الصفحات

الخميس، 5 فبراير 2015

الطعن 22708 لسنة 60 ق جلسة 4 / 10 / 1999 مكتب فني 50 ق 113 ص 490

جلسة 4 من أكتوبر سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسام الدين الغرياني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد شتا ومحمد الصيرفي نائبي رئيس المحكمة وهشام البسطويسي ورفعت حنا.

--------------

(113)
الطعن رقم 22708 لسنة 60 القضائية

تهريب جمركي. مواد مخدرة. تفتيش "التفتيش بغير إذن". مأمورو الضبط القضائي. دفوع "الدفع ببطلان القبض والتفتيش".
لموظفي الجمارك تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية أو في حدود نطاق الرقابة الجمركية. شرط ذلك. أن تقوم لديهم دواعي الشك في البضائع والأمتعة أو مظنة التهريب فيمن يوجدون بداخل تلك المناطق.
عدم اشتراط توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية. بالنسبة إلى الأشخاص إلا أن ذلك مشروط بأن يقوم لدى موظف الجمارك المنوط به المراقبة والتفتيش، هو نفسه مظنة التهريب. لا يكفي تلقى نبأها عن الغير.

----------------
ماهية الشبهة المقصودة في توافر التهريب الجمركي قبل المشتبه فيه؟
مثال. لتسبيب معيب للقضاء ببطلان التفتيش في جريمة تهريب مخدر.
لما كان البين من استقراء نصوص المواد من 26 إلى 30 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك أن الشارع منح موظفي الجمارك الذين أسبغت عليهم القوانين صفة الضبط القضائي في أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم حق تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية أو في حدود نطاق الرقابة الجمركية إذا ما قامت لديهم دواعي الشك في البضائع والأمتعة أو مظنة التهريب فيمن يوجدون بداخل تلك المناطق، باعتبار أنها دوائر معينة ومغلقة حددها القانون سلفاً لإجراء الكشف والتفتيش والمراجعة فيها، وأن الشارع - بالنظر إلى طبيعة التهريب الجمركي وصلته المباشرة بصالح الخزانة العامة ومواردها وبمدى الاحترام الواجب للقيود المنظمة للاستيراد والتصدير - لم يتطلب بالنسبة إلى الأشخاص توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية أو اشتراط وجود المراد تفتيشه في إحدى الحالات المبررة له في نطاق الفهم القانوني للمبادئ المقررة في القانون المذكور إلا أن الواضح من نصوصه أنه يتطلب أن يقوم لدى موظف الجمارك المنوط به المراقبة والتفتيش في تلك المناطق، هو نفسه مظنة التهريب - لا تلقى نبأها عن الغير - فيمن يوجدون داخلها، وهي حالة تنم عن شبهة في توافر التهريب الجمركي قبل المشتبه فيه - على السياق المتقدم - في الحدود المعرف بها في القانون - حتى يثبت له حق الكشف عنها وضبطها، والشبهة المقصودة في هذا المقام هي حالة ذهنية تقوم بنفس المنوط بهم تنفيذ القوانين الجمركية يصح معها في العقل القول بقيام مظنة التهريب من شخص موجود في حدود دائرة الرقابة الجمركية وتقدير ذلك منوط بالقائم بالتفتيش تحت إشراف محكمة الموضوع، أما خارج نطاق الدائرة الجمركية فليس لموظفي الجمارك حق ما في تفتيش الأشخاص والأماكن والبضائع بحثاً عن مهربات، فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى قبول الدفع ببطلان التفتيش الحاصل من ضابط الشرطة لإجرائه بغير إذن من النيابة العامة المختصة دون أن يستجلي صفة من قام بالتفتيش وهل هو موظف الجمارك أم ضابط الشرطة أو أن الأخير قد أجراه تحت إشراف الأول، وما إذا كان الإذن الصادر من رئيس قطاع الجمارك قد تضمن تكليفاً للأول بالتفتيش أم لا، كما لم يستظهر أن أياً من رئيس القطاع المذكور والموظف القائم بالمراقبة والتفتيش وهو مأمور الجمرك قد قامت لديه شبهة في توافر مظنة التهريب الجمركي في حق المطعون ضده أم أنه تلقى نبأها عن الغير وأثر تحريات الشرطة في قيامها لديه، وما إذا كان الضبط قد تم داخل نطاق الدائرة الجمركية أو منطقة الرقابة الجمركية بعد تحديد مداها أم خارج هذا النطاق بما يستقيم معه لمن قام بالضبط عدم مراعاة قيود التفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية أو التقيد بقيودها، فإنه يكون قد حال دون تمكين محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم وأن تقول كلمتها في شأن ما تثيره النيابة العامة بوجه الطعن بما يعيبه بالقصور في البيان.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بوصف أنه أولاً: شرع في تصدير جوهر مخدر (حشيش) دون ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو ضبطه والجريمة متلبس بها. ثانياً: شرع في تهريب البضائع المبينة بالتحقيقات وموضوع التهمة الأولى خارج جمهورية مصر العربية وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو ضبطه والجريمة متلبس بها. وأحالته إلى محكمة جنايات السويس لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً ببراءته وبمصادرة المخدر المضبوط.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما تنعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضي ببراءة المطعون ضده من تهمتي الشروع في تصدير جوهر وتهريبه قد شابه الفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه التزم في قضائه ببطلان تفتيش المطعون ضده وما أسفر عنه من إجراءات بقيود القبض والتفتيش المقررة بقانون الإجراءات الجنائية - من استيجاب الحصول على إذن من النيابة العامة قبل إجرائهما - مع أن القانون في واقعة الدعوى لا يلزمه هذا التقيد لتمام التفتيش داخل الدائرة الجمركية وبناء على تكليف من رجال الجمارك وتحت إشرافهم وفي حدود ما يخوله القانون رقم 66 لسنة 1963 لهم، وذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أورد بمدوناته أن الرائد.... بمباحث ميناء السويس شهد بأن تحرياته السرية دلت على أن المطعون ضده يحوز كمية من المواد المخدرة وينوي ترويجها بالمملكة العربية السعودية فاستصدر إذناً من رئيس قطاع الجمارك بالسويس لضبطه وتفتيشه وضبط ما يحوزه أو يحرزه من مواد مخدرة وانتقل بصحبة الشاهد الثاني (مأمور الجمرك....) حيث تم ضبط المطعون ضده على الباخرة "العريش" المتجهة إلى المملكة العربية السعودية محرزاً المخدر المضبوط، وأن مأمور الجمرك المذكور شهد بما لا يخرج عما شهد به الشاهد الأول - وخلص إلى تبرئة المطعون ضده من تهمتي الشروع في تصدير جوهر مخدر وتهريبه المسندتين إليه تأسيساً على بطلان التفتيش وما ترتب عليه من إجراءات لصدور الإذن به ممن لا يملكه. لما كان ذلك، وكان البين من استقراء نصوص المواد من 26 إلى 30 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك أن الشارع منح موظفي الجمارك الذين أسبغت عليهم القوانين صفة الضبط القضائي في أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم حق تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية أو في حدود نطاق الرقابة الجمركية إذا ما قامت لديهم دواعي الشك في البضائع والأمتعة أو مظنة التهريب فيمن يوجدون بداخل تلك المناطق، باعتبار أنها دوائر معينة ومغلقة حددها القانون سلفاً لإجراء التفتيش والمراجعة فيها، وأن الشارع - بالنظر إلى طبيعة التهريب الجمركي وصلته المباشرة بصالح الخزانة العامة ومواردها وبمدى الاحترام الواجب للقيود المنظمة للاستيراد والتصدير - لم يتطلب بالنسبة إلى الأشخاص توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية أو اشتراط وجود المراد تفتيشه في إحدى الحالات المبررة له في نطاق الفهم القانوني للمبادئ المقررة في القانون المذكور إلا أن الواضح من نصوصه أنه يتطلب أن يقوم لدى موظف الجمارك المنوط به المراقبة والتفتيش في تلك المناطق، هو نفسه مظنة التهريب - لا تلقى نبأها عن الغير - فيمن يوجدون داخلها، وهي حالة تنم عن شبهة في توافر التهريب الجمركي قبل المشتبه فيه - على السياق المتقدم - في الحدود المعرف بها في القانون - حتى يثبت له حق الكشف عنها وضبطها، والشبهة المقصودة في هذا المقام هي حالة ذهنية تقوم بنفس المنوط بهم تنفيذ القوانين الجمركية يصح معها في العقل القول بقيام مظنة التهريب من شخص موجود في حدود دائرة الرقابة الجمركية وتقدير ذلك منوط بالقائم بالتفتيش تحت إشراف محكمة الموضوع، أما خارج نطاق الدائرة الجمركية فليس لموظفي الجمارك حق ما في تفتيش الأشخاص والأماكن والبضائع بحثاً عن مهربات، فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى قبول الدفع ببطلان التفتيش الحاصل من ضابط الشرطة لإجرائه بغير إذن من النيابة العامة المختصة دون أن يستجلي صفة من قام بالتفتيش وهل هو موظف الجمارك أم ضابط الشرطة أو أن الأخير قد أجراه تحت إشراف الأول، وما إذا كان الإذن الصادر من رئيس قطاع الجمارك قد تضمن تكليفاً للأول بالتفتيش أم لا، كما لم يستظهر أن أياً من رئيس القطاع المذكور والموظف القائم بالمراقبة والتفتيش وهو مأمور الجمرك قد قامت لديه شبهة في توافر مظنة التهريب الجمركي في حق المطعون ضده أم أنه تلقى نبأها عن الغير وأثر تحريات الشرطة في قيامها لديه، وما إذا كان الضبط قد تم داخل نطاق الدائرة الجمركية أو منطقة الرقابة الجمركية بعد تحديد مداها أم خارج هذا النطاق بما يستقيم معه لمن قام بالضبط عدم مراعاة قيود التفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية أو التقيد بقيودها، فإنه يكون قد حال دون تمكين محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم وأن تقول كلمتها في شأن ما تثيره النيابة العامة بوجه الطعن بما يعيبه بالقصور في البيان ويوجب نقضه والإعادة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق