الصفحات

الاثنين، 28 يوليو 2014

الطعنان 17989 و 29532 لسنة 72 ق جلسة 16 / 12 / 2002 مكتب فني 53 ق 193 ص 1155

جلسة 16 من ديسمبر سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ محمود إبراهيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسام عبد الرحيم، سمير أنيس، عبد المنعم منصور وإيهاب عبد المطلب نواب رئيس المحكمة.

--------------

(193)
الطعنان رقما 17989، 29532 لسنة 72 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب".
عدم التقرير بالطعن بالنقض. أثره. عدم قبول الطعن شكلاً. أساس ذلك؟
(2) تربح. قانون "تفسيره". موظفون عموميون. قصد جنائي. جريمة "أركانها". إثبات "خبرة". دستور. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
جريمة التربح المنصوص عليها بالمادة 115 عقوبات. مناط توافرها؟ الوزير هو الرئيس الأعلى في وزارته. له تعديل أو وقف أو إلغاء أو سحب القرارات والأوامر الصادرة من مرؤوسيه شرط ذلك؟ كما عليه بحث تظلمات الأفراد. أساس ذلك؟
إغفال الحكم التدليل على أن ما اتخذه الطاعن من إجراءات مجردة من الحيدة ومشوب بالانحراف وإساءة استعمال السلطة للحصول لنفسه أو لغيره بغير حق على ربح أو منفعة واستناده إلى تقرير لجنة الخبير الحسابية دون إيراد مضمونه ووجه استدلاله به. قصور.
(3) قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
إغفال الحكم استظهار توافر الركن المعنوي في الجريمة التي دان الطاعن بها بالمخالفة لحكم المادة 310 إجراءات. قصور.
(4) تربح. إضرار عمدى بالمال العام. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
تساند الحكم في إدانة الطاعن بجريمة الإضرار العمدى بالمال العام إلى ذات الأدلة التي تساند إليها في إثبات جريمة التربح التي قضى بها بنقضه لقصورها. أثره: نقض الحكم بالنسبة لها أيضًا.
(5) تربح. اشتراك. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". إضرار عمدي.
إدانة الطاعن في جريمة الاشتراك في التربح بطريق المساعدة وجوب استظهار الحكم عناصر الاشتراك وطريقة وبيان الأدلة عليه بما يوضحها ويكشف عن قيامها من واقع الدعوى وظروفها.
إغفال الحكم بيان قصد الاشتراك في الجريمة التي دان الطاعن بها. قصور.
(6) نقض "أثر الطعن".
نقض الحكم بالنسبة لبعض الطاعنين يقتضي نقضه للباقين ولمن لم يقبل طعنه شكلاً. متى كانت الجرائم التي دينوا بها تلتقي جميعها في صعيد واحد. علة ذلك؟
(7) عزل. عقوبة "تطبيقها". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون". موظفون عموميون.
معاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤقتة وعزله من وظيفته مدة مساوية لمدة العقوبة خطأ في تطبيق القانون. يوجب تصحيحه بإطلاق عقوبة العزل. المادة 118 عقوبات. لا يغير من ذلك ترك المتهم للوظيفة. أساس ذلك.
تصحيح الحكم. غير مجد. متى انتهت المحكمة إلى نقضه والإعادة.
(8) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تشكك المحكمة في صحة إسناد التهمة. كفايته للقضاء بالبراءة. ما دام الحكم قد أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة.
(9) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير أقوال الشهود والأدلة في الدعوى. موضوعي.
(10) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسيبيه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". تربح. إضرار عمدي.
عدم التزام محكمة الموضوع في حالة القضاء بالبراءة بالرد على كل دليل من أدلة الثبوت ما دامت قد داخلتها الريبة في عناصر الإثبات. إغفالها التحدث عنها مفاده؟
لا يقدح في سلامة الحكم القاضي بالبراءة أن تكون إحدى دعاماته معيبة. ما دام قد أقيم على دعامات أخرى تكفي لحمله.
(11) اشتراك. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام".
التدليل على حصول الاشتراك في الجريمة بأدلة مادية محسوسة. غير لازم كفاية استخلاصه من ظروف الدعوى وملابساتها. ما دام سائغًا.
(12) اشتراك. اتفاق. إثبات "بوجه عام".
الاشتراك بطريق الاتفاق هو اتحاد نية الفاعل والشريك على ارتكاب الفعل المتفق عليه. هذه النية من مخبآت الصدور لا تقع تحت الحواس.
(13) اشتراك. إثبات "بوجه عام".
للقاضي الجنائي الاستدلال على قيام الاشتراك بطريق الاتفاق والمساعدة من قرائن الدعوى وملابساتها إذا لمن يقم عليه دليل مباشر. حد ذلك؟
(14) إثبات "بوجه عام". اشتراك.
الاشتراك بطريق المساعدة يتحقق بتدخل الشريك مع الفاعل تدخلاً مقصودًا لتسهيل ارتكاب الجريمة.
(15) إثبات "بوجه عام". تربح. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". اشتراك. نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
وجوب أن تبنى الأحكام على الجزم واليقين لا الظن والاحتمال افتراض الحكم توافر القصد الجنائي لدى الطاعن من مجرد مباشرته حقًا كفله القانون واستخلاص قيام الاشتراك من عناصر لا تؤدي إلى ما انتهى إليه. قصور وخطأ في القانون.

---------------
1 - لما كان الطاعن الثالث.... وإن قدم أسبابًا لطعنه في الميعاد، إلا أنه لم يقرر بالطعن بالنقض طبقًا لنص المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959. لما كان ذلك، وكان التقرير بالطعن الذى رسمه القانون هو الذى يترتب عليه دخول الطعن في حوزة محكمة النقض واتصالها به بناء على إعلان ذي الشأن عن رغبته فيه، فإن عدم التقرير بالطعن لا يجعل للطعن قائمة ولا تتصل به محكمة النقض ولا يغني عنه أي إجراء آخر، ومن ثم فإن الطعن المقدم منه يكون غير مقبول شكلاً.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه دان الطاعنين بالجريمة المنصوص عليها بالمادة 115 من قانون العقوبات والتي جرى نصها على أن "كل موظف عام حصل أو حاول أن يحصل لنفسه أو حصل أو حاول أن يحصل لغيره بدون حق على ربح أو منفعة من أعمال وظيفته يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة" مما مفاده أن يكون الجاني موظفًا عامًا بالمعنى الوارد في المادة 119 مكررًا من قانون العقوبات، وأن يؤدى عملاً من أعمال وظيفته المختص بها مجردًا من الحيدة ومشوبًا بعيب الانحراف وإساءة استعمال سلطة وظيفته أو أن يفرط في مقتضيات الحرص على المال العام أو المنفعة العامة، أو المال المملوك للأفراد والموضوع تحت يد جهة عمله مما يمس نزاهة الوظيفة، وأن يأتي هذه الأفعال مبتغيًا غرضًا آخر غير ما أعطيت له السلطة من أجله - هو حصوله أو محاولة حصوله لنفسه على ربح أو منفعة من أعمال وظيفته بحق أو بغير حق أو أن يحصل أو يحاول الحصول لغيره على ربح أو منفعة بغير حق وأن يتوافر لديه بجانب القصد الجنائي العام نية خاصة هي اتجاه إرادته إلى تحقيق ربح أو منفعة لنفسه أو لغيره بغير حق. لما كان ذلك، وكان الثابت من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه سواء في معرض بيانه لواقعة الدعوى أو عند إيراده لأدلة الثبوت فيها استند في قضائه بالإدانة إلى أن الطاعن الأول بصفته..... تقدم إليه..... يتظلم ضد قرار لمصلحة الجمارك برفض تظلم له عن ضريبة جمركية وتعويض عنها تطالبه بهما، وكان المتظلم قد تقدم بتظلمه المرفوض - قبل تقلد الطاعن منصب.... - فأحال الطاعن التظلم المقدم له إلى رئيس مصلحة..... الأسبق..... - الذي أبلغه بأن قرار رفض التظلم سليم، وإثر ذلك تقدم...... بتظلم آخر للطاعن فعرضه على المستشار القانوني - نائب رئيس مجلس الدولة - الذي اقترح طرح النزاع على لجنة تشكل من بعض رؤساء القطاعات بوزارة المالية وتكون برئاسة رئيس مصلحة..... السابق - ..... وقد انتهت هذه اللجنة إلى تعديل طلبات مصلحة...... بجعل وصف الواقعة مخالفة جمركية بالمادة 118 من قانون الجمارك 66 لسنة 1963 المعدل وليست تهربًا جمركيًا، وتخفيض المبلغ المستحق للجمارك إلى حوالي نصف ما تطالب به، كما اعتمد الحكم في قضائه بالإدانة إلى ما قرره..... رئيس قطاع مكتب..... - الطاعن - من أنه عندما عرض ذلك التقرير عليه طلب منه إعادة الأوراق إلى رئيس مصلحة...... مرة أخرى لأنه غير مقتنع بما انتهت إليه اللجنة وأنه سوف يتفاهم معه. لما كان ذلك، وكان ما تساند إليه الحكم في قضائه بالإدانة هو اعتبار ما أمر به الطاعن الأول - الوزير - من إجراءات لفحص التظلمات المقدمة إليه من..... وما بدر منه من قول لمدير مكتبه عند عرض تقرير اللجنة عليه والتي فحصت تلك التظلمات دليلاً على توافر الركن المادي للجريمة التي دان الطاعن بها وهو تقرير من الحكم معيب بالفساد في الاستدلال، ذلك أنه لم يدلل على أن ما اتخذه الطاعن من إجراءات كانت بعيدة عن الحيدة ومشوبة بعيب الانحراف وإساءة استعمال السلطة ابتغاء غرض آخر غير ما أعطيت له السلطة من أجله، إضافة لذلك، فإن الوزير باعتباره الرئيس الإداري الأعلى في وزارته طبقًا لنص المادة 157 من الدستور له الحق في تعديل أو وقف أو إلغاء أو سحب القرارات والأوامر الصادرة من المرؤوسين له أو من الهيئات التابعة لوزارته شرط عدم مخالفة القانون، كما أن عليه واجب بحث تظلمات الأفراد التي كفلها لهم الدستور في المادة 63 منه مما كان يوجب على الحكم التعرض لمدى مطابقة ما قام به الطاعن أو عدم مطابقته للقانون، وفوق ما أصاب الحكم من فساد في الاستدلال فإنه معيب بالقصور فى التسبيب ذلك أنه عول في الإدانة - بالنسبة لجريمتي التربح والإضرار العمدى بالمال العام - على تقرير لجنة الخبرة الحسابية الذى كان أساس تقدير مصلحة الجمارك للضريبة الجمركية والتعويض عنها اللتين تطالب بهما.... دون أن يورد مضمونه وما جاء به والأسس التي أقام عليها تقديره للضريبة الجمركية مثار المنازعة ودون أن يبين مؤدى ذلك كله حتى يتضح وجه استدلاله به ولا يغنى عن ذلك شهادة واضعيه إذ إن ما تضمنه التقرير ينفصل تمام الانفصال عن أقوال واضعيه وأن كلاً منهما يعد دليلاً مستقلاً عن الآخر، وحتى يبين للمحكمة - محكمة النقض - مدى اتساقه مع سائر الأدلة الأخرى ومنها أقوال واضعيه.
3 - لما كان الحكم لم يعن باستظهار توافر الركن المعنوي في حق الطاعن عن الجريمة التي دانه بها وبالتالي فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصرًا في بيان أركان الجريمة التي دين بها المذكور مدلولاً عليها بما يثبتها في حقه طبقًا لما توجبه المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية في كل حكم بالإدانة من بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والأدلة على وقوعها ممن نسبت إليه مما يعيبه بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال الأمر الذي يوجب نقضه في هذا الخصوص.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعنين الأول والثاني بتهمة الإضرار العمدي بالمال العام وقد تساند الحكم في ذلك إلى الأدلة التي تساند إليها في جريمة التربح ولما كانت المحكمة قد انتهت إلى فساد هذه الأدلة وقصورها وهو ما يؤثر على تدليل الحكم بالنسبة لجريمة الإضرار العمدى مما لازمه نقض الحكم بالنسبة لها أيضًا.
5 - لما كان الحكم المطعون فيه قد ذهب في مدوناته بالنسبة للاتهام المنسوب إلى الطاعن..... من اشتراكه مع المتهمين الأول والثاني بقوله إنه شريك لهما بالمساعدة يؤيد ذلك أنه سهل لكل منهما ارتكابه جريمته فقدم للأول طلبًا بإعفائه من خطاب ضمان يوازى 25% ووثيقة تأمين لا تغطي حقوق مصلحة الجمارك بنسبة 75% كالمقرر قانونًا فقبلها المذكور..... مما أدى إلى تربحه بدون وجه حق، كما أنه بما قام به من عدم تقديم ضمانات للمذكور ساعده في ارتكاب الإضرار العمدى بالمال العام لمصلحة الجمارك.... وبذلك يكون قد سهل بطريق المساعدة للأول في الإضرار عمدًا بأموال مصلحة الجمارك...... كما ساعد وسهل الثاني ارتكابه جناية التربح الثابتة في حقه بأن تقدم بوثائق التأمين المخالفة التي لا تغطي حقوق مصلحة...... وتحقق له ربحًا بدون وجه حق حققه له المتهم الثاني والذي قبل وثائق التأمين المخالفة والغير قانونية.... ولم يكن يحصل على هذا الربح بفعل المتهمين الأول والثاني إلا بناء على هذه المساعدة التي قدمها إليهما كشريك لهما في الجريمتين اللتين ارتكباها". لما كان ذلك، فإن المقرر أنه متى دان الحكم الطاعن في جريمة الاشتراك في التربح بطريق المساعدة فإن عليه أن يستظهر عناصر الاشتراك وطريقته وأن يبين الأدلة الدالة على ذلك بيانًا يوضحها ويكشف عن قيامها وذلك من واقع الدعوى وظروفها، ولما كان ما أورده الحكم المطعون فيه قاصرًا في التدليل على أن الطاعن..... قصد الاشتراك في هذه الجرائم وهو عالم بها وبظروفها وساعد المتهمين الأول والثاني في الأعمال المجهزة والمسهلة لارتكابها إذ لم يكشف الحكم عن أن الطاعن كان على علم بأن تلك المستندات المقدمة غير قانونية بل إنه ذكر في معرض دفاعه أن العاملين بشركته هم المنوط بهم تقديم مثل تلك المستندات ومن ثم يكون الحكم قد خلا من بيان قصد الاشتراك في الجريمة التي دان الطاعن .... بها، أما بالنسبة لما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من إدانة الطاعنين الأول والثاني بتهمة تربيح...... والإضرار العمدى بالمال العام فإن الحكم دلل على أن ما اتخذه الطاعنان المذكوران من إجراءات كانت بعيدة عن الحيدة والنزاهة ومشوبة بعيب الانحراف وإساءة استعمال السلطة ابتغاء غرض آخر غير ما أعطيت له السلطة من أجله وما يمس نزاهة الوظيفة ومن ثم يكون الحكم معيبًا بالقصور في التسبيب مما يتعين معه نقضه بالنسبة لهما أيضًا.
6 - لما كان يبين من استقراء الجرائم التي دين بها كل من الطاعنين أن تلك الجرائم تلتقى جميعها في صعيد واحد يدور في فلك واحد هو الإخلال بواجبات الوظيفة والعبث بها، فإن نقض الحكم بالنسبة لبعضهم يقتضى نقضه أيضًا بالنسبة لباقي الطاعنين المشار إليهم، لأن إعادة المحاكمة بالنسبة لبعضهم، وما تجر إليه أو تنتهى عنده تقتضي لحسن سير العدالة أن تكون إعادة البحث في الوقائع بالنسبة لهم جميعًا من جميع نواحيها وذلك بغير حاجة إلى بحث أوجه الطعن المقدمة من هؤلاء الآخرين - الطاعنين - وكذا من لم يقبل طعنه شكلاً.
7 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عاقب المطعون ضدهما الأول والثاني ..... بالأشغال الشاقة المؤقتة. وبعزلهما من وظيفتهما مدة مساوية لمدة العقوبة السالبة للحرية على خلاف ما تقضى به المادة 11 من قانون العقوبات، ذلك أن توقيت عقوبة العزل لا يكون إلا في حالة الحكم بعقوبة الحبس طبقًا لما تقضى به المادة (27) من القانون ذاته أما وهى لم تفعل - بإطلاق عقوبة العزل - فإن حكمها يكون مشوبًا بالخطأ في تطبيق القانون مما كان يقتضي تصحيح هذا الخطأ والقضاء بمعاقبة المطعون ضدهما الأول والثاني بالعزل مطلقًا دون تأقيت كطلب النيابة العامة في طعنها بالإضافة إلى العقوبات المقضي بها، بيد أنه لما كانت هذه المحكمة قد انتهت على النهج المتقدم إلى نقض الحكم المطعون فيه والإعادة فإن القضاء بتصحيح الخطأ يكون عديم الجدوى، ولا يقدح في ذلك أن المطعون ضدهما الأول والثاني قد تركا وظيفتهما، إذ أن المادة 26 من قانون العقوبات تنص على أن العزل من وظيفة أميرية هو الحرمان من الوظيفة نفسها ومن المرتبات المقررة لها، سواء كان المحكوم عليه شاغلاً بالفعل لمنصبه وقت الحكم العزل أو أن يكون قد فقده ما دام قد ارتكب الجريمة وهو موظف وأهمية بالعزل في هذه الحالة الأخيرة هو تقرير عدم صلاحية الموظف لأن يشغل خلال مدة العزل وظيفة عامة.
8 - من المقرر أنه يكفي في المحاكمات الجنائية أن تتشكك محكمة الموضوع في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي تقضي بالبراءة ما دام حكمها يشتمل على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة ووازنت بينها وبين أدلة النفي ورجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في صحة عناصر الاتهام.
9 - من المقرر أن تقدير أقوال الشهود وكافة الأدلة الأخرى متروكًا لمحكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها بغير معقب.
10 - لما كان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة بعد أن تبينت واقعة الدعوى وأقوال شهود الإثبات فيها واستعرضت أدلتها وأحاطت بكافة عناصرها عن بصر وبصيرة أسست قضائها ببراءة المطعون ضدهما على عدم الاطمئنان إلى أدلة الثبوت وإلى تخلف الركن المادي، وخلصت إلى ذلك بالأسباب السائغة التي أوردتها وهو ما يدخل في سلطتها بغير معقب عليها، وكانت محكمة الموضوع لا تلتزم في حالة قضائها بالبراءة بالرد على كل دليل من أدلة الاتهام، ولا يعيب الحكم وهو يقضى بالبراءة عدم تصديه لما ساقته النيابة العامة من قرائن تشير إلى ثبوت الاتهام ما دامت قد قطعت في أصل الواقعة وتشككت فى صحة إسناد التهمة إلى المتهمين لأن في إغفالها التحدث عنها يفيد ضمنًا أنها لم تر فيها ما تطمئن معه إلى إدانتهم فأطرحتها، وأنه لا يقدح في سلامة الحكم بالبراءة أيضًا أن تكون إحدى دعاماته معيبة ما دام الثابت أنه أقيم على دعامات أخرى متعددة تكفي لحمله، ومن ثم فإن نعي النيابة العامة في هذا الصدد يكون غير قويم. أما ما قالته النيابة العامة بالنسبة لخطأ الحكم فيما ذهب إليه من انتفاء الجريمة بالنسبة للمطعون ضده الأول في الواقعة الأولى بأمر الإحالة وأن الحكم قد ذهب - خطأ - إلى القول بانقضاء الدعوى الجنائية - بالنسبة لجنحة التهريب - بمضي المدة قبل اتصال المطعون ضده بها، فإنه لا يجدى الطاعنة - من بعد - ما تنعاه على الحكم لخطئه في القانون لأن تعييب الحكم في ذلك - بفرض صحته - يكون غير منتج ما دام أنه قد تساند على دعامات أخرى صحيحة تكفي لحمله. لما كان ذلك وكان ما ذهب إليه الحكم سديدًا في القانون إذ أورد بأدلة سائغة. إن الأوراق خلت من قصد تربيح الغير أو الإضرار بالمال العام بما ينفى الركن المعنوي للجريمتين المنصوص عليهما في المادتين 115، 116 مكررًا/ 1 من قانون العقوبات، ومن ثم يكون منعى الطاعنة - النيابة العامة - في هذا الصدد غير سديد.
11 - من المقرر - في قضاء النقض - أنه ليس على المحكمة أن تدلل على حصول الاشتراك في ارتكاب الجريمة بأدلة مادية محسوسة، بل يكفيها للقول بحصوله أن تستخلص ذلك من ظروف الدعوى وملابساتها، وأن يكون في وقائع الدعوى نفسها ما يسوغ الاعتقاد بوجوده.
12 - من المقرر أن الاشتراك بالاتفاق إنما يتكون من اتحاد نية الفاعل والشريك على ارتكاب الفعل المتفق عليه، وهذه النية من مخبآت الصدور ودخائل النفس التي لا تقع عادة تحت الحس وليس لها أمارات ظاهرة.
13 - من المقرر أن القاضي الجنائي - مع استثناء ما قيده به الشارع من أدلة مخصوصة في الإثبات - حر في أن يستمد عقيدته من أي مصدر يطمئن إليه، وله إذا لم يقم على الاتفاق والمساعدة دليل مباشر أن يستدل عليهما من قرائن الدعوى وملابساتها ويشترط أن تكون هذه القرائن منصبة على واقعة الاتفاق أو المساعدة على ارتكاب الجريمة وأن يكون استخلاص الحكم للدليل المستمد منها لا يتجافى مع المنطق والعقل.
14 - من المقرر أن الاشتراك بالمساعدة لا يتحقق إلا إذا ثبت أن الشريك قدم الاشتراك في الجريمة وهو عالم بها وأنه ساعد في الأعمال المجهزة أو المسهلة لارتكابها، ولا يكفي في إسناد الاشتراك بالمساعدة المعاقب عليها قانونًا تعاصر فعل الفاعل مع ما وقع من غيره بل لابد أن يكون لدى الشريك نية التدخل مع الفاعل تدخلا مقصودًا يتجاوب صداه مع فعله ويتحقق فيه معنى تسهيل ارتكاب الجريمة الذي جعله الشارع مناط لعقاب الشريك.
15 - لما كان من المقرر أن الأحكام يجب أن تبين على الجزم واليقين من الواقع الذى يثبته الدليل المعتبر ولا تؤسس على الظن والاحتمال من المفروض والاعتبارات المجردة وكان ما أثبته الحكم من سياق التدليل على الاتهام المسند إلى الطاعن قد أقيم على الظن والاحتمال والفروض والاعتبارات المجردة متخذًا من مجرد تقديمه لعده تظلمات بشأن رفع الغبن الذي وقع عليه وفقًا لما جاء في أقواله - أيما كان وجه الرأي في ذلك - فإن تقديم تلك التظلمات والتي أباح له القانون حق تقديمها ولم يحظرها قانون الجمارك عن قرارات اللجان التي انتهت إلى عدم أحقيته في استرداد الرسوم والضرائب والجمارك التي سبق له دفعها واستردها بعد ذلك، وفي ذلك افتراض للقصد الجنائي لمجرد أنه مارس حقًا كفله له القانون وهو التظلم من القرارات الإدارية على النحو المار بيانه، كما أن ما ذهب إليه الحكم تدليلاً على الاشتراك بين الطاعن والمتهم الأول من تشكيل عدة لجان لهذا الغرض فإنه لا يستدل منه توافر المساعدة والاتفاق بينهما على ارتكاب الجريمة تحقيقًا للتربيح الطاعن إذ لا يمكن افتراض ذلك. لما كان ذلك، وكانت عناصر التي استخلص منها الحكم قيام الاشتراك لا تؤدى إلى ما انتهى إليه فإن الحكم المطعون فيه يكون مخطئًا في تطبيق القانون قاصرًا في التسبيب فاسدًا في الاستدلال متعسفًا في الاستنتاج بما يبطله ويوجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من:....... لأنهم خلال عامي 1998، 1999.
أولاً: المتهم الأول: - 1 - بصفته موظفًا عامًا "......" حصل....... الممثل القانوني لشركة...... "متوفى" بدون حق على ربح ومنفعة من عمل من أعمال وظيفته، بأن أوقف السير في إجراءات الدعوى الجنائية الناشئة عن واقعة التهرب الجمركي المحرر عليها محضر الضبط رقم ..... لسنة..... في غير الأحوال المصرح له فيها بذلك قانونًا وبالمخالفة لرأي مستشاره القانوني وكان ذلك لصلته الشخصية بالمتهم المتوفى - التي كشف عنها تداخله في إجراءات تنفيذ إذن تفتيش مقر الشركة المذكور قاصدًا تظفيره بمنفعة غير مستحقة هي عدم رفع الدعوى الجنائية سالفة البيان قبله وإيثاره بربح مادي دون حق تمثل في إيقاف مطالبته بفارق الرسوم والغرامات التعويضات المقررة قانونًا والبالغ قدرها 2116375 جنيهًا فقط "مليونان ومائة وستة عشر ألفا وثلاثمائة وخمسة وسبعون جنيهًا" على النحو المبين بالتحقيقات. 2 - بصفته آنفة البيان أضر عمدًا بأموال ومصالح مصلحة..... التابعة لجهة عمله "وزارة ....". وكان ذلك بارتكابه الجريمة موضوع التهمة السابقة مما ترتب عليه إيقاف المطالبة بمستحقات مصلحة الجمارك المبينة بالتهمة السابقة على النحو المبين بالتحقيقات.
ثانيًا: المتهمون الأول والثاني والسابع: 1 - المتهمان الأول والثاني: بصفتهما موظفين عامين - الأول بصفته آنفة البيان والثاني الرئيس المنتدب لمصلحة الجمارك التابعة لوزارة.... - حاولا الحصول للمتهم السابع الممثل القانوني لشركة..... بدون حق على ربح من عمل من أعمال وظيفتيهما بأن تعمد إيقاف إجراءات مطالبة الشركة سالفة الذكر برسوم وغرامات قدرها 4406659 جنيها فقط "أربعة ملايين وأربعمائة وستة آلاف وستمائة وتسعة وخمسون جنيهًا" مستحقة لمصلحة..... عن فروق أوزان الرسائل التي أعادت الشركة المذكورة تصديرها بإجراءات مخالفة، وكان ذلك بأن أمتنع المتهم الأول - لصلته الشخصية بالمتهم السابع التي أفرزت شراكة بين نجلي الأول وذلك المتهم في الشركة..... للاستثمار والإدارة - عن تنفيذ ما انتهت إليه اللجنة التي شكلها لفحص الواقعة من وجوب استيفاء مصلحة الجمارك للرسوم والغرامات السالفة بيانها ثم قام المتهم الثاني بالتأشير كتابة على المذكرة المعروضة عليه والمبينة للمستحقات آنفة البيان بالحفظ المؤقت لحين الطلب رغم الإشارة في ذات المذكرة إلى أن تلك المستحقات معرضة للسقوط بالتقادم الذي حال دونه ضبط الواقعة في .... على النحو المبين بالتحقيقات.
(ب) المتهم السابع: - اشترك مع المتهمين الأول والثاني بطريق الاتفاق في ارتكاب الجناية موضوع التهمة السابقة بأن اتفق معهما على ارتكابها تحقيقًا لغايته في عدم سداد الرسوم المستحقة على شركته مع علمه بها فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق على النحو المبين بالتحقيقات.
ثالثًا: - المتهمون الأول والثاني والثالث والثامن: (1) المتهم الأول: 1 - بصفته آنفة البيان حصل للمتهم الثامن الممثل القانوني لشركة "......." بدون حق على ربح ومنفعة من عمل من أعمال وظيفته بأن وافق بتاريخ..... على الطلب المقدم من الشركة سالفة الذكر بإعفائها من تقديم خطاب ضمان مصرفي بنسبة 25% من إجمالي الرسوم والضرائب المستحقة على كامل البضائع المخزنة بمستودع السوق الحرة الخاصة لها والمعادل لمبلغ 12722882 جنيهًا والاكتفاء بتقديم وثيقة تأمين مكملة لخطاب الضمان آنفة البيان بالمخالفة للقرار الوزاري رقم 120 لسنة 1998 ثم وافق بتاريخي..... على قبول وثيقة تأمين مخالفة للنموذج المعتمد لدى مصلحة الجمارك لا تغطي كافة المخاطر التأمينية المطلوبة ومحل اعتراض مكتوب من رئيس المصلحة المختص مما تأدى إلى حصول شركة المتهم الثامن على ربح ومنفعة غير مستحقين لها هما قيمة تكلفة إصدار خطاب الضمان السابق الإشارة إليه وكذا الفارق بين رسوم إصدار وثيقة التأمين الصحيحة والرسوم التي أداها المتهم لشركة التأمين والبالغ مقداره 609250 جنيهًا، "فقط ستمائة وتسعة آلاف ومائتان وخمسون جنيهًا" على النحو المبين بالتحقيقات. 2 - بصفته آنفة البيان أضر عمدًا بأموال مصلحة الجمارك التابعة لجهة عمله وكان ذلك بارتكابه الجريمة موضوع التهمة الأولى مما ترتب عليها عدم إمكان استيفاء الرسوم والضرائب المستحقة على البضائع التي ظهرت كعجز في مستودع ومعرض السوق الحرة الخاص بالشركة آنفة البيان والبالغ قدرها 6688311 جنيهًا "فقط ستة ملايين وستمائة وثمانية وثمانون ألفا وثلاثمائة وأحد عشر جنيهًا" بخلاف الغرامات والتعويضات والمحرر عنها محاضر التهرب الجمركي المبينة بالتحقيقات.
(ب) المتهمان الثاني والثالث: - بصفتهما موظفين عامين - الثاني بصفته آنفة البيان والثالث مدير عام...... بذات المصلحة - حصلا للمتهم الثامن والممثل القانون لشركة "....." دون وجه حق على ربح من عمل من أعمال وظيفتيهما بأن قبل المتهم الثاني بتاريخ....... العمل بوثيقة التأمين رقم...... الصادرة عن شركة..... للتأمين والمقدمة من الشركة سالفة الذكر لمصلحة الجمارك ضمانًا للرسوم المستحقة لها عن البضائع العابرة بنظام الترانزيت رغم علمه بمخالفتها للكتاب الدوري رقم 8 لسنة 1994 المعمول به بمصلحة الجمارك وسبق رفضها من إدارة المراجعة المختصة ثم أصدر تعليمات شفوية للمتهم الثالث بقبول وثيقة أخرى مخالفة برقم..... المقدمة من ذات الشركة فحرر المتهم الثالث كتابًا مزورًا - موضوع التهمة التالية - للاستمرار بالعمل بالوثيقة الأولى والتي عقب انتهائها أصدر منفردًا منشور إجراءات بالوثيقة الثانية وهو ما ظفر شركة المتهم الثامن بربح غير مستحق لها مقداره 2194000 جنيهًا "فقط مليونان ومائة وأربعة وتسعون ألف جنيهًا" قيمة الفارق بين رسوم إصدار الوثيقتين المستوفيتين للشروط المعمول بهما بمصلحة الجمارك والرسوم المسددة لشركة التأمين عن الوثيقتين سالفتي البيان على النحو المبين بالتحقيقات.
(ج) المتهم الثالث: 2 - بصفته آنفة البيان ارتكب تزويرًا في محرر رسمي هو الكتاب الصادر من جهة عمله آنفة البيان إلى رئيس الإدارة المركزية لجمارك بور سعيد في المنطقة الحرة بتاريخ...... بأن غير بقصد التزوير موضوع الكتاب سالف الذكر تحريره المختص بوظيفته وذلك بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بأن أثبت فيه - خلافًا للحقيقة - أنه بمراجعة الوثيقة رقم ...... - السابق الإشارة إليها تبين أنها مطابقة لقرار رئيس مصلحة الجمارك رقم 8 لسنة 1994 رغم علمه بسبق صدور كتاب سابق من جهة عمله بتاريخ ..... لمدير عام جمارك بور سعيد بأن ذات الوثيقة مخالفة للقرار سالف الذكر على النحو المبين بالتحقيقات.
2 - استعمل المحرر الرسمي المزور آنف البيان مع علمه بتزويره بأن أرسله للمختصين بجمارك بور سعيد لإعمال آثاره على النحو المبين بوصف التهمة السابقة.
(د) المتهم الثامن: اشترك مع المتهمين الثلاثة الأول بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب الجنايات المنسوبة إليهم بالبند "ثالثًا" بأن اتفق معهم على ارتكابها وساعدهم بأن قدم لهم وثائق التأمين المخالفة السالف ذكرها وطلبات لقبولها رغم علمه بالنموذج الصحيح المعمول به بجهة عملهم وطلب منهم العمل بها رغم علمه بمخالفة ذلك للوائح السارية بجهة عملهم فوقعت الجرائم المسندة إليهم بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة على النحو المبين بالتحقيقات.
رابعًا: المتهمون الأول والرابع والخامس والتاسع:
(أ) المتهمون الأول والرابع والخامس: 1 - بصفتهم موظفين عامين - الأول بصفته آنفة البيان والرابع مدير عام مكافحة..... بالإدارة المركزية لجمارك..... والخامس رئيس الإدارة المركزية لقطاع الجمارك .....- حصلوا للمتهم التاسع بدون حق على ربح من عمل من أعمال وظائفهم. وكان ذلك بأن وجه المتهم الأول المتهمين الرابع والخامس إلى حجب تقرير اللجنة السداسية المبين للأسعار الحقيقية للحفارات مشمول الشهادة الجمركية رقم...... لسنة..... جمرك عن ملف تلك الشهادة دون مقتضى، فامتنع المتهم الرابع عن إرفاق تقرير اللجنة المذكورة بملف الشهادة الجمركية آنفة البيان والمتحفظ عليها لديه وعدل المتهم الخامس دونما سند عن قراره بتشكيل اللجنة مما ظفر المتهم التاسع بربح قدره 757752.58 "فقط سبعمائة وسبعة وخمسون ألفًا وسبعمائة واثنان وخمسون جنيهًا وثمانية وخمسون قرشًا" قيمة الفارق في الرسوم المستحقة على الأسعار الحقيقية للحفارات سالفة البيان وتلك التي تمت محاسبته عليها على النحو المبين بالتحقيقات. 2 - أضر عمدا بأموال ومصالح جهة عملهم السالف ذكرها وكان ذلك بارتكابه الجناية موضوع التهمة السابقة مما ترتب عليه ضياع المبالغ السالف بيانها بوصفها على النحو المبين بالتحقيقات.
(ب) المتهم الرابع: 1 - بصفته آنفة البيان حصل للمتهم التاسع بدون حق على ربح ومنفعة من عمل من أعمال وظيفته وذلك بأن توقف عمدًا عن السير في الإجراءات اللازمة لاكتشاف واقعات التهرب الجمركي المنسوبة للمتهم المذكور والمنوط به استكمال السير فيها طبقًا للموافقة الصادرة له بذلك في ..... بنية تظفيره بمنفعة وربح هما عدم اتخاذ الإجراءات القانونية في شأن واقعات التهرب الجمركي المسندة إليه - موضوع التهمة التالية - وإعفائه من الرسوم والغرامات والتعويضات المستحقة عنها لمصلحة الجمارك والبالغ قدرها 15038980.60 جنيهًا "فقط خمسة عشر مليونًا وثمانية وثلاثون ألفًا وتسعمائة وثمانون جنيهًا وستون قرشًا" 2 - أضر عمدا بأموال ومصالح جهة عمله السالف ذكرها وكان ذلك بارتكابه الجناية موضوع التهمة السابقة مما ترتب عليه عدم المطالبة بالمبالغ المبينة بوصفها في حينه على النحو المبين بالتحقيقات.
(ج) المتهم التاسع: 1 - اشترك مع المتهمين الأول والرابع والخامس بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب الجنايات سالفة البيان بأن اتفق معهم على ارتكابها وساعدهم بامتناعه عن سداد الرسوم المستحقة كاملة رغم علمه بها فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة على النحو المبين بالتحقيقات.
3 - تهرب من سداد كامل الضرائب الجمركية المقررة قانونًا على رسائل المعدات التي استوردها بقصد الاتجار والمحرر عنها الثلاث عشرة شهادة جمركية المبينة أرقامها ومشمولها وقيمتها بالتحقيقات وكان ذلك بإخفاء فواتير الأسعار الحقيقية ونماذج 11 المسلمة إليه من البنك لفتح الاعتمادات المستندية لتسليمها لمصلحة الجمارك واصطناع فواتير أسعار معدات ونولون ونماذج 11 على غرار الصحيح منها مدون بها أسعارًا تقل عن الأسعار الحقيقية لوارداته لاتخاذها كقيمة للأغراض الجمركية عند احتساب الضرائب الجمركية المستحقة عليها مما ترتب عليه فارق رسم وغرامات وتعويضات مستحقة لمصلحة الجمارك قدرها 15038980.60 جنيهًا "فقط خمسة عشر مليونًا وثمانية وثلاثون ألفا وتسعمائة وثمانون جنيهًا وستون قرشًا" على النحو المبين بالتحقيقات.
3 - استعمل محررات عرفية مزورة هي فواتير أسعار المعدات التي يستوردها وكذا فواتير أسعار النولون "مصاريف الشحن" المبينة بالتحقيقات والمقدمة في الشهادات الجمركية موضوع التهمة السابقة مع علمه بتزويرها بأن طلب من الشركة المنتجة للمعدات التي يستوردها فواتير أسعار مماثلة للفواتير الواردة رفق الاعتمادات المستندية الخاصة به مدون بها قيمة تقل عن القيمة الحقيقية لأسعار المعدات ومصاريف شحنها الفعلية ثم قدمها للمختصين بمصلحة الجمارك على النحو المبين بالتحقيقات.
خامسًا: المتهمون الثاني والسادسة والعاشر: (أ) المتهم الثاني بصفته آنفة البيان طلب للمتهمة السادسة عطية مقابل أدائه لعمل من أعمال وظيفته بأن طلب من المتهم العاشر توريد مساحة 210 م2 رخام مستورد وما يلزمها من أعمال ديكور - للمتهمة المذكورة بمبلغ خمسة آلاف جنيه فقط رغم أن قيمتها السوقية جاوزت الثلاثين ألف جنيه وذلك على سبيل الرشوة مقابل الاكتفاء بتوقيع الحد الأدنى للغرامة المقررة عن المخالفة الجمركية التي ارتكبها المتهم الأخير في رسالة رخام استوردها وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
(ب) المتهمة السادسة: بصفتها موظفًا عامًا - مدير عام..... قبلت وأخذت عطية مقابل إدائها لعمل من أعمال وظيفتها بأن قبلت العطية التي طلبها لها المتهم الثاني والمبينة بوصف التهمة السابقة وأخذت دون مقابل من المتهم العاشر مساحة 145 م2 رخام مستورد - ولوازمها من أعمال الديكور قيمتها السوقية تبلغ نحو 26864 جنيه فقط "ستة وعشرون ألفا وثمانمائة وأربعة وستون جنيهًا" وذلك على سبيل الرشوة مقابل قيامها بتوجيه المختصين بجمارك...... إلى تعديل تكييف المخالفة الجمركي التي ارتكبها المتهم الأخير على نحو يحقق مصلحته واعتمادها مذكرة بتوقيع الحد الأدنى للغرامة المقررة عليه وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
(ج) المتهم العاشر: قدم رشوة للمتهمة السادسة عن أدائها والمتهم الثاني لأعمال وظيفتها السابق ذكرها بأن ورد لها - دون مقابل - كمية الرخام ومستلزماته المبينة وصفًا وقيمة بالتهمة السابقة على النحو المبين بالتحقيقات، وأحالتهم إلى محكمة أمن الدولة العليا..... لمعاقبتهم طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا للمتهمين عدا السابع وغيابيًا بالنسبة له في...... - وحضوريًا بجلسة..... للأخير بعد إعادة الإجراءات عملاً بالمواد 40 ثانيًا/ ثالثًا. 42/ 1، 44، 103، 107، 107 مكررًا، 110، 115، 116 مكررًا/ 1، 118 مكررًا، 119، 119/ أ، 213، 214، 215 من قانون العقوبات والمواد 5/ 1، 3، 13، 121، 122، 124، 124 مكررًا من القانون رقم 66 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 175 لسنة 1998 بشأن الجمارك والمواد 17، 26، 30، 32 من قانون العقوبات بعد أن عدلت وصف التهمة ثانيًا بالنسبة للمتهمين الأول والثاني إلى الحصول للمتهم السابع على ربح بدون وجه حق وإلى الاشتراك في الحصول على ذلك الربح بالنسبة له.
أولاً: معاقبة المتهمين الأول والثاني والسابع بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات لكل منهم وبتغريمهم متضامنين بمبلغ 2.937،773 جنيه "مليونان وتسعمائة وسبعة وثلاثون ألفًا وسبعمائة وثلاثة وسبعون جنيهًا" وبعزل الأول والثاني والثامن من وظيفتيهما لمدة ثلاث سنوات عما نسب إليهم في التهمة ثانيًا بأمر الإحالة.
ثانيا: "1" بمعاقبة المتهمين الأول والثاني والثامن بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات لكل منهم وبتغريم كل من الأول والخامس متضامنين مبلغ 13.332.132 جنيه "ثلاثة عشر مليونًا وثلاثمائة واثنان وثلاثون ألفًا ومائة واثنان وثلاثون جنيهًا" وبرد مثل هذا المبلغ متضامنين إلى الجهة المختصة وبتغريم المتهمين الثاني والثامن متضامنين مبلغ 2.194000 جنيه "مليونان ومائة وأربعة وتسعون ألف جنيه" وبرد مثل هذا المبلغ متضامين إلى الجهة المختصة وبعزل المتهمين الأول والثاني من وظيفتهما لمدة ثلاث سنوات عما نسب إليهم في التهمة ثالثا بأمر الإحالة.
(2) بمعاقبة المتهم الثالث بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عما أسند إليه بالتهمتين 1، 2 بالبند ج من ذات الواقعة ومصادرة المحرر المزور المضبوطة وببراءته فيما عدا ذلك.
ثالثًا: بمعاقبة المتهمين الثاني والسادس والعاشر بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات لكل منهم وبتغريمهم متضامنين مبلغ ثلاثة آلاف جنيه وبمصادرة الرخام مقابل الرشوة عما أسند إليهم في التهمة خامسًا بأمر الإحالة.
رابعًا: (1) ببراءة المتهمين الأول والرابع الخامس مما أسند إليهم في التهمة رابعًا بأمر الإحالة. (2) بانقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح في التهمتين 2، 3 من البند ج في ذات التهمة والمسندتين إلى المتهم التاسع وبمصادرة المحررات العرفية المزورة المضبوط وببراءته فيما عدا ذلك.
خامسًا: ببراءة المتهم الأول مما أسند إليه في التهمة أولاً بأمر الإحالة.
فطعنت النيابة العامة والمحكوم عليهم عدا الثالث في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.
وبجلسة ..... قررت محكمة النقض ضم الطعن المرفوع من المحكوم عليه السابع...... المقيد برقم 29532 لسنة 72 ق للطعن رقم 17989 لسنة 72 ق للارتباط.


المحكمة

أولا: بالنسبة للطعن الرقيم 17989 لسنة 72 ق:
أ - الطعن المقدم من الطاعنين الأول والثاني والثالث والرابعة والخامسة والسادس.
من حيث إن الطاعن الثالث.... وإن قدم أسبابًا لطعنه في الميعاد، إلا أنه لم يقرر بالطعن بالنقض طبقًا لنص المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959. لما كان ذلك، وكان التقرير بالطعن الذي رسمه القانون هو الذى يترتب عليه دخول الطعن في حوزة محكمة النقض واتصالها به بناء على إعلان ذي الشأن عن رغبته فيه، فإن عدم التقرير بالطعن لا يجعل للطعن قائمة ولا تتصل به محكمة النقض ولا يغني عنه أي إجراء آخر، ومن ثم فإن الطعن المقدم منه يكون غير مقبول شكلاً.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعنون الأول والثاني والخامس على الحكم المطعون فيه إنه إذ دان الأول والثاني بأنهما حصلا للمتهمين.... على ربح من عمل من أعمال وظيفتهما، والإضرار العمدى بالمال العام، كما دان الخامس بالاشتراك معهما في تلك الجريمتين، قد شابه القصور في التسبيب وفساد في الاستدلال. ذلك أنه لم يبين أركان الجرائم التي دانهم بها بيانًا كافيًا ولم يبين من الأدلة التي تعول عليها في الإدانة بل جاء الحكم - في بيانه لواقعات الدعوى مجملاً مبهما، كما أن الحكم لم يدلل تدليلاً سائغًا وكافيًا على توافر القصد الجنائي الخاص في حق الطاعن الأول كما تساند الحكم - فيما تساند إليه من أدلة لإدانة الطاعنين - إلى تقرير لجنة الفحص الحسابية دون أن يبين مضمونه ومؤداه مكتفيًا بالقول بأن المحكمة قد طالعته وهو ما يعيبه بالقصور في بيان أدلة الإدانة، كما أن الحكم لم يدلل تدليلاً سائغًا وكافيًا على عناصر الاشتراك بين الطاعنين الثاني والخامس على تظفير الأخير بمال دون وجه حق وتربيحه استنادًا إلى عمل من أعمال وظيفة أولهما، وهو ما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إنه بالنسبة للطاعن الأول.... فإن الحكم المطعون فيه قد دانه بالجريمة المنصوص عليها بالمادة 115 من قانون العقوبات والتي جرى نصها على أن "كل موظف عام حصل أو حاول أن يحصل لنفسه أو حصل أو حاول أن يحصل لغيره بدون حق على ربح أو منفعة من عمل من أعمال وظيفته يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة، مما مفاده أن يكون الجاني موظفًا عامًا بالمعنى الوارد في المادة 119 مكررًا من قانون العقوبات وأن يؤدي عملاً من أعمال وظيفته المختص بها مجردًا من الحيدة ومشوبًا بعيب الانحراف وإساءة استعمال سلطة وظيفته أو أن يفرط في مقتضيات الحرص على المال العام أو المنفعة العامة، أو المال المملوك للأفراد والموضوع تحت يد جهة عمله مما يمس نزاهة الوظيفة، وأن يأتي هذه الأفعال مبتغيًا غرضًا آخر غير ما أعطيت له السلطة من أجله - هو حصوله أو محاولة حصوله لنفسه على ربح أو منفعة من أعمال وظيفته بحق أو بغير حق أو أن يحصل أو يحاول الحصول لغيره على ربح أو منفعة بغير حق وأن يتوافر لديه بجانب القصد الجنائي العام نية خاصة هي اتجاه إرادته إلى تحقيق ربح أو منفعة لنفسه أو لغيره بغير حق. لما كان ذلك، وكان الثابت من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه سواء في معرض بيانه لواقعة الدعوى أو عند إيراده لأدلة الثبوت فيها استند في قضائه بالإدانة إلى أن الطاعن الأول بصفته..... تقدم إليه..... بتظلم ضد قرار لمصلحة الجمارك برفض تظلم له عن ضريبة جمركية وتعويض عنها تطالبه بهما، وكان المتظلم قد تقدم بتظلمه المرفوض - قبل تقلد الطاعن منصب..... - فأحال الطاعن التظلم المقدم له إلى رئيس مصلحة.... الأسبق..... - الذي أبلغه بأن قرار رفض التظلم سليم، وإثر ذلك تقدم..... بتظلم آخر للطاعن فعرضه على المستشار القانوني - نائب رئيس مجلس الدولة - الذى اقترح طرح النزاع على لجنة تشكل من بعض رؤساء القطاعات...... وتكون برئاسة رئيس مصلحة.... السابق - ..... وقد انتهت هذه اللجنة إلى تعديل طلبات مصلحة..... بجعل وصف الواقعة مخالفة جمركية بالمادة 118 من قانون..... 66 لسنة 1963 المعدل وليست تهربًا جمركيًا، وتخفيض المبلغ المستحق..... إلى حوالى نصف ما تطالب به، كما اعتمد الحكم فى قضائه بالإدانة إلى ما قرره..... رئيس قطاع مكتب..... - الطاعن - من أنه عندما عرض ذلك التقرير عليه طلب منه إعادة الأوراق إلى رئيس مصلحة..... مرة أخرى لأنه غير مقتنع بما انتهت إليه اللجنة وأنه سوف يتفاهم معه. لما كان ذلك، وكان ما تساند إليه الحكم في قضائه بالإدانة هو اعتبار ما أمر به الطاعن الأول - الوزير - من إجراءات لفحص التظلمات المقدمة إليه من...... وما بدر منه من قول لمدير مكتبه عند عرض تقرير اللجنة عليه والتي فحصت تلك التظلمات دليلاً على توافر الركن المادي للجريمة التي دان الطاعن بها وهو تقرير من الحكم معيب بالفساد في الاستدلال، ذلك أنه لم يدلل على أن ما اتخذه الطاعن من إجراءات كانت بعيدة عن الحيدة ومشوبة بعيب الانحراف وإساءة استعمال السلطة ابتغاء غرض آخر غير ما أعطيت له السلطة من أجله، إضافة لذلك، فإن الوزير باعتباره الرئيس الإداري الأعلى في وزارته طبقًا لنص المادة 157 من الدستور له الحق في تعديل أو وقف أو إلغاء أو سحب القرارات والأوامر الصادرة من المرؤوسين له أو من الهيئات التابعة لوزارته شرط عدم مخالفة القانون، كما أن عليه واجب بحث تظلمات الأفراد التي كفلها لهم الدستور في المادة 63 منه مما كان يوجب على الحكم التعرض لمدى مطابقة ما قام به الطاعن أو عدم مطابقته للقانون، وفوق ما أصاب الحكم من فساد في الاستدلال فإنه معيب بالقصور في التسبيب ذلك أنه عول في الإدانة - بالنسبة لجريمتي التربح والإضرار العمدى بالمال العام - على تقرير لجنة الخبرة الحسابية الذى كان أساس تقدير مصلحة الجمارك للضريبة الجمركية والتعويض عنها اللتين تطالب بهما.... دون أن يورد مضمونه وما جاء به والأسس التي أقام عليها تقديره للضريبة الجمركية مثار المنازعة ودون أن يبين مؤدى ذلك كله حتى يتضح وجه استدلاله به ولا يغني عن ذلك شهادة واضعيه إذ إن ما تضمنه التقرير ينفصل تمام الانفصال عن أقوال واضعيه وأن كلاً منهما يعد دليلاً مستقلاً عن الآخر، وحتى يبين للمحكمة - محكمة النقض - مدى اتساقه مع سائر الأدلة الأخرى ومنها أقوال واضعيه وأخيرًا فإن الحكم لم يعن باستظهار توافر الركن المعنوي في حق الطاعن عن الجريمة التي دانه بها وبالتالي فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصرًا في بيان أركان الجريمة التي دين بها المذكور مدلولاً عليها بما يثبتها في حقه طبقًا لما توجبه المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية في كل حكم بالإدانة من بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والأدلة على وقوعها ممن نسبت إليه مما يعيبه بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال الأمر الذي يوجب نقضه في هذا الخصوص. لما كان ذلك، كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعنين الأول والثاني بتهمة الإضرار العمدى بالمال العام وقد تساند الحكم في ذلك إلى الأدلة التي تساند إليها في جريمة التربح ولما كانت المحكمة قد انتهت إلى فساد هذه الأدلة وقصورها وهو ما يؤثر على تدليل الحكم بالنسبة لجريمة الإضرار العمدى مما لازمه نقض الحكم بالنسبة لها أيضًا. ومن حيث للطاعنين "الأول والثاني والخامس" فإنه لما كان الحكم المطعون فيه قد ذهب في مدوناته بالنسبة للاتهام المنسوب إلى الطاعن..... من اشتراكه مع المتهمين الأول والثاني بقوله إنه شريك لهما بالمساعدة يؤيد ذلك أنه سهل لكل منهما ارتكابه جريمته فقد للأول طلبًا بإعفائه من خطاب ضمان يوازى 25% ووثيقة تأمين لا تغطي حقوق مصلحة الجمارك بنسبة 75% كالمقرر قانونًا فقبلها المذكور.... مما أدى إلى تربحه بدون وجه حق، كما أنه بما قام به من عدم تقديم ضمانات للمذكور ساعده في ارتكاب الإضرار العمدي بالمال العام لمصلحة الجمارك..... وبذلك يكون قد سهل بطريق المساعدة للأول في الإضرار عمدًا بأموال مصلحة الجمارك... كما ساعد وسهل الثاني ارتكابه جناية التربح الثانية في حقه بأن تقدم بوثائق التأمين المخالفة التي لا تغطى حقوق مصلحة الجمارك وتحقق له ربحًا بدون وجه حق حققه له المتهم الثاني والذى قبل وثائق التأمين المخالفة والغير قانونية.... ولم يكن يحصل على هذا الربح بفعل المتهمين الأول والثاني إلا بناء على هذه المساعدة التي قدمها إليهما كشريك لهما في الجريمتين اللتين ارتكباها. لما كان ذلك، فإن من المقرر أنه متى دان الحكم الطاعن في جريمة الاشتراك في التربح بطريق المساعدة فإن عليه أن يستظهر عناصر الاشتراك وطريقته وأن يبين الأدلة الدالة على ذلك بيانًا يوضحها ويكشف عن قيامها وذلك من واقع الدعوى وظروفها، ولما كان ما أورده الحكم المطعون فيه قاصرًا في التدليل على أن الطاعن..... قصد الاشتراك في هذه الجرائم وهو عالم بها وبظروفها وساعد المتهمين الأول والثاني في الأعمال المجهزة والمسهلة لارتكابها إذ لم يكشف الحكم عن أن الطاعن كان على علم بأن تلك المستندات المقدمة غير قانونية بل إنه ذكر في معرض دفاعه أن العاملين بشركته هم المنوط بهم تقديم مثل تلك المستندات ومن ثم يكون الحكم قد خلا من بيان قصد الاشتراك في الجريمة التي دان الطاعن... بها، أما بالنسبة لما انتهى الحكم المطعون فيه من إدانة الطاعنين الأول والثاني بتهمة تربيح...... والإضرار العمدى بالمال العام فإن الحكم دلل على أن ما اتخذه الطاعنان المذكوران من إجراءات كانت بعيدة عن الحيدة والنزاهة ومشوبة بعيب الانحراف وإساءة استعمال السلطة ابتغاء غرض آخر غير ما أعطيت له السلطة من أجله وما يمس نزاهة الوظيفة ومن ثم يكون الحكم معيبًا بالقصور في التسبيب مما يتعين معه نقضه بالنسبة لهما أيضًا والطاعن...... لما كان يبين من استقراء الجرائم التي دين بها كل من الطاعنين أن تلك الجرائم تلتقى جميعها في صعيد واحد يدور في فلك واحد هو ا لإخلال بواجبات الوظيفة والعبث بها، فإن نقض الحكم بالنسبة لبعضهم يقتضى نقضه أيضًا بالنسبة لباقي الطاعنين المشار إليهم، لأن إعادة المحاكمة بالنسبة لبعضهم، وما تجر إليه أو تنتهى عنده تقتضى لحسن سير العدالة أن تكون إعادة البحث في الوقائع بالنسبة لهم جميعًا من جميع نواحيها وذلك بغير حاجة إلى بحث أوجه الطعن المقدمة من هؤلاء الآخرين - الطاعنين - وكذا من لم يقبل طعنه شكلاً.


ب - الطعن المقدم من النيابة العامة: -
ومن حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضدهما الأولى والثاني بجريمتي تربيح الغير والإضرار العمدى بالمال العام وقضى بمعاقبتهما بالأشغال الشاقة المؤقتة والعزل لمدة ثلاث سنوات في كل من الواقعتين الثانية والثالثة الواردتين بها ودون أن يطلقها بالمخالفة لما تقضى به المادة 118 من قانون العقوبات، ذلك أن توقيت عقوبة العزل لا يكون إلا في حالة الحكم بعقوبة الحبس طبقًا لما تقضى به المادة 27 من القانون ذاته أما وهي لم تفعل - بإطلاق عقوبة العزل - فإن حكمها يكون مشوبًا بالخطأ في تطبيق القانون مما كان يقتضي تصحيح هذا الخطأ والقضاء بمعاقبة المطعون ضدهما الأول والثاني بالعزل مطلقًا دون تأقيت كطلب النيابة العامة في طعنها بالإضافة إلى العقوبات المقضي بها، بيد أنه لما كانت هذه المحكمة قد انتهت على النهج المتقدم إلى نقض الحكم المطعون فيه والإعادة فإن القضاء بتصحيح الخطأ يكون عديم الجدوى، ولا يقدح في ذلك أن المطعون ضدهما الأول والثاني قد تركا، إذ أن المادة 26 من قانون العقوبات تنص على أن العزل من وظيفة أميرية هو الحرمان من الوظيفة نفسها ومن المرتبات المقررة لها، سواء كان المحكوم عليه شاغلاً بالفعل لمنصبه وقت الحكم بالعزل أو أن يكون قد فقده ما دام قد ارتكب الجريمة وهو موظف وأهمية العزل في هذه الحالة الأخيرة هو تقرير عدم صلاحية الموظف لأن يشغل خلال مدة العزل وظيفة عامة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يكفي في المحاكمات الجنائية أن تشكك محكمة الموضوع في صحة إسناد المتهمين إلى المتهم لكي تقضي بالبراءة ما دام حكمها يشتمل على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة ووازنت بينها وبين أدلة النفي ورجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة فى صحة عناصر الاتهام. وكان من المقرر أن تقدير أقوال الشهود وكافة الأدلة الأخرى متروكًا لمحكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها بغير معقب. ولما كان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة بعد أن تبينت واقعة الدعوى وأقوال شهود الإثبات فيها واستعرضت أدلتها وأحاطت بكافة عناصرها عن بصر وبصيرة أسست قضائها ببراءة المطعون ضدهما على عدم الاطمئنان إلى أدلة الثبوت وإلى تخلف الركن المادي، وخلصت إلى ذلك، بالأسباب السائغة التي أوردتها وهو ما يدخل في سلطتها بغير معقب عليها، وكانت محكمة الموضوع لا تلتزم في حالة قضائها بالبراءة بالرد على كل دليل من أدلة الاتهام، ولا يعيب الحكم وهو يقضي بالبراءة عدم تصديه لما ساقته النيابة العامة من قرائن تشير إلى ثبوت الاتهام ما دامت قد قطعت في أصل الواقعة وتشككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهمين لأن في إغفالها التحدث عنها يفيد ضمنًا أنها لم تر فيها ما تطمئن معه إلى إدانتهم فأطرحتها، وأنه لا يقدح في سلامة الحكم بالبراءة أيضًا أن تكون إحدى دعاماته معيبة مادام الثابت أنه أقيم على دعامات أخرى متعددة تكفى لحمله، ومن ثم فإن نعى النيابة العامة في هذا الصدد يكون غير قويم. أما ما قالته النيابة العامة بالنسبة لخطأ الحكم فيما ذهب إليه من انتفاء الجريمة بالنسبة للمطعون ضده الأول فى الواقعة الأولى بأمر الإحالة وأن الحكم قد ذهب - خطأ - إلى القول بانقضاء الدعوى الجنائية - بالنسبة لجنحة التهريب - بمضي المدة قبل اتصال المطعون ضده بها، فإنه لا يجدي الطاعنة - من بعد - ما تنعاه على الحكم لخطئه في القانون لأن تعييب الحكم في ذلك - بفرض صحته - يكون غير منتج ما دام أنه قد تساند على دعامات أخرى صحيحة تكفي لحمله. لما كان ذلك وكان ما ذهب إليه الحكم سديدًا في القانون إذ أورد بأدلة سائغة. أن الأوراق خلت من قصد تربيح الغير أو الإضرار بالمال العام بما ينفى الركن المعنوي للجريمتين المنصوص عليهما في المادتين 115، 116 مكررًا/ 1 من قانون العقوبات، ومن ثم يكون منعى الطاعنة - النيابة العامة - في هذا الصدد غير سديد.. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا.


ثانيًا: بالنسبة للطعن الرقيم 29532 لسنة 72 ق:
والمقدم من الطاعن السابع: -
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاشتراك بطريق الاتفاق والمساعدة مع كل وزير..... السابق .... رئيس مصلحة.... السابق، والسابق الحكم عليهما بالإدانة في تربيحه بدون وجه حق من عمل من أعمال وظيفتهما، قد شابه القصور في التسبيب وخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه لم يبين عناصر الاشتراك التي دانه بها وطريقته والأدلة عليه، كما لم يدلل على توافر القصد الجنائي لديه مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بالصورة التي ارتسمت لديه دان الطاعن بجريمة الاشتراك مع المتهمين الأول والثاني والسابق إدانتهما بالحكم الصادر بجلسة..... في جريمة تربيحه بدون وجه حق من عمل من أعمال وظيفتهما وتساند الحكم في بيانه لعناصر اشتراكه معهما بقوله إن ذلك تم بتقديمه تظلمات وهمية إلى الوزير المتهم وهو عالم بأنها غير حقيقة، وأن من شأن هذه التظلمات أن رفض الوزير تلك التقارير التي قدمت إليه كما أشر رئيس..... المتهم بالحفظ المؤقت للموضوع، وانتهى الحكم إلى قوله إن جريمة تربيح الغير بغير حق المنسوبة للوزير رئيس....... قد وقعت بناء على اشتراك الطاعن مع المذكورين بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة معهما. لما كان ذلك، وكان من المقرر - في قضاء النقض - أنه ليس على المحكمة أن تدلل على حصول الاشتراك في ارتكاب الجريمة بأدلة مادية محسوسة، بل يكفيها للقول بحصوله أن تستخلص ذلك من ظروف الدعوى وملابساتها، وأن يكون في وقائع الدعوى نفسها ما يسوغ الاعتقاد بوجوده، كما أن من المقرر أن الاشتراك بالاتفاق إنما يتكون من اتحاد نية الفاعل والشريك على ارتكاب الفعل المتفق عليه، وهذه النية من مخبآت الصدور ودخائل النفس التي لا تقع عادة تحت الحس وليس لها أمارات ظاهرة. وكان القاضي الجنائي - مع استثناء ما قيده به الشارع من أدلة مخصوصة في الإثبات - حرًا في أن يستمد عقيدته من أي مصدر يطمئن إليه، وله إذا لم يقم على الاتفاق والمساعدة دليل مباشر أن يستدل عليهما من قرائن الدعوى وملابساتها ويشترط أن تكون هذه القرائن منصبة على واقعة الاتفاق أو المساعدة على ارتكاب الجريمة وأن يكون استخلاص الحكم للدليل المستمد منها لا يتجافى مع المنطق والعقل. كما أن من المقرر أيضًا أن الاشتراك بالمساعدة لا يتحقق إلا إذا ثبت أن الشريك قدم الاشتراك في الجريمة وهو عالم بها وأنه ساعد في الأعمال المجهزة أو المسهلة لارتكابها، ولا يكفي في إسناد الاشتراك بالمساعدة المعاقب عليه قانونًا تعاصر فعل الفاعل مع ما وقع من غيره بل لابد أن يكون لدى الشريك نية التدخل مع الفاعل تدخلاً مقصودًا يتجاوب صداه مع فعله ويتحقق فيه معنى تسهيل ارتكاب الجريمة الذي جعله الشارع مناطًا لعقاب الشريك، وكان من المقرر أن الأحكام يجب أن تبين على الجزم واليقين من الواقع الذى يثبته الدليل المعتبر ولا تؤسس على الظن والاحتمال من الفروض والاعتبارات المجردة. وكان ما أثبته الحكم من سياق التدليل على الاتهام المسند إلى الطاعن قد أقيم على الظن والاحتمال والفروض والاعتبارات المجردة متخذًا من مجرد تقديمه لعده تظلمات بشأن رفع الغبن الذي وقع عليه وفقًا لما جاء في أقواله - أيما كان وجه الرأي في ذلك - فإن تقديم تلك التظلمات والتي أباح له القانون حق تقديمها ولم يحظرها قانون..... عن قرارات اللجان التي انتهت إلى عدم أحقيته في استرداد الرسوم والضرائب والجمارك التي سبق له دفعها واستردها بعد ذلك، وفى ذلك افتراض للقصد الجنائي لمجرد أنه مارس حقًا كفله له القانون وهو التظلم من القرارات الإدارية على النحو المار بيانه، كما أن ما ذهب إليه الحكم تدليلاً على الاشتراك بين الطاعن والمتهم الأول من تشكيل عدة لجان لهذا الغرض فإنه لا يستدل منه توافر. المساعدة والاتفاق بينهما على ارتكاب الجريمة تحقيقا لتربيح الطاعن إذ لا يمكن افتراض ذلك. لما كان ذلك، وكانت عناصر التي استخلص منها الحكم قيام الاشتراك لا تؤدي إلى ما انتهى إليه، فإن الحكم المطعون فيه يكون مخطئًا في تطبيق القانون قاصرًا في التسبيب فاسدًا في الاستدلال متعسفًا في الاستنتاج بما يبطله ويوجب نقضه والإعادة، وذلك بغير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق