الصفحات

الاثنين، 1 سبتمبر 2014

الطعن 10247 لسنة 63 ق جلسة 1 / 11 / 1995 مكتب فني 46 ق 170 ص 1134

جلسة الأول من نوفمبر سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف علي أبو النيل وعمار إبراهيم فرج وأحمد جمال الدين عبد اللطيف وبهيج القصبجي نواب رئيس المحكمة.

-----------------

(170)
الطعن رقم 10247 لسنة 63 القضائية

(1) دفوع "الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها". حكم "حجيته". قوة الشيء المقضي. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حجية الأحكام. ورودها على منطوقها. امتداد أثرها إلى الأسباب. شرطه؟
مثال.
(2) نيابة عامة. أمر بألا وجه. قوة الأمر المقضي.
الأمر الصادر من سلطة التحقيق بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية له حجيته التي تمنع من العودة إلى الدعوى الجنائية. ما دام لم يلغ قانوناً. له في نطاق حجيته المؤقتة ما للأحكام من قوة الأمر المقضي.
(3) أمر بألا وجه. نيابة عامة.
الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية. الأصل وجوب أن يكون صريحاً ومدوناً بالكتابة. استفادته استنتاجاً من تصرف أو إجراء آخر يترتب عليه حتماً وبطريق اللزوم العقلي.
مثال: لأمر ضمني بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية.
(4) تسجيل المحادثات. دفوع "الدفع ببطلان إذن المراقبة والتسجيل". قانون "تفسيره".
المستشار المنتدب لرئاسة المحكمة الابتدائية. له ولاية القضاء في دوائر المحكمة الابتدائية دون الجزئية. علة ذلك وأساسه؟
(5) تسجيل المحادثات "مراقبة وتسجيل المحادثات". دفوع "الدفع ببطلان إذن المراقبة والتسجيل". إذن مراقبة المحادثات السلكية واللاسلكية "إصداره".
الأمر بمراقبة المحادثات السلكية واللاسلكية وتسجيل المحادثات في الأماكن الخاصة. مقصور على القاضي الجزئي المختص. لا ولاية للمستشار المنتدب رئيساً للمحكمة الابتدائية في إصداره. علة ذلك؟
(6) تسجيل المحادثات. إذن مراقبة المحادثات اللاسلكية "بطلانه". بطلان. إثبات "بوجه عام". استدلالات.
استناد إجراءات المراقبة والتسجيل على أذون باطلة. أثره: استطالة البطلان إليها. استناد الأذون الصادرة بالمراقبة والتسجيل على التحريات. لا أثر له. ما دامت أقيمت أيضاً على المراقبات والتسجيلات الباطلة. علة ذلك؟
(7) إثبات "بوجه عام" "شهود". استدلالات. مواد مخدرة. جلب.
خلو الأوراق من أي دليل يصلح سنداً للإدانة. اعتبار التحريات وأقوال من أجروها قرينة لا تكفي للإدانة أثر ذلك: براءة المتهمين.

----------------
1 - من المقرر أن الأصل في الأحكام ألا ترد الحجية إلا على منطوقها ولا يمتد أثرها إلى الأسباب إلا لما يكون منها مكملاً للمنطوق ومرتبطاً به ارتباطاً وثيقاً غير متجزئ لا يكون للمنطوق قوام إلا به، فيصح إذن أن يرد بعض المقضي به في الأسباب المكملة والمرتبطة بالمنطوق، لما كان ذلك، وكان البين من الحكم الصادر بتاريخ.... أنه وإن كان المتهمون الثلاثة الماثلون من بين المتهمين في الدعوى التي صدر فيها ذلك الحكم، إلا أن البين من مدوناته أنه قد اقتصر في بيانه لواقعة الدعوى على تناول المتهمين الآخرين فحسب، وبعد أن أورد الأدلة التي استند إليها في ثبوت تهمتي جلب المواد المخدرة وتهريبها في حقهم وخلص إلى إدانتهم - دون أن يعرض بشيء لما نسب للمتهمين الثلاثة الماثلين في الدعوى الراهنة، الذين أفصح - من بعد - عن إعمال المحكمة حقها في التصدي المقرر بالفقرة الأولى من المادة 11 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة لهؤلاء الثلاثة، وانتهى في منطوقه إلى إدانة المتهمين الآخرين وإحالة المتهمين الثلاثة الماثلين إلى النيابة العامة للتحقيق والتصرف، فإن الحكم المشار إليه لا يكون قد فصل في موضوع الاتهام بالنسبة للمتهمين في الدعوى الراهنة ومن ثم فلا على النيابة العامة إن هي عادت إلى تقديمهم إلى هذه المحكمة لمحاكمتهم عن تهمتي جلب المواد المخدرة وتهريبها ذاتهما موضوع الاتهام السابق ما دام أن الحكم سالف الإشارة لم يفصل في موضوع تلكما التهمتين بالنسبة لهم على ما سلف بيانه ومن ثم يكون هذا الدفع على غير سند من القانون، متعيناً رفضه.
2 - لما كان من المقرر أن الأمر الصادر من سلطة التحقيق بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية له حجيته التي تمنع من العودة إلى الدعوى الجنائية مادام قائماً لم يلغ، فلا يجوز مع بقائه قائماً. إقامة الدعوى الجنائية عن الواقعة ذاتها التي صدر فيها لأن له في نطاق حجيته المؤقتة تلك ما للأحكام من قوة الأمر المقضي.
3 - من المقرر أنه وإن كان الأصل أن الأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية يجب أن يكون صريحاً ومدوناً بالكتابة، إلا أنه قد يستفاد استنتاجاً من تصرف أو إجراء آخر إذا كان هذا التصرف أو الإجراء يترتب عليه حتماً - وبطريق اللزوم العقلي ذلك الأمر. لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن النيابة العامة لدى مباشرتها التحقيق في الواقعة قد تناولت واقعة الاتفاق الجنائي ووجهت الاتهام فيها إلى كافة المتهمين - بما فيهم المتهمين الماثلين في الدعوى المطروحة. وذلك إضافة إلى تهمتي جلب المواد المخدرة وتهريبها. بيد أنها قصرت قرار الاتهام الذي أصدرته بشأنها بتاريخ 3 ديسمبر سنة 1988 على التهمتين الأخيرتين فحسب، دون تهمة الاتفاق الجنائي. وجرت محاكمتهم على هذا الأساس. فإن هذا التصرف من جانبها ينطوي حتماً وبطريق اللزوم العقلي على أمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية عن تهمة الاتفاق الجنائي.
4 - لما كان النص في المادة الأولى من قانون السلطة القضائية الصادر بقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 على أن "تتكون المحاكم من أ - محكمة النقض ب - محاكم الاستئناف ج - المحاكمة الابتدائية د - المحاكم الجزئية وتختص كل منها بنظر المسائل التي ترفع إليها طبقاً للقانون". وفي المادة التاسعة على أنه "يكون مقر المحكمة الابتدائية في كل عاصمة من عواصم محافظات الجمهورية، وتؤلف كل محكمة من عدد كاف من الرؤساء والقضاة ويندب لرياستها أحد مستشاري محكمة الاستئناف التي تقع بدائرتها المحكمة الابتدائية أو أية محكمة استئناف أخرى تالية لها طبقاً للترتيب المبين في الفقرة الأولى من المادة 54 من هذا القانون، ويكون الندب بقرار من وزير العدل بعد أخذ رأي مجلس القضاء الأعلى لمدة سنة على الأكثر قابلة للتجديد، ويكون لكل محكمة عدد كاف من الدوائر يرأس كل منها رئيس المحكمة أو أحد الرؤساء بها ويجوز عند الضرورة أن يرأسها أحد قضاة المحكمة، وتصدر الأحكام من ثلاثة أعضاء..." وفي المادة العاشرة على أن "يكون إنشاء محاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية وتعيين دائرة اختصاص كل منها أو تعديله بقانون". وفي الفقرة الأولى من المادة الحادية عشرة على أن "تنشأ بدائرة كل محكمة ابتدائية محاكم جزئية يكون إنشاؤها وتبين مقارها وتحديد دوائر اختصاصها بقرار من وزير العدل". وفي المادة الرابعة عشرة على أن "تصدر الأحكام في المحاكم الجزئية من قاضٍ واحد. وفي البند (د) من المادة 30 على أن "تجتمع محكمة النقض وكل محكمة استئناف أو محكمة ابتدائية بهيئة جمعية عامة للنظر فيما يلي: أ - .... ب - .... ج - .... د - ندب مستشاري محاكم الاستئناف للعمل بمحاكم الجنايات وقضاة المحاكم الابتدائية للعمل في المحاكم الجزئية...." تدل على صراحة ألفاظها وواضح معانيها على أن المستشار الذي يندب لرئاسة المحكمة الابتدائية لا تكون له ولاية القضاء إلا في دوائر المحكمة الابتدائية فحسب دون المحاكم الجزئية لما أفردها به القانون من ذاتية خاصة اشتملت عليها النصوص سالفة البيان التي دل فيها الشارع صراحة على أنها ليست من بين دوائر المحكمة الابتدائية، ولا يسوغ في هذا المقام القول بأنه ما دام المستشار بمحاكم الاستئناف قد ندب لرئاسة المحكمة الابتدائية فيكون له ما لأعضائها من اختصاصات ذلك أنه بصفته مستشاراً بمحاكم الاستئناف لا يجوز له بحسب الأصل وعملاً بنص المادة 44 من القانون آنف الإشارة الجلوس إلا في هذه المحاكم، ومن ثم تقتصر ولايته عند ندبه للمحكمة الابتدائية على ما حدده له القانون على سبيل الحصر دون سواه إذ هي ولاية استثنائية لا يجوز التوسع فيها ولا القياس عليها.
5 - إن النص في المادة 206 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه "لا يجوز للنيابة العامة تفتيش غير المتهم أو منزل غير منزله إلا إذا اتضح من أمارات قوية أنه حائز لأشياء تتعلق بالجريمة، ويجوز لها أن تضبط لدى مكاتب البريد جميع الخطابات والرسائل والجرائد والمطبوعات والطرود، ولدى مكاتب البرق جميع البرقيات وأن تراقب المحادثات السلكية واللاسلكية وأن تقوم بتسجيلات لمحادثات جرت في مكان خاص متى كان لذلك فائدة في ظهور الحقيقة في جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر، ويشترط لاتخاذ أي إجراء من الإجراءات السابقة الحصول مقدماً على أمر مسبب بذلك من القاضي الجزئي بعد اطلاعه على الأوراق، وفي جميع الأحوال يجب أن يكون الأمر بالضبط أو الاطلاع أو المراقبة لمدة لا تزيد على ثلاثين يوماً، ويجوز للقاضي الجزئي أن يجدد هذا الأمر مدة أو مدداً أخرى مماثلة". يدل على أن الاختصاص بإصدار الأمر بمراقبة المحادثات السلكية واللاسلكية وتسجيل المحادثات التي تجرى في الأماكن الخاصة مقصور على القاضي الجزئي المختص - دون غيره - ومن ثم فإنه لا يكون للمستشار المنتدب رئيساً للمحكمة الابتدائية ولاية إصدار هذا الأمر لخروجه عن نطاق ولايته على النحو بادي الذكر.
6 - لما كانت إجراءات المراقبة والتسجيل قد تمت بناء على هذه الأذون الباطلة فإن البطلان يستطيل إليها، وإذ كانت الأذون الصادرة من القضاة الجزئيين في الأول من فبراير و21 من مارس و9 من مايو سنة 1988 والإذن الصادر من النيابة العامة في 20 من يوليه سنة 1988 جميعها قد أقيمت - ضمن ما أقيمت عليه - على ما أسفرت عنه المراقبات والتسجيلات الباطلة تلك فإنها تكون باطلة بدورها، ولا يغير من ذلك أن تكون هذه الأذون قد انبنت كذلك على التحريات، ما دامت قد أقيمت أيضاً على تلك المراقبات والتسجيلات الباطلة بوصفها جميعاً ضمائم متساندة الأمر الذي ينبني عليه بطلان الدليل المستمد منها وعدم التعويل أو الاعتداد بشهادة من أجروها.
7 - لما كانت الأوراق قد خلت من أي دليل آخر يصلح سنداً للإدانة، وكانت التحريات وأقوال من أجروها لا تعدو أن تكون قرينة لا تنهض بمجردها دليل إدانة، وكان ما تضمنته "التلكسات" المتبادلة بين بعض المتهمين وبين متهمين آخرين سبق محاكمتهم لا تنصب على واقعة الجلب المطروحة وكذلك الشأن بالنسبة للخطابات الصادرة من بعض الجهات الأجنبية فإن الاتهام يكون قد افتقر إلى دليل يصلح سنداً للإدانة، الأمر الذي يتعين معه الحكم ببراءة المتهمين من تهمتي جلب المواد المخدرة وتهريبها المسندتين إليهم بلا مصاريف جنائية وذلك عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من 1 - .... 2 - .... 3 - .... بأنهم أولاً: جلبوا جواهر مخدرة (هيروين وحشيش وأفيون" إلى أراضي جمهورية مصر العربية قبل الحصول على ترخيص بذلك من الجهة الإدارية المختصة. ثانياً: هربوا البضائع المبينة بالتحقيقات موضوع التهمة الأولى بأن أدخلوها إلى أراضي جمهورية مصر العربية بالمخالفة للنظم والقواعد المعمول بها بشأن البضائع الممنوعة وأحالتهم إلى محكمة جنايات السويس لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قررت إرسال أوراق القضية إلى مفتي الجمهورية لإبداء رأيه فيها وحددت جلسة.... للنطق بالحكم. وبالجلسة المحددة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 3، 33/ أ، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 40 لسنة 1966، 61 لسنة 1977 والبنود 9، 57، 103 من الجدول رقم "1" الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 والمواد 1، 2، 3، 4، 5، 13، 121/ 1، 122، 124/ 1 من القانون رقم 66 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 175 لسنة 1980 مع إعمال المادة 32/ 1 من قانون العقوبات بإجماع الآراء بمعاقبتهم بالإعدام شنقاً وبتغريم كل منهم عشرة آلاف جنيه عما أسند إليه ومصادرة المخدرات والسفينة المضبوطة. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض وقيد بجدولها برقم... لسنة.... القضائية. وهذه المحكمة - محكمة النقض - قضت في.... بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات السويس لتفصل فيها من جديد دائرة أخرى. ومحكمة الإعادة بهيئة مغايرة قضت حضورياً عملاً بالمادة 48/ 1، 2 من قانون العقوبات والمواد 1، 2، 3، 33/ أ، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 40 لسنة 1966، 61 لسنة 1977 والبنود 9، 7، 103 من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول المعدل مع إعمال المادتين 17، 32 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريمه عشرة آلاف جنيه عما أسند إليه وبمصادرة المخدرات والسفينة المضبوطة بعد أن أضافت تهمة ثالثة إلى المتهمين هي واقعة اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب التهمة الأولى.
فطعن كل من المحكوم عليهم والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية) وبجلسة... قضت محكمة النقض بقبول طعن النيابة العامة والمحكوم عليهم شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وحددت جلسة.... لنظر الموضوع.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن النيابة العامة أسندت إلى المتهمين.... و.... و.... أنهم أولاً: جلبوا جواهر مخدرة - هيرويناً وحشيشاً وأفيوناً - إلى أراضي جمهورية مصر العربية قبل الحصول على ترخيص بذلك من الجهة المختصة. ثانياً: تداخلوا مع آخرين في اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب الجناية الموضحة بالتهمة الأولى على النحو المبين بالأوراق. ثالثاً: هربوا البضائع المبينة بالتحقيقات موضوع التهمة الأولى بأن أدخلوها إلى أراضي جمهورية مصر العربية بالمخالفة للنظم والقواعد المعمول بشأن البضائع الممنوعة. وطلبت عقابهم بالمواد 48/ 1، 2 من قانون العقوبات و1، 2، 3، 33/ أ، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 40 لسنة 1966 و61 لسنة 1977 والبنود 9، 57، 103 من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 والمواد 1، 2، 3، 4، 5، 13، 121، 122، 124 من القانون رقم 66 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 75 لسنة 1980.
ومن حيث إن النيابة العامة ركنت في ثبوت الاتهام إلى شهادة كل من اللواء.... والعقداء.... و.... و.... والمقدمين.... و.... والرائد.... ومما أثبته تقرير المعامل الكيمائية بمصلحة الطب الشرعي، وتقرير خبير الأصوات بهيئة الإذاعة.
ومن حيث إن المتهمين مثلوا بجلسة المحاكمة وأنكروا الاتهامات المسندة إليهم ودفع الحاضرون معهم بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر بتاريخ.... بما تضمنه من قضاء ضمني ببراءتهم مما أسند إليهم من اتهام كان قد شمله أمر الإحالة الأول الصادر بتاريخ.... في قضية الجناية رقم.... لسنة.... جنايات السويس، المقيدة برقم.... لسنة.... كلي السويس وذلك بالنسبة لتهمتي جلب المواد المخدرة وتهريبها، ولصدور أمر ضمني من النيابة العامة بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية بالنسبة لتهمتي الاتفاق الجنائي الواردة بأمر الإحالة لكونها على الواقعة الأولى ذاتها التي شملتها التحقيقات في القضية آنفة الذكر ولم ترد في قرار الإحالة سالفة الإشارة. ولم يثبت ظهور أدلة جديدة لاحقة على صدور هذا الأمر. كما دفعوا ببطلان أذون المراقبة والتسجيل الصادرة في.... و.... و.... من المستشارين رئيسي محكمتي جنوب وشمال القاهرة الابتدائية لصدورها من غير القضاة الجزئيين المختصين بإصدارها ومن لا ولاية لهما في ذلك وكذلك بطلان كافة الأذون الأخرى الصادرة من القضاة الجزئيين لابتنائها على الأذن الأول الصادر من المستشار رئيس محكمة جنوب القاهرة الابتدائية المشوب بالبطلان، وعلى إجراءات باطلة تبعاً لذلك وبطلان الدليل المستمد من المراقبات والتسجيلات التي تمت نفاذاً لهذه الأذون وانسحاب هذا البطلان إلى الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات، كما قام دفاعهم على خلو الأوراق من ثمة دليل لإدانتهم. وانتهى الدفاع إلى طلب القضاء ببراءة المتهمين مما أسند إليهم من اتهام.
ومن حيث إنه عن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر من محكمة جنايات السويس بتاريخ.... بالنسبة لتهمتي جلب المواد المخدرة وتهريبها. بما تضمنه من قضاء ضمني ببراءة المتهمين منهما فإنه لما كان من المقرر أن الأصل في الأحكام ألا ترد الحجية إلا على منطوقها ولا يمتد أثرها إلى الأسباب إلا ما يكون منها مكملاً للمنطوق ومرتبطاً به ارتباطاً وثيقاً غير متجزئ لا يكون للمنطوق قوام إلا به، فيصح إذن أن يرد بعض المقضي به في الأسباب المكملة والمرتبطة بالمنطوق، لما كان ذلك، وكان البين من الحكم الصادر بتاريخ.... أنه وإن كان المتهمون الثلاثة الماثلون من بين المتهمين في الدعوى التي صدر فيها ذلك الحكم، إلا أن البين من مدوناته أنه قد اقتصر في بيانه لواقعة الدعوى على تناول المتهمين الآخرين فحسب، وبعد أن أورد الأدلة التي استند إليها في ثبوت تهمتي جلب المواد المخدرة وتهريبها في حقهم وخلص إلى إدانتهم - دون أن يعرض بشيء لما نسب للمتهمين الثلاثة الماثلين في الدعوى الراهنة، الذين أفصح - من بعد - عن إعمال المحكمة حقها في التصدي المقرر بالفقرة الأولى من المادة 11 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة لهؤلاء الثلاثة، وانتهى في منطوقه إلى إدانة المتهمين الآخرين وإحالة المتهمين الثلاثة الماثلين إلى النيابة العامة للتحقيق والتصرف، فإن الحكم المشار إليه لا يكون قد فصل في موضوع الاتهام بالنسبة للمتهمين في الدعوى الراهنة ومن ثم فلا على النيابة العامة إن هي عادت إلى تقديمهم إلى هذه المحكمة لمحاكمتهم عن تهمتي جلب المواد المخدرة وتهريبها ذاتهما موضوع الاتهام السابق ما دام أن الحكم سالف الإشارة لم يفصل في موضوع تلكما التهمتين بالنسبة لهم على ما سلف بيانه ومن ثم يكون هذا الدفع على غير سند من القانون، متعيناً رفضه.
ومن حيث إنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية وبعدم جواز نظرها بالنسبة لتهمة الاتفاق الجنائي المسندة إلى المتهمين استناداً إلى سبق صدور أمر من النيابة العامة بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية عنها، فإنه لما كان من المقرر أن الأمر الصادر من سلطة التحقيق بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية له حجيته التي تمنع من العودة إلى الدعوى الجنائية مادام قائماً لم يلغ، فلا يجوز مع بقائه قائماً إقامة الدعوى الجنائية عن الواقعة ذاتها التي صدر فيها لأن له في نطاق حجيته المؤقتة تلك ما للأحكام من قوة الأمر المقضي، وأنه وإن كان الأصل أن الأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية يجب أن يكون صريحاً ومدوناً بالكتابة، إلا أنه قد يستفاد استنتاجاً من تصرف أو إجراء آخر إذا كان هذا التصرف أو الإجراء يترتب عليه حتماً - وبطريق اللزوم العقلي ذلك الأمر. لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن النيابة العامة لدى مباشرتها التحقيق في الواقعة قد تناولت واقعة الاتفاق الجنائي ووجهت الاتهام فيها إلى كافة المتهمين - بما فيهم المتهمين الماثلين في الدعوى المطروحة، وذلك إضافة إلى تهمتي جلب المواد المخدرة وتهريبها. بيد أنها قصرت قرار الاتهام الذي أصدرته بشأنها بتاريخ.... على التهمتين الأخيرتين فحسب، دون تهمة الاتفاق الجنائي، وجرت محاكمتهم على هذا الأساس، فإن هذا التصرف من جانبها ينطوي حتماً وبطريق اللزوم العقلي على أمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية عن تهمة الاتفاق الجنائي لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن هذا الأمر لا زال قائماً لم يلغ ممن يملك إلغاؤه وكانت الأوراق قد خلت من دليل جديد مما يجيز العودة إلى التحقيق عملاً بنص المادتين 213 و197 من قانون الإجراءات الجنائية فإنه ما كان يجوز للنيابة العامة - من بعد - العودة إلى تقديم المتهمين للمحاكمة عن تهمة الاتفاق الجنائي ذاتها التي شملتها التحقيقات من قبل وصدر بشأنها هذا الأمر. ولا يغير من هذا النظر أن يكون قرار الإحالة الصادر بتاريخ.... قد صدر بعد التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة نفاذاً لقرار المحكمة سالف الإشارة بالتصدي بالنسبة لواقعة اتفاق جنائي مغايرة، ذلك بأن سلطة التحقيق أبان التصرف في هذه التحقيقات الأخيرة عادت وأدرجت في قرار الإحالة - واقعة الاتفاق الجنائي ذاتها التي شملتها التحقيقات السابقة وصدر في شأنها الأمر الضمني بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية - على النحو السالف بيانه - دون الواقعة التي أحالتها محكمة الجنايات إعمالاً لحق التصدي ومن ثم فإن هذا الدفع يكون أصاب صحيح القانون وبات متعيناً قبوله والقضاء بعدم جواز نظر الدعوى عن تهمة الاتفاق الجنائي.
ومن حيث إنه عن الدفع ببطلان إذن المراقبة والتسجيل الصادر بتاريخ.... من المستشار رئيس محكمة جنوب القاهرة الابتدائية لصدوره من غير مختص وممن لا يملك، وبطلان كافة الأذون التالية له لابتنائها على هذا الإذن الباطل وبطلان الدليل المستمد من المراقبات والتسجيلات التي تمت تنفيذاً لهذه الأذون، واستطالة هذا البطلان إلى الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات، فإنه لما كان النص في المادة الأولى من قانون السلطة القضائية الصادر بقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 على أن "تتكون المحاكم من أ - محكمة النقض ب - محاكم الاستئناف ج - المحاكمة الابتدائية د - المحاكم الجزئية وتختص كل منها بنظر المسائل التي ترفع إليها طبقاً للقانون. وفي المادة التاسعة على أنه: "يكون مقر المحكمة الابتدائية في كل عاصمة من عواصم محافظات الجمهورية، وتؤلف كل محكمة من عدد كاف من الرؤساء والقضاة ويندب لرياستها أحد مستشاري محكمة الاستئناف التي تقع بدائرتها المحكمة الابتدائية أو أية محكمة استئناف أخرى تالية لها طبقاً للترتيب المبين في الفقرة الأولى من المادة 54 من هذا القانون، ويكون الندب بقرار من وزير العدل بعد أخذ رأي مجلس القضاء الأعلى لمدة سنة على الأكثر قابلة للتجديد، ويكون لكل محكمة عدد كاف من الدوائر يرأس كل منها رئيس المحكمة أو أحد الرؤساء بها ويجوز عند الضرورة أن يرأسها أحد قضاة المحكمة، وتصدر الأحكام من ثلاثة أعضاء... وفي المادة العاشرة على أن "يكون إنشاء محاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية وتعيين دائرة اختصاص كل منها أو تعديله بقانون". وفي الفقرة الأولى من المادة الحادية عشرة على أن "تنشأ بدائرة اختصاص كل محكمة ابتدائية محاكم جزئية يكون إنشاؤها وتبين مقارها وتحديد دوائر اختصاصها بقرار من وزير العدل". وفي المادة الرابعة عشرة على أن "تصدر الأحكام في المحاكم الجزئية من قاضٍ واحد". وفي البند (د) من المادة 30 على أن "تجتمع محكمة النقض وكل محكمة استئناف أو محكمة ابتدائية بهيئة جمعية عامة للنظر فيما يلي: أ - .... ب - .... ج - ... د - ندب مستشاري محاكم الاستئناف للعمل بمحاكم الجنايات وقضاة المحاكم الابتدائية للعمل في المحاكم الجزئية...." تدل على صراحة ألفاظها وواضح معانيها على أن - المستشار الذي يندب لرئاسة المحكمة الابتدائية لا تكون له ولاية القضاء إلا في دوائر المحكمة الابتدائية فحسب دون المحاكم الجزئية - لما أفردها به القانون من ذاتية خاصة اشتملت عليها النصوص سالفة البيان دل فيها الشارع صراحة على أنها ليست من بين دوائر المحكمة الابتدائية، ولا يسوغ في هذا المقام القول بأنه ما دام المستشار بمحاكم الاستئناف قد ندب لرئاسة المحكمة الابتدائية فيكون له ما لأعضائها من اختصاصات ذلك أنه بصفته مستشاراً بمحاكم الاستئناف لا يجوز له بحسب الأصل وعملاً بنص المادة 44 من القانون آنف الإشارة الجلوس إلا في هذه المحاكم، ومن ثم تقتصر ولايته عند ندبه للمحكمة الابتدائية على ما حدده له القانون على سبيل الحصر دون سواه إذ هي ولاية استثنائية لا يجوز التوسع فيها ولا القياس به عليها. لما كان ذلك، وكان النص في المادة 206 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه "لا يجوز للنيابة العامة تفتيش غير المتهم أو منزل غير منزله إلا إذا اتضح من أمارات قوية أنه حائز لأشياء تتعلق بالجريمة، ويجوز لها أن تضبط لدى مكاتب البريد جميع الخطابات والرسائل والجرائد والمطبوعات والطرود، ولدى مكاتب البرق جميع البرقيات وأن تراقب المحادثات السلكية واللاسلكية وأن تقوم بتسجيلات لمحادثات جرت في مكان خاص متى كان لذلك فائدة في ظهور الحقيقة في جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر، ويشترط لاتخاذ أي إجراء من الإجراءات السابقة الحصول مقدماً على أمر مسبب بذلك من القاضي الجزئي بعد اطلاعه على الأوراق، وفي جميع الأحوال يجب أن يكون الأمر بالضبط أو الاطلاع أو المراقبة لمدة لا تزيد على ثلاثين يوماً، ويجوز للقاضي الجزئي أن يجدد هذا الأمر مدة أو مدداً، أخرى مماثلة". يدل على أن الاختصاص بإصدار الأمر بمراقبة المحادثات السلكية واللاسلكية وتسجيل المحادثات التي تجرى في الأماكن الخاصة مقصور على القاضي الجزئي المختص - دون غيره - ومن ثم فإنه لا يكون للمستشار المنتدب رئيساً للمحكمة الابتدائية ولاية إصدار هذا الأمر لخروجه عن نطاق ولايته على النحو بادي الذكر. لما كان ما تقدم، فإن الأذون الصادرة من رئيس محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بتاريخ.... وشمال القاهرة الابتدائية في.... و.... تكون باطلة لما كان ذلك، وكانت إجراءات المراقبة والتسجيل قد تمت بناء على هذه الأذون الباطلة فإن البطلان يستطيل إليها، وإذ كانت الأذون الصادرة من القضاة الجزئيين في.... و.... و.... والإذن الصادر من النيابة العامة في.... جميعها قد أقيمت - ضمن ما أقيمت عليه - على ما أسفرت عنه المراقبات والتسجيلات الباطلة تلك فإنها تكون باطلة بدورها، ولا يغير من ذلك أن تكون هذه الأذون قد انبنت كذلك على التحريات، ما دامت قد أقيمت أيضاً على تلك المراقبات والتسجيلات الباطلة بوصفها جميعاً ضمائم متساندة الأمر الذي ينبني عليه بطلان الدليل المستمد منها وعدم التعويل أو الاعتداد بشهادة من أجروها. لما كان ذلك، وكانت الأوراق قد خلت من أي دليل آخر يصلح سنداً للإدانة، وكانت التحريات وأقوال من أجروها لا تعدو أن تكون قرينة لا تنهض بمجردها دليل إدانة، وكان ما تضمنته التلكسات المتبادلة بين بعض المتهمين وبين متهمين آخرين سبق محاكمتهم لا تنصب على واقعة الجلب المطروحة وكذلك الشأن بالنسبة للخطابات الصادرة من بعض الجهات الأجنبية فإن الاتهام يكون قد افتقر إلى دليل يصلح سنداً للإدانة، الأمر الذي يتعين مع الحكم ببراءة المتهمين من تهمتي جلب المواد المخدرة وتهريبها المسندتين إليهم بلا مصاريف جنائية وذلك عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية لما كان ذلك، وكان الحكم الصادر من محكمة جنايات السويس بتاريخ 20 مايو سنة 1992 قد قضى بمصادرة المواد المخدرة والسفينة المضبوطين فلا محل للقضاء بها مجدداً

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق