الصفحات

الثلاثاء، 3 سبتمبر 2013

الطعن 7549 لسنة 69 ق جلسة 18 /10/ 2001 مكتب فني 52 ق 140 ص 738

جلسة 18 من أكتوبر سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ صلاح البرجى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ وفيق الدهشان، نير عثمان، محمود مسعود شرف ود. صلاح البرعي نواب رئيس المحكمة.

--------------------

(140)
الطعن رقم 7549 لسنة 69 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب".
عدم تقديم الطاعن أسباباً لطعنه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(2)
حكم "بياناته" "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
صياغة الأحكام. لم يرسم لها القانون شكلاً خاصاً.
 (3)
إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفر". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إفراغ التسجيلات الصوتية في محاضر كانت معروضة على بساط البحث في الجلسة في حضور الطاعنين والمدافعين اللذين لم يطلبوا شيئاً بشأنها. النعي على المحكمة مصادرة حقهم في الدفاع. غير مقبول.
(4)
تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". نيابة عامة.
عدم اشتراط شكلاً معيناً لإذن التفتيش. خلو الإذن بالتفتيش من صفة مصدره كقاضي للتحقيق لا ينال من صحته. ما دام أنه يستمدها من القانون ذاته وأن المحكمة أفصحت عن هذه الصفة. أساس ذلك؟
(5)
تفتيش "إذن التفتيش. إصداره. بياناته". استدلالات. نيابة عامة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش. موضوعي.
مثال لرد سائغ على الدفع بعدم جدية التحريات وتجهيل إذني النيابة العامة
.
 (6)
تفتيش "إذن التفتيش. تنفيذه". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع ببطلان إذني النيابة لصدورهما عن جريمة مستقبلة.
(7)
رشوة. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
جريمة الرشوة. لا يشترط فيها أن يكون الموظف مختصاً بجميع العمل المتصل بالرشوة. كفاية أن يكون له نصيب من الاختصاص يسمح بتنفيذ الغرض منها.
(8)
رشوة. جريمة "أركانها". موظفون عموميون. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
جريمة الرشوة. تحققها: بمجرد طلب الموظف الجعل أو أخذه أو قبله لأداء عمل من أعمال الوظيفة حتى ولو خرج العمل عن دائرة وظيفته. ما دام قد اعتقد خطأ أو زعم أنه من أعمال الوظيفة.
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع بعدم اختصاص الطاعنين بالعمل في جريمة رشوة
.
 (9)
إجراءات "إجراءات التحقيق". رقابة إدارية. استدلالات. رشوة. نيابة عامة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وجوب اصطحاب كاتب لتدوين التحقيق. تخلف هذا الشرط. أثره: تحول المحضر الذي يحرره عضو الرقابة الإدارية المنتدب للتحقيق من النيابة العامة إلى محضر جمع استدلالات.
الأصل في المحاكمات الجنائية باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه. حق القاضي في تكوين عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها ما لم يقيده القانون بدليل معين. مؤدى ذلك؟

 (10)
إجراءات "إجراءات التحقيق". "إجراءات المحاكمة". نيابة عامة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على النيابة قعودها عن سماع التسجيلات. تعييب للإجراءات السابقة على المحاكمة. لا تقبل إثارته أمام النقض.
(11)
إثبات "بوجه عام". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الخطأ في الإسناد. لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة.
(12)
إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(13)
إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بأقوال شاهد؟

(14)
إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره. لا يعيب الحكم. ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي حق محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة. غير جائز أمام النقض
.
 (15)
رشوة. جريمة "الجريمة المستحيلة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الجريمة المستحيلة هي التي لم يكن في الإمكان تحققها مطلقاً كأن تكون الوسيلة التي استخدمت في ارتكابها غير صالحة البتة لتحقيق الغرض الذي يقصده الفاعل.
(16)
رشوة. جريمة "أركانها". موظفون عموميون. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
جريمة طلب الرشوة. لا يؤثر في قيامها. أن تكون قد وقعت نتيجة تدبير لضبطها.
 (17)
إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير آراء الخبراء. موضوعي. الرد على ما يوجه إليها من مطاعن عند الأخذ بها غير لازم. أساس ذلك؟.
الجدل الموضوعي. غير جائز أمام النقض
.
 (18)
تزوير "الطعن بالتزوير". دعوى جنائية "نظرها والحكم فيها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها.
الطعن بالتزوير في ورقة من أوراق الدعوى من وسائل الدفاع التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع. أساس ذلك؟
 (19)
إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض أسباب الطعن. ما لا يقبل منها" "المصلحة في الطعن".
عدم قبول أوجه الطعن إلا ما كان متصلاً بشخص الطاعن.
تجريح أدلة الدعوى ومناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان المحكمة. غير جائز أمام النقض
.
 (20)
إثبات "اعتراف". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم اتخاذ الحكم من اعتراف الطاعن الثاني أو سواه دليلاً على ثبوت الاتهام. النعي عليه في هذا الشأن. غير مقبول.
(21)
محكمة الجنايات "نظرها الدعوى والحكم فيها". وصف التهمة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". رشوة.
النعي بشأن وصف التهمة لأول مرة أمام النقض. غير جائز.
الجدل الموضوعي في حق محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة من مصادرها المتاحة في الأوراق وتقدير الأدلة القائمة في الدعوى. غير جائز أمام النقض
.
(22)
إثبات "بوجه عام". دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بتلفيق التهمة. موضوعي لا يستأهل رداً صريحاً. استفادة الرد من الأدلة التي عولت عليها المحكمة بما يفيد إطراحه.
 (23)
دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
عدم التزام المحكمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي. اطمئنانها إلى الأدلة التي عول عليها. يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.

---------------
1 - من حيث إن المحكوم عليه وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه مما يتعين معه القضاء بعدم قبول طعنه شكلاً، عملاً بحكم المادة 43 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
2 - لما كان ما أثبته الحكم كافياً لتفهم واقعة الدعوى وظروفها حسبما تبينتها المحكمة وتتوافر به كافة الأركان القانونية للجريمة المسندة إلى كل من الطاعنين فإن ذلك يحقق حكم القانون إذ لم يرسم القانون شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة وأورد مؤدى الأدلة التي استخلص منها الإدانة فإنه ينحسر عن الحكم قالة القصور في التسبيب
3 - لما كان ما ورد بالتسجيلات الصوتية المشار إليها في أسباب الطعن قد جرى تفريغه في محاضر كانت معروضة على بساط البحث في الجلسة في حضور الطاعنين والمدافعين عنهم الذين لم يطلب أياً منهم الاستماع إلى تلك التسجيلات ولم يبد ثمة مطعن عليها فليس لهم من بعد أن ينعوا على المحكمة استماعها إليها أو الادعاء بأنها بهذا الاستماع في فترة حجز الدعوى للحكم صادرت حقهم في الدفاع ويكون ما يثيرونه في هذا الصدد غير معقول.
4 - لما كان القانون لا يشترط شكلاً معيناً لإذن التفتيش فلا ينال من صحته خلوه من بيان صفة مصدره كقاض للتحقيق طالما أن مصدر الإذن يستمد صفته من ذات القانون ومن ثم فلا حاجة لإفصاحه عنها وأن المحكمة أفصحت في حكمها أن من أصدره كان مختصاً بذلك.
5 - لما كانت المحكمة ردت برد سائغ على ما أثير من أن إذني النيابة صدرا مجهلين غير محددين بقولها "إنهما قد صدرا محددين بأسماء المتهمين ولضبط جريمة رشوة تامة قامت أدلة مرجحة على اقتراف المتهمين لها وفي نطاق زمني محدد هو شهر من تاريخ الصدور وفي دائرة البحر الأحمر" كما ردت على الدفع بعدم جدية التحريات وأطرحته بقولها: "الثابت من محضري التحريات المؤرخين 19، 27/ 5/ 1998 أنهما قد احتويا على بيانات ومعلومات محددة بالوقائع المجرمة وأشخاص المجرمين عن جريمة وقعت بالفعل وهي جناية طلب الرشوة من المتهمين الأول والثاني وبوساطة الثالثة والرابع، ومن ثم كان اطمئنان سلطة التحقيق إليهما وإلى كفايتهما لإصدار الإذنين المؤرخين 27/ 5، 8/ 6/ 1998 له ما يسانده من الواقع والقانون، وتقرها المحكمة عليها، وتشاطرها ذلك الاطمئنان وهو رد كاف وسائغ لما هو مقرر من أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع.
6 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان إذني النيابة لصدورهما عن جريمة مستقبلة ورد برد صائب بقوله مجرد طلب الرشوة من الموظف جريمة تامة وتتوافر به أركان الجريمة وأن الإجراءات التالية بما فيها إذن التفتيش تهدف إلى القبض على المجرمين أثناء تسلمهم الرشوة وهي واقعة لاحقة لطلب الرشوة الذي وقعت به الجريمة التامة، كما أن عبارة - وضبط ما قد يسفر عن واقعة الرشوة - بالإذن المؤرخ 8/ 6/ 1998 فمن المقرر أن استعمال تلك العبارة في إصدار الإذن لا ينصرف إلى احتمال وقوع الجريمة أو عدم وقوعها قبل صدوره وإنما ينصرف إلى نتيجة الضبط والتفتيش وهي دائماً احتمالية، ومن ثم فإن ما أورده الحكم في شأن صحة الإذنين الصادرين من نيابة أمن الدولة بالتسجيلات وبالضبط والتفتيش سائغ ويستقيم به الرد الكافي على كافة ما أثير من الطاعنين في هذا الشأن وتكون أوجه النعي المثارة في هذا الصدد لا محل لها.
7 - لا يشترط في جريمة الرشوة أن تكون الأعمال التي يطلب من الموظف أو من في حكمه أداؤها داخلة في نطاق الوظيفة مباشرة، بل يكفي أن يكون له نصيب فيما يسمح بتنفيذ الغرض منها.
8 - كما أنه من المقرر أن جريمة الرشوة تتحقق في جانب الموظف ومن في حكمه متى قبل أو طلب أو أخذ وعداً أو عطية لأداء عمل من أعمال الوظيفة كما تتحقق أيضاً ولو خرج العمل عن دائرة الوظيفة بشرط أن يعتقد الموظف خطأ أنه من أعمال الوظيفة أو يزعم ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أخذ بهذا النظر ورد على ما دافع به الطاعنان الأول والثاني بأنه لا اختصاص لهما في عملية تخصيص الأرض وأطرحه في قوله "الثابت من الأوراق أن المتهمين الأول والثاني بصفتهما عضوي المجلس الشعبي المحلي لمدينة........ الذي له حق الرقابة والإشراف على التصرف في الأراضي المملوكة للدولة في نطاق المدينة التابعين لها أنهما طلبا من الشاهد الأول مبلغ خمسين ألف جنيه في مقابل عدم إثارة وانتقاد قرار التخصيص موضوع الدعوى ولما لم يمتثل لذلك سارعا بتقديم طلب إحاطة بجلسة المجلس المحلي المؤرخ 6/ 5/ 1998 على لسان المتهم الثاني الذي انتقد القرار وانتهى المجلس إلى إصدار توصية إلى المحافظة لرفع سعر المتر من أرض المثلث السياحي موضوع القضية الأمر الذي ترى معه أن المتهمين الأول والثاني لهما نصيب من الاختصاص في عملية تخصيص الأرض وإتمام أو عرقلة إجراءاتها بما للمجلس الشعبي من حق الرقابة والإشراف عليها حتى ولو كانا لا ينتويان القيام بأي عمل أو كانا لا يستطيعان القيام به لمخالفته للقانون. وهو من الحكم رد كاف وصائب ويتفق وصحيح القانون ويكون المنعى عليه في هذا المقام غير قويم.
9 - لما كان القانون يشترط لإجراء التحقيق من السلطة التي تباشره استصحاب كاتب لتدوينه، فإذا كانت المحاضر التي حررها عضو الرقابة الإدارية بانتداب من النيابة العامة - ينقصها هذا الشرط لاعتبار ما يجريه تحقيقاً - إلا أن هذه المحاضر لا تعتبر باطلة ولا تفقد كل قيمة لها في الاستدلال بل يؤول أمرها إلى اعتبارها محاضر جمع استدلالات وهو ما أفصحت عنه المحكمة وعن اطمئنانها إلى محاضر الرقابة الإدارية ولما كان الأصل في المحاكمات الجنائية هي اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، فإنه لا محل للنعي على الحكم تعويله على محاضر الرقابة الإدارية لضبط الواقعة - ندباً من النيابة - بدعوى بطلانها لعدم تحريرها بمعرفة كاتب.
10 - لما كان النعي بقعود النيابة العامة عن سماع التسجيلات لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات التي جرت في المرحلة السابقة على المحاكمة فلا يقبل إثارته أمام محكمة النقض.
11 - لا يعيب الحكم خطؤه في الإسناد ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة وكان خطأ الحكم في تحصيله من التسجيلات بأنه قد تحدد الزمان والمكان وما حصله من أقوال الشاهد المبلغ من أن المتهمة الثالثة اتصلت به بعد صدور التوصية - فإنه بفرض وقوع الحكم في هذا الخطأ - فإنه ورد بشأن ما ليس له أثر في عقيدة المحكمة ولا في منطق الحكم أو في النتيجة التي انتهى إليها ومن ثم لا يصح النعي على الحكم بقالة الخطأ في الإسناد أو مخالفة الثابت في الأوراق ويكون النعي عليه في هذا الشأن غير صائب.
12 - لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق.
13 - لما كان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
14 - من المقرر أن تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه - ولما كانت المحكمة في الدعوى المطروحة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة، واستخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه فإن ما يثيره الطاعنون من منازعة في صورة الواقعة بدعوى عدم صدق الشهود وتناقضهم في أقوالهم ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وفي حق محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
15 - لما كانت الجريمة لا تعد مستحيلة إلا إذا لم يكن في الإمكان تحققها مطلقاً كأن تكون الوسيلة التي استخدمت في ارتكابها غير صالحة البتة لتحقيق الغرض الذي يقصده الفاعل وهو ما يغاير الحال في الدعوى الحالية. حيث كانت الوسيلة صالحة بطبيعتها لتحقق الجريمة ومن ثم فإن القول باستحالة وقوعها لا يكون له محل.
16 - لما كان لا يؤثر في قيام جريمة الرشوة أن تكون قد وقعت نتيجة تدبير لضبطها فإنه لا على المحكمة إن هي التفتت عما أثير في هذا الشأن لكونه ظاهر البطلان.
17 - لما كان تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل، وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة لتقارير الخبراء ما دامت قد أخذت بما جاء بها لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليها، فيكون هذا النعي بدوره جدلاً موضوعياً لا شأن لمحكمة النقض به.
18 - لما كان الطعن بالتزوير على ورقة من الأوراق المقدمة في الدعوى هو من وسائل الدفاع التي تخضع لتقدير المحكمة فيجوز لها ألا تحقق بنفسها الطعن بالتزوير وألا تحيله للنيابة العامة لتحقيقه وألا توقف الفصل في الدعوى الأصلية إذا ما قدرت أن الطعن غير جدي وأن الدلائل عليه واهية ولأن الأصل أن المحكمة لها كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث ومن ثم فإن النعي على الحكم تسانده إلى ما ورد بمحضر الضبط رغم الطعن عليه بالتزوير يكون غير سديد.
19 - لما كان القول بأن ما حصلت عليه الطاعنة الثالثة كان مقابل شرط جزائي وأن الحكم التفت عن هذا الدفاع، مردوداً بأن ما يثير الطاعن الأول في هذا الشأن غير مقبول. لما هو مقرر من أنه لا يقبل من أوجه الطعن إلا ما كان متصلاً بشخص الطاعن، كما أن ما يثيره الطاعنة الثالثة في هذا الصدد لا يعدو أن يكون محاولة منها لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح، فلا على المحكمة إن هي التفتت عنه، ولا تقبل إثارته لدى محكمة النقض.
20 - لما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه استند في قضائه بالإدانة إلى أقوال شهود الإثبات وما ثبت من تقرير خبير الأصوات عن مضاهاة بصمة الأصوات المسجلة على شرائط الكاسيت على بصمة أصوات الطاعنين، ومما استمعت إليه المحكمة من محتوى الشرائط المسجلة ومن الاطلاع على محضر المجلس الشعبي المحلي....... المؤرخ....... ومن ثم لم تتخذ من اعتراف الطاعن الثاني أو سواه دليلاً على ثبوت الاتهام، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون مقترناً بالصواب.
21 - لما كان الدفاع لم يثر شيئاً بخصوص وصف التهمة أمام محكمة الموضوع فلا يجوز إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض فضلاً عن أن هذا القول لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في حق محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة من مصادرها المتاحة في الأوراق وتقدير الأدلة القائمة في الدعوى وفقاً لما تراه وهي أمور لا تجوز مصادرتها فيها لدى محكمة النقض.
22 - لما كان الدفع بتلفيق التهمة أو عدم ارتكابها هو من قبيل الدفوع الموضوعية التي لا تستأهل رداً صريحاً بل يكفي أن يكون الرد عليه مستفاداً من الأدلة التي عولت عليها المحكمة بما يفيد إطراحها له. فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون مقبولاً.
23 - لما كان باقي المثار في أسباب الطعن لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً، لا على المحكمة إن هي لم تتعقبه في كل جزئية منه إذ أن اطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها، فإنه لا يقبل من الطاعنين إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم أولاً: - المتهمان الأول والثاني: بصفتهما "في حكم الموظف العام" طلبا لنفسيهما وأخذ الأول رشوة للإخلال بمقتضى واجبهما الوظيفي بأن طلبا من....... مبلغ مائة وخمسة وخمسين ألفاً وستمائة جنيه على سبيل الرشوة بواسطة المتهمين الثالث والرابع أخذ منه الأول مبلغ خمسين ألف جنيه مقابل الامتناع عن إصدار توصية من مجلس محلي مدينة....... برفع سعر الأرض المخصصة........ من محافظة البحر الأحمر على النحو المبين بالتحقيقات. ثانياً: - المتهمان الثالث والرابع: - توسطاً في جريمة الرشوة موضوع الاتهام الأول على النحو المبين بالتحقيقات.
وأحالتهم إلى محكمة أمن الدولة العليا بـ....... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 103، 104، 107 مكرراً، 111/ 2 مكرراً من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وغرامة قدرها خمسون ألف جنيه وعزل المتهمين الأول والثاني من وظيفتهما النيابية.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن المحكوم عليه الرابع وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يودع أسباب لطعنه مما يتعين معه القضاء بعدم قبول طعنه شكلاً عملاً بحكم المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
ومن حيث إن طعن المحكوم عليهم الأول والثاني والثالث استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان أولهم وثانيهم بجريمة طلب وأخذ رشوة وثالثهم بالتوسط قد شابه البطلان والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد والإخلال بحق الدفاع ذلك بأنه لم يبين الواقعة المستوجبة للعقوبة ولم يورد مؤدى أدلة الإدانة، وعول في قضائه بالإدانة على التسجيلات الصوتية التي استمعت إليها المحكمة في خلال فترة حجز الدعوى للحكم رغم أنها لم تكن معروضة على بساط البحث في الجلسة ولم تعرض على الدفاع كي يتمكن من مناقشة ما ورد فيها، ورد الحكم برد غير سائغ على الدفع ببطلان الإذنين الصادرين من النيابة العامة بإجراء التسجيلات والقبض والتفتيش لخلوها من بيان صفة مصدرها كقاضي للتحقيق. وكونهما مجهلين غير محددين، وابتناؤهما على تحريات غير جدية، وصدورهما عن جريمة مستقبلة، ورد الحكم برد قاصر على دفاع الطاعنين الأول والثاني بأنه لا اختصاص لهما في عملية تخصيص الأرض، وعول الحكم في قضائه على محاضر الرقابة الإدارية لضبط الواقعة بندب من النيابة رغم بطلانها لعدم تحريرها بمعرفة كاتب، كما قعدت النيابة عن سماع التسجيلات فضلاً عن أن الحكم خالف الثابت في الأوراق في تحصيله من التسجيلات بأنه قد تحدد الزمان والمكان وفي تحصيله من أقوال الشاهد المبلغ من أن المتهمة الثالثة اتصلت به بعد صدور التوصية، واعتنق تصوير شهود الإثبات للواقعة رغم عدم صدقهم وتناقضهم في أقوالهم، وأثار الدفاع أن الجريمة مستحيلة وأنها تحريضية وأن الخبير الذي قدم تقريره عبث بالتسجيلات بيد أن الحكم لم يعرض لكل ذلك إيراداً ورداً، كما أن الحكم تساند إلى ما ورد بمحضر الضبط رغم الطعن عليه بالتزوير، كما تساند الحكم إلى اعتراف الطاعن الثاني رغم عدم صدوره منه ولم تخلع المحكمة على الواقعة الوصف الصحيح لها إذ أنها - إن صحت - لا تعدو أن تكون مجرد جريمة نصب وأخيراً فإن الحكم لم يعرض إيراداً ورداً للدفع بتلفيق الاتهام، وكل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه "أنه في غضون الفترة من شهر نوفمبر سنة 1997 وحتى 9/ 6/ 1998 سولت نفس كل من المتهمين....... و....... لهما الإتجار في وظيفتهما النيابية المحلية وخيانة الثقة التي منحها إياهما أهالي دائرة مركز ومدينة....... فبدلاً من توجيه نشاطهما في خدمة مصالح مواطنيهما كعضوين في المجلس الشعبي المحلي لمركز....... راحا يعبثان في الأرض فساداً، فقد علما بحكم عملهما الوظيفي الرسمي بمجلس مدينة...... بموافقة محافظة البحر الأحمر بالغردقة على بيع أرض المثلث السياحي بمدخل مدينة........ للمدعو....... صاحب ورئيس مجلس إدارة شركة........ ومساحتها 155 ألف "مائة وخمسة وخمسون ألف متر مربع" لإقامة مدينة ترفيهية متكاملة لخدمة المنطقة سياحياً فتوجها إليه أكثر من مرة وطلبا منه لنفسيهما مبلغ خمسين ألفاً من الجنيهات في مقابل عدم إثارتهما موضوع تخصيص أرض المثلث السياحي موضوع القضية بجلسات المجلس الشعبي المحلي لمركز...... والمطالبة برفع سعر المتر سواء قبل موافقة المحافظة على التخصيص أو بعد الموافقة ولما لم يستجب لطلبهما طلبا من المتهمة الثالثة........ الصحفية بمجلة الإخاء العربي والتي تربطها بهما وبالمدعو....... علاقة سابقة والمقيمة بقرية....... أن تتوسط لدى الأخير لإتمام تلك الصفقة الشيطانية والتي ما أن علمت بها حتى آلت على نفسها إلا أن تنجزها بما عرف عنها من نشاط وحركة فأجرت مع المستثمر....... عدة اتصالات تليفونية...... ومقابلات شخصية حضر إحداها المتهم الرابع....... نائباً عن المتهمين الأول والثاني في التفاوض على الصفقة المحرمة وطلبت منه دفع مبلغ الخمسين ألف جنيه حتى يوم 4/ 5/ 1998 قبل جلسة المجلس الشعبي المحلي لمدينة...... المزمع إثارة موضوع أرض المثلث فيها وإذ لم يتم دفع المبلغ فقد أثار المتهم الثاني الموضوع بجلسة المجلس الشعبي المحلي لمدينة....... مطالباً المحافظة بإعادة تنمية أرض المثلث السياحي ورفع سعر المتر وعندما استشعر المجني عليه الخطر على مصالحه وازدادت عليه ضغوط المتهمين فقد أبلغ السلطات العامة بالجريمة واختار جهاز الرقابة الإدارية وهي المنوط بها تعقب هذا النوع من الجرائم لما يتوافر لديها من إمكانيات مادية وفنية تمكنها من المراقبة فكلفته بمجاراة المجرمين في جرمهم وقامت بتسجيل شريطي كاسيت لمحادثتين تليفونيتين بين المتهمة الثالثة والمبلغ يومي السابع والثامن من شهر يونيه سنة 1998 بعد استئذان النيابة العامة، كما جهزته يوم 9/ 6/ 1998 بأجهزة فنية بملابسة الداخلية لتسجيل المقابلة المحددة للتسليم بعد أن أمدته بالمبلغ المطلوب وقدره خمسون ألف جنيه بعد أن ناظرته النيابة العامة وفي صباح يوم 9/ 6/ 1998 تم القبض على المتهمين الأول والثالثة والرابع بداخل سيارة المبلغ على ربوة بمدينة...... لدى منازعتهم في كيفية اقتسام المبلغ المدفوع بمعرفة الشاهد الأول المبلغ. وأورد الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعنين أدلة استمدها من أقوال....... - المبلغ - ...... عضو الرقابة الإدارية محرر محضر الضبط والقائم به ومما ثبت في تقرير خبير الأصوات....... عن مضاهاة بصمة الأصوات المسجلة على شرائط الكاسيت على بصمة أصوات المتهمين ومما استمعت إليه المحكمة من محتوى الشرائط المسجلة في 7، 8، 9/ 6/ 1998 ومما ثبت من الاطلاع على الصورة الرسمية لمحضر جلسة المجلس الشعبي المحلي........ في يوم...... وهي أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان ما أثبته الحكم كافياً لتفهم واقعة الدعوى وظروفها حسبما تبينتها المحكمة وتتوافر به كافة الأركان القانونية للجريمة المسندة إلى كل من الطاعنين، فإن ذلك يحقق حكم القانون إذ لم يرسم القانون شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة وأورد مؤدى الأدلة التي استخلص منها الإدانة، فإنه ينحسر عن الحكم قالة القصور في التسبيب. لما كان ذلك، وكان ما ورد بالتسجيلات الصوتية المشار إليها في أسباب الطعن قد جرى تفريغه في محاضر كانت معروضة على بساط البحث في الجلسة في حضور الطاعنين والمدافعين عنهم الذين لم يطلب أياً منهم الاستماع إلى تلك التسجيلات ولم يبد ثمة مطعن عليها فليس لهم من بعد أن ينعوا على المحكمة استماعها إليها أو الادعاء بأنها بهذا الاستماع في فترة حجز الدعوى للحكم صادرت حقهم في الدفاع، ويكون ما يثيرونه في هذا الصدد غير مقبول. لما كان ذلك، وكانت الفقرة الثانية من المادة السابعة من القانون رقم 105 لسنة 1980 بإنشاء محاكم أمن الدولة قد نصت على أن "يكون للنيابة العامة - بالإضافة إلى الاختصاصات المقررة لها - سلطات قاضي التحقيق في تحقيق الجنايات التي تختص بها محكمة أمن الدولة العليا" وكانت المادة رقم 95 من قانون الإجراءات الجنائية قد خولت قاضي التحقيق "أن يأمر بمراقبة المحادثات السلكية واللاسلكية أو إجراء تسجيلات لأحاديث جرت في مكان خاص متى كان لذلك فائدة في ظهور الحقيقة في جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر" وكان القانون لا يشترط شكلاً معيناً لإذن التفتيش فلا ينال من صحته خلوه من بيان صفة مصدره كقاضي للتحقيق طالما أن مصدر الإذن يستمد صفته من ذات القانون ومن ثم فلا حاجة لإفصاحه عنها وأن المحكمة أفصحت في حكمها أن من أصدره كان مختصاً بذلك، كما أن المحكمة ردت برد سائغ على ما أثير من أن إذني النيابة صدرا مجهلين غير محددين بقولها "إنهما قد صدرا محددين بأسماء المتهمين ولضبط جريمة رشوة تامة قامت أدلة مرجحة على اقتراف المتهمين لها وفي نطاق زمني محدد هو شهر من تاريخ الصدور وفي دائرة البحر الأحمر" كما ردت على الدفع بعدم جدية التحريات وأطرحت بقولها: "الثابت من محضري التحريات المؤرخين 19، 27/ 5/ 1998 أنهما قد احتويا على بيانات ومعلومات محددة بالوقائع المجرمة وأشخاص المجرمين عن جريمة وقعت بالفعل وهي جناية طلب الرشوة من المتهمين الأول والثاني وبوساطة الثالثة والرابع ومن ثم كان اطمئنان سلطة التحقيق إليهما وإلى كفايتهما لإصدار الإذنين المؤرخين 27/ 5، 8/ 6/ 1968 له ما يسانده من الواقع والقانون، وتقرها المحكمة عليها، وتشاطرها ذلك الاطمئنان وهو رد كاف وسائغ لما هو مقرر من أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان إذني النيابة لصدورهما عن جريمة مستقبلة ورد برد صائب بقوله مجرد طلب الرشوة من الموظف جريمة تامة وتتوافر به أركان الجريمة وأن الإجراءات التالية بما فيها إذن التفتيش تهدف إلى القبض على المجرمين أثناء تسلمهم الرشوة وهي واقعة لاحقة لطلب الرشوة الذي وقعت به الجريمة التامة، كما أن عبارة - وضبط ما قد يسفر عن واقعة الرشوة - بالإذن المؤرخ 8/ 6/ 1998 فمن المقرر أن استعمال تلك العبارة في إصدار الإذن لا ينصرف إلى احتمال وقوع الجريمة أو عدم وقوعها قبل صدوره وإنما ينصرف إلى نتيجة الضبط والتفتيش وهي دائماً احتمالية ومن ثم فإن ما أورده الحكم في شأن صحة الإذنين الصادرين من نيابة أمن الدولة بالتسجيلات وبالضبط والتفتيش سائغ ويستقيم به الرد الكافي على كافة ما أثير من الطاعنين في هذا الشأن وتكون أوجه النعي المثارة في هذا الصدد لا محل لها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يشترط في جريمة الرشوة أن تكون الأعمال التي يطلب من الموظف أو من في حكمه أداؤها داخلة في نطاق الوظيفة مباشرة، بل يكفي أن يكون له نصيب فيما يسمح بتنفيذ الغرض منها، كما أنه من المقرر أن جريمة الرشوة تتحقق في جانب الموظف ومن في حكمه متى قبل أو طلب أو أخذ وعداً أو عطية لأداء عمل من أعمال الوظيفة كما تتحقق أيضاً ولو خرج العمل عن دائرة الوظيفة بشرط أن يعتقد الموظف خطأ أنه من أعمال الوظيفة أو يزعم ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أخذ بهذا النظر ورد على ما دافع به الطاعنان الأول والثاني بأنه لا اختصاص لهما في عملية تخصيص الأرض وأطرحه في قوله "الثابت من الأوراق أن المتهمين الأول والثاني بصفتهما عضوي المجلس الشعبي المحلي لمدينة سفاجا الذي له حق الرقابة والإشراف على التصرف في الأراضي المملوكة للدولة في نطاق المدينة التابعين لها أنهما طلبا من الشاهد الأول مبلغ خمسين ألف جنيه في مقابل عدم إثارة وانتقاد قرار التخصيص موضوع الدعوى ولما لم يمتثل لذلك سارعا بتقديم طلب إحاطة بجلسة المجلس المحلي المؤرخ 6/ 5/ 1998 على لسان المتهم الثاني الذي انتقد القرار وانتهى المجلس إلى إصدار توصية إلى المحافظة لرفع سعر المتر من أرض المثلث السياحي موضوع القضية الأمر الذي ترى معه أن المتهمين الأول والثاني لهما نصيب من الاختصاص في عملية تخصيص الأرض وإتمام أو عرقلة إجراءاتها بما للمجلس الشعبي من حق الرقابة والإشراف عليها حتى ولو كانا لا ينتويان القيام بأي عمل أو كانا لا يستطيعان القيام به لمخالفته للقانون. وهو من الحكم رد كاف وصائب ويتفق وصحيح القانون ويكون المنعى عليه في هذا المقام غير قويم. لما كان ذلك، وكان القانون يشترط لإجراء التحقيق من السلطة التي تباشره استصحاب كاتب لتدوينه، فإذا كانت المحاضر التي حررها عضو الرقابة الإدارية بانتداب من النيابة العامة - ينقصها هذا الشرط لاعتبار ما يجريه تحقيقاً - إلا أن هذه المحاضر لا تعتبر باطلة ولا تفقد كل قيمة لها في الاستدلال بل يؤول أمرها إلى اعتبارها محاضر جمع استدلالات وهو ما أفصحت عنه المحكمة وعن اطمئنانها إلى محاضر الرقابة الإدارية ولما كان الأصل في المحاكمات الجنائية هي اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، فإنه لا محل للنعي على الحكم تعويله على محاضر الرقابة الإدارية لضبط الواقعة - ندباً من النيابة - بدعوى بطلانها لعدم تحريرها بمعرفة كاتب. لما كان ذلك، وكان النعي بقعود النيابة العامة عن سماع التسجيلات لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات التي جرت في المرحلة السابقة على المحاكمة فلا يقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان لا يعيب الحكم خطؤه في الإسناد ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة وكان خطأ الحكم في تحصيله من التسجيلات بأنه قد تحدد الزمان والمكان وما حصله من أقوال الشاهد المبلغ من أن المتهمة الثالثة اتصلت به بعد صدور التوصية - فإنه بفرض وقوع الحكم في هذا الخطأ - فإنه ورد بشأن ما ليس له أثر في عقيدة المحكمة ولا في منطق الحكم أو في النتيجة التي انتهى إليها ومن ثم لا يصح النعي على الحكم بقالة الخطأ في الإسناد أو مخالفة الثابت في الأوراق ويكون النعي عليه في هذا الشأن غير صائب. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق. وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان من المقرر أن تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه ولما كانت المحكمة في الدعوى المطروحة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة، واستخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه فإن ما يثيره الطاعنون من منازعة في صورة الواقعة بدعوى عدم صدق الشهود وتناقضهم في أقوالهم ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وفي حق محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع ولا تجوز - إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الجريمة لا تعد مستحيلة إلا إذا لم يكن في الإمكان تحققها مطلقاً كأن تكون الوسيلة التي استخدمت في ارتكابها غير صالحة البتة لتحقيق الغرض الذي يقصده الفاعل وهو ما يغاير الحال في الدعوى الحالية. حيث كانت الوسيلة صالحة بطبيعتها لتحقق الجريمة ومن ثم فإن القول باستحالة وقوعها لا يكون له محل وإذ كان من المقرر أنه لا يؤثر في قيام جريمة الرشوة أن تكون قد وقعت نتيجة تدبير لضبطها فإنه لا على المحكمة إن هي التفتت عما أثير في هذا الشأن لكونه ظاهر البطلان. لما كان ذلك، وكان القول بأن الخبير عبث بالتسجيلات، مردوداً بما هو مقرر من أن الأصل أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل، وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة لتقارير الخبراء ما دامت قد أخذت بما جاء بها لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليه، فيكون هذا النعي بدوره جدلاً موضوعياً لا شأن لمحكمة النقض به. لما كان ذلك، وكان الطعن بالتزوير على ورقة من الأوراق المقدمة في الدعوى هو من وسائل الدفاع التي تخضع لتقدير المحكمة فيجوز لها ألا تحقق بنفسها الطعن بالتزوير وألا تحيله للنيابة العامة لتحقيقه وألا توقف الفصل في الدعوى الأصلية إذا ما قدرت أن الطعن غير جدي وأن الدلائل عليه واهية ولأن الأصل أن المحكمة لها كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث ومن ثم فإن النعي على الحكم تسانده إلى ما ورد بمحضر الضبط رغم الطعن عليه بالتزوير يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان القول بأن ما حصلت عليه الطاعنة الثالثة كان مقابل شرط جزائي وأن الحكم التفت عن هذا الدفاع، مردوداً بأن ما يثيره الطاعن الأول في هذا الشأن غير مقبول لما هو مقرر من أنه لا يقبل من أوجه الطعن إلا ما كان متصلاً بشخص الطاعن، كما أن ما تثيره الطاعنة الثالثة في هذا الصدد لا يعدو أن يكون محاولة منها لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح، فلا على المحكمة إن هي التفتت عنه، ولا تقبل إثارته لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه استند في قضائه بالإدانة إلى أقوال شهود الإثبات وما ثبت من تقرير خبير الأصوات عن مضاهاة بصمة الأصوات المسجلة على شرائط الكاسيت على بصمة أصوات الطاعنين، ومما استمعت إليه المحكمة من محتوى الشرائط المسجلة ومن الاطلاع على محضر المجلس الشعبي المحلي بسفاجا المؤرخ..... ومن ثم لم تتخذ من اعتراف الطاعن الثاني أو سواه دليلاً على ثبوت الاتهام، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون مقترناً بالصواب، لما كان ذلك، وكان الدفاع لم يثر شيئاً بخصوص وصف التهمة أمام محكمة الموضوع فلا يجوز إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض فضلاً عن أن هذا القول لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في حق محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة من مصادرها المتاحة في الأوراق وتقدير الأدلة القائمة في الدعوى وفقاً لما تراه وهي أمور لا تجوز مصادرتها فيها لدى محكمة النقض.
لما كان ذلك، وكان الدفع بتلفيق التهمة أو عدم ارتكابها هو من قبيل الدفوع الموضوعية التي لا تستأهل رداً صريحاً بل يكفي أن يكون الرد عليه مستفاداً من الأدلة التي عولت عليها المحكمة بما يفيد إطراحها له فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان باقي المثار في أسباب الطعن لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً، لا على المحكمة إن هي لم تتعقبه في كل جزئية منه إذ أن اطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها، فإنه لا يقبل من الطاعنين إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق