلى المتهم - كوسيط لتوصيله إلى من قام بخطف الطفل مقابل استلام الطفل وإعادته إليه. وبعد أن تسلم المبلغ من والد المجني عليه توجه إلى المكان الذي زعم أن الخاطفين به وبعد أن أخفى المبلغ عاد زاعماً أن المذكورين قد تسلموا منه النقود ولم يسلموه المجني عليه. وقد أثبت تقرير الصفة التشريحية للمجني عليه وجود تكدمات وتشققات بفتحة الشرج تدل على حدوث هتك عرض بإيلاج في دبره قبل وفاته وفي تاريخ الواقعة كما أثبت التقرير أن المجني عليه يبلغ عمره حوالي سنتين ونصف وأنه وجد بالعنق جزء منخسف حديث ينشأ من الضغط الموضعي المتصل الشديد بقطعة القماش وأن وفاته نتجت عن اسفكسيا الخنق.
وحيث إن الواقعة - على النحو سالف البيان - قد ثبتت جميعها وتوافرت الأدلة على نسبتها إلى المتهم من شهادة كل من النقيب..... رئيس مباحث مركز الدلنجات و...... و....... و.......، ومما ثبت من تقرير الصفة التشريحية ومن اعتراف المتهم في تحقيقات النيابة العامة وبجلسة نظر المعارضة في أمر حبسه احتياطياً.
فقد شهد النقيب/....... بالتحقيقات أن تحرياته السرية التي قام بها عقب إبلاغه بواقعة اختفاء الطفل المجني عليه دلت على أن المتهم هو مرتكب الواقعة فاستصدر إذناً من النيابة العامة بضبطه، وبمواجهته بتلك التحريات أقر له بأنه كان في حاجة إلى مبلغ من المال لإتمام زواجه فقام بخطف المجني عليه وأخفاه في مسكنه ثم قتله مستخدماً في ذلك قطعة من القماش قام بلفها حول عنقه ثم خنقه بها حتى أزهقت روحه، وبعد أن تأكد من موته قام بدفنه بالغرفة الأولى على يمين الداخل إلى المسكن ثم بعث بثلاثة خطابات إلى والد المجني عليه أخرها بتاريخ...... يطالبه فيها بدفع مبلغ ثلاثة آلاف جنيه مقابل إعادة نجله له وأن يتم دفع النقود له - أي للمتهم - كوسيط بين الوالد وخاطفي الطفل وأنه تسلم المبلغ من والد المجني عليه ثم عاد زاعماً أن الخاطفين استولوا منه على النقود ولم يسلموه الطفل وقام بإخفاء النقود في مكان أرشد عنه حيث تم ضبطه، كما أرشد عن المكان الذي دفن فيه جثة الطفل حيث تم استخراجها من حفرة داخل إحدى حجرات مسكنه.
وشهد..... - والد المجني عليه - بالتحقيقات أن نجله...... اختفى من أمام مسكنه فأخذ في البحث عنه إلى أن وردت إليه ثلاث خطابات يطلب فيها مرسلها منه مبلغاً من النقود مقابل إعادة المجني عليه له وكان أخرها خطاب حدد فيه مرسله أن يسلم النقود وقدرها ثلاثة آلاف جنيه إلى المتهم الذي سيقابل الخاطفين في مكان معين لاستلام الطفل بعد تسليمهم النقود، وقام بالفعل بتسليم المتهم مبلغ الثلاثة آلاف جنيه واصطحبه إلى المكان المحدد بيد أن المتهم عاد إليه زاعماً أن الخاطفين اعتدوا عليه بالضرب واستولوا منه على النقود وحدد له مكان آخر لتسليمه الطفل وعندما توجه إلى ذلك المكان لم يجد أحداً فأبلغ بالواقعة.
وشهد..... - والد المتهم - بالتحقيقات بمضمون ما شهد به والد المجني عليه وأضاف أنه كان قد علم من أحد أطفال القرية بأن المجني عليه كان بصحبة نجله المتهم قبل اختفائه.
وشهد...... بالتحقيقات بمضمون ما شهد به الشاهدان الثاني والثالث.
وثبت من تقرير الصفة التشريحية أن المجني عليه يبلغ من العمر حوالي سنتين ونصف وأنه قد وُجد ذيل الجلباب الذي يرتديه محشوراً داخل تجويف الفم كما لوحظ وجود قطعة من القماش تلتف بإحكام شديد حول العنق ومعقودة بعقدة مزدوجة على الجانب الأيسر للعنق وبرفعها شوهد حز منخسف حيوي مصحوب بتكدم محمر اللون يلتف حول وسط عموم العنق من الأمام، وأن منطقة الشرج بها ثلاث تمزقات حيوية حديثة متورمة ومتكدمة الحوافي، وأن الحز المنخسف بالعنق حيوي حديث ينشأ من الضغط الموضعي المتصل الشديد بقطعة القماش وأن الجزء السفلي من ذيل الجلباب الموجود داخل تجويف الفم يشير إلى محاولة المتهم منعه من الاستغاثة، وأن التشققات الموجودة بفتحة الشرج مع التكدم المشاهد حوله تدل على حدوث هتك عرض حديث بإيلاج في دبره، وأن الوفاة جنائية ناتجة عن أسفكسيا الخنق.
واعترف المتهم بتحقيقات النيابة العامة وبجلسة المعارضة في أمر حبسه بتاريخ....... بخطفه المجني عليه للحصول على مبلغ ثلاثة آلاف جنيه من عائلته وقيامه بقتله عن طريق الخنق.
وحيث إنه بجلسة المحاكمة أنكر المتهم الاتهام المسند إليه وتليت أقوال شهود الإثبات الواردة بالتحقيقات بموافقة النيابة العامة والدفاع، وطلب الدفاع سماع شهود آخرين فاستمعت لهم المحكمة وهم..... و...... و....... الذين قرروا أن المتهم دفع دية لعائلة المجني عليه قدرها أربعين ألف جنيه ثم جرى دفاع المتهم بالجلسة على أن الواقعة مختلقة بفعل ضابط المباحث وأن المتهم أنكرها وقدم صورة ضوئية لمحضر تحكيم وصلح بين عائلتي المتهم والمجني عليه والذي أيده شهوده السالف ذكرهم بمحضر جلسة المحاكمة.
وحيث إنه بسؤال...... - والد المجني عليه - بمحضر جلسة المحاكمة ردد مضمون ما قرره بالتحقيقات وأضاف أنه قد عقدت جلسة عرفية بينه وبين عائلة المتهم اتفقوا خلالها على أن يدفعوا له مبلغ أربعين ألف جنيهاً تعويضاً عن المصاريف التي أنفقها بيد أنه لم يأخذ ثمة نقود ولم يتم تنفيذ الاتفاق وأردف أنه لم ولن يتصالح مع المتهم وعائلته، وانتهى دفاع المتهم في مرافعته إلى طلب سماع شهود نفي آخرين على محضر الصلح ودفع مبلغ الدية لوالد المجني عليه واحتياطياً استعمال الرأفة.
وحيث إن المحكمة وقد اطمأنت إلى أدلة الثبوت في الدعوى فإنها تعرض عن إنكار المتهم وتلتفت عما أثاره الدفاع من أوجه دفاع لا تلقى سنداً من الأوراق ولا تعول عليها المحكمة اطمئناناً منها إلى صدق رواية الشهود المؤيدة باعترافات المتهم التفصيلية في تحقيقات النيابة العامة وبجلسة المعارضة في أمر حبسه والمدعمة بتقرير الصفة التشريحية الذي جاء مصداقاً لها في بيان واضح.
وحيث إنه عن طلب الدفاع عن المتهم سماع شهود نفي آخرين على محضر الصلح ودفع مبلغ الدية لوالد المجني عليه فإن المحكمة تلتفت عن هذا الطلب ولا ترى فيه سوى إطالة لأمد التقاضي ذلك أن شهادتهم لا تتعلق بموضوع الدعوى كما أنه لا جناح على المحكمة إن هي أعرضت عن طلب سماع شهود النفي ما دام الطاعن لم يتبع الطريق الذي رسمه قانون الإجراءات الجنائية في المادة 214 مكرراً ( أ ) فقرة ثانية لإعلان الشهود الذين يرى المتهم سماع شهادتهم أمام هذه المحكمة، فضلاً عن أنه من المقرر أنه لا يعيب الحكم التفاته عن الصلح الذي تم بين عائلتي المجني عليه والمتهم في معرض نفي التهمة عنه وهو ما يدخل في تكوين معتقدها في الدعوى ولا تلتزم في حالة عدم أخذها به أن تورد سبباً لذلك إذ الأخذ بأدلة الثبوت التي ساقها الحكم يؤدي دلالة إلى إطراح هذا الصلح.
وحيث إنه عن نية القتل فإنه لما كان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وإذ كان ذلك فإن هذه النية قامت بنفس المتهم وتوفرت لديه من حاصل ما بينته المحكمة من ظروف الدعوى، ذلك بأنه عقب قيام المتهم بخطف المجني عليه وهتك عرضه خشى من افتضاح أمره فصمم على قتله حيث أحضر قطعة من القماش قام بلفها حول عنقه بإحكام وقام بالضغط الموضعي والمتصل والشديد عليه ثم عقدها بعقدة مزدوجة قاصداً من ذلك إزهاق روحه ووضع الجزء السفلي من الجلباب الذي كان يرتديه المجني عليه بداخل تجويف فمه لمنعه من الاستغاثة ولم يتركه حتى فاضت روحه إلى بارئها فتم له ما ابتغاه ثم حفر له قبراً داخل مسكنه أخفى فيه جثته ومما يؤكد توافر نية القتل لدى المتهم ما جاء باعترافه بالتحقيقات بقيامه بلف قطعة من القماش حول رقبة المجني عليه وجذبها وليها واستمراره في الإمساك بها حتى مات المجني عليه.
وحيث إن المتهم قارف جناية خطف المجني عليه الذي لم يبلغ عمره ست عشرة سنة كاملة ثم اتبع ذلك بجناية هتك عرضه بالقوة بأفعال مستقلة عن الجناية الأولى ثم بقتل المجني عليه سالف الذكر عمداً، وقد ارتكبت هذه الجنايات في فترة قصيرة من الزمن وفي مسرح واحد بما يتحقق به معنى الاقتران لما هو مقرر من أنه يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد أو في فترة قصيرة من الزمن وتقدير ذلك مما يستقل به قاضي الموضوع ما دام يقيمه على ما يسوغه. ومن ثم تتوافر في حق المتهم جريمة القتل العمد المقترن بجنايتي خطف المجني عليه الذي لم يبلغ من العمر ست عشرة سنة كاملة وهتك عرضه بالقوة.
وحيث إنه لما تقدم يكون قد ثبت للمحكمة أن..... في يوم.... بدائرة مركز الدلنجات محافظة البحيرة - قتل..... عمداً بأن لف حول عنقه قطعة من القماش وجذب طرفيها بشدة واستمر في ذلك قاصداً من ذلك إزهاق روحه فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد تقدمت هذه الجناية جنايتين أخريين هما أنه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر - أولاً: خطف من غير تحيل ولا إكراه المجني عليه سالف الذكر الذي لم تبلغ سنه ست عشرة سنة كاملة. ثانياً: هتك عرض المجني عليه بالقوة حال كونه لم يبلغ من العمر ست عشرة سنة كاملة. الأمر المعاقب عليه بالمادتين 268، 289 من قانون العقوبات. وهي الجريمة المؤثمة بالمادة 234/ 1، 2 من قانون العقوبات مما يتعين معه معاقبته على مقتضى هذه المادة وعملاً بنص المادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية.
وحيث إن المحكمة وهي بصدد تقدير العقاب الذي يتناسب مع جرم المتهم فإنها لا تجد من سبيل للرأفة أو متسع للرحمة ويتعين القصاص منه حقاً وعدلاً والحكم عليه بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة امتثالاً لقوله تعالى "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى" "ولكم في القصاص حياة يا أولى الألباب لعلكم تتقون" صدق الله العظيم. (الآيتان 178، 179 من سورة البقرة). وحيث إن المحكمة استطلعت رأي فضيلة مفتى جمهورية مصر العربية في شأن المحكوم عليه نفاذاً لحكم المادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية والذي انتهى في تقريره إلى أن الدفاع المبدى بشأن الاتفاق على الصلح في مقابل لا وجه له شرعاً وبالتالي فلا يعتد به. وأنه متى أقيمت هذه الدعوى قبل المتهم.... بالطريق الشرعي ولم تظهر في الأوراق شبهة دارئة للقصاص كان جزاؤه الإعدام قصاصاً لقتله المجني عليه..... عمداً جزاء وفاقاً، إذ القتل أنفى للقتل.
وحيث إنه عن المصاريف الجنائية فترى المحكمة إلزام المحكوم عليه بها إعمالاً للمادة 313 من قانون الإجراءات الجنائية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق