الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 20 أبريل 2024

الطعن رقم 1 لسنة 2023 ق توحيد المبادئ القضائية جلسة 21 / 12 / 2023

باسم حضرة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان
رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة
إن هيئة توحيد المبادئ القضائية الاتحادية والمحلية المشكلة : - برئاسة سعادة القاضي : محمـــد حـمـد البـادي وعضوية سعادة القاضي : شهاب عبد الرحمن الحمادي وسعادة القـاضي: محمد عبد الرحمن الطنيجي وسعادة القـاضي: عبدالعزيز يعكوبي وسعادة القـاضي: المبارك العوض حسن وسعادة القـاضي: سعد محمد زويل وسعادة القـاضي: عمر يونس جعرور وسعادة القـاضي: أحمد مصطفى أبوزيد وسعادة القـاضي: عصمت بخيت أبوزيد
وأمين السر السيد : د.سعود فيصل آل علي
بالجلسة المنعقدة يوم الخميس 8 من جمادي الآخرة 1445 هـ الموافق 21 من ديسمبر 2023م بمقر المحكمة الاتحادية العليا بمدينة أبوظبي.
أصدرت القرار الآتي في:
الطلب رقم 1 لسنة 2023 "هيئة توحيد المبادئ القضائية الاتحادية والمحلية"

---------------

بعد الاطلاع على الأوراق وتلاوة تقرير التلخيص والمداولة.
حيث إن الوقائع، على ما يبين من الطلب وسائر الأوراق، تتحصل في أن المدعي أقام ضد المدعى عليه منازعة التنفيذ الموضوعية رقم ... لسنة 2022 تنفيذ شيكات بطلب الحكم: أولا بصفة مستعجلة وقف تنفيذ قرار قاضي التنفيذ رقم 645 لسنة 2022 شيكات لحين الفصل في المنازعة، ثانياً في الموضوع بإلغاء القرار المتنازع فيه والقضاء مجدداً برفض طلب المدعى عليه وإلغاء كافة الإجراءات التنفيذية المتخذة ضد المدعي؛ على سند من أنه بتاريخ 1/ 2/ 2022 استصدر المدعى عليه قراراً بوضع الصيغة التنفيذية على الشيكين رقمي (..... - ......) المسحوبين لصالحه من حساب المدعي لدى بنك الخليج الأول بقيمة إجمالية مقدارها 12,000,000 مليون درهم "اثنا عشر مليون درهم"، وقد ارتد كلا الشيكين دون صرف لغلق الحساب وبمنعه من السفر، ولكون المدعي لا تربطه صلة بالمدعى عليه الذي تحصل على الشيكين سالفي البيان عن طريق جريمة خيانة أمانة، فضلاً عن عدم صدور حكم بإلزامه بسداد قيمة هذين الشيكين فقد أقام الدعوى للحكم له بالطلبات السابقة. وبتاريخ 5/ 4/ 2022 حكمت محكمة أول درجة برفض الدعوى، فاستأنف المدعي هذا الحكم بالاستئناف رقم .... لسنة 2022 تنفيذ تجاري، وبتاريخ 13/ 6/ 2022 قضت محكمة الاستئناف برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. وبتاريخ 6/ 7/ 2022 طعن المستأنف في هذا الحكم بالتمييز أمام محكمة تمييز دبي بالطعن رقم 888 لسنة 2022 تجاري ضد المطعون ضده لمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب؛ وفي بيان ذلك يقول إن المشرع حصر تطبيق نص المادة 635 مكرراً من قانون المعاملات التجارية المضافة بالمرسوم بقانون رقم 16 لسنة 2020 باعتبار الشيك سنداً تنفيذياً في حالتين هما عدم صرف الشيك لعدم وجود رصيد له ولعدم كفاية الرصيد وبالتالي فإن هذا النص لا ينطبق حال عدم صرف الشيك لأي سبب آخر، وكان الثابت من الأوراق أن الشيكين موضوع الدعوى قد ارتدا دون صرف بسبب غلق الحساب المسحوب عليه هذين الشيكين فإنه لا يجوز وضع الصيغة التنفيذية عليهما. وبجلسة 5/ 4/ 2023 قضت محكمة التمييز بنقض الحكم المطعون فيه وبإلزام المطعون ضده المصروفات ومبلغ ألفي درهم مقابل أتعاب المحاماة، وحكمت في موضوع الاستئناف رقم .... لسنة 2022 تنفيذ تجاري بإلغاء الحكم المستأنف وقرار قاضي التنفيذ رقم 645 لسنة 2022 تنفيذ شيكات وبإلزام المستأنف ضده المصاريف ومبلغ ألف درهم مقابل أتعاب المحاماة؛ وأسست قضاءها على ما هو مقرر من أنه متى كان النص واضحاً جلياً فإنه يكون قاطعاً في الدلالة على المراد منه ولا يجوز الأخذ بما يخالفه وتغليبه على عبارة النص لخروج ذلك على مراد المشرع ، وكان النص في المادة 635 مكرراً من قانون المعاملات التجارية المعدل بالمرسوم بقانون رقم 14 لسنة 2020 على أن يُعد الشيك المثبت عليه من قبل المسحوب عليه بعدم وجود رصيد له أو عدم كفايته سندا تنفيذيا وفقا للائحة التنظيمية للقانون الاتحادي رقم 11 لسنة 1992 المشار إليه ولحامله طلب تنفيذه كليا أو جزئيا جبراً" يدل بصريح النص على أن المشرع قرر جعل الشيك الذي يرتد دون صرف من البنك المسحوب عليه بسبب إفادة هذا البنك بعدم وجود رصيد لصرفه أو عدم كفاية رصيده سندا تنفيذيا يحق لحامله طلب تنفيذه بكامل قيمته أو بجزء منه جبرا، فلا يعتبر عدم صرف الشيك لأي سبب غير السببين سالفي البيان سنداً تنفيذيا يجوز تنفيذه جبرا. لما كان ذلك وكان الثابت في الدعوى إفادة البنك المسحوب عليه الشيكين المؤرخين 15/ 6/ 2021 و 1/ 7/ 2021 موضوع الدعوى أن عدم صرف مبلغ الشيكين يرجع إلى غلق الحساب المسحوبين منه، وكان المشرع لم يجعل هذه الحالة من ضمن الحالات التي يُعتبر فيها الشيك سندًا تنفيذيًا فلا يحق لحامله التقدم بطلب اتخاذ إجراءات وضع الصيغة التنفيذية عليه لتنفيذه جبرا، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأيد الحكم المستأنف برفض دعوى الطاعن بإلغاء قرار قاضي التنفيذ الصادر في التنفيذ رقم 645 لسنة 2022 تنفيذ شيكات بوضع الصيغة التنفيذية على الشيكين سالفي البيان وإلغاء الإجراءات التنفيذية المتخذة ضده فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وأقام المدعي الإشكال رقم .. لسنة 2023 تجاري في التنفيذ رقم ... لسنة 2023 تنفيذ شيكات؛ بطلب إلغاء القرار الصادر بوضع الصيغة التنفيذية على الشيك رقم ...... المسحوب على مصرف .... بتاريخ 9/ 5/ 2020 لعدم استيفاء الشروط لكون الصيغة التنفيذية قد جاءت باطلة لوقوعها على باطل بسبب عقد بيع أرض سكنية لا يجوز بيعها؛ على سند من القول أن المطعون ضدها استصدرت السند التنفيذي لإلزامه بسداد مبلغ 3,000,000 مليون درهم " ثلاثة ملايين درهم قيمة الشيك المشار إليه، بالرغم من عدم اختصاص قاضي التنفيذ لعدم استيفاء شروط الشيك وهي عدم الكفاية أو عدم وجود رصيد قابل للصرف ولبطلان الصيغة التنفيذية، كما أن الشيك هو شيك ضمان وفقا لصورة عقد بيع الأرض بمبلغ 400,000 ألف درهم "أربعمائة ألف درهم" المتضمن تحرير شيك لصالح المشتري بمبلغ 3,000,000 مليون درهم "ثلاثة ملايين" مستحقة للمشتري في حالة رجوع البائع عن إتمام العقد أو إخلاله بأي بند مما حدا بالمدعي إلى إقامة إشكاله في التنفيذ للحكم له بالطلبات السابقة. قرر قاضي التنفيذ قبول الإشكال شكلا وفي الموضوع برفضه والاستمرار في التنفيذ، فاستأنف المدعي هذا القرار بالاستئناف رقم ... لسنة 2023 تجاري العين بتاريخ 12/ 4/ 2023 قضت محكمة الاستئناف بتأييد القرار المستأنف. طعن المستأنف في هذا القضاء بطريق النقض أمام محكمة النقض بأبو ظبي مختصمًا المطعون ضدها طالبًا نقضه لمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه؛ إذ أقام قضاءه بتأييد القرار المستأنف بالمخالفة لنص المادة 667 من قانون المعاملات التجارية رقم 50 لسنة 2022 التي جرى نصها على أن يُعد الشيك المثبت عليه من قبل المسحوب عليه بعدم وجود رصيد له أو عدم كفايته سندا تنفيذيا ولحامله طلب تنفيذه كليا أو جزئيا بالطرق الجبرية" مما مفاده أن الشيك الذي يُعد سندا تنفيذيا هو المثبت عليه من قبل المسحوب عليه بعدم وجود الرصيد أو عدم كفايته فقط ولا يجوز التوسع في ذلك، وكان الثابت أن الشيك المقدم من المطعون ضدها ارتد بسبب غلق الحساب وليس لعدم وجود رصيد قائم وقابل للسحب، بما يعنى عدم استيفاء الشيك للشروط التي قررها المشرع نظرت محكمة نقض أبو ظبي الطعن في غرفة مشورة، وبجلسة 21/ 6/ 2023 قضت محكمة نقض أبو ظبي برفض الطعن وإلزام الطاعن بالرسوم والمصروفات ومبلغ ألف درهم مقابل أتعاب المحاماة للمطعون ضدها وأمرت بمصادرة التأمين؛ وأقامت المحكمة قضاءها على هو مقرر بالمادة 635 مكررا من المرسوم بقانون اتحادي رقم 14 لسنة 2020 بتعديل بعض أحكام قانون المعاملات التجارية الاتحادي رقم 18 لسنة 1993 أنه "يُعد الشيك المثبت عليه من قبل المسحوب عليه بعدم وجود وصيد له أو عدم كفايته سندا تنفيذياً وفقا للائحة التنظيمية للقانون الاتحادي رقم 11 لسنة 1992 ولحامله طلب تنفيذه كليا أو جزئياً جبرا"، وأن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وفي تفسير الاتفاقات والمحررات والوقوف على حقيقة القصد منها متى كان تفسيرها مما تحتمله عباراتها، وفي تقدير ما يُقدم إليها من أدلة وأن يكون استخلاصها في ذلك سائغا وله أصله الثابت في الأوراق، ولما كان البين أن الطاعن قد حرر للمطعون ضدها الشيك رقم ..... المسحوب على مصرف ...... بتاريخ 9/ 5/ 2020 بمبلغ 3,000,000 مليون درهم "ثلاثة ملايين درهم" وارتد الشيك لغلق الحساب، وكان البين من البند السادس من عقد البيع المبرم بين الطرفين أن الطرف الأول - الطاعن - قام بتسليم الطرف الثاني - المطعون ضدها - الشيك المشار إليه كضمان وبدون تاريخ ويفوض الطرف الثاني في تدوين هذا التاريخ ويُستحق لها في حالة رجوع البائع عن إتمام هذا البيع أو إخلاله بأي بند من بنود هذا العقد وأنه في حالة قيام الطرف الثاني يعمل بناء أو إنشاءات بالأرض المبيعة تضاف إلى المبلغ السابق قيمة المباني التي قام بإنشائها ويلتزم الطرف الأول بسدادها جميعاً للطرف الثاني المشتري، وحيث إن استحقاق الشيك المسلم للمطعون ضدها معلق على شرط واقف وهو رجوع الطاعن عن البيع وثبت رجوعه عن البيع بما يتحقق الشرط وتصبح قيمة الشيك مستحقة للمطعون ضدها ويعتبر بعد ذلك سنداً تنفيذياً تنفذه المطعون ضدها كلياً على الطاعن، وإذ لم يثبت الطاعن سدادة قيمة ذلك الشيك فإنه ملزم بقيمته ولا ينال من ذلك دفاع الطاعن أنه حتى يُعتبر الشيك سنداً تنفيذياً أن يثبت عليه من قبل المسحوب عليه بعبارة "عدم وجود الرصيد أو عدم كفايته" دون عبارة "غلق الحساب" التي تعني عدم إمكانية صرفه وبالتالي تتساوى مع عدم وجود رصيد في النتيجة، ويحق لحامله المطعون ضدها طلب تنفيذه كليا جبراً على المدين باعتباره سندًا تنفيذياً ولا يمكن للساحب أن يتحلل من أثر الشيك بمجرد تعمده غلق حسابه.
وعلى إثر هذا التعارض بين المبدأين السالفين تقدم سعادة النائب العام للاتحاد بطلب إلى هيئة توحيد المبادئ القضائية الاتحادية والمحلية بتاريخ 8/ 1/ 2023 قيد برقم (1) لسنة 2023 "هيئة توحيد المبادئ" طلب في ختامه النظر في التعارض السالف بيانه. وبتاريخ 30/ 10/ 2023 أصدرت الهيئة العامة بمحكمة نقض أبو ظبي مبدأ يتبنى القراءة لأحكام المادة 667 من قانون المعاملات التجارية بقصر إضفاء الصيغة التنفيذية للشيك على الحالتين الواردتين بنص المادة دون ما عداهما.
وحيث إنه من المقرر أن العبرة بقيام التعارض بين المبادئ بتاريخ تقديم الطلب من سعادة النائب العام للاتحاد إلى هيئة توحيد المبادئ القضائية الاتحادية والمحلية.
وحيث إن الهيئة تنوه ابتداء إلى أن نص المادة (15) من القانون الاتحادي رقم (10) لسنة 2019 بشأن تنظيم العلاقات القضائية بين السلطات القضائية الاتحادية والمحلية على أن "تختص الهيئة بتوحيد المبادئ القضائية المتعارضة الصادرة عن محكمتين أو أكثر من المحاكم العليا في الدولة، كما تختص بالنظر في طلبات العدول عن مبدأ سبق لها أن قررته وفقا للإجراءات المحددة في المادة 16 من هذا القانون "، كما أنه ومن المقرر بنص المادة (16) أنه "تقدم طلبات توحيد المبادئ القضائية إلى الهيئة بتقرير مسبب من أي من رؤساء المحاكم العليا في الدولة، أو النائب العام الاتحادي أو النواب العامين المحليين بصورة تلقائية أو بناء على طلب مقدم إليهم من الجهات الحكومية الاتحادية أو المحلية...."، مما مفاده أن مناط قبول طلب الفصل في التناقض بين مبدأين قضائيين نهائيين في المسألة الواحدة أن يكون أحد المبدأين صادراً عن المحاكم العليا في الدولة أيا كان مسماها سواء محكمة نقض أو تمييز أو عليا والآخر صادراً من جهة أخري من ذات المحاكم أو أكثر بحيث يكون المبدأين قد تصادما - وقت تقديم الطلب - بما يتعذر تغليب أحدهما على الآخر واجتماع تنفيذهما معاً مما يستوجب على الهيئة أن تحسم هذا التعارض بالمفاضلة بين المبدأين أو التوفيق بينهما من حيث الأثر القانوني على المنازعات المتعلقة بين المبدأين المتعارضين، وينتفي مناط قبول الطلب إذا كان المبدآن صادرين عن جهة قضائية واحدة فإن المحكمة العليا لهذه الجهة وحدها تكون لها ولاية الفصل في التعارض وفقا للقواعد الإجرائية المعمول بها في نطاقها حيث تتولى المحكمة بتلك الجهة إقرار أحد المبدأين المتعارضين أو العدول عن مبدأ مستقر وإصدار مبدأ آخر يخالفه، كما أن الطلب الماثل مقدم ممن له صلاحية تقديمه سعادة النائب العام للاتحاد، وجاء بتقرير مسبب، ومن ثم فهو مقبول شكلاً.
لما كان ذلك وكان الثابت من الحكم الصادر من محكمة تمييز دبي في الطعن رقم 888 لسنة 2023 تجاري والحكم الصادر من محكمة النقض بأبوظبي في الطعن رقم 460 لسنة 2023 تجاري، أن هذين الحكمين تضمنا مبدأين قضائيين متعارضين حول مسألة واحدة على النحو المبين في المساق المتقدم مما ينعقد معه الاختصاص لهيئة توحيد المبادئ القضائية الاتحادية والمحلية لنظر طلب النائب العام بخصوص هذا التعارض.
وحيث إنه من المقرر وفقا لنص المادة (667) من المرسوم بقانون اتحادي رقم 50 لسنة 2022 بشأن إصدار قانون المعاملات التجارية، "يعد الشيك المثبت عليه من قبل المسحوب عليه بعدم وجود رصيد له أو عدم كفايته سندًا تنفيذيًا، ولحامله طلب تنفيذه كليًا أو جزئيًا بالطرق الجبرية". ومن المقرر قضاء أنه إذا لم تحدد مدة للحساب الجاري جاز إغلاقه في أي وقت بإرادة أحد الطرفين، وفي جميع الأحوال يغلق الحساب الجاري بوفاة العميل أو بفقده أهليته أو بإشهار إفلاس أحد الطرفين أو بانقضاء الشخص الاعتباري أو بشطب المصرف من قائمة المصارف العاملة أو توقف المصرف عن أعماله.... وأن تعبير أحد طرفي الحساب الجاري عن إرادته في غلق الحساب كما يكون صريحاً يكون كذلك ضمنياً.
كما وأن عبارة "تجميد" الشيك أو إغلاق الحساب" تتقابل في معناها مع عبارة "وجود رصيد له أو عدم كفايته". وهذا يتفق مع التفسير الغائي للنص، ويؤدي إلى استقرار المعاملات التجارية والمصرفية، وأن اعتناق التفسير الحرفي للنص، وعدم امتداد أثره إلى حالة غلق الحساب يترتب عليه اللجوء إلى الإجراءات القضائية العادية لعدم اعتبار الشيك سندًا تنفيذيًا، مما يترتب عليه إطالة أمد التقاضي، في حين إن التوجه إلى اختصار الوقت والإجراءات للتيسير على أصحاب الحقوق، ناهيك عن تهرب المدين من سداد الشيكات المستحقة عليه في وقتها بغلق الحساب، وفتح باب التحايل على القانون، كما أن غلق الحساب قد يكون أحياناً أشد خطورة من حالتي عدم وجود رصيد و عدم كفايته؛ باعتبار أن غلق الحساب قد يكون متعمدًا بقصد الإضرار بالدائن مما يؤثر على الاقتصاد وحقوق المتعاملين.
لما كان ذلك، وكانت المسألة المعروضة لا تحتمل إلا حلًا واحدًا، وهو الأمر الذي ترى معه الهيئة العدول عن المبدأ الذي أقرته محكمة تمييز دبي في الطعن رقم 888 لسنة 2023 تجاري والذي قرر أن الشيك الذي يرتد دون صرفه من البنك المسحوب عليه بسبب إفادة هذا البنك بعدم وجود رصيد له أو عدم كفايته سنداً تنفيذياً يحق لحامله طلب تنفيذه بكامل قيمته أو بجزء منه جبراً دون الشيك المرتد بسبب إفادة "غلق الحساب"، وإقرار المبدأ القانوني الذي خلص إليه الحكم الصادر من محكمة النقض بأبوظبي في الطعن رقم 460 لسنة 2023 تجاري والذي مؤداه أن عبارة "غلق الحساب" تعني عدم إمكانية صرف الشيك وبالتالي تتساوى مع عبارتي "عدم وجود رصيد أو عدم كفايته" في النتيجة، ومن ثم يحق لحامله طلب
تنفيذه كليًا أو جزئياً بالطرق الجبرية على المدين باعتباره سنداً تنفيذياً لحماية المعاملات؛ إذ لا يمكن للساحب أن يتحلل من أثر الشيك بمجرد غلق الحساب.

فلهذه الأسباب

قررت الهيئة بالأغلبية في الطلب رقم (1) لسنة 2023 "هيئة توحيد المبادئ القضائية الاتحادية والمحليةتوحيد المبدأ القانوني باعتبار أن عبارة "غلق الحساب" تتساوى مع عبارتي "عدم وجود رصيد وعدم كفايته" - المنصوص عليهما في المادة 667 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 50 لسنة 2022 بشأن إصدار قانون المعاملات التجارية - في النتيجة.

الطعن 1 لسنة 2021 ق توحيد المبادئ القضائية جلسة 20 / 10 / 2021 مكتب فني 15 ص 1

جلسة 20 / 10 / 2021
برئاسة السيد المستشار/ محمد حمد البادي رئيس الدائرة وعضوية السادة المستشارين/ شهاب عبد الرحمن الحمادي، محمد عبد الرحمن الطنيجي، عبد العزيز يعكوبي، المبارك العوض حسن، سعد محمد زويل، عمر يونس جعرور ، أحمد عبد الوكيل الشربيني ، علي عبدالفتاح جبريل.
------------------
(الطلب رقم 1 لسنة 2021 هيئة توحيد المبادئ القضائية الاتحادية والمحلية)

(1) هيئة توحيد المبادئ القضائية الاتحادية والمحلية "اختصاصها". قانون "تفسيره".
هيئة توحيد المبادئ. اختصاصها؟ المادة 15 من القانون الاتحادي رقم 10 لسنة 2019 بشأن تنظيم العلاقات القضائية بين السلطات القضائية الاتحادية والمحلية . إجراءات تقديم طلبات توحيد المبادئ القضائية للهيئة؟ المادة 16 من القانون الاتحادي رقم 10 لسنة 2019 .
تقديم النائب العام الاتحادي طلب مسبب لهيئة توحيد المبادئ القضائية. أثره: - قبوله شكلا.
تعارض المحكمة الاتحادية العليا ومحكمة تمييز دبي في تفسير نص المادة 10 من القانون رقم 35 لسنة 1992 من قانون الإجراءات الجزائية بخصوص وجوب وجود توكيل خاص أو عام لقبول الشكوى المقدمة من قبل الوكيل في جرائم الشكوى. ينعقد به اختصاص هيئة توحيد المبادئ للفصل في الطلب المقدم بشأنهما.

(2) جرائم الشكوى. دعوى جزائية "قيود تحريكها" "انقضاؤها بالتنازل". وكالة. نيابة عامة.
استلزام المشرع تقدم المجني عليه بشكوى. يعد قيدا على حرية النيابة العامة في اتخاذ ما تشاء من إجراءات تتعلق بالجريمة موضوع الشكوى حتى تقديمها. أساس وعلة ذلك؟
اشتراط المشرع وجود وكالة خاصة للتنازل عن الشكوى. مقتضاه : لزوم وجودها - لتقديمها نيابة عن المجني عليه في جرائم الشكوى.
وجوب أن تكون الوكالة لاحقة على وقوع الجريمة. باعتبار أن التنازل عن الشكوى لا يكون سابقا على وقوعها. مفاد ذلك: أن تكون الشكوى بوكالة خاصة. أثر ذلك: إقرار الهيئة للمبدأ القانوني الذي خلص إليه الحكم الصادر من المحكمة الاتحادية العليا بضرورة وجود وكالة خاصة للوكيل لقبول الشكوى.
التقدم الإجرائي بالشكوى. وجوب أن تكون حررت ووقعت من شخص المجني عليه أو من ينوب عنه بوكالة خاصة.
التقدم المادي بالشكوى. لأي شخص مباشرته. متى حررت ووقعت من صاحب المصلحة.

------------------

1 - من المقرر بنص المادة (15) من القانون الاتحادي رقم (10) لسنة 2019 بشأن تنظيم العلاقات القضائية بين السلطات القضائية الاتحادية والمحلية أن هيئة توحيد المبادئ تختص بتوحيد المبادئ القضائية المتعارضة الصادرة عن محكمتين أو أكثر من المحاكم العليا في الدولة، كما تختص بالنظر في طلبات العدول عن مبدأ سبق لها أن قررته (أي الهيئة) وفقا للإجراءات المحددة في المادة 16 من هذا القانون. والمقرر بنص هذه المادة (أي المادة 16) أن طلبات توحيد المبادئ القضائية تقدم إلى الهيئة بتقرير مسبب من أي من رؤساء المحاكم العليا في الدولة، أو النائب العام الاتحادي أو النواب العامين المحليين بصورة تلقائية أو بناء على طلب مقدم إليهم من الجهات الحكومية الاتحادية أو المحلية ... ولما كان الطلب الماثل مقدما ممن له صلاحية تقديمه (النائب العام الاتحادي)، وجاء بتقرير مسبب لذلك فهو مقبول شكلا. كما أنه لما كان المستفاد من الحكمين الصادرين عن المحكمة الاتحادية العليا ومحكمة تمييز دبي اختلافهما في تفسير نص المادة 10 من القانون رقم 35 لسنة 1992 بإصدار قانون الإجراءات الجزائية، مما ترتب عنه صدور مبدأين قضائيين متعارضين، حيث خلصت المحكمة الأولى إلى أن الشكوى المقدمة من قبل الوكيل في جرائم الشكوى لا تكون مقبولة إلا إذا كان لديه توكيل خاص بذلك، في حين أن المحكمة الثانية وإن كانت قد استندت في حيثيات حكمها إلى أن إرادة المجني عليها كانت قاطعة في تقديم الشكوى بناء على ما هو مستمد من شهادتها بتحقيقات النيابة العامة وكذا ما أدلت به الشاكية من أقوال أمام مأمور الضبط القضائي، إلا أنها أضافت في تعليلها على سبيل الاستطراد أن التوكيل العام يعتبر كافيا في جرائم الشكوى، ولا شك أن ما أوردته بهذا الشأن بصرف النظر عن - تأثيره في نتيجة الحكم من عدمه يناقض المبدأ الذي قررته المحكمة الاتحادية العليا - في الطعن رقم 371 لسنة 2021 المشار إليه، وهو ما يجعل المبدأين المقررين في الحكمين المذكورين متعارضين، وبالتالي يكون اختصاص هذه الهيئة منعقدا للفصل في طلب التوحيد المقدم بشأنهما.

2 - من المقرر إنه لتحديد التفسير الأقرب لروح نص المادة 10 المذكورة وفلسفتها، يجب التأكيد بداية أن المشرع عندما يستلزم ضرورة التقدم بشكوى من المجني عليه فإن النيابة العامة - استثناء من الأصل - لا تكون لها حرية اتخاذ ما تشاء من إجراءات تتعلق بالجريمة موضوع الشكوى إلا بعد التقدم بها. ولا شك أن تعليق المشرع رفع الدعوى الجزائية على شكوى من المجني عليه في الجرائم المحددة بموجب هذه المادة يقوم على مبررات تستهدف حماية مصلحة هذا الأخير باعتباره الأقدر من النيابة العامة على تحديد مدى ملاءمة اتخاذ الإجراءات الجزائية من عدمه، وتحديد مدى تحقق مصلحته في تحريك الدعوى بشأنها أو إبقائها خارج أسوار المحاكم اتقاء لما قد يتردد في جلساتها من كلام قد يزيد من تعميق جراحاته وآلامه أو يسهم في تشتيت أوصال الأسرة وروابطها. ولا شك أن تقييد المشرع رفع الدعوى العمومية في هذا النوع من الجرائم بإرادة المجني عليه - بناء على تقدير هذا - الأخير لمعطيات الجريمة وأثر تداولها في ردهات المحاكم على حياته الخاصة أو حياة الأسرة - يستلزم تعبيره بشكل واضح وصريح عن مدى رغبته في تحريكها من عدمه، وهذا الوضوح لا يكشف عنه بداهة إلا التوكيل الخاص. وحاصل ذلك أن المادة العاشرة المذكورة وإن جاءت خالية من النص صراحة على اشتراط التوكيل الخاص فيمن يقوم مقام المجني عليه في تقديم الشكوى (الوكيل الاتفاقي)، إلا أن اشتراط ذلك مما يستفاد بداهة من روح هذه المادة وفلسفتها، على اعتبار أن إرادة المجني عليه ورغبته في رفع الدعوى العمومية لا تكون جلية وواضحة إلا بتخصيص التوكيل الصادر عنه لفائدة وكيله، أما التوكيل العام فإنه لا يعكس هذه الإرادة بشكل قاطع، ولا يعتبر حاسما في اتجاه إرادة المجني عليه على وجه اليقين إلى الرغبة في رفع الدعوى بل يكون مفتوحا على كل الاحتمالات وهو ما يجعله توكيلا غير منتج في البناء عليه لتحريك الدعوى العمومية على أساسه. وعلاوة على ذلك فإن المقرر بنص المادة 347 من القانون رقم 35 لسنة 1992 بإصدار قانون الإجراءات الجزائية أن المشرع أجاز للمجني عليه أو وكيله الخاص أو لورثته أو وكيلهم الخاص إثبات الصلح مع المتهم أمام النيابة أو المحكمة بحسب الأحوال وذلك في الجنح والمخالفات المنصوص عليها في هذه المادة. ومؤدى ذلك أن المشرع إذا كان قد تشدد في التنازل عن الشكوى فاشترط أن تكون بوكالة خاصة، فإن مقتضى ذلك ولزومه أن يكون تقديم الشكوى نيابة عن المجني عليه - في جرائم الشكوى - بوكالة خاصة. وإذا كان لا يتصور أن يكون التنازل عن الشكوى سابقا على وقوع الجريمة، فإن مقتضى العقل والمنطق أن تكون الوكالة لاحقة على الجريمة وليست سابقة عليها، وهذا ما يستقيم مع القول بضرورة أن تكون الشكوى بوكالة خاصة، وهو ما نصت عليه صراحة بعض التشريعات المقارنة. وحيث إنه بالبناء على ما ذكر، وتوحيدا للمبدأين القضائيين المتعارضين الصادرين عن المحكمتين المذكورتين، فإن الهيئة تنتهي إلى إقرار المبدأ القانوني الذي خلص إليه الحكم الصادر من المحكمة الاتحادية العليا بتاريخ 3 / 5 / 2021 في الطعن رقم 371 لسنة 2021 جزائي، مع التنويه إلى ضرورة التمييز بين التقدم الإجرائي بالشكوى والتقدم المادي بها، ذلك أنه بالنسبة للحالة الأولى يجب أن تكون الشكوى قد حررت ووقعت من شخص المجني عليه أو من شخص الوكيل الخاص المسموح له بالتقدم بالشكوى نيابة عنه بموجب وكالة خاصة. أما فيما يخص الحالة الثانية (التقدم المادي بالشكوى) فيمكن أن يباشره أي شخص طالما أن الشكوى قد حررت ووقعت من صاحب المصلحة.

-------------

الوقائع

حيث إن الوقائع، على ما يبين من الطلب وسائر الأوراق، تتحصل في أنه بتاريخ 10 / 6 / 2021 تقدم النائب العام الاتحادي إلى هذه الهيئة بطلب النظر في توحيد مبدأين قضائيين أحدهما صادر عن المحكمة الاتحادية العليا بتاريخ 3 / 5 / 2021 في الطعن رقم 371 لسنة 2021 جزائي، والآخر صادر عن محكمة تمييز دبي بتاريخ 5 / 1 / 2015 في الطعن رقم 895 / 2014؛ تأسيسا على وجود تعارض بينهما. وأوضح في معرض بيانه لوقائع الحكمين الصادرين في الطعنين المذكورين أنه بموجب الدعوى الجزائية رقم... لسنة... - جزاء... - أسندت النيابة العامة إلى المتهم قيامه بتاريخ../../... باختلاس مبالغ مملوكة لوالدة المجني عليه 4 والمسلمة إليه على سبيل الوكالة إضرارا بأصحاب الحق عليها وطلبت معاقبته بالمادة 401 / 1 من قانون العقوبات الاتحادي. وبجلسة 27 /.../... قضت محكمة أول درجة حضوريا : أولا بعدم جواز نظر الدعوى لرفعها من غير ذي صفة وبغير الطريق الذي رسمه القانون بالشق الجزائي. ثانيا إحالة الدعوى المدنية للقضاء المدني. ونظرا لفوات ميعاد الطعن على هذا الحكم من قبل النيابة العامة، وعملا بأحكام المادة 256 من قانون الإجراءات الجزائية، طعن عليه النائب العام لصالح القانون بالطعن بالنقض رقم 371 لسنة 2021 جزائي اتحادية عليا مستندا في ذلك إلى أن الحكم المطعون فيه قضى بعدم جواز نظر الدعوى الجزائية لتحريكها بموجب توكيل عام عن المجني عليه وليس توكيلا خاصا، رغم أن قانون الإجراءات الجزائية لم يتطلب أن يكون الوكيل مزودا بوكالة خاصة لتقديم الشكوى. وبجلسة 3 / 5 / 2021 قضت المحكمة الاتحادية العليا برفض الطعن تأسيسا على أن المقصود بعبارة من يقوم قانونا مقام المجني عليه في مفهوم المادة (10) من القانون رقم 35 لسنة 1992 بإصدار قانون الإجراءات الجزائية، الوكالة الخاصة في التعبير عن إرادة المجني عليه في جرائم محددة، وبها يتحقق مراد الشارع في تحريك الدعوى الجزائية، وليس الوكالة العامة. في حين صدر عن محكمة تمييز دبي بتاريخ 5 / 1 / 2015 في الطعن رقم 895 لسنة 2014 - في قضية تتعلق باستغلال المتهم - خدمات الاتصالات في الإساءة وإيذاء مشاعر مطلقته (إرسال رسالة نصية هاتفية تخدش شرفها وعبارات سب وقذف بحقها) - حكم أوردت فيه أن نص المادة (10) من قانون الإجراءات الجزائية لا يتطلب أن يكون الوكيل مزودا بوكالة خاصة لتقديم الشكوى أو للتنازل عنها. وخلص النائب العام الاتحادي في ضوء ما ذكر إلى وجود تعارض بين المبدأين المذكورين وطلب تبعا لذلك من الهيئة النظر في توحيدهما.

---------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وتلاوة تقرير التلخيص والمداولة.
أولا في الشكل والاختصاص:
حيث إن المقرر بنص المادة (15) من القانون الاتحادي رقم (10) لسنة 2019 بشأن تنظيم العلاقات القضائية بين السلطات القضائية الاتحادية والمحلية أن هيئة توحيد المبادئ تختص بتوحيد المبادئ القضائية المتعارضة الصادرة عن محكمتين أو أكثر من المحاكم العليا في الدولة، كما تختص بالنظر في طلبات العدول عن مبدأ سبق لها أن قررته (أي الهيئة) وفقا للإجراءات المحددة في المادة 16 من هذا القانون. والمقرر بنص هذه المادة (أي المادة 16) أن طلبات توحيد المبادئ القضائية تقدم إلى الهيئة بتقرير مسبب من أي من رؤساء المحاكم العليا في الدولة، أو النائب العام الاتحادي أو النواب العامين المحليين بصورة تلقائية أو بناء على طلب مقدم إليهم من الجهات الحكومية الاتحادية أو المحلية ... ولما كان الطلب الماثل مقدما ممن له صلاحية تقديمه (النائب العام الاتحادي)، وجاء بتقرير مسبب لذلك فهو مقبول شكلا. كما أنه لما كان المستفاد من الحكمين الصادرين عن المحكمة الاتحادية العليا ومحكمة تمييز دبي اختلافهما في تفسير نص المادة 10 من القانون رقم 35 لسنة 1992 بإصدار قانون الإجراءات الجزائية، مما ترتب عنه صدور مبدأين قضائيين متعارضين، حيث خلصت المحكمة الأولى إلى أن الشكوى المقدمة من قبل الوكيل في جرائم الشكوى لا تكون مقبولة إلا إذا كان لديه توكيل خاص بذلك، في حين أن المحكمة الثانية وإن كانت قد استندت في حيثيات حكمها إلى أن إرادة المجني عليها كانت قاطعة في تقديم الشكوى بناء على ما هو مستمد من شهادتها بتحقيقات النيابة العامة وكذا ما أدلت به الشاكية من أقوال أمام مأمور الضبط القضائي، إلا أنها أضافت في تعليلها على سبيل الاستطراد أن التوكيل العام يعتبر كافيا في جرائم الشكوى، ولا شك أن ما أوردته بهذا الشأن - بصرف النظر عن تأثيره في نتيجة الحكم من عدمه - يناقض المبدأ الذي قررته المحكمة الاتحادية العليا في الطعن رقم 371 لسنة 2021 المشار إليه، وهو ما يجعل المبدأين المقررين في الحكمين المذكورين متعارضين، وبالتالي يكون اختصاص هذه الهيئة منعقدا للفصل في طلب التوحيد المقدم بشأنهما.
ثانيا في موضوع طلب التوحيد:
حيث يجب التنويه بداية بأن مدار الخلاف بين المبدأين القضائيين موضوع طلب التوحيد، مبعثه الاختلاف في تفسير عبارة: (أو ممن يقوم مقامه قانونا) الواردة بنص المادة 10 من القانون رقم 35 لسنة 1992 بإصدار قانون الإجراءات الجزائية والتي جاء فيها (لا يجوز أن ترفع الدعوى الجزائية في الجرائم التالية إلا بناء على شكوى خطية أو شفوية من المجني عليه أو ممن يقوم مقامه قانونا: 1- السرقة والاحتيال وخيانة الأمانة وإخفاء الأشياء المتحصلة منها إذا كان المجني عليه زوجا للجاني أو كان أحد أصوله أو فروعه ولم تكن هذه الأشياء محجوزا عليها قضائيا أو إداريا أو مثقلة بحق لشخص آخر. 2- عدم تسليم الصغير إلى من له الحق في طلبه - ونزعه من سلطة من يتولاه. 3- الامتناع عن أداء النفقة أو أجرة الحضانة أو الرضاعة أو المسكن المحكوم بها. 4- سب الأشخاص وقذفهم. 5- الجرائم الأخرى التي ينص عليها القانون. ولا تقبل الشكوى بعد ثلاثة أشهر من يوم علم المجني عليه بالجريمة ومرتكبها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك)، حيث إن المحكمتين المذكورتين اختلفتا في تحديد نطاق التوكيل الذي يقبل في تحريك الدعوى العمومية فيما يخص جرائم الشكوى والأثر المترتب على ذلك، بين اتجاه يقف عند حدود عموم النص ويعتبر التوكيل العام من قبل المجني عليه كافيا لقبول تحريك الدعوى العمومية في هذه الحالة، واتجاه نقيض يشترط لقبول تحريكها أن يكون التوكيل خاصا، مستندا في ذلك إلى خلفية نص المادة العاشرة المذكورة وفلسفته.
وحيث إنه لتحديد التفسير الأقرب لروح نص المادة 10 المذكورة وفلسفتها، يجب التأكيد بداية أن المشرع عندما يستلزم ضرورة التقدم بشكوى من المجني عليه فإن النيابة العامة - استثناء من الأصل - لا تكون لها حرية اتخاذ ما تشاء من إجراءات تتعلق بالجريمة موضوع الشكوى إلا بعد التقدم بها. ولا شك أن تعليق المشرع رفع الدعوى الجزائية على شكوى من المجني عليه في الجرائم المحددة بموجب هذه المادة يقوم على مبررات تستهدف حماية مصلحة هذا الأخير باعتباره الأقدر من النيابة العامة على تحديد مدى ملاءمة اتخاذ الإجراءات الجزائية من عدمه، وتحديد مدى تحقق مصلحته في تحريك الدعوى بشأنها أو إبقائها خارج أسوار المحاكم اتقاء لما قد يتردد في جلساتها من كلام قد يزيد من تعميق جراحاته وآلامه أو يسهم في تشتيت أوصال الأسرة وروابطها. ولا شك أن تقييد المشرع رفع الدعوى العمومية في هذا النوع من الجرائم بإرادة المجني عليه - بناء على تقدير هذا الأخير لمعطيات الجريمة وأثر تداولها في ردهات المحاكم على حياته الخاصة أو حياة الأسرة - يستلزم تعبيره بشكل واضح وصريح عن مدى رغبته في تحريكها من عدمه، وهذا الوضوح لا يكشف عنه بداهة إلا التوكيل الخاص. وحاصل ذلك أن المادة العاشرة المذكورة وإن جاءت خالية من النص صراحة على اشتراط التوكيل الخاص فيمن يقوم مقام المجني عليه في تقديم الشكوى (الوكيل الاتفاقي)، إلا أن اشتراط ذلك مما يستفاد بداهة من روح هذه المادة وفلسفتها، على اعتبار أن إرادة المجني عليه ورغبته في رفع الدعوى العمومية لا تكون جلية وواضحة إلا بتخصيص التوكيل الصادر عنه لفائدة وكيله، أما التوكيل العام فإنه لا يعكس هذه الإرادة بشكل قاطع، ولا يعتبر حاسما في اتجاه إرادة المجني عليه على وجه اليقين إلى الرغبة في رفع الدعوى بل يكون مفتوحا على كل الاحتمالات وهو ما يجعله توكيلا غير منتج في البناء عليه لتحريك الدعوى العمومية على أساسه. وعلاوة على ذلك فإن المقرر بنص المادة 347 من القانون رقم 35 لسنة 1992 بإصدار قانون الإجراءات الجزائية أن المشرع أجاز للمجني عليه أو وكيله الخاص أو لورثته أو وكيلهم الخاص إثبات الصلح مع المتهم أمام النيابة أو المحكمة بحسب الأحوال وذلك في الجنح والمخالفات المنصوص عليها في هذه المادة. ومؤدى ذلك أن المشرع إذا كان قد تشدد في التنازل عن الشكوى فاشترط أن تكون بوكالة خاصة، فإن مقتضى ذلك ولزومه أن يكون تقديم الشكوى نيابة عن المجني عليه - في جرائم الشكوى - بوكالة خاصة. وإذا كان لا يتصور أن يكون التنازل عن الشكوى سابقا على وقوع الجريمة، فإن مقتضى العقل والمنطق أن تكون الوكالة لاحقة على الجريمة وليست سابقة عليها، وهذا ما يستقيم مع القول بضرورة أن تكون الشكوى بوكالة خاصة، وهو ما نصت عليه صراحة بعض التشريعات المقارنة.
وحيث إنه بالبناء على ما ذكر، وتوحيدا للمبدأين القضائيين المتعارضين الصادرين عن المحكمتين المذكورتين، فإن الهيئة تنتهي إلى إقرار المبدأ القانوني الذي خلص إليه الحكم الصادر من المحكمة الاتحادية العليا بتاريخ 3 / 5 / 2021 في الطعن رقم 371 لسنة 2021 جزائي، مع التنويه إلى ضرورة التمييز بين التقدم الإجرائي بالشكوى والتقدم المادي بها، ذلك أنه بالنسبة للحالة الأولى يجب أن تكون الشكوى قد حررت ووقعت من شخص المجني عليه أو من شخص الوكيل الخاص المسموح له بالتقدم بالشكوى نيابة عنه بموجب وكالة خاصة. أما فيما يخص الحالة الثانية (التقدم المادي بالشكوى) فيمكن أن يباشره أي شخص طالما أن الشكوى قد حررت ووقعت من صاحب المصلحة.

فلهذه الأسباب

قررت الهيئة الاعتداد بالمبدأ القانوني الذي قررته المحكمة الاتحادية العليا في الطعن رقم 371 لسنة 2021 جزائي الصادر بتاريخ 3 / 5 / 2021، والذي مفاده أن الشكوى المقدمة من قبل الوكيل في جرائم الشكوى المنصوص عليها في المادة (10) من القانون رقم 35 لسنة 1992 بإصدار قانون الإجراءات الجزائية لا تكون مقبولة إلا إذا منحه المجني عليه توكيلاً خاصا بذلك.

الأربعاء، 17 أبريل 2024

الطعن 6079 لسنة 78 ق جلسة 23 / 1 / 2017

محكمة النقض
الدائرة المدنية
دائرة " الاثنين" (ه) المدنية
برئاسة السيد القاضي / فتحي محمد حنضل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / عبد البارى عبد الحفيظ السيد الطنطاوى أحمد فراج " نواب رئيس المحكمة " محمد خيرى

وحضور رئيس النيابة السيد / أيمن بسيونى .

وأمين السر السيد / محمد محمود الضبع .

في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة.
في يوم الاثنين 25 من ربيع آخر سنة 1438 ه الموافق 23 من يناير سنة 2017.
أصدرت الحكم الآتي :
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 6079 لسنة 78 ق .

المرفوع من
......... المقيمة / بناحية .... - محافظة سوهاج . لم يحضر عنها أحد .
ضد
..........والمقيمات / .... - مركز البلينا - محافظة سوهاج .
لم يحضر عنهن أحد .

--------------
" الوقائع "
في يوم 19/ 4/ 2008طُعِن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف أسيوط مأمورية سوهاج الصادر بتاريخ 26/ 2/ 2008 في الدعوى رقم 395لسنة 82 ق وذلك بصحيفة طلب فيها الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإحالة.
وفى نفس اليوم أودعت الطاعنة مذكرة شارحة.
وفى 8/ 5/ 2008 أعلن المطعون ضدهممن الأول وحتى الرابعبصحيفة الطعن.
وفى 8/ 12/ 2016 أعلن باقى المطعون ضدهم من بصحيفة الطعن.
ثم أودعت النيابة مذكرتها وطلبت فيها قبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه .
وبجلسة 14/ 3/ 2016 عُرِض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر فحددت جلسة لنظره .
وبجلسة 14/ 11/ 2016سُمعت الدعوي أمام هذه الدائرة علي ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صممت النيابة العامة على ما جاء بمذكرتها ، والمحكمة أصدرت الحكم بجلسة اليوم.

---------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضى المقرر / ..... والمرافعة وبعد المداولة :
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع - علي ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم 1399 لسنة 2004 مدنى البلينا الجزئية ضد الطاعنة وباقى المطعون ضدهم بطلب الحكم بفرز وتجنيب حصتها بمساحة86,20 م2 فى العقار المبين بالأوراق مع التسليم وقالت بيانا لذلك إنها تمتلك حصة شائعة فى هذا العقار ومساحته 110,38م2 وتقدر حصتها بمساحة 86,20 م2 مع باقى أطراف الخصومة بالميراث الشرعى عن مورثهم المرحوم إبراهيم بيومى وأن سند ملكيتها لمساحة 27,56م2 بالشراء من ورثة عبد اللاه حنفى الخيشة وذلك بموجب العقد المؤرخ 23/ 5/ 1959 ، ومساحة 55,19م2 بالشراء من نظيرة حنفى وذلك بموجب العقد المؤرخ 15/ 6/ 1966 وقضى بصحته ونفاذه فى الدعوى رقم 788 لسنة 69 مدنى البلينا ومن ثم أقامت الدعوى . ندبت المحكمة خبير وبعد أن أودع تقريره . حكمت محكمة البلينا الجزئية بتاريخ 25/ 12/ 2005 بعدم اختصاصها قيمياً بنظر النزاع على الملكية وإحالته لمحكمة سوهاج الابتدائية مأمورية جرجا حيث قيدت الدعوى برقم 99 لسنة 2006 مدنى كلى جرجا . قضت محكمة سوهاج الابتدائية مأمورية جرجا برفض النزاع المبدى من الطاعنة بشأن تملكها لنصف المنزل ، استأنفت الطاعنة الحكم بالاستئناف رقم 395 لسنة 82 ق أسيوط " مأمورية سوهاج" وبتاريخ 26/ 2/ 2008 قضت المحكمة بالتأييد . طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن ، وإذ عُرِض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب وفى بيان ذلك تقول إنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بأن تصرف نظيرة حنفى عبد القادر فى حصتها البالغ قدرها نصف العقار محل النزاع إلى مورث الطاعنة المرحوم / إبراهيم بيومى أحمد بموجب العقد المؤرخ 15/ 12/ 1961 والذى لم يطعن عليه ونافذ من تاريخ صدوره ويجعل ملكية الطاعنة لهذا النصف ثابتة ومستقرة ويصلح سندا لقسمة العقار محل النزاع بينها وبين المطعون ضدها الأولى ، إلا أن الحكم المطعون فيه قضى بإنهاء المنازعة القائمة على الملكية فى دعوى القسمة مستنداً إلى أنه سبق بحث مسألة التملك بوضع اليد فى دعوى سابقة دون أن يعنى ببحث أثر عقد البيع سالف الذكر الصادر لمورثها من البائعة المذكورة والذى باع لها هذا القدر بموجب عقد البيع المؤرخ 6/ 8/ 1993 مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى فى أساسه سديد ، ذلك أنه ولئن كان ثبوت ملكية المتقاسمين للمال الشائع مسألة أولية فى الحكم الصادر بقسمته بينهم عيناً أو بطريق التصفية ، فإنه لا يجوز المنازعة بينهم من بعد فى أساس أو مقدار تلك الملكية ، وأنه متى كان مدار النزاع فى الدعوى قائماً على التملك بأكثر من سبب من أسباب كسب الملكية فإنه يتعين عند الفصل فى النزاع القائم بين المتخاصمين على الملكية بحث الأسباب التى يركن إليها الخصم فى تملكه وصولاً إلى حسم النزاع الدائر على الملكية لإمكان إجراء القسمة بين المتقاسمين ، وكان من المقرر أن عقد البيع الابتدائى ينتج كافة آثار البيع المسجل عدا نقل الملكية ، ويكون للمشترى بعقد عرفى أن يقتسم العقار مع شريكه .لما كان ذلك وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه وإن انتهى إلى أنه سبق حسم النزاع على الملكية بخصوص التملك بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية فى الاستئنافين رقمى 1208 ، 1904 لسنة 77 ق أسيوط مأمورية سوهاج ،إلا أنه اكتفى ببحث هذا السبب وحده دون أن يعرض للتملك بالإقرارات والعقود العرفية المعترف بها بين الخصوم بخصوص العقد الصادر لمورث الطاعنة من نظيرة حنفى والمؤرخ 15/ 12/ 1961 والمتضمن بيعها له نصف العقار موضوع النزاع والذى باع للطاعنة هذا القدر وانتقل إليها بموجب العقد المؤرخ 6/ 8/ 1993 وصولاً لتحديد ما إذا كانت الملكية ثابتة ومستقرة بين الخصوم فى هذا الخصوص أو أنها غير ذلك فلا تصلح سند للتملك الذى يصلح سندا لطلب القسمة القضائية ، وكانت الطاعنة قد تمسكت بدفاعها الوارد بوجه النعى فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يبحث هذه الأمور والتفت عن هذا الدفاع مع ما يقتضيه من البحث والتمحيص فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه مع الإحالة .
لذلك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه ، وأحالت القضية إلى محكمة استئناف أسيوط " مأمورية سوهاج " وألزمت المطعون ضدهم المصروفات ، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

الأحد، 14 أبريل 2024

(الْمَادَّةُ 130) النُّقُودُ



[ (الْمَادَّةُ 130) النُّقُودُ جَمْعُ نَقْدٍ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ]
سَوَاءٌ كَانَا مَسْكُوكَيْنِ أَوْ لَمْ يَكُونَا كَذَلِكَ وَيُقَالُ لِلذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ النَّقْدَانِ وَالْحِجَارَانِ وَدَعَتْهُمَا الْمَادَّةُ 122 بِالنَّقْدَيْنِ.
وَقَدْ اُعْتُبِرَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ هُمَا الْمِقْيَاسُ الَّذِي تُقَدَّرُ بِالنَّظَرِ إلَيْهِ أَثْمَانُ الْأَشْيَاءِ وَقِيمَتُهَا وَيُعَدَّانِ ثَمَنًا.
أَمَّا النُّقُودُ النُّحَاسِيَّةُ وَالْأَوْرَاقُ النَّقْدِيَّةُ (البانكنوط) فَتُعَدُّ سِلْعَةً وَمَتَاعًا فَهِيَ فِي وَقْتِ رَوَاجِهَا تُعْتَبَرُ مِثْلِيَّةً وَثَمَنًا وَفِي وَقْتِ الْكَسَادِ تُعَدُّ قِيَمِيَّةً وَعُرُوضًا (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 1339) رَدُّ الْمُحْتَارِ.
وَالنُّقُودُ الْمَعْدِنِيَّةُ الْمُتَدَاوَلَةُ فِي أَيَّامِنَا هَذِهِ لَيْسَتْ بِثَمَنٍ فِي الْأَصْلِ وَلَكِنْ بِمَا أَنَّهُ يُحْتَاجُ إلَيْهَا فِي شِرَاءِ الْأَشْيَاءِ الْبَخْسَةِ فَهِيَ بِمَقَامِ أَجْزَاءٍ ضُرِبَتْ لِلتَّسْهِيلِ عَلَى النَّاسِ إذْ لَوْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي شِرَاءَ شَيْءٍ بِقِرْشٍ فَلَيْسَ فِي إمْكَانِهِ اسْتِخْرَاجُ الْمِقْدَارِ الْمُسَاوِي لِهَذِهِ الْقِيمَةِ فِضَّةً مِنْ الرِّيَالِ أَوْ ذَهَبًا مِنْ الْجُنَيْهِ (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى)






(الْمَادَّةُ 129) غَيْرُ الْمَنْقُولِ مَا لَا يُمْكِنُ نَقْلُهُ مِنْ مَحِلٍّ إلَى آخَرَ



(الْمَادَّةُ 129) غَيْرُ الْمَنْقُولِ مَا لَا يُمْكِنُ نَقْلُهُ مِنْ مَحِلٍّ إلَى آخَرَ كَالدُّورِ وَالْأَرَاضِيِ مِمَّا يُسَمَّى بِالْعَقَارِ.
وَعَلَيْهِ يُفْهَمُ بِأَنَّ الْعَقَارَ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ مَبْنِيٍّ كَالدُّورِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْمَبَانِي وَغَيْرِ مَبْنِيٍّ وَهُوَ الْأَرَاضِي إلَّا أَنَّ الْبِنَاءَ بِدُونِ الْأَرْضِ يُعَدُّ مَنْقُولًا (بَحْرٌ وَذَخِيرَةٌ) فَإِذَا بَنَى أَحَدٌ دَارًا مَثَلًا فِي غَيْرِ مِلْكِهِ فَتَكُونُ الدَّارُ مَنْقُولًا.






(الْمَادَّةُ 128) الْمَنْقُولُ هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي يُمْكِنُ نَقْلُهُ مِنْ مَحِلٍّ إلَى آخَرَ




(الْمَادَّةُ 128) الْمَنْقُولُ هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي يُمْكِنُ نَقْلُهُ مِنْ مَحِلٍّ إلَى آخَرَ وَيَشْمَلُ النُّقُودَ وَالْعُرُوضَ وَالْحَيَوَانَاتِ وَالْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ.
وَكَذَلِكَ الْأَبْنِيَةُ وَالْأَشْجَارُ الْمَمْلُوكَةُ الْوَاقِعَةُ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ أَوْ فِي الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ هِيَ فِي حُكْمِ الْمَنْقُولِ (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 1019) .
فَلِلْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ اعْتِبَارَانِ:
(1) - فَإِذَا اُعْتُبِرَتْ الْأَبْنِيَةُ وَالْأَشْجَارُ مَعَ الْأَرَاضِي الْوَاقِعَةِ عَلَيْهَا تُعَدُّ حِينَئِذٍ عَقَارًا.
(2) - أَمَّا إذَا اُعْتُبِرَتْ لِوَحْدِهَا بِدُونِ الْأَرَاضِي الْوَاقِعَةِ عَلَيْهَا فَتُعَدُّ مَنْقُولًا.

هَذَا وَبِمَا أَنَّ الْمَذْرُوعَاتِ وَالْعَدَدِيَّاتِ دَاخِلَةٌ فِي الْعُرُوضِ فَلَمْ تَرَ الْمَجَلَّةُ حَاجَةً لِتَخْصِيصِهَا بِالذِّكْرِ.

(الْمَادَّةُ 127) الْمَالُ الْمُتَقَوِّمُ






(الْمَادَّةُ 127) (الْمَالُ الْمُتَقَوِّمِ يُسْتَعْمَلُ فِي مَعْنَيَيْنِ:
الْأَوَّلُ: مَا يُبَاحُ الِانْتِفَاعُ بِهِ.
وَالثَّانِي: بِمَعْنَى الْمَالِ الْمُحْرَزِ فَالسَّمَكُ فِي الْبَحْرِ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ وَإِذَا اُصْطِيدَ صَارَ مُتَقَوِّمًا بِالْإِحْرَازِ) .
فَالْمَعْنَى الْأَوَّلِيُّ هُوَ مَعْنَى الْمَالِ الشَّرْعِيِّ وَالثَّانِي مَعْنَاهُ الْعُرْفِيُّ.
فَلَحْمُ الْخَرُوفِ الْمَذْبُوحِ مَثَلًا، بِمَا أَنَّ أَكْلَهُ وَتَنَاوُلَهُ مُبَاحٌ فَهُوَ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ مَالٌ وَمُتَقَوِّمٌ أَيْضًا. أَمَّا لَحْمُ غَيْرِ الْمَذْبُوحِ كَالْمَخْنُوقِ خَنْقًا فَبِمَا أَنَّ أَكْلَهُ وَتَنَاوُلَهُ حَرَامٌ وَمَمْنُوعٌ فَمِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ يُعَدُّ غَيْرَ مُتَقَوِّمٍ وَإِنْ عَدَّهُ الْبَعْضُ مَالًا.
كَذَلِكَ حَبَّةُ الْحِنْطَةِ وَإِنْ تَكُنْ وَفْقًا لِهَذَا الْمَعْنَى مُتَقَوِّمَةً أَيْ أَنَّ الِانْتِفَاعَ بِهَا مُبَاحٌ فَلَيْسَتْ بِمَالٍ كَمَا قَدْ أَسْلَفْنَا. كَذَلِكَ الْحَيَوَانُ الَّذِي يَمُوتُ حَتْفَ أَنْفِهِ لَا يُعَدُّ مَالًا.
فَعَلَى هَذَا يُفْهَمُ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ فُقِدَ مِنْهُ كُلٌّ مِنْ التَّمَوُّلِ وَالتَّقَوُّمِ فَلَا يَكُونُ مَالًا وَلَا يُعَدُّ مُتَقَوِّمًا وَسَيَأْتِي فِي الْمَادَّةِ (363) الْإِيضَاحُ عَلَى جَوَازِ اسْتِعْمَالِ كَلِمَةِ (الْمُتَقَوِّمِ) فِي كِلَا الْمَعْنَيَيْنِ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ وَالثَّانِي.

(الْمَادَّةُ 126) تَعْرِيف الْمَالُ


(الْمَادَّةُ 126) (الْمَالُ هُوَ مَا يَمِيلُ إلَيْهِ طَبْعُ الْإِنْسَانِ وَيُمْكِنُ ادِّخَارُهُ إلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ مَنْقُولًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَنْقُولٍ) 
فَكُلُّ شَيْءٍ أُبِيحَ الِانْتِفَاعُ بِهِ أَوْ لَمْ يُبَحْ وَكُلُّ مَا هُوَ مَمْلُوكٌ بِالْفِعْلِ أَوْ لَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا مِنْ الْمُبَاحَاتِ وَيُمْكِنُ ادِّخَارُهُ فَهُوَ دَاخِلٌ تَحْتَ هَذَا التَّعْرِيفِ.
هَذَا وَيُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَ (مَالِيَّةِ) الشَّيْءِ وَبَيْنَ تَقَوُّمِهِ فَالْمَالِيَّةُ تَثْبُتُ بِتَمَوُّلِ النَّاسِ جَمِيعِهِمْ أَوْ بَعْضِهِمْ أَمَّا التَّقَوُّمُ فَيَثْبُتُ بِتَمَوُّلِ النَّاسِ وَجَعْلِ الشَّرْعِ إيَّاهُ مُبَاحًا لِلِانْتِفَاعِ (حَمَوِيٌّ) .
الِادِّخَارُ - بِتَشْدِيدِ الدَّالِ هُوَ الْجَمْعُ.
أَمَّا بِقَوْلِهِ فِي التَّعْرِيفِ (وَهُوَ مَا يَمِيلُ إلَيْهِ طَبْعُ الْإِنْسَانِ) فَيَخْرُجُ لَحْمُ الْمَيْتَةِ، وَالْإِنْسَانُ الْحُرُّ.

وَبِقَوْلِهِ (وَيُمْكِنُ ادِّخَارُهُ لِوَقْتِ الْحَاجَةِ) يَخْرُجُ كُلُّ مَا لَا يَقَعُ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ كَحَبَّةٍ مِنْ الْقَمْحِ مَثَلًا إلَى كُلِّ مَا هُوَ مِنْ قَبِيلِهَا مِنْ الْجُزْئِيَّاتِ، وَكُلُّ مَا هُوَ مِنْ الْمَنَافِعِ غَيْرِ الْمُسْتَقِرَّةِ وَاَلَّتِي لَا يُمْكِنُ ادِّخَارُهَا وَحِفْظُهَا. وَعَلَى ذَلِكَ فَقَدْ أَصْبَحَ هَذَا التَّعْرِيفُ بِإِخْرَاجِهِ مَا مَرَّ تَامًّا؛ لِأَنَّ حَبَّةَ الْقَمْحِ وَمَا حَبَّةٌ مِنْ الْقَمْحِ فِي الْوَاقِعِ لَيْسَتْ مِمَّا يُدَّخَرُ. وَكَذَلِكَ الْمَنَافِعُ لَيْسَتْ بِمَالٍ فَلَا يُمْكِنُ ادِّخَارُهَا إذْ لَا ادِّخَارَ بِدُونِ بَقَاءٍ وَإِنْ عُدَّتْ الْمَنْفَعَةُ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ كَمَا مَرَّ بِضَرُورَةِ الْحَاجَةِ مُتَقَوِّمَةً (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
هَذَا وَيُفْهَمُ مَا مَرَّ مَعَنَا مِنْ التَّفْصِيلَاتِ أَنَّهُ يُوجَدُ بَيْنَ الْمِلْكِ وَالْمَالِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مُطْلَقٌ فَكُلُّ مَالٍ كَفَرَسٍ مَثَلًا مِلْكٌ وَلَيْسَ كُلُّ مِلْكٍ كَالْمَنَافِعِ مَثَلًا يُعَدُّ مَالًا.



(الْمَادَّةُ 125) الْمِلْكُ مَا مَلَكَهُ الْإِنْسَانُ




(الْمَادَّةُ 125) (الْمِلْكُ مَا مَلَكَهُ الْإِنْسَانُ سَوَاءٌ كَانَ أَعْيَانًا أَوْ مَنَافِعَ) 
أَيْ أَنَّهُ هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي يَكُونُ مَمْلُوكًا لِلْإِنْسَانِ بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ التَّصَرُّفُ بِهِ عَلَى وَجْهِ الِاخْتِصَاصِ.
أَعْيَانٌ - جَمْعُ عَيْنٍ وَقَدْ جَاءَ تَعْرِيفُهَا فِي الْمَادَّةِ (159) الْمَنَافِعُ - جَمْعُ مَنْفَعَةٍ وَهِيَ الْفَائِدَةُ الَّتِي تَحْصُلُ بِاسْتِعْمَالِ الْعَيْنِ فَكَمَا أَنَّ الْمَنْفَعَةَ تُسْتَحْصَلُ مِنْ الدَّارِ بِسُكْنَاهَا تُسْتَحْصَلُ مِنْ الدَّابَّةِ بِرُكُوبِهَا.
وَلَمَّا كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ كَالْحَرَكَةِ مِنْ الْأَعْرَاضِ الزَّائِلَةِ وَهِيَ مَعْدُومَةٌ فَيَجِبُ قِيَاسًا أَلَّا تَكُونَ مَحِلًّا لِلْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ بِضَرُورَةِ الْحَاجَةِ قَدْ أَعْطَاهَا حُكْمَ الْمَوْجُودِ وَجَوَّزَ بِأَنْ تَكُونَ مَحِلًّا لِلْعَقْدِ فَأَقَامَ الْعَقْدَ مَقَامَ الْمَنْفَعَةِ فِي الْعُقُودِ فَيُقَالُ فِي تَأْجِيرِ دَارٍ مَثَلًا قَدْ أَجَّرْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ فَتَنْعَقِدُ الْإِجَارَةُ بِقَبُولِ الْمُسْتَأْجِرِ، أَمَّا إذَا قِيلَ: قَدْ أَجَّرْتُكَ مَنْفَعَةَ الدَّارِ فَعَلَى قَوْلٍ لَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ وَلَا تَنْعَقِدُ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ مَعْدُومَةٌ فَإِضَافَةُ الْعَقْدِ إلَيْهَا غَيْرُ صَحِيحٍ (إزميري) وَعَلَى قَوْلٍ آخَرَ فَإِنَّهَا تَكُونُ مُنْعَقِدَةً وَصَحِيحَةً وَسَيَجِيءُ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْإِجَارَةِ.

(الْمَادَّةُ 124) عَقْدُ الِاسْتِصْنَاعُ




(الْمَادَّةُ 124) " الِاسْتِصْنَاعُ عَقْدُ مُقَاوَلَةٍ مَعَ أَهْلِ الصَّنْعَةِ عَلَى أَنْ يَعْمَلُوا شَيْئًا فَالْعَامِلُ صَانِعٌ وَالْمُشْتَرِي مُسْتَصْنِعٌ وَالشَّيْءُ مَصْنُوعٌ ". 
الِاسْتِصْنَاعُ: لُغَةً طَلَبُ الْعَمَلِ وَتَعْرِيفُهُ الْوَارِدُ فِي الْمَجَلَّةِ هُوَ التَّعْرِيفُ الشَّرْعِيُّ لَهُ وَشُرُوطُهُ أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ وَالْعَيْنُ مِنْ الصَّانِعِ وَإِلَّا فَإِذَا كَانَتْ الْعَيْنُ مِنْ الْمُسْتَصْنِعِ فَهُوَ عَقْدُ إجَارَةٍ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 421)
مِثَالٌ: إذَا قَاوَلَ شَخْصٌ خَيَّاطًا عَلَى صُنْعِ جُبَّةٍ، وَقُمَاشُهَا وَكُلُّ لَوَازِمِهَا مِنْ الْخَيَّاطِ فَيَكُونُ قَدْ اسْتَصْنَعَهُ تِلْكَ الْجُبَّةَ وَذَلِكَ هُوَ الَّذِي يُدْعَى بِالِاسْتِصْنَاعِ.
أَمَّا لَوْ كَانَ الْقُمَاشُ مِنْ الْمُسْتَصْنِعِ وَقَاوَلَهُ عَلَى صُنْعِهَا فَقَطْ فَيَكُونُ قَدْ اسْتَأْجَرَهُ وَالْعَقْدُ حِينَئِذٍ عَقْدُ إجَارَةٍ لَا عَقْدَ اسْتِصْنَاعٍ.






(الْمَادَّةُ 123) (بَيْعُ السَّلَمِ



(الْمَادَّةُ 123) (بَيْعُ السَّلَمِ مُؤَجَّلٌ بِمُعَجَّلٍ) 
وَبِعِبَارَةٍ أَوْضَحَ هُوَ الْبَيْعُ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الثَّمَنُ مُعَجَّلًا وَاسْتِلَامُ الْمَبِيعِ مُؤَجَّلًا. وَهُوَ بِعَكْسِ الْبَيْعِ الْمُؤَجَّلِ فَالْبَيْعُ الْمُؤَجَّلُ هُوَ الَّذِي فِيهِ يَكُونُ الْمَبِيعُ مُعَجَّلًا وَالثَّمَنُ مُؤَجَّلًا.
فَيُقَالُ فِي هَذَا الْبَيْعِ لِلْمُشْتَرِي (صَاحِبُ الدَّرَاهِمِ) (رَبُّ السَّلَمِ) (وَمُسَلِّمٌ) بِكَسْرِ اللَّامِ مَعَ تَشْدِيدِهَا وَلِلْبَائِعِ (مُسَلَّمٌ إلَيْهِ) وَلِلثَّمَنِ (رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ) وَلِلْمَالِ الْمُبَاعِ (مُسْلَمٌ فِيهِ) - رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي السَّلَمِ.
وَكَمَا يَجُوزُ فِي السَّلَمِ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ نَقْدًا يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ مَالًا قِيَمِيًّا أَوْ مِثْلِيًّا.
هَذَا وَالْبَيْعُ كَمَا مَرَّ مَعَنَا بِالنِّسْبَةِ إلَى تَسْمِيَةِ الْبَدَلِ يُقْسَمُ إلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ:
(1) - الْمُسَاوَمَةُ (2) - الْمُرَابَحَةُ (3) - التَّوْلِيَةُ (4) - الْوَضِيعَةُ.
بَيْعُ الْمُسَاوَمَةِ - هُوَ الَّذِي يَقَعُ بِاتِّفَاقٍ مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي عَلَى الثَّمَنِ بِدُونِ أَنْ يَذْكُرَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ ذَلِكَ الْمَالَ كَأَنْ يَبِيعَ أَحَدٌ لِآخَرَ ثَوْبَ قُمَاشٍ بِمِائَةِ قِرْشٍ بِدُونِ أَنْ يَذْكُرَ لِلْمُشْتَرِي الْقِيمَةَ الَّتِي كَانَ دَفَعَهَا ثَمَنًا لِذَلِكَ الْقُمَاشِ.
بَيْعُ الْمُرَابَحَةِ - هُوَ الْبَيْعُ الَّذِي يَقَعُ بَعْدَ بَيَانِ الْبَائِعِ ثَمَنَ الْمَبِيعِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ عَلَى رِبْحٍ مَعْلُومٍ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ الثَّمَنِ وَذَلِكَ كَأَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: قَدْ كَلَّفَنِي هَذَا الْمَالُ مِائَةَ قِرْشٍ فَأَبِيعُهُ لَك بِمِائَةٍ وَعَشْرَةِ قُرُوشٍ.
بَيْعُ التَّوْلِيَةِ - هُوَ الْبَيْعُ الَّذِي يَقَعُ بَعْدَ بَيَانِ الْبَائِعِ ثَمَنَ الْمَبِيعِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ بِدُونِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ عَلَى ذَلِكَ الثَّمَنِ وَذَلِكَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ مَالًا بِعَشْرِ ذَهَبَاتٍ فَبَاعَهُ مِنْ آخَرَ بِعَشْرٍ أَيْضًا.
بَيْعُ الْوَضِيعَةِ - هُوَ الَّذِي يَقَعُ بِنَقْصٍ فِي ثَمَنِ الْمَبِيعِ عَمَّا اشْتَرَاهُ بِهِ الْبَائِعُ. وَذَلِكَ كَأَنْ يَشْتَرِيَ شَخْصٌ مَالًا بِعَشْرَةِ جُنَيْهَاتٍ فَيَبِيعَهُ بِسَبْعَةٍ.

(الْمَادَّةُ 122) (بَيْعُ الْمُقَايَضَةِ




(الْمَادَّةُ 122) (بَيْعُ الْمُقَايَضَةِ بَيْعُ الْعَيْنِ بِالْعَيْنِ أَيْ مُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ غَيْرِ النَّقْدَيْنِ)
يُفْهَمُ مِنْ هَذَا التَّعْرِيفِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمُقَايَضَةِ (1) أَلَّا يَكُونَ الْمَالَيْنِ نَقْدًا؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الِاثْنَانِ نَقْدَيْنِ فَالْبَيْعُ صَرْفٌ وَإِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا نَقْدًا فَالْبَيْعُ يَكُونُ هُوَ الْبَيْعَ الْمَشْهُورَ.
(2) أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْ الْمَالَيْنِ عَيْنًا. كَمُبَادَلَةِ فَرَسٍ مُعَيَّنٍ بِفَرَسٍ مُعَيَّنٍ وَإِلَّا فَبَيْعُ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ بِآخَرَ غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَأَنْ يَبِيعَ شَخْصٌ فَرَسًا مُعَيَّنًا بِخَمْسِينَ كَيْلَةً مِنْ الْحِنْطَةِ دَيْنًا لَا يُعَدُّ مُقَايَضَةً بَلْ يَكُونُ بَيْعًا مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ مِنْ أَقْسَامِ الْبَيْعِ الَّتِي جَاءَ ذِكْرُهَا فِي الْمَادَّةِ (120) .



(الْمَادَّةُ 121) (الصَّرْفُ بَيْعُ النَّقْدِ بِالنَّقْدِ





(الْمَادَّةُ 121) (الصَّرْفُ بَيْعُ النَّقْدِ بِالنَّقْدِ) 
يَعْنِي أَنَّ بَيْعَ الصَّرْفِ هُوَ بَيْعُ الذَّهَبِ الْمَسْكُوكِ أَوْ غَيْرِ الْمَسْكُوكِ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَالْفِضَّةِ بِذَهَبٍ أَوْ مِثْلِهَا فِضَّةً.
فَلَوْ أَعْطَى شَخْصٌ آخَرَ جُنَيْهًا مِصْرِيًّا أَوْ لِيرَةً عُثْمَانِيَّةً وَأَخَذَ مِنْهُ مُقَابِلَهَا نُقُودًا فِضِّيَّةً أَوْ نُقُودًا ذَهَبِيَّةً مِنْ (أَجْزَاءِ اللِّيرَةِ) فَذَلِكَ الْبَيْعُ هُوَ بَيْعُ الصَّرْفِ.
وَأَحْكَامُ بَيْعِ الصَّرْفِ وَمَسَائِلُهُ الْمَخْصُوصَةُ قَدْ وَرَدَتْ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ أَمَّا الْمَجَلَّةُ فَلَمْ تَأْتِ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا.



(الْمَادَّةُ 120) الْبَيْعُ بِاعْتِبَارِ الْمَبِيعِ





[ (الْمَادَّةُ 120) الْبَيْعُ بِاعْتِبَارِ الْمَبِيعِ يَنْقَسِمُ إلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ]
الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: بَيْعُ الْمَالِ بِالثَّمَنِ وَبِمَا أَنَّ هَذَا الْقِسْمَ أَشْهَرُ الْبُيُوعِ يُسَمَّى بِالْبَيْعِ.
الْقِسْمُ الثَّانِي: هُوَ الصَّرْفُ.
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: بَيْعُ الْمُقَايَضَةِ.
وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ: السَّلَمُ) .
إنَّ الْبَيْعَ يُقْسَمُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ بَيْعٌ مُطْلَقٌ إلَى قِسْمَيْنِ كَمَا مَرَّ مَعَنَا فِي الْمَادَّةِ (105) وَيُقْسَمُ بِاعْتِبَارِ الْمَبِيعِ إلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي مَتْنِ هَذِهِ الْمَادَّةِ. وَتَعَارِيفُ هَذِهِ الْبُيُوعِ سَتَأْتِي فِي الْمَوَادِّ الْآتِيَةِ.



(الْمَادَّةُ 119) بَيْعُ الِاسْتِغْلَالِ





(الْمَادَّةُ 119) (بَيْعُ الِاسْتِغْلَالِ هُوَ بَيْعُ وَفَاءٍ عَلَى أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ الْبَائِعُ) 
وَبِعِبَارَةٍ أَوْضَحَ إنَّ بَيْعَ الِاسْتِغْلَالِ هُوَ بَيْعُ الْوَفَاءِ الَّذِي يُشْتَرَطُ فِيهِ اسْتِئْجَارُ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ مِنْ الْمُشْتَرِي.

يُفْهَمُ مِنْ هَذَا (بِأَنَّ بَيْعَ الِاسْتِغْلَالِ مُرَكَّبٌ مِنْ بَيْعِ وَفَاءٍ وَعَقْدِ إجَارَةٍ) فَتَاوَى أَبُو السُّعُودِ فِي الْبَيْعِ.
مِثَالٌ: فَلَوْ بَاعَ شَخْصٌ دَارِهِ الْمَمْلُوكَةَ لَهُ لِآخَرَ بِعَشَرَةِ آلَافِ قِرْشٍ عَلَى أَنْ يَرُدَّهَا لَهُ عِنْدَ إعَادَةِ الثَّمَنِ وَعَلَى أَنْ يُؤَجِّرَهَا لَهُ وَبَعْدَ إخْلَاءِ الدَّارِ وَتَسْلِيمِهَا لِلْمُشْتَرِي اسْتَأْجَرَهَا الْبَائِعُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِأَلْفِ قِرْشٍ لِمُدَّةِ سَنَةٍ فَهَذَا الْبَيْعُ هُوَ بَيْعُ اسْتِغْلَالٍ وَالْأَلْفُ قِرْشٍ غَلَّةُ الْبَيْعِ هِيَ الْفَائِدَةُ الَّتِي تَعُودُ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ الْمَبِيعِ.
وَلَمَّا كَانَتْ الْمَجَلَّةُ لَمْ تَذْكُرْ شَيْئًا مِنْ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ أَلْبَتَّةَ وَبِمَا أَنَّ مَسَائِلَ الِاسْتِغْلَالِ تَتَعَلَّقُ بِالْإِجَارَةِ مُبَاشَرَةً فَقَدْ عَزَمْنَا عَلَى ذِكْرِ بَعْضِ الْمَسَائِلِ عَنْهَا فِي شَرْحِ كِتَابِ الْإِجَارَةِ.

(الْمَادَّةُ 118) بَيْعُ الْوَفَاءِ




(الْمَادَّةُ 118) بَيْعُ الْوَفَاءِ هُوَ الْبَيْعُ بِشَرْطِ أَنَّ الْبَائِعَ مَتَى رَدَّ الثَّمَنَ يَرُدُّ الْمُشْتَرِي إلَيْهِ الْمَبِيعَ وَهُوَ فِي حُكْمِ الْبَيْعِ الْجَائِزِ بِالنَّظَرِ إلَى انْتِفَاعِ الْمُشْتَرِي بِهِ وَفِي حُكْمِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بِالنَّظَرِ إلَى كَوْنِ كُلٍّ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ مُقْتَدِرًا عَلَى الْفَسْخِ وَفِي حُكْمِ الرَّهْنِ بِالنَّظَرِ إلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَقْدِرُ عَلَى بَيْعِهِ إلَى الْغَيْرِ.
إنَّ بَيْعَ الْوَفَاءِ يُشْبِهُ الْبَيْعَ الصَّحِيحَ مِنْ جِهَةٍ وَالْبَيْعَ الْفَاسِدَ مِنْ جِهَةٍ وَعَقْدَ الرَّهْنِ مِنْ جِهَةٍ.
فَيُشْبِهُ الْبَيْعَ الصَّحِيحَ؛ لِأَنَّ لِلْمُشْتَرِي حَقَّ الِانْتِفَاعِ بِالْمَبِيعِ كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ وَلَهُ أَيْضًا فِي حَالَةِ وُقُوعِ الْبَيْعِ بِشَرْطِ الِاسْتِغْلَالِ أَنْ يُؤَجِّرَ الْمَبِيعَ بَعْدَ قَبْضِهِ لِلْبَائِعِ.
وَهُنَا يَتَبَايَنُ حُكْمُ هَذَا الْبَيْعِ وَحُكْمُ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ تَوْفِيقًا لِلْمَادَّةِ (750) أَنْ يَنْتَفِعَ بِالْمَرْهُونِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَأْجِيرُهُ لِلرَّاهِنِ فَإِذَا أَجَّرَهُ فَالْإِجَارَةُ بَاطِلَةٌ وَلَهُ حَقُّ اسْتِرْدَادِ الْمَرْهُونِ مِنْ الرَّاهِنِ.
وَيُشْبِهُ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ؛ لِأَنَّ لِلْفَرِيقَيْنِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (396) حَقَّ فَسْخِهِ وَفِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ اللَّازِمِ لَيْسَ لِأَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ حَقُّ فَسْخِ الْبَيْعِ بِدُونِ رِضَاءِ الْفَرِيقِ الْآخَرِ.
وَلِهَذَا فَقَدْ كَانَ حُكْمُ بَيْعِ الْوَفَاءِ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ حُكْمُ الْفَاسِدِ.
وَيُشْبِهُ الرَّهْنَ (1) لِأَنَّهُ لَا يَحِقُّ فِيهِ لِلْمُشْتَرِي بَيْعُ الْمَبِيعِ لِآخَرَ (2) لِأَنَّهُ لَا يَحِقُّ لَهُ أَنْ يَرْهَنَهُ (3) لِأَنَّهُ يَكُونُ بَعْدَ وَفَاةِ الْبَائِعِ أَحَقُّ بِهِ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ (4) لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ وُجُودُ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي الْمُحَاكَمَةِ عِنْدَ ادِّعَاءِ شَخْصٍ بِالْمَبِيعِ رَاجِعْ الْمَادَّةَ 1637 (5) لِأَنَّ وَرَثَةَ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ تَقُومُ مَقَامَهُ بَعْدَ الْوَفَاةِ فِي أَحْكَامِ هَذَا الْبَيْعِ (6) لِأَنَّ الشُّفْعَةَ لَا تَجْرِي فِي هَذَا الْبَيْعِ (7) لِأَنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ فِي الْعَقَارِ الْمُجَاوِرِ لِلْمَبِيعِ بَيْعَ وَفَاءٍ لِلْبَائِعِ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي (8) لِعَدَمِ تَمَامِهِ بِدُونِ تَسْلِيمٍ (9) لِلُزُومِ نَفَقَاتِ تَعْمِيرِ الْمَبِيعِ بَيْعًا وَفَائِيًّا لِلْبَائِعِ.
كُلُّ هَذِهِ الْأَحْكَامِ مُنَافِيَةٌ لَأَنْ يَكُونَ بَيْعُ الْوَفَاءِ بَيْعًا صَحِيحًا (اُنْظُرْ مَادَّتَيْ 706 و 724)
وَعَلَيْهِ فَلَوْ بَاعَ شَخْصٌ دَارِهِ بَيْعًا وَفَائِيًّا لِدَائِنِهِ مُقَابِلَ دَيْنِهِ وَاحْتَرَقَتْ الدَّارُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالتَّسْلِيمِ فَطَالَبَ الدَّائِنُ الْمَدِينَ بِالدَّيْنِ فَلَيْسَ لِلْمَدِينِ بِدَاعِي سُقُوطِهِ اسْتِنَادًا عَلَى الْمَادَّةِ (399) حَقُّ الِامْتِنَاعِ عَنْ دَفْعِهِ.
كَذَلِكَ لَوْ تُوُفِّيَ الْمَدِينُ قَبْلَ تَسْلِيمِ الْمَالِ الْمُبَاعِ مِنْ قِبَلِهِ وَفَاءً لِلْمُشْتَرِي فَيَحِقُّ لِغَيْرِهِ مِنْ غُرَمَاءِ الْمَدِينِ فِي حَالِ زِيَادَةِ الدَّيْنِ الَّذِي بِذِمَّتِهِ عَنْ التَّرِكَةِ الْمُخَلَّفَةِ عِنْدَ إدْخَالِ الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ فِي التَّرِكَةِ وَاقْتِسَامِهَا مَعَ الْمُشْتَرِي بِصِفَتِهِ أَحَدُ الدَّائِنِينَ وَلَا يُلْتَفَتُ فِي ذَلِكَ إلَى حُكْمِ الْمَادَّةِ (729) وَالْحَاصِلُ أَنَّ بَيْعَ الْوَفَاءِ وَإِنْ وُجِدَ فِيهِ تِسْعَةُ أَقْوَالٍ فَأَرْجَحُهَا الْقَوْلُ الَّذِي اتَّبَعَتْهُ الْمَجَلَّةُ فِي قَوْلِهَا " وَهُوَ فِي حُكْمِ الْبَيْعِ الْجَائِزِ بِالنَّظَرِ إلَى انْتِفَاعِ الْمُشْتَرِي بِهِ وَفِي حُكْمِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بِالنَّظَرِ إلَى كَوْنِ كُلٍّ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ مُقْتَدِرًا عَلَى الْفَسْخِ وَفِي حُكْمِ الرَّهْنِ بِالنَّظَرِ إلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَقْدِرُ عَلَى بَيْعِهِ إلَى الْغَيْرِ ".
وَلَكِنْ عَلَى كُلٍّ فَوَجْهُ الشَّبَهِ فِيهِ بِالرَّهْنِ أَبْيَنُ وَأَرْجَحُ كَمَا تَبَيَّنَ مِمَّا مَرَّ مَعَنَا مِنْ التَّفْصِيلَاتِ أَمَّا حُكْمُ الْبَيْعِ الصَّحِيحِ وَحُكْمُ الْفَاسِدِ وَحُكْمُ الرَّهْنِ فَقَدْ جَاءَتْ فِي الْمَوَادِّ (369، 372، 829) مِنْ الْمَجَلَّةِ.
هَذَا وَقَدْ ذَكَرَتْ الْمَجَلَّةُ فِي الْبَيْعِ بِالْوَفَاءِ الْمَبِيعَ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ، وَجَاءَ فِي الْمَتْنِ التُّرْكِيِّ (الْمَالُ) بَدَلًا مِنْ الْمَبِيعِ عَلَى أَنَّ الْفُقَهَاءَ وَإِنْ اتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِهِ فِي الْعَقَارِ فَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِهِ فِي الْمَنْقُولِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِالْجَوَازِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُجِزْهُ وَقَدْ أَفْتَى كَثِيرُونَ مِنْ شُيُوخِ الْمُسْلِمِينَ بِعَدَمِ جَوَازِهِ.
وَنَحْنُ نَرَى أَنَّ الْمَجَلَّةَ ذَكَرَتْ الْمَالَ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ وَبِمَا أَنَّ هَذَا الْبَيْعَ هُوَ بِحُكْمِ الرَّهْنِ وَالرَّهْنُ جَائِزٌ فِي الْمَنْقُولَاتِ، جَوَازَ بَيْعِ الْوَفَاءِ فِي الْمَالِ الْمَنْقُولِ عَلَى أَنَّ هَذَا الْبَيْعَ فِي الْغَالِبِ إنَّمَا يَجْرِي بَيْنَ النَّاسِ فِي الْمَنْقُولِ فَقَطْ.
وَقَدْ قَصَدَ بِكَلِمَةِ (الْمَالُ) الْوَارِدَةِ فِي الْمَتْنِ التُّرْكِيِّ بَدَلًا مِنْ كَلِمَةِ، الْمَبِيعِ، الَّتِي جَاءَتْ فِي مَتْنِ الْمَجَلَّةِ الْعَرَبِيّ الِاحْتِرَازَ مِنْ الْمُسْتَغَلَّاتِ الْمَوْقُوفَةِ وَالْأَرَاضِيِ الْأَمِيرِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجْرِي فِيهَا الْبَيْعُ بِالْوَفَاءِ، وَالْفَرَاغُ بِالْوَفَاءِ الَّذِي يَجْرِي فِيهِمَا يَفْتَرِقُ عَنْ الْبَيْعِ بِالْوَفَاءِ اسْمًا وَحُكْمًا.

(الْمَادَّةُ 117) الْبَيْعُ الْبَاتُّ هُوَ الْبَيْعُ الْقَطْعِيُّ




(الْمَادَّةُ 117) (الْبَيْعُ الْبَاتُّ هُوَ الْبَيْعُ الْقَطْعِيُّ) يُسْتَعْمَلُ هَذَا الْبَيْعُ تَارَةً عَلَى أَنَّهُ مُقَابِلٌ لِلْبَيْعِ بِالْوَفَاءِ وَأُخْرَى عَلَى أَنَّهُ مُقَابِلٌ لِلْبَيْعِ بِالْخِيَارِ.
فَاسْتُعْمِلَ فِي الْبَزَّازِيَّةُ عِنْدَ قَوْلِهَا (هَلَاكُ الْمَبِيعِ بَاتًّا أَوْ بِخِيَارِ الشَّرْطِ فِي يَدِ الْبَائِعِ.) عَلَى أَنَّهُ مُقَابِلٌ لِلْبَيْعِ بِالْخِيَارِ وَفِي رَدِّ الْمُحْتَارِ قُبَيْلَ بَابِ الْكَفَالَةِ حَيْثُ يَقُولُ (ادَّعَى الْبَائِعُ وَفَاءً وَالْمُشْتَرِي بَاتًّا أَوْ عَكْسًا فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الْبَاتِّ) قَدْ اُسْتُعْمِلَ عَلَى أَنَّهُ مُقَابِلٌ لِبَيْعِ الْوَفَاءِ.
أَمَّا فِي الْمَجَلَّةِ فَقَدْ جَاءَ عَلَى أَنَّهُ مُقَابِلٌ لِلْبَيْعِ بِالْوَفَاءِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1658) . (وَالْبَتُّ) مَأْخُوذٌ مِنْ مَصْدَرِ (بَتَّ) وَهُوَ بِمَعْنَى الْقَطْعِ فَيُقَالُ: بَتَّ فُلَانٌ الشَّيْءَ إذَا قَطَعَهُ.

(الْمَادَّةُ 116) الْخِيَارُ هُوَ كَوْنُ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ مُخَيَّرًا




(الْمَادَّةُ 116) (الْخِيَارُ كَوْنُ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ مُخَيَّرًا عَلَى مَا سَيَجِيءُ فِي بَابِهِ) .
الْخِيَارُ هُوَ أَنْ يَكُونَ الْإِنْسَانُ مُخَيَّرًا بَيْنَ تَنْفِيذِ الْعَقْدِ وَبَيْنَ فَسْخِهِ وَهَذَا التَّعْرِيفُ يَشْمَلُ جَمِيعَ أَنْوَاعِ الْخِيَارَاتِ.
الِاخْتِيَارُ صِفَةٌ قَائِمَةٌ بِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَإِذَا كَانَ الْبَائِعُ مُخَيَّرًا بِخِيَارِ الشَّرْطِ مَثَلًا فَخِيَارُ الشَّرْطِ هُنَا قَائِمٌ بِالْبَائِعِ وَبِذَلِكَ يَكُونُ الْبَائِعُ وَحْدُهُ مُقْتَدِرًا عَلَى إنْفَاذِ الْبَيْعِ أَوْ فَسْخِهِ وَلَوْ لَمْ يَرْضَ الْمُشْتَرِي كَمَا لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي هُوَ الْمُخَيَّرُ فَالْخِيَارُ يَكُونُ قَائِمًا بِهِ وَلَهُ حَقُّ إنْفَاذِ الْبَيْعِ أَوْ فَسْخِهِ بِدُونِ رِضَاءِ الْبَائِعِ وَمُوَافَقَتِهِ.

(الْمَادَّةُ 115) الْبَيْعُ غَيْرُ اللَّازِمِ




(الْمَادَّةُ 115) (الْبَيْعُ غَيْرُ اللَّازِمِ هُوَ الْبَيْعُ النَّافِذُ الَّذِي فِيهِ أَحَدُ الْخِيَارَاتِ) 
فَالْبَيْعُ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ أَحَدُ الْخِيَارَاتِ يَحِقُّ لِصَاحِبِ الْخِيَارِ فَسْخُهُ (رَاجِعْ الْمَادَّةَ (376)) .