الصفحات

الأحد، 5 أبريل 2015

الطعن 62352 لسنة 76 ق جلسة 20 / 3 / 2007 مكتب فني 58 ق 54 ص 265

جلسة 20 من مارس سنة 2007
برئاسة السيد المستشار/ صلاح عطية نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / طه سيد قاسم ، فؤاد حسن ، محمد سامي إبراهيم ومحمد مصطفى أحمد العكازي نواب رئيس المحكمة .
-------------
(54)
الطعن 62352 لسنة 76 ق
(1) نقض " أسباب الطعن . توقيعها " . محاماة .
وجوب توقيع أسباب الطعن المرفوعة من غير النيابة العامة من محام مقبول أمام محكمة النقض . توقيعها بتوقيع يتعذر قراءته أو بالتصوير الضوئي . أثره : الالتفات عنها . أساس ذلك ؟
(2) حكم " بيانات حكم الإدانة " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
حكم الإدانة . بياناته ؟ المادة 310 إجراءات .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وإيراده الأدلة السائغة على ثبوتها في حقهم على نحو كاف . لا قصور .
(3) إثبات " بوجه عام " " قرائن " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
الأصل في المحاكمات الجنائية اقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه . له تكوين عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها . حد ذلك ؟
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
(4) قتل عمد . جريمة " أركانها " . إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".
تحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة القتل العمد . غير لازم . حد ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال .
(5) قتل عمد . جريمة " أركانها " . قصد جنائي . إثبات " بوجه عام " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
قصد القتل . أمر خفي . إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي تنم عنه . استخلاص توافره . موضوعي .
لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها . كفاية استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج من الظروف والقرائن وترتيب النتائج علــى المقدمات .
(6) قتل عمد . ظروف مشددة . سبق إصرار . ترصد . اتفاق . مسئولية جنائية . فاعل أصلي . قصد جنائي . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
الاتفاق على ارتكاب الجريمة . مناط توافره ؟
تدليل الحكم على اتفاق الطاعنين على القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد من معيتهم في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهم وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهم قصد قصد الآخر في إيقاعها وقارف أفعالاً من الأفعال المكونة لها واعتبارهم فاعلين أصليين في تلك الجريمة ومتضامنين في المسئولية . صحيح .
(7) قتل عمد . ظروف مشددة . سبق إصرار . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
البحث في توافر ظرف سبق الإصرار . موضوعي . حد ذلك ؟
سبق الإصرار . مناط توافره ؟
المنازعة في توافر سبق الإصرار. غير مقبولة أمام محكمة النقض.
مثال لتسبيب سائغ في التدليل على توافر ظرف سبق الإصرار في جريمة قتل عمد .
(8) قتل عمد . سبق إصرار . عقوبة " العقوبة المبررة " . ظروف مخففة . ظروف مشددة . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير العقوبة " " سلطتها في تقدير توافر الظروف المخففة " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " المصلحة في الطعن " .
نعي الطاعنين على الحكم بالقصور بشأن ظرف سبق الإصرار . غير مقبول . ما دام قد عاقبهم بعقوبة تدخل في حدود العقوبة المقررة للقتل العمد بغير سبق إصرار . أخذ المحكمة لهم بالرأفة طبقاً للوصف الذي أعطته لها وتطبيقاً للمادة 17 عقوبات . لا يغير من ذلك . علة ذلك ؟
(9) محكمة الإعادة . إثبات " بوجه عام " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
نقض الحكم وإعادة المحاكمة . أثره : إعادة الدعوى إلى محكمة الإعادة بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المنقوض . عدم تقيدها في تقدير وقائع الدعوى بحكم محكمة النقض ولا بالحكم المنقوض .
عدم التزام محكمة الإعادة عند قضائها بإدانة الطاعنين بالرد على أسباب الحكم المنقوض أو الرد على كل أدلة الاتهام . ما دام قضاؤها سليماً . المجادلة في ذلك أو النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون لمخالفته قضاء محكمة النقض . غير مقبول . علة ذلك ؟
(10) استدلالات . إثبات " بوجه عام " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
لمحكمة الموضوع أن تعول في عقيدتها على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة .
(11) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ محكمة الموضوع بأقوال الشاهد . مفاده ؟
للمحكمة الأخذ برواية شخص ينقلها عن آخر . متى رأت أنها صدرت منه حقيقة وأنها تمثل واقع الدعوى .
لمحكمة الموضوع الأخذ بأقوال الشاهد ولو كانت بينه وبين المتهم خصومة قائمة .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.
(12) إثبات " بوجه عام " . أسباب الإباحة وموانع العقاب " الدفاع الشرعي " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص المحكمة الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً . عدم التزام المحكمة في ذلك بالأخذ بالأدلة المباشرة . حد ذلك ؟
تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها. موضوعي . ما دام سائغاً.
مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح . غير جائزة أمام محكمة النقض .
(14) أسباب الإباحة وموانع العقاب " الدفاع الشرعي " . سبق إصرار . اتفاق .
إثبات الحكم التدبير للجريمة بتوافر سبق الإصرار أو انعقاد الاتفاق على إيقاعها الجريمة أو التحيل لارتكابها . أثره : انتفاء موجب الدفاع الشرعي . علة ذلك ؟
(15) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
للقاضي الحكم في الدعوى حسب العقيدة التي تكونت لديه بغير تأثير خارجي .
مثال .
(16) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
العبرة في المحاكمات الجنائية باقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته . له أن يستمد اقتناعه من أي دليل يطمئن إليه . ما دام له مأخذه الصحيح من الأوراق .
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
مثال .
(17) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
لمحكمة الموضوع استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى دون التقيد بدليل معين .
الجدل الموضوعي في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال .
(18) إثبات " خبرة " .
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات . موضوعي . لمحكمة الموضوع الجزم بما لم يجزم به الخبير . حد ذلك ؟
(19) عقوبة " العقوبة المبررة " .
نعي الطاعنين على الحكم بشأن جريمة الاتفاق الجنائي . غير مقبول . ما دام قد استبعد تلك الجريمة وعاقبهم عن جناية القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد .
(20) مصاريف .
وجوب تحديد مقدار المصاريف في الحكم . مقصور على حالة الحكم على المتهمين ببعضها . الحكم على الطاعنين بكل المصاريف دون بيان مقدارها . لا عيب . أساس ذلك ؟
(21) حكم " وضعه والتوقيع عليه وإصداره " . قانون " تطبيقه " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي على الحكم بالبطلان لعدم توقيع رئيس الهيئة التي أصدرته على مسودته استناداً للمادتين 312 إجراءات ، 346 مرافعات . غير مقبول . علة ذلك ؟
 (22) إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي على الحكم بالخطأ في الإسناد بشأن ما حصله من أقوال المتهمين والشهود . غير مقبول . ما دام ما حصله من أقوالهم له صداه وأصله في الأوراق .
(23) عقوبة " تطبيقها " . ظروف مخففة .
إدانة الحكم الطاعنين عملاً بالمادتين 230 ، 231 عقوبات ومعاقبتهم بالسجن المشدد خمس عشرة سنة إعمالاً للمادة 17 من ذات القانون . صحيح . علة ذلك ؟
(24) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله . ماهيته ؟
الجدل الموضوعي في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة . غير جائز .
مثال لما لا يعد تناقضاً من الحكم .
(25) دفوع " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الدفع بعدم وجود الطاعن على مسرح الحادث . لا يستأهل رداً . ما دام الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
(26) إثبات " بوجه عام " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ".
عدم التزام المحكمة بالرد صراحة على كل جزئية من دفاع المتهم الموضوعي . استفادة الرد عليها من قضائها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت .
________________
1- لما كانت المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض توجب بالنسبة للطعون المرفوعة من غير النيابة العامة أن يوقع أسبابها محام مقبول أمام محكمة النقض ، ولما كان البين من مطالعة مذكرة أسباب الطعن المقدمة من الطاعن الثالث بتاريخ .... أنها وإن حملت في صورة ضوئية ما يشير إلى صدورها من مكتب الأستاذة ..... المحامية إلا أنها مذيلة بتوقيع فضلاً عن أنه غير مقروء يستحيل قراءته ومعرفة اسم صاحبه وصفته فإنه بالتصوير الضوئي مما يستحيل معه نسبة صدوره من يد المحامية المذكورة وتكون ورقة الأسباب هذه معدومة الأثر في الخصومة وتلتفت عنها هذه المحكمة .
2- لما كانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه ، وكان يبين مما سطره الحكم المطعون فيه أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة مما يكون معه منعى الطاعنين بأن الحكم شابه الغموض والإبهام وعدم الإلمام بوقائع الدعوى لا محل له .
3- من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه ، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه .
4- لما كان لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة القتل العمد ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه وكانت الأدلة التي عول الحكم عليها في الإدانة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها من مقارفة الطاعنين للجريمة التي دانهم بها ومن ثم فلا محل لما أثير بشأن قصور الحكم في التدليل على توافر أركان تلك الجريمة في حقهم واستناده إلى فروض تفتقر إلى الدلائل القوية ولا تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها لأنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
5- من المقرر أن قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية وكان لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات وإذا كان الحكم قد دلل على توافر هذه النية تدليلاً سائغاً واضحاً في إثبات توافرها لدي الطاعنين فإن منعاهم في هذا الشأن لا يكون له محل .
6- من المقرر أن الاتفاق على ارتكاب الجريمة لا يقتضى في الواقع أكثر من تقابل إرادات المساهمين فيها ولا يشترط لتوافره مضي وقت معين بل إنه من الجائز قانوناً أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة أو لحظة تنفيذها تحقيقا لقصد مشترك بين المساهمين فيها وهو الغاية النهائية من الجريمة أي أن يكون كل منهم قد قصد قصد الآخر في ارتكاب الجريمة المعينة وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة وأنه يكفي في صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلاً أصلياً في الجريمة أن يسهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها ، وكان ما أورده الحكم في بيان واقعة الدعوى وفيما عول عليه من أدلة الثبوت كافياً بذاته للتدليل على اتفاق الطاعنين على القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد وذلك من معيتهم في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهم وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم وجهة واحدة في تنفيذها وأن كل متهم قد قصد قصد الآخر في إيقاعها وقارف أفعالاً من الأفعال المكونة لها ، فإن الحكم إذ تأدى من ذلك إلى اعتبار الطاعنين متضامنين في المسؤولية الجنائية ودانهم بوصفهم فاعلين أصليين في جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد يكون قد اقترن بالصواب بما يضحى معه منعى الطاعنين عليه في هذا الخصوص غير قويم .
7- من المقرر أن البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ، ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافى عقلاً مع هذا الاستنتاج وليست العبرة في توافر ظرف سبق الإصرار بمضي الزمن لذاته بين التصميم على الجريمــة ووقوعها - طال هذا الزمن أو قصر - بل العبرة بما يقع في ذلك الزمن من التفكير والتدبير فما دام الجاني انتهى بتفكيره إلى خطة معينة رسمها لنفسه قبل تنفيذ الجريمة كان ظرف سبق الإصرار متوافراً ، ولا تقبل المنازعة فيه أمام محكمة النقض ، وكان المستفاد مما أورده الحكم أن خلافاً سابقاً نشب بين المجني عليه والمتهمة الأولى ولد في نفسها والطاعن الثاني والثالث والمتهم الرابع أمراً دفعهم إلى ارتكاب الجريمــة بعد تفكيـر وروية وتدبير فإن استخلاصه لظرف سبق الإصرار يكون سليماً وصحيحاً في القانون ويضحى كل ما يثيره الطاعنون في شأن تدليل الحكم على توافر ظرف سبق الإصرار غير سديد .
8- لما كان الحكم قد قضى على الطاعنين بعقوبة داخلة في حدود العقوبة المقررة للقتل العمد بغير سبق إصرار فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً ، ولا يغير من هذا النظر القول بأن المحكمة آخذت الطاعنين بالرأفة وإنها كانت عند تقدير العقوبة تحت تأثير الوصف الذي أعطته للواقعة إذ إن تقدير العقوبة مداره ذات الواقعة الجنائية التي قارفها الجناة لا الوصف القانوني الذي تكيفه المحكمة وهى إذ تعمل حقها الاختياري في استعمال الرأفة وذلك بتطبيق المادة 17 من قانون العقوبات فإنما تقدر العقوبة التي تتناسب مع الواقعة وما أحاط بها من ظروف .
9- من المقرر أن الأصل أن نقض الحكم وإعادة المحاكمة يعيد الدعوى إلى محكمة الإعادة بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المنقوض فلا تتقيد بما ورد في الحكم الأول في شأن تقدير وقائع الدعوى ولا يقيدها حكم النقض في إعادة تقديرها بكامل حريتها ، فيصبح الحكم المنقوض لا وجود له وتضحى مناعي الطاعنين على هذا الحكم غير ذات موضوع ، ومن ثم فإنه ليس على محكمة الإعادة متى كونت عقيدتها بإدانة المتهمين بعد الحكم ببراءتهم أن تلتزم بالرد على أسباب الحكم المنقوض الذي ألغاه أو كل دليل من أدلة الاتهام ما دام قضاؤه قد بنى على أساس سليم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فلا يقبل من الطاعنين أن يطالبوا محكمة الإعادة بالرد على أسباب الحكم المنقوض أو المجادلة في حقها في إعادة تقدير وقائــع الدعــوى بكامل حريتها غير مقيدة في ذلك بما ورد بشأنها في الحكم المنقوض ، كما لا يقبل من الطاعنين أيضا أن ينعوا على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون لمجرد مخالفته قضاء محكمة النقض ، وكانت هذه المخالفة - بفرض وقوعها - لا يصح أن تكون بذاتها وجهاً للطعن على الحكم .
10- من المقرر أنه لا تثريب على المحكمة إن هي أخذت بتحريات رجال الشرطة ضمن الأدلة التي استندت إليها ، لما هو مقرر من أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ويضحى ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن غير سديد .
11- من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ومتى أخذت بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الآخذ بها ، كما أنه من المقرر أنه ليس في القانون ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية نقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى كما أن للمحكمة أن تأخذ بأقوال الشاهد ولو كانت بينه وبين المتهم خصومة ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في شأن القوة التدليلية لأقوال شهود الإثبات لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
12- من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها ، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق وهى في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سليماً متفقاً مع حكم العقل والمنطق .
13- من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى ، لمحكمة الموضوع الفصل فيه بلا معقب عليها ما دام استدلالها سليماً يؤدي إلى ما انتهت إليه ، ولما كان ما ساقه الحكم المطعون فيه من أدلة منتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه من رفض الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي وكان ما أورده الحكم سائغاً في العقل والمنطق ومقبولاً في بيان كيفية وقوع الحادث ، فإن ما يثيره الطاعنون في شأن صورة الدعوى التي اعتنقها الحكم والرد على الدفع المار ذكره ومنازعتهم في سلامة ما استخلصه الحكم بدعوى الفساد في الاستدلال ، والقصور في التسبيب لا يعدو أن يكون مجادلة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
14- من المقرر في صحيح القانون أنه متى أثبت الحكم التدبير للجريمة سواء بتوافر سبق الإصرار أو انعقاد الاتفاق على إيقاعها أو التحيل لارتكابها ينتفي حتماً موجب الدفاع الشرعي الذي يفترض رداً حالاً لعدوان حال دون الإسلاس له وإعمال الخطة في إنفاذه ، وكان الحكم قد أثبت اتفاق الطاعنين على قتل المجني عليه مع سبق الإصرار وقيامهم بتنفيذ هذا الاتفاق فلا محل لما أثير في هذا الصدد .
15- من المقرر أن للقاضي أن يحكم في الدعوى حسب العقيدة التي تكونت لديه بكامل حريته بغير تأثير خارجي أيا كان مصدره سواء من النيابة العامة أو ما أسفرت عنه تحريات الشرطة وكان يبين مما سطره الحكم وأثبته في مدوناته أنه قد التزم هذا النظر فإن ما يثيره الطاعنون بدعوى تأثير عقيدة المحكمة برأي النيابة العامة وتحريات الشرطة بشأن صورة الواقعة وانتفاء حالة الدفاع الشرعي في حق المتهمة الأولى يكون في غير محله .
16- من المقرر أن العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته ، وله أن يستمد اقتناعه من أي دليل يطمئن إليه طالما له مأخذه الصحيح من الأوراق ، ولا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزيئات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ، ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ، ولا ينظر إلى كل دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه . لما كان ما تقدم ، وكان جميع ما تساند إليه الحكم من الأدلة والقرائن التي سلفت الإشارة إليها والتي أخذت بها المحكمة واطمأنت إليها من شأنها مجتمعة أن تحقق ما رتبه الحكم عليها من استدلال على صحة ما نسب إلى الطاعنين من قتل المجني عليه عمداً مع سبق الإصرار والترصد فإن النعي عليه في هذا الخصوص لا يكون سديداً .
17- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تركن في سبيل تكوين عقيدتها عن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وترتب الحقائق القانونية المتصلة بها إلى ما تستخلصه من مجموع الأدلة والعناصر المطروحة عليها دون أن تتقيد في هذا التصوير بدليل بعينه أو أقوال شهود بذواتهم أو بالأدلة المباشرة وإذا كان الحكم المطعون فيه قد أورد الأدلة التي استخلص منها الصورة التي اعتنقتها المحكمة لواقعة الدعوى من أقوال شهود الإثبات ومما أسفرت عنه معاينة خبراء المعمل الجنائي للشقة مكان الحادث وما أسفرت عنه معاينه النيابة العامة لمكان الحادث ومما ثبت من تقرير الطب الشرعي لفحص السلاح والذخيرة المضبوطة وما ثبت من تقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليه وما ثبت من تقرير الطب الشرعي الموقع على المتهمة الأولى وما تضمنته أقوال المتهمين الأولى والرابع ، وهى الأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة واعتمدت عليها في تكوين عقيدتها بما يكفي لتبرير اقتناعها بالأدلة وينأى بحكمها عن قالة القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ، فإن ما يثيره الطاعنون من أن ما خلص إليه تقرير المعمل الجنائي وتقرير الطب الشرعي لا يفيدان بذاتهما تدليلاً على مقارفة أيٍّ من الطاعنين للجريمة ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
18- من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية فى تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير لتعلق هذا الأمر بسلطتها فى تقدير الدليل ولها أن تجزم بما لم يجزم به الخبير ما دامت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره مما يصبح معه النعي عليه في هذا الصدد غير مقبول .
19- لما كانت المحكمة قد استبعدت جريمة الاتفاق الجنائي بالنسبة للطاعنين وعاقبتهم عن جناية القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد وأوقعت عليهم عقوبتها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في شأن جناية الاتفاق الجنائي يكون غير مقبول .
20- من المقرر أن وجوب تحديد مقدار المصاريف في الحكم طبقاً لنص المادة 318 مـــن قانون الإجراءات الجنائية ، إنما يقتصر فقط على حالة الحكم على المتهمين ببعضها ، وإذا كان الحكم المطعون فيه قد حكم على الطاعنين بكل المصاريف ، فإن النعي عليه إغفاله بيان مقدارها يكون في غير محله .
21- لما كانت المادة 312 من قانون الإجراءات الجنائية إنما تتحدث عن التوقيع على الحكم ذاته لا على مسودته فلا وجه للاستناد إليها في طلب بطلان الحكم لعدم توقيع رئيس الهيئة التي أصدرته على مسودته أما المادة 346 من قانون المرافعات المدنية والتجارية التي توجب توقيع الرئيس والقضاة على مسودة الحكم فلا محل للاستناد إليها في المواد الجنائية التي تطبق عليها أحكام قانون الإجراءات الجنائية ومن ثم فإن هذا الوجه من الطعن يكون على غير أساس .
22- لما كان البين من الاطلاع على المفردات وأوراق الدعوى أن ما حصله الحكم من أقوال المتهمة الأولى والمتهم الرابع وكل من الشاهدين .... و .... له صداه وأصله الثابت في الأوراق ، فإن النعي على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد في هذا الصدد لا يكون له محل .
23- لما كانت العقوبة المقررة للجريمة التي انتهى الحكم إلى إدانة الطاعنين بها هي الإعدام وذلك إعمالاً لنص المادتين 230 ، 231 من قانون العقوبات وكانت المادة 17 من ذات القانون التي أعملها الحكم المطعون فيه في حق الطاعنين تتيح تبديل العقوبة المذكورة إلى عقوبة السجـن المؤبد أو المشدد وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة الطاعنين بالسجن المشدد لمدة خمس عشرة سنة فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون .
24- من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة ، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق صورة واحدة لكيفية وقوع الحادث وساق على ثبوتها في حق الطاعنين أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، فإن في ذلك ما يكفي لحمل قضائه بالإدانة على الوجه الذي انتهى إليه ، مما تنتفي معه قالة التناقض ولا يعدو ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد يكون غير سديد .
25- من المقرر أن الدفع بعدم وجود الطاعن الثاني على مسرح الحادث مردود بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفادًا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول .
26- لما كان باقي ما يثيره الطاعنون لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على كل جزئية من دفاع المتهم الموضوعي لأن الرد عليه مستفاد ضمناً من قضائها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت .
________________
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر قضى بانقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة له لوفاته بأنهم :- أولاً :- المتهمين جميعاً :- اشتركوا في اتفاق جنائي حرض عليه وأدار حركته المتهمان الأول والرابع الغرض منه ارتكاب جنايتي القتل العمد وحيازة الأسلحة النارية والذخائر بأن حرضاهم على قتل المجني عليه .... وأمدهم المتهم الأخير بسلاح ناري عهدته وقامت المتهمة الأولى باستدراج المجني عليه إلى مسكنها وتربص به الثاني والثالث على أن يقوم الأخير بإخفاء معالم الجريمة والتخلص من الجثة فوقعت منهم تنفيذاً لذلك الجرائم الآتية : (1) قتل المتهمون الثلاثة الأول .... و ... و..... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتله بسلاحين ناريين فاستدرجته المتهمة الأولى إلى مسكنها وتربص به المتهمان الثاني والثالث وما إن ظفروا به حتى بادره المتهمان الأولى والثاني بعدة أعيرة نارية بينما وقف الثالث يشد من أزرهما قاصدين من ذلك قتله فحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته . (2) شرع المتهم الثاني في قتل .... عمداً مع سبق الإصرار والترصد وذلك بأن بيت النية على قتل .... وعقد العزم على ذلك وترصد له في المكان الذي أيقن حضوره إليه وما إن ظفر به حتى استدره بعيار ناري من سلاحه قاصداً من ذلك قتله فخابت الطلقة عن الهدف وأصابت ..... فأحدثت بها الإصابة الموصوفة بتقرير الطب الشرعي وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو عدم إحكامه للتصويب ومداركة المجني عليها بالعلاج . ثانياً :- المتهمان الأولى والثاني : 1- أحرز كل منهما بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً " مسدس " 2- أحرز كل منهما ذخيرة "عدة طلقات نارية " مما تستعمل على السلاحين الناريين سالفي الذكر دون أن يكون مرخصاً لأي منهما بحيازته أو إحرازه . ثالثاً :- المتهم الرابع : قام بإخفاء جثة المجني عليه .... ودفنها بدون إخبار جهات الاقتضاء وقبل الكشف عليه وتحقق حالة الموت وأسبابه .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعى ورثة المجني عليه مدنياً قبل المتهمين بإلزامهم بأن يؤدوا لهم مبلغ مليون جنيه وعدل طلب الادعاء المدني إلى الاكتفاء بإلزامهم بالتعويض المدني المؤقت المثبت بالتحقيقات .
والمحكمة المذكورة قضت عملاً بالمواد 239 ، 245 ، 246 ، 249 ، 250 من قانون العقوبات أولاً :- حضورياً بمعاقبة ..... بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عن التهمة الأخيرة . ثانياً :- حضورياً لــ ...... و..... و ... وغيابياً لــ ..... ببراءتهم عما أسند لكل منهم عن باقي التهم . ثالثاً :- بإحالة الادعاء المدني إلى المحكمة المدنية المختصة .
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ، وقضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات .... لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى .
ومحكمة الإعادة استبعدت جريمة الاتفاق الجنائي المؤثمة بنص المادة 48 من قانون العقوبات والتي قضى بعدم دستوريتها وهى الجريمة الأولى المسندة للمتهمين . وثبت للمحكمة أن : 1- ..... 2- ..... 3- .... بأنهم : 1- المتهمين الثلاثة قتلوا .... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية وعقدوا العزم المصمم عليه على قتله وأعدوا لذلك سلاحين ناريين قاتلين بطبيعتهما فاستدرجته المتهمة الأولى إلى مسكنها وتربص به المتهمان الثاني والثالث وما إن ظفروا به حتى بادره المتهمان الأولى والثاني بعدة أعيرة نارية بينما وقف المتهم الثالث معهما في مكان الحادث يشد من أزرهما قاصدين من ذلك قتله فحدثت به الإصابات الموصوفة بتقريـــر الصفــة التشريحية والتي أودت بحياته . 2- المتهم الثاني : شرع في قتل ..... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيت النية وعقد العزم المصمم على قتل ...... وتربص له في المكان الذي أيقن حضوره إليه وما إن ظفر به حتى بادره بعيار ناري من سلاح ناري مششخن قاصداً من ذلك قتله فحادت الطلقة عن هدفه وأصابت ..... فأحدثت بها الإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعي وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو عدم إحكامه التصويب بمداركة المجني عليها بالعلاج . 3- المتهمين الأولى والثاني : أ- أحرز كل منهما سلاحاً نارياً مششخناً " مسدس " بغير ترخيص وفى غير الأحوال المصرح بها قانوناً . ب- أحرز كل منهما ذخائر " عدة طلقات نارية " مما تستعمل على السلاحين الناريين سالفي الذكر دون أن يكون مرخصاً لهما في حيازة أو إحراز سلاحهما ودانتهم بالمواد 230 ، 231 ، 232 من قانون العقوبات والمواد 1/1 ، 6 ، 26 /2 ، 5 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 والبند أ من القسم الأول من الجدول رقم (3) الملحق بالقانون الأول وأعملت في حقهم المادتين 17 ، 32/2 من قانون العقوبات وقضت حضورياً للمتهمين الثلاثة الأول : أولاً بانقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم الرابع .... بوفاته . ثانياً : بمعاقبة ..... و..... و..... بالسجن المشدد لمدة خمس عشرة سنة لكل منهم عما أسند إليه .
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية .....إلخ .
________________
المحكمة
من حيث إن المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض توجب بالنسبة للطعون المرفوعة من غير النيابة العامة أن يوقع أسبابها محام مقبول أمام محكمة النقض ولما كان البين من مطالعة مذكرة أسباب الطعن المقدمة من الطاعن الثالث بتاريخ ..... أنها وإن حملت في صورة ضوئية ما يشير إلى صدورها من مكتب الأستاذة .... المحامية إلا أنها مذيلة بتوقيع فضلاً عن أنه غير مقروء يستحيل قراءته ومعرفة اسم صاحبه وصفته فإنه بالتصوير الضوئي مما يستحيل معه نسبة صدوره من يد المحامية المذكورة وتكون ورقة الأسباب هذه معدومة الأثر في الخصومة وتلتفت عنها هذه المحكمة .
ومن حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه بمذكرات أسباب طعنهم الثلاثة أنه إذ دانهم بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد ، ودان الثاني بجريمة الشروع في القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، ودانه والمتهمة الأولى بإحراز أسلحة نارية وذخائر بدون ترخيص قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال وران عليه البطلان وانطوى على الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه اعتوره الغموض والإبهام وعدم الإلمام بوقائع الدعوى ولم يورد مضمون الأدلة التي عول عليها في قضائه بالإدانة في بيان كاف مستنداً في قضائه إلى فروض تفتقر إلى الدلائل القوية ولا تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها من ثبوت الجريمة في حقهم ، ولم يدلل الحكم على توافر نية القتل في حق الطاعنين تدليلاً سائغاً وجاء تدليله على توافر عناصر المسئولية الجنائية والاتفاق بين الطاعنين على ارتكاب الجريمة قاصراً وبما لا ينتجه معرضاً عن دفاعهم في هذا الشأن ولم يستظهر الحكم ظرف سبق الإصرار في حق الطاعنين بما يسوغه وأغفل دفاعهم بعدم جواز نظر الدعوى لسبق صدور حكم بالبراءة فيها بحسبان أن سبب نقض الحكم الأول هو فساد استدلاله على توافر حالة الدفاع الشرعي في حق المتهمة الأولى هذا إلى أن الحكم المطعون فيه استند في إدانة الطاعنين على تحريات الشرطة وأقوال الضابط مجريها رغم عدم صلاحيتها كدليل في الإثبات وعول في قضائه بالإدانة من بين ما عول عليه على أقوال شهود الإثبات على الرغم من أن تلك الأقوال لا تفيد بذاتها تدليلاً على مقارفة الطاعنين للجريمة وذلك للشواهد الواردة بأسباب الطعن ومنها أن شهادة البعض من الشهود سماعية وشهادة البعض الآخر متعلقة بواقعة إخفاء المتهم الرابع لجثة المجني عليه إضافة إلى وجود خلافات سابقة بين المتهم الرابع والمجني عليه مما يجعل شهادة والد المجني عليه وشقيقه وزوجته محلاً للشك ، وقام دفاع الطاعنين من بين ما قام عليه على أن لواقعة الدعوى صورة أخرى على خلاف الصورة الواردة بتحريات الشرطة والتي اعتنقها الحكم المطعون فيه وهى أن الطاعنة الأولى كانت في حالة دفاع شرعي عن نفسها نتيجة اقتحام المجني عليه مسكنها في غيبة زوجها المتهم الرابع محاولاً الاعتداء عليها وإزاء فشل محاولته في الوصول إليها صوب سلاحه الناري تجاهها فأصابها بطلق ناري بيد أن الحكم المطعون فيه رد على هذا الدفاع واطرحه بغير مبرر سائغ وبما لا يتفق مع العقل والمنطق متأثرا في ذلك برأى النيابة العامة وما أسفرت عنه تحريات الشرطة على الرغم من أن الدفاع ساق بمذكرات الأسباب من الشواهد ما يؤيد به هذا الدفع واستند الحكم على أدلة أوردها بمدوناته لا تصلح دليلاً لإدانة أحد من الطاعنين ، كما عول الحكم في قضائه بالإدانة على النتيجة التي خلص إليها المعمل الجنائي فيما يتعلق بعدد الطلقات واتجاهها ومواضعها على الرغم من اتفاق تلك النتيجة مع ما جاء بأقوال المتهمة الأولى من أنها كانت في حالة دفاع شرعي عن نفسها بما ينتفي معه الاتهام المنسوب إلى كل من المتهم الثاني والثالث ، كما عول في قضائه على تقرير الطب الشرعي رغم أنه يعد دليل نفي بما خلص إليه من إصابة المجني عليه بعيارين ناريين الأول أطلق باتجاه مقدمة الصدر والثاني باتجاه مقدمة الفخذ مما يؤكد صورة الواقعة التي وردت بأقوال المتهمة الأولى ويدحض تصوير الضابط للواقعة والتي اعتنقها الحكم المطعون فيه والذي دان الطاعنين بجريمة الاتفاق الجنائي رغم القضاء بعدم دستوريتها فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه ألزم الطاعنين بالمصاريف الجنائية دون أن يحدد مقدارها ، وخلت مسودته من توقيع رئيس الهيئة التي أصدرته وأورد الحكم في مدوناته على خلاف الثابت بالأوراق أن المتهم الرابع أدلى لكل من الشاهدين ..... و..... بحديث ضمنه أن المتهم الثالث ..... كان بصحبته وقت أن أطلق النار على المجني عليه وأن تواجده على مسرح الحادث تأكد نظراً لوجود علبة من السجائر الخاصة به بشقة المتهمة الأولى ، كما نسب الحكم قولاً إلى المتهمة الأولى هو أنها انتزعت السلاح الناري من المجني عليه وذلك على خلاف الثابت بالأوراق والتي ورد بها التقاط المتهمة الأولى للسلاح الناري بعد سقوطه من المجني عليه ، وأعمل الحكم المطعون فيه نص المادة 17 من قانون العقوبات دون النزول بالعقوبة إلى الحد المقرر بها إضافة إلى أن الحكم المطعون فيه بعد أن أورد في مواضع منه أن المتهمة الأولى لم يكن معها سوى سلاح ناري واحد أصابت به المجني عليه وأنها أصيبت بطلق ناري في الساعد الأيسر نتيجة خطأ المتهم الثاني في التصويب تجاه المجني عليه وأن المتهم الرابع أقر لكل من الشاهدين .... و..... من أنه قتل المجني عليه وأن المتهم الثالث كان متواجداً معه على مسرح الحادث عاد الحكم في مواضع أخرى منه وأورد أن إصابة المجني عليه حدثت بعيارين ناريين أطلقا من سلاحين وأن المتهمة الأولى لم تصب بعيار ناري ولم ينسب الحكم للمتهم الرابع سوى الاتفاق والتخطيط لارتكاب الجريمة ومد الباقين بالسلاح وأخيراً فإن دفاع الطاعن الثاني قام من بين ما قام عليه على عدم تواجده على مسرح الحادث بيد أن الحكم المطعون فيه أغفل هذا الدفاع ولم يعرض له إيراداً أو رداً كل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
وحيث إن المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه ، وكان يبين مما سطره الحكم المطعون فيه أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة مما يكون معه منعى الطاعنين بأن الحكم شابه الغموض والإبهام وعدم الإلمام بوقائع الدعوى لا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه ، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة القتل العمد ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه وكانت الأدلة التي عول الحكم عليها في الإدانة تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها من مقارفة الطاعنين للجريمة التي دانهم بها ومن ثم فلا محل لما أثير بشأن قصور الحكم في التدليل على توافر أركان تلك الجريمة في حقهم واستناده إلى فروض تفتقر إلى الدلائل القوية ولا تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها لأنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية وكان لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج علــى المقدمات وإذا كان الحكم قد دلل على توافر هذه النية تدليلاً سائغاً واضحاً في إثبات توافرها لدى الطاعنين فإن منعاهم في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الاتفاق على ارتكاب الجريمة لا يقتضى في الواقع أكثر من تقابل إرادات المساهمين فيها ولا يشترط لتوافره مضي وقت معين بل إنه من الجائز قانوناً أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة أو لحظة تنفيذها تحقيقا لقصد مشترك بين المساهمين فيها وهو الغاية النهائية من الجريمة أي أن يكون كل منهم قد قصد قصد الآخر في ارتكاب الجريمة المعينة وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة وأنه يكفي في صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلاً أصلياً في الجريمة أن يسهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها ، وكان ما أورده الحكم في بيان واقعة الدعوى وفيما عول عليه من أدلة الثبوت كافياً بذاته للتدليل على اتفاق الطاعنين على القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد وذلك من معيتهم في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهم وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم وجهة واحدة في تنفيذها وأن كل متهم قد قصد قصد الآخر في إيقاعها وقارف أفعالاً من الأفعال المكونة لها ، فإن الحكم إذ تأدى من ذلك إلى اعتبار الطاعنين متضامنين في المسؤولية الجنائية ودانهم بوصفهم فاعلين أصليين في جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد يكون قد اقترن بالصواب بما يضحى معه منعى الطاعنين عليه في هذا الخصوص غير قويم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ، ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافى عقلاً مع هذا الاستنتاج وليست العبرة في توافر ظرف سبق الإصرار بمضي الزمن لذاته بين التصميم على الجريمــة ووقوعها - طال هذا الزمن أو قصر - بل العبرة بما يقع في ذلك الزمن من التفكير والتدبير فما دام الجاني انتهى بتفكيره إلى خطة معينة رسمها لنفسه قبل تنفيذ الجريمة كان ظرف سبق الإصرار متوافراً ، ولا تقبل المنازعة فيه أمام محكمة النقض ، وكان المستفاد مما أورده الحكم أن خلافاً سابقاً نشب بين المجني عليه والمتهمة الأولى ولد في نفسها والطاعن الثاني والثالث والمتهم الرابع أمراً دفعهم إلى ارتكاب الجريمــة بعد تفكيـر وروية وتدبير فإن استخلاصه لظرف سبق الإصرار يكون سليماً وصحيحاً في القانون ويضحى كل ما يثيره الطاعنون في شأن تدليل الحكم على توافر ظرف سبق الإصرار غير سديد ، وكان الحكم فوق ذلك قد قضى على الطاعنين بعقوبة داخلة في حدود العقوبة المقررة للقتل العمد بغير سبق إصرار فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً ، ولا يغير من هذا النظر القول بأن المحكمة آخذت الطاعنين بالرأفة وإنها كانت عند تقدير العقوبة تحت تأثير الوصف الذي أعطته للواقعة إذ إن تقدير العقوبة مداره ذات الواقعة الجنائية التي قارفها الجناة لا الوصف القانوني الذي تكيفه المحكمة وهى إذ تعمل حقها الاختياري في استعمال الرأفة وذلك بتطبيق المادة 17 من قانون العقوبات فإنما تقدر العقوبة التي تتناسب مع الواقعة وما أحاط بها من ظروف . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن نقض الحكم وإعادة المحاكمة يعيد الدعوى إلى محكمة الإعادة بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المنقوض فلا تتقيد بما ورد في الحكم الأول في شأن تقدير وقائع الدعوى ولا يقيدها حكم النقض في إعادة تقديرها بكامل حريتها ، فيصبح الحكم المنقوض لا وجود له وتضحى مناعي الطاعنين على هذا الحكم غير ذات موضوع ومن ثم فإنه ليس على محكمة الإعادة متى كونت عقيدتها بإدانة المتهمين بعد الحكم ببراءتهم أن تلتزم بالرد على أسباب الحكم المنقوض الذي ألغاه أو كل دليل من أدلة الاتهام ما دام قضاؤه قد بنى على أساس سليم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فلا يقبل من الطاعنين أن يطالبوا محكمة الإعادة بالرد على أسباب الحكم المنقوض أو المجادلة في حقها في إعادة تقدير وقائع الدعوى بكامل حريتها غير مقيدة في ذلك بما ورد بشأنها في الحكم المنقوض ، كما لا يقبل من الطاعنين أيضاً أن ينعوا على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون لمجرد مخالفته قضاء محكمــة النقض ، وكانت هذه المخالفة - بفرض وقوعها - لا يصح أن تكون بذاتها وجهاً للطعن على الحكم . لما كان ذلك ، وكان لا تثريب على المحكمة إن هي أخذت بتحريات رجال الشرطة ضمن الأدلة التي استندت إليها لما هو مقرر من أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ويضحى ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ومتى أخذت بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الآخذ بها ، كما أنه من المقرر أنه ليس في القانون ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية نقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى كما أن للمحكمة أن تأخذ بأقوال الشاهد ولو كانت بينه وبين المتهم خصومة ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في شأن القوة التدليلية لأقوال شهود الإثبات لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها ، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سليماً متفقاً مع حكم العقل والمنطق ، كما أنه من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى ، لمحكمة الموضوع الفصل فيه بلا معقب عليها ما دام استدلالها سليماً يؤدى إلى ما انتهت إليه ، ولما كان ما ساقه الحكم المطعون فيه من أدلة منتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه من رفض الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي وكان ما أورده الحكم سائغاً في العقل والمنطق ومقبولاً في بيان كيفية وقوع الحادث ، فإن ما يثيره الطاعنون في شأن صورة الدعوى التي اعتنقها الحكم والرد على الدفع المار ذكره ومنازعتهم في سلامة ما استخلصه الحكم بدعوى الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب لا يعدو أن يكون مجادلة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ، هذا فضلاً عن أنه من المقرر في صحيح القانون أنه متى أثبت الحكم التدبير للجريمة سواء بتوافر سبق الإصرار أو انعقاد الاتفاق على إيقاعها أو التحيل لارتكابها ينتفي حتماً موجب الدفاع الشرعي الذي يفترض رداً حالاً لعدوان حال دون الإسلاس له وإعمال الخطة في إنفاذه ، وكان الحكم قد أثبت اتفاق الطاعنين على قتل المجني عليه مع سبق الإصرار وقيامهم بتنفيذ هذا الاتفاق فلا محل لما أثير في هذا الصدد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن للقاضي أن يحكم في الدعوى حسب العقيدة التي تكونت لديه بكامل حريته بغير تأثير خارجي أياً كان مصدره سواء من النيابة العامة أو ما أسفرت عنه تحريات الشرطة وكان يبين مما سطره الحكم وأثبته في مدوناته أنه قد التزم هذا النظر فإن ما يثيره الطاعنون بدعوى تأثير عقيدة المحكمة برأي النيابة العامة وتحريات الشرطة بشأن صورة الواقعة وانتفاء حالة الدفاع الشرعي في حق المتهمة الأولى يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته ، وله أن يستمد اقتناعه من أي دليل يطمئن إليه طالما له مأخذه الصحيح من الأوراق ولا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزيئات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ، ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ، ولا ينظر إلى كل دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه . لما كان ما تقدم ، وكان جميع ما تساند إليه الحكم من الأدلة والقرائن التي سلفت الإشارة إليها والتي أخذت بها المحكمة واطمأنت إليها من شأنها مجتمعة أن تحقق ما رتبه الحكم عليها من استدلال على صحة ما نسب إلى الطاعنين من قتل المجني عليه عمداً مع سبق الإصرار والترصد فإن النعي عليه في هذا الخصوص لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تركن في سبيل تكوين عقيدتها عن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وترتب الحقائق القانونية المتصلة بها إلى ما تستخلصه من مجموع الأدلة والعناصر المطروحة عليها دون أن تتقيد في هذا التصوير بدليل بعينه أو أقوال شهود بذواتهم أو بالأدلة المباشرة وإذا كان الحكم المطعون فيه قد أورد الأدلة التي استخلص منها الصورة التي اعتنقتها المحكمة لواقعة الدعوى من أقوال شهود الإثبات ومما أسفرت عنه معاينة خبراء المعمل الجنائي للشقة مكان الحادث وما أسفرت عنه معاينه النيابة العامة لمكان الحادث ومما ثبت من تقرير الطب الشرعي لفحص السلاح والذخيرة المضبوطة وما ثبت من تقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليه وما ثبت من تقرير الطب الشرعي الموقع على المتهمة الأولى وما تضمنته أقوال المتهمين الأولى والرابع ، وهى الأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة واعتمدت عليها في تكوين عقيدتها بما يكفي لتبرير اقتناعها بالأدلة وينأى بحكمها عن قالة القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ، فإن ما يثيره الطاعنون من أن ما خلص إليه تقرير المعمل الجنائي وتقرير الطب الشرعي لا يفيدان بذاتهما تدليلاً على مقارفة أيٍّ من الطاعنين للجريمة ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير لتعلق هذا الأمر بسلطتها في تقدير الدليل ولها أن تجزم بما لم يجزم به الخبير ما دامت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره مما يصبح معه النعي عليه في هذا الصدد غير مقبول . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد استبعدت جريمة الاتفاق الجنائي بالنسبة للطاعنين وعاقبتهم عن جناية القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد وأوقعت عليهم عقوبتها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في شأن جناية الاتفاق الجنائي يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان وجوب تحديد مقدار المصاريف في الحكم طبقاً لنص المادة 318 من قانون الإجراءات الجنائية ، إنما يقتصر فقط على حالة الحكم على المتهمين ببعضها ، وإذا كان الحكم المطعون فيه قد حكم على الطاعنين بكل المصاريف ، فإن النعي عليه إغفاله بيان مقدارها يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكانت المادة 312 من قانون الإجراءات الجنائية إنما تتحدث عن التوقيع على الحكم ذاته لا على مسودته فلا وجه للاستناد إليها في طلب بطلان الحكم لعدم توقيع رئيس الهيئة التي أصدرته على مسودته أما المادة 346 من قانون المرافعات المدنية والتجارية التي توجب توقيع الرئيس والقضاة على مسودة الحكم فلا محل للاستناد إليها في المواد الجنائية التي تطبق عليها أحكام قانون الإجراءات الجنائية ومن ثم فإن هذا الوجه من الطعن يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان يبين من الاطلاع على المفردات وأوراق الدعوى أن ما حصله الحكم من أقوال المتهمة الأولى والمتهم الرابع وكل من الشاهدين ..... و .... له صداه وأصله الثابت في الأوراق فإن النعي على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد في هذا الصدد لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكانت العقوبة المقررة للجريمة التي انتهى الحكم إلى إدانة الطاعنين بها هي الإعدام وذلك إعمالاً لنص المادتين 230 ، 231 من قانون العقوبات ، وكانت المادة 17 من ذات القانون التي أعملها الحكم المطعون فيه في حق الطاعنين تتيح تبديل العقوبة المذكورة إلى عقوبة السجـن المؤبد أو المشدد وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة الطاعنين بالسجن المشدد لمدة خمس عشرة سنة فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة ، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق صورة واحدة لكيفية وقوع الحادث وساق على ثبوتها في حق الطاعنين أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، فإن في ذلك ما يكفي لحمل قضائه بالإدانة على الوجه الذي انتهى إليه ، مما تنتفي معه قالة التناقض ولا يعدو ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الدفع بعدم وجود الطاعن الثاني على مسرح الحادث مردود بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفادًا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان باقي ما يثيره الطاعنون لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على كل جزئية من دفاع المتهم الموضوعي لأن الرد عليه مستفاد ضمناً من قضائها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
________________

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق