الصفحات

الأربعاء، 8 مايو 2013

الطعن 253 لسنة 58 ق جلسة 14/ 4/ 1988 مكتب فني 39 ق 92 ص 619

جلسة 14 من إبريل سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ حسن جمعه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد أبو زيد ومصطفى طاهر نائبي رئيس المحكمة وصلاح البرجي ومحمد حسام الدين الغرياني.

----------------

(92)
الطعن رقم 253 لسنة 58 القضائية

(1) إجراءات "إجراءات المحاكمة" "إجراءات التحقيق".
الأحكام الجنائية تبنى على التحقيقات التي تجريها المحكمة في الجلسة.
(2) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". إثبات "شهود". إجراءات "إجراءات المحاكمة" حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق المتهم في إبداء ما يعن له من طلبات التحقيق. طالما أن باب المرافعة ما زال مفتوحاً.
طلب الدفاع سماع شهود بشأن واقعة متصلة بواقعة الدعوى ظاهرة التعلق بموضوعها وكان سماعهم لازماً للفصل فيها. رفض المحكمة هذا الطلب بغير مبرر سائغ إخلال بحق الدفاع. علة ذلك؟
(3) اختلاس أموال أميرية. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".
اعتبار التسليم منتجاً لأثره في اختصاص الموظف متى كان مأموراً به من رؤسائه ولو لم يكن في الأصل من طبيعة عمله.
قيام دفاع الطاعن على توريد المبالغ المحصلة والصادر له تكليف بتحصيلها. دفاع جوهري. يقتضي من المحكمة أن تعطيه حقه وتعني بتمحيصه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه. إغفال ذلك. قصور وإخلال بحق الدفاع.
(4) اختلاس. عقوبة. نقض "حالات الطعن. مخالفة القانون".
جزاء الرد المنصوص عليه في المادة 118 عقوبات يدور مع موجبه من بقاء المال المختلس في ذمة المتهم حتى الحكم عليه.
(5) عقوبة "تطبيقها". اختلاس أموال أميرية. نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون". عزل.
معاملة الحكم المتهم بجناية الاختلاس - بالرأفة ومعاقبته بالحبس. وجوب توقيت مدة العزل المقضى بها عليه. المادة 27 عقوبات مخالفة ذلك. خطأ في القانون.

-----------------
1 - الأصل أن الأحكام في المواد الجنائية تبنى على التحقيقات التي تجريها المحكمة في الجلسة.
2 - لما كان حق الدفاع الذي يتمتع به المتهم يخوله له إبداء ما يعن له من طلبات التحقيق طالما أن باب المرافعة ما زال مفتوحاً، وكانت الواقعة التي طلب الدفاع سماع أقوال الشاهدين الموقعين على الخطاب المقدم من الطاعن بشأنها متصلة بواقعة الدعوى ظاهرة التعلق بموضوعها وكان سماعهما لازماً للفصل فيها فإن رفض المحكمة طلبه للسبب الذي ذكرته يكون غير سائغ وفيه إخلال بحق الدفاع لما ينطوي عليه من معنى القضاء في أمر لم يعرض عليها واحتمال أن تجئ هذه الأقوال التي تسمعها ويباح للدفاع مناقشتها بما يقنعها مما قد يتغير بها وجه الرأي في الدعوى.
3 - إن الشاهد..... الذي عول الحكم على أقواله بأن الطاعن حصل إيجار المقصف وهو غير مختص بالتحصيل ولم يقم بتوريد ما حصله لم ينف في شهادته بجلسة المحاكمة صدور تكليف للطاعن من المهندس...... بالتحصيل كما ذهب الطاعن في دفاعه ومن شأن هذا الدفاع - لو صح - أن يكون قيامه بالتحصيل منتجاً لأثره في اختصاصه به متى كان مأموراً به من رؤسائه ولو لم يكن في الأصل من طبيعة علمه في حدود الاختصاص المقرر لوظيفته فضلاً عن أن هذا الشاهد عاد في شهادته ولم يقطع برأي في صحة صدور الخطاب من الموقعين عليه وفي شأن ما قام عليه دفاع الطاعن من توريد المبلغ الذي حصله وأرجع القول الفصل في ذلك إلى المشرفين على الأعمال المالية مما كان يقتضي من المحكمة أن تقسط هذا الدفاع حقه وتعني بتمحيصه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه ما دام فيه تجلية للحقيقة وهداية للصواب أما وهي لم تفعل واقتصرت في هذا الشأن على ما أوردته في حكمها من أسباب لا تؤدي إلى إطراح ذلك الدفاع وطلب التحقيق المتعلق به فإن حكمها يكون معيباً.
4 - إن الحكم وإن أشار في مدوناته إلى قيام الطاعن بعرض مبلغ 240 جنيهاً من المبلغ المختلس على هيئة السكك الحديدية وإيداعه على ذمة تلك الهيئة خزانة المحكمة قبل محاكمته فلم يعرض لدلالة هذا العرض والإيداع ليقول كلمته فيه لما له من أثر في تحديد المبلغ الذي قضى برده اعتباراً بأن جزاء الرد يدور مع موجبه من بقاء المال المختلس في ذمة المتهم باختلاسه حتى الحكم عليه فجاءت مدونات الحكم بما تناهت إليه فيما تقدم كاشفة عن قصوره فوق إخلاله بحق الطاعن في الدفاع بما يوجب نقضه.
5 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عامل المتهم - بجناية الاختلاس - بالرأفة وقضى عليه بالحبس ولم يؤقت مدة العزل المقضى بها عليه اتباعاً لحكم المادة 27 من قانون العقوبات فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما كان يستوجب نقضه وتصحيحه بتوقيت عقوبة العزل، إلا أنه إزاء نقض الحكم للإخلال بحق الدفاع والقصور فيتعين أن يكون مع النقض الإحالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه....... بوصفه موظفاً عمومياً "كاتب بإدارة الأملاك بهيئة السكك الحديدية" اختلس مبلغ 1020 جنيهاً والتي وجدت في حيازته بسبب وظيفته. وأحالته إلى محكمة جنايات المنيا لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً في...... عملاً بالمواد 112/ أ، 118، 119/ ب، 119/ هـ مكرراً من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات وتغريمه ألف وعشرين جنيهاً وبرد مبلغ ألف وعشرين جنيهاً وعزله من وظيفته.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاختلاس قد شابه الإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن الطاعن تمسك في دفاعه بأنه قام بتحصيل إيجار المقصف بناء على تكليف من المهندس..... وسلمه مبلغ 780 جنيهاً فأعطاه خطاباً يفيد سداد المستأجر هذا المبلغ ثم قام بتحصيل باقي الإيجار وقدره 240 جنيهاً وسلمه له دون أن يأخذ منه إيصالاً بسداده مما حداه إلى عرض هذا المبلغ ثانية على هيئة السكك الحديدية عرضاً قانونياً تلاه إيداع المبلغ خزانة المحكمة وقدم هذه المستندات للمحكمة وتمسك بدلالتها على نفي حصول الاختلاس وطلب سماع أقوال المهندس...... و........ المراقب الإداري الموقعين على خطاب السداد باعتبارهما المشرفين على الأعمال المالية للتحقق من واقعة توريد المبالغ التي حصلها وندب خبير لفحص المبالغ المسددة إلا أن المحكمة أعرضت عن تحقيق دفاعه والتفتت عن طلباته وردت عليها برد غير سائغ، هذا إلى أن الحكم ألزم الطاعن برد المبلغ المنسوب إليه اختلاسه مع قيامه بسداده مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون بين واقعة الدعوى بما مجمله أن الطاعن وهو كاتب بهندسة أملاك السكك الحديدية بقسم المنيا وفي عهدته دفتر قسائم تحصيل الإيجار المستحق للجهة التي يعمل بها وغير معهود إليه بالتحصيل استغل وجود هذه القسائم بين يديه وقام بتحصيل إيجار مقصف محطة سكك حديد مغاغة من مستأجره زاعماً له أنه معهود إليه بالتحصيل وحصل منه مبلغ 780 جنيهاً في المرة الأول بتاريخ...... كما حصل منه مبلغ 240 جنيهاً في المرة الثانية بتاريخ..... وسلمه قسيمتي سداد ولم يقم بتوريد هذا المبلغ للهيئة واختلسه لنفسه وتغيب عن عمله وعن محل إقامته وضبط دفتر القسائم بمسكنه، ثم بعد أن أورد الحكم الأدلة على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعن مستمدة من أقوال مستأجر المقصف وشريكه وأقوال رئيس قسم إدارة الهندسة بسكك حديد المنيا بأن الطاعن قام بتحصيل إيجار المقصف رغم أنه غير مختص بذلك ولم يقم بتوريده، أشار إلى أن الطاعن لم يدل بدفاع أمام جهة التحقيق لغيابه وأنه أقر بجلسة المحاكمة بتحصيل المبلغ محل الاتهام وقيامه بتسليمه للمختصين وأنكر اختلاسه له وأن الدفاع عنه قدم خطاباً. وإنذار عرض مبلغ 240 جنيهاً على هيئة السكك الحديدية ومحضر إيداع هذا المبلغ خزانة محكمة المنيا الابتدائية وطلب إعلان المختصين بهيئة السكك الحديدية وندب خبير لفحص سجلات الهيئة لبيان المبالغ المسددة، وقد أطرح الحكم هذا الطلب وبرر ذلك بقوله. وحيث إنه عن طلب الدفاع فإن المحكمة وهي بصدد الفصل في الاتهام ترى أنه لا جدوى من تحقيق هذا الدفاع إذ الثابت من أقوال المتهم أنه قام بتحصيل المبلغ موضوع الاتهام من مستأجر بوفيه محطة مغاغة وقدره ألف وعشرين جنيهاً وأنه لم يقدم ثمة دليل على أنه قام بتوريد المبلغ المذكور إلى خزينة هيئة السكة الحديد وهي الجهة صاحبة الحق فيه فضلاً عن أن الخطاب الذي قدمه إلى المحكمة لا ينبئ عن سداد قد تم للمبلغ المذكور أو جزء منه إذ الثابت من الخطاب المقدم أنه صادر من هيئة السكة الحديد وموجه إلى مستأجر بوفيه محطة مغاغة ويفيد أن المستأجر المذكور لا زال مديناً للهيئة بمبلغ مائتين وأربعين جنيهاً ولم يتعرض لاسم المتهم من قريب أو بعيد فضلاً عن أن السداد اللاحق بفرض حدوثه لا يؤثر في قيام الاتهام في حق المتهم". ويبين من الرجوع إلى محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أسس دفاعه على أنه قام بتحصيل مبلغ 780 جنيهاً من إيجار المقصف بناء على تكليف من المهندس...... وسلمه إليه فأعطاه خطاباً بالسداد وبأن ذمة المستأجر ما زالت مشغولة بمبلغ 240 جنيهاً فقام بتحصيل هذا المبلغ الأخير وسلمه للمهندس المذكور بغير إيصال ومن ثم فقد قام بعرض هذا المبلغ عرضاً قانونياً على هيئة السكك الحديدية تلاه إيداع المبلغ على ذمتها خزانة المحكمة، كما استمعت المحكمة إلى الشاهد...... فقرر أن الطاعن وإن كان في عهدته سجلات أملاك القسم إلا أنه غير مختص بتحصيل إيجار المقاصف وأنه لم يقم بتوريد المبلغ الذي حصله من مستأجر المقصف وإذ عرضت عليه المحكمة الخطاب المقدم من الطاعن قرر أنه ممهور بتوقيع المهندس....... وتوقيع.... المراقب الإداري إلا أنه لا يستطيع الجزم بصحة توقيعهما عليه وما ورد به من بيانات وطلب الرجوع إليهما في شأنه وأضاف تعليقاً على ما ورد على ما ورد بالخطاب بشأن سداد المبالغ الموضحة به والباقي في ذمة مستأجر المقصف أنه يسأل في ذلك المشرفون على الأعمال المالية باعتبارهم المختصين بالقول بحصول سداد المبلغ وتوريده وبعد أن أدلى الشاهد بشهادته تمسك الدفاع بطلب سماع الشاهدين الموقعين على الخطاب وطلب احتياطياً ندب خبير لفحص السجلات وقسائم السداد لبيان المبلغ المسدد من الطاعن. لما كان ذلك، وكان الأصل أن الأحكام في المواد الجنائية تبنى على التحقيقات التي تجريها المحكمة في الجلسة، وكان حق الدفاع الذي يتمتع به المتهم يخوله له إبداء ما يعن له من طلبات التحقيق طالما أن باب المرافعة ما زال مفتوحاً، وكانت الواقعة التي طلب الدفاع سماع أقوال الشاهدين الموقعين على الخطاب المقدم من الطاعن - بشأنها متصلة بواقعة الدعوى ظاهرة التعلق بموضوعها وكان سماعهما لازماً للفصل فيها فإن رفض المحكمة طلبه للسبب الذي ذكرته يكون غير سائغ وفيه إخلال بحق الدفاع لما ينطوي عليه من معنى القضاء في أمر لم يعرض عليها واحتمال أن تجئ هذه الأقوال التي تسمعها ويباح للدفاع مناقشتها بما يقنعها مما قد يتغير بها وجه الرأي في الدعوى خاصة وأن الشاهد...... الذي عول الحكم على أقواله بأن الطاعن حصل إيجار المقصف وهو غير مختص بالتحصيل ولم يقم بتوريد ما حصله لم ينف في شهادته بجلسة المحاكمة صدور تكليف للطاعن من المهندس.... بالتحصيل كما ذهب الطاعن في دفاعه ومن شأن هذا الدفاع - لو صح - أن يكون قيامه بالتحصيل منتجاً لأثره في اختصاصه به متى كان مأموراً به من رؤسائه ولو لم يكن في الأصل من طبيعة علمه في حدود الاختصاص المقرر لوظيفته فضلاً عن أن هذا الشاهد عاد في شهادته ولم يقطع برأي في صحة صدور الخطاب من الموقعين عليه وفي شأن ما قام عليه دفاع الطاعن من توريد المبلغ الذي حصله وأرجع القول الفصل في ذلك إلى المشرفين على الأعمال المالية مما كان يقتضي من المحكمة أن تقسط هذا الدفاع حقه وتعني بتمحيصه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه ما دام فيه تجلية للحقيقة وهداية للصواب أما وهي لم تفعل واقتصرت في هذا الشأن على ما أوردته في حكمها من أسباب لا تؤدي إلى إطراح ذلك الدفاع وطلب التحقيق المتعلق به فإن حكمها يكون معيباً، وفضلاً عن ذلك فإن الحكم وإن أشار في مدوناته إلى قيام الطاعن بعرض مبلغ 240 جنيهاً من المبلغ المختلس على هيئة السكك الحديدية وإيداعه على ذمة تلك الهيئة خزانة المحكمة قبل محاكمته فلم يعرض لدلالة هذا العرض والإيداع ليقول كلمته فيه لما له من أثر في تحديد المبلغ الذي قضى برده اعتباراً بأن جزاء الرد يدور مع موجبه من بقاء المال المختلس في ذمة المتهم باختلاسه حتى الحكم عليه فجاءت مدونات الحكم بما تناهت إليه فيما تقدم كاشفة عن قصوره فوق إخلاله بحق الطاعن في الدفاع بما يوجب نقضه - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عامل المتهم - بجناية الاختلاس - بالرأفة وقضى عليه بالحبس ولم يؤقت مدة العزل المقضى بها عليه اتباعاً لحكم المادة 27 من قانون العقوبات فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما كان يستوجب نقضه وتصحيحه بتوقيت عقوبة العزل، إلا أنه إزاء نقض الحكم للإخلال بحق الدفاع والقصور فيتعين أن - يكون مع النقض الإحالة وذلك بغير حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق