الصفحات

الثلاثاء، 25 يونيو 2013

شروط تطبيق المادة 143 من قانون التأمين الاجتماعى ( امتياز مستحقات الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى)

قضية رقم 170 لسنة 30  قضائية  المحكمة الدستورية العليا "دستورية"

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
 
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الموافق الثانى من يونيو سنة 2013، الموافق الثالث والعشرين من رجب سنة 1434ه .
برئاسة السيد المستشار / ماهر البحيرى                        رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: أنور رشاد العاصى وعبد الوهاب عبد الرازق ومحمد عبد العزيز الشناوى وماهر سامى يوسف ومحمد خيرى طه النجار والدكتور/عادل عمر شريف.نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ حمدان حسن فهمى      رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد /محمد ناجى عبد السميع                          أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 170 لسنة 30 قضائية "دستورية" . بعد أن أحالت محكمة استئناف القاهرة الدائرة الأولى المدنية بجلسة 5/2/2008 ملف الاستئناف رقم 13769 لسنة 124 قضائية . القاهرة.
المقامة من
السيد وزير المالية
ضد
شركة سلسلة المطاعم المصرية اللبنانية
ويمثلها رئيس مجلس الإدارة السيد/ محسن محمد محى الدين فرج
الإجراءات
          بتاريخ 15 يونية سنة 2008، ورد إلى قلم كتاب هذه المحكمة ملف الاستئناف رقم 13769 لسنة 124 قضائية القاهرة، تنفيذاً لما قضت به محكمة استئناف القاهرة بجلسة 5/2/2008 بوقف الدعوى وإحالة الأوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى دستورية نص المادة 146 من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها .
          ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة 2/6/2013 مع التصريح بتقديم مذكرات فى خلال أسبوع، وفى الأجل المذكور قدمت الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .
حيث إن الوقائع– على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق- تتحصل فى أن شركة سلسلة المطاعم المصرية اللبنانية كانت قد أقامت الدعوى رقم 5510 لسنة 2004 مدنى كلى، أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ضد وزير التأمينات الاجتماعية وآخرين، يطلب الحكم ببراءة ذمتها من أداء مبلغ 48ر21021 جنيهًا، على سند من أنها فوجئت بقيام مكتب تأمينات الجيزة بإضافة المبلغ موضوع الدعوى على حساب الشركة باعتبارها ضامنة لسداد المبالغ المستحقة على الشاغل السابق للعين محل ممارسة النشاط طبقاً لنص المادة 146 من قانون التأمين الاجتماعى، على الرغم من استقلال الكيان القانونى لها عن الشركة المتكاملة للسياحة والترويج المستحق عليها ذلك المبلغ، وعدم ارتباطها بها بثمة علاقة قانونية من أى نوع، إذ قامت الشركة باستئجار العين خالية بموجب عقد الإيجار المؤرخ 13/6/2001، بعد أن قامت الشركة المذكورة بترك العين محل النشاط قبل شهر يونيه سنة 1999، وتم تأجيرها إلى الشركة الثلاثية للصناعات الغذائية بموجب عقد الإيجار المؤرخ 1/7/1999، قبل أن تستأجرها الشركة المدعية، بما ينتفى معه مناط تطبيق نص الفقرة الأولى من المادة 146 السالفة الذكر على حالة الشركة، وقد تقدمت الشركة بطلب لعرض النزاع على لجنة فض المنازعات المختصة، التى قررت رفض طلبها، مما حدا بها إلى إقامة دعواها المشار إليها، وبجلسة 22/2/2007 حكمت المحكمة ببراءة ذمة الشركة من المبلغ المذكور، وإذ لم يرتض المحكوم ضده هذا القضاء فقد طعن عليه بالاستئناف رقم 13769 لسنة 124 قضائية القاهرة أمام محكمة استئناف القاهرة، وبجلسة 5/2/2008 قضت المحكمة بوقف الدعوى، وإحالة الأوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى دستورية نص المادة 146 من قانون التأمين الاجتماعى، لما تراءى لها من أن مفاد هذا النص انتقال مستحقات الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى إلى الخلف، الذى يسأل بالتضامن مع المنشأة القديمة عن تلك المبالغ، بما يتعارض مع الأصل العام الذى يقضى بتحمل المنشأة المدنية بهذه المبالغ دون المنشأة الجديدة، ويتصادم مع مبدأ المساواة المقرر بالمادة 40 من دستور سنة 1971.
وحيث إن المادة 146 من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 تنص على أن "تضمن المنشأة فى أى يد كانت مستحقات الهيئة المختصة ويكون الخلف مسئولاً بالتضامن مع أصحاب الأعمال السابقين عن الوفاء بجميع الالتزامات المستحقة  عليهم للهيئة المختصة.
على أنه فى حالة انتقال أحد عناصر المنشأة إلى الغير بالبيع أو الإدماج أو الوصية أو الإرث أو النزول أو غير ذلك من تصرفات فتكون مسئولية الخلف فى حدود قيمة ما آل إليه".
وحيث إن من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن مفهوم المصلحة فى الدعوى – وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية – إنما يتحدد على ضوء عنصرين أولين، لا يتداخل أحدهما فى الآخر أو يندمج فيه، وإن كان استقلالهما عن بعضهما لا ينفى تكاملهما، وبدونهما مجتمعين لا يجوز للمحكمة الدستورية العليا أن تباشر رقابتها على دستورية القوانين واللوائح، أولهما: أن يقيم المدعى – وفى حدود الصفة التى اختصم بها النص التشريعى- الدليل على أن ضرراً واقعياً قد لحق به، ويتعين أن يكون هذا الضرر مباشراً، ومستقلاً لعناصره، ممكناً إدراكه ومواجهته بالترضية القضائية، وليس ضررًا متوهمًا أو نظريًا أو مجهلاً، ثانيهما : أن يكون مرد الأمر فى هذا الضرر إلى النص التشريعى المطعون فيه، فإذا لم يكن هذا النص قد طبق أصلاً على المدعى، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو أفاد من مزاياه، أو كان الإخلال بالحقوق التى يدعيها لا يعود إليه، فإن المصلحة فى الدعوى تكون منتفية، ذلك أن إبطال النص التشريعى فى هذه الصور جميعًا، لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانونى بعد الفصل فى الدعوى الدستورية، عما كان عليه عند رفعها.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الخطأ فى تأويل أو تطبيق النصوص القانونية لا يوقعها فى حمأة المخالفة الدستورية إذا كانت صحيحة فى ذاتها، وأن الفصل فى دستورية النصوص القانونية المدعى مخالفتها للدستور، لا يتصل بكيفية تطبيقها عملاً، ولا بالصورة التى فهمها القائمون على تنفيذها، وإنما مرد اتفاقها مع الدستور أو خروجها عليه إلى الضوابط التى فرضها الدستور على الأعمال التشريعية جميعاً.
          وحيث إن نصوص قانون التأمين الاجتماعى تعتبر كلاً واحدًا ، يكمل بعضها بعضاً، ويتعين تفسير عباراته بما يمنع أى تعارض بينها، إذ إن الأصل فى النصوص القانونية التى تنتظمها وحدة الموضوع، هو امتناع فصلها عن بعضها، باعتبار أنها تكون فيما بينها وحدة عضوية تتكامل أجزاؤها، وتتضافر معانيها، وتتحد توجهاتها ليكون نسيجها متآلفًا، وكانت المادة 143 من قانون التأمين الاجتماعى تقرر امتيازًا لمستحقات الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى على جميع أموال المدين من منقول وعقار، وهذا الامتياز هو الذى يخول الهيئة حق تتبع أموال مدينها فى أى يد كانت، ومن أجل ذلك قضت المادة 146 من هذا القانون بأن تضمن المنشأة فى أى يد كانت مستحقات الهيئة، على أن ضمان المنشأة لتلك المستحقات لا يمكن أن يسرى إلا على ما يكون مملوكًا لمدينها من العناصر المادية والمعنوية للمنشأة التى كان يزاول بها نشاطه بواسطة عمال استخدمهم لهذا الغرض وأصبح ملتزمًا قانونًا بالتأمين عليهم لدى الهيئة، فإذا انتقلت المنشأة بعناصرها المادية والمعنوية إلى خلف عام أو خاص، فإنها تنتقل محملة بهذا الضمان، إضافة إلى مسئولية الخلف بالتضامن مع صاحب العمل السابق عن الوفاء بجميع الالتزامات المستحقة عليه للهيئة، أما فى حالة انتقال العين محل نشاط المنشأة إلى الغير خالية من أى عناصر مادية أو معنوية تخص المنشأة المدينة، فإن القول بزوال هذا الضمان يكون أمرًا منطقيًا وحتميًا، سيما إذا كانت العين مستأجرة وليست مملوكة لمدين الهيئة، وإنما تعود ملكيتها إلى آخر قام بتحرير عقد إيجار جديد إلى مستأجر آخر لا تربطه صلة أو علاقة قانونية بمستأجرها السابق تجعله خلفًا عامًا أو خاصًا له، ولم يتلق منه حقًا أو يتنازل له عنها بما يستتبع ذلك من انتقال المنشأة إليه محملة بهذا الضمان، يؤيد ذلك أن المستأجر لا يعتبر خلفًا خاصًا للمؤجر بل دائنًا له، فالمؤجر لا ينقل إلى المستأجر حقًا من الحقوق القائمة فى ذمته، بل ينشأ له قبله الحقوق المتولدة عن عقد الإيجار، وأهمها الحق فى تمكينه من استيفاء منفعة العين المؤجرة، وعلى ذلك فإن الضمان المقرر بنص المادة 146 من قانون التأمين الاجتماعى لا يسرى فى حق من استأجر العين خالية من مالكها، بعد انتهاء العلاقة الإيجارية السابقة لها طبقاً للقانون، وإعادة العين إلى مالكها من مستأجرها السابق، ولا يعد المستأجر الجديد فى هذه الحالة من عداد المخاطبين بالحكم الوارد بالمادة 146 السالفة الذكر، يؤكد ذلك أن المشرع عندما نظم أحكام الضمان فى القانون رقم 108 لسنة 1976 بشأن التأمين الاجتماعى على أصحاب الأعمال ومن فى حكمهم، نص صراحة فى الفقرة الثانية من المادة 43 منه على أن يكون الخلف مسئولاً بالتضامن مع المالكين أو المستأجرين السابقين عن الوفاء بجميع الالتزامات المستحقة عليهم، ولو أراد المشرع التسوية فى حكم ومد نطاق الضمان ليشملهم جميعًا لنص على ذلك صراحة فى نص المادة 146 من قانون التأمين الاجتماعى المطعون فيه.
          وحيث إنه متى كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق، أن شركة سلسلة المطاعم المصرية اللبنانية كانت قد استأجرت العين محل التداعى خالية من مالكها اتحاد ملاك برج جمعية القناة للإسكان بالجيزة، بموجب عقد الإيجار المؤرخ 13/6/2001، ولم يثبت من الأوراق أنها تعد خلفًا عامًا أو خاصًا لمدين الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى، أو تلقت منه حقاً يرتبط بهذه العين، أو أنها انتقلت إليها أحد عناصر المنشأة المدينة، ومن ثم لا تعد من المخاطبين بأحكام نص المادة 146 من قانون التأمين الاجتماعى المطعون فيه، وتنتفى – من ثم – مصلحتها فى الطعن عليه، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى.  
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق