الصفحات

الجمعة، 28 يونيو 2013

الطعون 52 و71 و72 لسنة 78 ق جلسة 16/ 5/ 2010 مكتب فني 54 هيئة عامة ق 1 ص 7

جلسة 16 من مايو سنة 2010
برئاسة السيد المستشار / عادل عبد الحميد رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين نواب رئيس المحكمة كمال محمـد محمـد نافع ، محمد ممتاز متولـى ، محمد محمد على طيطة  ، عبد العال السمان ، محمد السيد إبراهيم السعيد محمد الضهيري ، كمال محمد مراد نصيب ، عزت عبد الجواد أحمد عمران ، محمد جمال الدين محمد حسين حامد ، عـزت عبـد الله البنداري ومحمد شهاوي عبد ربه خليفة .
------------
(1)
الطعون 52 و71 و72 لسنة 78 ق " هيئة عامة"
( 1 ) قانون " سريانه من حيث الزمان " .
نشر القانون بالجريدة الرسمية . السبيل الوحيد للعلم به وحلول ميعاد بدء سريانه. م 188 من الدستور . أثره . امتناع الاعتذار بالجهل به . افتراض علم الكافة بالإجراءات التى أوجبها ذلك القانون . شرطه . عدم قيام أسباب تحول حتماً دون قيام ذلك الافتراض . مفاده . إنباء المخاطبين بمحتوى القانون . شرطه . علمهم بأحكامه . نفاذ القانون . مناطه . افتراض إعلامهم به بنشره بعد إصداره من السلطة المختصة .
( 2 ) قانون " سريانه من حيث الزمان " " الاستدراك التشريعى " .
الاستدراك التشريعي . ماهيته . تصويب الأخطاء المادية أو المطبعية التى تكتنف نشر القانون بالجريدة الرسمية لتوافر قرينة العلم بالقاعدة القانونية الصحيحة وفق ما أصدرها المشرع . الأخطاء المادية أو المطبعية التى يترتب عليها الغموض أو التجهيل أو اللبس بالنص المراد استحداثه أو تعديله وتؤثر في المركز القانوني للمخاطبين بأحكامه . عدم جواز افتراض قرينة العلم بالقاعدة القانونية المستحدثة أو المعدلة . وجوب توافر العلم بالقاعدة القانونية الصحيحة لمحاجاة الكافة بها . سريان الاستدراك بشأنها من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية وتطبيقه على التصرفات اللاحقة للنشر .
 (3) بطلان " بطلان الطعن " . نظام عام . نقض " إجراءات الطعن : إيداع الكفالة "
الطعن بالنقض . وجوب إيداع الكفالة خزانة المحكمة قبل إيداع صحيفته أو خلال الأجل المقرر له . م254 مرافعات . تخلف ذلك . أثره . بطلان الطعن . تعلق ذلك بالنظام العام .
( 4 ، 5 ) قانون " سريانه من حيث الزمان " " الاستدراك التشريعي " . نقض " إجراءات الطعن : إيداع الكفالة " .
(4) ورود خطأ مادي لدى نشر القانون 76 لسنة 2007 بالجريدة الرسمية برقم المادة 254/ 1 مرافعات ترتب عليه تجهيل ولبس بنص تلك المادة المراد تعديلها بشأن مضاعفة الكفالة إلى مثلها . صدور استدراك بتصحيح ذلك الخطأ . أثره . وجوب اعتبار نشر الاستدراك المعول عليه .
(5) ورود خطأ مادي لدى نشر القانون 76 لسنة 2007 بالجريدة الرسمية برقم المادة 254/ 1 مرافعات ترتب عليه تجهيل ولبس بالنص المراد تعديله بشأن مضاعفة الكفالة إلى مائتى وخمسين جنيهاً . إقامة الطاعنين طعونهم الراهنة قبل تاريخ نشر الاستدراك الذى أزال ذلك اللبس وإيداعهم خلال الأجل المقرر كفالة مائة خمسة وعشرين جنيهاً عن كل طعن . أثره . قبول الطعون شكلاً . علة ذلك . اعتبار نشر الاستدراك المعول عليه بشأن التعديل . وجوب الاعتداد بصحة ما سدده الطاعنون من كفالات قبل نشر الاستدراك .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
     1- إن النص فى المادة 188 من الدستور على أن " تنشر القوانين بالجريدة الرسمية خلال أسبوعين من يوم إصدارها ويعمل بها بعد شهر من اليوم التالى لتاريخ نشرها إلا إذا حددت لذلك ميعاداً آخر " يدل ـ على أن نشر القانون بالجريدة الرسمية بعد إصداره من السلطة المختصة هو الطريق الوحيد الذى رسمه الدستور ليتوافر للمخاطبين بأحكامه العلم به ولا يعذر أحد بعد ذلك بجهله به إلا أن افتراض علم الكافة بالإجراءات التى أوجبها ذلك القانون مرهون بعدم قيام أسباب تحول حتماً دون قيام هذا الافتراض ـ مما مفاده ـ أن علم المخاطبين بأحكام القانون يعتبر شرطاً لأنبائهم بمحتواه وكان نفاذه يفترض إعلامهم به من خلال نشره بالجريدة الرسمية بعد إصداره من السلطة المختصة باعتباره الطريق الوحيد الذى رسمه المشرع ليتوافر للمخاطبين بأحكامه العلم به وحلول الميعاد المحدد لبدء سريانه .
2- المقرر ـ  فى قضاء هذه المحكمة ـ أنه إذا اكتنف نشر القانون بالجريدة الرسمية أخطاء مادية أو مطبعية فإنه من المتعين التزاماً بوجوب قرينة العلم بالقاعدة القانونية الصحيحة ـ حسب ما أصدرها المشرع ـ تصويب هذه الأخطاء بنشرها بالجريدة الرسمية التزاماً بالأصل العام طالما أن هذه الأخطاء لا أثر لها فى العلم بالقاعدة القانونية الصحيحة ، وهو ما يطلق عليه اصطلاحاً " الاستدراك التشريعى " فإذا كانت هذه الأخطاء المادية أو المطبعية المنشور بشأنها الاستدراك قد ترتب عليها غموض أو تجهيل أو لبـس بالنص المراد استحداثه أو تعديله وتؤثر فى المركز القانونى للمخاطبين بأحكام القانون ، فإن قرينة العلم بالقاعدة القانونية الصحيحة المستحدثة أو المعدلة لا يمكن افتراضها ومن ثم يتعين فى هذه الحالات وجوب توافر العلم بالقاعدة القانونية الصحيحة التى أصدرها المشرع حتى يحاج بها الكافة وبالتالى فإن الاستدراك ـ استثناءاً من الأصل العام ـ لا يسرى إلا من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية ولا يطبق إلا على التصرفات اللاحقة لذلك دون تلك التى تمت فى ظل النص قبل تصويبه ونشره .
3- المقرر ـ أن المشرع أوجب بنص المادة 254 من قانون المرافعات إيداع الكفالة خزانة المحكمة قبل إيداع صحيفة الطعن أو خلال الأجل المقرر له وإلا كان الطعن باطلاً وكان لكل ذى مصلحة أن يتمسك بهذا البطلان وللمحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها لأن إجراءات الطعن من النظام العام .
4- إذ كان المشرع حال إصداره للقانون رقم 76 لسنة 2007 بمضاعفة الكفالة الواردة بنص المادة 254/ 1 مرافعات إلى مثلها ولدى نشره للقانون بالجريدة الرسمية أورد خطأ مادياً ترتب عليه تجهيل ولبس بالنص المراد تعديله عند تقريره مضاعفة الكفالة الواردة بنص المادة 354 /1 مرافعات ، مما حدا به إلى تدارك ذلك بنشره بجعله 254/1 مرافعات ، ومن ثم توافر للمخاطبين بأحكامه العلم به من ذلك التاريخ الأمر الذى يتعين معه اعتبار نشر الاستدراك بالجريدة الرسمية هو التاريخ المعول عليه . استدراكاً بالعدد رقم 27 بالجريدة الرسمية بتاريخ 3/7/2008 بتصحيح ذلك النص .
5- إذ كان الطاعنون قد أقاموا الطعون الثلاثة المطروحة بتاريخ 2/1/2008 قبل نشر الاستدراك ـ الذي أزال اللبس ( ورود خطأ مادي لدى نشره القانون رقم 76 لسنة 2007 بالجريدة الرسمية ) في خصوص رقم المادة سالفة البيان ـ  وأودعوا خلال الأجل المقرر لهم كفالة مقدارها 125 جنيه لكل طعن وهي التى يتعين عليهم إيداعها فى هذا التاريخ باعتبار أن تاريخ نشر الاستدراك فى 3/7/2008 هو المعّول عليه بشأن مضاعفة الكفالة إلى 250 جنيه،  ومن ثم يضحى ما أثير حول عدم سداد الطاعنين فيها كامل الكفالة قائماً على غير أساس ، ويتعين بالتالى الاعتداد بصحة ما سدده الطاعنون من كفالات فى الطعون الثلاثة بتاريخ 2/1/2008 قبل نشر الاستدراك التشريعى فى 3/7/2008 بشأن مضاعفة الكفالة المنصوص عليها فى المادة 254 /1 مرافعات ، وإذا استوفت هذه الطعون الثلاثة أوضاعها الشكلية المقررة فى القانون بما يوجب القضاء بقبولها شكلاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهيئـــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع ـ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ـ تتحصل فى أن الطاعن الأول فى الطعون أرقام 52 ، 71 ، 72 لسنة 78 ق أقام الدعوى رقم .لسنة 1999 مدنى شمال القاهرة الابتدائية على باقى الطاعنين والمطعون ضدهم بطلب الحكم بأحقيته فى أخذ العقار المبين بالصحيفة بالشفعة مقابل الثمن الذى تحدده المحكمة من المبلغ المودع خزانتها . وقال بياناً لذلك أنه علم أن المطعون ضدهن من الخامسة للحادية عشر بعن للمطعون ضدهن من الثانية للرابعة عقار التداعى بالعقد العرفى المؤرخ 24/11/1985 ولأنه يمتلك حصة شائعة فى العقار المجاور للعقار المشفوع فيه فقد أعلنهن برغبته فى أخذه بالشفعة وأودع الثمن خزانة المحكمة وأقام الدعوى . تمسكت المطعون ضدهن من الثانية للرابعة بأنهن بعن عقار التداعى إلى والدتهن المطعون ضدها الأولى . طعن الطاعن بصورية البيع الأخير . بتاريخ 25/10/1999 حكمت المحكمة بأحقية الطاعن فى أخذ عقار التداعى بالشفعة مقابل ثمن مقداره 180 ألف جنيه . استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئنافين رقمى 6740 ، 7225 لسنة 3 ق القاهرة ، واستأنفته المطعون ضدها الأولى بالاستئناف رقم 7537 لسنة 3ق القاهرة ، كما استأنفته المطعون ضدهن من الثانية للرابعة بالاستئناف رقم 7540 لسنة 3ق ، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافات قضت بتاريخ 24/7/2000 بأحقية الطاعن فى أخذ عقار التداعى بالشفعة مقابل ثمن مقداره 700ر170 جنيه . طعنت المطعون ضدهن من الأولى للرابعة فى هذا الحكم بطريق النقض وقيد الطعن برقم 4617 لسنة 70 ق ، وبتاريخ 7/4/2005 قضت محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة . عجلت المطعون ضدهن من الأولى للرابعة السير فى الاستئنافين رقمى 7537 ، 7540 لسنة 3 ق القاهرة ، كما أقامت الطاعنة الثانية فى الطعن رقم 71 لسنة 78ق والخصم المنضم لها الاستئناف رقم 9338 لسنـة 9 ق القاهرة . ضمت المحكمة الاستئنافات ، وبتاريخ 5/11/2007 قضت فى الاستئناف رقم 9338 لسنة 9 ق بعدم قبوله ، وفى الاستئنافين الآخرين بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً برفض الدعوى . طعن الطاعن الأول فى الطعون الثلاثة أرقـام 52 ، 71 ، 72 لسنة 78 ق ، والطاعنة الثانية والثالث والرابعة فى الطعن رقم 71 لسنة 78 ق على هذا الحكم بطريق النقض بالطعون سالفة البيان ، وقدمت النيابة ثلاثة مذكرات أبدت الرأى فيها ببطلان تلك الطعون وإذ عرضت الطعون على الدائرة فى غرفة مشورة أمرت بضمها وحددت جلسة لنظرها وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الدائرة المختصة رأت بجلستها المعقودة بتاريخ 29/8/2009 إحالة الطعون الثلاثة سالفة البيان إلى الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية للفصل فى الدفع المبدى من النيابة بشأن الكفالة عملاً بنص الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 حيث تبين لها صدور أحكام وقرارات متعارضة من دوائر المحكمة بشأن الكفالة المنصوص عليها فى المادة 254 /1 من قانون المرافعات بعد تعديلها بالقانون رقم 76 لسنة 2007 المعمول به اعتباراً من 1/10/2007 والاستدراك الخاص بتلك المادة المنشور بالعدد 27 من الجريدة الرسمية بتاريخ 3/7/2008 وذلك إلى اتجاهين :ـ
يقضي الاتجاه الأول ـ الطعون أرقام 21267 ، 20600 ، 19622 ، 19375 ، 19441، 21158 لسنة 77 ق ، 1149 ، 1493 لسنة 78 ق ـ إلى بطلان تلك الطعون لعدم سداد الطاعنين فيها كامل الكفالة وفق ما نصت عليه المادة 254/1 من قانون المرافعات بعد تعديلها بالقانون رقم 76 لسنة 2007 المعمول به اعتباراً من 1/10/2007 والتى أقيمت تلك الطعون فى ظل العمل بأحكامه كما لم يبادروا إلى استكمالها قبل انغلاق ميعاد الطعن فيها . بينما يقضي الاتجاه الثانى ـ الطعن رقم 21260 لسنة 77 ق جلسة 13/1/2009 ـ إلى مبدأ مغاير : أنه وحال إصدار المشرع للقانون رقم 76 لسنة 2007 ومضاعفته للكفالة الواردة بنص المادة سالفة البيان إلى مثلها وعند نشر هذا القانون بالجريدة الرسمية وقع خطأ مادى حين ورد بنص الفقرة الثانية من المادة الرابعة منه على مضاعفة الكفالة الواردة بنص المادة 354/1 من قانون المرافعات إلى مثلها مما دعا السلطة المختصة بالنشر إلى تداركه بنشرها استدراكاً بالعدد 27 بالجريدة الرسمية بتاريخ 3/7/2008 جـرى نصه على أن " تضاعف الكفالة الواردة بالمادة 254/1 من قانون المرافعات المدنية والتجارية إلى مثلها " ومن ثم تضمن الاستدراك تصحيح المادة 354/1 لتصبح 254/1 باعتبار أن الخطأ فى رقم المادة   قد ترتب عليه تجهيل بنص المادة المراد تعديلها وأن ذلك من شأنه نفى قرينة العلم المفترضة بالقاعدة القانونية الصحيحة مما يتعين معه اعتبار نشر الاستدراك فى 3/7/2008 هو التاريخ المعمول به بشأن مضاعفة الكفالة إلى 250 جنيه .
وحيث إنه ودرءاً لتباين المواقف فى الخصومة الواحدة وتوحيـداً للمبادئ التى ترسيها هذه المحكمة ـ ارتأت الدائرة المعروض عليها هذه الطعون الثلاثة ـ وعملاً بنص الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 ـ إحالتها إلى الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية والأحوال الشخصية ـ للفصل فيما أثير من خلاف بين المبدأين طالبةً العدول عن المبدأ الأول الذى قررته الأحكام والقرارات السابقة المشار إليها والأخذ بالمبدأ الثانى ، وإذ حددت الهيئة جلسة لنظر هذه الطعون الثلاثة سالفة البيان قدمت النيابة مذكرة عدلت فيها عن رأيها السابق ورأت الأخذ بالاتجاه الثانى .
       وحيث إن النص فى المادة 188 من الدستور على أن " تنشر القوانين بالجريدة الرسمية خلال أسبوعين من يوم إصدارها ويعمل بها بعد شهر من اليوم التالى لتاريخ نشرها إلا إذا حددت لذلك ميعاداً آخر " يدل ـ على أن نشر القانون بالجريدة الرسمية بعد إصداره من السلطة المختصة هو الطريق الوحيد الذى رسمه الدستور ليتوافر للمخاطبين بأحكامـه العلم به ولا يعذر أحد بعد ذلك بجهله به إلا أن افتراض علم الكافة بالإجراءات التى أوجبها ذلك القانون مرهون بعدم قيام أسباب تحول حتماً دون قيام هذا الافتراض ـ مما مفاده ـ أن علم المخاطبين بأحكام القانون يعتبر شرطاً لأنبائهم بمحتواه وكان نفاذه يفترض إعلامهم به من خلال نشره بالجريدة الرسمية بعد إصداره من السلطة المختصة باعتباره الطريق الوحيد الذى رسمه المشرع ليتوافر للمخاطبين بأحكامه العلم به وحلول الميعاد المحدد لبدء سريانه .
       كما أنه من المقرر ـ  فى قضاء هذه المحكمة ـ أنه إذا اكتنف نشر القانون بالجريدة الرسمية أخطاء مادية أو مطبعية فإنه من المتعين التزاماً بوجوب قرينة العلم بالقاعدة القانونية الصحيحة ـ حسب ما أصدرها المشرع ـ تصويب هذه الأخطاء بنشرها بالجريدة الرسمية التزاماً بالأصل العام طالما أن هذه الأخطاء لا أثر لها فى العلم بالقاعدة القانونية الصحيحة، وهو ما يطلق عليه اصطلاحاً " الاستدراك التشريعى " فإذا كانت هذه الأخطاء المادية أو المطبعية المنشور بشأنها الاستدراك قد ترتب عليها غمـوض أو تجهيل أو لبـس بالنص المراد استحداثه أو تعديله وتؤثر فى المركز القانونى للمخاطبين بأحكام القانون ، فإن قرينة العلم بالقاعدة القانونية الصحيحة المستحدثة أو المعدلة لا يمكن افتراضها ومن ثم يتعين فى هذه الحالات وجوب توافر العلم بالقاعدة القانونية الصحيحة التى أصدرها المشرع حتى يحاج بها الكافة وبالتالى فإن الاستدراك ـ استثناءاً من الأصل العام ـ لا يسرى إلا من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية ولا يطبق إلا على التصرفات اللاحقة لذلك دون تلك التى تمت فى ظل النص قبل تصويبه ونشره . وإذ كان ذلك ، وكان من المستقر عليه ـ فـى قضاء هذه المحكمة ـ أن المشرع أوجب بنص المادة 254 من قانون المرافعات إيداع الكفالة خزانة المحكمة قبل إيداع صحيفة الطعن أو خلال الأجل المقرر له وإلا كان الطعن باطلاً وكان لكل ذي مصلحة أن يتمسك بهذا البطلان وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها لأن إجراءات الطعن من النظام العام ، إلا أنه لما كان المشرع حال إصداره للقانون رقم 76 لسنة 2007 بمضاعفة الكفالة الواردة بنص المادة 254/ 1 مرافعات إلى مثلها ولدى نشره للقانون بالجريدة الرسمية أورد خطأ مادياً ترتب عليه تجهيل ولبس بالنص المراد تعديله عند تقريره مضاعفة الكفالة الواردة بنص المادة 354/ 1 مرافعات ، مما حدا به إلى تدارك ذلك بنشره استـدراكاً بالعدد رقم 27 بالجريدة الرسمية بتاريخ 3/7/2008 بتصحيح ذلك النص بجعله 254/1 مرافعات ، ومن ثم توافر للمخاطبين بأحكامه العلم به من ذلك التاريخ الأمر الذى يتعين معه اعتبار نشر الاستدراك بالجريدة الرسمية هو التاريخ المعول عليه . لما كان ذلك ، فإن الهيئة تنتهى إلى الأخذ بهذا النظر ، وتأييد مبدأ الاتجاه الثانى ـ وذلك بالأغلبية المنصوص عليها فى الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة  1972 - والعدول عن قرارات وأحكام مبدأ الاتجاه الأول التى ارتأت غير ذلك . لما كان ذلك ، وكان الطاعنون قد أقاموا الطعون الثلاثة المطروحة بتاريخ 2/1/2008 قبل نشر عليهم إيداعها فى هـذا التاريخ باعتبـار أن تاريخ نشر الاستدراك فى 3/7/2008 هو المعّول عليه بشأن مضاعفة الكفالـة إلى 250 جنيه ،  ومن ثم يضحى ما أثير حول عدم سداد الطاعنين فيها كامل الكفالة قائماً على غير أساس ، ويتعين بالتالى الاستدراك - الذي أزال اللبس فى خصوص رقم المادة سالفة البيان - وأودعوا خلال الأجل المقرر لهم كفالة مقدارهـا 125 جنيه لكل طعن وهى التى يتعين الاعتداد بصحة ما سدده الطاعنون من كفالات فى الطعون الثلاثة بتاريخ 2/1/2008 قبل نشر الاستدراك التشريعى فى 3/7/2008 بشأن مضاعفة الكفالة المنصوص عليها فى المادة 254/1 مرافعات ، وإذا استوفت هذه الطعون الثلاثة اوضاعها الشكلية المقررة فى القانون بما يوجب القضاء بقبولها شكلاً ، ومن ثم فإن الهيئة ـ  وبعد الفصل فى المسألة المعروضة عليها ـ تعيد هذه الطعون الثلاثة إلى الدائرة التى أحالتها للفصل فيها طبقاً لأحكام القانون .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق