الصفحات

الثلاثاء، 24 مارس 2015

(الطعن 6019 لسنة 75 ق جلسة 28/ 8 /2006 س 57 ق 126 ص 667)

برئاسة السيد المستشار/ عزت البنداري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / كمال عبد النبى ، حسام قرنى ، عصام الدين كامل نواب رئيس المحكمة وهشام قنديل .
----------
(1) اختصاص " الاختصاص الولائي ". محكمة الموضوع " سلطتها بالنسبة للاختصاص ".
قرار المحكمة بإحالة الدعوى إلى اللجنة ذات الاختصاص القضائي . قضاء ضمني بعدم اختصاصها ولائياً بنظرها وبإحالتها إليها للاختصاص . مؤداه . التزام اللجنة المُحال إليها بنظرها . م 110/2 مرافعات .
(2) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية الدفع بعدم الدستورية ". دستور . دفوع . نقض .
تقدير جدية الدفع بعدم الدستورية . من سلطة محكمة الموضوع . شرطه . إقامة قضاءها على أسباب سائغة . المجادلة في ذلك لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
(3) دعوى " الطلبات العارضة " .
قبول الطلب العارض . شرطه . أن يُقدم إلى المحكمة بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل الجلسة أو بطلب يُقدم شفاهاً في الجلسة في حضور الخصم ويُثبت في محضـرها . م 123 مرافعات . عدم إتباع الطاعنين ذلك . نعى على غير أساس .
( 4 – 6 ) عمل " العاملون بشركة غاز مصر : بدلات : بدل السفر " .
(4) بدل السفر . ماهيته . صرفه للعامل تعويضاً له عما ينفقه في سبيل أداء وظيفته .
(5) بدل السفر للعاملين بشركة غاز مصر . استحقاقه . شرطه .
(6) تقرير البدل على خلاف أحكام اللائحة لا يُكسب حقاً . مؤداه . جواز العدول عنه وتقريره على النحو الذي يتفق وصحيح القانون .
( 7 – 9 ) عمل " بدل الوجبة الغذائية : الميزة الأفضل : العرف".
(7) استحقاق العامل لبدل الوجبة الغذائية . مناطه .
(8) استحقاق العامل ميزة أفضل . حالاته . علة ذلك .
(9) تقرير بدل لوجبة الغذائية بمقتضى العرف . شرطه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - إن تشكيل لجنة ذات اختصاص قضائي طبقاً لنص المادة 71 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 مكونة من خمسة أعضاء واختصاصها دون غيرها بالفصل في المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام قانون العمل المُشار إليه لا يجعل منها دائرة من دوائر المحكمة الابتدائية ومن ثم فلا تُعتبر إحالة الدعوى إليها من إحدى دوائر المحكمة مجرد قرار بإحالة الدعوى إدارياً من دائرة من دوائر المحكمة إلى دائرة أخرى من دوائرها وإنما هو في حقيقته قضاء ضمني بعدم اختصاص تلك المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى اللجنة المشار إليها باعتبارها المختصة بنظرها ، لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن دعوى المطعون ضدهم قد رُفعت ابتداءً أمام محكمة العمال الجزئية ببورسعيد التي قررت إحالتها إلى اللجنة ذات الاختصاص القضائي المنصوص عليها في المادة 71 من قانون العمل سالف البيان فإن الإحالة وإن اتخذت شكل القرار إلا أنها في حقيقتها حكم قضى ضمناً بعدم اختصاص المحكمة المذكورة ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى اللجنة ذات الاختصاص القضائي المختصة بنظرها ، ومؤدى ذلك أن تلتزم اللجنة المُحال إليها الدعوى بنظرها إعمالاً لحكم الفقرة الثانية من المادة 110 من قانون المرافعات .
2 - مفاد النص في المادتين 25 ، 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المشرع لم يوجب على المحكمة التي يُثار أمامها دفع بعدم دستورية قانون في دعوى مطروحة عليها وقف السير فيها إذا هي ارتأت أن هذا الدفع لا يتسم بطابع الجدية ولا ضرورة لحسم النزاع بشأنه قبل الفصل في موضوع تلك الدعوى ، وكان  تقدير جدية الدفع بعدم الدستورية متروك لمطلق تقدير محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة ، وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض الدفع بعدم الدستورية المُبدى من الطاعنين على سند من أن الطاعنين قد أوريا بصحيفة الاستئناف أن القانون رقم 12 لسنة 2003 لا يحكم واقعة النزاع وأن القانون الواجب التطبيق هو قانون العمل رقم 137 لسنة 1981 فضلاً عن أن المستأنف الأول بصفته لم يبدِ أسباباً جدية بشأن عدم دستورية المادتين 71 و 72 من القانون رقم 12 لسنة 2003 حتى تقف المحكمة على مدى جدية هذه الأسباب من عدمه وإنما جاءت أسباباً مجملة بما يُنبئ عن عدم جدية الدفع ومن ثم يضحى النعي في حقيقته مجادلة فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
3 - إذ كان يُشترط لقبول الطلب العارض وفقاً للمادة 123 من قانون المرافعات أن يُقدم إلى المحكمة بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة أو بطلب يُقدم شفاهاً في الجلسة في حضور الخصم ويُثبت في محضرها ، وكان الطاعنان لم يسلكا أىٍ من هذين الطريقين اللذين رسمهما القانون لتقديم الطلب العارض ومن ثم يكون النعي على غير أساس.
4 - مفاد النص في البند رقم 1 من المادة الأولى والمواد 2 ، 3 ، 7 من لائحة بدل السفر والانتقال أن بدل السفر إنما يُصرف للعامل عوضاً عن النفقات الضرورية التي يتحملها في سبيل أداء مُهمة يُكلف بها وتقتضى منه التغيب عن الجهة التي بها مقر عمله.
5 - إذ كان يُشترط لاستحقاق بدل السفر أن يكون مكان أداء المهمة خارج المدينة التي بها مقر العمل الرسمي ويبعد عنه بمسافة لا تقل عن مائه كيلو متر ، ولا يجوز أن تزيد المهمة الرسمية عن شهرين إلا بموافقة رئيس مجلس الإدارة وفى هذه الحالة يُخفض قيمة بدل السفر بِمقدار الربع بالنسبة للمهام داخل الجمهورية .
6 - إذ كان تقرير البدل على خلاف أحكام هذه اللائحة لا يكسب حقاً ويجوز العدول عنه وتقريره على النحو الذي يتفق وصحيح القانون .
7 - إذ كان قرار وزير الدولة للقوى العاملة رقم 11 لسنة 1982 والصادر نفاذاً لحكم المادة 123 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981 قد حدد المناطق البعيدة عن العمران التي يلتزم فيها صاحب العمل بتوفير التغذية المناسبة لعماله بأنها محافظات سيناء الشمالية ، وسيناء الجنوبية ، البحر الأحمر ، مطروح ، الوادي الجديد وكل منطقة عمل تبعد عن أقرب حدود مدينة أو قرية خمسة عشر كيلو متراً على الأقل ، بما مفاده أن أصحاب الأعمال الذين تقع منطقة عملهم في غير المناطق سالفة الذكر لا يلتزمون بتوفير وجبة غذائية للعاملين بها .
8 - إذ كانت المادة الرابعة من قانون العمل رقم 137 لسنة 1981 قد أجازت الخروج على أحكام ذلك القانون إذا كان في هذا الخروج ميزة أفضل للعامل سواء تقررت هذه الميزة في عقود العمل الفردية أو الجماعية أو الأنظمة الأساسية أو غيرها من لوائح المنشأة أو بمقتضى العرف ، والعلة في ذلك مستمدة من الهدف الذي يرمى قانون العمل في مجموعة إلى تحقيقه وهو حماية مصلحة العامل فتضمنت نصوص القانون الحد الأدنى لهذه الحماية وأبطلت كل شرط يؤدى إلى الانتقاص منها ، إلا أنها لم تمنع من زيادة هذه الحماية عن طريق اتفاقات فردية أو جماعية أو منصوص عليها في لائحة تنظيم العمل أو بمقتضى العرف .
9 - إذ كان الثابت في الأوراق أن الطاعنة الأولى كانت تمنح المطعون ضدهم بدل وجبة غذائية ثم منعته عنهم بمقولة أنه مخالف لأحكام قانون العمل الذي لا يُجيز ذلك إلا للعاملين في المناطق البعيدة عن العمران ولم تتضمنه عقود عملهم أو لائحة تنظيم العمل ، وهو قول مردود بما سبق ذكره من صحة تقرير هذا البدل باعتباره متضمناً لميزة أفضل لهم وأن عدم تقريره في عقود العمل أو لائحة تنظيم العمل لا يمنع من أن يكون مقرراً بمقتضى العرف إذا توافرت شروطه وهى العمومية بأن تُصرف لجميع عمال المنشأة أو أفراد فريق منهم يعملون تحت ظروف عمل أو مناطق معينة وفى تلك الحالة الأخيرة تُعتبر حقاً مكتسباً لهذا الفريق فقط ، والاستمرارية بأن تُصرف بصفة مستمرة لمدة كافية يجرى القضاء وهيئات التحكيم على اعتبارها خمس سنوات متتالية دون انقطاع ، وثبات القيمة بأن تكون محددة بمبلغ ثابت أو بنسبة من الأجر دون تغيير من فترة لأخرى .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة ، وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا دعواهم ابتداءً أمام محكمة العمال الجزئية - ببورسعيد على الطاعنين - شركة غاز مصر ومدير إدارة الشركة ببورسعيد - بطلبات ختامية هى الحكم بإلزامهما أن يؤديا لكلٍ منهم مبلغ 9900 جنيهاً قيمة بدلى السفر والوجبة ، وقالوا بياناً لها أنهم كانوا من العاملين لدى الطاعنة الأولى ويستحقون بدلى السفر والوجبة الغذائية وإذ قامت بمنحهم هذا البدل ثم عادت وامتنعت عن صرفه فقد أقاموا الدعوى بطلباتهم سالفة البيان. ندبت المحكمة خبيراً ، وبعد أن قدم تقريره ، قررت بتاريخ 30/9/2003 إحالة الدعوى إلى اللجنة ذات الاختصاص القضائي بمحكمة بورسعيد الابتدائية حيث قُيدت برقم ... لسنة 2003 ، وبتاريخ 20/1/2004 قررت اللجنة بأحقية المطعون ضدهم في صرف بدلى السفر والوجبة وبإلزام الطاعنة الأولى أن تؤدى للمطعون ضده الأخير مبلغ 9900 جنيهاً ولكلٍ من باقي المطعون ضدهم المبلغ الوارد بتقرير الخبير . استأنفت الطاعنة الأولى هذا القرار أمام محكمة استئناف الإسماعيلية " مأمورية بورسعيد " بالاستئناف رقم .... لسنة 45 ق كما استأنفه الطاعن الثاني أمام ذات المحكمة بالاستئناف رقم .. لسنة 45 ق ، وبعد أن أمرت المحكمة بضم الاستئنافين قضت بتاريخ 22/2/2005 بتأييد القرار المستأنف ، طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض ، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه ، وإذ عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن الطعن أُقيم على سبب واحد ينعى الطاعنان بالشق الأول من الوجه الأول منه على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفى بيان ذلك يقولان إن الحكم قضى برفض الدفع بعدم اختصاص اللجنة ذات الاختصاص القضائي ولائياً بنظر الدعوى بالرغم من أن أحكام قانون العمل رقم 137 لسنة 1981 هي الواجبة التطبيق على النزاع وبالتالي ينعقد الاختصاص للمحكمة الجزئية .
وحيث إن هذا النعي غير سديد ، ذلك أن تشكيل لجنة ذات اختصاص قضائي طبقاً لنص المادة 71 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 مكونة من خمسة أعضاء واختصاصها دون غيرها بالفصل في المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام قانون العمل المُشار إليه لا يجعل منها دائرة من دوائر المحكمة الابتدائية ومن ثم فلا تُعتبر إحالة الدعوى إليها من إحدى دوائر المحكمة مجرد قرار بإحالة الدعوى إدارياً من دائرة من دوائر المحكمة إلى دائرة أخرى من دوائرها وإنما هو في حقيقته قضاء ضمنى بعدم اختصاص تلك المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى اللجنة المشار إليها باعتبارها المختصة بنظرها . لما كان ذلك ، وكان البين من الأوراق أن دعوى المطعون ضدهم قد رُفعت ابتداءً أمام محكمة العمال الجزئية ببورسعيد التي قررت إحالتها إلى اللجنة ذات الاختصاص القضائي المنصوص عليها في المادة 71 من قانون العمل سالف البيان فإن الإحالة وإن اتخذت شكل القرار إلا أنها في حقيقتها حكم قضى ضمناً بعدم اختصاص المحكمة المذكورة ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى اللجنة ذات الاختصاص القضائي المختصة بنظرها ، ومؤدى ذلك أن تلتزم اللجنة المُحال إليها الدعوى بنظرها إعمالاً لحكم الفقرة الثانية من المادة 110 من قانون المرافعات ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس .
وحيث إن حاصل النعي بالشق الثاني من الوجه الأول أنهما دفعا أمام محكمة الموضوع بعدم دستورية المادتين 71 و 72 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 ، وطلبا وقف الدعوى لحين الفصل في الدعوى رقم 179 لسنة 26 ق دستورية أو التصريح لهما باتخاذ إجراءات الطعن بعدم دستورية المادتين السالفتين إلا أن الحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفع على ما أورده من أنهما أوردا بصحيفة استئنافهما أن القانون رقم 12 لسنة 2003 لا يحكم واقعة النزاع وأن القانون الواجب التطبيق هو قانون العمل رقم 137 لسنة 1981 بما يُنبئ عن عدم جدية الدفع ، فإنه يكون معيباً ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي في غير محله ، ذلك أنه لما كان النص في المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 على أن ( تختص هذه المحكمة دون غيرها بالفصل في دستورية القوانين واللوائح ) وفى المادة 29 من ذات القانون على أن ( تتولى المحكمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه التالي (أ) ...... (ب) إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر دعوى أمام إحدى المحاكم ...... بعدم دستورية نص في قانون ...... ورأت المحكمة ..... أن الدفع جدى أجلت نظر الدعوى وحددت لمن أثار الدفع ميعاداً لا يتجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا ) مما يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المشرع لم يوجب على المحكمة التي يُثار أمامها دفع بعدم دستورية قانون في دعوى مطروحة عليها وقف السير فيها إذا هي ارتأت أن هذا الدفع لا يتسم بطابع الجدية ولا ضرورة لحسم النزاع بشأنه قبل الفصل في موضوع تلك الدعوى ، وكان تقدير جدية الدفع بعدم الدستورية متروك لمطلق تقدير محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة ، وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض الدفع بعدم الدستورية المُبدى من الطاعنين على سند من أن الطاعنين قد أوريا بصحيفة الاستئناف أن القانون رقم 12 لسنة 2003 لا يحكم واقعة النزاع وأن القانون الواجب التطبيق هو قانون العمل رقم 137 لسنة 1981 فضلاً عن أن المستأنف الأول بصفته لم يبدِ أسباباً جدية بشأن عـــدم دستورية المادتين 71 و 72 من القانون رقم 12 لسنة 2003 حتى تقف المحكمة على مدى جدية هذه الأسباب من عدمه وإنما جاءت أسباباً مجملة بما يُنبئ عن عدم جدية الدفع ومن ثم يضحى النعي في حقيقته مجادلة فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الثالث أنهما تمسكا أن المطعون ضدهم تقاضوا منهما مبالغ نقدية إبان فترة عملهم بمحافظة الدقهلية عبارة عن بدل سكن مقداره 125 جنيهاً وبدل انتقال مقداره 48 جنيهاً وبالرغم من ذلك قضى الحكم المطعون فيه بتأييد قرار اللجنة دون إجراء المقاصة بين ما قضى به وبين ما صُرف لهم بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه يُشترط لقبول الطلب العارض وفقاً للمادة 123 من قانون المرافعات أن يُقدم إلى المحكمة بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة أو بطلب يُقدم شفاهاً في الجلسة في حضور الخصم ويُثبـــت في محضرها ، وكان الطاعنان لم يسلكا أىٍ من هذين الطريقين اللذين رسمهما القانون لتقديم الطلب العارض ومن ثم يكون النعي على غير أساس .
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الثاني أن القرار الصادر من اللجنة ذات الاختصاص القضائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد قضى بأحقية المطعون ضدهم في صرف بدلى السفر والوجبة الغذائية في حين أن مؤدى نصوص المواد 2 و 3 و 7 من لائحة بدل السفر للعاملين بالشركة أن بدل السفر يتقرر للعامل الذي يُكلف أو يُندب للعمل خارج مقر عمله لمسافة تزيد عن مائة كيلو متر ويُشترط ألا تزيد مدة المهمة الرسمية داخل الجمهورية أو خارجها عن شهرين إلا بموافقة رئيس مجلس الإدارة وفى هذه الحالة يُخفض قيمة بدل السفر المستحق بمقدار الربع بالنسبة للمهام داخل الجمهورية وبمقدار النصف بالنسبة للمهام خارج الجمهورية ، وكان الثابت من عقود عمل المطعون ضدهم أن منطقة عملهم منذ بدئها هى منطقة القناة والتى تشمل محافظات الإسماعيلية والسويس وبورسعيد والتى لا تزيد المسافة بين كلٍ منها على مائة كيلو متر ومن ثم لا يستحقون بدل السفر الذي كان يُصرف لهم بطريق الخطأ إِبان عملهم بمحافظة الإسماعيلية حتى تاريخ نقلهم لمحافظة الدقهلية بتاريخى 1/7/2002 و1/8/2002 ، كما لا يستحقون بدل الوجبة الغذائية لأنه يُشترط لاستحقاقها طبقاً للمادة 123 من قانون العمل رقم 137 لسنة 1981 أن تكون مناطق عملهم بعيدة عن العمران وهو ما لا يتوافر في حق المطعون ضدهم ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي في محله ، ذلك أنه لما كان النص في البند رقم 1 من المادة الأولى من لائحة بدل السفر والانتقال على أن "1- يخضع لأحكام هذه اللائحة جميع العاملين بالشركة أو من يُكلفون بأداء أعمال لصالح الشركة . " وفى المادة الثانية منها على أن بدل السفر هو المبلغ الذي يستحقه العامل مقابل النفقات التي يتحملها بسبب تغيبه عن الجهة التي بها مقر عمله الرسمي في الحالات الآتية :- (أ) الليالي التي يقضيها بعيداً عن الجهة التي بها مقر عمله الرسمي بسبب قيامه بالمهام أو الأعمال التي يُكلف بها من قِبل الشركة داخل الجمهورية أو خارجها . " وفى المادة الثالثة من ذات اللائحة على أن " لا يجوز أن تزيد المهمة الرسمية داخل الجمهورية أو خارجها عن شهرين إلا بموافقة رئيس مجلس الإدارة وفى هذه الحالة يُخفض قيمة بدل السفر المُستحق بمقدار الربع بالنسبة للمهام داخل الجمهورية ..... " وفى المادة السابعة منها على أن " في جميع الأحوال يُشترط لاستحقاق بدل السفر أن يكون أداء المهمة خارج المدينة التي بها مقر العمل الرسمى ويبعد عنه بمسافة لا تقل عن 100 كم . " ومفاد ذلك أن بدل السفر إنما يُصرف للعامل عوضاً عن النفقات الضرورية التي يتحملها في سبيل أداء مُهمة يُكلف بها وتقتضى منه التغيب عن الجهة التي بها مقر عمله ويُشترط لاستحقاقه أن يكون مكان أداء المهمة خارج المدينة التي بها مقر العمل الرسمى ويبعد عنه بمسافة لا تقل عن مائه كيلو متر ، ولا يجوز أن تزيد المهمة الرسمية عن شهرين إلا بموافقة رئيس مجلس الإدارة وفى هذه الحالة يُخفض قيمة بدل السفر بِمقدار الربع بالنسبة للمهام داخل الجمهورية ، لما كان ذلك , وكان تقرير البدل على خلاف أحكام هذه اللائحة لا يكسب حقاً ويجوز العدول عنه وتقريره على النحو الذي يتفق وصحيح القانون ، وكانت الطاعنة الأولى قد تمسكت أمام محكمة الموضوع أن المطعون ضدهم لا يستحقون بدل السفر خلال الفترة المطالب عنها بالبدل ذلك أن منطقة عملهم طبقاً لعقود العمل هي منطقة القناة والتي تشمل بورسعيد والإسماعيلية والسويس وأنها كانت تنقلهم على نفقتها من محل إقامتهم بمدينة بورسعيد إلى منطقة عملهم بمدينة الإسماعيلية والتي لا تزيد المسافة بينهما على مائة كيلو متر وبالتالي لا تنطبق عليهم لائحة بدل السفر ، وكان قرار اللجنة المؤيد بالحكم المطعون فيه قد قضى بأحقية المطعون ضدهم في بدل السفر دون التعرض لدفاع الطاعنين في هذا الصدد فإنه يكون قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه بالنسبة لهذا الشق .
وحيث إنه بالنسبة لبدل الوجبة الغذائية فإنه ولئن كان قرار وزير الدولة للقوى العاملة رقم 11 لسنة 1982 والصادر نفاذاً لحكم المادة 123 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981 قد حدد المناطق البعيدة عن العمران التي يلتزم فيها صاحب العمل بتوفير التغذية المناسبة لعماله بأنها محافظات سيـــــناء الشمالية ، وسيناء الجنوبية ، البحر الأحمر ، مطروح ، الوادى الجديد وكل منطقة عمل تبعد عن أقرب حدود مدينة أو قرية خمسة عشر كيلو متراً على الأقل ، بما مفاده أن أصحاب الأعمال الذين تقع منطقة عملهم في غير المناطق سالفة الذكر لا يلتزمون بتوفير وجبة غذائية للعاملين بها ، إلا أن المادة الرابعة من قانون العمل سالف الذكر قد أجازت الخروج على أحكام ذلك القانون إذا كان في هذا الخروج ميزة أفضل للعامل سواء تقررت هذه الميزة في عقود العمل الفردية أو الجماعية أو الأنظمة الأساسية أو غيرها من لوائح المنشأة أو بمقتضى العرف ، والعلة في ذلك مستمدة من الهدف الذي يرمى قانون العمل في مجموعة إلى تحقيقه وهو حماية مصلحة العامل فتضمنت نصوص القانون الحد الأدنى لهذه الحماية وأبطلت كل شرط يؤدى إلى الانتقاص منها، إلا أنها لم تمنع من زيادة هذه الحماية عن طريق اتفاقات فردية أو جماعية أو منصوص عليها في لائحة تنظيم العمل أو بمقتضى العرف ، ومن ثم فإن تقرير جهة العمل لبدل وجبة غذائية للعاملين لديها في غير المناطق البعيدة عن العمران وإن كان مخالفاً لأحكام المادة 123 من القانون 137 لسنة 1981 إلا أنه يتضمن ميزة أفضل لهم فيصح تقريرها إعمالاً لحكم المادة الرابعة من ذات القانون على ما سبق القول ، وتصبح هذه الميزة حقاً مكتسباً لهم لا يجوز حرمانهم منها أو الانتقاص من قيمتها إذا كانت مقررة في عقود العمل الفردية أو الجماعية أو في لائحة تنظيم العمل دون أن يتضمن أياً منهم تحفظاً من صاحب العمل يُعطيه الحق في إلغائها بإرادته المنفردة أو الانتقاص منها ، أو كانت مقررة بمقتضى العرف . لما كان ذلك وكان الثابت في الأوراق أن الطاعنة الأولى كانت تمنح المطعون ضدهم بدل وجبة غذائية ثم منعته عنهم بمقولة أنه مخالف لأحكام قانون العمل الذي لا يُجيز ذلك إلا للعاملين في المناطق البعيدة عن العمران ولم تتضمنه عقود عملهم أو لائحة تنظيم العمل ، وهو قول مردود بما سبق ذكره من صحة تقرير هذا البدل باعتباره متضمناً لميزة أفضل لهم وأن عدم تقريره في عقود العمل أو لائحة تنظيم العمل لا يمنع من أن يكون مقرراً بمقتضى العرف إذا توافرت شروطه وهى العمومية بأن تُصرف لجميع عمال المنشأة أو أفراد فريق منهم يعملون تحت ظروف عمل أو مناطق معينة وفى تلك الحالة الأخيرة تُعتبر حقاً مكتسباً لهذا الفريق فقط ، والاستمرارية بأن تُصرف بصفة مستمرة لمدة كافية يجرى القضاء وهيئات التحكيم على اعتبارها خمس سنوات متتالية دون انقطاع ، وثبات القيمة بأن تكون محددة بمبلغ ثابت أو بنسبة من الأجر دون تغيير من فترة لأخرى ، وكان قرار اللجنة العمالية ذات الاختصاص القضائى المؤيد بالحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أحقية المطعون ضدهم في بدل الوجبة الغذائية تأسيساً على أنهم ظلوا يتمتعون بهذه الميزة في مدد تتراوح بين سنتين إلى أربع سنوات حسب تاريخ تعيين كل منهم الأمر الذي أصبح عرفاً جارياً ملزماً للطاعنة الأولى دون أن يستظهر شروط هذا العرف من عمومية واستمرارية وثبات قيمة على نحو ما سلف ذكره وهو ما يعيب الحكم بالقصور المُبطل بما يتعين نقضه بالنسبة لهذا الشق أيضاً على أن يكون مع النقض الإحالة .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق