الصفحات

الأحد، 5 أبريل 2015

الطعن 25132 لسنة 67 ق جلسة 4 / 3 / 2007 مكتب فني 58 ق 43 ص 212

جلسة 4 من مارس سنة 2007
برئاسة السيد المستشار/ مجدي الجندي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / أنور محمد جبري ، أحمد جمال الدين عبد اللطيف وناجي عبد العظيم نواب رئيس المحكمة وسيد حامد .
------------
(43)
الطعن 25132 لسنة 67 ق
(1) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
قضاء المحكمة بناءً على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين لا على الفرض والاحتمال . لا قصور .
(2) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بأقوال الشهود . مفاده ؟
مثال .
(3) إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
التناقض في أقوال الشهود . لا يعيب الحكم . ما دام استخلاص الإدانة من أقوالهم سائغاً .
(4) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .
(5) إثبات " أوراق رسمية " " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
الأدلة في المواد الجنائية . إقناعية . للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . حد ذلك ؟
(6) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".
للمحكمة الإعراض عن قالة شهود النفي . عدم التزامها بالإشارة إلى أقوالهم أو الرد عليها صراحة . قضاؤها بالإدانة استنادا لأدلة الثبوت . مفاده ؟
الجدل الموضوعي في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها . غير جائز أمام محكمة النقض .
(7) إثبات " خبرة " " معاينة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
طلب المعاينة الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصول الواقعة لإثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة . دفاع موضوعي . عدم التزام بالرد عليه صراحة . استفادة الرد عليه من قضائها بالإدانة .
عدم التزام المحكمة باستدعاء كبير الأطباء الشرعيين لمناقشته . حد ذلك ؟
(8) ضرب " ضرب أفضى إلى موت " . جريمة " أركانها " . قصد جنائي . مسئولية جنائية .
جرائم الضرب وإحداث الجروح عمداً . مناط تحققها ؟
تحمل الجاني مسئولية تغليظ العقاب في جريمة إحداث الجرح عمداً ولو لم يقصد نتيجة الجرح الذي أحدثه ومضاعفاته . علة ذلك ؟
(9) ضرب " ضرب أفضى إلى موت " . جريمة " أركانها " . قصد جنائي . مسئولية جنائية . رابطة السبيبة .
مسئولية الجاني في جريمة الضرب أو إحداث جرح عمداً عن جميع النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الإجرامي . ولو كانت بطريق غير مباشر . حد ذلك ؟
(10) ضرب " ضرب أفضى إلى موت " . رابطة السببية . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر رابطة السببية " . خطأ .
تقدير قيام رابطة السببية بين الإصابات والوفاة في جريمة الضرب المفضي إلى الموت . موضوعي . ما دام سائغاً . خطأ المجني عليه غير مؤثر في قيامها . حد ذلك ؟
(11) ضرب " ضرب أفضى إلى موت" "ضرب بسيط" . مسئولية جنائية . عقوبة " العقوبة المبررة" . نقض "المصلحة في الطعن".
انعدام مصلحة الطاعن في نفي مسئوليته عن الوفاة . ما دامت العقوبة المقضي بها عليه تدخل في نطاق العقوبة المقررة لجنحة الضرب البسيط . لا يغير من ذلك إعمال المادة 17 عقوبات . علة ذلك؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود ، وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ، ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - وكان قضاؤها في هذا الشأن مبنياً على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين ولم يكن حكمها مؤسساً على الفرض والاحتمال كما يزعم الطاعن.
2- من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه بغير معقب ، ومتى أخذت بأقوالهم فإن ذلك يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شاهدي الإثبات ، واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي شهدا بها ، وأيدها تقرير الصفة التشريحية ومعاينة النيابة العامة ، وكان ما أورده سائغاً في العقل والمنطق ومقبولاً في كيفية وقوع الحادث.
3- من المقرر أن التناقض في أقوال الشهود ، على فرض وجوده ، لا يعيب الحكم ، ما دام أنه استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه .
4- لما كان حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه ، أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ؛ لأن مُفاد التفاته عنها أنه اطرحها.
5 من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية ، فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ، ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى .
6- من المقرر أن للمحكمة أن تعرض عن قالة شهود النفي دون أن تكون ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم أو الرد عليها رداً صريحاً ، فقضاؤها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي بينتها ، يفيد دلالة أنها اطرحت شهادتهم ولم تر الأخذ بها ، فإن منازعة الطاعن في سلامة ما استخلصته المحكمة من أوراق الدعوى ، وفي القوة التدليلية لأقوال شاهدي الإثبات ، وإعراض المحكمة عن مستنداته وأقوال شاهدي النفي لا تخرج عن كونها جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها ، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
7- من المقرر أن طلب المعاينة إذا كان لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ، ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود ، بل كان مقصوداً به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن مثل هذا الطلب يعد دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته ولا يستلزم منها رداً صريحاً ، بل يكفي أن يكون الرد عليه مستفاداً من قضائها بالإدانة ولا عليها إن هي لم تجبه إلى طلب استدعاء كبير الأطباء الشرعيين ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر حاجة إليه . ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعن بشأن عدم استجابة المحكمة لطلبه المعاينة أو مناقشة الطب الشرعي .
8- من المقرر أن جرائم الضرب وإحداث الجروح عمداً تتحقق كلما ارتكب الجاني فعل الضرب أو إحداث الجرح عن إرادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه أو صحته ، ومتى ثبتت عليه جريمة إحداث الجرح عمداً تحمل قانوناً مسئولية تغليظ العقاب ، على حسب نتيجة الجرح الذى أحدثه ومضاعفاته ، ولو كان لم يقصد هذه النتيجة ، مأخوذاً في ذلك بقصده الاحتمالي ، إذ كان يجب عليه أن يتوقع إمكان حصول النتائج التي قد تترتب على فعلته التي قصدها .
9- لما كان ما أثبته الحكم من وقائع ، تتوافر به عناصر جريمة الضرب المفضي إلى الموت، التي دان الطاعن بها ، وكان من المقرر أن الجاني في جريمة الضرب أو إحداث جرح عمداً ، يكون مسئولاً عن جميع النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الإجرامي ، ولو كانت عن طريق غير مباشر ، ما لم تتداخل عوامل أجنبية غير مألوفة تقطع رابطة السببية بينه وبين النتيجة .
10- من المقرر أن قيام رابطة السببية بين الإصابات والوفاة في جريمة الضرب المفضي إلى الموت ، من الأمور الموضوعية التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع ، ومتى فصلت في شأنها - إثباتاً أو نفياً - فلا رقابة لمحكمة النقض عليها ، ما دامت قد أقامت قضاءها في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهت إليه - كما هي الحال في الدعوى الماثلة - ولا يؤثر في ذلك خطا المجني عليه - بفرض وجوده - ما دامت فعلة الطاعن كانت هي العامل الأول الذى لولاه لما حصلت الوفاة ، فإن ما ورد بأسباب الطعن في هذا الخصوص يكون غير سديد .
11– من المقرر أن انعدام مصلحة الطاعن من نفي مسئوليته عن الوفاة ، ما دامت العقوبة المقضي بها عليه ، وهى الحبس مع الشغل لمدة سنة ، تدخل في نطاق العقوبة المقررة لجنحة الضرب البسيط ، المنطبقة عليها الفقرة الأولى من المادة 242 من قانون العقوبات ، ولا يغير من ذلك كون المحكمة قد عاملته بالمادة 17 من هذا القانون ، ذلك أن المحكمة إنما قدرت مبررات الرأفة بالنسبة للواقعة الجنائية ذاتها ، بغض النظر عن وصفها القانوني ، ولو أنها كانت قد رأت أن الواقعة تقتضي النزول بالعقوبة إلى أكثر مما نزلت إليه ، لما منعها من ذلك الوصف الذى وصفتها به .
-----------------
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية رقم ... بأنه ... ضرب عمداً... حتى سقط من الطابق الثالث فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته ولم يقصد من ذلك قتلاً ولكن الضرب أفضى إلى موته .
وأحالته إلى محكمة جنايات ... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعى والدا المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ خمسمائة جنيه وواحد على سبيل التعويض المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً في ... عملاً بالمادة 236 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنة عما أسند إليه وإلزامه بأن يؤدي للمدعيين بالحقوق المدنية عن نفسيهما وبصفتهما مبلغ خمسمائة جنيه وواحد على سبيل التعويض المؤقت .
 فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب المفضي إلى الموت قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك بأن استخلص صورة ظنية غير صحيحة لواقعة الدعوى مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات الكاذبة المتناقضة ، وأعرض عن دفاعه بانتحار المجني عليه حال سكره بدلالة وجود كحول في أحشائه ، والتفت عن مستنداته المؤيدة لدفاعه ، وعن أقوال شاهدي النفي ، ولم تجبه المحكمة إلى طلبه معاينة شرفة المسكن لإثبات صعوبة حصول الواقعة فيها ، وطلبه مناقشة كبير الأطباء الشرعيين في تأثير الكحول على المجني عليه ، هذا فضلاً عن أن الحكم لم يتفطن إلى انتفاء مسئوليته عن الموت الذى لم يتوقعه ، وانقطاع السبيبة بين فعله والنتيجة بخطأ المجني عليه ، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الضرب المفضي إلى الموت التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، ولا ينازع الطاعن في أن لها معنى صحيحاً في الأوراق . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ، ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - وكان قضاؤها في هذا الشأن مبنياً على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين ولم يكن حكمها مؤسساً على الفرض والاحتمال كما يزعم الطاعن ، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها ، مرجعه إلى محكمة الموضوع ، تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه ، بغير معقب ، ومتى أخذت بأقوالهم فإن ذلك يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شاهدي الإثبات ، واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي شهدا بها ، وأيدها تقرير الصفة التشريحية ومعاينة النيابة العامة ، وكان ما أورده سائغاً في العقل والمنطق ومقبولاً في كيفية وقوع الحادث ، وكان التناقض في أقوال الشهود - على فرض وجوده - لا يعيب الحكم ما دام أنه استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، وكان حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه ، أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ؛ لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، وكان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية ، فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ، ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، وللمحكمة أن تعرض عن قالة شهود النفي دون أن تكون ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم أو الرد عليها رداً صريحاً ، فقضاؤها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي بينتها ، يفيد دلالة أنها اطرحت شهادتهم ولم تر الأخذ بها ، فإن منازعة الطاعن في سلامة ما استخلصته المحكمة من أوراق الدعوى ، وفي القوة التدليلية لأقوال شاهدي الإثبات ، وإعراض المحكمة عن مستنداته وأقوال شاهدي النفي لا تخرج عن كونها جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها ، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن طلب المعاينة إذا كان لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ، ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود ، بل كان مقصوداً به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن مثل هذا الطلب يعد دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته ولا يستلزم منها رداً صريحاً ، بل يكفي أن يكون الرد عليه مستفاداً من قضائها بالإدانة ولا عليها إن هي لم تجبه إلى طلب استدعاء كبير الأطباء الشرعيين ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر حاجة إليه . ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعن بشأن عدم استجابة المحكمة لطلبه المعاينة أو مناقشة الطب الشرعي. لما كان ذلك ، وكانت جرائم الضرب وإحداث الجروح عمداً تتحقق كلما ارتكب الجاني فعل الضرب أو إحداث الجرح عن إرادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه أو صحته ، ومتى ثبتت عليه جريمة إحداث الجرح عمداً تحمل قانوناً مسئولية تغليظ العقاب ، على حسب نتيجة الجرح الذى أحدثه ومضاعفاته ، ولو كان لم يقصد هذه النتيجة ، مأخوذاً في ذلك بقصده الاحتمالي ، إذ كان يجب عليه أن يتوقع إمكان حصول النتائج التي قد تترتب على فعلته التي قصدها ، ولما كان ما أثبته الحكم من وقائع ، تتوافر به عناصر جريمة الضرب المفضي إلى الموت التي دان الطاعن بها ، وكان من المقرر أن الجاني في جريمة الضرب أو إحداث جرح عمداً يكون مسئولاً عن جميع النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الإجرامي - ولو كانت عن طريق غير مباشر - ما لم تتداخل عوامل أجنبية غير مألوفة تقطع رابطة السببية بينه وبين النتيجة ، وكان قيام رابطة السببية بين الإصابات والوفاة في جريمة الضرب المفضي إلى الموت من الأمور الموضوعية التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع ، ومتى فصلت في شأنها - إثباتاً أو نفياً - فلا رقابه لمحكمة النقض عليها ، ما دامت قد أقامت قضاءها في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهت إليه - كما هي الحال في الدعوى الماثلة - ولا يؤثر في ذلك خطا المجني عليه - بفرض وجوده - ما دامت فعلة الطاعن كانت هي العامل الأول الذى لولاه لما حصلت الوفاة ، فإن ما ورد بأسباب الطعن في هذا الخصوص يكون غير سديد ، هذا فضلاً عن انعدام مصلحة الطاعن من نفي مسئوليته عن الوفاة ما دامت العقوبة المقضي بها عليه وهى الحبس مع الشغل لمدة سنة تدخل في نطاق العقوبة المقررة لجنحة الضرب البسيط المنطبقة عليها الفقرة الأولى من المادة 242 من قانون العقوبات ، ولا يغير من ذلك كون المحكمة قد عاملته بالمادة 17 من هذا القانون ، ذلك أن المحكمة إنما قدرت مبررات الرأفة بالنسبة للواقعة الجنائية ذاتها ، بغض النظر عن وصفها القانوني ، ولو أنها كانت قد رأت أن الواقعة تقتضي النزول بالعقوبة إلى أكثر مما نزلت إليه ، لما منعها من ذلك الوصف الذى وصفتها به . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً. 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق