الصفحات

الأربعاء، 28 أغسطس 2013

الطعن 1866 لسنة 19 ق جلسة 9/ 1/ 1950 مكتب فني 1 ق 79 ص 238

جلسة 9 من يناير سنة 1950

برياسة سعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد فهمي إبراهيم بك وحسن الهضيبي بك وإبراهيم خليل بك ومحمد غنيم بك المستشارين.

----------------

(79)
القضية رقم 1866 سنة 19 القضائية

دفاع شرعي. 

فعل يتخوف منه الموت أو جراح بالغة. لا يلزم أن يكون خطراً حقيقياً في ذلك. يكفي أن يبدو كذلك في اعتقاد المتهم بناء على أسباب غير معقولة.
نفي قيام هذه الحالة على أساس انتفاء نية القتل لدى المجني عليه وأن المتهم لم يبدأ بإطلاقه النار في الهواء ثم في الأقدام دون بحث الظروف التي أوجدها فريق المجني عليهم بفعلهم هل كان من شأنها أن تجعله يتخوف أن يحدث منه الموت أو جراح بالغة. هذا مخالف للقانون لإيجابه على المتهم ما لم يوجبه القانون.

---------------
إن الشارع إذ نص في المادة 249 من قانون العقوبات على إباحة القتل العمد لدفع فعل يتخوف أن يحدث منه الموت أو جراح بالغة إذا كان لهذا الخوف أسباب معقولة، قد دل بذلك على أنه لا يلزم في الفعل المتخوف منه المسوغ للدفاع الشرعي بصفة عامة أن يكون خطراً حقيقياً في ذاته، بل يكفي أن يبدو كذلك في اعتقاد المتهم بشرط أن يكون هذا الاعتقاد مبنياً على أسباب معقولة. ومتى كان الأمر كذلك وكان الحكم قد بنى على تقرير أن المجني عليهما ومن معهما لم يكونوا يقصدون القتل، وأن سلاحهم كان أضعف من سلاح المتهم، واستوجب فوق ذلك ما لم يوجبه القانون من البدء بإطلاق الأعيرة النارية في الهواء ثم على الأقدام فإنه يكون قد جاء مخالفاً للقانون مما يقتضي نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلا من 1 - شعبان عبد العزيز (الطاعن) و2 - رشاد عبد العزيز و3 - عبد الحميد فولي. بأنهم، (أولا) قتلوا عمداً إبراهيم عثمان ونبوية على إبراهيم بأن أطلقوا عليهما عدة أعيرة نارية قاصدين قتلهما فأحدثوا بهما الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتهما. (ثانياً) ضربوا عمداً عبد الحميد عثمان فأحدثوا به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجه من أجلها مدة أقل من عشرين يوماً.
وطلبت من قاضي الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمادتين 234/ 1 و242/ 1 من قانون العقوبات.
فقرر إحالتهم إليها لمعاقبتهم بالمادتين المذكورتين.
ومحكمة جنايات المنيا بعد أن أتمت سماع هذه الدعوى قضت فيها حضورياً بتاريخ 30/ 10/ 1949 عملا بمادتي الاتهام مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بالنسبة للأول والمادة 50/ 2 من قانون تشكيل محاكم الجنايات للثاني والثالث بمعاقبة المتهم شعبان عبد العزيز بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وإلزامه الخ الخ.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض الخ الخ.


المحكمة

وحيث إن مما عابه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه دفع بأنه كان في حالة دفاع شرعي عن النفس والمال لأن المجني عليهم وآخرين معهم هجموا عليه ليلا وأطلق بعضهم نحوه أعيرة نارية فرد عليهم هو بإطلاق عيارين ناريين من بندقيته ولم يقصد من ذلك قتلا وإنما فعل ما فعل ليدفعهم عن نفسه لما استولى عليه من خوف أن تصيبه الأعيرة التي يطلقونها من بنادقهم ولكن المحكمة لم تقبل هذا الدفع وردت عليه ردا مخالفاً للقانون إذ تحدثت عن السلاح الذي كان يحمله المعتدون والسلاح الذي كان يحمله هو وقارنت بين قوة الأسلحة وقالت إن فريق المجني عليهم كانوا يقصدون مجرد الإرهاب ولم تتحدث عن حالة الخوف التي قامت بنفسه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد أشار إلى دفاع الطاعن ورد عليه بقوله: "وحيث إن المتهم اعترف بتهمة القتل في جميع أدوار التحقيق وظل محتفظاً ببندقيته الإيطالية حتى حضر رجال الحفظ وتسلموها منه واعترف بالظرفين اللذين وجدا بجوار كوم السباخ أنهما له ومنها ووجد معه ظروف مماثلة لم تستعمل بعد وأنكر اعتداءه على عبد الحميد عثمان وقد ادعى بلسان محاميه أنه كان في حالة دفاع شرعي وذكر أنه أحس بعبد الحميد عثمان ومعه آخرون في غيط البصل حراسته ورأى عبد الحميد وحده مائلا على البصل يقلع فيه والباقون حوله وأنه عندما تقدم إليه وضبطه أطلق الآخرون عيارات نارية عليه فتخوف وأطلق عيارين ناريين على إبراهيم ونبوية فقتلهما لأنه كان مهدداً بالقتل ولم يذكر قط أو يثبت أنه أطلق قبل ذلك أي عيار للإرهاب. وحيث إنه يؤخذ من ظروف الحادث أنه لابد قد أطلق عياران أو أكثر من البندقية الخرطوش التي رجحنا أنها ملك خصوم المتهم وكان يحملها أحدهم ولكن لم يظهر إن كان إطلاقها قبل أو بعد أن اعتدى المتهم بالقتل، وعلى كل فالثابت أن إطلاق الأعيرة من تلك البندقية إنما كان لمجرد الإرهاب ولم تحدث أي إصابة ولم يثبت أنه أطلق أكثر من عيارين منها فلم يكن المتهم وهو حامل بندقية إيطالية بعيدة المرمى في الرماية وسريعة الطلقات مع تعددها وفاتكة ومرهبة أن يكون أمام خطر محقق على حياته أو مال مخدومه بل الذي يؤخذ من ظروف الحادث أن كل ما ابتغاه المجني عليهما إنما كان تخليص عبد الحميد عثمان من أسره دون انتواء أي اعتداء فتجعل المتهم بلا مقتض وأطلق المقذوفين بمهارة في التصويت إلى مقتل من المجني عليهما دون أن يلتجئ أول الأمر إلى الإرهاب بالإطلاق في الهواء الأمر الذي لم يحدث بالرغم مما زعمه عبد الحميد عثمان من أن المتهم أطلق طلقات في الهواء ليبعد عن نفسه وأهله شبهة إطلاق أعيرة بالمرة وما كان جديراً بالمتهم أن يطلق في الهواء أولاً ثم في الإقدام على الأكثر لا في الصدر والرأس إلا لتعمده القتل لأي من كان حتى قال إنه ظن أن المرأة رجل فهو لم يعبأ وكان جريئاً بحكم تدريبه في الجيش المصري الذي أدى فيه الخدمة فلا يكون من بعد ذلك أي عذر له في التصويب بنية القتل بغير إنذار أو إرهاب أو محاولة تعطيل أو تعجيز ولو كان قد تجوز فأصاب بحسن نية لكان موقفه غير ذلك إلا أن أقواله نفسها تقطع بأنه لم يعبأ بالنتائج وقتل متعمداً دون أن يعتريه خوف أو ذعر من الموقف ودون أن يبدو ما يلجئه لهذا الاعتداء وبذا يكون الدفع في غير محله والدفاع في هذا الصدد متخاذلا لا يستند إلى حقيقة" ويبدو من ذلك أن المحكمة قد أدخلت في تقديرها حين نفت قيام حالة الدفاع الشرعي لدى الطاعن نية فريق المجني عليهم وضعف السلاح الذي أطلقوه بالنسبة إلى السلاح الذي كان يحمله الطاعن. وأخذت عليه أنه لم يبدأ بإطلاق الأعيرة في الهواء ثم في الأقدام ولم تعن ببحث ما إذا كانت الحالة التي أوجده فيها فريق المجني عليهم بفعلهم من شأنها أن تجعله يتخوف أن يحدث منه الموت أو جراح بالغة.
وحيث إن الشارع إذ نص في المادة 249 من قانون العقوبات على إباحة القتل العمد لدفع فعل يتخوف أن يحدث منه الموت أو جراح بالغة إذا كان لهذا الخوف أسباب معقولة قد دل بذلك على أنه لا يلزم في الفعل المتخوف منه المسوغ للدفاع الشرعي بصفة عامة أن يكون خطراً حقيقياً في ذاته بل يكفي أن يبدو كذلك في اعتقاد المتهم بشرط أن يكون هذا الاعتقاد مبنياً على أسباب معقولة ومتى كان الأمر كذلك وكان الحكم المطعون فيه - على ما هو واضح مما سبق - قد بنى على تقدير أن المجني عليهما ومن معهما لم يكونوا يقصدون القتل وأن سلاحهم كان أضعف من سلاح الطاعن واستوجب فوق ذلك عليه ما لم يوجبه القانون من البدء بإطلاق الأعيرة النارية في الهواء ثم على الأقدام فإنه يكون قد جاء مخالفاً للقانون مما يستوجب نقضه وذلك من غير حاجة للبحث في باقي أوجه الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق