الصفحات

الجمعة، 15 نوفمبر 2013

حكم محكمة القضاء الاداري بشأن بحالة الطوارئ

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
الدائرة الأولى
بالجلسة المنعقدة علناً في يوم الثلاثاء الموافق12/11/2013 م
برئاســة السيد الأستاذ المستشار / محمد إبراهيم قشطة نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / عبد المجيد أحمد حسن المقنن نائب رئيس مجلس الدولة
والسيد الأستاذ المستشار / سامي رمضان درويش نائب رئيس مجلس الدولة
وحضــورالسيد الأستاذ المستشار / إسلام توفيق الشحات مفوض الدولة
وسكرتاريــة السيـــــد / سامي عبد الله خليفة أمين السر
أصدرتالحكم الآتي
في الدعوى رقم 74029 لسنة 67ق
المقام من:
1- أحمد سيف الإسلام حمد
2- مهام حمود يوسف
3- عبيرسيد جمال أسحق
وطلب التدخل انضمامياً إلي المدعين:
1- جمال عبد العزيز عيد
2- روضة أحمد سيد
3- حامد صديق سيد مكي
ضـد
رئيس الجمهورية بصفته
------------------
الوقائــع
أقام المدعون الدعوى الماثلة بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ15/9/2013 وطلبوا في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وبصفة مستعجلة بوقف قراررئيس الجمهورية بمد حالة الطوارئ لمدة شهرين مع ما يترتب على ذلك من آثار، وتنفيذالحكم بمسودته وبدون إعلان ، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتبعلى ذلك من آثار.
وذكر المدعون شرحاً للدعوى أن رئيس الجمهورية أصدر القرار رقم 532 لسنة2013 بتاريخ 14/8/2013 بإعلان حالة الطوارئ لمدة ثلاثين يوماً، وبتاريخ 12/9/2013أصدر رئيس الجمهورية قراراً بمد حالة الطوارئ لمدة شهرين، ونعى المدعون على القرارالمطعون فيه مخالفة أحكام الإعلان الدستوري الصادر بتاريخ 8/7/2013 حيث اشترطت المادة (27) إجراء استفتاء شعبي قبل مد حالة الطوارئ لمدة مماثلة، وأن القرار المطعون فيه صدر بمد حالة الطوارئ لمدة شهرين دون إجراء استفتاء عام وموافقة الشعب على المد، كما نعى المدعون على القرار المطعون فيه أنه صدر معيباً بعيب إساءة استعمالالسلطة، وفي ختام الصحيفة طلب المدعون الحكم بالطلبات المشار إليها.
ونظرت المحكمة طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه بجلسة 1/10/2011 حيث أودع المدعون حافظتي مستندات، وأودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة دفاع ونعت فيها أصلياً : بعدم اختصاص المحكمة – والقضاء عموماً – ولائياً بنظر الدعوى ، واحتياطياً بعدم قبولها لانتفاء القرار الإداري ، ومن باب الاحتياط بعدم قبول الدعوى لانتفاء شرطي الصفةوالمصلحة، وعلى سبيل الاحتياط الكلي برفض الدعوى، وطلب كل من جمال عبد العزيز عيدوروضه أحمد سيد وحامد صديق مكي قبول تدخلهم في الدعوى انضمامياً إلي المدعين، وبجلسة 22/10/2013 أودع المدعون حافظتي مستندات، وقررت المحكمة حجز الدعوى للحكم لجلسة اليوم مع التصريح بتقديم مذكرات خلال أسبوع، وانتهى الأجل المحدد دون تقديم مذكرات من الخصوم، وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
------------------
المحكمـــة
بعد الاطلاع على الأوراق ، وسماع المرافعات، وبعد المداولة.
من حيث إن المدعين يهدفون من دعواهم إلي الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية رقم 587 لسنة 2013 الصادر بتاريخ 12/9/2013 بمد حالة الطوارئ المعلنة لمدة شهرين مع ما يترتب على ذلك من آثار،وتنفيذ الحكم بمسودته وبغير إعلان، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع مايترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم اختصاص المحكمة –والقضاء عموماً – ولائياً بنظر الدعوى لتعلقها بعمل من أعمال السيادة طبقاً لنص المادة (11) من قانون مجلس الدولة الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47لسنة 1972 ، فإن الأصل أن أعمال الإدارة تخضع لرقابة القضاء ولا يجوز تحصين أي عملأ و قرار إداري من رقابة القضاء، وإذا كان المشرع قد أخرج أعمال السيادة من رقابة القضاء، فإنه لم يضع تعريفاً جامعاً مانعاً لها ولا معياراً ينتظمها ، وإنما ترك تحديدها لتقدير القضاء، ودرج القضاء على فرز أعمال السيادة من بين أعمال الإدارة التي تقومبها السلطة التنفيذية بالنظر إلي طبيعة العمل في ذاته، فإذا كان العمل يصدر تطبيقاً لأحكام الدستور والقوانين واللوائح فإنه يعد من أعمال الإدارة التي تخضع لرقابة القضاء، أما إذا كان العمل بحسب طبيعته لا يعد من أعمال الإدارة وإنما يصدر من السلطة التنفيذية باعتبارها سلطة حكم وتعصمه طبيعته من أن يعد من أعمال الإدارة كالأعمال المتعلقة بإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الدولة والدول الأخرى وقطعها، فإن العمل يعد من أعمال السيادة ويخرج عن نطاق رقابة القضاء.
وأعمال السيادة ليست نظرية جامدة المضامين وإنما تقسم بالمرونة بحسبان مساحة أعمال السيادة تتناسب عكسياً مع مساحة الحرية والديمقراطية ، فيتسع نطاقها في النظم الديكتاتورية ، ويضيق كلما ارتقت الدولة في مدارج الديمقراطية.
(حكم المحكمة الإدارية العليا بجلسة 21/4/2013 في الطعن رقم 13846 لسنة 59 ق)
ومن حيث إن أحكام الطوارئ في مصر الآن تخضع لنص المادة (27) من الإعلان الدستوري الصادر بتاريخ 8/7/2013 والقانون بشأن حالة الطوارئ الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 162 لسنة 1958.
وتنص المادة (27) من الإعلان الدستوري المشار إليه على أن:
" يعلن رئيس الجمهورية بعد موافقة مجلس الوزراء حالة الطوارئ علىالنحو الذي ينظمه القانون، ويكون إعلان حالة الطوارئ لمدة محددة لا تجاوز ثلاثة أشهر ولا يجوز مدها إلا لمدة مماثلة وبعد موافقة الشعب في استفتاء عام ".
وتنص المادة (1) من القانون بشأن حالة الطوارئ المشار إليه على أن:
" يجوز إعلان حالة الطوارئ كلما تعرض الأمن أو النظام العام في أراضيالجمهورية أو في منطقة منها للخطر سواء أكان ذلك بسبب وقوع حرب أو قيام حالة تهدد بوقوعها أو حدوث اضطرابات في الداخل أو كوارث عامة أو انتشار وباء".
ومن حيث إن الوثائق الدستورية المتعاقبة منذ ثورة 25 يناير 2011 وحتى الآن شهدت تطوراً تمثل في وضع المزيد من الضوابط والقيود على إعلان حالة الطوارئ ومد مدتها، فقد أسند الدستور الصادر عام 1971 في المادة (148) إلي رئيس الجمهوريةمنفرداً سلطة إعلان حالة الطوارئ ومدها واكتفى بوجوب عرض القرار على مجلس الشعب ليقرر ما يراه ولم يقيد حالة الطوارئ بمدة قصوى لا تتجاوزها، وتضمن الإعلان الدستوري الصادر بتاريخ 30/3/2011 في المادة (59) والدستور الصادر عام 2012 في المادة (148) ضرورة موافقة مجلس الوزراء قبل إعلان حالة الطوارئ ، وتحديد مدة ستةشهور كحد أقصى لفرض حالة الطوارئ بمعرفة رئيس الجمهورية، ووجوب موافقة مجلس الشعب –ومجلس الشورى عند حل مجلس الشعب طبقاً للدستور الصادر عام 2012 – على قرار إعلان حالة الطوارئ أو مدها، وعدم جواز مد حالة الطوارئ لمدة تزيد على المدة المحددة إلابعد موافقة الشعب في استفتاء عام.
وتضمن الإعلان الدستوري الصادر بتاريخ 8/7/2013 وجوب موافقة مجلس الوزراء قبل إعلان حالة الطوارئ ، وحدد مدة ثلاثة شهور كحد أقصى لفرض حالة الطوارئ بمعرفة رئيس الجمهورية وحظر مد حالة الطوارئ عن تلك المدة إلا بعد موافقة الشعب فياستفتاء عام على ألا تزيد المدة الجديدة على ثلاثة شهور.
وتضمنت المادة (1) من القانون في شأن حالة الطوارئ الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 162 لسنة 1958 ضرورة تحقق شرطين مجتمعين لإعلان حالة الطوارئ ، ومن باب أولى لمدها ، ويتحقق باجتماع الشرطين معاً ركن السبب لقرارإعلان حالة الطوارئ أو مدها، وهما:
الشرط الأول: تحقق حالة من الحالات المحددة على سبيل الحصر وهي:
1- قيام حالة الحرب.
2- قيام حالة التهديد بوقوع الحرب.
3- حدوث اضطرابات داخل البلاد.
4- حدوث كارثة عامة.
5- انتشار وباء.
والشرط الثاني: أن يؤدي قيام إحدى الحالات المشار إليها إلي تعرض الأمن أو النظام العام في الجمهورية كلها أو في منطقة منها للخطر.
فإذا تحقق الشرطان السابقان جاز لرئيس الجمهورية – بعد موافقة مجلس الوزراء– أن يصدر قراراً بإعلان حالة الطوارئ ، ويتعين أن يحدد القرار نطاق تطبيق حالة الطوارئ ، وما إذا كانت ستفرض في كل أنحاء الجمهورية أو في جزء معين منها، وأن يحدد القرار كذلك بداية ونهاية سريان حالة الطوارئ، وأن يتقيد في هذا الشأن بالمدة الدستورية المقررة، فلا يزيد فرض أو مد حالة الطوارئ على ثلاثة شهور وإلا وجب اللجوء إلي الشعب في استفتاء عام وموافقة الشعب على المد مدة جديدة لا تزيد على ثلاثة شهور أخرى.
ومن حيث إن القانون في شأن حالة الطوارئ المشار إليه من القوانين الدائمة للدولة، لكنه لا يوضع موضع التطبيق إلا بعد إعلان حالة الطوارئ وأثناء سريانها، ويترتب على إعلان حالة الطوارئ انتقال البلاد كاملة أو المنطقة التي أعلنت فيها حالة الطوارئ من حالة الشرعية العادية إلي حالة الشرعية الاستثنائية ، حيث يتضمن تطبيق قانون الطوارئ فرض قيود على الحقوق والحريات على الوجه المنصوص عليه في القانون المشار إليه، ومبرر فرض تلك القيود هو مرور البلاد بظروف غير عادية تقتضي فيها المصلحة العامة للدولة والمواطنين أن تحيف جهة الإدارة على الحقوق والحريات بصورة ما كانت تجوز لها في الأحوال الطبيعية العادية، إلا أن جهة الإدارة لا تتحلل تماماً أثناء قيام حالة الطوارئ من كل الضمانات الدستورية والقانونية المقررة لحماية الحقوق والحريات، لأن حماية وجود الدولة أو المحافظة على النظام العام والأمن لا يجوز أن يتم خارج إطار الدستور والقانون وإنما بالوسائل والطرق المحددة في الدستور والقانون.
ومن حيث إنه لم يغب عن علم هذه المحكمة أن لها أحكاماً سابقة صدرت في ظل العمل بالدساتير السابقة وحتى سقوط الدستور الصادر عام 1971 ، وقد فرقت تلك الأحكام بين القرارات الصادرة بإعلان حالة الطوارئ ومدها واعتبرتها من أعمال السيادة وقضت بعدم اختصاصها بنظر الدعاوى المقامة ضدها، وبين القرارات والأعمال التي تصدر من السلطة القائمة على تطبيق حالة الطوارئ واعتبرتها من الأعمال الإدارية وقضت باختصاصها بدعوى الإلغاء والتعويض عن تلك الأعمال إلا ما أسنده المشرع لجهة قضائية أخرى كالتظلم من قرارات الاعتقال التي تصدر طبقاً لقانون الطوارئ.
ومن حيث إن التطورات الدستورية التي تضمنتها الوثائق الدستورية منذ الإعلان الدستوري الصادر بتاريخ 30/3/2011 مروراً بالدستور الصادر عام 2012 وانتهاء بالإعلان الدستوري الحالي الصادر بتاريخ 8/7/2013 تكشف عن توجه المشرع الدستوري إلي تقييد سلطة رئيس الجمهورية في إعلان ومد حالة الطوارئ بوضع مزيد من الشروط والضوابط والقيود على ممارسة اختصاصاته في هذا الشأن، وأصبحت قرارات إعلان حالة الطوارئ أو مدها خاضعة لنظام قانوني دقيق ومنضبط ، فيتعين أن يصدر القرار من رئيس الجمهورية بعد موافقة مجلس الوزراء، وأن يرتبط إعلان أو مد حالة الطوارئ بعروة وثقي بالأسباب التي نص عليها المشرع، وأن يتقيد القرار بالمدة المحددة دستورياً، وأن تراعى فيه الضوابط والشروط الأخرى المنصوص عليها، وحاصل هذا النظام الدستوري والقانوني لحالة الطوارئ أن سلطة رئيس الجمهورية في إعلان حالة الطوارئ ومدها لم تعد سلطة مطلقة وإنما هي سلطة مقيدة، حدد المشرع الدستوري والقانون تخومها وضبط حدودها ومداها وحد من غلوائها ، وأصبح اختصاصه في هذا الشأن اختصاصاً يباشر ويمارس تطبيقاً وتنفيذاً لأحكام القانون بمعناه العام والذي يشمل الدستور والقانون، والقاعدة التي تواترت عليها أحكام هذه المحكمة أن الاختصاصات التي تباشرها السلطة التنفيذية تطبيقاً لأحكام القوانين واللوائح تعد من أعمال الإدارة ولا تعد من أعمال السيادة وتخضع لرقابة المشروعية.
ومن حيث إن حالة الطوارئ تؤثر على الحقوق والحريات المقررة للأفراد في الدستور لأنه يترتب على إعلان حالة الطوارئ توسيع سلطات واختصاصات السلطة التنفيذية على حساب الحقوق والحريات الفردية، والوثائق الدستورية لا تنص على الحقوق والحريات في صلبها إلا لتكشف عن حقيقة وجودها ولتضمن حمايتها بعد وجودها ،ومن صور الحماية : حمايتها في مواجهة السلطة التنفيذية، لذلك أكدت الدساتير على مبدأ سيادة القانون ومن نتائجه خضوع السلطة التنفيذية في تصرفاتها للقانون، كما كفلت حق التقاضي صيانة للحقوق والحريات وضماناً لتحقيق سيادة القانون، وأسقطت الوثائق الدستورية المتعاقبة منذ الدستور الصادر عام 1971 وحتى الإعلان الدستوري الصادر في8/7/2013 كل الموانع الحاجبة لحق التقاضي ، فحظرت تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء، ولا يجوز الاحتجاج في مواجهة حقوق الأفراد المضمونة والمصانة دستورياً بفكرة أعمال السيادة لمنع القضاء من رقابة مشروعية أعمال السلطة التنفيذية التي تعتدي أو تقيد أو تنال من تلك الحقوق والحريات، وحجب المواطن أوالفرد عن اللجوء إلي القضاء دفاعاً عن حقوقه وحرياته يُشـرُع لضياعها لأن كل حقيُجرد من حماية القضاء هو حق مُهدر أو معرض للإهدار ، فضلاً عن مخالفة حجب المواطن أو الفرد عن قاضية لأحكام الدستور، وإذا كانت الحماية القضائية للحقوق والحريات مكفولة للأفراد في الأحوال العادية فلا يسوغ للقضاء أن يوفر تلك الحماية حالة اليسر والسعة وأن يمنعها ويحجبها وقت العُسر والشدة.
ومن حيث إن التطور الدستوري الحاصل بوضع ضوابط وقيود على اختصاص رئيس الجمهورية في إعلان حالة الطوارئ ومدها ينبغي أن يقابل من جانب القضاء باجتهاد جديد يتوافق مع هذا التطور لضمان تحقيق قصد المشرع الدستوري المتمثل في توفير المزيد من الحماية للحقوق والحريات عند إعلان أو مد حالة الطوارئ على وجه يحد منإساءة استعمال السلطة التنفيذية لاختصاصها في هذا الشأن.
ومن حيث إن حالة الطوارئ ليست حالة سياسية وإنما هي حالة قانونية يجري الانتقال إليها بموجب قرار رئيس الجمهورية بإعلان حالة الطوارئ ، وهذا القرار تفتتح به حالة الطوارئ ويبدأ تطبيق القانون في شأن الطوارئ الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 162 لسنة 1958 أثناء المدة المحددة في القرار وفي الحيز الجغرافي الوارد به،وإذا صدر قرار بمد حالة الطوارئ تستمر حالة الطوارئ سارية أثناء المدة الجديدة، وإذا كان القضاء قد أخضع القرارات الصادرة من السلطة القائمة على تطبيق حالة الطوارئ لرقابة المشروعية فإنه لا يوجد أي سند قانوني لاستبعاد القرارات الصادرة بفرض حالة الطوارئ أو مدها من رقابة القضاء فهي بحسب طبيعتها قرارات إدارية تصدر تطبيقاً للأحكام الواردة في الدستور والقانون، وعدم إخضاعها لرقابة القضاء يترتب عليه نتائج غير منطقية وتؤدي إلي تأييد مخالفة الدستور، فعلى سبيل المثال إذا تم إعلان حالة الطوارئ من غير مختص أو بالمخالفة للإجراءات التي نص عليها الدستور أوفي غير الأحوال المقررة أو تم مدها بالمخالفة للمدة المقررة دستورياً فإن الأفرادسيعجزون عن مواجهة القرارات الصادرة في هذا الشأن لغياب الحماية القضائية ، وإذاحكم القضاء في تلك الأحوال بعدم الاختصاص لأن القرار من أعمال السيادة فإن أثرحكمه على المجتمع لا يختلف عن الأثر المترتب في حالة إنكار العدالة بعدم الحكم فيالدعاوى، وإن تخلفت أركان الجريمة الجنائية ، ولا يجوز أن توجد النصوص التي تحميالحقوق والحريات وأن يغيب القضاء، فيضيع العدل. وإحجام القضاء عن بسط رقابته علىالقرارات الصادرة بمد حالة الطوارئ قد أدى في الواقع إلي استمرار السلطة التنفيذيةفي تقييد الحقوق والحريات بمد حالة الطوارئ لمدة تزيد على ثلاثين عاماً متواصلةاعتباراً من يوم 6/10/1981 – بموافقة أعضاء مجلس الشعب ، فصار الاستثناء قاعدةوأصبحت حالة الطوارئ التي ما شرعت إلا لمواجهة ظروف طارئة ومؤقتة، حالة دائمةومزمنة ومفروضة قسراً على خلاف الحكمة من تشريعها في الدستور لمواجهة ظروف طارئة فقط.
ولا محل للقول بأن القضاء حين يراقب مشروعية القرار المشار إليها سيعطل عمل السلطة التنفيذية في المحافظة على الأمن والنظام العام لأن القضاء في رقابته علىأعمال الإدارة لا يحل محلها ولا يمنعها من ممارسة اختصاصاتها ، وإنما يراقب مدى مطابقة تلك الأعمال للدستور والقانون.
وحاصل ما تقدم أن قرار رئيس الجمهورية المطعون فيه رقم 587 لسنة 2013 بمد حالة الطوارئ المعلنة بموجب قراره رقم 532 لسنة 2013 لمدة شهرين هو قرار إداري ولايعد من أعمال السيادة، ويدخل الطعن عليه ضمن الاختصاص الولائي لهذه المحكمة، ويكون الدفع المبدى بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الطعن عليه غير قائم على أساس صحيحويتعين الحكم برفضه ، والمحكمة في هذا القضاء تتبع الحق وفقاً لما اطمئن إليهضميرها وإن خالفت ما سبق لها – بهيئة مغايرة – من قضاء في هذا الشأن.
ومن حيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوىلانتفاء صفة ومصلحة المدعيين فإن المدعيين بوصفهم من المواطنين المصريين لهم صفةومصلحة في الطعن على القرار المطعون فيه لأن قرار مد حظر التجول المطعون فيه يشملمدها في جميع أنحاء البلاد وتسري أحكام القانون في شأن حالة الطوارئ المشار إليهبما تضمنته من قيود على الحقوق والحريات عليهم ، الأمر الذي تتحقق معه صفتهمومصلحتهم في الطعن على ذلك القرار، ويكون الدفع المشار إليه غير سديد وغير قائم علىسند أو أساس ويتعين الحكم برفضه، وتكتفي المحكمة بالإشارة إلي ذلك في الأسباب.
ومن حيث إنه عن طلب كل من جمال عبد العزيز عيد وروضه أحمد سيد وحامد صديقسيد مكي قبول تدخلهم انضمامياً إلي المدعين فإن هذا الطلب أستوفى أوضاعه الشكليةويتعين الحكم بقبول تدخلهم انضمامياً إلي المدعين، وتغني الإشارة إلي ذلك فيالأسباب عن إيرادها بالمنطوق.
ومن حيث إن الدعوى استوفت أوضاعها الشكلية فمن ثم يتعين الحكم بقبوله اشكلاً.
ومن حيث إنه عن طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه فإنه يشترط للحكم بوقفتنفيذ القرار الإداري طبقاً لنص المادة (49) من قانون مجلس الدولة توافر ركني الجدية والاستعجال، بأن يكون القرار المطعون فيه – بحسب ظاهر الأوراق – غير مشروع،وأن يرجح الحكم بإلغائه عند الفصل في موضوع الدعوى، وأن يترتب على تنفيذه نتائجيتعذر تداركها إذا قضى بإلغائه.
ومن حيث إنه عن ركن الجدية فإن الأحكام الواردة بالمادة (27) من الإعلانالدستوري الصادر بتاريخ 8/7/2013 وبالقانون بشأن حالة الطوارئ الصادر بقرار رئيسالجمهورية بالقانون رقم 162 لسنة 1958 قد تضمنت الضوابط والشروط الدستوريةوالقانونية لإعلان حالة الطوارئ وذلك على الوجه المشار إليه فيما تقدم من الحكم –عند الرد على الدفع بعدم اختصاص المحكمة – والذي تحيل إليه المحكمة منعاً من التكرار.
ومن حيث إن قرار رئيس الجمهورية بمد حالة الطوارئ المعلنة يتعين أن يخضعلذات الضوابط والشروط الدستورية والقانونية الواجب تحققها عند صدور القرار بإعلانحالة الطوارئ باعتبار أن قرار مد حالة الطوارئ يتضمن استمرار تلك الحالة.
ومن حيث إن البادي من ظاهر الأوراق أن حالة الطوارئ أعلنت في جميع أنحاءالبلاد لمدة ثلاثين يوماً اعتباراً من الساعة الرابعة من مساء يوم 14/8/2013 بموجبقرار رئيس الجمهورية رقم 532 لسنة 2013 بسبب الظروف الأمنية الخطيرة التي تمر بهاالبلاد، وبتاريخ 12/9/2013 أصدر رئيس الجمهورية القرار المطعون فيه رقم 587 لسنة2013 والذي أشار في ديباجته إلي استمرار الظروف الأمنية الخطيرة التي تمر بهاالبلاد كما أشار إلي موافقة مجلس الوزراء وقرر مد حالة الطوارئ المعلنة بموجب قراررئيس الجمهورية رقم 532 لسنة 2013 في جميع أنحاء الجمهورية لمدة شهرين اعتباراً من الساعة الرابعة عصر يوم 12/9/2013.
ومن حيث إن البادي من ظاهر الأوراق أن القرار المطعون فيه صدر من رئيسالجمهورية بوصفه السلطة المختصة بإعلان حالة الطوارئ وبمدها وذلك بعد موافقة مجلسالوزراء، وقد تحققت حالة من الحالات المنصوص عليها في المادة (1) من القانون بشأنحالة الطوارئ الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 162 لسنة 1958 وهي حدوثاضطرابات داخل البلاد، وقد ترتب عليها تعريض الأمن والنظام العام في أراضيالجمهورية للخطر، وتمثلت في أعمال إرهاب ضد المواطنين ودور العبادة، واقتحاملأقسام الشرطة، وحرق لمرافق الدولة، وشن هجمات إرهابية على القوات المسلحة لأولمرة في تاريخها من داخل الأراضي المصرية، وقد استمرت الحالة المشار إليها قائمةعند صدور القرار المطعون فيه بمد حالة الطوارئ، وتقيد القرار المطعون فيه بالمدةالدستورية التي يجوز لرئيس الجمهورية أن يعلن خلالها حالة الطوارئ ، فلم تتجاوزمدة حالة الطوارئ التي شملها القرار المطعون فيه بالمد مدة ثلاثة شهور من تاريخبدء إعلانها، وحدد القرار المطعون فيه نطاق تطبيق حالة الطوارئ بأنحاء الجمهوريةكافة ومن ثم فإن القرار المطعون فيه – بحسب ظاهر الأوراق – قد صدر سليماً ومتفقاًوحكم المادة (27) من الإعلان الدستوري وأحكام القانون في شأن حالة الطوارئ المشارإليها، الأمر الذي ينتفي معه ركن الجدية اللازم للحكم بوقف تنفيذه، ويتعين الحكمبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه بغير حاجة إلي التعرض إلي ركن الاستعجال،ودون إغفال لحقيقة أن حالة الطوارئ مازالت قائمة ساعة النطق بهذا الحكم والمحددةفي محضر الجلسة، وإنها سترفع بقوة الدستور في تمام الساعة الرابعة من مساء هذااليوم الموافق 12/11/2013.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم المصاريف طبقاً لنص المادة 184 من قانونالمرافعات.
فلهــذهالأسبــاب
حكمت المحكمة: أولاً: برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى، وباختصاصها.
ثانياً: بقبول الدعوى شكلاً،وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت المدعيين مصاريف هذا الطلب، وأمرتبإحالة الدعوى إلي هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في الموضوع.
سكرتيرالمحكمة رئيس المحكمة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق