الصفحات

الخميس، 18 سبتمبر 2014

(الطعن 141 لسنة 62 ق جلسة 13 / 5 / 1996 مكتب فني 47 ج 1 ق 144 ص 772)

برئاسة السيد المستشار/ أحمد محمود مكي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الهام نجيب نوار، سيد محمود يوسف، لطف الله ياسين جزر نواب رئيس المحكمة، خالد دراز.
--------------------
المقررـ في قضاء محكمة النقض ـ أن عقد البيع النهائي الذي تستقر به العلاقة بين الطرفين هو قانون العاقدين والمرجع في التعرف على إرادتهما النهائية، فإذا اغفل العاقدان ذكر بعض الشروط التي كان منصوصا عليها في العقد الابتدائي حمل ذلك بحسب الأصل على أنه عدول عما لم يرد ذكره، إلا أن ذلك مقصور على شروط البيع وأحكامه التي تعد عقود البيع النهائية لإثباتها ولا تجاوز ذلك إلى ما عداها، فلو تضمن العقد الابتدائي أكثر من تصرف أو إخبارا بأمور أو وقائع أو تنظيما لعلاقات مغايرة للبيع ولم يرد ذكرها في العقد النهائي وخلت عباراته مما يناقضها، فليس بلازم عدم ترديدها العدول عنها وإنما قد يكون اكتفاء بإثباتها في العقد الابتدائي فإذا لم تكشف ظروف الدعوى وملابساتها عن رغبة العاقدين في العدول عما ورد في العقد الابتدائي مما لا يتصل بشروط البيع وأحكامه تعين اعتبار دلالته حتى لو لم يرد ذكره في العقد النهائي ما لم يثبت العدول عنه.
-------------------
   بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن الثالث أقام الدعوى 7120 لسنة 1989 مدني طنطا الابتدائية على الطاعنين الأول والثاني والمطعون ضده الأول بطلب الحكم بإلزام الأخير في مواجهة الأولين بتحرير عقد إيجار له عن المحل المبين بالأوراق بذات شروط عقد الإيجار المؤرخ 8/7/1985, على سند من أن الأخير اشترى العقار الذي تقع به عين النزاع من الطاعنين الأول والثاني بموجب عقد بيع ابتدائي مؤرخ 8/7/1985 ونص في البند الرابع منه على أنه روعي في تقدير ثمن العقار أن البائعين ومستأجرا عين التداعي الحق في بيعه الجدك دون أن يحصل المالك الجديد على أي مقابل ويلزم تحرير عقد للمستأجر الجديد وأن الأولين وقد باعا إليه المحل إلا أن المطعون ضده الأول رفض تحرير عقد إيجار له. كما أقام المطعون ضده الأول الدعوى 7243 لسنة 1989 مدني طنطا الابتدائية على الطاعنين الأول والثاني بطلب طردهما لتنازلهما عن الإيجار للطاعن الثالث, ومحكمة أول درجة رفضت دعوى المطعون ضده الأول وحكمت للطاعن الثالث بالطلبات, استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف 1103 لسنة 40 ق طنطا. وبتاريخ 18/12/1991 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفضت دعوى الطاعن الثالث وحكمت للمطعون ضده الأول بطلباته, طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب ذلك أنهم تمسكوا أمام محكمة الموضوع بأن النص في البند الرابع للعقد الابتدائي المؤرخ 8/7/1985 والمبرم بين الطاعنين الأولين والمطعون ضده الأول على أنه (روعي في تقدير ثمن العقار أن البائعين المستأجرين لعين النزاع لهما الحق في بيع هذا المحل بالجدك دون أن يتقاضى المشترين أية مقابل لهذا البيع حسبما ورد بنص القانون حيث أن قيمة العقار قدرت وضمنها حق البائعين في التصرف في المحل المستأجر لهم بالعقار المذكور وهذا شرط أساسي في مواجهة المشترين ولا يحق لهم الرجوع فيه مستقبلا بأي حال من الأحوال ويكونون ملتزمين بتحرير عقد إيجار للمستأجر الجديد وهذا الحق ثابت لهم ويحق للمستأجرين اتخاذ كافة الإجراءات القانونية لهذا الحق) وكان تحرير عقد إيجار لهم في تاريخ البيع ذاته إنما يدل على أن المطعون ضده الأول قد أذن للطاعنين الأولين بالتنازل عن هذا الإيجار فأطرح الحكم المطعون فيه هذا الدفاع قولا منه بأن عدم إيراد هذا الشرط في عقد البيع النهائي المسجل في 2/2/1986 يعتبر تخليا عنه, في حين أن عدم ترديد هذا الشرط لا يعد عدولا عنه في ضوء صياغة هذا الشرط. ووحدة ثمن العقار في العقدين, وإذ قضى الحكم على خلاف هذا الدفاع فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله. ذلك أنه ولئن كان من مقرر في قضاء هذه المحكمة أن عقد البيع النهائي الذي تستقر به العلاقة بين الطرفين هو قانون العاقدين والمرجع في التعرف على إرادتهما النهائية, فإذا أغفل العاقدان ذكر بعض الشروط التي كان منصوصا عليها في العقد الابتدائي حمل ذلك بحسب الأصل على أنه عدول عما لم يرد ذكره, إلا أن ذلك مقصور على شروط البيع وأحكامه التي تعد عقود البيع النهائية لإثباتها ولا تجاوز ذلك إلى ما عداها فلو تضمن العقد الابتدائي أكثر من تصرف أو إخبارا بأمور أو وقائع أو تنظيما لعلاقات مغايرة للبيع ولم يرد ذكرها في العقد النهائي وخلت عباراته مما يناقضها, فليس بلازم عدم ترديدها العدول عنها وإنما قد يكون اكتفاء بإثباتها في العقد الابتدائي, فإذا لم تكشف ظروف الدعوى وملابساتها عن رغبة العاقدين في العدول عما ورد في العقد الابتدائي مما لا يتصل بشروط البيع وأحكامه تعين اعتبار دلالته حتى لو لم يرد ذكره في العقد النهائي ما لم يثبت العدول عنه. لما كان ذلك وكان الطاعنون قد تمسكوا بدفاعهم المشار إليه بوجه النعي وقدموا المستندات المؤيدة له, فقضى الحكم المطعون فيه على خلافه وأقام قضاءه على مجرد القول "بأن العقد النهائي وهو قانون العاقدين قد خلا من ذلك الشرط مما يفيد معه أن العاقدين قد تخليا عنه" في حين أنه ليس بلازم عدم ترديد هذا الشرط الذي نظم العلاقة الإيجارية الناشئة بين الطرفين ولم يقتصر على البيع في ضوء العبارة التي صيغ بها. وتحرير عقد إيجار في تاريخ عقد البيع الابتدائي ذاته وخلو عبارات العقد النهائي مما يناقض هذا الشرط والتزامه للثمن الوارد في العقد الابتدائي, أن يكون مجرد إغفاله عدولا عن هذا الشرط, وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وحجبه ذلك عن تحقيق دفاع الطرفين, فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق