الصفحات

السبت، 20 سبتمبر 2014

الطعن 21654 لسنة 66 ق جلسة 22 / 10 / 1998 مكتب فني 49 ق 156 ص 1139

جلسة 22 من أكتوبر سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ أحمد عبد الرحمن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ وفيق الدهشان وأحمد عبد القوي ورضا القاضي والسعيد برغوت نواب رئيس المحكمة.

-----------------

(156)
الطعن رقم 21654 لسنة 66 القضائية

(1) مصادرة. عقوبة "العقوبة التكميلية". مواد مخدرة. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". محكمة النقض "سلطتها". نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون".
المصادرة في حكم المادة 30 عقوبات. ماهيتها.
عقوبة المصادرة المقررة في المادة 42 من القانون 182 لسنة 1960. نطاقها.
مراد الشارع بالنسبة للأدوات ووسائل النقل التي استخدمت في ارتكاب الجريمة.
إثبات الحكم المطعون فيه استخدام السيارة المضبوطة في ارتكاب جريمة حيازة المخدر. عدم منازعة المطعون ضده الثاني فيما أورده الحكم من أنه مالكها. إغفال القضاء بمصادرتها. خطأ في القانون. يوجب تصحيحه.
(2) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش. موضوعي.
(3) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". دفوع "الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش. موضوعي. كفاية اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن رداً عليه.
(4) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إليها من مطاعن. موضوعي.
عدم التزام المحكمة بالرد على الطعون الموجهة إلى تقارير الخبراء. ما دامت أخذت بما جاء بها عدم التزام المحكمة بندب خبير آخر في الدعوى. ما دام أن الواقعة وضحت لديها ولم تر من جانبها اتخاذ هذا الإجراء.
الجدل الموضعي في تقدير الدليل المستمد من تقرير الخبير لا يقبل التصدي به أمام النقض.
مثال لتسبيب سائغ للرد على طلب لجنة ثلاثية من الطب الشرعي والدفع بصدور الإذن بالقبض والتفتيش بعد الضبط.
(5) مواد مخدرة. جريمة "أركانها" قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
نعي الطاعن في شأن كمية المخدر المضبوط وترشيحها لتوافر قصد التعاطي.
جدل حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى. غير جائز أمام النقض.
(6) مواد مخدرة. قصد جنائي.
حجم كمية المخدر المضبوط لا يدل بذاته على انتفاء أو توافر أحد القصود الخاصة.
(7) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مواد مخدرة.
اطمئنان المحكمة إلى أن العينة المضبوطة هي التي أرسلت إلى التحليل وأخذها بالنتيجة التي انتهى إليها. لا يعيب حكمها.
(8) إجراءات "إجراءات التحريز". بطلان. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إجراءات التحريز. تنظيمية. لا بطلان على مخالفتها.
الجدل الموضوعي غير جائز أمام النقض.
(9) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكمة بشهادة الشهود. مفاده.
(10) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تناقض أقوال الشهود. لا يعيب الحكم. متى استخلص الإدانة منها بما لا تناقض فيه.
للمحكمة الأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود وإطراح ما عداه دون أن تكون ملزمه بإيراد ذلك في حكمها. أساس ذلك؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل تستقل به محكمة الموضوع ومجادلتها فيه غير جائز.
(11) عقوبة "تقديرها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير العقوبة".
تقدير العقوبة وتقدير مناسبتها بالنسبة لكل متهم. موضوعي.
(12) مصادرة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إيراد الحكم أنه لم يقض سهواً بمصادرة السيارة وإهابته بالنيابة العامة اتخاذ شئونها. تزيد خارج عن استدلاله غير قادح في صحته وسلامته.

---------------
1 - من المقرر أن المصادرة في حكم المادة 30 من قانون العقوبات، إجراء الغرض منه تمليك الدولة أشياء مضبوطة ذات صلة بالجريمة جبراً عن صاحبها بغير مقابل وهو عقوبة اختيارية تكميلية في الجنايات والجنح إلا إذا نص القانون على غير ذلك، وقد تكون المصادرة وجوبية يقتضيها النظام لتعلقها بشيء خارج بطبيعته عن دائرة التعامل، وهو على هذا الاعتبار تدبير وقائي لا محيص عن اتخاذه في مواجهة الكافة، وإذ كان النص في المادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها، على أن يحكم في جميع الأحوال بمصادرة الجواهر المخدرة أو النباتات المضبوطة الوارد ذكرها في الجدول رقم (5) وكذلك الأدوات ووسائل النقل المضبوطة التي تكون قد استخدمت في ارتكاب الجريمة". يدل على أن الشارع يريد بالأدوات ووسائل النقل استخدمها الجاني لكي يستزيد من إمكاناته لتنفيذ الجريمة أو تيسير ارتكابها أو تخطى عقبات تعترض تنفيذها، لما كان ذلك، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه قد أثبتت استخدام المطعون ضدهما للسيارة المضبوطة في ارتكاب جريمة حيازة المخدر المضبوط ولم ينازع المطعون ضده الثاني فيما أورده الحكم من أنه مالك للسيارة المضبوطة ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل القضاء بمصادرتها على خلاف ما توجبه المادة 42 سالفة البيان يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه بالقضاء بمصادرة السيارة المضبوطة بالإضافة إلى العقوبات المقضي بها.
2 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق، تحت إشراف محكمة الموضوع التي متى اقتنعت بتوافر مسوغات إصدار هذا الأمر فلا معقب عليها فيما ارتأته بالموضوع لا بالقانون.
3 - من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها.
4 - من المقرر أيضاً أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة إلى تقارير الخبراء ما دامت قد أخذت بما جاء بها لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليها، وهي غير ملزمة وبإجابة الدفاع إلى طلب ندب خبير آخر في الدعوى ما دام أن الواقعة قد صحت لديها ولم تر هي من جانبها اتخاذ هذا الإجراء، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على طلب الطاعنين ندب لجنة ثلاثية من قسم أبحاث التزييف والتزوير بالطب الشرعي بالقاهرة وعلى دفعهما بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش بقوله "وحيث إن المحكمة وبعد استعراضها لوقائع الدعوى وملابساتها تلتفت عن طلب الدفاع الحاضر عن المتهمين بشأن إحالة الأوراق إلى قسم أبحاث التزييف والتزوير بالطب الشرعي بالقاهرة اطمئناناً منها إلى سلامة الإذن الصادر من النيابة العامة بالضبط والتفتيش وأن ميقات صدوره الذي يحمله وهو الساعة 1.15 م الواحدة والربع من مساء يوم 10/ 4/ 1995 قد دون به في ذات ساعة وتاريخ صدوره وذلك اطمئناناً منها إلى ما انتهى تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير بالطب الشرعي بأسيوط من أن التعديل بتوقيت تحرير الإذن بالتفتيش قد حدث بقصد استدراك خطأ وليس بقصد التزوير..... وذلك لسلامة الأسس التي بنى عليها هذا التقرير.... ومن هذا المنطق فإن المحكمة تطمئن إلى شهادة شهود الواقعة في خصوص توقيت ضبط وتفتيش المتهمين والسيارة قيادة المتهم الأول ومسكن المتهم الثاني وأن ذلك قد تم بعد صدور الإذن بذلك من النيابة العامة وبناء عليه يكون الدفع ببطلان الإذن بالتفتيش أو ببطلان القبض والتفتيش على غير سند من صحيح الواقع أو القانون متعيناً إطراحه "وهو ما يستقيم به إطراح الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش وطلب الطاعنين ندب خبير آخر، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد يكون غير سليم، ولا يغير من ذلك ما ساقه الطاعنان في أسباب طعنهما من مطاعن للنيل من تقرير الخبيرة المنتدبة من المحكمة إذ لو ارتأى الطاعنان جديتها لاتخذا الإجراءات التي رسمها القانون لردها أمام محكمة الموضوع، أما وهما لم يفعلا فإنه لا يجوز إثارتها أمام محكمة النقض فضلاً عن أن هذه المطاعن - بما فيما القول بعدم خبرة الخبيرة - لا تعدو أن تكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل المستمد من تقرير الخبيرة مما لا يقبل التصدي له أمام محكمة النقض.
5 - لما كان ما يثيره الطاعن الثاني في شأن كمية المخدر المضبوط وترشيحها لتوافر قصد التعاطي أو الاستعمال الشخصي لديه، فهو لا يعدو أن يكون جدلاً حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
6 - من المقرر أن حجم كمية المخدر المضبوط لا يدل بذاته على انتفاء أو توافر أحد القصود الخاصة.
7 - لما كان من المقرر أنه متى اطمأنت المحكمة إلى أن العينة المضبوطة هي التي أرسلت للتحليل وصار تحليلها واطمأنت كذلك إلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا تثريب عليها إن هي قضت في الدعوى بناء على ذلك.
8 - لما كان من المقرر أن إجراءات التحريز إنما قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية تهوينه ولم يرتب القانون على مخالفتها بطلاناً، بل ترك الأمر في ذلك إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل وأن الإحراز المضبوطة لم تصل إليها يد العبث، وإذ كانت المحكمة قد أقامت قضاءها على عناصر صحيحة وسائغة واطمأنت إلى عدم حصوله عبث بالمضبوطات فإنه لا يقبل من الطاعنين ما يثيرانه في هذا الصدد إذ لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
9 - لما كان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
10 - من المقرر أن تناقض أقوال الشهود - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم بما لا تناقض فيه، ذلك أن للمحكمة أن تأخذ من أقوال الشهود بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه دون أن تكون ملزمة بإيراده في حكمها إذ الأصل أنها لا تلتزم بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أفصح عن اطمئنانه إلى ما حصله من أقوال شهود الإثبات، وخلا ما حصله منها من شائبة التناقض، كما لا ينازع الطاعنان في أن له مأخذه الصحيح من الأوراق، فإن ما أثير من نعي في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه.
11 - لما كان تقدير العقوبة في الحدود المقررة قانوناً وتقدير مناسبة العقوبة بالنسبة إلى كل متهم هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون معقب دون أن تسأل حساباً عن الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته، فإن ما يثيره الطاعن الأول عن مقدار العقوبة التي أوقعها الحكم عليه بالمقارنة بالعقوبة التي أوقعها على الطاعن الثاني لا يكون مقبولاً.
12 - لما كان ذلك، وكان ما أوردته المحكمة في مدونات حكمها من أنه قد فاتها سهواً القضاء بمصادرة السيارة رقم.... وأهابت بالنيابة العامة اتخاذ شئونها لا يعدو أن يكون تزيداً خارجاً عن استدلال الحكم غير قادح في صحته ولا تأثير على سلامته.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما الأول: أحرز وحاز والثاني: حاز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "هيروين" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالتهما إلى محكمة جنايات المنيا لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 38، 42/ 1 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 61 لسنة 1977، 122 لسنة 1989 والبند رقم 2 من القسم الأول من الجدول رقم 1 المرفق بالقانون الأول والمستبدل - بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً وبمعاقبة المتهم الثاني بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وتغريم كل منهما مائة ألف جنيه عما أسند إليه ومصادرة الجوهر المخدر المضبوط. باعتبار أن الحيازة والإحراز مجردان من القصود.
كما طعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

أولاً: الأسباب المقدمة من النيابة العامة:
من حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، ذلك بأنه لم يقض بمصادرة السيارة المضبوطة بالمخالفة لصريح نص المادة 42 من القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه دان المطعون ضدهما وعاقبهما بالمواد 1، 2، 38، 42 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين 61 لسنة 1977، 122 لسنة 1989 والبند رقم 2 من القسم الأول من الجدول رقم 1 المرفق بالقانون الأول والمستبدل - بمعاقبة المتهم الأول - بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً وبمعاقبة المتهم الثاني..... بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وتغريم كل منهما مائة ألف جنيه عما أسند إليه ومصادرة الجوهر المخدر المضبوط، لما كان ذلك، وكانت المصادرة في حكم المادة 30 من قانون العقوبات، إجراء الغرض منه تمليك الدولة أشياء مضبوطة ذات صلة بالجريمة جبراً عن صاحبها بغير مقابل وهو عقوبة اختيارية تكميلية في الجنايات والجنح إلا إذا نص القانون على غير ذلك، وقد تكون المصادرة وجوبية يقتضيها النظام لتعلقها بشيء خارج بطبيعته عن دائرة التعامل، وهو على هذا الاعتبار تدبير وقائي لا محيص عن اتخاذه في مواجهة الكافة، وإذ كان النص في المادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها، على أن يحكم في جميع الأحوال بمصادرة الجواهر المخدرة أو النباتات المضبوطة الوارد ذكرها في الجدول رقم (5) وكذلك الأدوات ووسائل النقل المضبوطة التي تكون قد استخدمت في ارتكاب الجريمة". يدل على أن الشارع يريد بالأدوات ووسائل النقل استخدمها الجاني لكي يستزيد من إمكاناته لتنفيذ الجريمة أو تيسير ارتكابها أو تخطى عقبات تعترض تنفيذها، لما كان ذلك، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه قد أثبتت استخدام المطعون ضدهما للسيارة المضبوطة في ارتكاب جريمة حيازة المخدر المضبوط ولم ينازع المطعون ضده الثاني فيما أورده الحكم من أنه مالك للسيارة المضبوطة ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل القضاء بمصادرتها على خلاف ما توجيه المادة 42 سالفة البيان يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه بالقضاء بمصادرة السيارة المضبوطة بالإضافة إلى العقوبات المقضي بها.


ثانياً: الأسباب المقدمة من المحكوم عليهما:
من حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان أولهما بجريمة إحراز وحيازة مخدر - هيروين - بدون قصد من القصود ودان ثانيهما بجريمة حيازة مخدر - هيروين بدون قصد من القصود قد شابه قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع وفساد في الاستدلال - ذلك بأن المدافع عن الطاعنين دفع ببطلان إذن النيابة العامة بالقبض والتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية، بيد أن الحكم تناول هذا الدفع برد قاصر وغير سائغ، كما أن الطاعنين دفعا بصدور إذن النيابة العامة بعد الضبط والتفتيش بدلاله وجود تزوير في ميقات صدوره إلا أن الحكم رد على هذا الدفع رداً غير سائغ مستنداً في ذلك إلى ما ورد بتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير من أن التعديل في ساعة الإذن كان مجرد تصحيح مصدره لخطأ وقع فيه رغم أن هذا التعديل لا يمكن أن يكون مجرد تصحيح لخطأ مادي فضلاً عن أن مصدر الإذن لم يدون ذلك في مذكرتيه المقدمتين للمحكمة مما يقطع بفساد ذلك التقرير وعدم حيدته وقدم الطاعنان حكماً قضائياً للتدليل على عدم دقة الخبيرة التي وضعته ومما يؤيد ذلك أنها لم تجر المضاهاة على أصل الإذن وإنما أجرتها على أصل وتوقيع مصدر الإذن بمذكرتيه رغم أنه لم يحررهما أمام المحكمة والمحامي العام وبالرغم من أنها لم تستكتبه بنفسها ولم تطلب أوراقاً رسمية لإجراء المضاهاة ومع ذلك فإن المحكمة أغفلت الرد على تلك المطاعن وكان يتعين عليها ندب لجنة ثلاثية من خبراء قسم أبحاث التزييف والتزوير لتحقيق دفاع الطاعنين في هذا الشأن، كما تمسك الدفاع عن الطاعنين بأن ما تم ضبطه يغاير ما تم تحليله بدلالة اختلاف الوزن إلا أن الحكم رد على ذلك بما لا يصلح رداً، وأخطأ الحكم حين أخذ الطاعن الثاني - بعد أن نفي عنه قصد الاتجار - بحيازة المخدر مجرداً من القصود رغم أن ضآلة الكمية المضبوطة ترشح لمؤاخذته بقصد التعاطي أو الاستعمال الشخصي وفرق في العقوبة بين الطاعن الأول والطاعن الثاني رغم وحدة الواقعة، والتفت عن دفاعهما القائم على تناقض أقوال شهود الإثبات بشأن تحديد مواقع الأكمنة الخاصة بالضبط وأخيراً فإن المحكمة أوردت بمدونات حكمها أنه قد فاتها سهواً القضاء بمصادرة السيارة المضبوطة وأهابت بالنيابة العامة اتخاذ شئونها بشأنها، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأقام على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وتقرير المعامل الكيماوية، لما كان ذلك، وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق، تحت إشراف محكمة الموضوع التي متى اقتنعت بتوافر مسوغات إصدار هذا الأمر فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد سوغ الأمر بالتفتيش وأقر النيابة على تصرفها في هذا الشأن، فإن ما ينعاه الطاعنان في هذا الشأن لا يكون مقبولاً، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها. وكان من المقرر أيضاً أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة إلى تقارير الخبراء ما دامت قد أخذت بما جاء بها لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليها، وهي غير ملزمة وبإجابة الدفاع إلى طلب ندب خبير آخر في الدعوى ما دام أن الواقعة قد صحت لديها ولم تر هي من جانبها اتخاذ هذا الإجراء، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على طلب الطاعنين ندب لجنة ثلاثية من قسم أبحاث التزييف والتزوير بالطب الشرعي بالقاهرة وعلى دفعهما بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش بقوله: "وحيث إن المحكمة وبعد استعراضها لوقائع الدعوى وملابساتها تلتفت عن طلب الدفاع الحاضر عن المتهمين بشأن إحالة الأوراق إلى قسم أبحاث التزييف والتزوير بالطب الشرعي بالقاهرة اطمئناناً منها إلى سلامة الإذن الصادر من النيابة العامة بالضبط والتفتيش وأن ميقات صدوره الذي يحمله وهو الساعة 1.15 م الواحدة والربع من مساء يوم 10/ 4/ 1995 قد دون به في ذات ساعة وتاريخ صدوره وذلك اطمئناناً منها إلى ما انتهى تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير بالطب الشرعي بأسيوط من أن التعديل بتوقيت تحرير الإذن بالتفتيش قد حدث بقصد استدراك خطأ وليس بقصد التزوير..... وذلك لسلامة الأسس التي بنى عليها هذا التقرير.... ومن هذا المنطق فإن المحكمة تطمئن إلى شهادة شهود الواقعة في خصوص توقيت ضبط وتفتيش المتهمين والسيارة قيادة المتهم الأول ومسكن المتهم الثاني وأن ذلك قد تم بعد صدور الإذن بذلك من النيابة العامة وبناء عليه يكون الدفع ببطلان الإذن بالتفتيش أو ببطلان القبض والتفتيش على غير سند من صحيح الواقع أو القانون متعيناً إطراحه "وهو ما يستقيم به إطراح الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش وطلب الطاعنين ندب خبير آخر، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد يكون غير سليم، ولا يغير من ذلك ما ساقه الطاعنان في أسباب طعنهما من مطاعن للنيل من تقرير الخبيرة المنتدبة من المحكمة إذ لو ارتأى الطاعنان جديتها لاتخذا الإجراءات التي رسمها القانون لردها أمام محكمة الموضوع، أما وهما لم يفعلا فإنه لا يجوز إثارتها أمام محكمة النقض فضلاً عن أن هذه المطاعن - بما فيما القول بعدم خبرة الخبيرة - لا يعدو أن تكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل المستمد من تقرير الخبيرة مما لا يقبل التصدي له أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن الثاني في شأن كمية المخدر المضبوط وترشيحها لتوافر قصد التعاطي أو الاستعمال الشخصي لديه، فهو لا يعدو أن يكون جدلاً حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن حجم كمية المخدر المضبوط لا يدل بذاته على انتفاء أو توافر أحد القصود الخاصة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه متى اطمأنت المحكمة إلى أن العينة المضبوطة هي التي أرسلت للتحليل وصار تحليلها واطمأنت كذلك إلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا تثريب عليها إن هي قضت في الدعوى بناء على ذلك. هذا فضلاً عما هو مقرر من أن إجراءات التحريز إنما قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية تهوينه ولم يرتب القانون على مخالفتها بطلاناً، بل ترك الأمر في ذلك إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل وأن الإحراز المضبوطة لم تصل إليها يد العبث، وإذ كانت المحكمة قد أقامت قضاءها على عناصر صحيحة وسائغة واطمأنت إلى عدم حصول عبث بالمضبوطات فإنه لا يقبل من الطاعنين ما يثيرانه في هذا الصدد إذ لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. وكان من المقرر أن تناقض أقوال الشهود - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم بما لا تناقض فيه، ذلك أن للمحكمة أن تأخذ من أقوال الشهود بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه دون أن تكون ملزمة بإيراده في حكمها إذ الأصل أنها لا تلتزم بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أفصح عن اطمئنانه إلى ما حصله من أقوال شهود الإثبات، وخلا ما حصله منها من شائبة التناقض، كما لا ينازع الطاعنان في أن له مأخذه الصحيح من الأوراق، فإن ما أثير من نعي في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه. لما كان ذلك، وكان تقدير العقوبة في الحدود المقررة قانوناً وتقدير مناسبة العقوبة بالنسبة إلى كل متهم هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون معقب دون أن تسأل حساباً عن الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته، فإن ما يثيره الطاعن الأول عن مقدار العقوبة التي أوقعها الحكم عليه بالمقارنة بالعقوبة التي أوقعها على الطاعن الثاني لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان ما أوردته المحكمة في مدونات حكمها من أنه قد فاتها سهواً القضاء بمصادرة السيارة رقم...... وأهابت بالنيابة العامة اتخاذ شئونها لا يعدو أن يكون تزيداً خارجاً عن استدلال الحكم غير قادح في صحته ولا تأثير على سلامته. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق