الصفحات

الاثنين، 1 سبتمبر 2014

الطعن 24651 لسنة 69 ق جلسة 11 / 2 / 2002 مكتب فني 53 ق 51 ص 280

جلسة 11 من فبراير سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسام الدين الغرياني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد شتا، أسامة توفيق، محمد ناجى دربالة نواب رئيس المحكمة وربيع لبنه.

---------------

(51)
الطعن رقم 24651 لسنة 69 القضائية

(1) طعن "المصلحة في الطعن. نقض "إجراءات الطعن. الصفة والمصلحة في الطعن" "ما يجوز وما لا يجوز الطعن فيه من أحكام".
الطعن في الأحكام لا يجوز إلا من المحكوم عليه. بصفته التي كان متصفا بها. صدور الحكم دون إلزام الطاعنة بشيء. أثره؟
 (2)
نقض "نظر الطعن والحكم فيه". كفالة. عقوبة "عقوبة تكميلية".
عدم إيداع الكفالة من الطاعنين. ورثة المتهم. المحكوم عليهم بالرد. عدم الحصول على إعفاء منها. أثره: عدم قبول طعنهم شكلاً.
 (3)
موظفون عموميون. "أسباب الإباحة. قانون "تفسيره". مسئولية جنائية. نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون".
المادة 63 من قانون العقوبات. اقتصار أحكامها على الموظف العام. ماهيته؟
إضفاء صفة الموظف العام على شخص معين في صدد جريمة معينة. أثره. وجوب تطبيق الأحكام العامة الواردة بالكتاب الأول من قانون العقوبات التي تتعلق بمن تقوم به هذه الصفة ومنها المادتين 27، 63 من القانون ذاته. علة ذلك؟
المادة 119 مكررًا عقوبات. اعتبار العاملين بوحدات قطاع الأعمال في حكم الموظف العام في صدد جرائم اختلاس المال العام والعدوان عليه والغدر. أثره وجوب معاملتهم على أساس توافر تلك الصفة، والإفادة من أحكام الإعفاء الواردة في المادة 63 عقوبات. مخالفة ذلك. خطأ في تأويل القانون
.
 (4)
موظفون عموميون. جريمة "أركانها". اختلاس أموال أميرية. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
الدفع بتحقق سبب الإباحة. انتهاء الحكم إلى عدم انطباق المادة 63 عقوبات على الطاعنين. دون بحث دور إدارة الشركة في الواقعة وأثره على تحقيق شروط انطباق تلك المادة ومدى توافر القصد الجنائي في حقهما. قصور.
 (5)
نقض "أثر الطعن".
امتداد أثر الطعن لباقي المحكوم عليهم. لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة.

------------------------

1 - البين من الأوراق أن الطاعنة السادسة...... لم تكن طرفًا في الخصومة وأن حكمًا لم يصدر في الدعوى بشأنها. لما كان ذلك وكان من المقرر بنص المادة 211 من قانون المرافعات، وهي من كليات القانون، أنه لا يجوز الطعن في الأحكام إلا من المحكوم عليه، وهو لا يكون كذلك إلا إذا كان طرفًا في الخصومة وصدر الحكم لغير صالحه بصفته التي كان متصفًا بها في الدعوى، وكان الحكم المطعون فيه قد صدر ضد باقي الطاعنين دون أن يقضي بإلزام الطاعنة بشيء فإن طعنها يكون جائزا.
 - 2
لما كان الطاعنون..... و..... و..... ورثة المتهم الأول الذى انقضت الدعوى الجنائية بوفاته لم يودعوا الكفالة المقررة في القانون حتى تاريخ نظر الطعن المرفوع منهم برد المبلغ موضوع الجرائم المسندة لمورثهم، ولم يحصلوا على قرار من لجنة المساعدة القضائية بإعفائهم منها، فإن طعنهم يكون غير مقبول شكلاً.
 - 3ولئن كان من المقرر أن الأحكام التي تتضمنها المادة 63 من قانون العقوبات إنما تنصرف بصراحة نصها إلى الموظف العام فلا يستفيد منها من لم تكن له هذه الصفة، وأن المقصود بالموظف العام هو من يولى قدرا من السلطة العامة بصفة دائمة أو مؤقتة أو تمنح له هذه الصفة بمقتضى القوانين واللوائح، وأن العاملين بشركات قطاع الأعمال العام وهى الشركات القابضة والشركات التابعة لها لا يعدون - بحسب الأصل - من الموظفين العموميين في حكم هذه المادة إلا أنه متى كان القانون قد أضفى صفة الموظف العام على شخص معين في صدد جريمة معينة فإنه يتعين أن تطبق عليه - في صدد تلك الجريمة - الأحكام العامة الواردة بالكتاب الأول من قانون العقوبات والتي تتعلق بمن تقوم به هذه الصفة، ومن ذلك أحكام المادتين 27، 63 من هذا القانون، وبهذا التفسير يتحقق التعادل بين النصوص في العقاب وفى الإباحة، ويتفادى تضييق مجال الإباحة بغير مبرر، والقول بغير ذلك يؤدى إلى التشديد على المتهم في المسئولية الجنائية مع حرمانه من تطبيق أسباب الإباحة والتخفيف التي يحظى بها الموظف العام بصدد الجريمة ذاتها، وهى نتيجة تجافى المنطق وتأباها العدالة أشد الإباء، فضلاً عن مخالفتها لمبدأ المساواة أمام القانون الذى نصت عليه المادة 40 من الدستور. وإذ كان نص المادة 119 مكرراً من قانون العقوبات قد اعتبر العاملين بوحدات القطاع العام - قطاع الأعمال العام حاليا - في حكم الموظف العام في صدد جرائم اختلاس المال العام والعدوان عليه والغدر الواردة بالباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات، كما ردد نص المادة 52 من قانون قطاع الأعمال العام رقم 203 لسنة 1991 ذات المعنى، فإنه يتعين معاملتهم على أساس توافر تلك الصفة - صفة الموظف العام - في صدد الجرائم المنصوص عليها بالباب المشار إليه، وهو ما يخولهم الحق في طلب الإفادة من الإعفاء الوارد في المادة 63 من قانون العقوبات عند اتهامهم بارتكاب شيء من تلك الجرائم، ولما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى غير ذلك فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه - فيما تضمنه من تحصيل للواقعة وما أورده من أدلتها - قد أشار إلى دور المتهم الأول و"قيادة" شركة...... في إصدار التفويض البنكي المشار إليه ثم إلى إبرام الشركة عقدًا مع المتهمة الخامسة لتغطية ذلك التفويض ثم ربط وديعة لصالح هذه المتهمة دون أن يعرض لدفاع الطاعنين المشار إليه من عدم انطباق نص المادة 63 من قانون العقوبات عليهما على نحو ما سلف، فلم يستظهر الحكم دور إدارة الشركة في تلك الوقائع وأثر ذلك الدور - في حال ثبوته - على تحقق باقي شروط تطبيق المادة 63 المذكورة وعلى توافر القصد الجنائي في حق كل من الطاعنين هذين لدى توقيعهما على الخطابات الموجهة إلى البنوك بإصدار التفويض البنكي وربط الوديعة لصالح المتهمة الخامسة، وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه - فضلاً عن الخطأ في تأويل القانون - بالقصور في التسبيب.
5 - نقض الحكم بالنسبة إلى الطاعنين هذين يوجب نقضه بالنسبة لباقي المحكوم عليهم - من قبل طعنه منهم شكلاً ومن لم يقبل لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين في قضية الجناية رقم..... بوصف أنهم في خلال الفترة من...... حتى...... أولا: المتهمون من الأول حتى الخامسة: اشتركوا في اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب جنايات تسهيل الاستيلاء على أموال شركة والتربح والإضرار العمدى بأموال الشركة سالفة الذكر على النحو المبين بالتحقيقات. ثانيا: المتهمون من الأول حتى الثالث: بصفتهم موظفين عموميين "الأول رئيس القطاع المالي والثاني مدير حسابات البنوك والثالث مدير إدارة الاستيراد بالشركة سهلوا للمتهمة الخامسة الاستيلاء بغير حق وبنية التملك على أموال الشركة المذكورة المخصصة من البنك كتسهيلات ائتمانية تحت يد البنك والبالع قيمتها 47750000 (سبعة وأربعون مليونا وسبعمائة وخمسون ألف جنيه) وذلك بأن حرروا لها خطابات مؤرخة أرسلت لبنكي ..... و...... تتضمن تفويضًا تمكنت بموجبه المتهمة الخامسة من الاستيلاء على ذلك المبلغ. ثالثا: المتهمون الأول والثاني والرابع: ( أ ) بصفتهم موظفين عموميين "الأول والثاني بصفتهما سالفة الذكر والرابع بصفته رئيس قطاع استيراد السلع الغذائية بالشركة ذاتها حصلوا للمتهمة الخامسة بغير حق على منفعة من عمل من أعمال وظيفتهم بأن قاموا بربط وديعة من أموال الشركة بمبلغ 3102925.40 جنيه (واحد وثلاثون مليونا وتسعة وعشرون ألفًا ومائتين وثلاثة وخمسون جنيهًا وأربعون قرشًا) لمدة تقرب من أربعة أشهر بالبنك لتحصل المتهمة الخامسة بضمانها على قرض قيمته 28120457 جنيهًا (ثمانية وعشرون مليونا ومائة وعشرون ألفًا وأربعمائة وسبعة وخمسون جنيهًا) وذلك دون مبرر من تعامل بينها وبين الشركة التي يعملون بها مما ترتب عليه حبسا لهذا القدر من أموال الشركة رغم مديونيتها للبنوك بالسحب على المكشوف مما أضاع عليها مبلغ 310292.23 (ثلاثمائة وعشرة آلاف ومائتان وتسعون جنيهًا وعشرون قرشًا هو قيمة الفارق بين سعر الفائدة على الوديعة وسعر الفائدة نتيجة السحب على المكشوف على النحو المبين بالتحقيقات. رابعًا: المتهمة الخامسة: اشتركت بطريق الاتفاق مع المتهمين من الأول حتى الرابع في ارتكاب الجنايتين موضع التهمتين الثانية والثالثة بأن اتفقت معهم على ارتكابهما وتحصلت نتيجة لهذا الاتفاق على خطابات لبنكي...... و...... واستولت بموجبها على المبلغ المبين بالتهمة الثانية فضلاً عن قرض بضمان الوديعة المبينة بالتهمة الثالثة وتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق. وأحالتهم إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبتهم طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا في 21 من يونيه سنة 1999 عملاً بالمواد 40 ثانيًا، 41، 48، 113/ 1، 115، 116 مكرر، 116 مكرر "أ" 118، 119 ب، 119 مكرر هـ من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32 من القانون ذاته. أولاً: بانقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم الأول....... لوفاته. ثانيًا: بمعاقبة المتهمين الثاني والرابع والخامسة بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات لكل وبتغريمهم متضامنين مبلغ 4860292.534 جنيهًا (ثمانية وأربعون مليون وستون ألفًا ومائتان واثنان وتسعون جنيهًا وخمسمائة وأربعة وثلاثون مليمًا) عما أسند إليهم وبإلزامهم وورثة المتهم الأول برد مبلغ مساو لمبلغ الغرامة المقضي بها وذلك على سبيل التضامن وعلى أن ينفذ الحكم بالرد بالنسبة لهؤلاء الورثة بقدر ما آل إليهم من مال من تركة مورثهم. ثالثًا: بعزل المتهمين الثاني والرابع من وظيفتهما. رابعًا: بمعاقبة المتهم الثالث بالحبس مع الشغل لمدة سنتين عن التهمة المسندة إليه قرين رقم (2) من أمر الإحالة بوصف الضرر الجسيم غير العمدى وببراءته مما عداها من تهم مسندة.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.
كما طعن الأستاذ المحامي بصفته وكيلاً عن ورثة المحكوم عليه الأول. كما طعن الأستاذ المحامي بصفته وكيلاً عن والدة المحكوم عليها الخامسة ...... إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن البين من الأوراق أن الطاعنة السادسة......... لم تكن طرفًا في الخصومة وأن حكمًا لم يصدر في الدعوى بشأنها. لما كان ذلك وكان من المقرر بنص المادة 211 من قانون المرافعات، وهى من كليات القانون، أنه لا يجوز الطعن في الأحكام إلا من المحكوم عليه، وهو لا يكون كذلك إلا إذا كان طرفًا في الخصومة وصدر الحكم لغير صالحه بصفته التي كان متصفًا بها في الدعوى، وكان الحكم المطعون فيه قد صدر ضد باقي الطاعنين دون أن يقضى بإلزام الطاعنة بشيء فإن طعنها يكون جائزًا.
ومن حيث إن الطاعنين..... و...... و..... ورثة المتهم الأول..... الذي انقضت الدعوى الجنائية بوفاته - لم يودعوا الكفالة المقررة في القانون حتى تاريخ نظر الطعن المرفوع منهم عن الحكم الصادر بإلزامهم برد المبلغ موضوع الجرائم المسندة لمورثهم، ولم يحصلوا على قرار من لجنة المساعدة القضائية بإعفائهم منها، فإن طعنهم يكون غير مقبول شكلاً.
ومن حيث إن الطعن المقدم من باقي الطاعنين استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعنان....... (المتهم الثاني) و..... (المتهم الرابع) على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجرائم الاتفاق الجنائي وتسهيل الاستيلاء على المال العام والتربح والإضرار العمدى بأموال الجهة التي يعملان بها قد أخطأ في تأويل القانون وشابه قصور في التسبيب، ذلك بأنهما دفعا بأن توقيعاتهما على الخطابات الموجهة إلى البنوك بإصدار تفويض وربط وديعة لمصلحة المتهمة الخامسة كانت بحسن نية وبناء على أمر من المتهم الأول ومن رئيس مجلس إدارة شركة..... التي يعملان بها، وطلبا تطبيق المادة 63 من قانون العقوبات عليهما، إلا أن الحكم رد على دفاعهما بما لا يصلح لإطراحه، ولم يدلل على توفر القصد الجنائي لديهما في الجرائم التي دانهما باقترافها مما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من محاضر جلسات المحاكمة ومما حصله الحكم المطعون فيه أن المدافع عن الطاعن........ (المتهم الثاني) اعتصم بالمادة 63 من قانون العقوبات لأنه وقع على خطابات إصدار التفويض الموجهة للبنوك تنفيذا للتعليمات الصادرة له من رئيس المتهم الأول وبناء على تعليمات من رئيس مجلس إدارة الشركة، وبأنه كان حسن النية ولم يوقع تلك الخطابات إلا بعد أن سبقه رئيسه بالتوقيع عليها وأطلعه على شيكات مقدمة من المتهمة الخامسة تزمينًا للمبالغ الصادر بها التفويض، ثم إنه أرسل خطابات لاحقة يقيد بها التفويض المطلق الذى تضمنته الخطابات السابقة، كما أن المدافع عن الطاعن انضم إلى زميله المدافع عن المتهم الثاني في دفاعه وتمسك بحسن نيته هو أيضًا وقلة خبرته وقت التوقيع على خطاب ربط الوديعة لمصلحة المتهمة الخامسة. وقد رد الحكم المطعون فيه على دفاع الطاعنين في هذا الصدد بقوله "وحيث إنه في شأن الدفع المبدى بتمتع المتهمين الأربعة الأول بسبب الإباحة المنصوص عليه بالمادة 63 من قانون العقوبات، فإنه من المقرر قانونًا أن الموظف الأميري هو الذى يعهد إليه بعمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام عن طريق شغله منصبًا يدخل في التنظيم لذلك المرفق، وكان الشارع كلما رأى اعتبار العاملين في شركات القطاع العام التي هي حاليًا قطاع الأعمال العام ومن بينها العاملون بشركة....... طبقًا للمادة 45 من قانون قطاع الأعمال العام في حكم الموظفين في موطن ما أورده نصًا كالشأن في جرائم الرشوة واختلاس الأموال الأميرية والاستيلاء على ذلك المال وتسهيل الاستيلاء عليه والتربح إلى غير ذلك من الجرائم الواردة في البابين الثالث والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات كالحال المنصوص عليه في المادة 52 من القانون رقم 2003 لسنة 1991 بإصدار قانون شركات قطاع الأعمال العام فجعل هؤلاء العاملين في حكم الموظفين العموميين في هذا المجال فحسب دون سواه فلا يجاوزه إلى مجال المادة 63 من قانون العقوبات فيما أسبغته من سبب إباحة خاصة بالموظف العام أو المستخدم العام، وإذ كان المتهمون الأربعة الأول يعملون بشركة.. الخاضعة لقطاع الأعمال العام فإنهم لا ينطبق عليهم نص سبب الإباحة الواردة بالمادة 63 عقوبات، بما يكون الدفع بسبب الإباحة السالف واردًا على غير محل متعين الرفض "لما كان ذلك ولئن كان من المقرر أن الأحكام التي تتضمنها المادة 63 من قانون العقوبات إنما تنصرف بصراحة نصها إلى الموظف العام فلا يستفيد منها من لم تكن له هذه الصفة، وأن المقصود بالموظف العام هو من يولى قدرًا من السلطة العامة بصفة دائمة أو مؤقتة أو تمنح له هذه الصفة بمقتضى القوانين واللوائح، وأن العاملين بشركات قطاع الأعمال العام وهى الشركات القابضة والشركات التابعة لها لا يعدون - بحسب الأصل - من الموظفين العامين في حكم هذه المادة، إلا أنه متى كان القانون قد أضفى الموظف العام على شخص معين في صدد جريمة معينة فإنه يتعين أن تطبق عليه - في صدد تلك الجريمة - الأحكام العامة الواردة بالكتاب الأول من قانون العقوبات والتي تتعلق بمن تقوم به هذه الصفة، ومن ذلك أحكام المادتين 27، 63 من هذا القانون، وبهذا التفسير يتحقق التعادل بين النصوص في العقاب وفى الإباحة، ويتفادى تضييق مجال الإباحة بغير مبرر، والقول بغير ذلك يؤدى إلى التشديد على المتهم في المسئولية الجنائية مع حرمانه من تطبيق أسباب الإباحة والتخفيف التي يحظى بها الموظف العام بصدد الجريمة ذاتها، وهى نتيجة تجافى المنطق وتأباها العدالة أشد الإباء، فضلاً عن مخالفتها لمبدأ المساواة أمام القانون الذى نصت عليه المادة 40 من الدستور. وإذ كان نص المادة 119 مكررًا من قانون العقوبات قد اعتبر العاملين بوحدات القطاع العام - قطاع الأعمال العام حاليا - في حكم الموظف العام في صدد جرائم اختلاس المال العام والعدوان عليه والغدر الواردة بالباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات، كما ردد نص المادة 52 من قانون قطاع الأعمال العام رقم 203 لسنة 1991 ذات المعنى، فإنه يتعين معاملتهم على أساس توافر تلك الصفة - صفة الموظف العام - في صدد الجرائم المنصوص عليها بالباب المشار إليه، وهو ما يخولهم الحق في طلب الإفادة من الإعفاء الوارد في المادة 63 من قانون العقوبات عند اتهامهم بارتكاب شيء من تلك الجرائم، ولما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى غير ذلك فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون. وكان الحكم المطعون فيه - فيما تضمنه من تحصيل للواقعة وما أورده من أدلتها - قد أشار إلى دور المتهم الأول و"قيادة" شركة في إصدار التفويض البنكي المشار إليه ثم إلى إبرام الشركة عقدًا مع المتهمة الخامسة لتغطية ذلك التفويض ثم ربط وديعة لصالح هذه المتهمة دون أن يعرض لدفاع الطاعنين المشار إليه من عدم انطباق نص المادة 63 من قانون العقوبات عليهما على نحو ما سلف، فلم يستظهر الحكم دور إدارة الشركة.... في تلك الوقائع وأثر ذلك الدور - في حال ثبوته - على تحقق باقي شروط تطبيق المادة 63 المذكورة وعلى توافر القصد الجنائي في حق كل من الطاعنين هذين لدى توقيعهما على الخطابات الموجهة إلى البنوك بإصدار التفويض البنكي وربط الوديعة لصالح المتهمة الخامسة، وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه - فضلاً عن الخطأ في تأويل القانون - بالقصور في التسبيب الذى يوجب نقضه والإعادة بالنسبة إلى الطاعنين هذين ولباقي المحكوم عليهم - ومن قبل طعنه منهم شكلاً ومن لم يقبل - لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة، دون حاجة لبحث سائر أسباب الطعن
...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق