الصفحات

الاثنين، 1 سبتمبر 2014

الطعن 20301 لسنة 71 ق جلسة 6 / 1 / 2002 مكتب فني 53 ق 10 ص 58

جلسة 6 من يناير سنة 2002

رئاسة السيد المستشار/ مجدى الجندي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أنور محمد جابري، فريد عوض على عوض، بدر الدين السيد وعادل السيد الكناني نواب رئيس المحكمة.

---------------

(10)
الطعن رقم 20301 لسنة 71 القضائية

(1) إعدام. نيابة عامة. نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب. ميعاده". محكمة النقض "سلطتها".
إثبات تاريخ تقديم مذكرة النيابة في قضايا الإعدام. غير لازم.
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها دون التقيد بالرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها. أساس ذلك؟
(2) قتل عمد. قصد جنائي. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
جناية القتل العمد تميزها بقصد إزهاق روح المجني عليه. وجوب تحدث الحكم عنه استقلالاً واستظهاره بإيراد ما يدل عليه.
تعدد الضربات وشدتها وإصابة المجني عليه في مقتل. غير كاف بذاته لثبوت هذا القصد. علة ذلك؟
مثال لتسبيب معيب في استظهار نية القتل في جريمة قتل عمد.
(3) ظروف مشددة. سبق إصرار. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر سبق الإصرار".
سبق الإصرار. مناط تحققه؟
(4) إعدام. محكمة النقض "سلطتها".
وظيفة محكمة النقض في شأن الأحكام الصادرة بالإعدام؟
(5) نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". حكم "ما يعيبه في نطاق التدليل".
اعتناق الحكم صورتين متعارضتين لواقعة الدعوى. تناقض واضطراب.
لمحكمة النقض نقض الحكم من تلقاء نفسها. أساس ذلك؟
مثال.

----------------
1 - لما كانت النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على محكمة النقض عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، مشفوعة بمذكرة برأيها مؤرخة 18 من يوليه سنة 2001 انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر فيما قضى به حضوريًا من إعدام المحكوم عليه، دون إثبات تاريخ تقديمها للتحقق من أنه روعي فيها عرض القضية في ميعاد الستين يومًا المبين بالمادة 34 من هذا القانون المعدلة بالمادة التاسعة من القانون رقم 23 لسنة 1992، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة العامة بل أن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتتبين - من تلقاء نفسها ودون أن تتقيد بمبنى الرأي الذى ضمنته النيابة العامة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة العامة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
2 - لما كانت جناية القتل العمد تتميز قانونًا عن غيرها من جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكابه الفعل الجنائي إزهاق روح المجني عليه، وهذا العنصر ذو طابع خاص ويختلف عن القصد الجنائي العام الذي يتطلبه القانون في سائر الجرائم، وهو بطبيعته أمر يبطنه الجاني ويضمره في نفسه، ومن ثم فإن الحكم الذي يقضي بإدانة المتهم في هذه الجناية يجب أن يعنى بالتحدث عن هذا الركن استقلالاً واستظهاره بإيراد الأدلة التي تكون المحكمة قد استخلصت منها أن الجاني حين ارتكب الفعل المادي المسند إليه كان في الواقع بقصد إزهاق روح المجني عليه، وحتى تصلح تلك الأدلة أساسًا تبنى عليه النتيجة التي يتطلب القانون تحققها يجب أن يبينها الحكم بيانًا واضحًا ومرجعها إلى أصولها في أوراق الدعوى ولما كان ما أورده الحكم لا يفيد سوى الحديث عن الأفعال المادية التي قارفها الطاعن ذلك أن استعمال أداة قاتلة بطبيعتها وتعدد الضربات بها وشدتها وإصابة المجني عليه في مقتل لا يكفي بذاته لثبوت نية القتل في حق الطاعن إذا لم يكشف الحكم عن قيام هذه النية بنفسه، لأن تلك الإصابات قد تتحقق دون أن تتوافر نية القتل العمد خاصة أن الحكم قد دلل على توافر نية القتل لدى الطاعن من أنه سدد العديد من الضربات للمجني عليه أدت إلى إصابته بجروح قطعية بالعنق والبطن على النحو الوارد بتقرير الصفة التشريحية بالبنود 4، 5، 6، 8 لا سيما وأن الطاعن نازع في توافر تلك النية، ومن ثم فإن ما ذكره الحكم يكون قاصرًا في التدليل على توافر نية القتل مما يعيبه بما يوجب نقضه.
3 - لما كان الحكم قد استظهر ظرف سبق الإصرار وتوافره في حق الطاعن في قوله "وعن انتفاء سبق الإصرار فمردود عليه بأن ذلك القول مجرد قول مرسل لا دليل عليه من واقع الأوراق وكان من المقرر قانونًا وقضاءً وأن سبق الإصرار يقوم على عنصرين عنصر زمنى يقتضى أن يكون التفكير في الجريمة قد سبق الإقدام على تنفيذها بوقت كاف وعنصر نفسى تعنى به حالة الهدوء والسيطرة على النفس التي يجب أن يتوافر للجاني حينما يفكر في ارتكاب جريمته بحيث يتاح له أن يقلب الأمر على وجوهه المختلفة والعنصر النفسي قوامه التفكير الهادئ المطمئن وسبق الإصرار حالة ذهنية نفسية ويستفاد من وقائع خارجية تكون بمثابة القرائن التي تكشف عن وجوده. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن تفكير المتهم في قتل المجنى عليه....... وسرقة جهازه المحمول ونقوده منذ فترة كبيرة منذ امتناعه عن سداد مبلغ القرض له وإصراره على هذا الامتناع - ومن كثرة تردده على المجنى عليه بالشقة سكنه وتأكده من انفراده بالإقامة بتلك الشقة وحيازته وملكيته لجهاز تليفون محمول واختياره ميعاد قدومه إلى الشقة سكن المجنى عليه في تمام الساعة 7 صباح يوم الخميس 17/ 8/ 2000 ومعه السكين التي أعدها لارتكاب هذا الحادث واطمئنانه لعدم مشاهدة أحد له وقت قدومه في هذا الوقت وعدم الشك في قدومه لاعتياده التردد على الشقة سكن المجني عليه وصله الصداقة التي تربطه بالمجني عليه بالسكين في بطنه مما أدى إلى بروز أحشائه ثم مواصلة طعنه بذات السكين في ظهره وعنقه ورأسه ويده اليمنى حتى أرداه قتيلاً دون استغاثة منه ثم قيامه باغتسال سكينه المجني عليه من دمائه العالقة بها واغتسال سكينته التي استخدمها في ارتكاب هذا الحادث من دماء المجني عليه العالقة بها ثم استيلائه على النقود وجهاز التليفون المحمول الخاصين بالمجني عليه ثم قيامه بفتح مفتاح البوتاجاز لتسريب الغاز منه وإشعاله النيران بالستارة بالشقة مكان الحادث لإخفاء معالم جريمته ثم الهرب بتلك المسروقات والسكين المستخدمة في الحادث وبعد أن أحكم غلق باب تلك الشقة مكان الحادث ثم توجهه إلى مستشفى منشية البكري العام لعلاج إصابة يده اليسرى ثم توجهه إلى الشقة سكن عمه لاغتسال ملابسه الملوثة بالدماء وإخفاء مبلغ النقود وجهاز التليفون المحمول موضوع الجريمة والسكين المستخدمة في الحادث وتصرفه في باقي النقود موضوع الجريمة على التفصيل سالف البيان، تلك قرائن تدل على تفكير المتهم والتدبير الهادئ لقتل المجني عليه وسرقة نقوده وجهاز تليفونه المحمول مما يقطع بتوافر سبق الإصرار لدى هذا المتهم ويكون هذا الدفع بدوره بغير سند". لما كان ذلك، وكان من المقرر في تفسير المادة 231 من قانون العقوبات أن سبق الإصرار - هو ظرف مشدد عام في جرائم القتل والجرح والضرب - يتحقق بإعداد وسيلة الجريمة ورسم خطة تنفيذها بعيدًا عن ثورة الانفعال مما يقتضي الهدوء والروية قبل ارتكابها - فضلاً عن أنه حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة بل تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصًا مادام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج. ولما كان ما أورده الحكم عن سبق الإصرار فيما تقدم وإن توافرت له في ظاهر الأمر مقومات هذا الظرف كما هو معرف به في القانون، إلا أن ما ساقه الحكم في هذا الشأن في عبارات مرسله ليس في حقيقته إلا ترديدًا لوقائع الدعوى كما أوردها في صدده وبسطًا لمعنى سبق الإصرار وشروطه، ولا يعدو أن يكون تعبيرًا في تلك الحالة التي تقوم بنفس الجاني والتي يتعين على المحكمة أن تستظهرها بما يدل عليها وأن تبين الوقائع والأمارات والمظاهر الخارجية التي تكشف عنها مما كان ينبغي على المحكمة معه أن توضح كيف انتهت إلى ثبوت توافر ظرف الإصرار في حق الطاعن الذي قام بغسل السكين خاصة المجني عليه من الدماء نتيجة إصابته والتي ذهب من جرائها إلى المستشفى للعلاج منها وأن تردده على مسكن المجني عليه لوجود معاملات مالية ومن أنه بينهما تنازعا بشأنها، فإن ما أثبته الحكم في صدد سبق الإصرار لا يكفي للقول بأن الطاعن قد تدبر جريمته وفكر فيها تفكيرًا هادئًا لا يخالطه اضطراب المشاعر ولا الانفعال النفسي ومن ثم يكون الحكم معيبًا من هذه الناحية أيضًا بالقصور في التسبيب فضلاً عن الفساد وفي الاستدلال.
4 - لما كانت المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 سالف البيان تنص على أنه مع عدم الإخلال بالأحكام المتقدمة إذا كان الحكم صادرًا حضوريًا بعقوبة الإعدام يجب على النيابة العامة أن تعرض القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم وذلك في الميعاد المبين بالمادة 34 - المعدلة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 - وتحكم المحكمة طبقًا لما هو مقرر في الفقرة الثانية من المادة 35 والفقرتين الثانية والثالثة من المادة 39 ومفاد ذلك أن وظيفة محكمة النقض فى شأن الأحكام الصادرة بالإعدام ذات طبيعة خاصة تقتضيها إعمال رقابتها على عناصر الحكم كافة موضوعية وشكلية وتقضى من تلقاء نفسها بنقض الحكم في أية حالة من حالات الخطأ أو البطلان.
5 - لما كان الحكم قد أورد عند إيراده مضمون إقرار الطاعن بمحضر الضبط وظرف سبق الإصرار أنه عند مواجهة المتهم عقب ضبطه أقر بارتكابه الحادث بأن تعدى على المجني عليه بالضرب بسكين بقصد سرقته بعد أن فكر في قتله منذ فترة كبيرة لامتناعه سداد ما عليه من دين ثم بادر المجنى عليه بعد مناقشته في السداد وامتناعه بالطعن بالسكين التي كانت معه وعندئذ تناول المجنى عليه سكينًا حاول طعنه بها ثم عاد عند إيراده مضمون اعتراف الطاعن ورده على الدفع بالدفاع الشرعي الذى دفع به الطاعن أن فكرة الاعتداء على المجنى عليه إنما نشأت لدى الطاعن على إثر المشادة الكلامية بينهما وإصرار المجنى عليه على عدم السداد ثم تعدى الأخير عليه بأباجورة أصابته وأشهر له سكين أمسك بها مما أدى إلى إصابة الطاعن بيده اليسرى فطعن المجني عليه بسكين في بطنه كان الطاعن قد أحضرها معه وعندئذ راودته فكرة قتل المجنى عليه وعول الحكم على إقرار واعتراف المتهم هذين من بين الأدلة التي عول عليها رغم تعارضهما واختلاف مضمونهما في شأن متى نشأت فكرة الاعتداء على المجني عليه لدى الطاعن ومتى حاول المجني عليه الاعتداء على الطاعن هل قبل اعتداء الأخير عليه أم بعده مع ما لذلك من أثر على عقيدة المحكمة ووزنها للأمور. لما كان ذلك، فإن اعتناق الحكم هاتين الصورتين المتعارضتين لواقعة الدعوى مما يدل على اختلال فكرته عن عناصر الواقعة وعدم استقرارها الاستقرار الذي يجعلها في حكم الوقائع الثابتة الأمر الذي يستحيل معه على محكمة النقض أن تتعرف على أي أساس كونت محكمة الموضوع عقيدتها في الدعوى، فضلاً عما ينبئ عنه من أن الواقعة لم تكن واضحة لديها بالقدر الذى يؤمن معه خطؤها في تقدير مسئولية المتهم، ومن ثم يكون حكمها متخاذلاً في أسبابه متناقضًا في بيان الواقعة تناقضًا يعيبه مما يبطله. لما كان ما تقدم، وكان البطلان الذى لحق بالحكم المطعون فيه يندرج تحت حكم الحالة الثانية من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 التي أحالت إليها الفقرة الثانية من المادة 46 من القانون سالف الذكر قد أوجبت على هذه المحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها بنقض الحكم إذا ما وقع فيه بطلان من هذا القبيل فإنه يتعين قبول عرض النيابة ونقض الحكم المطعون فيه الصادر بإعدام المحكوم عليه والإعادة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن فى قضية الجناية: أولاً: قتل المجنى عليه .... مع سبق الإصرار بأن عقدا العزم وبيت النية على قتله وأعد سلاحًا أبيضًا (سكين) وتنفيذًا لذلك، توجه لمسكن المجني عليه وطالبه بما له من مبالغ نقدية بذمته وما أن رفض المجنى عليه حتى أستل السلاح المذكور لتنفيذ ما قد انتواه وما أن ظفر به حتى أشهر السلاح ثم انهال عليه طعنًا فى أنحاء متفرقة من جسده قاصدًا من ذلك إزهاق روحة فاحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد ارتكبت هذه الجناية بقصد ارتكاب جنحة أخرى مرتبطة هي أنه فى ذات الزمان والمكان سالفي الذكر سرق المبلغ النقدي المبين قدرًا والهاتف المحمول المبين وصفًا والمملوكين للمجنى عليه.... من مسكنه على النحو المبين بالتحقيقات وقد اقترنت هذه الجناية بجنايتين أخرتين هما أنه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر (أ) وضع النار عمدًا في محل مسكون ومعد للسكنى (مسكن المجني عليه سالف الذكر) بأن أدار موقد الطهى "البوتاجاز" مما أدى لتسرب الغاز الطبيعي وأشعل النيران به والتي أتت على بعض محتوياته. (ب) أحرز بقصد التعاطي نباتًا ممنوعًا زراعته "نبات الحشيش" في غير الأحوال المصرح بها قانونًا. ثانيًا: - أحرز بغير ترخيص سلاحًا أبيضًا (سكين) وأحالته إلى محكمة جنايات..... لمعاقبته طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قررت..... إحالة أوراق القضية إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي..... وبجلسة..... قضت المحكمة حضوريًا بإجماع الآراء عملاً بالمواد 230، 231، 234/ 1، 252، 317/ 1 من قانون العقوبات والمواد 29، 37/ 1، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم 1 من الجدول رقم 5 الملحق والمعدل بقرار وزير الصحة رقم 46 لسنة 1997 والمواد 1/ 1، 25 مكرر/ 1، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند رقم 11 من الجدول رقم 1 الملحق والمعدل بالقانون رقم 97 لسنة 1992 مع إعمال المادة 32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم...... بالإعدام شنقًا عما أسند إليه وبمصادرة السلاح الأبيض ونبات الحشيش المخدر المضبوطين.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض........ إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على محكمة النقض عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، مشفوعة بمذكرة برأيها مؤرخة...... انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر فيما قضى به حضوريًا من إعدام المحكوم عليه، دون إثبات تاريخ تقديمها للتحقق من أنه روعي فيها عرض القضية في ميعاد الستين يومًا المبين بالمادة 34 من هذا القانون - المعدلة بالمادة التاسعة من القانون رقم 23 لسنة 1992، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة العامة بل أن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتتبين - من تلقاء نفسها ودون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة العامة مذكرتها - ما عسى أن يكون شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة العامة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
ومن حيث إن الطعن المقدم من المحكوم عليه قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم القتل العمدى مع سبق الإصرار المرتبط بجنحة سرقة والمقترن بجنايتي الحريق العمدى لمكان مسكون وإحراز نبات الحشيش المخدر بقصد التعاطي وإحراز سلاح أبيض دون ترخيص قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأن ما أورده بيانًا لنية القتل لا يكفى لاستظهارها والاستدلال على توافرها في حقه ولم يستظهر توافر ظرف سبق الإصرار بشروطه وعناصره مما يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأدلتها تحدث عن نية القتل وتوافرها في حق الطاعن في قوله: "وعن نية القتل فمن المظاهر الخارجية للحادث ومن استعمال سكين وهي قاتلة بطبيعتها وشدة الطعن بها وتعدد مراته وتعدد جروح المجنى عليه في مقتل هي الجروح الطعنية النافذة الموصوفة بالعنق والبطن في البنود 4، 5، 6، 8 بتقرير الصفة التشريحية وما أحدثته من تهتك بالأوعية الدموية الرئيسية مما أدى إلى حدوث نزيف دموي وصدمة أدت إلى هبوط حاد بالمراكز الحيوية بالفخذ واستمرار مواصلة المتهم في طعن المجنى عليه بالسكين حتى أجهز عليه تمامًا وارداه قتيلاً على النحو سالف البيان مما يقطع بتوافر نية القتل وكافة أركان جريمة القتل العمد لدى المتهم ويكون هذا الدفع بغير سند". لما كان ذلك، وكانت جناية القتل العمد تتميز قانونًا عن غيرها من جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكابه الفعل الجنائي إزهاق روح المجني عليه، وهذا العنصر ذو طابع خاص ويختلف عن القصد الجنائي العام الذي يتطلبه القانون في سائر الجرائم، وهو بطبيعته أمر يبطنه الجاني ويضمره في نفسه، ومن ثم فإن الحكم الذي يقضى بإدانة المتهم في هذه الجناية يجب أن يعنى بالتحدث عن هذا الركن استقلالاً واستظهاره بإيراد الأدلة التي تكون المحكمة قد استخلصت منها أن الجاني حين ارتكب الفعل المادي المسند إليه كان في الواقع بقصد إزهاق روح المجني عليه، وحتى تصلح تلك الأدلة أساسًا تبنى عليه النتيجة التي يتطلب القانون تحققها يجب أن يبينها الحكم بيانًا واضحًا ومرجعها إلى أصولها في أوراق الدعوى ولما كان ما أورده الحكم لا يفيد سوى الحديث عن الأفعال المادية التي قارفها الطاعن ذلك أن استعمال أداة قاتلة بطبيعتها وتعدد الضربات بها وشدتها وإصابة المجني عليه في مقتل لا يكفي بذاته لثبوت نية القتل في حق الطاعن إذا لم يكشف الحكم عن قيام هذه النية بنفسه، لأن تلك الإصابات قد تتحقق دون أن تتوافر نية القتل العمد خاصة وأن الحكم قد دلل على توافر نية القتل لدى الطاعن من أنه سدد العديد من الضربات للمجنى عليه أصابته بجروح قطعية بالعنق والبطن على النحو الوارد بتقرير الصفة التشريحية بالبنود 4، 5، 6، 8 لا سيما وأن الطاعن نازع في توافر تلك النية، ومن ثم فإن ما ذكره الحكم يكون قاصرًا في التدليل على توافر نية القتل مما يعيبه بما يوجب نقضه والإعادة. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استظهر ظرف سبق الإصرار وتوافره في حق الطاعن في قوله: "وعن انتفاء سبق الإصرار فمردود عليه بأن ذلك القول مجرد قول مرسل لا دليل عليه من واقع الأوراق وكان من المقرر قانونًا وقضاءً وأن سبق الإصرار يقوم على عنصرين عنصر زمنى يقتضى أن يكون التفكير في الجريمة قد سبق الإقدام على تنفيذها بوقت كاف وعنصر نفسى تعنى به حالة الهدوء والسيطرة على النفس التي يجب أن يتوافر للجاني حينما يفكر في ارتكاب جريمته بحيث يتاح له أن يقلب الأمر على وجوهه المختلفة والعنصر النفسي قوامه التفكير الهادئ المطمئن وسبق الإصرار حالة ذهنية نفسية ويستفاد من وقائع خارجية تكون بمثابة القرائن التي تكشف عن وجوده. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن تفكير المتهم في قتل المجنى عليه..... وسرقة جهازه المحمول ونقوده منذ فترة كبيرة منذ امتناعه عن سداد مبلغ القرض له وإصراره على هذا الامتناع ومن كثرة تردده على المجني عليه بالشقة سكنه وتأكده من انفراده بالإقامة بتلك الشقة وحيازته وملكيته لجهاز تليفون محمول واختياره ميعاد قدومه إلى الشقة سكن المجنى عليه في تمام الساعة 7 صباح يوم الخميس 17/ 8/ 2000 ومعه السكين التي أعدها لارتكاب هذا الحادث واطمئنانه لعدم مشاهدة أحد له وقت قدومه في هذا الوقت وعدم الشك فى قدومه لاعتياده التردد على الشقة سكن المجني عليه وصله الصداقة التي تربطه بالمجني عليه بالسكين في بطنه مما أدى إلى بروز أحشائه ثم مواصلة طعنه بذات السكين في ظهره وعنقه ورأسه ويده اليمنى حتى أرداه قتيلاً دون استغاثة منه ثم قيامه باغتسال سكينه المجنى عليه من دمائه العالقة بها واغتسال سكينته التي استخدمها في ارتكاب هذا الحادث من دماء المجنى عليه العالقة بها ثم استيلائه على النقود وجهاز التليفون المحمول الخاصين بالمجني عليه ثم قيامه بفتح مفتاح البوتاجاز لتسريب الغاز منه وإشعاله النيران بالستارة بالشقة مكان الحادث لإخفاء معالم جريمته ثم الهرب بتلك المسروقات والسكين المستخدمة في الحادث وبعد أن أحكم غلق باب تلك الشقة مكان الحادث ثم توجهه إلى مستشفى منشية البكري العام لعلاج إصابة يده اليسرى ثم توجهه إلى الشقة سكن عمه لاغتسال ملابسه الملوثة بالدماء وإخفاء مبلغ النقود وجهاز التليفون المحمول موضوع الجريمة والسكين المستخدمة في الحادث وتصرفه في باقي النقود موضوع الجريمة على التفصيل سالف البيان، تلك قرائن تدل على تفكير المتهم والتدبير الهادئ لقتل المجني عليه وسرقة نقوده وجهاز تليفونه المحمول مما يقطع بتوافر سبق الإصرار لدى هذا المتهم ويكون هذا الدفع بدوره بغير سند". لما كان ذلك، وكان من المقرر في تفسير المادة 231 من قانون العقوبات أن سبق الإصرار - هو ظرف مشدد عام في جرائم القتل والجرح والضرب - يتحقق بإعداد وسيلة الجريمة ورسم خطة تنفيذها بعيدًا عن ثورة الانفعال مما يقتضي الهدوء والروية قبل ارتكابها، فضلاً عن أنه حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة بل تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصًا ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج. ولما كان ما أورده الحكم عن سبق الإصرار فيما تقدم، وإن توافرت له في ظاهر الأمر مقومات هذا الظرف كما هو معرف به في القانون، إلا أن ما ساقه الحكم فى هذا الشأن في عبارات مرسله ليس في حقيقته إلا ترديدًا لوقائع الدعوى كما أوردها في صدده وبسطًا لمعنى سبق الإصرار وشروطه، ولا يعدو أن يكون تعبيرًا عن تلك الحالة التي تقوم بنفس الجاني والتي يتعين على المحكمة أن تستظهرها بما يدل عليها وأن تبين الوقائع والأمارات والمظاهر الخارجية التي تكشف عنها مما كان ينبغي على المحكمة معه أن توضح كيف انتهت إلى ثبوت توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعن الذي قام بغسل السكين خاصة المجنى عليه من الدماء نتيجة إصابته والتي ذهب من جرائها إلى المستشفى للعلاج منها وأن تردده على مسكن المجني عليه لوجود معاملات مالية ومن أنه بينهما تنازعا بشأنها، فإن ما أثبته الحكم في صدد سبق الإصرار لا يكفي للقول بأن الطاعن قد تدبر جريمته وفكر فيها تفكيرًا هادئًا لا يخالطه اضطراب المشاعر ولا الانفعال النفسي ومن ثم يكون الحكم معيبًا من هذه الناحية أيضًا بالقصور في التسبيب فضلاً عن الفساد في الاستدلال. لما كان ذلك، وكانت المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 سالف البيان تنص على أنه مع عدم الإخلال بالأحكام المتقدمة إذا كان الحكم صادرًا حضوريًا بعقوبة الإعدام يجب على النيابة العامة أن تعرض القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها فى الحكم وذلك في الميعاد المبين بالمادة 34 - المعدلة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 - وتحكم المحكمة طبقًا لما هو مقرر في الفقرة الثانية من المادة 35 والفقرتين الثانية الثالثة من المادة 39 ومفاد ذلك أن وظيفة محكمة النقض في شأن الأحكام الصادرة بالإعدام ذات طبيعة خاصة تقتضيها إعمال رقابتها على عناصر الحكم كافة موضوعية وشكلية وتقضى من تلقاء نفسها بنقض الحكم في أية حالة من حالات الخطأ أو البطلان. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد عند إيراده مضمون إقرار الطاعن بمحضر الضبط وظرف سبق الإصرار أنه عند مواجهة المتهم عقب ضبطه أقر بارتكابه الحادث بأن تعدى على المجنى عليه بالضرب بسكين بقصد سرقته بعد أن فكر في قتله منذ فترة كبيرة لامتناعه عن سداد ما عليه من دين ثم بادر المجني عليه بعد مناقشته في السداد وامتناعه بالطعن بالسكين التي كانت معه وعندئذ تناول المجني عليه سكينًا حاول طعنه بها ثم عاد عند إيراده مضمون اعتراف الطاعن ورده على الدفع بالدفاع الشرعي الذي دفع به الطاعن أن فكرة الاعتداء على المجنى عليه إنما نشأت لدى الطاعن على إثر المشادة الكلامية بينهما وإصرار المجني عليه على عدم السداد ثم تعدي الأخير عليه بأباجورة أصابته وأشهر له سكين أمسك بها مما أدى إلى إصابة الطاعن بيده اليسرى فطعن المجنى عليه بسكين في بطنه كان الطاعن قد أحضرها معه وعندئذ راودته فكرة قتل المجني عليه وعول الحكم على إقرار واعتراف المتهم هذين من بين الأدلة التي عول عليها رغم تعارضهما واختلاف مضمونهما في شأن متى نشأت فكرة الاعتداء على المجنى عليه لدى الطاعن ومتى حاول المجني عليه الاعتداء على الطاعن هل قبل اعتداء الأخير عليه أم بعده مع ما لذلك من أثر على عقيدة المحكمة ووزنها للأمور. لما كان ذلك، فإن اعتناق الحكم هاتين الصورتين المتعارضتين لواقعة الدعوى مما يدل على اختلال فكرته عن عناصر الواقعة وعدم استقرارها الاستقرار الذي يجعلها في حكم الوقائع الثابتة الأمر الذي يستحيل معه على محكمة النقض أن تتعرف على أي أساس كونت محكمة الموضوع عقيدتها في الدعوى، فضلاً عما ينبئ عنه من أن الواقعة لم تكن واضحة لديها بالقدر الذي يؤمن معه خطؤها في تقدير مسئولية المتهم، ومن ثم يكون حكمها متخاذلاً في أسبابه متناقضًا في بيان الواقعة تناقضًا يعيبه مما يبطله. لما كان ما تقدم، وكان البطلان الذي لحق بالحكم المطعون فيه يندرج تحت حكم الحالة الثانية من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 التي أحالت إليها الفقرة الثانية من المادة 39 وكانت المادة 46 من القانون سالف الذكر قد أوجبت على هذه المحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها بنقض الحكم إذا ما وقع فيه بطلان من هذا القبيل فإنه يتعين قبول عرض النيابة ونقض الحكم المطعون فيه الصادر بإعدام المحكوم عليه والإعادة بغير حاجة لبحث أوجه الطعن الأخرى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق