الصفحات

السبت، 20 سبتمبر 2014

(الطعن 2848 لسنة 62 ق جلسة 29 / 1 / 1996 مكتب فني 47 ج 1 ق 55 ص 270)

برئاسة السيد المستشار/ أحمد محمود مكي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سيد محمود يوسف ولطف الله ياسين جزر نائبي رئيس المحكمة، يوسف عبد الحليم الهته وخالد دراز.
-----------------------
النص في المادتين 49، 52 من قانون الإثبات، وفي ضوء ما ورد بالمذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات السابق الذي نقل عنه قانون الإثبات نصوص الادعاء بالتزوير كلها يدل على أن الادعاء بالتزوير لا يعدو أن يكون دفاعا في الدعوى يقع على من تمسك به عبء إثباته بالطريق التي يراها أوفى بمقصوده وهو ليس ملزما بأن يطلب إثبات ادعائه عن طريق الإحالة للتحقيق، وإنما غاية ما في الأمر أن المشرع قدر أن من شأن تحقيق الادعاء بالتزوير أن يؤخر الفصل في الدعوى فأراد حث المدعي على التعجيل في إثبات صحة ادعائه فألزمه أن يبين في مذكرة شواهد التزوير ما لديه من أدلة أو أن يطلب تمكينه من صحة ادعائه بالطريقة المناسبة دون أن يلزمه بدليل بعينه أو يطلب اتخاذ إجراء بعينه لإثبات ادعائه.
------------------
  بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الدعوى - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعن والمطعون ضدهن الدعوى 4258 لسنة 1989 إيجارات شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بتمكينه من الجراج محل النزاع، ذلك أنه استأجره من مورثهم بعقد مؤرخ 20/10/1978 ووضع يده عليه، فتعرض له الطاعن. ومحكمة أول درجة حكمت بالطلبات. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف 9544 لسنة 106 ق القاهرة. وطعن بالتزوير على عقد الإيجار سالف الذكر، وبتاريخ 7/8/1991 قضت المحكمة بسقوط حق الطاعن في الادعاء بالتزوير. وبتاريخ 11/3/1992 قضت بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه بسقوط الادعاء بالتزوير على أن الطاعن لم يبين في مذكرة شواهد التزوير إجراءات التحقيق التي يطلب إثبات التزوير بها، رغم أنه أورد في تلك المذكرة القرائن التي يستند إليها في ثبوت ذلك التزوير وقدم مستندات على صحة الوقائع التي تمسك بدلالتها مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن النص في المادة 49 من قانون الإثبات على أن "يكون الادعاء بالتزوير في أية حالة تكون عليها الدعوى بتقرير في قلم الكتاب، ويبين في هذا التقرير كل مواضع التزوير المدعى بها وإلا كان باطلاً. ويجب أن يعلن مدعي التزوير خصمه في الثمانية الأيام التالية للتقرير بمذكرة يبين فيها شواهد التزوير وإجراءات التحقيق التي يطلب إثباته بها، وإلا جاز الحكم بسقوط ادعائه" وفي المادة 52 منه "إذا كان الادعاء بالتزوير منتجاً في النزاع ولم تكف وقائع الدعوى ومستنداتها لاقتناع المحكمة بصحة المحرر أو بتزويره ورأت أن إجراء التحقيق الذي طلبه الطاعن في مذكرته منتج وجائز أمرت بالتحقيق". وفي ضوء ما ورد بالمذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات السابق الذي نقل عنه قانون الإثبات نصوص الادعاء بالتزوير كلها من أنه (ذكر القانون الجديد "الادعاء بالتزوير" بدلاً من عبارة "الطعن بالتزوير" المستعملة في القانون القديم لكي تخلص كلمة "الطعن" للطعن في الأحكام والقرارات، ولأن لفظ الادعاء في هذا السياق أدل على الخصم المكلف بالإثبات. كما أوجب على مدعي التزوير أن يعلن خصمه في الثمانية أيام التالية للتقرير بمذكرة يبين فيها شواهد التزوير وإجراءات التحقيق التي يريد إثباته بها وإلا جاز الحكم بسقوط ادعائه، وقد استعمل المشرع عبارة "شواهد التزوير" بدلاً من عبارة "أدلة التزوير" المستعملة في القانون "السابق" لكي يدخل في مشمولها كل ما يستند إليه مدعي التزوير من وقائع وقرائن وأمارات وظروف ما كان منها سبيل إثباته شهادة الشهود أو تحقيق الخبراء وما كان من قبيل القرائن المستفادة من الوقائع الثابتة في الدعوى) فكل ذلك يدل على أن الادعاء بالتزوير لا يعدو أن يكون دفاعاً في الدعوى يقع على من تمسك به عبء إثباته بالطريقة التي يراها أوفى بمقصوده وهو ليس ملزماً بأن يطلب إثبات ادعائه عن طريق الإحالة للتحقيق، وإنما غاية ما في الأمر أن المشرع قدر أن من شأن تحقيق الادعاء بالتزوير أن يؤخر الفصل في الدعوى فأراد حث المدعي على التعجيل في إثبات صحة ادعائه فألزمه أن يبين في مذكرة شواهد التزوير ما لديه من أدلة أو أن يطلب تمكينه من صحة ادعائه بالطريقة المناسبة، دون أن يلزمه بدليل بعينه أو يطلب اتخاذ إجراء بعينه لإثبات ادعائه، وكان الطاعن قد تمسك في مذكرة شواهد التزوير بأن المطعون ضده قد توصل إلى الاستيلاء على عقد إيجار موقع على بياض من مورث الطاعن فملأ بياناته بما يفيد استئجاره للجراج موضوع النزاع بتاريخ 20/10/1978 على خلاف الحقيقة بطريق الغش واستدل على ذلك بأن المطعون ضده كان وكيل للمؤجر بموجب توكيل رسمي عام رقم 2644 لسنة 1979 الزيتون. كما أنه زوج ابنته - شقيقة الطاعن - وكان يقوم بأعمال السكرتارية للمؤجر وأن العقد محرر بخط المطعون ضده نفسه وأنه قد فرضت الحراسة على أموال المؤجر، وأثبت في محضر الجرد المحرر بتاريخ 8/2/1981 أن عين النزاع غير مؤجرة وفي حوزة المالك في حين أن المطعون ضده موكل في تمثيل المؤجر أمام جهاز المدعي العام الاشتراكي ولو كان يستأجره لحرص على إثبات ذلك، كما أن المطعون ضده قد اختصم في الطعن الذي أقامه المدعي العام الاشتراكي على تقدير أجرة العقار وورد فيه أن الجراج في حوزة مالكه كما ثبت من معاينة الشرطة وسؤال الجيران في المحضر الإداري 1764 لسنة 1987 الزيتون أن الجراج الذي يزعم المطعون ضده أنه استأجره منذ عام 1978 ظل غير مستخدم حتى تاريخ ذلك المحضر عام 1987 وقدم مستندات تدل على الوقائع التي أشار إليها، فالتفت الحكم المطعون فيه عن هذه الشواهد ولم يمحصها وقضى بسقوط الادعاء بالتزوير لأن الطاعن لم يبين في مذكرة الشواهد إجراءات التحقيق التي يطلب إثبات ادعائه بها، دون أن يعرض لما لهذه القرائن من دلالة، ومن ثم يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وجره ذلك إلى القصور في التسبيب بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق