الصفحات

الاثنين، 4 فبراير 2013

البَهائيَّة وقانون الأحوال المدنية

صدر القانون رقم 143 لسنة 1994 في شأن الأحوال المدنية ونشر في الجريدة الرسمية في العدد 23 تابع في 9/6/1994 . وبينت المادة 3 منه أن الأحوال المدنيةهي وقائع الميلاد والوفاة والزواج والطلاق .
وبذلك تختلف عن الأحوال الشخصية والتي حددتها محكمة النقض المصرية في حكمها الشهير بتاريخ 21 /6 /1934م معنى مصطلح الأحوال الشخصية ، فنص هذاالحكم على أن: "الأحوال الشخصية هي مجموع ما يتميز به الإنسان عن غيره من الصفات الطبيعية أو العائلية التي رتب القانون عليها أثرا قانونيا في حياته ككونه إنسانا ذكرا أو أنثى وكونه زوجا أو أرمل أو مطلقا أو ابنا شرعيا ، أو كونه تام الأهلية أو ناقصها لصغر سن أو عته أو جنون أو كونه مطلق الأهلية أو مقيدها بسبب من أسبابها القانونية ، أما الأمور المتعلقة بالمسائل المالية فكلها بحسب الأصل من الأحوال العينية ، وإذن فالوقف والهبة والوصية والنفقات على اختلاف أنواعها ومناشئها من الأحوال العينية لتعلقها بالمال وباستحقاقه وعدم استحقاقه ، غير أن المشرع المصري وجد أن الوقف والهبة والوصية وكلها من عقود التبرعات تقوم غالبا على فكرة التصدق المندوب إليه ديانة ، فألجأه هذا إلى اعتبارها من قبيل مسائل الأحوال الشخصية ، فيما يخرجها عن اختصاص المحاكم المدنية التي ليس من نطاقها النظر في المسائل التي قد تحوى عنصرا دينيا ذا أثر في تقرير أحكامها".
ولم يسلم هذا التعريف من الغموض والنقد إلى الحد الذي أوجب تدخل المشرع لتدارك نقص تعريف محكمة النقض المصرية وغموضه إذ جاء في المادة 28 من لائحة التنظيم القضائي للمحاكم المختلطة الصادرة بالقانون رقم 49 لسنة 1937م ما يلي: " تمثل الأحوال الشخصية المنازعات والمسائل المتعلقة بنظام الأسرة ، وعلى الأخص الخطبة والزواج وحقوق الزوجين وواجباتهما المتبادلة والمهر ونظام الأموال بين الزوجين والطلاق والتطليق والتفريق والبنوة والإقرار بالأبوة وإنكارها والعلاقات بين الأصول والفروع ، والالتزام بالنفقة للأقارب والأصهار وتصحيح النسب والتبني والوصاية والقوامة والحجر والإذن بالإدارة ، وكذلك المنازعات والمسائل المتعلقة بالهبات والمواريث وغيرها من التصرفات المضافة إلى ما بعد الموت وبالغيبة وباعتبار المفقود ميتا".
ويهمنا في هذا المقام بيان أنه إذا كانت الديانة البهائية ديانة رسمية يلتزم وزير الداخلية بإثباتها في بطاقة الرقم القومي فهل يجوز إلزام الوزير بالموافقة على تسمية الطفل بعبد البهاء أو بهاء الله أو البهائي أو الميرزا .
للرد على هذا التساؤل نجد أن المادة 21 من قانون الأحوال المدنية نصت صراحة على أنه لا يجوز أن يكون الاسم مخالفا للنظام العام أو لأحكام الشرائع السماوية .
وهو ما لم يخرج عنه قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 حيث نص في مادته الخامسة على أنه ولا يجوز أن يكون الاسم منطويا على تحقير أو مهانة لكرامة الطفل أو منافيا للعقائد الدينية .
ولا يقدح في ذلك ما نصت عليه المادة 16 من ذات القانون من أن التبليغ بوقائع الميلاد يشمل اسم الوالدين وجنسيتهما وديانتهما .
حيث فسرت المادة 25 من اللائحة التنفيذية للقانون الأخير المقصود من المادة الخامسة آنفة البيان من أن يكون التسمي باسم دابة أو شئ يتعارف عليه أو ينطوي على عبودية لغير الله أو كفر به .
فهل البهائية تعتبر ديانة خاصة بغير المسلمين التي ينبغي أن نتركهم وما يدينون به ونطبق عليهم شرائعهم الخاصة في قضاياهم .
لقد حسمت محكمة النقض ذلك الوضع منذ زمن بعيد حين قضت بأن :
الشرائع الخاصة أو الطائفية هي القواعد الدينية التي تحكم مسائل الأحوال الشخصية بالنسبة للمصريين غير المسلمين الذين يدينون بدين سماوي ، وهي تطبق في مصر استنادا إلى نظم قانونية تقوم على أساسها ، فإن الأصل أن هذه القواعد القانونية الوضعية بالإضافة إلى المصادر الدينية هي التي تحكم علاقات المصريين غير المسلمين وتبين ما إذا كان الانتماء إلى جماعة معينة يعتبر من قبيل تغير العقيدة الدينية التي تسوغ تطبيق الشريعة الإسلامية أم أنه لا يفيده وأن تغييراً لم يحصل .
ولا يقدح في ذلك ما سبق وأن قضت به – حين تعرضت لمعنى لفظ شريعتهم - من أن نص الفقرة الثانية من المادة السادسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 – والذي الغي بالقانون رقم 1 لسنة 2000- بإلغاء المحاكم الشرعية والملية على أنه " أما بالنسبة للمنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين والمتحدى الطائفة والملة الذين لهم جهات قضائية ملية منظمة وقت صدور هذا القانون ، فتصدر الأحكام في نطاق النظام العام طبقا لشريعتهم " … ولفظ "شريعتهم " التي تصدر الأحكام طبقا لها في مسائل الأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين والمتحدى الطائفة والملة والذين لهم جهات ملية منظمة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو لفظ عام لا يقتصر مدلوله على ما جاء في الكتب السماوية وحدها ، بل ينصرف إلى كل ما كانت تطبقه جهات القضاء الملي قبل إلغائها باعتبارها شريعة نافذة ، إذ لم يكن في ميسور المشرع حين ألغى هذه الجهات أن يضع القواعد الواجبة التطبيق في مسائل الأحوال الشخصية لغير المسلمين ، فاكتفى بتوحيد جهات القضاء تاركاً الوضع على ما كان عليه بالنسبة للأحكام الموضوعية التي يتعين على المحاكم تطبيقها ، وأحال إلى الشريعة التي كانت تطبق في تلك المسائل أمام جهات القضاء الملي ، ولم تكن هذه الشريعة التي جرى العمل على تطبيقها تقتصر على ما جاء بالكتب السماوية . ومما يدل على حقيقة قصد المشرع وأن ما يعتبر شريعة عند غير المسلمين لم يكن قاصراً على القواعد التي جاءت بها الكتب المنزلة ، ما أورده المشرع بالمذكرة الإيضاحية للقانون المشار إليه من أن " القواعد الموضوعية التي تطبقها أكثر المجالس فيما يطرح عليها من الأقضية غير مدونة ، وليس من اليسير أن يهتدي إليها عامة المتقاضين ، وهى مبعثرة في مظانها بين متون الكتب السماوية وشروح وتأويلات لبعض المجتهدين من رجال الكهنوت " .
فالحكم يتعلق بالمصادر التي يمكن للقاضي أن يحكم بمقتضاها هل هي الكتب السماوية فقط أم آراء الفقهاء وذلك في الإطار العام وهو الأديان السماوية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق