الصفحات

الأحد، 21 سبتمبر 2014

(الطعن 16258 لسنة 66 ق جلسة 2 / 7 / 1998 مكتب فني 49 ق 107 ص 833)

برئاسة محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية مجدى الجندى وحسين الشافعى ومحمود شريف فهمى وابراهيم الهنيدى  نواب رئيس المحكمة.
------------------
1 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت لجريمة من أى دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق.
 
2 - من المقرر أن حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه إقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق .
 
3 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدر الظروف التى يؤدى فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة لموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه ، وهى متى أخذت بشهادتهم ، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
 
4 - من المقرر أن تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات فى بعض تفاصيلها لايعيب الحكم ولايقدح فى سلامته مادامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه .
 
5 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال الشاهد فى أية مرحلة من مراحل الدعوى ولو خالفت أقواله أمامها .
 
6 - من المقرر أنه لايشترط فى شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق ، بل يكفى أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدى إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجربه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذى رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها.

7 - لا يشترط أن تكون الأدلة التى يركن إليها الحكم بحيث ينبىء كل دليل منها ويقطع فى كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة فى المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقى الأدلة بل يكفى أن تكون الادلة فى مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة فى اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال المجنى عليه وأقوال شهود الإثبات واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التى شهدوا بها ، فإن ما يثيره الطاعنون من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو فى تصديقها لأقوال المجنى عليه وأقوال شهود الإثبات أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعى فى تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض.
 
8 - لما كان الدفع بعدم الوجود على مسرح الحادث مردوداً بأن نفى التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التى لا تستأهل رداً طالما كان الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التى أوردها الحكم . ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الأول فى هذا الصدد لايعدو أن يكون جدلاً فى تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لايجوز إثارته أمام محكمة النقض.
 
9 - لما كان من المقرر أنه لاينال من صحة التحريات أن تكون ترديداً لما أبلغ به المجنى عليه لأن مفاد ذلك أن مجريها قد تحقق من صدق ذلك البلاغ ، فإن منعى الطاعنين الأول والثانى فى هذا الشأن ـ بغرض صحته ـ يكون غير قويم .
 
10 - لما كان المقرر أن القبض على شخص هو إمساكه من جسمه وتقييد حركته وحرمانه من حرية التجول ، وكان حبس الشخص أو حجزه معناه حرمانه من حريته فترة من الزمن وكانت هذه الأفعال تشترك فى عنصر واحد هو حرامن الشخص من حريته وقتاً طال أو قصر فإنه يتعين القول بأن الشارع يعتبر أن كل حد من حرية الشخص فى التحرك سواء عد ذلك قبضاً أو حبسا أو حجزاً معاقب عليه فى كلتا المادتين 280 , 282 من قانون العقوبات فتوقع عقوبة الجنحة فى الحالة المبينة فى المادة الأولى وعقوبة الجناية فى الأحوال المبينة فى المادة الثانية والقول بغير ذلك يتجافى مع العقل ، فإنه ليس من المعقول أن يكون الشارع قد قصد بالمادة الثانية تغليظ العقوبة فى حالة القبض فقط مع أنه أخف من الحجز والحبس .

11 - من المقرر أن الظروف المشدد المنصوص عليه فى المادة 282 من قانون العقوبات يتحقق متى كان وقوعه مصاحباً للقبض ولا يشترط أن يكون تالياً له .

12 - من المقرر أنه لايشترط فى التعذيبات البدنية درجة معينة من الجسامة والأمر فى ذلك متروك لتقدير محكمة الموضوع تستخلصه من ظروف الدعوى .
 
13 - لما كان ظهور كل من المتهمين على مسرح الحادث وإتيانه عملاً من الأعمال المكونه لها مما تدخله فى نطاق الفقرة الثانية من المادة 39 من قانون العقوبات يجعله فاعلاً أصلياً فى الجريمة الى دينوا بها وكانت الواقعة الثابته بالحكم أنه اثر وقوف الطاعن بالسياره قيادته أمام معرض السيارات الخاص بالطاعنين الأول والثانى وحال جلوس بداخلها قام الطاعنون الثلاثه ـ مع آخرين مجهولين ـ بإنزاله عنوه من سيارته وانهالوا عليه بالضرب ثم اقتادوه قسراً عنه إلى داخل سيارة أخرى وصحب ذلك موالاتهم ضربه ، حيث قام الطاعن الثانى بقيادة هذه السيارة وانطلق بها والطاعن الثالث يجلس بجواره وبداخلها آخرين . مجهولين وقد واصل الجميع الاعتداء عليه بالضرب حتى وصلوا بالسيارة إلى عزبة ..... وأدخلوه حجرة واستمروا فى ضربه ثم أثبت الحكم أن تعذيب المجنى عليه قد صاحب القبض عليه وقد أسفر عن أصابته بكدمات وخدوش أسفل الظهر وكوع الزراع الأيمن والأفق وجروح باليد اليسرى ، فإن الطاعنين الثلاثة يكونون قد توافقوا واتحدت مقاصدهم على القبض على المجنى عليه بواسطه ادخاله السيارة مع علم كل منهم بما يأتيه صاحبه من الأفعال الموصلة إلى هذا الغرض وعمل من جانبة على تحقيقه فإن ما أثبته الحكم فى حق كل من الطاعنين تتوافر به أركان جريمة القبض بدون وجه حق المقترن بتعذيبات بدنية المنصوص عليها فى المادتين 280 , 282 فقرة ثانية من قانون العقوبات ويجعله فاعلاً أصلياً فى هذه الجريمة . ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون فى هذا الشأن يكون غير سديد.
 
14 - لما كان لايعيب الحكم أن يحيل فى ايراد أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر مادامت متفقة مع ما أستند إليه الحكم منها ولا يقدح فى سلامة الحكم ـ على فرض صحة ما يثيره الطاعن الثالث ـ عدم اتفاق أقوال شاهد الإثبات .......  و.... فى بعض تفاصيلها مادام الثابت أنه حصل أقوالهما بما لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها فى تكوين عقيدته ، ومن ثم فإن النعى على الحكم فى هذا الصدد لايكون له محل .
 
15 - لما كان ما ينعاه الطاعن الثالث على الحكم من أنه نسب إليه دفاعاً لم يقل به مؤداه أنه قد تصالح مع المجنى عليه واسترد سيارته وأنه أورد على لسانه أنه دفع للمجنى عليه مبلغ 4500 جنية نقداً وحرر له شيكاً بمبلغ 2000 جنيه فى حين أنه قرر عكس ذلك ، فإن ذلك مردوداً بأن نزيد الحكم فيما استطرد إليه من بيان أوجه الدفاع أو خطئه فى التحصيل لايعيبه طالما أنه لا يتعلق بجوهر الأسباب التى بنى عليها ولا أثر له فى منطقه أو النتيجة التى أنتهى إليها .
 
16 - لما كان من المقرر فى أصول الاستدلال أن المحاكمة غير ملزمة بالتحدث فى حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر فى تكوين عقيدتها ، وفى أغفالها لبعض الوقائع ما يفيد ضمناً أطراحها لها ، واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلة التى اعتمدت عليها فى حكمها ، ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن الثالث على الحكم لاغفاله الوقائع التى أشار إليها بأسباب طعنه وهى من بعد وقائع ثانوية يريد الطاعن لها معنى لم تسايره فيه المحكمة فأطرحتها .
 
17 - لما كان من المقرر أن الدفاع بشيوع التهمة هو من الدفوع الموضوعية التى لاتستلزم من المحكمة رداً خاصاً اكتفاء بما تورده من أدلة الثبوت التى تطمئن إليها بما يفيد أطرحها ، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما استقر فى عقيدة ووجدان المحكمة من اقتراف الطاعن الثالث للجريمة المسندة إليه تأسيساً على أدلة سائغة لها أصلها فى الأوراق وتتفق والاقتضاء العقلى والمنطقى . فإن ما يثيره هذا الطاعن فى هذا الشأن يكون غير سديد.
 
18 - من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق أقوال الشاهد ومضمون الدليل الفنى على الحقيقة التى وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولى غير متناقض مع جوهر الدليل الفنى تناقضاَ يستعصى على الملاءمة والتوفيق .

19 - لما كان من المقرر أنه ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع عن الطاعن من وجود تناقض بين الدليلين ما دام ما أورده فى مدوناته يتضمن الرد على ذلك الدفاع.
 
20 - من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم فى مناحى دفاعه المختلفة والرد عليها استقلال طالما أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التى أوردها الحكم .
 
21 - لما كان ما ينعاه الطاعن الثالث من عدم تحرير وكيل نيابة الجيزة محضراً باستلامه من أخر مبلغ ثلاثه ألاف جنية سلمه بدوره للمجنى عليه لايعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لايصح أن يكون سبباً للطعن فى الحكم ولما كان محضر الجلسة خلوا مما يفيد أن الطاعن الثالث أو المدافع عنه طلب من المحكمة سؤال وكيل نيابة الجيزة عن الواقعة المذكورة أنفاً فإنه لايجوز أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هى موجباً لإجرائه .
 
22 - من المقرر أنه لايعيب الحكم التفاته عن الصالح الذى تم بين المجنى عليه والمتهم الثالث ـ بفرض حصوله ـ فى معرض نفى التهمة عنه إذ لا يعدو أن يكون قولاً جديداً من الشاهد يتضمن عدولاً عن اتهامه ، وهو ما يدخل فى تقدير محكمة الموضوع وسلطتها فى تجزئة الدليل ، ولا تلتزم فى حالة عدم أخذها به أن تورد سبباً لذلك ، إذ الأخذ بأدلة الثبوت التى ساقتها تؤدى دلالة إلى اطراح هذا الصلح .
 
23 - لا مصلحة للطاعن فى الطعن على الحكم لعدم فصله فى الدعوى المدنية المقامة ضده من المدعى بالحقوق المدنية .
 
24 - لما كان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تجزىء شهادة الشاهد فتأخذ منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها فى تقدير أدلة الدعوى فإن ما يثيره الطاعن الثالث فى صدد أخذ الحكم بأقوال المجنى عليه بالنسبة لثبوت التهمة التى دانه بها واطراحه لأقواله بالنسبة للتهمة الأخرى التى قضى ببراءته منها لايخرج عن كونه جدلاً موضوعياً فى تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها ، وهو ما لايجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض.
 
25 - لما كان ما يثيره الطاعن الثالث من منازعة فى شأن التكييف القانونى للواقعة وأنها ـ بفرض صحتها ـ جنحة تندرج تحت المادة 280 من قانون العقوبات فإن ذلك مردود بأنه لا محل له لأنه لايعدو أن يكون نعياً واردا على سلطة محكمة الموضوع فى استخلاص الصورة الحقيقية لواقعة الدعوى أخذاً بأدلة الثبوت التى وثقت بها واطمأنت إليها مما تستقل به بغير معقب مادام قضاؤها فى ذلك سليم .
 
26 - لما كان الطاعن لم يثر شيئاً بخصوص وصف التهمة أمام محكمة الموضوع فلا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
 
27 - لما كان تقدير العقوبة فى الحدود المقررة قانوناً وتقدير قيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها هو من اطلاقات محكمة الموضوع دون معقب عليها ودون أن تسأل حساباً عن الأسباب التى من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذى ارتأته ، وكانت العقوبة التى أنزلها الحكم بالطاعن الثالث تدخل فى نطاق العقوبة المقررة للجريمة التى دانه بها فإن مجادلته فى هذا الخصوص لا تكون مقبولة .
 
28 - لما كان الأمر الصادر من سلطة التحقيق بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية له حجيته التى تمنع العودة إلى الدعوى الجنائية مادام قائماً لم يلغ ، فلا يجوز مع بقائه قائماً إقامة الدعوى الجنائية عن ذات الواقعة التى صدر الأمر فيها لأن له فى نطاق حجيته المؤقته ما للأحكام من قوة الأمر المقضى .
 
29 - من المقرر أن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها وإن كان متعلقاً بالنظام العام وتجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض إلا أنه يشترط لقبوله أن تكون مقوماته واضحة من مدونات الحكم أو تكون عناصر الحكم مؤدية إلى قبوله بغير تحقيق موضوعى لأن هذا التحقيق خارج عن وظيفة محكمة النقض وإذ كان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن الثالث لم يثر أنه سبق أن أصدرت سلطة التحقيق أمراً بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية فى المحضر الإدراى الذى أشار إليه فى أسباب طعنه وأنه ما زال قائما لم يلغ وكانت مدونات الحكم قد خلت من مقومات صحة هذا الدفع التى تكشف عن مخالفة الحكم للقانون وخطئه فى تطبيقه فإن إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض لا تكون مقبولة.
-----------------
   إتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم أولا : فى ليلة ....... أولا : قبضوا وآخران مجهولان على ......بأن إقتادوه عنوه بإحدى السيارات إلى حجرة بأحد الأماكن النائية وإحتجزوه بها بدون أمر أحد الحكام المختصين وتعدوا عليه بالضرب محدثين به التعذيبات البدنية المبينة وصفا بالتقرير الطبى المرفق وذلك على النحو المبين بالتحقيقات . ثانيا : المتهم الثالث : سرق المبلغ النقدى والأشياء المبينه قدرا ووصفا وقيمة بالأوراق والمملوكة لـ ...... على النحو المبين بالتحقيقات . وأحالتهم إلى محكمة جنايات الجيزة لمحاكمتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة . والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمادتين 280 ، 282/2 من قانون العقوبات أولا : بمعاقبتهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات عن التهمة الأولى المسندة إليهم . ثانيا : ببراءة المتهم الثالث من التهمة الثانية المسندة إليه . فطعن المحكوم عليهم فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ .
------------------
  حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه - في تقارير الأسباب الثلاثة المقدمة منهم - أنه إذ دانهم بجريمة القبض بدون وجه حق المقترن بتعذيبات بدنية قد شابه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والخطأ في الإسناد والخطأ في تطبيق القانون. ذلك بأنه اعتنق صورة للحادث غير صورته الحقيقية التي تفصح عن أن المجني عليه قد توجه بإرادته إلى معرض السيارات الخاص بالطاعنين الأول والثاني ومنه إلى عزبة.... للإرشاد عن مكان تواجد سيارة الطاعن الثالث وأن ما به من إصابات مرجعها مشاجرة وقعت بينه وبين آخرين. وأورد على ثبوت الصورة التي اعتنقها أدلة متمثلة في أقوال المجني عليه وأقوال الشهود التي لا تجدي في إثبات ارتكابهم الجريمة لتعدد رواياتهم وتناقضها بما يبعث على الشك فيها خاصة وأن الطاعن الأول نفى تواجده على مسرح الحادث كما نفى الشاهدان.... و.... لدى سؤالهما بجلسة المحاكمة رؤيتهما أيا من الطاعنين - الماثلين بجلسة المحاكمة - بعزبة.... ولم يتعرفا عليهم، كما استند إلى تحريات الشرطة رغم أنها ترديد لأقوال المجني عليه - ومن ثم جاء الحكم قاصرا في استظهار الركنين المادي والمعنوي للجريمة التي دانهم بها فلم يبين الأفعال التي قارفها كل منهم وتعد إكراها ومقصده من هذه الأفعال سيما وأنه لا توجد بالمجني عليه تعذيبات بدنية على درجة بالغة من الجسامة بدلالة أن ما به من إصابات تقرر لعلاجها مدة تقل عن العشرين يوما، كما أن الحكم خلط ما بين القبض والحبس والحجز مع أن لكل مدلوله القانوني الخاص به واعتبر الواقعة قبضا ولم يبين وقت حدوث إصابات المجني عليه ولم يدلل على توافر اشتراك الطاعن الثالث بطريق الاتفاق والمساعدة على ارتكاب الجريمة. كذلك أحال الحكم في بيان شهادة الشاهد.... إلى مضمون ما حصله من شهادة الشاهد..... رغم اختلاف أقوالهما، كما نسب إلى الطاعن الثالث دفاعا لم يقل به فقد أورد على لسانه أنه نقد المجني عليه مبلغ 4500 جنيه وحرر له شيكا بمبلغ 2000 جنيه في حين أنه قرر عكس ذلك. ولم يورد الوقائع الجوهرية التي سردها بأسباب طعنه، كذلك التفت عن دفاعه بشيوع التهمة والتناقض بين الدليلين القولي والفني ومدنية العلاقة بينه وبين المجني عليه بدلالة استلام وكيل نيابة الجيزة من..... مبلغ ثلاثة آلاف جنيه سلمها بدوره للطاعن ولم يحرر بها محضرا مما كان يتعين على المحكمة استدعاء وكيل النيابة المذكور وسماع أقواله في هذا الشأن، كذلك التفت عن محضر الصلح المقدم في الدعوى، كما أن قضاء الحكم برفض الدعوى المدنية وبراءة الطاعن الثالث من تهمة السرقة يدل على عدم استقرار الواقعة في وجدان المحكمة الاستقرار الذي يجعلها في حكم الوقائع الثابتة وإلى عدم اطمئنانها إلى أقوال المجني عليه، كما أن الواقعة - بفرض صحتها - لا تعدو أن تكون جنحة تندرج تحت المادة 280 من قانون العقوبات، كما أن العقوبة المقضي بها على الطاعن الثالث لم يراع فيها ماضيه الوطني المشرف، وأخيرا فإن تقديم النيابة العامة الواقعة - محل الطعن الراهن - إلى المحكمة فيه مخالفة لحجية قرارها بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية عن ذات الواقعة في المحضر رقم.... لسنة 1991 إداري مدينة نصر. كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القبض بدون وجه حق المقترن بتعذيبات بدنية التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بسط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهام وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وأن تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته مادامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصا سائغا لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - كما أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى ولو خالفت أقواله أمامها. وأنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق، بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها، وأنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي يركن إليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، وكان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال المجني عليه وأقوال شهود الإثبات واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي شهدوا بها، فإن ما يثيره الطاعنون من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأقوال المجني عليه وأقوال شهود الإثبات أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الدفع بعدم الوجود على مسرح الحادث مردودا بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردا طالما كان الرد مستفادا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الأول في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلا في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض لما كان ذلك، وكان لا ينال من صحة التحريات أن تكون ترديدا لما أبلغ به المجني عليه لأن مفاد ذلك أن مجريها قد تحقق من صدق ذلك البلاغ، فإن منعى الطاعنين الأول والثاني في هذا الشأن - بفرض صحته - يكون غير قويم، لما كان ذلك، وكان القبض على شخص هو إمساكه من جسمه وتقييد حركته وحرمانه من حرية التجول، وكان حبس الشخص أو حجزه معناه حرمانه من حريته فترة من الزمن، وكانت هذه الأفعال تشترك في عنصر واحد هو حرمان الشخص من حريته وقتا طال أو قصر، فإنه يتعين القول بأن الشارع يعتبر أن كل حد من حرية الشخص في التحرك سواء عد ذلك قبضا أو حبسا أو حجزا معاقب عليه في كلتا المادتين 280 و282 من قانون العقوبات فتوقع عقوبة الجنحة في الحالة المبينة في المادة الأولى وعقوبة الجناية في الأحوال المبينة في المادة الثانية والقول بغير ذلك يتجافى مع العقل، فإنه ليس من المعقول أن يكون الشارع قد قصد بالمادة الثانية تغليط العقوبة في حالة القبض فقط مع أنه أخف من الحجز والحبس، وكان الظرف المشدد المنصوص عليه في المادة 282 من قانون العقوبات يتحقق متى كان وقوعه مصاحبا للقبض ولا يشترط أن يكون تاليا له، وكان لا يشترط في التعذيبات البدنية درجة معينة من الجسامة والأمر في ذلك متروك لتقدير محكمة الموضوع تستخلصه من ظروف الدعوى، وكان ظهور كل من المتهمين على مسرح الحادث وإتيانه عملا من الأعمال المكونة لها مما تدخله في نطاق الفقرة الثانية من المادة 39 من قانون العقوبات يجعله فاعلا أصليا في الجريمة التي دينوا بها وكانت الواقعة الثابتة بالحكم أنه أثر وقوف الطاعن بالسيارة قيادته أمام معرض السيارات الخاص بالطاعنين الأول والثاني وحال جلوسه بداخلها قام الطاعنون الثلاثة - مع آخرين مجهولين - بإنزاله عنوة من سيارته وانهالوا عليه بالضرب ثم اقتادوه قسرا عنه إلى داخل سيارة أخرى وصحب ذلك موالاتهم ضربه، حيث قام الطاعن الثاني بقيادة هذه السيارة وانطلق بها والطاعن الثالث يجلس بجواره - وبداخلها آخرين مجهولين - وقد واصل الجميع الاعتداء عليه بالضرب حتى وصلوا بالسيارة إلى عزبة.... وأدخلوه حجرة واستمروا في ضربه ثم أثبت الحكم أن تعذيب المجني عليه قد صاحب القبض عليه وقد أسفر عن إصابته بكدمات وخدوش أسفل الظهر وكوع الذراع الأيمن والأفق وجروح باليد اليسرى، فإن الطاعنين الثلاثة يكونون قد توافقوا واتحدت مقاصدهم على القبض على المجني عليه بواسطة إدخاله السيارة مع علم كل منهم بما يأتيه صاحبه من الأفعال الموصلة إلى هذا الغرض وعمل من جانبه على تحقيقه، فإن ما أثبته الحكم في حق كل من الطاعنين تتوافر به أركان جريمة القبض بدون وجه حق المقترن بتعذيبات بدنية المنصوص عليها في المادتين 280 و282 فقرة ثانية من قانون العقوبات ويجعله فاعلا أصليا في هذه الجريمة. ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان لا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر مادامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ولا يقدح في سلامة الحكم - على فرض صحة ما يثيره الطاعن الثالث - عدم اتفاق أقوال شاهدي الإثبات.... و.... في بعض تفاصيلها مادام الثابت أنه حصل أقوالهما بما لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن الثالث على الحكم من أنه نسب إليه دفاعا لم يقل به مؤداه أنه قد تصالح مع المجني عليه واسترد سيارته وأنه أورد على لسانه أنه دفع للمجني عليه مبلغ 4500 جنيه نقدا وحرر له شيكا بمبلغ 2000 جنيه في حين أنه قرر عكس ذلك، فإن ذلك مردود بأن تزيد الحكم فيما استطرد إليه من بيان أوجه الدفاع أو خطئه في التحصيل لا يعيبه طالما أنه لا يتعلق بجوهر الأسباب التي بني عليها ولا أثر له في منطقه أو النتيجة التي انتهى إليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها، وفي إغفالها لبعض الوقائع ما يفيد ضمنا إطراحها لها، واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها، ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن الثالث على الحكم لإغفاله الوقائع التي أشار إليها بأسباب طعنه وهي من بعد وقائع ثانوية يريد الطاعن لها معنى لم تسايره فيه المحكمة فأطرحتها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بشيوع التهمة هو من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة ردا خاصا اكتفاء بما تورده من أدلة الثبوت التي تطمئن إليها بما يفيد إطراحها، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما استقر في عقيدة ووجدان المحكمة من اقتراف الطاعن الثالث للجريمة المسندة إليه تأسيسا على أدلة سائغة لها أصلها في الأوراق وتتفق والاقتضاء العقلي والمنطقي. فإن ما يثيره هذا الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق أقوال الشاهد ومضمون الدليل الفني على الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضا يستعصي على الملاءمة والتوفيق، ولما كانت أقوال المجني عليه وأقوال شهود الإثبات كما أوردها الحكم - والتي لا ينازع الطاعن الثالث في أن لها سندها في الأوراق - لا تتعارض بل تتلاءم مع ما نقله عن التقرير الفني، وكان الحكم قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني، وكان ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع عن الطاعن من وجود تناقض بين الدليلين مادام ما أورده في مدوناته يتضمن الرد على ذلك الدفاع، وكان لا محل لما ينعاه الطاعن المذكور آنفا من أن الحكم لم يعرض لدفاعه بمدنية العلاقة بينه وبين المجني عليه إذ أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد عليها على استقلال طالما أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، ومن ثم يضحى منعى الطاعن الثالث في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن الثالث من عدم تحرير وكيل نيابة الجيزة محضرا باستلامه من آخر مبلغ ثلاثة آلاف جنيه سلمه بدوره للمجني عليه لا يعدو أن يكون تعييبا للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سببا للطعن في الحكم ولما كان محضر الجلسة خلوا مما يفيد أن الطاعن الثالث أو المدافع عنه طلب من المحكمة سؤال وكيل نيابة الجيزة عن الواقعة المذكورة آنفا فإنه لا يجوز له أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي موجبا لإجرائه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم التفاته عن الصلح الذي تم بين المجني عليه والمتهم الثالث - بفرض حصوله - في معرض نفي التهمة عنه إذ لا يعدو أن يكون قولا جديدا من الشاهد يتضمن عدولا عن اتهامه، وهو ما يدخل في تقدير محكمة الموضوع وسلطتها في تجزئة الدليل، ولا تلتزم في حالة عدم أخذها به أن تورد سببا لذلك إذ الأخذ بأدلة الثبوت التي ساقتها تؤدي دلالة إلى إطراح هذا الصلح. لما كان ذلك، وكان لا مصلحة للطاعن في الطعن على الحكم لعدم فصله في الدعوى المدنية المقامة ضده من المدعي بالحقوق المدنية ولما كان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تجزئ شهادة الشاهد فتأخذ منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى. فإن ما يثيره الطاعن الثالث في صدد أخذ الحكم بأقوال المجني عليه بالنسبة لثبوت التهمة التي دانه بها وإطراحه لأقواله بالنسبة للتهمة الأخرى التي قضي ببراءته منها لا يخرج عن كونه جدلا موضوعيا في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها، وهو ما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن الثالث من منازعة في شأن التكييف القانوني للواقعة وأنها - بفرض صحتها - جنحة تندرج تحت المادة 280 من قانون العقوبات فإن ذلك مردود بأنه لا محل له لأنه لا يعدو أن يكون نعيا واردا على سلطة محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الحقيقية لواقعة الدعوى أخذا بأدلة الثبوت التي وثقت بها واطمأنت إليها مما تستقل به بغير معقب مادام قضاؤها في ذلك سليم - كما هو الحال في الدعوى الراهنة. هذا فضلا عن أن هذا الطاعن لم يثر شيئا بخصوص وصف التهمة أمام محكمة الموضوع فلا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان تقدير العقوبة في الحدود المقررة قانونا وتقدير قيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون معقب عليها ودون أن تسأل حسابا عن الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته، وكانت العقوبة التي أنزلها الحكم بالطاعن الثالث تدخل في نطاق العقوبة المقررة للجريمة التي دانه بها، فإن مجادلته في هذا الخصوص لا تكون مقبولة. لما كان ذلك، وكان الأمر الصادر من سلطة التحقيق بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية له حجيته التي تمنع العودة إلى الدعوى الجنائية مادام قائما لم يلغ، فلا يجوز مع بقائه قائما إقامة الدعوى الجنائية عن ذات الواقعة التي صدر الأمر فيها لأن له في نطاق حجيته المؤقتة ما للأحكام من قوة الأمر المقضي، وهو بهذه المثابة دفع وإن كان متعلقا بالنظام العام وتجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض إلا أنه يشترط لقبوله أن تكون مقوماته واضحة من مدونات الحكم أو تكون عناصر الحكم مؤدية إلى قبوله بغير تحقيق موضوعي لأن هذا التحقيق خارج عن وظيفة محكمة النقض، وإذ كان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن الثالث لم يثر أنه سبق أن أصدرت سلطة التحقيق أمرا بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية في المحضر الإداري الذي أشار إليه في أسباب طعنه وأنه مازال قائما لم يلغ وكانت مدونات الحكم قد خلت من مقومات صحة هذا الدفع التي تكشف عن مخالفة الحكم للقانون وخطئه في تطبيقه، فإن إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض لا تكون مقبولة، لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق