الصفحات

الأربعاء، 29 مايو 2013

الطعن 1366 لسنة 19 ق جلسة 20/ 3/ 1950 مكتب فني 1 ق 142 ص 424

جلسة 20 من مارس سنة 1950

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد فهمي إبراهيم بك وكيل المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسني بك وفهيم عوض بك وإبراهيم خليل بك ومحمد غنيم بك المستشارين.

-----------------------

(142)
القضية رقم 1366 سنة 19 القضائية

اختلاس أموال أميرية. 

كاتب بحسابات الحكمدارية تدخله في عمل الصيارف واختلاسه مبالغ من الخزانة. عقابه يكون بمقتضى المادة 118ع لا بالمادة 112ع. القضاء عليه بعقوبتي الغرامة والرد. لا يصح.

--------------------
متى كان الثابت مما أورده الحكم في وظيفة المتهم والطريقة التي تمكن بواسطتها من اختلاس المبالغ التي أدخلها في ذمته أنه لم يكن إلا موظفا كتابيا بحسابات الحكمدارية، ولم يكن بمقتضى عمله صرافا أو مساعدا للصراف أو منتدبا للصرف مستمدا هذه الصفة من القوانين أو اللوائح أو منوطا بها رسميا من رئيس أو أية جهة حكومية مختصة، بل كان الثابت أنه تدخل في عمل صيارف الخزانة وأقحم نفسه فيما هو خارج عن نطاق أعمال وظيفته تهاونا من هؤلاء الصيارف أو تغاضيا منهم عنه، فإنه لا يمكن أن تضفى عليه صفة الصراف أو مساعده مهما استطال به الزمن وهو موغل في هذه الفوضى. وإذن فالمادة المنطبقة على فعلته هي المادة 118 من قانون العقوبات التي تعاقب كل موظف أدخل في ذمته بأية كيفية كانت نقودا للحكومة أو سهل لغيره ارتكاب جريمة من هذا القبيل، لا المادة 112 التي يتطلب القانون لتطبيقها أن تكون الأشياء المختلسة قد أودعت في عهدة الموظف المختلس أو سلمت إليه بسبب وظيفته، والتي روعي في تغليظ العقاب فيها إخلال الموظف الأميري بواجب الأمانة في حفظ الأشياء التي وضعت في عهدته، وهو غير الحاصل في هذه الصورة. وإذن فلا يصح القضاء على هذا المتهم بعقوبتي الغرامة ورد المبالغ المختلسة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في المدة من 6 أبريل سنة 1932 إلى 29 يناير سنة 1935 الموافق 30 ذي القعدة سنة 1350 إلى 24 شوال سنة 1353 بدائرة قسم الدرب الأحمر محافظة مصر (أولا) بصفته كاتبا بحكمدارية بوليس مصر وأمينا على الودائع مختصا باستلام النقود التي ترد من وحدات البوليس المختلفة على ذمة مكافآت رجال البوليس لحفظ النظام في الحفلات لتوريدها لخزانة محافظة مصر لإضافتها لحساب إيرادات الدولة اختلس مبلغ 411 جنيها و400 مليم من الأموال المسلمة له بسبب وظيفته هذه والمبينة مفرداتها بالحافظة رقم 1 من التقرير الثاني المقدم من لجنة الفحص المرافق لأوراق التحقيق بأن تعمد عدم توريد بعض هذه المبالغ المسلمة إليه بهذه الصفة واختلسها لنفسه ثم حرر استمارات صرف المبالغ المستحق صرفها وأرفق بها إيصالات توريد (علم خبر أورنيك 37 مكرر ع. ح) مسدداً بها مبالغ أخرى أو إيصالات توريد مزورة موهما بذلك أنه ورد المبالغ التي سلمت له. (ثانياً) بأنه في المدة من 8 مايو سنة 1933 الموافق 13 المحرم سنة 1352 إلى 4 نوفمبر سنة 1935 الموافق 7 شعبان سنة 1354 وفي 18 يناير سنة 1944 الموافق 22 المحرم سنة 1363 اختلس مبلغ 232 جنيها و682 مليما من الأموال الأميرية المسلمة إليه بسبب وظيفته السابقة الذكر والمبينة مفرداتها بالحافظة رقم 2 من التقرير الثاني المقدم من لجنة الفحص والمرفق بأوراق التحقيق بعد ردها من وحدات البوليس المختلفة بسبب عدم صرفها لأربابها وذلك لتوريدها للخزانة وتعليتها لحساب الأمانات أو لإضافتها لأنواعها بأن تسلم هذه المبالغ على السراكي ورصد بعضها بدفتر الأمانات الخاص به ولم يوردها للخزانة واختلسها لنفسه ثم حرر للمستحقين لها استمارات صرف "استمارة 50 ع. ح" بالخصم على المصروفات. (ثالثاً) بأنه في المدة من 3 سبتمبر 1932 الموافق 2 جماد أول سنة 1351 إلى 11 فبراير سنة 1935 الموافق 7 ذي القعدة سنة 1353 اختلس مبلغ 109 جنيهات و360 مليما من الأموال الأميرية المسلمة إليه بصفته المذكورة آنفا من ثمن السبلة المبيعة من بلوكات السواري والمبينة مفرداتها تفصيلا بالحافظة رقم 3 من التقرير الثاني المقدم من لجنة الفحص المرافق لأوراق التحقيق وذلك لتوريدها للخزانة إيرادات بأن تسلم هذه المبالغ من بلوكات السواري على السراكي ولم يوردها للخزانة واختلسها لنفسه. (رابعاً) بأنه في المدة من 17 يوليه سنة 1934 الموافق 5 ربيع الثاني سنة 1353 إلى أول يونيه سنة 1944 الموافق 10 جمادى الآخرة سنة 1363 بصفته موظفا عموميا (كاتبا بحسابات حكمدارية بوليس مصر) أدخل في ذمته نقودا للحكومة قدرها 105096 جنيها و521 مليما بأن كان يزور استمارات صرف بماهيات بعض وحدات البوليس بحكمدارية بوليس مصر ويحصل بموجبها على أذونات صرف على الخزانة بقيمتها ثم يستولى على هذه المبالغ. (خامسا) بأنه في المدة من 11 يناير سنة 1934 الموافق 25 رمضان سنة 1352 إلى أول يونيه سنة 1944 الموافق 10 جمادى الآخرة سنة 1363: (أ) بصفته موظفا عموميا (كاتبا بحسابات حكمدارية بوليس مصر) ارتكب أثناء تأدية وظيفته تزويرا في أوراق رسمية هي كشوف صرف ماهيات رجال البوليس وإجمالياتها (استمارة 108 ع. ح واستمارة 132 ع. ح) في حال تحريرها المختص بوظيفته وذلك بطريق الاصطناع ووضع إمضاءات وأختام مزورة وبطريق الشطب والمحو والتغيير وزيادة كلمات وأرقام وذلك في الأوراق المبينة تفصيلا بكشف الأوراق المزورة الملحق بهذا الوصف والذي يعتبر جزءا متمما له وعلى النحو الوارد فيه بالنمر المسلسلة الآتية 6، 7، 8، 9، 10، 11، 12، 13، 16، 17، 18، 19، 20، 21، 22، 23، 24، 25، 26، 27، 28، 29، 30، 31، 32، 34، 36، 37، 41، 42، 44، 45، 46، 47، 48، 49، 50، 51، 52، 54، 58، 59، 60، 61، 62، 63، 64، 65، 66، 67، 68، 70، 71، 74، 76، 78، 80، 81، 83، 84، 86، 87، 89، 90، 92، 93، 94، 95، 96، 104، 105، 106، 107، 108، 109، 110، 111، 112، 113، 114، 115، 116، 117، 118، 119، 120، 123، 124، 125، 126، 127، 129، 130، 131، 132، 133، 134، 135، 136، 139، 140، 143، 144، 146، 150، 151، 153، 155، 156، 158، 159، 160، 161، 163، 166، 167، 169، 172، 174، 176، 179، 181، 183، 185، 186، 191، 192، 195، 197، 221، 235. (ب): ارتكب تزويراً في أوراق رسمية هي إيصالات توريد النقود (علم خبر - أورنيك 37 مكرر ع. ح) وأذونات الصرف على الخزانة (أورنيك 9 ع. ح) ودفاتر حسابات الحوالات (استمارة 54 ع. ح) وذلك بطريق الاصطناع وبوضع إمضاءات وأختام مزورة وبطريق الشطب والمحو والتغيير وزيادة كلمات وأرقام في الأوراق المبينة تفصيلا بكشف الأوراق المزورة الملحق بهذا الوصف والذي يعتبر جزءاً متمما له وعلى النحو الوارد فيه بالنمر المسلسلة الآتية 1، 15، 18، 30، 33، 35، 38، 39، 40، 53، 55، 56، 88، 91، 98، 100، 102، 128، 145، 178، 199، 200، 201، 202، 203، 204، 205، 206، 207، 208، 210، 211، 212، 213، 214، 215، 216، 217، 218، 219، 220، 222، 223، 224، 225، 226، 227، 228، 229، 230، 231، 232، 233، 234. (جـ): اشترك مع آخر مجهول في ارتكاب تزوير في أوراق رسمية هي إيصالات توريد النقود (علم خبر - استمارة 37 مكرر ع. ح) وذلك بأن اتفق معه وحرضه على اصطناع هذه الإيصالات على أنها صادرة من إبراهيم أفندي صلاح الدين الموظف المختص أصلا بتحريرها فقبل المجهول ذلك وحررها وقلد إمضاء المذكور عليها فوقعت الجريمة بناء على ذلك في الأوراق الآتية المبينة تفصيلا في كشف الأوراق المزورة الملحق بهذا الوصف والذي يعتبر جزءاً متمما له وعلى النحو الوارد فيه بالنمر المسلسلة الآتية 2، 3، 4، 5، 43. (د): اشترك بطريق المساعدة مع موظفين عموميين حسنى النية هم موظفو حسابات محافظة مصر المختصون بتحرير أذونات الصرف (استمارة 9 ع. ح) في ارتكاب تزوير في أوراق رسمية هي بعض أذونات الصرف على الخزانة وإيصالات توريد النقود في حال تحريرها المختص بوظيفتهم وذلك بجعل وقائع مزورة في صورة وقائع صحيحة مع علمه بتزويرها بأن قدم لهؤلاء الموظفين كشوفاً مزورة عن الماهيات (استمارة 108 ع. ح واستمارة 132 ع. ح) وحوافظ توريد نقود (استمارة 37 ع. ح) مزورة فحرروا من واقع هذه الأوراق المزورة أذونات الصرف وإيصالات توريد النقود المذكورة وتمت الجريمة بناء على هذه المساعدة وذلك في الأوراق المبينة تفصيلا بكشف الأوراق المزورة الملحق بهذا الوصف والذي يعتبر جزءاً متمما له وعلى النحو الوارد فيه بالنمر المسلسلة الآتية 14، 15، 18، 22، 57، 69، 72، 73، 75، 77، 79، 83، 85، 97، 99، 101، 103، 120 و122، 137، 138، 141، 142، 147، 148، 149، 153، 154، 157، 162، 164 و165، 168، 170، 171، 173، 175، 177، 180، 182، 184، 187، 188، 189 و190، 194، 196، 198، 199، 200، 201، 202، 203، 204، 205، 206، 207 و208، 209، 210، 211، 212، 213، 217، 218، 220، 224، 226، 227، 228 و229، 230، 233، 234. (سادسًا): استعمل الأوراق المزورة السالفة الذكر بأن قدمها بعد تزويرها لاستكمال الإجراءات اللازمة لجعلها صالحة للصرف بموجبها وذلك مع علمه بتزويرها. (سابعاً): بأنه في المدة من أول نوفمبر سنة 1934 الموافق 23 رجب سنة 1353 لغاية أول يونيه سنة 1944 الموافق 10 جماد آخر سنة 1363 بصفته كاتباً بحسابات حكمدارية بوليس مصر ومأموراً بحفظ كشوف الماهيات وصورها (استمارة 108 ع. ح واستمارة 132 ع. ح) لحين إرسالها للجهات المختصة أتلف كشوف الماهيات التي اختلس مبالغها وهي الخاصة بقوة الحكمدارية وبعض الفرق الأخرى بأن مزقها بدلا من إرسالها للجهات المختصة للتصرف فيها.
وطلبت من قاضي الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته طبقاً للمواد 40/1 -2 -3، 41، 112، 118، 151، 152، 201، 211، 212، 213، 214 من قانون العقوبات.
فقرر إحالته إليها لمحاكمته بالمواد سالفة الذكر.
وفي أثناء نظر الدعوى أمام محكمة جنايات مصر طلبت النيابة تعديل وصف التهمة وتطبيق المادة 112 من قانون العقوبات.
والمحكمة المذكورة بعد أن أتمت سماع هذه الدعوى قضت فيها حضوريا عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات والعقوبتين التكميليتين المنصوص عليهما في المادة 112 من القانون المذكور بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة وبرد مبلغ 105849 جنيها و463 مليما مائة وخمسة آلاف وثمانماية وتسعة وأربعين جنيها وأربعماية ثلاثة وستين مليما لخزينة الدولة وتغريمه مبلغاً مساوياً لقيمة ذلك.
فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض الخ الخ.


المحكمة

وحيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في تطبيق القانون بالنسبة للتهمة الرابعة وهي "أنه في المدة من 17 يولية سنة 1934 الموافق 5 ربيع الثاني سنة 1353 إلى أول يونيو سنة 1944 الموافق 10 جمادى الآخرة سنة 1363 بصفته موظفا عموميا كاتبا بحكمدارية بوليس مصر وصراف خزينتها تجاري على اختلاس مبلغ 105099.021 جنيها من النقود التي سلمت إليه بهذه الصفة الفعلية بأن كان يزور استمارات صرف بماهيات وحدات البوليس بحكمدارية بوليس مصر ويحصل بموجبها على أذونات صرف على الخزانة بقيمتها ثم يستولى على هذه المبالغ" إذ دانه الحكم المطعون فيه بهذه التهمة تطبيقا للمادة 112 من قانون العقوبات على أساس أن الطاعن قد استولى على هذه المبالغ بصفته صرافاً فعلياً مستنداً في ذلك على أن القضاء قد استقر في فرنسا ومصر على اعتبار الصراف الفعلي "Comptable de fait" كالصراف الرسمي سواء بسواء في المسئولية عما يكون في عهدته من مبالغ اؤتمن عليها بسبب وظيفته ولو أنه لم يصدر له أمر كتابي بذلك واستشهد الحكم المطعون فيه على صحة هذا النظر بما جاء بحكم محكمة النقض في القضية رقم 1284 سنة 6 قضائية إذ قضت أن حكم المادة 112 من قانون العقوبات كما يسري على الصيارف يسري أيضاً على مساعديهم وإذن فلا يصح الاحتجاج لمصلحة مساعد الصراف المختلس بأنه لم يصدر له أمر كتابي من المدير أو من المالية بندبه لتأدية عمل الصراف بل هو مسئول جنائياً بمقتضى هذه المادة عما يكون تحت يده من الأموال إذا هو ارتكب أية جريمة من الجرائم المشار إليها في تلك المادة. ويقول الطاعن إن الحكم المطعون فيه قد جانب الصواب فيما ذهب إليه فلا القضاء الفرنسي قد استقر على شيء مما ذكره ولا القضاء المصري يؤيده. إذ أن الحكم المستشهد به تختلف حالته كلية عن الحالة المطروحة لأن المحكوم عليه في تلك القضية كان معيناً في وظيفة مساعد صراف وندب فعلا في أوقات مختلفة ليحل محل الصراف لأداء أعماله فلم يكن والحالة هذه صرافاً فعلياً بل صرافاً رسمياً بكل معنى الكلمة. أما الطاعن فإن وظيفته المعين بها هي كاتب بحسابات حكمدارية العاصمة وليس معهوداً إليه بحكم وظيفته هذه القيام بأعمال صراف أو مساعد صراف بخزينة المحافظة بل إن الوقائع التي أثبتها الحكم المطعون فيه تدل دلالة واضحة على أن الطاعن قام ببعض أعمال صراف الخزينة مجاملة أو من باب التهاون من قبل الصراف إذ كان الأمر موغلا في الفوضى والإهمال كما أشار الحكم إلى ذلك في أكثر من موضع ولذا فإن الحكم حين دانه على أساس أنه صراف فعلي يكون قد أخطأ في تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على هذه الواقعة. ويضيف الطاعن أنه لما كانت المحكمة قد قصرت بحثها في صفة الطاعن التي استولى بها على المبلغ موضوع التهمة الرابعة على أنه صراف فعلي وآخذته بالعقوبات التي تنص عليها المادة 112 من قانون العقوبات، وكان هذا النظر خاطئاً فإنه لا يكفي تصحيح الحكم من ناحية التكييف القانوني بتطبيق المادة 118 من قانون العقوبات وإلغاء العقوبتين التكميليتين بل يجب أن ينقض الحكم برمته وإحالة القضية على محكمة الموضوع لإعادة بحث مدى علاقة الطاعن بالخزينة وتكييف اتصاله بها وبعمليات الصرف على أساس أوسع من ذلك النطاق الضيق الذي دار فيه البحث. كما ينبغي نقض الحكم بالنسبة لجميع التهم الأخرى لقيام الارتباط ولأن نظرية العقوبة المبررة لا يصح الأخذ بها إلا حيث تكون العقوبتان اللتان تحصل الموازنة بينهما متماثلتين.
وحيث إن الثابت على ما يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه قد بين واقعة الدعوى فيما يختص بوظيفة الطاعن في قوله "إن وقائع هذا الحادث تخلص في أن المتهم محمد نجف عبد العال الوكيل التحق بإدارة المستخدمين بحكمدارية بوليس مصر في 29/10/1929 كاتباً في الدرجة الثامنة بماهية شهرية سبعة جنيهات ونصف ثم نقل من هذه الإدارة في 24/11/1930 على أثر استعماله بدون مبرر قانوني أو أمر من رؤسائه اشتراكا في الترام من الاشتراكات التي في عهدته بحكم وظيفته ثم ثبت في وظيفته من أول فبراير سنة 1942 واحتسبت مدة خدمته في المعاش ودفع عنها الاحتياطي دفعة واحدة بشيك على البنك بمبلغ 87 جنيها و54 مليما واستمر في العمل بحسابات الحكمدارية إلى تاريخ ارتكاب هذا الحادث وكان عمله في تاريخ نقله إلى الحسابات في 20/ 5/ 1935 قاصرا على مساعدة أحمد أفندي كامل الموظف بالحسابات أي مراجعة كشوف ماهيات رجال البوليس وتفريغها في الكشوف الإجمالية وتحرير كشوف الماهيات المحول صرفها على البنوك مع قيامه بأعمال أحمد أفندي كامل أثناء إجازاته وبالأخص في المدة من 10 أكتوبر سنة 1934 إلى 2 نوفمبر سنة 1934 ومدة إجازة الثلاثة الشهور التي حصل عليها المذكور وهي المدة التي سبقت إحالته على المعاش أي من 20/ 2/ 1935 إلى 19/ 5/ 1935 وبعد ذلك أصبح هو المراجع الأصلي لكشوف وحدات البوليس والفرق والأقسام المحول صرفها على خزينة المحافظة وما يتبع ذلك من نفقات وأقساط مستحقة لشركات التأمين وتحرير كشوف الماهيات الإجمالية لجميع القوات أي أنه يدرج في كشف واحد ماهيات وحدات البوليس جميعها وتحرير هذا الكشف ليرسل لحسابات المحافظة لاستخراج إذن صرف بماهيات الوحدات جميعها وهذا الإذن يرسل للخزينة لصرفه لمندوبي تلك الوحدات الذين لديهم توكيلات بصرف هذه المرتبات في أول كل شهر، كذلك من عمله تحرير كشوف العلاوات وعلاوة غلاء المعيشة لتلك الوحدات ثم ماهيات رجال الجيش المرابط الملحق بأقسام البوليس المختلفة ووحدات محافظة مصر، وكان منوطا بالمتهم كذلك بمقتضى وظيفته تسلم المبالغ التي ترد من أقسام البوليس ووحداته وقلم المرور المحصلة لحساب مكافآت رجال البوليس الذين يقومون بالمحافظة على النظام في الحفلات الخاصة بالأفراد والنوادي ودور الملاهي "السينمات والتياترات وغير ذلك" وهذه المبالغ تحصل من الجمهور وترسل بسراكي من الوحدات المختلفة لتسليمها للمتهم لتوريدها للخزينة لحساب الإيرادات ثم يعاد صرفها بعد خصم عشرها لحساب الحكومة لرجال البوليس الذين قاموا بالخدمة في هذه الحفلات، وكذلك منوط به أن يتسلم مرتبات رجال البوليس المرتدة من الأقسام بعد أول كل شهر لعدم تسليمها لأصحابها لأعذار طرأت وقتها كالغياب للمرض أو للوجود بالإجازات وغير ذلك وهذه المبالغ كانت ترد في سراكي ويتسلمها المتهم بالتأشير على السراكي بورودها ويثبت أغلبها في دفتر خاص لديه يسمى دفتر أمانات الحكمدارية وهذه المبالغ يجب أن تورد للخزانة وتثبت بدفاتر المحافظة على أنها معلاة بالأمانات حتى يطلب أصحابها صرفها إليهم، ومن عمله أيضا أن يتسلم ثمن السبلة الذي كان يرد من وحدات السواري التابعة لمحافظة مصر وهي ثمن لما بيع منها للأفراد وهذه المبالغ أيضا كان يؤشر من المتهم بالسراكي بتسلمها كي يقوم بتوريدها للخزينة لحساب الإيرادات وبعد أن أجملت المحكمة المبالغ المختلسة تحدثت عن صفة الطاعن التي اختلس بها هذه المبالغ فقالت "بلغ كل ذلك 105849 جنيها 463 مليما وهو قيمة ما اختلسه المتهم بصفته من مأموري التحصيل والأمناء على الودائع لأنه قد اتضح للمحكمة من اعتراف المتهم ومن أقوال شهود الإثبات الذين سمعتهم كإسكندر بك يعقوب والبكباشي عبد العزيز علي والصاغ أحمد محمود أن المتهم كان هو الذي يتولى الصرف لهم في أول كل شهر، وذكر حسين محمد شبانة أفندي كبير الصيارف في مواضع كثيرة بمحضر الجلسة أن المتهم تواجد بالخزينة منذ سنة 1932 ليسهل لهم صرف الماهيات لمندوبي وحدات البوليس لأنه يعرف معظمهم لاتصاله بهم في العمل وبعد ذلك أصبح مندوبا لوحدة الحكمدارية فكان يصرف المبلغ المقرر لها وهو قائم بعملية الصرف للمندوبين وغيرهم لأنه - أي محمد حسين شبانة - كان يستعين به في الصرف خصوصا في أوائل الشهر لكثرة الضغط عليه وعلى باقي الصيارف، فكان يسلمه مبالغ جسيمة قد تصل على حد روايته في اليوم إلى خمسين ألف جنيه فيتولى المتهم صرف الأذون الفردية لمستحقي الصرف وكذلك لبعض المندوبين وكان عمله في الخزينة كعمل الصراف الأول وزملائه من الصيارف إذ كان له مكان خاص وشباك خاص في الخزينة يتولى منه الصرف للطالبين وقد صادق المتهم الصراف الأول على أقواله واعترف في كثير من المواقف أنه كان يقوم بهذه العملية فعلا وأنه تولى صرف غالبية المستندات الموقع عليها منه كشاهد بوصفه صرافا للخزينة وكان يتسلم من الصراف الأول مبالغ طائلة وفي آخر النهار يكتفي منه هذا الشخص الذي هو سبب هذا الفساد وضياع مال الدولة بأن يتسلم منه أذون الصرف بدون مراجعتها وفقط يجمع مفرداتها ويسترد منه ما قد يكون قد تبقى مما سلمه إليه للصرف منه، واعترف المتهم في تحقيقات النيابة بصفحة 309 بما نصه: كان في بعض الأحيان الصيارف يتركون لي الخزينة بما فيها وما عليها لأتولى الصرف للمندوبين نيابة عنهم وكنت أوقع على الأذون التي أتولى صرفها لأربابها. ثم قال في موضع آخر في صفحة 329 عندما سأله المحقق أن يبين له ظروف تحريره بيانات خانة الإيصال وشهادته على إذن الصرف (مستند 165 من الحافظة الأولى) المقول بصرفه لإسماعيل حافظ فأجاب (سبق أن قلت إن الخزينة كانت تترك لي وأنا أصرف الأذون وأمضى على الأذونات اللي أصرفها) وقد استمر المتهم على هذه الحال فترة طويلة تزيد على العشر سنين كان متربعا فيها على خزينة المحافظة يتصرف فيها كما يشاء وهو الصراف الفعلي المهيمن على مال الخزينة ولم يستأمنه زميله الصراف الأول حسين شبانة إلا لما وضعه فيه من ثقة ولأنه موظف عمومي مسئول مثله على هذه الأمانة الثقيلة التي كان يجب أن يحافظ عليها لو كان لديه ذرة من الضمير والإحساس. وعلى هذا الاعتبار يكون حكم هذا المتهم في المسئولية حكم باقي الصيارف الذين كانوا معه والذين هم أقل منه سطوة وسلطانا، ولولا هذا السلطان لما أمكنه أن يخرج من خزينة المحافظة في يوم واحد بمبلغ سبعة آلاف جنيه وكسور السابق الإشارة إليه، لذلك تمكن المتهم من اختلاس هذه المبالغ الضخمة جميعها سواء المبالغ التي سلمت له من الأقسام للمكافأة والماهيات وثمن السبلة التي تسلمها بمقتضى وظيفته بصفته من مأموري التحصيل وأمينا على الودائع، أو المبالغ التي صرفت باسم الوحدة الوهمية بأذون الصرف الفردية أو الإجمالية لأنه كان يتمكن من صرفها لنفسه وهو داخل الخزينة قائم بعمل الصراف الفعلي، إذ ثابت من أقوال القائمقام إسكندر بك يعقوب حكمدار فرقة الخدمات العامة أن المتهم كان يقوم بعملية صرف الأذون الإجمالية إذ هو الذي يصرف للمندوبين بالكشف الإجمالي فمن باب أولى يصرف لنفسه المقرر باسم الوحدة الوهمية وهذا هو السر في وجوده بالخزينة لذلك تمكن من اختلاس هذه المبالغ ومبالغ الأذون الفردية المزورة باسم الوحدات الأخرى المختلس قيمتها أثناء قيامه بعمل الصراف الفعلي". وظاهر من هذا الذي أوردته المحكمة عن وظيفة الطاعن التي كان يشغلها بمحافظة مصر والطريقة التي تمكن بواسطتها من اختلاس المبالغ المبينة بالتهمة الرابعة أنه لم يكن إلا موظفا كتابيا بحسابات الحكمدارية ولم يكن بمقتضى عمله صرافا أو مساعدا للصراف بخزانة المحافظة أو منتدبا لهذه العملية مستمدا هذه الصفة من القوانين أو اللوائح أو منوطا بها رسميا من رئيس أو أي جهة حكومية مختصة بل الثابت من الحكم أنه تدخل في عمل صيارف الخزينة وأقحم نفسه فيما هو خارج عن نطاق أعمال وظيفته تهاونا من هؤلاء الصيارف وممالأة له. ولا يؤثر في ذلك أن استطال به الزمن وهو موغل في هذه الفوضى حتى تمكن من اختلاس تلك المبالغ الطائلة في مدى سنوات عدة فإن طول المدة أو تعدد العمليات لا يمكن أن تضفى عليه صفة الصراف أو مساعده.
وحيث إنه لما كان القانون يتطلب لتطبيق المادة 112 من قانون العقوبات أن تكون الأشياء المختلسة قد أودعت في عهدة الموظف المختلس أو سلمت إليه بسبب وظيفته، وتغليظ العقاب في هذه الحالة مراعى فيه إخلال الموظف الأميري بواجب الأمانة في حفظ الأشياء التي وضعت في عهدته، وهو غير متوفر في الواقعة المبينة بالتهمة الرابعة كما أثبتها الحكم - لما كان ذلك وكان الطاعن لم يعهد إليه بمقتضى وظيفته بحفظ النقود التي استولى عليها في تلك التهمة ولا هي سلمت إليه بهذه الصفة كما سبق البيان فإن المحكمة تكون قد أخطأت في تطبيق القانون حين دانته عن هذه التهمة تطبيقاً للمادة 112 من قانون العقوبات، بل كان الواجب تطبيق المادة 118 من ذلك القانون التي تعاقب كل موظف أدخل في ذمته بأية كيفية كانت نقودا للحكومة أو سهل لغيره ارتكاب جريمة من هذا القبيل.
وحيث إنه لما كانت المحكمة قد طبقت المادة 32 من قانون العقوبات وعاقبت الطاعن بالعقوبة الأشد وهي جريمة التزوير في أوراق رسمية فلا معدى والحالة هذه عن قبول الطعن عن التهمة الرابعة فقط وتطبيق القانون بالنسبة لها على الوجه الصحيح، وذلك باعتبار الواقعة منطبقة على المادة 118 من قانون العقوبات. وهذا يستتبع القضاء بإلغاء العقوبتين التكميليتين المقضى بهما فيما يختص بهذه التهمة.
















ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق