الصفحات

الأربعاء، 3 يونيو 2015

الطعن 29749 لسنــة 59 ق جلسة 18 / 9 / 1997 مكتب فني 48 ق 131 ص 865

جلسة 18 من سبتمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ د. عادل قورة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد عبد الرحمن وأحمد عبد القوي نائبي رئيس المحكمة ورضا القاضي والسعيد برغوت.

---------------

(131)
الطعن رقم 29749 لسنة 59 القضائية

(1) استيلاء على المال العام. جريمة "أركانها". قصد جنائي. اختلاس أموال أميرية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
فعل الاستيلاء في جرائم الاعتداء على المال العام. تحققه: بإخراج المال من حوزة الدولة ونقله من المكان المعد لحفظه إلى خارجه. سواء أكان المال في حيازة الموظف بموقع العمل بسبب وظيفته أو لم يكن.
جريمتي اختلاس المال العام والاستيلاء عليه المنصوص عليهما في المادتين 112، 113 عقوبات. مناط تحققهما؟
مثال.
(2) وصف التهمة. محكمة الموضوع "سلطتها في تعديل وصف التهمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة النقض "سلطتها". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم تقيد المحكمة بالوصف القانوني الذي تصبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم. وجوب أن تمحص الواقعة بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق القانون تطبيقاً صحيحاً. شرط ذلك؟
لمحكمة النقض تصحيح ما ورد خطأ في وصف التهمة المسندة إلى الطاعن. ما دام الأمر لا يعدو أن يكون خطأ في التعبير لا ينطوي على خطأ في تطبيق القانون.
الخطأ في رقم مادة العقاب المطبقة. لا يترتب عليه بطلان الحكم. شرط ذلك؟
مثال.
(3) دفوع "الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية لسبق صدور أمر بألا وجه". نظام عام. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية أو بعدم جواز نظرها لسبق صدور أمر بألا وجه من النيابة العامة. من النظام العام. إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. جائز. شرط ذلك وعلته؟
مثال.
(4) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
مفاد قضاء المحكمة بإدانة الطاعن استناداً إلى أقوال شاهد؟
الجدل الموضوعي. لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.

----------------
1 - لما كان فعل الاستيلاء، في جرائم الاعتداء على المال العام، يتحقق بإخراج المال من حوزة الدولة، ونقله من المكان المعد لحفظه، أو من موقع العمل، إلى خارجه دون حق، مما يوفر معنى انتزاعه من الدولة وإنشاء حيازة جديدة غير مشروعة للموظف على المال العام. ويقع هذا الفعل سواء أكان المال في حيازة الموظف بموقع العمل بسبب وظيفته أو لم يكن، فإن كان في حيازته وانتوى بذلك الفعل تملكه تحققت جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات، وإن وقع ذات الفعل غير مصحوب بنية التملك انحسر عنه وصف جريمة الاختلاس، وقامت به الجريمة المنصوص عليها في الفقرة الثالثة من المادة 113 من قانون العقوبات، ولا يسوغ القول بأن هذه الجريمة ملحقة بالجريمة المنصوص عليها في الفقرة الأول من ذات المادة، ومن ثم لا تتحقق - مثلها - إلا إذا لم يكن المال في حيازة الجاني بسبب وظيفته إذ يترتب على ذلك أن يفلت من يرتكب هذا الفعل من العقاب لمجرد أن المال يكون في حيازته في مقر عمله، وهو ما يتجاوز قصد الشارع، فلا يتصور أن ينصرف قصده إلى أن يجعل من ائتمان الموظف على المال سبباً يبيح له الاستيلاء عليه بقصد استعماله. ذلك، فضلاً عن أن المادة 113 من قانون العقوبات لها دور تكميلي في أحكام الحماية للمال العام، فهي تتناول بالعقاب الحالات التي لا تنطبق عليها المادة 112 من قانون العقوبات، ومنها الاستيلاء على المال العام بغير نية التملك.
2 - لما كان الحكم قد خلص من تحصيله للواقعة وبيان مضمون أدلة الثبوت إلى أن الطاعن اختلس المال العام بغير نية تملكه، وهو في صحيح القانون استيلاء على المال العام بغير نية تملكه، المؤثم بمقتضى المادة 113/ 3 من قانون العقوبات، وعدل وصف التهمة وأنزل بالطاعن عقوبة تدخل في نطاق ما تقضي به الفقرة المشار إليها. وكان من المقرر أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم، بل هي مكلفة بتمحيص الواقعة المطروحة أمامها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً، ما دام أن الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم أساساً للوصف الذي دان المتهم به دون أن تضيف إليها شيئاً. وكان لهذه المحكمة - محكمة النقض - أن تصحح ما ورد خطأ في وصف التهمة المسندة إلى الطاعن والذي خلص إليه الحكم المطعون فيه بجعله استولى على المال العام بغير نية تملكه ما دام أن الأمر لا يعدو أن يكون خطأ في التعبير لا ينطوي على خطأ في تطبيق القانون، وكان من المقرر أنه لا يترتب على الخطأ في رقم مادة العقاب المطبقة بطلان الحكم ما دام قد وصف الفعل وبين الواقعة المستوجبة للعقاب بياناً كافياً وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجب تطبيقها - وإذ استظهر الحكم المطعون فيه عناصر جريمة الاستيلاء على المال العام بغير نية تملكه وأورد على ثبوتها في حق الطاعن أدلة سائغة وأنزل عقوبة تدخل في حدود ما تنص عليه المادة 113/ 3 من قانون العقوبات فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون يكون غير سديد.
3 - من المقرر أن الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية - أو بعدم جواز نظرها لسبق صدور أمر بألا وجه فيها من النيابة العامة هو من قبيل الدفع بقوة الشيء المحكوم فيه، ولئن كان هذا الدفع متعلقاً بالنظام العام وتجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض إلا أنه يشترط لقبوله أن تكون مقوماته واضحة من مدونات الحكم أو تكون عناصر الحكم مؤدية إلى قبوله بغير تحقيق موضوعي لأن هذا التحقيق خارج عن وظيفة محكمة النقض، وإذ كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يدفع بسبق صدور أمر من النيابة العامة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه قد خلت من مقومات صحة هذا الدفع التي تكشف عن مخالفة الحكم للقانون وخطئه في تطبيقه فإن إثارة الطاعن هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض لا تكون مقبولة.
4 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم - مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة عليها من محكمة النقض، وكان مؤدى قضاء المحكمة بإدانة الطاعن - المحكوم عليه - استناداً إلى أقوال الشاهد.... هو إطراح ضمني لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، فإن ما يثيره الطاعن من تشكيك في أقوال هذا الشاهد، إنما ينحل إلى جدل موضوعي لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين - قضى ببراءتهم بأنهم بصفتهم موظفين عموميين ومن الأمناء على الودائع "أمناء مخزن عدد.... بشركة....." إحدى وحدات القطاع العام اختلسوا العدد المبينة الوصف بالتحقيقات والبالغ قيمتها 13154.732 جنيه ثلاثة عشر ألفاً ومائة وأربعة وخمسون جنيهاً وسبعمائة واثنتان وثلاثون مليماً والمملوكة للشركة سالفة الذكر والتي وجدت في حيازتهم بسبب وظيفتهم وصفتهم وقد ارتبطت هذه الجناية بجنايتي تزوير واستعمال محررات مزورة ارتباطاً لا يقبل التجزئة هي أنه في ذات المكان والزمان سالفي الذكر قام المتهمان الأول - الطاعن - والثالث بصفتهما سالفة البيان بارتكاب تزوير في محررات الشركة التي يعمل بها وهي إشارات تكهين العدد حالة كونهما المختصين بتحريرها بأن جعلا واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمهما بذلك بأن أثبتا العدد المكهنة بالزيادة عن الكمية الحقيقية بقصد اختلاس فارق القيمة واستعملا تلك المحررات المزورة مع علمهما بتزويرها بأن قدماها إلى إدارات الشركة المختلفة على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 55، 56، 211/ 1 - 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم - الطاعن بالحبس مع الشغل لمدة ستة شهور وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة إيقافاً شاملاً وذلك لما نسب إليه عن واقعة الاختلاس.
فطعن كلاً من المحكوم عليه والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

من حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ذلك أن المحكمة عدلت وصف التهمة من جناية اختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات إلى اختلاس بغير نية التملك وعاقبت المحكوم عليه بمقتضى المادة 211/ 1، 2 من قانون العقوبات حال أن جريمة الاختلاس لا تتوافر عناصرها إلا إذا انصرفت نية الجاني إلى تملك المال المختلس، كما أن المادة 211 من قانون العقوبات ليست سوى فقرة وحيدة ولا شأن لها بجرائم الاعتداء على المال العام، ولا يقبل الحكم من خطئه القول بأن مرماه إدانة المحكوم عليه بجريمة الاستيلاء على المال العام غير المصحوب بنية التملك المنصوص عليها في المادة 113/ 3 من قانون العقوبات إذ أن الأشياء التي ضبطت مع المحكوم عليه كانت في حيازته بسبب وظيفته ومن ثم لا تقوم هذه الجريمة، ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن المحكوم عليه ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاختلاس غير المصحوب بنية التملك قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وانطوى على خطأ في تطبيق القانون ذلك أن الفعل المسند إليه لا يعاقب عليه القانون، فليس ثمة جريمة اختلاس بغير نية التملك، ولا شأن للمادة التي دين بمقتضاها بجرائم الاعتداء على المال العام - هذا إلى أن النيابة العامة سبق أن أصدرت أمراً بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية عن ذات الواقعة لعدم الأهمية اكتفاءً بالجزاء الإداري ومن ثم كان يتعين على المحكمة أن تلتزم حجيته وتقضي بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها. كما عول الحكم في قضائه بالإدانة على شهادة..... بالرغم من مخالفتها للحقيقة، كل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله (أنه بتاريخ..... وأثناء خروج العاملين بشركة.....، وبتفتيش المتهم الأول...... - الطاعن - أخصائي ميكانيكي بشركة..... عثر بين طيات ملابسه على تسعة عشر قطعة حديد عبارة عن 16 بنطه مسلوب، 3 ذوار مسلوبة والتي لا تزيد قيمتها عن خمسمائة جنيه وبمواجهته بما أسفر عنه الضبط قرر بأنه يجري أبحاثاً على محرك موتور السيارة ليثبت درجة حرارته وعمل دورة هوائية بالسيارة لتصليح الكاوتش في أي وقت) وقد ساق الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة أدلة مستمدة من اعتراف المتهم بتحقيق النيابة وبما قرره....، وحصل اعتراف المتهم في قوله (اعتراف المتهم.... بمحضر تحقيق النيابة بأنه كان يستحصل على المضبوطات بقصد إجراء بحوث على موتور السيارة ولم يقصد اختلاسها لأنها ضمن عهدته ويسأل عنها) ثم حصل أقوال الشاهد في قوله (بأنه أثناء تفتيش العاملين بالشركة عند انصرافهم ضبط المتهم..... مخبأ بين طيات ملابسه عدد 19 قطعة حديد من ممتلكات الشركة وبمواجهته بما أسفر عنه ضبطه قرر بأنه يجري اختراعاً ويستخدم هذه الأشياء في استكمال اختراعه). وخلص إلى إدانة المحكوم عليه في قوله (إن الثابت من ظروف الدعوى وأقوال المتهم والشاهد.... أن المتهم لم يقصد اختلاس الأشياء المضبوطة وإنما انطوى قصده على استخدام هذه الأشياء في تحقيق مآربه استكمالاً لاختراعه غير مصحوب بنية التملك وإعادتها إلى المخزن) ثم عدل وصف التهمة إلى اختلاس بغير نية التملك وذلك أنه "الأمر المعاقب عليه بالمادة 211/ 1، 2 عقوبات". لما كان ذلك، وكان فعل الاستيلاء، في جرائم الاعتداء على المال العام، يتحقق بإخراج المال من حوزة الدولة، ونقله من المكان المعد لحفظه، أو من موقع العمل، إلى خارجه دون حق، مما يوفر معنى انتزاعه من الدولة وإنشاء حيازة جديدة غير مشروعة للموظف على المال العام. ويقع هذا الفعل سواء أكان المال في حيازة الموظف بموقع العمل بسبب وظيفته أو لم يكن، فإن كان في حيازته وانتوى بذلك الفعل تملكه تحققت جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات، وإن وقع ذات الفعل غير مصحوب بنية التملك انحسر عنه وصف جريمة الاختلاس، وقامت به الجريمة المنصوص عليها في الفقرة الثالثة من المادة 113 من قانون العقوبات، ولا يسوغ القول بأن هذه الجريمة ملحقة بالجريمة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من ذات المادة، ومن ثم لا تتحقق - مثلها - إلا إذا لم يكن المال في حيازة الجاني بسبب وظيفته إذ يترتب على ذلك أن يفلت من يرتكب هذا الفعل من العقاب لمجرد أن المال يكون في حيازته في مقر عمله، وهو ما يتجاوز قصد الشارع، فلا يتصور أن ينصرف قصده إلى أن يجعل من ائتمان الموظف على المال سبباً يبيح له الاستيلاء عليه بقصد استعماله. ذلك، فضلاً عن أن المادة 113 من قانون العقوبات لها دور تكميلي في أحكام الحماية للمال العام، فهي تتناول بالعقاب الحالات التي لا تنطبق عليها المادة 112 من قانون العقوبات، ومنها الاستيلاء على المال العام بغير نية التملك. لما كان ذلك، وكان الحكم قد خلص من تحصيله للواقعة وبيان مضمون أدلة الثبوت إلى أن الطاعن اختلس المال العام بغير نية تملكه، وهو في صحيح القانون استيلاء على المال العام بغير نية تملكه، المؤثم بمقتضى المادة 113/ 3 من قانون العقوبات، وعدل وصف التهمة وأنزل بالطاعن عقوبة تدخل في نطاق ما تقضي به الفقرة المشار إليها. وكان من المقرر أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم، بل هي مكلفة بتمحيص الواقعة المطروحة أمامها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً، ما دام أن الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم أساساً للوصف الذي دان المتهم به دون أن تضيف إليها شيئاً - كما هو واقع الحال في الدعوى المطروحة - وكان لهذه المحكمة - محكمة النقض. أن تصحح ما ورد خطأ في وصف التهمة المسندة إلى الطاعن والذي خلص إليه الحكم المطعون فيه بجعله استولى على المال العام بغير نية تملكه ما دام أن الأمر لا يعدو أن يكون خطأ في التعبير لا ينطوي على خطأ في تطبيق القانون، وكان من المقرر أنه لا يترتب على الخطأ في رقم مادة العقاب المطبقة بطلان الحكم ما دام قد وصف الفعل وبين الواقعة المستوجبة للعقاب بياناً كافياً وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجب تطبيقها - وإذ استظهر الحكم المطعون فيه عناصر جريمة الاستيلاء على المال العام بغير نية تملكه وأورد على ثبوتها في حق الطاعن أدلة سائغة وأنزل عقوبة تدخل في حدود ما تنص عليه المادة 113/ 3 من قانون العقوبات فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية - أو بعدم جواز نظرها لسبق صدور أمر بألا وجه فيها من النيابة العامة هو من قبيل الدفع بقوة الشيء المحكوم فيه، ولئن كان هذا الدفع متعلقاً بالنظام العام وتجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض إلا أنه يشترط لقبوله أن تكون مقوماته واضحة من مدونات الحكم أو تكون عناصر الحكم مؤدية إلى قبوله بغير تحقيق موضوعي لأن هذا التحقيق خارج عن وظيفة محكمة النقض، وإذ كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يدفع بسبق صدور أمر من النيابة العامة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه قد خلت من مقومات صحة هذا الدفع التي تكشف عن مخالفة الحكم للقانون وخطئه في تطبيقه فإن إثارة الطاعن هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض لا تكون مقبولة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم - مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة عليها من محكمة النقض، وكان مؤدى قضاء المحكمة بإدانة الطاعن الثاني - المحكوم عليه - استناداً إلى أقوال الشاهد.... هو إطراح ضمني لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، فإن ما يثيره الطاعن الثاني من تشكيك في أقوال هذا الشاهد، إنما ينحل إلى جدل موضوعي لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم فإن كل من الطعنين يكونا على غير أساس متعيناً رفضهما موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق