الصفحات

الأحد، 21 سبتمبر 2014

الطعن 14606 لسنة 66 ق جلسة 20 / 7 / 1998 مكتب فني 49 ق 116 ص 895

جلسة 20 من يوليه سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ نجاح سليمان نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي منتصر وحسن حمزة وفتحي حجاب وشبل حسن نواب رئيس المحكمة.

-----------------

(116)
الطعن رقم 14606 لسنة 66 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب".
تقديم أسباب الطعن دون التقرير به. أثره. عدم قبول الطعن شكلاً.
أساس ذلك؟
(2) حكم "بيانات التسبيب".
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(3) تزوير "أوراق رسمية". جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
جريمة التزوير في محرر رسمي. تحققها بمجرد إعطاء الورقة المصطنعة شكل الورقة الرسمية ومظهرها. وإن ينسب صدورها كذباً إلى موظف عام للإيهام برسميتها مثال لتسبيب سائغ في جريمة تزوير محرر رسمي.
(4) تزوير "أوراق رسمية". اشتراك. إثبات "بوجه عام".
الاشتراك في التزوير. التدليل عليه بأدلة مادية محسوسة. غير لازم. كفاية استخلاصه من ظروف الدعوى وملابساتها.
(5) تزوير "أوراق رسمية". جريمة "أركانها". قصد جنائي.
التحدث عن كل ركن من أركان جريمة التزوير استقلالاً. غير لازم. ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه.
القصد الجنائية في جريمة التزوير في أرواق رسمية. مناط تحققه؟
تحدث الحكم استقلالاً عن توافره غير لازم. حد ذلك؟
(6) تزوير "أوراق رسمية". قصد جنائي. إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إثبات الحكم توافر ركن العلم بتزوير المحررات لدى الطاعنين. كفايته للتدليل على توافر القصد الجنائي لدى كل منهم.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز. أمام النقض.
(7) تزوير "أوراق رسمية". اشتراك. نقض "المصلحة في الطعن".
عدم جدوى النعي بعدم تحرير الطاعنين لبيانات أو ختم المحررات المصطنعة. ما دام أن الحكم قد دانهم عنها بصفتهم شركاء فيها. أساس ذلك؟
(8) دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الدفع بتلفيق التهمة. دفاع موضوعي. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي يوردها الحكم.
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها استقلال.
(9) إثبات "أوراق رسمية". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية. ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة.
(10) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها. إغفالها بعض الوقائع أو المستندات. مفاده. إطراحها.
(11) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تناقض أقوال الشهود. لا يعيب الحكم. ما دام استخلص الحقيقة من أقوالهم بما لا تناقض فيه.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. لا يقبل أمام النقض.
(12) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
(13) نقض "أسباب الطعن. تحديدها".
وجوب أن يكون وجه الطعن واضحاً محدداً. علة ذلك؟
(14) تزوير "أوراق رسمية". نقض "المصلحة في الطعن" "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
انتفاء مصلحة الطاعن في النعي على الحكم بالقصور في شأن جريمة استعمال المحرر المزور ما دام قد دانه عن جريمة الاشتراك في تزوير محررات رسمية وأوقع عليه عقوبة الجريمة الأخيرة عملاً بالمادة 32 عقوبات.
(15) تزوير "أوراق رسمية". جريمة "أركانها". ضرر. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تغيير الحقيقة بطريق الغش. بإحدى الوسائل المحددة قانوناً. كفايته لتحقق جريمة التزوير في الأوراق الرسمية. عدم اشتراط حدوث ضرراً لشخص معين. علة ذلك؟
التفات الحكم عن الرد على دفاع قانوني ظاهر البطلان. لا يعيبه.
مثال
(16) باعث. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". تزوير "أوراق رسمية".
الباعث على التزوير. ليس ركناً من أركان جريمة التزوير.
مثال لتسبيب سائغ في جريمة تزوير.
(17) وصف التهمة. محكمة الموضوع "سلطتها في تعديل وصف التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". تزوير "أوراق رسمية".
عدم تقيد المحكمة بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم. واجبها أن تمحص الواقعة بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً. دون لفت نظر الدفاع حد ذلك؟
تقديم النيابة الطاعنين للمحاكمة بتهمة الاشتراك في تزوير محررات رسمية تحديد الحكم لأفعال الاشتراك التي ارتكبها كل منهم. لا يعد وصفاً جديداً. علة ذلك وأثره؟
(18) محاماة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تولى محام واحد واجب الدفاع عن متهمين في جناية واحدة. جائز. ما دامت ظروف الواقعة لا تؤدى إلى القول بقيام تعارض حقيقي بين مصالحهم.
التعارض الحقيقي المخل بحق الدفاع. مناطه؟
تعارض المصلحة الذي يوجب إفراد كل متهم بمحام خاص يتولى الدفاع عنه. أساسه الواقع ولا ينبني على احتمال ما كان بوسع كل منهم أن يبديه من أوجه الدفاع ما دام لم يبده بالفعل.
(19) عقوبة "تقديرها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير العقوبة".
تقدير العقوبة وتقدير مناسبتها بالنسبة لكل متهم. موضوعي.

-------------
1 - لما كان المحكوم عليهما الثالث والخامس ولئن قدما أسبابهما في الميعاد، إلا أنهما لم يقررا بالطعن بالنقض طبقاً لنص المادة 34 من القرار بقانون رقم 57 لسنة 1959، لما كان ذلك، وكان التقرير بالطعن كما رسمه القانون هو الذي يترتب عليه دخول الطعن في حوزة المحكمة واتصالها به بناء على إفصاح ذي الشأن عن رغبته فيه، فإن عدم التقرير بالطعن لا يجعل للطعن قائمة فلا تتصل به المحكمة، ولا يغني عنه تقديم أسبابه له، ومن ثم يتعين عدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة لهما.
2 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون.
3 - من المقرر أنه لا يشترط في جريمة التزوير في الأوراق الرسمية أن تكون قد صدرت فعلاً من الموظف المختص بتحريرها، بل يكفي لتحقق الجريمة - كما هو الشأن في حالة الاصطناع - أن تعطي الورقة المصطنعة شكل الأوراق الرسمية ومظهرها وأن ينسب صدورها كذباً إلى موظف عام للإيهام برسميتها، ويكفي في هذا المقام أن تحتوي الورقة على ما يفيد تدخل الموظف في تحريرها بما يوهم أنه هو الذي باشر إجراءاتها في حدود اختصاصه، وإذ كان الحكم قد أثبت أن صور الأحكام والشهادات الصادرة في القضايا موضوع الاتهام مزورة بطريق الاصطناع، فإن هذا حسبه إثباتاً لقيام الجريمة ولو لم تكشف التحقيقات عن تحديد الشخص الذي أسبغ عليها الصفة الرسمية بختمها بالخاتم الصحيح، ويضحى ما يثيره الطاعنون في هذا الخصوص غير مقبول.
4 - لما كان الاشتراك في التزوير قد يتم دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه، ومن ثم فإنه يكفي أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها، وأن يكون اعتقادها هذا سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم.
5 - من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة التزوير ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه، ويتحقق القصد الجنائي في جريمة التزوير في الأوراق الرسمية متى تعمد الجاني تغيير الحقيقة في المحرر مع انتواء استعماله في الغرض الذي من أجله غيرت الحقيقة فيه، وليس أمراً لازماً التحدث صراحة واستقلالاً في الحكم عن توافر هذا الركن ما دام قد أورد من الوقائع ما يشهد بقيامه.
6 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت بأدلة سائغة توافر جريمة الاشتراك في تزوير صور الأحكام الصادرة بالبراءة والشهادات بعدم الطعن عليها بقصد توصيل المرافق إلى مساكن أقيمت على أرض زراعية - وهو ما يتضمن إثبات توافر ركن العلم بتزوير تلك المحررات في حق الطاعنين، فإن هذا حسبه ولا يكون ملزماً - من بعد - بالتدليل على استقلال على توافر القصد الجنائي لدى كل منهم، ويضحى ما يثيره الطاعنون بشأن انتفاء علمهم بتزوير المحررات موضوع الاتهام مجرد جدل موضوعي في سلطة المحكمة في تقدير الأدلة واستنباط معتقدها مما لا يجوز الخوض فيه لدى محكمة النقض.
7 - لما كان اصطناع المحررات وتزوير بياناتها - بيد شخص آخر لا يؤثر في مسئولية الطاعنين عن جريمة التزوير التي دانهم الحكم عنها بصفتهم شركاء فيها وليسوا فاعلين أصليين لها ومن ثم فلا يجديهم نفي تحريرهم لتلك البيانات أو ختمهم للمحررات المصطنعة.
8 - من المقرر أن الدفع بتلفيق التهمة هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً، بل إن الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، ولا تلتزم المحكمة في هذا الصدد بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال.
9 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية، ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من سائر الأدلة القائمة في الدعوى التي تكفي لحمل قضائها ومن ثم فلا على المحكمة إن هي أعرضت عن مستندات قدمها الطاعنون للتشكيك في أدلة الإثبات التي اطمأنت إليها المحكمة بإثبات وجود خلافات بينهم وبين ضابط الواقعة وأن الطاعنين الأولين كانا بالقوات المسلحة في الفترة التي ارتكب فيها التزوير وأن أحد المحكوم عليهم كان خارج البلاد.
10 - من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها، وفي إغفالها بعض الوقائع أو المستندات ما يفيد ضمناً إطراحها واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها.
11 - لما كان تناقض أقوال الشهود - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه فإن منازعة الطاعنين في القوة التدليلية لأقوال الشهود لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما لا يقبل التصدي له أمام محكمة النقض.
12 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها.
13 - من المقرر أن تفصيل أسباب الطعن ابتداء مطلوب على وجه الوجوب تحديداً للطعن وتعريفاً بوجهه. وكان الطاعنون لم يفصحوا عن أوجه التناقض بين أقوال شهود الإثبات التي عول عليها الحكم في إدانتهم والتناقض بين هذه الأقوال وبين تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير فإن منعاهم في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً.
14 - لما كانت مصلحة الطاعنين الأول والثاني في النعي على تدليل الحكم على جريمة استعمال المحررات المزورة التي نسبها إليهما منتفية، ذلك أن الحكم قد أعمل في حقهما حكم الارتباط المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات واعتبر الجرائم المسندة إليهما جريمة واحدة وقضى بالعقوبة المقررة لأشد هذه الجرائم وهي جريمة الاشتراك في تزوير المحررات الرسمية والتي لا يماري الطاعنون في أن الحكم قد تناولها بالتدليل على ثبوتها في حقهما، ومن ثم فلا جدوى مما ينعيانه على تدليله على جريمة الاستعمال وهي الجريمة الأخف.
15 - من المقرر أن جريمة التزوير في الأوراق الرسمية تتحقق بمجرد تغيير الحقيقة فيها بطريق الغش بالوسائل التي نص عليها القانون ولو لم يتحقق عنه ضرر يلحق شخصاً معيناً، لأن هذا التغيير ينتج عنه حتماًَ ضرر بالمصلحة العامة لما يترتب عليه من عبث بالأوراق الرسمية ينال من قيمتها وحجيتها في نظر الجمهور، ولا يغير من ذلك حصول الإدارة على مقابل لاستهلاك الكهرباء الأمر الذي يبين منه أن ما تمسك به الطاعنون من انتفاء الضرر لا يعدو أن يكون دفعاً قانونياً ظاهر البطلان لا على الحكم أن التفت عنه.
16 - من المقرر أنه متى وقع التزوير أو استعمال المحرر المزور فإن الباعث على ارتكابه لا أثر له على وقوع الجريمة وليس ركناً من أركانها، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت ارتكاب الطاعنين لجريمة الاشتراك في التزوير وهي جريمة قائمة بذاتها أياً كان الباعث على ارتكابها ولم يصدر بشأنها ثمة قانون أصلح، وكان ما يثيره الطاعنون بشأن إجازة إدخال المرافق إلى المناطق العشوائية إنما ينصب - في خصوص الدعوى المطروحة - على الباعث على جريمة التزوير وليس على الجريمة ذاتها فلا يعد القرار الإداري الصادر بهذه الإجازة قانوناً أصلح لجريمة التزوير التي دانهم بها الحكم وأوقع عليهم العقوبة المقررة لها ومن ثم يضحى ما ينعاه الطاعنون على الحكم من عدم إعمال هذا القرار عليهم غير سديد.
17 - من المقرر أن المحكمة لا تتقيد بالوصف الذي تسبغه النيابة على الفعل المسند إلى المتهم، بل هي مكلفة بتمحيص الواقعة المطروحة أمامها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً دون حاجة إلى أن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك، ما دام أن الواقعة المادية المبينة بتقرير الاتهام والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم أساساً للوصف الذي دان الطاعنين به دون أن تضيف المحكمة إليها شيئاً وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى إدانة الطاعنين بجريمة الاشتراك في تزوير محررات رسمية وهي ذات الواقعة التي قدمت بها من النيابة، فإن تحديده لأفعال الاشتراك التي ارتكبها كل منهم لا يعتبر وصفاً جديداً - إذ لا مغايره فيه للعناصر التي كانت مطروحة على المحكمة وتناولها الدفاع - ومن ثم فلا يعد ذلك حكم القانون تغييراً لوصف التهمة المحال بها الطاعنين، بل هي مجرد تحديد لأفعالها مما يصح إجراؤه في الحكم دون تنبيه الدفاع بالجلسة، ذلك أن المرافعة دارت على أساس ذات الوقائع التي انتهى الحكم إلى تفريدها ومن ثم يكون ما يثيره الطاعنون في هذا الخصوص على غير أساس.
18 - لما كان قضاء محكمة النقض قد جرى على أن القانون لا يمنع أن يتولى محام واحد واجب الدفاع عن متهمين متعددين في جناية واحدة ما دامت ظروف الواقعة لا تؤدى إلى القول بوجود تعارض حقيقي بين مصالحهم، وكان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن الطاعنين قد اقتصر على نفي التهمة عنهم، ومن ثم فإن القضاء بإدانة أحدهم - كما يستفاد من أسباب الحكم - لا يترتب عليه القضاء ببراءة آخر وهو مناط التعارض الحقيقي المخل بحق الدفاع، ومن ثم فإن لا يعيب إجراءات المحاكمة - في خصوص هذه الدعوى - أن تولى الدفاع عن بعض الطاعنين محام واحد، ذلك أن تعارض المصلحة الذي يوجب إفراد كل منهم بمحام خاص يتولى الدفاع عنه أساسه الواقع ولا ينبني على احتمال ما كان يسع كلاً منهم أن يبديه من أوجه دفاع ما دام بيده بالفعل ومن ثم يكون ما ينعاه الطاعنون على إجراءات المحاكمة في هذا الصدد على غير أساس.
19 - من المقرر أن تقدير العقوبة في الحدود المقررة قانوناً، وتقدير مناسبة العقوبة بالنسبة إلى كل متهم هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون معقب ودون أن تسأل عن الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته. فإن ما يثيره الطاعنون بشأن تفاوت العقوبة التي أوقعها الحكم عليهم لا يكون مقبولاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من 1 - ... (طاعن) 2 - .... (طاعن) 3 - .... (طاعن) 4 - .... 5 - .... طاعن) 6 - .... 7 - .... 8 - .... 9 - .... 10 - .... 11 - .... 12 - .... (طاعن) 13 - ..... (طاعن) بأنهم أولاً: المتهمون من الأول إلى الحادي عشر: وهم ليسوا من أرباب الوظائف العمومية اشتركوا مع المتهمين الثاني عشر والثالث عشر وهما ليسا من أرباب الوظائف العمومية وآخرين حسني النية ومجهول بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب تزوير من محررات رسمية هي أحكام البراءة والشهادات الخاصة بها والمبينة بالتحقيقات وذلك بجعل واقعات مزورة في صورة واقعات صحيحة بطريق الاصطناع بأن اتفق المتهمون من الأول حتى الحادي عشر مع الآخرين على إنشائها على غرار الصحيحة منها وقام حسنى النية بتحريرها بعد أن أمدوهم بالبيانات اللازمة وتولى المجهول توقيعها بتوقيعات نسبها زوراً إلى المختصين بمحكمة ونيابة مركز المنيا ومهرها ببصمة وخاتم شعار الجمهورية الخاص بالنيابة سالفة الذكر فتمت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة - ثانياً: المتهمون جميعاً عدا الثالث والرابع والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر: استعملوا الأحكام والشهادات موضوع التهمة الأولى بأن تقدموا بها إلى الوحدة المحلية بناحية ....... مع علمهم بتزويرها. وأحالتهم إلى محكمة جنايات المنيا لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40، 41، 211، 212، 214 من قانون العقوبات مع إعمال المواد 17، 27، 30/ 1، 32، 55، 56 من قانون العقوبات. أولاً: بانقضاء الدعوى الجنائية قبل المتهم الرابع لوفاته. ثانياً: بمعاقبة كل من.... و.... بالسجن لمدة ثلاث سنوات. ثالثاً: بمعاقبة كل من..... و..... بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة مع عزل الأخير لمدة سنتين. رابعاً: بمعاقبة كل من.... و.... و.... و.... و.... و.... و.... و.... بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة لكل منهم على أن يكون الإيقاف شاملاً لكافة الآثار الجنائية بالنسبة للمحكوم عليه..... خامساً: بمصادرة المحررات المزورة المضبوطة.
فطعن المحكوم عليهم الأول والثاني والثاني عشر والثالث عشر في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن المحكوم عليهما الثالث والخامس ولئن قدما أسبابهما في الميعاد، إلا أنهما لم يقررا بالطعن بالنقض طبقاً لنص المادة 34 من القرار بقانون رقم 57 لسنة 1959، لما كان ذلك، وكان التقرير بالطعن كما رسمه القانون هو الذي يترتب عليه دخول الطعن في حوزة المحكمة واتصالها به بناء على إفصاح ذي الشأن عن رغبته فيه، فإن عدم التقرير بالطعن لا يجعل للطعن قائمة فلا تتصل به المحكمة، ولا يغني عنه تقديم أسبابه له، ومن ثم يتعين عدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة لهما.
وحيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون بالنسبة لباقي الطاعنين.
وحيث إن حاصل أوجه الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمة الاشتراك في تزوير محررات رسمية ودان الطاعنين الأول والثاني أيضاً بجريمة استعمال المحررات المزورة مع علمهما بتزويرها قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه أورد وقائع الدعوى ومضمون الأدلة فيها بصورة مجملة لا تشير إلى أن المحكمة قد أحاطت بالدعوى الإحاطة الواجبة للفصل فيها، ودانهم بتهمة الاشتراك مع مجهول في التزوير دون تحديد الشخص المجهول الذي أسبغ على المحررات المزورة الصفة الرسمية بختمها بالخاتم الصحيح، ودون أن يورد الأعمال المادية الإيجابية التي ارتكبها كل من الطاعنين والتي تدل على اشتراكه في الجريمة، ولم يستظهر توافر القصد الجنائي في حقهم برغم انتفاء علمهم بتزوير تلك المحررات، وخلوها مما يفيد أن أحداً من الطاعنين قد حرر بخطه أي من بياناتها فضلاً عن أن الخاتم الذي ختمت به ليس بعهدة أي منهم، والتفت - إيراداً ورداً - عن دفاعهم بتلفيق الاتهام وأعرض عن المستندات التي قدموها لإثبات وجود خلافات بينهم وبين ضابط الواقعة وأن الطاعن الأول كان مجنداً والطاعن الثاني كان بالاحتياط في القوات المسلحة في الفترة التي ارتكبت فيها وقائع التزوير، ودان الطاعن الأول بتهمة الاشتراك في تزوير أوراق إدخال الكهرباء إلى مسكن المحكوم عليه السادس برغم أن الأخير كان بدولة الأمارات في ذلك الوقت مما يستحيل معه وقوع اتفاق بينهما على التزوير، ودان المحكوم عليه الثالث استناداً إلى ما ورد بمحضر التحريات رغم ما قرره موظفي الوحدة المحلية بالتحقيقات من أن متهماً آخر هو الذي تقدم بالمستندات المزورة لإدخال الكهرباء إلى منزله، وعول في قضائه بالإدانة على أقوال الشهود برغم ما شابها من تناقض فيما بينها ومع الدليل الفني المستمد من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير، كما تناقض الحكم في إسناد تهمة استعمال المحررات المزورة إلى كل من المتهمين، واطرح الدفع بانتفاء الضرر من الجريمة لأن الإدارة تستفيد من قيمة اشتراكات استهلاك الكهرباء، ورد رداً غير سائغ على دفاعهم بصدور قرار وزاري يسمح بتوصيل المرافق إلى المناطق العشوائية دون قيد ومن ثم يضحى توصيل الكهرباء والمياه إلى مساكن المتهمين فعلاً غير مؤثم، وبالتالي يكون هذا القرار بمثابة القانون الأصلح للطاعنين وكان يتعين إعماله عليهم، هذا إلى أن المحكمة عدلت وصف الاتهام بأن عددت أعمال الاشتراك في التزوير المسندة إلى كل من المتهمين دون تنبيه الدفاع إلى ذلك، كما أنها سمحت بوجود محام واحد مع متهمين يوجد تعارض في مصالحهم، وجاء تقديرها للعقوبة مختلفاً بالنسبة للطاعنين برغم وحدة الأفعال المسندة إليهم، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الاشتراك في تزوير محررات رسمية التي دان الطاعنين بها، وساق على صحة إسنادها إليهم وثبوتها في حقهم أدلة استمدها من شهادة كل من العقيد.... رئيس قسم مباحث الأموال العامة بمديرية أمن المنيا، و.... و.... و.... و.... كاتبات المحامين و.... الموظفة بنيابة مركز المنيا والمختصة بتسديد الأحكام وتحرير شهادات الجدول، و..... رئيس قسم الشئون الهندسية بالوحدة المحلية، و..... الفني بشبكة المياه بالوحدة المحلية، ومن إقرار كل من.... والمتهمين الرابع والسابع والثامن والتاسع والعاشر بتحقيقات النيابة، ومما ثبت من مذكرات جدول صور الشهادات بمحكمة المنيا الابتدائية ومحكمة مركز المنيا، - وبتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير، وهي أدلة سائغة ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها، وأورد الحكم مؤدى كل منها في بيان واف مما يشير إلى أن المحكمة قد أحاطت بواقعة الدعوى وقضت فيها عن بصر وبصيرة، لما كان ذلك، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كان ذلك محققاً لحكم القانون، ومن ثم تنحسر عن الحكم قالة القصور في هذا المنحى، لما كان ذلك، وكان المقرر أنه لا يشترط في جريمة التزوير في الأوراق الرسمية أن تكون قد صدرت فعلاً من الموظف المختص بتحريرها، بل يكفي لتحقق الجريمة - كما هو الشأن في حالة الاصطناع - أن تعطي الورقة المصطنعة شكل الأوراق الرسمية ومظهرها وأن ينسب صدورها كذباً إلى موظف عام للإيهام برسميتها، ويكفي في هذا المقام أن تحتوي الورقة على ما يفيد تدخل الموظف في تحريرها بما يوهم أنه هو الذي باشر إجراءاتها في حدود اختصاصه، وإذ كان الحكم قد أثبت أن صور الأحكام والشهادات الصادرة في القضايا موضوع الاتهام مزورة بطريق الاصطناع، فإن هذا حسبه إثباتاً لقيام الجريمة ولو لم تكشف التحقيقات عن تحديد الشخص الذي أسبغ عليها الصفة الرسمية بختمها بالخاتم الصحيح، ويضحى ما يثيره الطاعنون في هذا الخصوص غير مقبول، لما كان ذلك، وكان الاشتراك في التزوير قد يتم دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه، ومن ثم فإنه يكفي أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها، وأن يكون اعتقادها هذا سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم، وإذ كان في جماع ما حصله الحكم من أقوال الشهود والأدلة في الدعوى - التي لا ينازع الطاعن في أن لها معينها الصحيح من الأوراق - ما يصح به استدلال الحكم على ثبوت اشتراك الطاعنين في التزوير ويسوغ به ما انتهى إليه من إدانتهم عن تلك الجريمة ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنون من عدم تحديد الحكم للأعمال الدالة على اشتراكهم في التزوير يكون غير سديد، لما كان ذلك وكان من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة التزوير ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه، ويتحقق القصد الجنائي في جريمة التزوير في الأوراق الرسمية متى تعمد الجاني تغيير الحقيقة في المحرر مع انتواء استعماله في الغرض الذي من أجله غيرت الحقيقة فيه، وليس أمراً لازماً التحدث صراحة واستقلالاً في الحكم عن توافر هذا الركن ما دام قد أورد من الوقائع ما يشهد بقيامه، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت بأدلة سائغة توافر جريمة الاشتراك في تزوير صور الأحكام الصادرة بالبراءة والشهادات بعدم الطعن عليها بقصد توصيل المرافق إلى مساكن أقيمت على أرض زراعية - وهو ما يتضمن إثبات توافر ركن العلم بتزوير تلك المحررات في حق الطاعنين، فإن هذا حسبه ولا يكون ملزماً - من بعد - بالتدليل على استقلال على توافر القصد الجنائي لدى كل منهم، ويضحى ما يثيره الطاعنون بشأن انتفاء علمهم بتزوير المحررات موضوع الاتهام مجرد جدل موضوعي في سلطة المحكمة في تقدير الأدلة واستنباط معتقدها مما لا يجوز الخوض فيه لدى محكمة النقض، لما كان ذلك، وكان اصطناع المحررات وتزوير بياناتها - بيد شخص آخر لا يؤثر في مسئولية الطاعنين عن جريمة التزوير التي دانهم الحكم عنها بصفتهم شركاء فيها وليسوا فاعلين أصليين لها ومن ثم فلا يجديهم نفي تحريرهم لتلك البيانات أو ختمهم للمحررات المصطنعة، ولما كان الدفع بتلفيق التهمة هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً، بل إن الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، ولا تلتزم المحكمة في هذا الصدد بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال، هذا إلى أن لمحكمة الموضوع أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية، ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من سائر الأدلة القائمة في الدعوى التي تكفي لحمل قضائها - كالحال في الدعوى الماثلة - ومن ثم فلا على المحكمة إن هي أعرضت عن مستندات قدمها الطاعنون للتشكيك في أدلة الإثبات التي اطمأنت إليها المحكمة بإثبات وجود خلافات بينهم وبين ضابط الواقعة وأن الطاعنين الأولين كانا بالقوات المسلحة في الفترة التي ارتكب فيها التزوير وأن أحد المحكوم عليهم كان خارج البلاد، ذلك أن المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها، وفي إغفالها بعض الوقائع أو المستندات ما يفيد ضمناً إطراحها واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها، ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعنون على الحكم في هذا الصدد، لما كان ذلك، وكان تناقض أقوال الشهود - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه - كما في الحال في الدعوى المطروحة - فإن منازعة الطاعنين في القوة التدليلية لأقوال الشهود لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما لا يقبل التصدي له أمام محكمة النقض، لما هو مقرر من أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها، هذا فضلاً عما هو مقرر من أن تفصيل أسباب الطعن ابتداء مطلوب على وجه الوجوب تحديداً للطعن وتعريفاً بوجهه. وكان الطاعنون لم يفصحوا عن أوجه التناقض بين أقوال شهود الإثبات التي عول عليها الحكم في إدانتهم والتناقض بين هذه الأقوال وبين تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير فإن منعاهم في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً، لما كان ذلك، وكانت مصلحة الطاعنين الأول والثاني في النعي على تدليل الحكم على جريمة استعمال المحررات المزورة التي نسبها إليهما منتفية، ذلك أن الحكم قد أعمل في حقهما حكم الارتباط المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات واعتبر الجرائم المسندة إليهما جريمة واحدة وقضى بالعقوبة المقررة لأشد هذه الجرائم وهي جريمة الاشتراك في تزوير المحررات الرسمية والتي لا يمارى الطاعنون في أن الحكم قد تناولها بالتدليل على ثبوتها في حقهما، ومن ثم فلا جدوى مما ينعيانه على تدليله على جريمة الاستعمال وهي الجريمة الأخف، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن جريمة التزوير في الأوراق الرسمية تتحقق بمجرد تغيير الحقيقة فيها بطريق الغش بالوسائل التي نص عليها القانون ولو لم يتحقق عنه ضرر يلحق شخصاً معيناً، لأن هذا التغيير ينتج عنه حتماًَ ضرراً بالمصلحة العامة لما يترتب عليه من عبث بالأوراق الرسمية ينال من قيمتها وحجيتها في نظر الجمهور، ولا يغير من ذلك حصول الإدارة على مقابل لاستهلاك الكهرباء الأمر الذي يبين منه أن ما تمسك به الطاعنون من انتفاء الضرر لا يعدو أن يكون دفعاً قانونياً ظاهر البطلان لا على الحكم إن التفت عنه، لما كان ذلك، وكان المقرر أنه متى وقع التزوير أو استعمال المحرر المزور فإن الباعث على ارتكابه لا أثر له على وقوع الجريمة وليس ركناً من أركانها، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت ارتكاب الطاعنين لجريمة الاشتراك في التزوير وهي جريمة قائمة بذاتها أياً كان الباعث على ارتكابها ولم يصدر بشأنها ثمة قانون أصلح، وكان ما يثيره الطاعنون بشأن إجازة إدخال المرافق إلى المناطق العشوائية إنما ينصب - في خصوص الدعوى المطروحة - على الباعث على جريمة التزوير وليس على الجريمة ذاتها فلا يعد القرار الإداري الصادر بهذه الإجازة قانوناً أصلح لجريمة التزوير التي دانهم بها الحكم وأوقع عليهم العقوبة المقررة لها ومن ثم يضحى ما ينعاه الطاعنون على الحكم من عدم إعمال هذا القرار عليهم غير سديد، لما كان ذلك، وكان المقرر أن المحكمة لا تتقيد بالوصف الذي تسبغه النيابة على الفعل المسند إلى المتهم، بل هي مكلفة بتمحيص الواقعة المطروحة أمامها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً دون حاجة إلى أن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك، ما دام أن الواقعة المادية المبينة بتقرير الاتهام والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم أساساً للوصف الذي دان الطاعنين به دون أن تضيف المحكمة إليها شيئاً وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى إدانة الطاعنين بجريمة الاشتراك في تزوير محررات رسمية وهي ذات الواقعة التي قدمت بها من النيابة، فإن تحديده لأفعال الاشتراك التي ارتكبها كل منهم لا يعتبر وصفاً جديداً - إذ لا مغايره فيه للعناصر التي كانت مطروحة على المحكمة وتناولها الدفاع - ومن ثم فلا يعد ذلك حكم القانون تغييراً لوصف التهمة المحال بها الطاعنين، بل هي مجرد تحديد لأفعالها مما يصح إجراؤه في الحكم دون تنبيه الدفاع بالجلسة، ذلك أن المرافعة دارت على أساس ذات الوقائع التي انتهى الحكم إلى تفريدها ومن ثم يكون ما يثيره الطاعنون في هذا الخصوص على غير أساس، لما كان ذلك، وكان قضاء محكمة النقض قد جرى على أن القانون لا يمنع أن يتولى محام واحد واجب الدفاع عن متهمين متعددين في جناية واحدة ما دامت ظروف الواقعة لا تؤدى إلى القول بوجود تعارض حقيقي بين مصالحهم، وكان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن الطاعنين قد اقتصر على نفي التهمة عنهم، ومن ثم فإن القضاء بإدانة أحدهم - كما يستفاد من أسباب الحكم - لا يترتب عليه القضاء ببراءة آخر وهو مناط التعارض الحقيقي المخل بحق الدفاع، ومن ثم فإنه لا يعيب إجراءات المحاكمة - في خصوص هذه الدعوى - أن تولى الدفاع عن بعض الطاعنين محام واحد، ذلك أن تعارض المصلحة الذي يوجب إفراد كل منهم بمحام خاص يتولى الدفاع عنه أساسه الواقع ولا ينبني على احتمال ما كان يسع كلاً منهم أن يبديه من أوجه دفاع ما دام بيده بالفعل ومن ثم يكون ما ينعاه الطاعنون على إجراءات المحاكمة في هذا الصدد على غير أساس، لما كان ذلك، وكان المقرر أن تقدير العقوبة في الحدود المقررة قانوناً، وتقدير مناسبة العقوبة بالنسبة إلى كل متهم هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون معقب ودون أن تسأل عن الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته، فإن ما يثيره الطاعنون بشأن تفاوت العقوبة التي أوقعها الحكم عليهم لا يكون مقبولاً، لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق