الصفحات

الاثنين، 18 مارس 2013

عدم دستورية حرمان العامل بهيئة قناة السويس من مقابل رصيد أجازاته

قضية رقم 141 لسنة 24 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 11 ديسمير سنة 2005 الموافق 9 من ذوالقعدة سنة 1426 ه .
برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مرعى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: حمدى محمد على، وماهر البحيرى ومحمد على سيف الدين وعلى عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصى ومحمد خيرى طه
وحضور السيد المستشار/ رجب عبدالحكيم سليم رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 141 لسنة 24 قضائية "دستورية".
المحالة من محكمة القضاء الإدارى بالإسماعيلية فى الدعوى رقم 262 لسنة 3 قضائية.
المقامة من
السيد/ أحمد حسن أحمد الشطورى
ضد
السيد رئيس هيئة قناة السويس
الإجراءات
بتاريخ الرابع والعشرين من إبريل سنة 2002، ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف الدعوى رقم 262 لسنة 3 قضائية، من محكمة القضاء الإدارى بالإسماعيلية، بعد أن قررت تلك المحكمة بجلسة 31/1/2002، وقف السير فيها وإحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية الفقرة الأخيرة من المادة (38) من لائحة العاملين بهيئة قناة السويس.
وقدمت الهيئة المدعى عليها، مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
كما قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع- على مايبين من صحيفة الدعوى، وسائر الأوراق- تتحصل فى أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 262 لسنة 3 قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى بالإسماعيلية ضد الهيئة المدعى عليها، طلباً للحكم بإلزامها بأن تؤدى إليه المقابل النقدى لكامل رصيد اجازاته الاعتيادية التى لم يحصل عليها إبان مدة خدمته. وإذ تراءى لمحكمة القضاء الإدارى عدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (38) من لائحة العاملين بهئية قناة السويس، فيما تضمنه من وضع حد أقصى للمقابل النقدى لرصيد الاجازات الاعتيادية، وهو ما يخالف مبدأ المساواة المنصوص عليه بالمادة 40 من الدستور، فقد قضت تلك المحكمة بوقف الدعوى وإحالتها إلى هذه المحكمة للفصل فى دستورية النص المشار إليه.
وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى، تأسيساً على أن اللائحة التى يندرج النص الطعين فيها، لا تعد من قبيل القوانين واللوائح فى مفهوم المادة (25) من قانون هذه المحكمة.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن اختصاصها فى شأن الرقابة على الشرعية الدستورية، ينحصر فى النصوص التشريعية أيا كان موضعها ونطاق تطبيقها أو الجهة التى أقرتها أو أصدرتها، فكلما كان الطعن موجها إلى قاعدة قانونية بمعناها الفنى الدقيق الذى ينصرف إلى النصوص التى تتولد عنها مراكز عامة مجردة سواء وردت هذه النصوص بالتشريعات الأصلية التى أقرتها السلطة التشريعية، أو تضمنتها التشريعات الفرعية التى أصدرتها السلطة التنفيذية فى حدود صلاحياتها الدستورية، لما كان ذلك وكانت لائحة العاملين بهيئة قناة السويس، صادرة عن أحد أشخاص القانون العام بناء على تفويض من المشرع فى المادة (7) من القانون رقم 30 لسنة 1975 بنظام هيئة قناة السويس، لتنتظم أوضاع العاملين بها، ولتهيمن على الرابطة التى تصلهم وذلك المرفق الحيوى الذى تقوم على شئونه هيئة عامة، والتى وإن أحلها قانون إنشائها من التقيد بالنظم والأوضاع الحكومية، وأباح لها اتباع أساليب الإدارة والاستقلال المعمول بها فى المشروعات التجارية، إلا أن وشائجها بالسطة العامة وامتيازاتها ما انفكت وثيقة، وما فتئت هذه الرابطة رابطة تنظيمية المرد فيها فى شأن سائر الأمور الوظيفية بها إلى هذه اللائحة عينها، باعتبارها القانون الحاكم لها، مما تنعقد الولاية بالرقابة الدستورية عليها لهذه المحكمة، متعينا والحال كذلك رفض هذا الدفع.
وحيث إن الفقرة الأخيرة من المادة (38) من لائحة العاملين بهيئة قناة السويس، الصادرة بقرار مجلس إدارة الهيئة رقم 321 لسنة 1971 المعدل بالقرارات أرقام 296 لسنة 1985 و305 لسنة 1988 و351 لسنة 1991 و529 لسنة 1994 و34 لسنة 1995 تنص على أن "وإذا انتهت خدمة العامل قبل استنفاد رصيده من الاجازات الاعتيادية، استحق عن هذا الرصيد أجره الأساسى الذى كان يتقاضاه عند انتهاء خدمته مضافا إليه بدل التمثيل أو البدل التخصصى والعلاوات بكافة أنواعها وبدل طبيعة العمل وحافز الجهود غير العادية ومتوسط الحوافز عن العام الأخير، وذلك بما لا يتجاوز أجر أربعة أشهر شاملاً تلك الاضافات.
وحيث إنه من المقرر –فى قضاء هذه المحكمة- أن لكل حق أوضاعاً يقتضيها، وأثاراً يرتبها، من بينها فى مجال حق العمل ضمان الشروط التى يكون أداء العمل فى نطاقها منصفا وإنسانيا ومواتيا، فلا تنتزع هذه الشروط قسرا من محيطها، ولا ترهق بفحواها بيئة العمل ذاتها، أو تناقض بأثرها ما ينبغى أن يرتبط حقا وعقلا بالشروط الضرورية لأداء العمل بصورة طبيعية لا تحامل فيها، ومن ثم لايجوز أن تنفصل الشروط التى يتطلبها المشرع لمباشرة عمل أو أعمال بذواتها عن متطلبات ممارستها، وإلا كان تقريرها انحرافا عن غايتها، يستوى فى ذلك أن يكون سندها علاقة عقدية أو رابطة لائحية.
وحيث إن الدستور وإن خول السلطة التشريعية بنص المادة (13) تنظيم حق العمل، إلا أنها لا يجوز أن تعطل جوهره، ولا أن تتخذ من حمايتها للعامل موطئا لإهدار حقوق يملكها، وعلى الأخص تلك التى تتصل بالأوضاع التى ينبغى أن يمارس العمل فيها، ويندرج تحتها الحق فى الأجازة السنوية التى لا يجوز لجهة العمل أن تحجبها عن عامل يستحقها، وإلا كان ذلك منها عدوانا على صحته البدنية والنفسية، وإخلالاً بأحد التزاماتها الجوهرية التى لا يجوز للعامل بدوره أن يتسامح فيها، ونكولاً عن الحدود المنطقية التى ينبغى- وفقا للدستور- أن تكون إطاراً لحق العمل.
وحيث إن المشرع تغيا من ضمان حق العامل فى أجازة سنوية بالشروط التى حددها أن يستعيد العامل خلالها قواه المادية والمعنوية، ولا يجوز بالتالى أن ينزل عنها العامل ولو كان هذا النزول ضمنيا بالامتناع عن طلبها، إذ هى فريضة اقتضاها المشرع من كل من العامل وجهة الإدارة، بل إن المشرع اعتبر حصول العامل على أجازة اعتيادية لمدة ستة أيام متصلة كل سنة أمراً لا يجوز الترخص فيه، أو التذرع دون تمامه لدواعى مصلحة العمل، وهو ما يقطع بأن الحق فى الأجازة السنوية يتصل بقيمة العمل وجدواه، وينعكس بالضرورة على كيان الجماعة صونا لقوتها الإنتاجية.
وحيث إن المشرع قد دل بنص عجز الفقرة الأولى من المادة (38) ذاتها، على أن العامل لا يجوز أن يتخذ من الأجازة السنوية وعاء ادخاريا من خلال ترحيل مددها ثم تجميعها ليحصل بعد انتهاء خدمته على ما يقابلها من الأجر، وكان ضمان المشرع لمصلحة العمل ذاتها قد اقتضاه أن يرد على العامل سوء قصده، فلم يجز له أن يحصل على ما يساوى أجر هذا الرصيد إلا عن مدة قدرها بأربعة أشهر، معتدا بأن قصرها يعتبر كافلاً للأجازة السنوية غايتها فلا تفقد مقوماتها أو تتعطل وظائفها، بيد أن هذا الحكم لا ينبغى أن يسرى على إطلاقه، بما مؤداه أنه كلما كان فوات الأجازة راجعا إلى جهة العمل أو لأسباب اقتضتها ظروف أدائه دون أن يكون لإراده العامل دخل فيها، كانت جهة العمل مسئولة عن تعويضه عنها، فيجوز للعامل عندئذ- وكأصل عام- أن يطلبها جملة فيما جاوز ستة أيام عن كل سنة، إذا كان اقتضاء ما تجمع من اجازاته السنوية على هذا النحو ممكنا عينا، وإلا كان التعويض عنها واجباً، تقديراً بأن المدة التى امتد إليها الحرمان من استعمال تلك الاجازة مردها إلى جهة العمل، فكان لزاماً أن تتحمل وحدها تبعة ذلك.
وحيث إن الحق فى التعويض لا يعدو أن يكون من العناصر الإيجابية للذمة المالية للعامل، مما يندرج فى إطار الحقوق التى تكفلها المادتان (32، 34) من الدستور التى صان بهما حق الملكية الخاصة، والتى جرى قضاء هذه المحكمة على اتساعها للأموال بوجه عام، وانصرافها بالتالى إلى الحقوق الشخصية والعينية جميعها، متى كان ذلك فإن حرمان العامل من التعويض المكافئ للضرر الجابر له يكون مخالفاً للحماية الدستورية المقررة للملكية الخاصة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (38) من لائحة نظام العاملين بهيئة قناة السويس الصادرة بقرار مجلس إدارة الهيئة رقم 321 لسنة 1971 المعدلة بقرارات مجلس إدارة الهيئة أرقام 296 لسنة 1985 و305 لسنة 1988 و351 لسنة 1992 و529 لسنة 1994 و34 لسنة 1995، وذلك فيما تضمنه من وضع حد أقصى لرصيد الأجازات الاعتيادية لا يجاوز أجر أربعة أشهر، متى كان عدم الحصول على هذا الرصيد راجعاً إلى أسباب تقتضيها مصلحة العمل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق