الصفحات

السبت، 30 أغسطس 2014

الطعن 5562 لسنة 64 ق جلسة 10/ 1 /2005 مكتب فني 56 ق 13 ص 77

جلسة 10 من يناير سنة 2005
برئاسة السيد المستشار/ أحمد محمود مكي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / يحيى جلال ، بليغ كمال ، مجدى زين العابدين وأحمد عبد الحميد حامد نواب رئيس المحكمة .
-----------
(13)
الطعن 5562 لسنة 64 ق
(1) قانون " تفسير القانون : قواعد التفسير " .
دلالة النص على الحكم الوارد به . مراتبه . عبارة النص المشتملة على الحكم الذي صيغ النص للتعبير عنه صراحة . أقواها . إشارة النص المتضمنة معنى لم يرد ذكره في عباراته صراحة ولكنه لازم لزوماً عقلياً للحكم المصرح به . تليها في المرتبة .
(2) حكم " تسبيب الأحكام : ضوابط التسبيب : الرد الضمني " .
القضاء الصريح في موضوع الطعن . تضمنه قضاءً ضمنياً بقبول الطعن شكلاً حتى ولو خلت عباراته من ذكر ذلك .
(3) استئناف " شكل الاستئناف " .حكم " تسبيب الأحكام : ضوابط التسبيب : الرد الضمني " .
انتهاء الحكم الفرعي الصادر من المحكمة المطعون في حكمها في الأسباب والمنطوق إلى إرجاء الحكم في الشكل لحين الفصل في منازعة الطاعنين بصدور الحكم المستأنف بناء على غش واقع من المطعون ضدهم . النعي على هذا الحكم باشتماله على قضاء ضمني بقبول الاستئناف شكلاً . لا محل له . علة ذلك .
( 4 ، 5 ) استئناف " ميعاد الاستئناف : الحكم الصادر بناء على غش من الخصوم " .
(4) الغش المفسد للتصرفات . عدم جواز إفادة فاعله منه . علة ذلك .
(5) محكمة الاستئناف . لها السلطة المطلقة في التحقق من توافر الغش الذي صدر الحكم بناء عليه . تقيد سلطتها في حالتي صدور الحكم بناء على ورقة مزورة أو الشهادة الزور . استلزام إقرار الفاعل أو صدور حكم بذلك لإثباتهما . علة ذلك . م 228 مرافعات .
(6) إثبات " طرق الإثبات : القرائن القضائية " .
        القرينة القضائية . ماهيتها . م 100 إثبات .
(7) إثبات " طرق الإثبات : البينة : المانع من الحصول على دليل كتابي " . تقادم " التقادم المسقط : وقف التقادم " . وكالة " التوكيل في الخصومة " .
علاقة الوكيل والأصيل . علاقة ذات خصوصية . قيامها على حسن النية . تحققها . أثره . وقف التقادم واعتبارها من موانع الحصول على دليل كتابي .
(8) وكالة " التوكيل في الخصومة : حدودها " .
الوكالة في الخصومة . أساسها . الثقة بالمحامي وحسن الظن به . غش المحامي لموكله وتواطئه مع خصمه . مؤداه . انتفاء علم الموكل بالدعوى في الفترة التي كان فيها أمر هذا الغش خافياً عليه . أثره . عدم الاعتداد بحضور المحامي ولا ما صدر عنه من إقرارات في هذه الفترة .
(9) حكم " عيوب التدليل : الفساد في الاستدلال ومخالفة القانون والخطأ في تطبيقه " .
تمسك الطاعنين بعدم تكليفهما محاميهما السابق بالحضور أمام محكمة أول درجة أو الإقرار عنهما وأن ذلك قد تم بطريق الغش والتواطؤ مع الخصوم وصولاً لإسقاط حقهما في الاستئناف وتدليلهما على ذلك بالقرائن والمستندات إطراح الحكم المطعون فيه ذلك وقضاؤه بعدم قبول الاستئناف شكلاً لرفعه بعد الميعاد تأسيساً على صدور الحكم المستأنف حضورياً بالنسبة لهما نافياً الغش لعلمهما بالدعوى مشترطاً لثبوته صدور حكم سابق بذلك . خطأ وفساد في الاستدلال ومخالفة للثابت بالأوراق .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - إن دلالة النص على الحكم الوارد به على مراتب أقواها دلالة عبارة النص على الحكم الذي صيغ النص للتعبير عنه صراحة ويليها في المرتبة دلالة إشارة النص على معنى لم يرد ذكره في عباراته صراحة ولكنه لازم لزوماً عقلياً للحكم المصرح به .
2 - إن كل قضاء صريح بدلالة العبارة في موضوع الطعن يتضمن قضاءً ضمنياً بدلالة الإشارة على قبول الطعن شكلاً رغم أنه لم يرد لذلك ذكر في عباراته .
3 - إذ كان ليس بلازم رفض محكمة الطعن لطلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه دون إشارة إلى شكل الطعن – وهو قضاء وقتى – أن المحكمة محصت شكل الطعن وانتهت إلى قبوله بل قد يكون باعثها لرفض طلب وقف التنفيذ أن شكل الطعن محل نظر ويقتضى بحث وتمحيص ولا يكفى لقبوله ظاهر الأوراق كما أنه في حالة التلازم بين ما صرح به الحكم وما يتضمنه من قضاء ضمنى فإنه في الحالات التي يحتاط فيها الحكم وصرح في عباراته بما ينفى دلالة الإشارة تعين التزام العبارة لأنه لا عبرة بدلالة الإشارة في مقابلة التصريح . لما كان ذلك ، وكان البين من الحكم الفرعى الصادر من محكمة الاستئناف بتاريخ 22/7/1993 برفض طلب وقف تنفيذ الحكم المستأنف أن المحكمة صرحت في أسباب ومنطوق هذا الحكم بعبارات واضحة لا تحتمل التأويل أن الفصل في شكل الاستئناف يتوقف على نتيجة الفصل فيما أثارته الطاعنتان من أن الحكم المستأنف صدر بناء على غش وقع من المطعون ضدهم باعتبار أن ثبوت أو نفى صحة هذه المنازعة ينبنى عليه تحديد تاريخ بدء ميعاد الاستئناف ورتبت على ذلك إرجاء الحكم في الشكل لحين الفصل في تلك المنازعة فإن النعي بأن الحكم سالف الذكر قد اشتمل على قضاء ضمنى بقبول الاستئناف شكلاً يكون في غير محله .
4 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه من القواعد الأساسية الحاكمة للقانون المصرى ولكل الشرائع أن الغش يفسد كل شئ ولا يجوز أن يفيد منه فاعله منعاً للفساد ودعماً لحسن النية والشرف وتنزيها لساحات المحاكم أن تتخذ سبيلاً للانحراف .
5 - مفاد النص في المادة 228 من قانون المرافعات يدل - على أن المشرع قد اختار أن يطلق سلطة محكمة الاستئناف في التحقق من توافر الغش ولم يشأ أن يقيدها كما فعل في حالتى صدور الحكم بناء على ورقة مزورة أو الشهادة الزور التي استلزم لإثباتها إقرار الفاعل أو صدور حكم وذلك حتى يرفع الحرج عن المحاكم وعن الناس في حالة الغش لتتفهم المحكمة الواقعة المطروحة عليها وما احاطها من ظروف وملابسات وتقدر الأدلة المطروحة عليها وتفاضل بينها فتلحق ما يفيد الظن الراجح بالثابت لأنه أقرب إليه والبينة المرجوحة بغير الثابت لأنها إليه أقرب وذلك صميم عمل محكمة الموضوع وسبب سلطتها في فهم الواقع وتقدير الأدلة والذي جعل المشرع يخولها سلطة استنباط القرائن القضائية .
6 - نصت المادة 100 من قانون الإثبات على أنه ( يترك للقاضى استنباط كل قرينة لم يقررها القانون ) والقرينة هي استنباط أمر مجهول من أمر معلوم فمهمة القاضى أن يستنبط من الوقائع والدلائل الثابتة لديه حقيقة الأمر في الواقعة المراد إثباتها .
7 - إن العلاقة بين الوكيل والأصيل لها خصوصيتها التي أوجبت تدخل المشرع لحماية حسن النية فصرح بوقف التقادم ما دامت قائمة واستقر العمل على أنها من موانع الحصول على دليل كتابى .
8 - إن الوكالة في الخصومة تقوم على الثقة بالمحامى وحسن الظن به فإذا غش موكله وتواطأ مع خصمه فإن مجرد علم الموكل بالدعوى يكون عديم القيمة ولا أثر له في الفترة التي كان فيها أمر هذا الغش خافياً عليه ويولى المحامى ثقته فلا يعتد بحضور المحامى ولا ما صدر عنه من إقرارات .
9 - إذ كان الثابت بالأوراق أن الطاعنتين قد تمسكتا بالقرائن والمستندات المقدمة تدليلاً عليها ، ومن هذه القرائن أن محاميهما السابق قد أقام بنفسه الدعوى .... لسنة 1991 شمال القاهرة الابتدائية زعم فيها أن محضر الجلسة المتضمن إقراره بصحة العقد وقبض الثمن في الدعوى .... شمال القاهرة الابتدائية مزور عليه ومع ذلك تقاعس عن التقرير بالطعن بالتزوير وأن صحيفة هذه الدعوى أعلنت على مسكنه باعتباره محل إقامة الطاعنتين على خلاف الحقيقة واثبت تسليم الإعلان لسيدة ليس لهما صلة بها ومنها مغادرة المحامى المذكور البلاد ، وكذلك أن الشخص المدعى بشرائه منهما أرض النزاع كان معدماً وتوفى كذلك وأن المطعون ضده الأول في الطعن الراهن ليس له محل إقامة معروف والتشابه المريب بين وقائع الدعويين فأطرح الحكم المطعون فيه دلالة هذه القرائن جميعاً بمقولة أنه لم يقض في الطعن بالنقض ... لسنة 61 ق المرفوع من الطاعنتين في الحكم الصادر في الدعوى ... لسنة 1991 وأنه لم يفصل في الشكوى ... لسنة 1991 محامين وسط القاهرة ولازالت النيابة تباشر تحقيقها وبأنه لم يثبت مسئولية المطعون ضده الأول جنائياً ولم تتوصل تحريات الشرطة إلى محل إقامته رغم أن المحكمة أذنت للطاعنتين بالتحرى عنه ، ونسب للطاعنتين علمهما بإعلان صحيفة الدعوى من أقوال الطاعنة الأولى أمام النيابة في حين أنها لم تفصح عن ذلك ، كما أن علمهما بالدعوى بمجرده لا يترتب عليه نفى الغش ولا سقوط حقهما في الطعن لأن ما تتمسكان به هو أنهما لم تكلفا المحامى بالحضور ولا الإقرار وإنما كان ذلك وليد تواطؤ مع الخصوم ، وكان البين مما قرره الحكم أنه اشترط لثبوت الغش صدور حكم سابق بذلك ثم مضى يناقش القرائن التي ساقتها الطاعنتان بما لا يواجهها ولا يدحض دلالتها على ثبوت التواطؤ والغش بين محاميهما السابق والمطعون ضدهم بحيث لا يترتب على حضوره والإقرار الصادر منه أمام محكمة أول درجة أى أثر في حق الطاعنتين فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر الحكم المستأنف حضورياً بالنسبة لهما وقضى بعدم قبول الاستئناف شكلاً لرفعه بعد الميعاد فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة

       بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة .    

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى .... لسنة 1990 بنها الابتدائية  " مأمورية قليوب " على الطاعنتين وباقى المطعون ضدهم بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقدى البيع المؤرخين 2/5/1990 و 15/12/1988 المتضمن أولهما بيع مورث المطعون ضدهما الثانية والثالثة للمطعون ضده الأول الأرض المبينة بالأوراق ، وثانيهما بيع الطاعنتين هذه الأرض للمورث المذكور ، ومحكمة أول درجة حكمت بالطلبات . استأنفت الطاعنتان هذا الحكم بالاستئناف ...... لسنة 24 ق طنطا " مأمورية بنها " وبتاريخ 14/4/1994 قضت المحكمة بسقوط الحق في الاستئناف لرفعه بعد الميعاد . طعنت الطاعنتان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم ، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنتان بأولهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه قضى بسقوط الحق في الاستئناف لرفعه بعد الميعاد رغم أن الحكم السابق برفض طلب وقف تنفيذ الحكم المستأنف يتضمن قضاءً ضمنياً بقبول الاستئناف شكلاً تستنفد به المحكمة ولايتها ولا يجوز لها العدول عنه مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي في غير محله ، ذلك أنه لما كانت دلالة النص على الحكم الوارد به على مراتب أقواها دلالة عبارة النص على الحكم الذي صيغ النص للتعبير عنه صراحة ويليها في المرتبة دلالة إشارة النص على معنى لم يرد ذكره في عبارته صراحة ولكنه لازم لزوماً عقلياً للحكم المصرح به ومن ذلك أن كل قضاء صريح بدلالة العبارة في موضوع الطعن يتضمن قضاءً ضمنياً بدلالة الإشارة على قبول الطعن شكلاً رغم أنه لم يرد لذلك ذكر في عباراته غير أنه ليس بلازم رفض محكمة الطعن لطلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه دون إشارة إلى شكل الطعن – وهو قضاء وقتى – أن المحكمة محصت شكل الطعن وانتهت إلى قبوله بل قد يكون باعثها لرفض طلب وقف التنفيذ أن شكل الطعن محل نظر ويقتضى بحث وتمحيص ولا يكفى لقبوله ظاهر الأوراق كما أنه في حالة التلازم بين ما صرح به الحكم وما يتضمنه من قضاء ضمنى فإنه في الحالات التي يحتاط فيها الحكم وصرح في عباراته بما ينفى دلالة الإشارة تعين التزام العبارة لأنه لا عبرة بدلالة الإشارة في مقابلة التصريح . لما كان ذلك ، وكان البين من الحكم الفرعى الصادر من محكمة الاستئناف بتاريخ 22/7/1993 برفض طلب وقف تنفيذ الحكم المستأنف أن المحكمة صرحت في أسباب ومنطوق هذا الحكم بعبارات واضحة لا تحتمل التأويل أن الفصل في شكل الاستئناف يتوقف على نتيجة الفصل فيما أثارته الطاعنتان من أن الحكم المستأنف صدر بناء على غش وقع من المطعون ضدهم باعتبار أن ثبوت أو نفى صحة هذه المنازعة ينبنى عليه تحديد تاريخ بدء ميعاد الاستئناف ورتبت على ذلك إرجاء الحكم في الشكل لحين الفصل في تلك المنازعة فإن النعي بأن الحكم سالف الذكر قد اشتمل على قضاء ضمنى بقبول الاستئناف شكلاً يكون في غير محله .
       وحيث إن الطاعنتين تنعيان بالسبب الثانى على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق ذلك أنهما تمسكتا بأن ميعاد استئناف الحكم الصادر من محكمة أول درجة لا يبدأ بالنسبة لهما من تاريخ إعلانهما بالصورة التنفيذية للحكم في 24/7/1991 لتواطؤ محاميهما السابق مع خصومهما الذي حال بينهما والعلم بالخصومة أمام محكمة أول درجة والحكم الصادر فيها وذلك بأن زور عليهما العقد المنسوب صدوره منهما والمؤرخ 15/12/1988 على أوراق مكتبه عن طريق تصوير توقيعهما الصحيح على العقد المسجل .... لسنة 1988 وأقر بالبيع وصحة العقد وقبض الثمن ودللتا على ذلك بعدة قرائن منها أن أصل العقد المنسوب إليهما لم يقدم وإنما قدمت صورته ، وأن المشترى منهما مورث المطعون ضدهم – عدا الأول – كان معدماً وتوفى كذلك كما جاء بمحضر حصر تركته ولم يكن له عمل ظاهر كما أقرت أرملته المطعون ضدها الثانية وأن المطعون ضده الأول لا يقيم في العنوان الذي ذكره في صحيفة دعواه ولا يوجد شارع يحمل هذا الاسم ، وعجزت تحريات الشرطة عن الوصول إلى محل إقامته ، وبأنهما تقدمتا بتاريخ 10/8/1991 بشكوى إلى نيابة وسط القاهرة قيدت برقم .... لسنة 1991 محامين تولت النيابة تحقيقها وجاء في التحقيقات أن المحامى السابق زور على الطاعنتين وعلى أوراق مكتبه أيضاً عقد بيع مساحة أخرى أعطاه تاريخ 7/10/1988 المشترى فيه شخص اتت الطاعنتان بشهادة من مديرية الأمن بأنه أدين في جريمة سرقة وقد أقام هذا المشترى عليهما الدعوى .... لسنة 1989 شمال القاهرة الابتدائية بطلب صحة ذلك العقد وأعلن الطاعنتين بصحيفة الدعوى على مسكن المحامى المشكو وليس مسكنهما وسلم الإعلان لسيدة قالت أنها تابعتهما المقيمة معهما ووقعت باسمها ثم كشفت التحقيقات أنها غادرت البلاد وسئل أبوها فشهد بأن التوقيع المنسوب إلى ابنته مزور عليها وبأنه لا صلة لها بمسكن المحامى ولا بالطاعنتين واتهم المحضر بالتزوير وسئل المحضر فقرر أنه لم يتحقق من شخص مستلمة الإعلان ، كما جاء في التحقيقات أن المشترى لم يقدم أصل العقد وزعم فقده وقدم صورته تحمل توقيعاً منسوباً للطاعنتين مطابق لتوقيعهما شكلاً ومسافة للعقد المرفوع به الدعوى المستأنف حكمها كما ثبت من تحقيقات النيابة أن المحامى المشكو غادر البلاد ولم يعد حتى 15/1/1992 تاريخ تحرير تلك الشهادات وبأنه حضر في الدعوى ... لسنة 1989 بجلسة 28/3/1998عن الطاعنتين وأقر بصحة العقد المؤرخ 7/10/1989 وقبض الثمن كما فعل في الدعوى الراهنة وصدر الحكم بناء على هذا الإقرار وقالت الطاعنة الأولى أنها راجعته فأنكر علمه بهذه الدعوى وأن محضر الجلسة سالف الذكر مزور عليه فكلفته برفع الدعوى ... لسنة 1991 شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم برد وبطلان محضر الجلسة المزور عليه وبطلان الحكم الصادر في الدعوى .... لسنة 1989 وبطلان العقد المؤرخ 7/10/1988فرفعها على أوراقه ولما تقاعس عن التقرير بالطعن بالتزوير على الأوراق التي تمسك بنفسه بتزويرها وقضى عليهما قامتا في 2/4/1991 بإلغاء التوكيل وقدمت الطاعنتان لمحكمة الاستئناف صورة رسمية من هذه الشكوى ومحاضر التحريات عن محل إقامة المطعون ضده الأول ومحضر حصر تركة باقى المطعون ضدهم وصورة من صحيفة الدعوى .... لسنة 1991 وصورة ضوئية من العقد المسجل ... لسنة 1988 جنوب القاهرة وللعقد موضوع الدعوى الراهنة والعقد سند الدعوى .... لسنة 1989 شمال القاهرة يبين من مقارنتها أن التوقيع المنسوب على العقدين الأخيرين هو صورة مطابقة من التوقيع على العقد المسجل فأطرح الحكم المطعون فيه دفاعهما وأقام قضاءه على عدم اطمئنانه لشاهد الطاعنتين وأن النيابة لم تستكمل تحقيقاتها بعد ليثبت غش الوكيل وأن المحكمة سمحت لهما بالتحرى عن موطن المطعون ضده الأول فلم يستدل عليه ولم يثبت مسئوليته الجنائية وأنهما لم يلغيا توكيل المحامى بعد علمهما بما تم في الدعوى ... لسنة 1989 شمال القاهرة وكلفاه برفع الدعوى .... لسنة 1991 وأن الطاعنة الأولى قالت في تحقيقات النيابة أنها علمت بالدعوى من إعلانها بها ورتب على ذلك علمها بمجريات الدعوى وما صدر عن وكيلهما من إقرار العقد المقدم صورته واستلام كامل الثمن فيكون الحكم حضورياً بالنسبة لهما وهى ردود لا تواجه دفاعهما ولا أصل لها في الأوراق مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
       وحيث إن هذا النعي في محله ، ذلك أنه لما كان من القواعد الأساسية الحاكمة للقانون المصرى ولكل الشرائع أن الغش يفسد كل شئ ولا يجوز أن يفيد منه فاعله منعاً للفساد ودعماً لحسن النية والشرف وتنزيها لساحات المحاكم أن تتخذ سبيلاً للانحراف وكان النص في المادة 228 من قانون المرافعات على أنه " إذا صدر الحكم بناء على غش وقع من الخصم أو بناء على ورقة مزورة أو بناء على شهادة زور ، أو بسبب عدم إظهار ورقة قاطعة في الدعوى احتجزها الخصم فلا يبدأ ميعاد استئنافه إلا من اليوم الذي ظهر فيه الغش أو الذي أقر فيه بالتزوير فاعله أو حكم بثبوته أو الذي حكم فيه على شاهد الزور .. " يدل على أن المشرع قد اختار أن يطلق سلطة محكمة الاستئناف في التحقق من توافر الغش ولم يشأ أن يقيدها كما فعل في حالتى صدور الحكم بناء على ورقة مزورة أو الشهادة الزور التي استلزم لإثباتها إقرار الفاعل أو صدور حكم وذلك حتى يرفع الحرج عن المحاكم وعن الناس في حالة الغش لتتفهم المحكمة الواقعة المطروحة عليها وما أحاطها من ظروف وملابسات وتقدر الأدلة المطروحة عليها وتفاضل بينها فتلحق ما يفيد الظن الراجح بالثابت لأنه أقرب إليه والبينة المرجوحة بغير الثابت لأنها إليه أقرب وذلك صميم عمل محكمة الموضوع وسبب سلطتها في فهم الواقع وتقدير الأدلة والذي جعل المشرع يخولها سلطة استنباط القرائن القضائية فنصت المادة 100 من قانون الإثبات على أنه ( يترك للقاضى استنباط كل قرينة لم يقررها القانون ) والقرينة هي استنباط أمر مجهول من أمر معلوم فمهمة القاضى أن يستنبط من الوقائع والدلائل الثابتة لديه حقيقة الأمر في الواقعة المراد إثباتها ، وكانت العلاقة بين الوكيل والأصيل لها خصوصيتها التي أوجبت تدخل المشرع لحماية حسن النية فصرح بوقف التقادم ما دامت قائمة واستقر العمل على أنها من موانع الحصول على دليل كتابى وكانت الوكالة في الخصومة تقوم على الثقة بالمحامى وحسن الظن به فإذا غش موكله وتواطأ مع خصمه فإن مجرد علم الموكل بالدعوى يكون عديم القيمة ولا أثر له في الفترة التي كان فيها أمر هذا الغش خافياً عليه ويولى المحامى ثقته فلا يعتد بحضور المحامى ولا ما صدر عنه من إقرارات . لما كان ذلك ، وكان الثابت بالأوراق أن الطاعنتين قد تمسكتا بالقرائن والمستندات المقدمة تدليلاً عليها الموضحة تفصيلاً بوجه النعي ، ومن هذه القرائن أن محاميهما السابق قد أقام بنفسه الدعوى .... لسنة 1991 شمال القاهرةالابتدائية زعم فيها أن محضر الجلسة المتضمن إقراره بصحة العقد وقبض الثمن في الدعوى .... شمال القاهرة الابتدائية مزور عليه ومع ذلك تقاعس عن التقرير بالطعن بالتزوير وأن صحيفة هذه الدعوى أعلنت على مسكنه باعتباره محل إقامة الطاعنتين على خلاف الحقيقة واثبت تسليم الإعلان لسيدة ليس لهما صلة بها ومنها مغادرة المحامى المذكور البلاد ، وكذلك أن الشخص المدعى بشرائه منهما أرض النزاع كان معدماً وتوفى كذلك وأن المطعون ضده الأول في الطعن الراهن ليس له محل إقامة معروف والتشابه المريب بين وقائع الدعويين فأطرح الحكم المطعون فيه دلالة هذه القرائن جميعاً بمقولة أنه لم يقض في الطعن بالنقض ... لسنة 61 ق المرفوع من الطاعنتين في الحكم الصادر في الدعوى ... لسنة 1991 وأنه لم يفصل في الشكوى ... لسنة 1991 محامين وسط القاهرة ولازالت النيابة تباشر تحقيقها وبأنه لم يثبت مسئولية المطعون ضده الأول جنائياً ولم تتوصل تحريات الشرطة إلى محل إقامته رغم أن المحكمة أذنت للطاعنتين بالتحرى عنه ، ونسب للطاعنتين علماً بإعلان صحيفة الدعوى من أقوال الطاعنة الأولى أمام النيابة في حين أنها لم تفصح عن ذلك ، كما أن علمهما بالدعوى بمجرده لا يترتب عليه نفى الغش ولا سقوط حقهما في الطعن لأن ما تتمسكان به هو أنهما لم تكلفا المحامى بالحضور ولا الإقرار وإنما كان ذلك وليد تواطؤ مع الخصوم ، وكان البين مما قرره الحكم أنه اشترط لثبوت الغش صدور حكم سابق بذلك ثم مضى يناقش القرائن التي ساقتها الطاعنتان بما لا يواجهها ولا يدحض دلالتها على ثبوت التواطؤ والغش بين محاميهما السابق والمطعون ضدهم بحيث لا يترتب على حضوره والإقرار الصادر منه أمام محكمة أول درجة أى أثر في حق الطاعنتين فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر الحكم المستأنف حضورياً بالنسبة لهما وقضى بعدم قبول الاستئناف شكلاً لرفعه بعد الميعاد فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق بما يوجب نقضه لهذا السبب .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق