الصفحات

السبت، 1 يونيو 2013

الطعن 1395 لسنة 19 ق جلسة 30/ 1/ 1950 مكتب فني 1 ق 91 ص 279

جلسة 30 من يناير سنة 1950

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسني بك وفهيم عوض بك وإبراهيم خليل بك ومحمد غنيم بك المستشارين.

---------------

(91)
القضية رقم 1395 سنة 19 القضائية

أ - استئناف. 

حكم ببراءة المتهم ورفض الدعوى المدنية. حق المدعي في استئناف هذا الحكم حق مستقل عن حق النيابة العامة والمتهم. لا يرد عليه من القيود إلا ما جاء بالمادة 176 تحقيق خاصا بالنصاب. على المحكمة الاستئنافية أن تقول كلمتها في الدعوى المدنية ولو كونت جريمة. كون الحكم الصادر بالبراءة صار نهائياً. لا تأثير له إذ هو لا يلزم المحكمة لاختلاف الموضوع في الدعويين.
ب - إثبات. 

تقدير قيام المانع من الاستحصال على كتابة. موضوعي.
جـ - استئناف. 

قصر المحكمة الابتدائية بحثها قيام المانع على القرابة. للمحكمة الاستئنافية أن تضيف إلى هذا المانع مانعاً آخر. المحكمة الاستئنافية غير مقيدة إلا بالوقائع السابق عرضها على محكمة أول درجة ولا تتقيد بشيء في الدفوع وطرف الدفاع.
د - إجراءات. استئناف. 

محكمة ابتدائية. فصلها في الدفع المقدم بعدم جواز الإثبات بالبينة. إلغاء هذا الحكم استئنافياً وقضاؤها بقيام المانع من الاستحصال على كتابة. قضاؤها في موضوع الدعوى. لا خطأ منها في ذلك. المحكمة الابتدائية قد استنفدت ولايتها بالحكم الذي أصدرته.

--------------
1 - للمدعي بالحقوق المدنية أن يستأنف الحكم الصادر بالبراءة فيما يتعلق بحقوقه المدنية، وحقه في هذا مستقل عن حق النيابة العامة وعن حق المتهم في الاستئناف، لا يقيده فيه إلا القيد الوارد بالمادة 176 من قانون تحقيق الجنايات خاصا بالنصب، ومن ثم فإن له أن يستأنف الحكم الصادر برفض دعواه المدنية ولو كان قد قضى ببراءة المتهم ولم تستأنف النيابة، ومتى رفع هذا الاستئناف كان مقبولا وكان على المحكمة بمقتضى القانون أن تقول كلمتها في دعواه ويكون قولها صحيحاً ولو كونت جريمة. ولا يؤثر في هذا كون الحكم الصادر في الدعوى العمومية قد أصبح نهائياً وحاز قوة الشيء المحكوم فيه، لأن هذا الحكم لا يكون ملزماً للمحكمة وهي تفصل في الاستئناف المرفوع عن الدعوى المدنية وحدها إذ الدعويان وإن كانتا ناشئتين عن سبب واحد إلا أن الموضوع في إحداهما يختلف عنه في الأخرى مما لا يمكن معه التمسك بحجية الحكم الجنائي.
2 - إن تقدير قيام المانع من الاستحصال على كتابة مثبتة للحق من شأن قاضي الموضوع، فمتى أقم قضاءه بذلك على أسباب مؤدية إليه فلا تجوز المجادلة في ذلك لدى محكمة النقض.
3 - المحكمة الاستئنافية وإن كانت مقيدة بالوقائع التي سبق طرحها على القاضي الابتدائي غير مقيدة بالنسبة إلى الدفوع وطرق الدفاع، فلها أن تعرض لجميع ما يعرضه الخصوم تأييداً للتهمة أو دفعاً لها ولو كان جديداً، فإذا كانت محكمة أول درجة قد قصرت بحثها على القرابة كمانع من الاستحصال على كتابة ثم جاءت المحكمة الاستئنافية وأضافت إلى ذلك حالة الاضطرار من جانب المدعي بسبب القيود المفروضة على تداول السلعة المدعى تبديدها والظروف التي تمت فيها الوديعة لقيام الأحكام العرفية والتخوف منها من جانب المتهم بالتبديد وهو عمدة فإنها لا تكون قد خالفت القانون.
4 - إذا دفع المتهم بعدم جواز إثبات واقعة التبديد بالبينة لزيادة قيمة الشيء المدعى تبديده على الحد الجائز إثباته بهذا الطريق، وتمسك المدعي بالحقوق المدنية بجواز الإثبات لوجود مانع من الاستحصال على كتابة مثبته لحقه، فقضت محكمة أول درجة ببراءة المتهم وبرفض الدعوى المدنية، فاستأنف المدعي بالحقوق المدنية فقضت المحكمة الاستئنافية بإلغاء الحكم الابتدائي وقالت بوجود المانع وبجواز سماع الشهود وبعد أن سمعتهم قضت في الدعوى فلا خطأ منها في ذلك، فإن محكمة أول درجة قد استنفدت ولايتها بالحكم الذي أصدرته فلا سبيل لإعادة القضية إليها مرة ثانية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة هذا الطاعن بأنه بدد كمية السماد المبينة القدر والقيمة بالمحضر لمحمود فهمي لبنه إضراراً به وكأن قد تسلمها على سبيل الوديعة لحفظها وردها إليه.
وطلبت عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات.
وقد ادعى محمود فهمي لبنه بحق مدني قدره 25 جنيها على سبيل التعويض قبل المتهم وفي أثناء نظر الدعوى أمام محكمة العياط الجزئية دفع محامي المتهم بعدم جواز سماع شهادة الشهود فيما زاد عن نطاق الشهادة.
والمحكمة المذكورة بعد أن أتمت سماعها قضت فيها بقبول الدفع وبعدم جواز سماع شهادة الشهود وببراءة المتهم مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية وإلزام رافعها بالمصروفات المدنية الخ.
فاستأنف المدعى بالحق المدني هذا الحكم.
ومحكمة الجيزة الابتدائية "بهيئة استئنافية" قضت تمهيديا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى المدنية بعدم جواز سماع الشهود ورفض الدفع وبجواز سماع الشهود.
وفي أثناء نظرها طلب أحد الحاضرين عن المتهم (في صورة دفع) أن تعدل المحكمة عن الحكم التمهيدي لوجود مانع أدبي وهو صلة القرابة.
والمحكمة المذكورة بعد أن أتمت سماعها قضت فيها عملا بمادة الاتهام بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدعوى المدنية وبقبولها وإلزام المتهم بأن يدفع للمدعى بالحق المدني 25 جنيها مع المصاريف المدنية عن الدرجتين وقد ذكرت في أسباب الحكم أن الطلب أو الدفع في غير محله ويتعين رفضه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم الأخير بطريق النقض الخ الخ.


المحكمة

وحيث إن الوجه الأول من أوجه الطعن يتحصل في أن المحكمة حين قضت بقبول الاستئناف المرفوع من المدعي بالحقوق المدنية مع عدم قيام الدعوى الجنائية بسبب الحكم فيها بالبراءة وعدم استئنافه من النيابة قد خالفت القانون إذ يترتب على ذلك وجود حالة شاذة يتوصل المدعي منها إلى إثبات التهمة قبل المدعى عليه عن طريق دعواه المدنية وما دام أن الأصل في اختيار الطريق الجنائي للفصل في الدعاوى المدنية ما هو إلا استثناء فيجب عدم التوسع فيه وذلك بالوقوف بالمدعي عند حد الحكم النهائي في الدعوى العمومية.
وحيث إن هذا الوجه في غير محله إذ أن للمدعي بالحقوق المدنية أن يستأنف الحكم الصادر بالبراءة فيما يتعلق بحقوقه المدنية وهذا الحق مستقل عن حق النيابة العامة وعن حق المتهم في الاستئناف ولا يمنعه عنه سوى القيد الوارد بالمادة 176 من قانون تحقيق الجنايات خاصا بالنصاب ومن ثم فله أن يستأنف الحكم الصادر برفض دعواه المدنية وإن كان قد قضى ببراءة المتهم ولم تستأنفه النيابة ومتى رفع هذا الاستئناف كان مقبولا وكان على المحكمة بمقتضى القانون عند النظر في دعوى المدعي أن تقول كلمتها فيها ويكون قولها صحيحاً في خصوصية هذه الدعوى ولو كونت جريمة، ولا يؤثر في هذا الأمر كون الحكم الصادر في الدعوى العمومية قد أصبح نهائياً وحاز قوة الشيء المحكوم فيه إذ أنه لا يكون ملزماً للمحكمة وهي تفصل في الاستئناف المرفوع عن الدعوى المدنية وحدها لأن الدعويين وإن كانتا ناشئتين عن سبب واحد إلا أن الموضوع يختلف في كل منهما عنه في الأخرى مما لا يمكن معه التمسك بحجية الحكم الجنائي.
وحيث إن حاصل الوجهين الثاني والثالث أن المحكمة أخطأت في تطبيق القانون إذ أنه يجب اتباع القواعد المدنية في إثبات العقد الذي حصل التسليم بمقتضاه فلا يجوز الإثبات فيما زاد عن عشرة جنيهات إلا بالكتابة ولا يجوز الإثبات بالبينة إلا إذا كان هناك مانع من الحصول عليها أو وجد مبدأ ثبوت بها ولكن المحكمة أجازت الإثبات بالبينة بناء على وجود مانع مع أن ما قالت عنه لا يعتبر كذلك ثم إنها لم تلتزم فيه حدود الدعوى كما ناقشتها محكمة أول درجة إذ حصرت المانع في القرابة وعامل المجاملة بل تعدت ذلك إلى مانع جديد هو تحريم حيازة السماد المدعى بتبديده مع أنه ما كان يجوز لها ذلك قانونا لأن المحكمة مقيدة بما طرح أمام محكمة أول درجة دون سواه ومع أن المدعي نفسه أقر بالجلسة بأنه كان حاصلا على تصريح بنقل السماد.
وحيث إن هذين الوجهين مردودان بما أوردته المحكمة عن الظروف التي قالت بقيامها والتي قدرت أنها منعت المدعي من الاستحصال على كتابة "مثبتة لحقه" والتي من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبته عليها من اعتبارها من الموانع القانونية إذ لا نزاع في أن قاضي الموضوع هو المرجع في هذا التقدير. أما ما يشير إليه الطاعن عن الموانع الجديدة التي أضافتها المحكمة الاستئنافية فلا وجه له إذ أنه ولو أن محكمة أول درجة قصرت البحث على القرابة كمانع ثم جاءت المحكمة الاستئنافية وأضافت إليها حالة الاضطرار من جانب المدعي بسبب القيود المفروضة على تداول السماد والظروف التي تمت فيها الوديعة لقيام حالة الأحكام العرفية والتخوف منها من جانب الطاعن وهو عمدة إلا أن هذه الإضافة لا مخالفة فيها للقانون إذ أن المحكمة الاستئنافية وإن كانت مقيدة بالوقائع التي سبق طرحها على القاضي الابتدائي لكن الأمر ليس كذلك بالنسبة للدفوع وطرح الدفاع فلها أن تعرض لجميع ما يعرضه الخصوم تأييداً للتهمة أو دفعاً لها ولو كانت جديدة.
وحيث إن الوجه الأخير من أوجه الطعن يتحصل في أن المحكمة الاستئنافية حين تصدت لموضوع الدعوى وقضت فيه قد خالفت القانون إذ كان حكم محكمة أول درجة مقتصراً على مسألة فرعية فكان الواجب إذا ما ألغته أن تعيد الدعوى إلى محكمة الدرجة الأولى لنظر الموضوع وإلا فتكون قد حرمت الخصم من ضمان خوله له القانون وهو حقه في نظر دعواه أمام درجتين وأنه لا يصح الاعتماد في هذا الشأن على قانون المرافعات لأن ما ورد فيه إنما جاء استثناء من القاعدة العامة ومن جهة أخرى فلم يرد بقانون تحقيق الجنايات، وهو الواجب الاتباع، نص يبيح هذا التصدي.
وحيث إن النيابة العامة رفعت الدعوى على الطاعن بأنه بدد سماداً كان قد تسلمه على سبيل الوديعة واستندت في الإثبات على شهادة الشهود فدفع الطاعن بعدم جواز إثبات الواقعة بالبينة بسبب زيادة القيمة عن حدها وتمسك المطعون ضده بالجواز بناء على وجود مانع من الاستحصال على الكتابة المثبتة لدينه فقضت المحكمة بالبراءة ورفض الدعوى المدنية بناء على عدم تحقق قيام المانع وعدم تقديم المدعي كتابة تثبت الدين. فاستأنف المدعي بالحقوق المدنية وقضت المحكمة الاستئنافية بإلغاء الحكم وقالت بوجود المانع وبجواز سماع الشهود وبعد أن سمعتهم قضت في الدعوى بالحكم المطعون فيه ولما كان الأمر كذلك وكانت محكمة أول درجة قد فصلت في موضوع الدعوى بالبراءة فإن وجه الطعن يكون غير مقبول لأن ولاية هذه المحكمة قد استنفدت بهذا الحكم فلا سبيل لإعادة القضية إليها مرة ثانية. ولا محل بعد هذا للخوض في قواعد المرافعات ومدى تطبيقها على الحالة إذ لم تقتصر محكمة أول درجة على الفصل في مسألة فرعية كما يدعى.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق