الصفحات

الجمعة، 22 فبراير 2013

عدول الدستور عن صيغة التنظيم الواحد في تكوين الأحزاب السياسية

ومن حيث إن الطاعن قد حدد طلباته الختامية في ضوء مذكرة دفاعه – المقدمة بجلسة 20/3/2010 في الحكم بإلغاء قرار لجنة شئون الأحزاب السلبي بشأن تأسيس الحزب المصري الديمقراطي الليبرالي خلال التسعين يوماً التالية لتاريخ تقديم الإخطار بتأسيس الحزب مع ما يترتب على ذلك من آثار , والسماح له برفع دعوى أمام المحكمة الدستورية العليا لعدم دستورية المواد أرقام ( 1 و 7 و 8 و 9 ) من قانون الأحزاب السياسية رقم 40/1977 , مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات .
ومن حيث إن الدعوى تداولت لدى المحكمة على النحو الثابت بالأوراق ومحاضر الجلسات .
ومن حيث إن المادة (5) من دستور جمهورية مصر العربية تنص على أن " يقوم النظام السياسي في جمهورية مصر العربية على أساس تعدد الأحزاب وذلك في إطار المقوّمات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصري المنصوص عليها في الدستور .
وينظم القانون الأحزاب السياسية …….. " .
وتنص المادة (1) من القانون رقم 40/1977 الخاص بنظام الأحـزاب السياسية على أن : " للمصريين حق تكوين الأحزاب السياسية ولكل مصري الحق في الانتماء لأي حزب سياسي وذلك طبقاً لأحكام هذا القانون " .
وتنص المادة (2) من القانون المذكور على أنه " يقصد بالحزب السياسي كل جماعة منظمة تؤسس طبقاً لأحكام هذا القانون في تحقيق التقدم السياسي والاجتماعي والاقتصادي للوطن على أساس الوحدة الوطنية وتحالف قوى الشعب العاملة والسلام الاجتماعي …….. وتعمل هذه الأحزاب باعتبارها تنظيمات وطنية وشعبية وديمقراطية على تجميع المواطنين وتمثيلهم سياسياً " .
وتنص المادة (7) من ذلك القانون على أنه :
"
يجب تقديم إخطار كتابي إلى رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية المنصوص عليها في المادة (8) من هذا القانون عن تأسيس الحزب موقعاً من ألف عضو على الأقل من أعضائه المؤسسين مصدقا رسمياً على توقيعاتهم , وعلى أن يكونوا من عشر محافظات على الأقل وبما لا يقل عن خمسين عضوا من كل محافظة وترفق بهذا الإخطار جميع المستندات المتعلقة بالحزب , وبصفة خاصة نظامه الأساسي ولائحته الداخلية وأسماء أعضائه المؤسسين وبيان الأموال التى تم تدبيرها لتأسيس الحزب ومصادرها , واسم من ينوب عن الأعضاء في إجراءات تأسيس الحزب .
ويعرض الإخطار عن تأسيس الحزب والمستندات المرفقة به على اللجنة المشار إليها في الفقرة السابقة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تقديم هذا الإخطار ".
وتنص المادة (8) من القانون المشار إليه على أن :
"
تشكل لجنة شئون الأحزاب السياسية على النحو الآتى :
رئيس مجلس الشورى رئيساً 
وزير الداخلية 
وزير شئون مجلس الشعب 
ثلاثة من بين الرؤساء السابقين للهيئات القضائية أو نوابهم من غير المنتمين إلى أى حزب سياسي .
ثلاثة من الشخصيات العامة غير المنتمين إلى أي حزب سياسي 
وللجنة في سبيل مباشرة اختصاصاتها طلب المستندات والأوراق والبيانات والإيضاحات التي ترى لزومها من ذوى الشأن في المواعيد التي تحددها لذلك ……ويتولى مؤسسو الحزب أو من ينوب عنهم في إجراءات تأسيسه نشر أسماء مؤسسيه الذين تضمنهم إخطار التأسيس على نفقتهم في صحيفتين يوميتين واسعتي الانتشار خلال ثلاثين يوماً من تاريخ الإخطار , وذلك على النموذج الذي تعده لهذا الغرض لجنة شئون الأحزاب السياسية مع إبلاغ اللجنة خلال ثلاثة أيام من تاريخ النشر بما يفيد تمامه .وعلى اللجنة أن تصْدر قرارها في شأن تأسيس الحزب خلال التسعين يوماً التالية لتاريخ تقديم إخطار التأسيس , ويجب أن يصدر قرار اللجنة بالاعتراض على تأسيس الحزب مسببًا بعد سماع الإيضاحات اللازمة من ذوى الشأن , ويعتبر انقضاء المدة المشار إليها دون صدور قرار من اللجنة في شأن تأسيس الحزب بمثابة قرار بعدم الاعتراض على تأسيسه ………" .ومن حيث إن المستفاد من النصوص المتقدمة أن الدستور بتقريره حق المواطنين في تكوين الأحزاب السياسية قد عدل عن صيغة التنظيم الواحد السابق متمثلة في الاتحاد الاشتراكي وأباح ممارسة الأحزاب السياسية لنشاطها الحزبي والسياسي والاجتماعي وفقاً للمقومات الأساسية للمجتمع المصري الذي حواها الدستور بين دفتيه ، وقد وسد الدستور إلى المشرع أمر تنظيم مباشرة هذا الحق الدستوري باعتباره الطريق القويم للعمل الوطني الهادي إلى تعميق الديمقراطية وإرساء دعائمها .ومن حيث إن قانون الأحزاب قد حدد مفهوم الحزب السياسي بأنه كل جماعة منظمة تؤسس طبقاً لأحكامه وتعمل بالوسائل السياسية الديمقراطية لتحقيق برامج محددة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً على وجه يتحقق معه التقدم في هذه المجالات ، وقد أوجب المشرع لقيام الحزب السياسي تقديم إخطار كتابي إلى رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية يفصح فيه مقدمه عن رغبته وآخرين في تأسيس حزب سياسي موقعاً عليه من ألف عضو على الأقل من الأعضاء المؤسسين ومصدق رسمياً على توقيعاتهم ، وعلى أن يكونوا من عشر محافظات على الأقل وبما لا يقل عن خمسين عضواً من كل محافظة ، وأن يرفق بالإخطار جميع المستندات المتعلقة بالحزب وعلى الأخص نظامه الأساسي ولائحته الداخلية وأسماء الأعضاء المؤسسين وبيان أموال تأسيس الحزب ومصادرها وتحديد اسم من ينوب عن الأعضاء في إجراءات التأسيس ، كما حدد المشرع إجراءات ومواعيد قاطعة تتساند بعضها مع البعض لتأسيس الحزب أو صيرورته كذلك تتمثل في وجوب عرض الإخطار والمستندات المرفقة به على لجنة شئون الأحزاب خلال خمسة عشر يوماً ، وتختص هذه اللجنة بفحص ودراسة إخطارات التأسيس ، ولها في سبل مباشرة هذا الاختصاص طلب أى مستندات أو أوراق من ذوى الشأن وهذه المستندات توضح ما يفحص من مستندات في إخطار استوفى شرائط تقديمه المحددة حصراً في المادة (7) من قانون الأحزاب ، وبعد نشر أسماء المؤسسين الذين تضمنهم الإخطار على النموذج الذي تعده لجنة شئون الأحزاب وإخطار اللجنة بما يفيد تمام ذلك النشر ، أوجب المشرع على اللجنة أن تصدر قرارها في شأن تأسيس الحزب خلال التسعين يوماً التالية لتاريخ تقديم إخطار التأسيس واعتبر المشرع انقضاء هذا الميعاد دون صدور قرار من اللجنة في شأن تأسيس الحزب بمثابة قرار بعدم الاعتراض على تأسيس الحزب ولا مراء في أن الإخلال بأي إجراء من هذه الإجراءات سواء من قبل طالب التأسيس أو اللجنة لا يرتب الأثر المحدد في المادة (8) سالفة الذكر .
ومن حيث إن الثابت من أوراق الطعن أن الطاعن قدم طلباً في صورة إعلان على يد محضر إلى رئيس لجنة شئون الأحزاب ذكر فيه أنه وكيل مؤسسي الحزب المصري الليبرالي وأرفق بهذا الإعلان طلب تأسيس الحزب عن نفسه وبصفته وكيلاً عن كل من د . محمد عبده / عبد العزيز جمال الدين طاهر / هاني عزيز بسطا كمؤسسين على ثلاثة توكيلات صادرة عنهم للطاعن للتوقيع نيابة عنهم على طلب التأسيس وتقديم البرنامج ولائحته الداخلية وتمثيلهم أمام القضاء ، كما أرفق بالإعلان على يد محضر السالف ما اسماه اللائحة الداخلية المؤقتة للحزب عبارة عن (7 صفحات( ومن حيث إن الإخطار المقدم من الطاعن لم يتخذ الشكل الذي استلزمه القانون من حيث وجوب توقيعه من العدد المحدد قانوناً واقتصر على ثلاثة والطاعن فقط – وليس ألف عضو من المحافظات المختلفة على التحديد السالف بيانه – وهو ما يمثل شرطاً جوهرياً لقبول طلب التأسيس ومن ثم ترتيب الآثار القانونية والإجرائية التي حددها المشرع تحديداً حصرياً على الوجه السالف بيانه وذلك بحسبان أن هذا الشرط لا يمثل فقط حالة الجدية وإنما يقرر فكرة جماعية الحزب السياسي ويتساند مع غيره من الشروط في خلق وضع قانوني وواقعي بحيث يكون واجباً على لجنة شئون الأحزاب اتخاذ الإجراءات اللازمة بشأنه . ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن القرار الإداري السلبي هو امتناع جهة الإدارة عن إصدار قرار كان يتعين عليها قانوناً إصداره ، وإذ ثبت للمحكمة عدم إتباع الطاعن الطريق الذي رسمه القانون للعرض على لجنة شئون الأحزاب وعدم استيفاء ما أوجبه القانون لإنشاء مركز قانوني ما للحزب محل الطعن الماثل وعليه فإن القرار الإداري السلبي يكون منتفياً واقعاً وقانوناً ويضحى الطعن غير مقبول .ومن حيث إنه عن الدفع المبدى من الطاعن بعدم دستورية المواد ( 1و 7 و 8 و 9) من قانون الأحزاب السياسية رقم 40/1977 بزعم مخالفتها للدستور و العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية فإنه ولما كانت صحيفة الطعن ومذكرة الدفاع المقدمة منه قد جاءت مرسلة دون تحديد لأسانيدها القانونية التي تعتور هذه النصوص سواء بالمخالفة لأحكام الدستور أو قواعد العهد الدولي فإن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن تصدى محكمة الموضوع لجدية الدفع بعدم الدستورية رهين بأن يكون الفصل فيه كمسألة أولية أمر لازم للفصل في الدعوى - الطعن المطروح على المحكمة لإنزال صحيح حكم القانون على الوقائع المعروضة عليها وهو الأمر غير المتوافر في الدعوى المطروحة والتي انتهت فيها المحكمة إلى عدم قبولها لانتفاء القرار على النحو السالف ولا يستساغ قانوناً أن يتخذ من الطعن الماثل مع القضاء بعدم قبوله وسيلة للطعن على دستورية القوانين .
حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 5107 لسنة 53 قضائية عليا بجلسة 17/4/2010

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق