الصفحات

الخميس، 27 مارس 2014

الطعن 37392 لسنة 73 ق جلسة 7 /5/ 2005 مكتب فني 56 ق 45 ص 298

جلسة 7 من مايو سنة 2005
برئاسة السيد المستشار / إبراهيم عبدالمطلب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / وجيه أديب وحمدي أبوالخير ورفعت طلبة وأحمد صلاح الدين وجدى نواب رئيس المحكمة .
-------------
(45)
الطعن 37392 لسنة 73 ق
(1) اختصاص " الاختصاص الولائي " . جريمة " أنواعها . جرائم النشر " . سب . قذف . صحافة . قانون " تفسيره " . محكمة الجنايات " اختصاصها " .
المادتان 215 , 216 من قانون الإجراءات الجنائية . مفادهما؟
وقوع الجرائم على وجه العموم . مناطه : اقتراف الفاعل السلوك الإجرامي إيجابياً كان أم سلبياً. مؤدى ذلك ؟
جريمة الامتناع عن نشر تصحيح ماورد ذكره خطأً من وقائع قذف وسب في حق المدعى بالحق المدني بصفته الوظيفية. تدور في فلك الجريمة الأصل وهي واقعة القذف والسب بواسطة الصحف وغيرها من طرق النشر باعتبارها فرعاً منها . اختصاص محكمة الجنايات بالفصل فيها محكمة الجنايات. علة ذلك ؟
قواعد التفسير الصحيح للقانون .تستوجب بحسب اللزوم العقلي أن يتبع الفرع الأصل الذى يدور في فلكه . مؤدى وعلة ذلك ؟
كون الوقائع المنشورة التي نسب المدعى بالحق المدني للطاعن أنها تتضمن قذفاً وسباً في حقه وامتنع عن نشر تصحيح ما ورد ذكره منها بالصحيفة التي يرأس تحريرها تتعلق بصفته الوظيفية وليست موجهة إليه بصفته من آحاد الناس . انعقاد الاختصاص بنظر الدعوى لمحكمة الجنايات . التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر . صحيح .
 (2) نقض " المصلحة في الطعن " .
المصلحة أساس الدعوى أو الطعن . انعدامها . أثره : عدم قبول الدعوى أو الطعن اعتباراً بأن أيهما في هذه الحالة يعد مسألة نظرية بحتة لا يؤبه بها .
لا مصلحة للطاعن في أن يحاكم أمام محكمة الجنح بدلاً من محكمة الجنايات المختصة بنظر الدعوى . علة ذلك ؟
(3) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . سب . قذف . صحافة . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
لمحكمة الموضوع أن تتبين حقيقة الواقعة من جماع الأدلة المطروحة سواء كانت مباشرة أم غير مباشرة . متى كان ما حصله الحكم لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي .
تحوط الجاني بعدم ذكر اسم المجنى عليه صراحة في العبارات المنشورة . لا يمنع المحكمة من أن تتعرف على شخص من وجَّهت إليه . المجادلة في ذلك . غير مقبولة .
مثال .
(4) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . سب . قذف . صحافة . قصد جنائي . محكمة الموضوع " سلطتها فى تقدير توافر القصد الجنائي " .
استخلاص القصد الجنائي في جريمتي القذف والسب علناً . موضوعي . مادام سائغاً .
حرية الصحفي جزء من حرية الفرد العادي . لا يمكن تجاوزها إلا بتشريع خاص .
القانون لا يتطلب في جريمة القذف قصداً خاصاً . كفاية توافر القصد العام .
القصد العام في جريمة القذف . مناط تحققه ؟
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر القصد الجنائي في جريمة سب وقذف بطريق النشر .
(5) أسباب الإباحة وموانع العقاب " استعمال الحق " . سب . قذف . صحافة . مسئولية جنائية .
إبداء الرأي في أمر أو عمل دون المساس بشخص صاحبه . نقد مباح . متى لا يعد كذلك ؟
مثال لما لا يعد من قبيل النقد المباح .
 (6) أسباب الإباحة وموانع العقاب " الإعفاء من العقوبة " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
عدم التزام المحكمة بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب . ما لم يدفع به أمامها .
(7) دعوى جنائية " قيود تحريكها " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . صحافة .
القضاء برفض الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية قِبل الطاعن لنشره تصحيح المقال المنشور محل الواقعة قبل تحريك الدعوى الجنائية استناداً إلى أنه لم يقدم ما يثبت قيامه بهذا الإجراء وطبقاً للقواعد المقررة . صحيح .
(8) دعوى جنائية " قيود تحريكها " . دعوى مدنية . دفوع " الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية " " الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية " . صحافة . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
عدم الحصول على إذن من نقابة الصحفيين التي ينتمي إليها الطاعن والمدعى بالحقوق المدنية قبل تحريك الدعوى . لا يستتبع تجريد العمل الإجرائي الذي قام به المدعى بالحقوق المدنية من آثاره القانونية . علة ذلك ؟
(9) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . دفاع" الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
التفات الحكم عن الدفاع القانوني ظاهر البطلان . لا يعيبه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - لما كان مفاد نص المادتين 215 ، 216 من قانون الإجراءات الجنائية أن المحكمة الجزئية تحكم في كل فعل يعد بمقتضى القانون مخالفة أو جنحة عدا الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر على غير الأفراد ، وتحكم محكمة الجنايات في كل فعل يعد بمقتضى القانون جناية وفي الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر عدا الجنح المضرة بأفراد الناس . لما كان ذلك، وكان البين من أوراق الطعن أن المدعي بالحقوق المدنية بصفته عضو مجلس شعب أقام دعوى الجنحة المباشرة ضد المتهم الطاعن موضوع الطعن الماثل أمام محكمة الجنايات متهماً إياه بامتناعه عن نشر تصحيح ما أورده خطأ من وقائع قذف وسب في حقه بالصحيفة التي يرأس تحريرها خلال الميعاد القانوني وهي الجريمة المعاقب عليها بالمادتين 24 ، 28 من القانون رقم 96 لسنة 1996 بشأن تنظيم الصحافة ولائحته التنفيذية ، وقد قام دفاع الطاعن على أن الحكم المطعون فيه قد صدر من محكمة غير مختصة ولائياً بنظر الدعوى . لما كان ذلك ، وكان من المقرر قانوناً أن الجرائم عموماً تقع باقتراف فاعلها سلوك إجرامي وقد يكون هذا السلوك إيجابياً أي إتيان الفعل أو السلوك الإجرامي ، وقد يكون سلبياً أي بالامتناع عن مباشرة ذلك السلوك والإحجام عنه والأخير لا يتصور إلا بالنسبة لعمل إيجابي كان الممتنع ملزماً قانوناً بالقيام به فهو صورة للسلوك الإنساني وسبب للعدوان الذى نال مصلحة أو حقاً جديراً بحماية القانون فإذا خالف سلوك الممتنع ما توقعه الشارع فنال العدوان الحق فلا شك أن سبب هذا العدوان هو ذلك السلوك وإذ كانت جريمة الامتناع عن نشر تصحيح ما ورد ذكره خطأ من وقائع قذف وسب في حق المدعي المدني بصفته المار بيانها موضوع الطعن الراهن هي بلا شك من الجرائم ذات السلوك السلبى أي التي تقع بالامتناع عن القيام بعمل قانوني كان الطاعن ملزماً بإتيانه - وهو نشر تصحيح الوقائع الواردة بطريق الخطأ - وهي من الجرائم التي تدور في فلك الجريمة الأصل وهى واقعة القذف والسب في حق المدعي المدني بصفته بواسطة الصحف وغيرها من طرق النشر فهي فرع من الأصل الذى عقد المشرع الاختصاص بالفصل فيه لمحكمة الجنايات لحكمة تغياها حاصلها توفير ضمانات أكثر للخصوم فيها لما تتطلبه طبيعة هذه الجرائم دون أن يخرجها عن إطارها كونها جنحة يجوز الادعاء المباشر فيها أمام محكمة الجنايات ومن ثم فإن قواعد التفسير الصحيح للقانون تستوجب بحسب اللزوم العقلي أن يتبع الفرع الأصل الذي يدور في فلكه باعتباره من الجنح التي تقع بطريق النشر على غير الأفراد والتي تختص بالحكم فيها محكمة الجنايات دون محكمة الجنح و القول بغير ذلك يؤدي إلى المغايرة في الحكم في ذات المسألة الواحدة بغير مبرر وهو ما يتنزه عنه الشارع ويخرج عن مقصده فلا يتصور أن ينعقد الاختصاص لمحكمة الجنايات في الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر على غير الأفراد ويترك في الوقت ذاته الاختصاص لمحكمة الجنح بالنسبة لجريمة الامتناع عن نشر تصحيح الوقائع المنشورة خطأ موضوع الطعن الراهن رغم وحدة المسألة ورغم أن ضمان العدالة أمام محكمة الجنايات أكثر توافراً. لما كان ذلك , وكانت الوقائع المنشورة والتي نسب المدعى المدني للطاعن بصفته أنها تتضمن قذفا وسباً في حقه وامتنع الطاعن عن نشر تصحيح ما ورد ذكره منها بالصحيفة التي يرأس تحريرها إنما تتعلق بصفته عضواً بمجلس الشعب حسبما أثبته الحكم المطعون فيه في مدوناته وليست موجهة إليه بصفته من آحاد الناس ومن ثم فإن الاختصاص بنظر الدعوى ينعقد لمحكمة الجنايات , وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه يكون قد اقترن بالصواب بما يضحى معه النعي عليه في هذا الشأن غير سديد .
2 - من المبادئ العامة المتفق عليها أن المصلحة أساس الدعوى أو الطعن فإذا انعدمت فلا تقبل الدعوى أو الطعن باعتبار أن الدعوى أو الطعن فى هذه الحالة يكون مسألة نظرية بحتة لا يؤبه بها وكان لا مصلحة للطاعن في أن يحاكم أمام محكمة الجنح بدلاً من محكمة الجنايات التي جرت المحاكمة أمامها والمختصة بنظر الدعوى حيث تتوافر في محاكماتها من الضمانات ما لا يتوافر أمام محكمة الجنح ومن ثم فلا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بهذا الوجه .
3 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تتبين حقيقة الواقعة من جماع الأدلة المطروحة وهى ليست مطالبة بألا تأخذ إلا بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص الحقائق القانونية من كل ما يقدم إليها من أدلة ولو كانت غير مباشرة متى كان ما حصله الحكم من هذه الأدلة لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي فإذا كان الجاني قد احتاط ولم يذكر اسم المجنى عليه صراحة في العبارات المنشورة فإن لمحكمة الموضوع أن تتعرف على شخص من وجهت إليه من واقع العبارات ذاتها وظروف الواقعة والملابسات التي اكتنفتها , ولما كانت مدونات الحكم المطعون فيه تفيد أن المحكمة قد استخلصت أن المدعى بالحقوق المدنية هو المقصود بعبارات المقال المنشور وكانت العبارات التي أوردها الحكم تسوغ النتيجة التي رتبها الحكم عليها فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير أدلة الدعوى مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب .
4 - من المقرر أن استظهار القصد الجنائي في جريمتي القذف والسب علناً من اختصاص محكمة الموضوع تستخلصه من وقائع الدعوى وظروفها دون معقب عليها مادام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج فإن الحكم إذ استخلص قصد التشهير علناً بالمدعى بالحقوق المدنية يكون قد دلل على سوء نية الطاعن وتوافر ركن العلانية بما يسوغ الاستدلال عليه وتنحسر عنه دعوى القصور فى التسبيب فى هذا الشأن . لما كان ذلك , وكانت حرية الصحفي هي جزء من حرية الفرد العادي ولا يمكن أن تتجاوزها إلا بتشريع خاص , وكان القانون لا يتطلب في جريمة القذف قصداً خاصاً بل يكتفي بتوافر القصد العام الذي يتحقق متى نشر القاذف الأمور المتضمنة للقذف وهو عالم أنها لو كانت صادقة لأوجبت عقاب المقذوف أو احتقاره ولا يؤثر هذا القصد أن يكون القاذف حسن النية أى معتقداً صحة ما رمى به المجنى عليه من وقائع القذف , ولما كان الثابت من العبارات التي حصلها الحكم نقلاً عن صحيفة .... أنه قصد بها النيل من المدعى بالحقوق المدنية فإن الحكم المطعون فيه يكون قد تضمن بيان القصد الجنائي على وجهه الصحيح ويكون النعي على الحكم فى هذا الشأن غير سديد .
5 - من المقرر أن النقد المباح هو إبداء الرأي في أمر أو عمل دون المساس بشخص صاحب الأمر أو العمل بغية التشهير به أو الحط من كرامته فإذا تجاوز النقد هذا الحد وجب العقاب عليه , وكانت العبارات التي تضمنها المقال الذى نشرته الجريدة التي يرأس الطاعن تحريرها شائنة ومن شأنها لو صحت استيجاب عقاب المدعى بالحق المدني واحتقاره عند أهل وطنه فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بقالة أن ما نشر إنما هو من قبيل النقد المباح يكون في غير محله .
6 - من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب في حكمها ما لم يدفع به أمامها وإذ كان الثابت أن الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بحقه في الإعفاء من العقوبة فليس له من بعد أن يثير هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض .
7 - لما كان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع المبدى من الطاعن بانقضاء الدعوى الجنائية قبله لقيامه بنشر تصحيح المقال المنشور محل الواقعة المطروحة قبل تحريك الدعوى الجنائية قبله بما مفاده أن الطاعن لم يقدم ما يثبت قيامه بذلك الإجراء وطبقاً للقواعد المقررة وكان الطاعن لا يماري في صحة ما خلص إليه الحكم فى هذا الشأن فإن ما انتهى إليه الحكم من رفض هذا الدفع يكون قد اقترن بالصواب .
8 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية لعدم الحصول على إذن من نقابة الصحفيين التى ينتمى إليها الطاعن والمدعى بالحق المدني قبل تحريك الدعوى واطرحه على سند من أنه لا تأثير لذلك على صحة الإجراءات القانونية ولا يصمها بالبطلان وكانت هذه المخالفة بفرض صحتها وحصولها لا تستتبع تجريد العمل الإجرائي الذي قام به المدعى بالحقوق المدنية من حيث آثاره القانونية إذ لا تعدو أن تكون من قبيل الإجراءات التنظيمية التي لا يترتب على مخالفتها بطلان ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن في غير محله .
9 - لما كان الدفع المبدى من الطاعن بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان في صورة الواقعة المطروحة يضحى دفعاً قانونياً ظاهر البطلان بعيداً عن محجة الصواب ومن ثم فلا تثريب على الحكم إن هو التفت عنه و لم يرد عليه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
أقام المدعى بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر ضد الطاعن و آخر بوصف أنهما : امتنعا عن نشر الرد على المقال المنشور بجريدة .... عملهما ورئاستهما . و طلب عقابهما بالمادتين 24 ، 27 من القانون رقم 96 لسنة 1996 بشأن تنظيم الصحافة وإلزامهما بأن يؤديا له مبلغ ألفان وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت وشمول الحكم بالنفاذ المعجل بلا كفالة .والمحكمة المذكورة قضت حضوريا للأول وغيابيا للثاني أولا :بعدم قبول الدعويين الجنائية و المدنية بالنسبة للمتهم الأول ....ثانيا : بمعاقبة ..... بالحبس لمدة ثلاثة أشهر وبتغريمه ألفى جنيه عما نسب إليه . ثالثا : وفى الدعوى المدنية بإلزام المحكوم عليه المذكور والمسئول عن الحقوق المدنية .... بصفته بالتضامن فيما بينهما بأن يؤديا للمدعى بالحقوق المدنية مبلغ ألفي وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت . رابعا :بنشر ما تضمنه الحكم في البندين الأخيرين في صحيفة يومية واسعة الانتشار وبصحيفة .... أيضا خلال خمسة عشر يوما من تاريخ إعلانه .عارض المحكوم عليه .... والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بقبول المعارضة شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم المعارض فيه وتغريم المعارض .... مبلغ ألف جنيه عما نسب إليه وتأييده فيما عدا ذلك.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
من حيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان بها الطاعن وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك , وكان مفاد نص المادتين 215 ، 216 من قانون الإجراءات الجنائية أن المحكمة الجزئية تحكم في كل فعل يعد بمقتضى القانون مخالفة أو جنحة عدا الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر على غير الأفراد ، وتحكم محكمة الجنايات في كل فعل يعد بمقتضى القانون جناية وفي الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر عدا الجنح المضرة بأفراد الناس . لما كان ذلك ، وكان البين من أوراق الطعن أن المدعى بالحقوق المدنية بصفته عضو مجلس شعب أقام دعوى الجنحة المباشرة ضد المتهم الطاعن موضوع الطعن الماثل أمام محكمة الجنايات متهماً إياه بامتناعه عن نشر تصحيح ما أورده خطأ من وقائع قذف وسب في حقه بالصحيفة التي يرأس تحريرها خلال الميعاد القانوني وهي الجريمة المعاقب عليها بالمادتين 24 ، 28 من القانون رقم 96 لسنة 1996 بشأن تنظيم الصحافة ولائحته التنفيذية ، وقد قام دفاع الطاعن على أن الحكم المطعون فيه قد صدر من محكمة غير مختصة ولائياً بنظر الدعوى . لما كان ذلك ، و كان من المقرر قانوناً أن الجرائم عموماً تقع باقتراف فاعلها سلوك إجرامي وقد يكون هذا السلوك إيجابياً أى إتيان الفعل أو السلوك الإجرامي ، وقد يكون سلبياً أي بالامتناع عن مباشرة ذلك السلوك والإحجام عنه والأخير لا يتصور إلا بالنسبة لعمل إيجابي كان الممتنع ملزماً قانوناً بالقيام به فهو صورة للسلوك الإنساني وسبب للعدوان الذى نال مصلحة أو حقاً جديراً بحماية القانون فإذا خالف سلوك الممتنع ما توقعه الشارع فنال العدوان الحق فلا شك أن سبب هذا العدوان هو ذلك السلوك وإذ كانت جريمة الامتناع عن نشر تصحيح ما ورد ذكره خطأ من وقائع قذف وسب فى حق المدعى المدني بصفته المار بيانها موضوع الطعن الراهن هي بلا شك من الجرائم ذات السلوك السلبى أي التي تقع بالامتناع عن القيام بعمل قانوني كان الطاعن ملزماً بإتيانه (وهو نشر تصحيح الوقائع الواردة بطريق الخطأ) وهي من الجرائم التي تدور في فلك الجريمة الأصل وهي واقعة القذف والسب في حق المدعى المدني بصفته بواسطة الصحف وغيرها من طرق النشر فهي فرع من الأصل الذي عقد المشرع الاختصاص بالفصل فيه لمحكمة الجنايات لحكمة تغياها حاصلها توفير ضمانات أكثر للخصوم فيها لما تتطلبه طبيعة هذه الجرائم دون أن يخرجها عن إطارها كونها جنحة يجوز الادعاء المباشر فيها أمام محكمة الجنايات ومن ثم فإن قواعد التفسير الصحيح للقانون تستوجب بحسب اللزوم العقلي أن يتبع الفرع الأصل الذى يدور في فلكه باعتباره من الجنح التي تقع بطريق النشر على غير الأفراد والتي تختص بالحكم فيها محكمة الجنايات دون محكمة الجنح والقول بغير ذلك يؤدى إلى المغايرة في الحكم في ذات المسألة الواحدة بغير مبرر وهو ما يتنزه عنه الشارع ويخرج عن مقصده فلا يتصور أن ينعقد الاختصاص لمحكمة الجنايات في الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر على غير الأفراد ويترك في الوقت ذاته الاختصاص لمحكمة الجنح بالنسبة لجريمة الامتناع عن نشر تصحيح الوقائع المنشورة خطأ موضوع الطعن الراهن رغم وحدة المسألة ورغم أن ضمان العدالة أمام محكمة الجنايات أكثر توافراً. لما كان ذلك , وكانت الوقائع المنشورة والتي نسب المدعى المدني للطاعن بصفته أنها تتضمن قذفا وسباً في حقه وامتنع الطاعن عن نشر تصحيح ما ورد ذكره منها بالصحيفة التي يرأس تحريرها إنما تتعلق بصفته عضواً بمجلس الشعب حسبما أثبته الحكم المطعون فيه فى مدوناته وليست موجهة إليه بصفته من آحاد الناس ومن ثم فإن الاختصاص بنظر الدعوى ينعقد لمحكمة الجنايات , وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه يكون قد اقترن بالصواب بما يضحى معه النعي عليه في هذا الشأن غير سديد . هذا إلى أنه من المبادئ العامة المتفق عليها أن المصلحة أساس الدعوى أو الطعن فإذا انعدمت فلا تقبل الدعوى أو الطعن باعتبار أن الدعوى أو الطعن فى هذه الحالة يكون مسألة نظرية بحتة لا يؤبه بها و كان لا مصلحة للطاعن في أن يحاكم أمام محكمة الجنح بدلاً من محكمة الجنايات التي جرت المحاكمة أمامها والمختصة بنظر الدعوى حيث تتوافر في محاكماتها من الضمانات ما لا يتوافر أمام محكمة الجنح ومن ثم فلا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بهذا الوجه . وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تتبين حقيقة الواقعة من جماع الأدلة المطروحة وهي ليست مطالبة بألا تأخذ إلا بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص الحقائق القانونية من كل ما يقدم إليها من أدلة ولو كانت غير مباشرة متى كان ما حصله الحكم من هذه الأدلة لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي فإذا كان الجاني قد احتاط ولم يذكر اسم المجنى عليه صراحة في العبارات المنشورة فإن لمحكمة الموضوع أن تتعرف على شخص من وجهت إليه من واقع العبارات ذاتها وظروف الواقعة والملابسات التي اكتنفتها, ولما كانت مدونات الحكم المطعون فيه تفيد أن المحكمة قد استخلصت أن المدعى بالحقوق المدنية هو المقصود بعبارات المقال المنشور وكانت العبارات التي أوردها الحكم تسوغ النتيجة التي رتبها الحكم عليها فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير أدلة الدعوى مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب . لما كان ذلك , وكان من المقرر أن استظهار القصد الجنائي في جريمتي القذف والسب علناً من اختصاص محكمة الموضوع تستخلصه من وقائع الدعوى وظروفها دون معقب عليها مادام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج فإن الحكم إذ استخلص قصد التشهير علناً بالمدعى بالحقوق المدنية يكون قد دلل على سوء نية الطاعن وتوافر ركن العلانية بما يسوغ الاستدلال عليه وتنحسر عنه دعوى القصور في التسبيب في هذا الشأن . لما كان ذلك , وكانت حرية الصحفي هي جزء من حرية الفرد العادى ولا يمكن أن تتجاوزها إلا بتشريع خاص , وكان القانون لا يتطلب فى جريمة القذف قصداً خاصاً بل يكتفى بتوافر القصد العام الذى يتحقق متى نشر القاذف الأمور المتضمنة للقذف وهو عالم أنها لو كانت صادقة لأوجبت عقاب المقذوف أو احتقاره ولا يؤثر هذا القصد أن يكون القاذف حسن النية أى معتقداً صحة ما رمى به المجنى عليه من وقائع القذف , ولما كان الثابت من العبارات التى حصلها الحكم نقلاً عن صحيفة .... أنه قصد بها النيل من المدعى بالحقوق المدنية فإن الحكم المطعون فيه يكون قد تضمن بيان القصد الجنائي على وجهه الصحيح ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن النقد المباح هو إبداء الرأي في أمر أو عمل دون المساس بشخص صاحب الأمر أو العمل بغية التشهير به أو الحط من كرامته فإذا تجاوز النقد هذا الحد وجب العقاب عليه , وكانت العبارات التي تضمنها المقال الذى نشرته الجريدة التي يرأس الطاعن تحريرها شائنة ومن شأنها لو صحت استيجاب عقاب المدعى بالحق المدني واحتقاره عند أهل وطنه فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بقالة أن ما نشر إنما هو من قبيل النقد المباح يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب فى حكمها ما لم يدفع به أمامها وإذ كان الثابت أن الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بحقه في الإعفاء من العقوبة فليس له من بعد أن يثير هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع المبدى من الطاعن بانقضاء الدعوى الجنائية قبله لقيامه بنشر تصحيح المقال المنشور محل الواقعة المطروحة قبل تحريك الدعوى الجنائية قبله بما مفاده أن الطاعن لم يقدم ما يثبت قيامه بذلك الإجراء وطبقاً للقواعد المقررة وكان الطاعن لا يماري في صحة ما خلص إليه الحكم فى هذا الشأن فإن ما انتهى إليه الحكم من رفض هذا الدفع يكون قد اقترن بالصواب . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية لعدم الحصول على إذن من نقابة الصحفيين التي ينتمي إليها الطاعن والمدعي بالحق المدني قبل تحريك الدعوى واطرحه على سند من أنه لا تأثير لذلك على صحة الإجراءات القانونية ولا يصمها بالبطلان وكانت هذه المخالفة بفرض صحتها وحصولها لا تستتبع تجريد العمل الإجرائي الذى قام به المدعى بالحقوق المدنية من حيث آثاره القانونية إذ لا تعدو أن تكون من قبيل الإجراءات التنظيمية التي لا يترتب على مخالفتها بطلان ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن في غير محله . لما كان ذلك، وكان الدفع المبدى من الطاعن بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان في صورة الواقعة المطروحة يضحى دفعاً قانونياً ظاهر البطلان بعيداً عن محجة الصواب ومن ثم فلا تثريب على الحكم إن هو التفت عنه و لم يرد عليه . لما كان ما تقدم , فإن الطعن برمته يكون على غير أساس مفصحاً عن عدم قبوله موضوعاً مع مصادرة الكفالة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق