الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 25 أبريل 2023

الطعن 77 لسنة 12 ق جلسة 22 / 4 / 1943 مج عمر المدنية ج 4 ق 53 ص 147

جلسة 22 إبريل سنة 1943

برياسة حضرة صاحب العزة عبد الفتاح السيد بك رئيس المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة حسن زكي محمد بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك ونجيب مرقس بك المستشارين.

--------------

(53)
القضية رقم 77 سنة 12 القضائية

أ - حكم. تسبيبه. 

تقديم الخصوم مذكرة فيها مطاعن على تقرير الخبير لو صحت لكان لها أثرها في الدعوى. الفصل في الدعوى بناءً على ما جاء بهذا التقرير. إهدار المطاعن الموجهة إليه. قصور في التسبيب.
ب - طلب أصلي. 

القضاء بإحالة طلب احتياطي. وجوب تسبيب القضاء برفض الطلب الأصلي.
(المادة 103 مرافعات)

--------------
1 - إذا كان المستأنف عليه قد طلب أصلياً تأييد الحكم المستأنف واحتياطياً اعتماد تقرير الخبير المعين في الدعوى، ثم قدم مذكرة طعن فيها على أعمال الخبير ونسب إليه أنه خرج عن مأموريته المبينة في الحكم التمهيدي، وأبان تفصيلاً أوجه خروجه عنها، ثم انتهى إلى طلب استبعاده وتأييد الحكم المستأنف، فليس يكفي للرد على ما جاء بهذه المذكرة من المطاعن، التي لو صحت لكان لها أثرها في التقرير ثم في مصير الدعوى، أن تقوم المحكمة إنها تبينت من الاطلاع على هذا التقرير كيت وكيت، دون أن تعرض للمطاعن الموجهة إليه وتقول فيها كلمتها، بل يكون حكمها معيباً في تسبيبه متعيناً نقضه (1).
2 - إذا قدم الخصم إلى المحكمة طلباً أصلياً وطلباً احتياطياً فإن حكمها بإجابة الطلب الاحتياطي لا يغنيها عن بحث الطلب الأصلي وإيراد الأسباب الكافية التي اعتمدت عليها في عدم إجابته.


(1) سبق لمحكمة النقض أن قضت في 19 نوفمبر سنة 1931 (الجزء الأول من هذه المجموعة القاعدة رقم 5 ص 14) بأن محكمة الموضوع غير ملزمة بالرد على الطعون التي يوجهها الخصم إلى تقرير الخبير المعين في الدعوى ما دام أنها أخذت بما جاء في هذا التقرير، إذ أن في أخذها بما ورد فيه دليلاً كافياً على أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليه، وهي في تقديرها ذلك لا سلطان عليها لمحكمة النقض. وأساس هذه القاعدة أن محكمة الموضوع متى اعتمدت على تقرير الخبير فإن هذا التقرير يعتبر ملحقاً بحكمها، وتعتبر الأسباب الواردة فيه أسباباً للحكم ذاته. وأن قاضي الموضوع غير مكلف بأن يورد كل حجج الخصوم ويفندها، وأنه بحسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يذكر دليلها وما عليه أن يتتبع الخصوم في مناحي أقوالهم ومختلف حججهم وطلباتهم ويرد استقلالاً على كل قول أو حجة أو طلب أثاروه في مرافعتهم، إلى غير ذلك مما رددت محكمة النقض ذكره في الكثير من أحكامها.
وليس مما يخالف ذلك ما انتهت إليه هذه المحكمة في حكمها هذا. فإن هذا الحكم يقوم على أن المطاعن التي وجهها الخصم إلى تقرير الخبير كانت من المطاعن الجدية التي لو صحت لكان لها أثر في صحة هذا التقرير وفي مصير الدعوى، وأن هذا التقرير لم يكن فيه ولا في محاضر أعمال الخبير ما يصلح رداً صريحاً على تلك المطاعن ولا ما يفندها، وأن الحكم ذاته لم يرد في أسبابه ما تصح إقامته عليه من الأدلة المؤدية إلى النتيجة التي انتهى إليها في موضوع الدعوى.
وعلى أية حال فإن الطعن في تقرير الخبير لا يعدو أن يكون وسيلة - كأية وسيلة أخرى - من وسائل الدفاع في موضوع الدعوى، وليس له شأن خاص يقتضي من المحكمة أن تفصل فيه أو ترد عليه حتماً على وجه التخصيص. فمجرد إهمال هذا الطعن لا يعيب الحكم، وإنما يعيبه أن تكون أسبابه قاصرة عن إقامة قضائه في موضوع الدعوى.

الطعن 74 لسنة 12 ق جلسة 22 / 4 / 1943 مج عمر المدنية ج 4 ق 52 ص 146

جلسة 22 إبريل سنة 1943

برياسة حضرة صاحب العزة عبد الفتاح السيد بك رئيس المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة حسن زكي محمد بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك ونجيب مرقس بك المستشارين.

-----------------

(52)
القضية رقم 74 سنة 12 القضائية

إعلان. 

انتقال المحضر إلى المحل الأصلي للمطلوب إعلانه. تسليم الصورة إلى الضابط النوبتجي بالمحافظة لغياب المعلن إليه وغلق محله. إثبات ذلك في محضره. صحة الإعلان.

---------------
إنه لما كانت المادة 7 من قانون المرافعات قد نصت على أنه إذا توجه المحضر إلى محل الخصم المراد إعلانه ولم يجده لا هو ولا خادمه ولا أحداً من أقاربه فيسلم صورة الورقة المراد إعلانها لحاكم البلدة أو شيخها فإن الإعلان يكون صحيحاً (1) متى كان الثابت من المحضر الذي حرره المحضر أنه انتقل إلى المنزل الذي يقيم فيه المحكوم عليه لإعلانه بالحكم فوجده مغلقاً فسلم الصورة إلى الضابط النوبتجي بالمحافظة لغياب المعلن إليه وغلق محله، وخصوصاً إذا كان المعلن إليه نفسه لا يدعي أن مسكنه لم يكن مغلقاً في الوقت الذي يقول المحضر إنه ذهب فيه. وإذن فتجب محاسبة الطاعن في الحكم على ميعاد الطعن من يوم هذا الإعلان.


(1) قارن هذا الحكم بالأحكام التي أصدرتها المحكمة فيما بعد في خصوص هذه المسألة.

الطعن 161 لسنة 41 ق جلسة 21 / 3 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 161 ص 821

جلسة 21 من مارس سنة 1978

برياسة السيد المستشار صلاح الدين حبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد صدقي العصار، وجمال الدين عبد اللطيف، وعبد الحميد المرصفاوي، محمد طه سنجر.

-----------------

(161)
الطعن رقم 161 لسنة 41 القضائية

(1) نقض. إعلان. "بطلان الإعلان". بطلان. نظام عام.
بطلان إعلان صحيفة الطعن بالنقض. غير متعلق بالنظام العام. عدم جواز التمسك به إلا ممن شرع لمصلحته.
(2) التزام "الشرط الجزائي". فوائد.
الشرط الجزائي عن المتأخر في الوفاء بالتزام محله مبلغ من النقود هو في حقيقته اتفاق على فوائد. خضوعه للمادة 227 مدني عدم جواز زيادة سعر الفائدة عن 7%.
(3) نقض "سلطة محكمة النقض".
أسباب الحكم المنطوية على أخطاء قانونية. لمحكمة النقض أن تصححها دون أن تنقضه طالما أنه انتهى إلى النتيجة الصحيحة.

---------------
1 - إذ كان المطعون عليهما الثاني والثالث يتمسكان ببطلان إعلان المطعون عليه الأول بصحيفة الطعن وكان هذا البطلان لا يتعلق بالنظام العام فإنه لا يملك التمسك به إلا من شرع لمصلحته.
2 - لما كان الثابت من عقد البيع أن الطرفين اتفقا على سداد باقي الثمن على قسطين وأنه إذا تأخر المشترون في الوفاء بأي قسط أو جزء منه التزموا بأداء نصف أجرة الأطيان المبيعة دون تنبيه أو إنذار فإن هذا الشرط الجزائي يكون في حقيقته اتفاقاً على فوائد عن التأخر في الوفاء بالتزام محله مبلغ من النقود يخضع لحكم المادة 227 من القانون المدني، فلا يجوز أن يزيد سعر الفائدة المتفق عليها عن سبعة في المائة وإلا وجب تخفيضها إلى هذا الحد.
3 - من المقرر أن الحكم لا يبطله ما يكون قد اشتملت عليه أسبابه من أخطاء قانونية، إذ لمحكمة النقض أن تصحح هذه الأسباب بغير أن تنقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليهم أقاموا الدعوى رقم 456 سنة 1963 مدني سوهاج الابتدائية وطلبوا فيها الحكم بإلزام الطاعنين الأول والثاني ومورثي الطاعنتين الثالثة والرابعة، بأن يدفعوا لهم مبلغ 4532 جنيهاً و075 مليماً وقالوا بياناً للدعوى أنه بموجب عقد مؤرخ 2/ 1/ 1958 باع مورثهم المرحوم عبد اللاه عبد الخالق مبروك للمدعى عليهم المذكورين أطياناً زراعية قدرها 14 ف و13 ط و16 س شائعة في 19 ف و11 ط و1 س مبينة الحدود والمعالم بالصحيفة مقابل ثمن قدره 6920 جنيهاً و - مليماً وإذ تخلفوا عن سداد باقي الثمن وقدره 3750 جنيهاً و500 مليماً بالإضافة إلى مبلغ 961 جنيهاً و575 مليماً قيمة نصف أجرة الأطيان المبيعة عن السنوات من 1958 حتى سنة 1963 كتعويض عن التأخير في السداد، فقد أقاموا الدعوى بطلبهم سالف البيان. وبتاريخ 29/ 5/ 1965 حكمت المحكمة بندب خبير لبيان مساحة الأطيان المبيعة وما إذا كان قد تم نزع ملكية جزء منها ثم أعادت المأمورية إلى الخبير لبيان تاريخ نزع ملكية ما نزع ملكيته وقيمة الإيجار السنوي للأطيان المبيعة، وبعد تقديم تقرير الخبرة وملحقه قضت المحكمة في 19/ 12/ 1967 بإلزام الطاعنين بأن يدفعوا إلى المطعون عليهم مبلغ 1711 جنيهاً و914 مليماً استأنف الطاعنون هذا الحكم أمام محكمة استئناف أسيوط بالاستئناف رقم 39 سنة 43 ق، وبتاريخ 16/ 12/ 1970 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض ودفع المطعون عليهم الثلاثة الأول ببطلان إعلان صحيفة الطعن، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض هذا الدفع وفي الموضوع برفض الطعن، عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع ببطلان إعلان صحيفة الطعن المبدى من المطعون عليهم الثلاثة الأول أن إعلان المطعون عليه الأول بالطعن خلا من بيان انتقال المحضر إلى موطن المعلن إليه ومن بيان أسماء الخدم الذين امتنعوا عن الاستلام وسبب الامتناع وهو ما يبطل الإعلان طبقاً لنص المواد 9، 10، 19 من قانون المرافعات.
وحيث إن هذا الدفع غير مقبول بالنسبة للمطعون عليهما الثاني والثالث، وإذ أنهما يتمسكان ببطلان إعلان المطعون عليه الأول بصحيفة الطعن، وهذا البطلان لا يتعلق بالنظام العام فلا يملك التمسك به إلا من شرع لمصلحته، والدفع غير سديد بالنسبة للمطعون عليه الأول، ذلك أن الفقرة الثانية من المادة 20 من قانون المرافعات تنص على أنه لا يحكم بالبطلان - رغم النص عليه - إذا ثبت تحقق الغاية من الإجراء، ولما كان الثابت من الأوراق أن المطعون عليه المذكور، قدم في الميعاد القانوني مذكرة بالرد على أسباب الطعن، فإنه لا يقبل منه التمسك ببطلان إعلان الطعن - أياً كان وجه الرأي فيه - بعد أن تحققت الغاية التي كان يبتغيها المشرع من إعلانه.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، ينعى الطاعنون بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال ومخالفة القانون. وفي بيان ذلك يقولون، إن عقد البيع ورد فيه أن مساحة الأطيان المبيعة 14 فداناً و13 قيراطاً و16 سهماً شائعة في 19 فداناً و11 قيراطاً و1 سهم وبعقد آخر اشتروا باقي هذه المساحة وقدره 4 أفدنة و21 قيراطاً و8 أسهم ثم تبين لهم بعد استلام الأطيان المبيعة أن حقيقة مساحتها الكلية 17 فداناً و23 قيراطاً و18 سهماً بعجز قدره 1 فدان و11 قيراطاً و17 سهماً اتضح أن الحكومة وضعت اليد عليه وأنشأت فيه سيالة بطول الجانب الغربي للأطيان فأضحت هذه السيالة هي الحد الغربي لها ومن ثم فلا وجه لاحتسابها من المساحة المشتراة، إلا أن الحكم المطعون فيه ذهب إلى أن الثابت من تقرير الخبير أن المسطح الذي أنشئت فيه السيالة موجود على الطبيعة ولم تنزع الحكومة ملكيته، وأن هذا المسطح والمسطح الذي نزعت الحكومة ملكيته ومساحته 10 قراريط و18 سهماً والأطيان التي يضع الطاعنون اليد عليها، يبلغ مجموعها 19 فداناً و11 قيراطاً و1 سهم وهي نفس المساحة الكلية المنصوص عليها في عقدي البيع، مما مؤداه - في نظر المحكمة - دخول المسطح الذي أنشئت فيه السيالة ضمن الأطيان المبيعة، وهذا الذي قرره الحكم لا يبرر عدم الأخذ بما أثبته الخبير من أن المساحة الكلية للأطيان المبيعة حسب حدودها المبينة بالعقد هي 17 فداناً و23 قيراطاً و18 سهماً ويتعارض مع النص في العقد على أن الحد الغربي للأطيان هو السيالة، ذلك أن تعيين بهذه الحد بهذه الصورة قاطع في الدلالة على أن هذه السيالة لا تدخل ضمن الأطيان المشتراة، إذ لو شاء الطرفان غير ذلك لنصا في العقد على أن الحد الغربي هو الأطيان الواقعة غرب السيالة. هذا فضلاً عن أن عدم نزع ملكية المسطح سالف الذكر لا يؤدي بالضرورة إلى دخوله في الأطيان المبيعة، فليس ثمة ما يمنع المالك من أن يستبقى لنفسه ما قد يتعذر عليه بيعه. يضاف إلى ما تقدم أن البند الثاني من العقد ينص على أن المعول فيه تحديد مساحة الأطيان المبيعة هو بما يتضح من مراجعة المساحة عند تحرير العقد النهائي، ولما كان الخبير المنتدب في الدعوى قد انتهى إلى أن مساحة الأطيان المبيعة هي على الطبيعة 17 فداناً و23 قيراطاً و18 سهماً فقط وهو ما كان سينتهي إليه مهندس المساحة حتماً، فقد كان على المحكمة أن تأخذ بهذه النتيجة إعمالاً لما اتفق عليه الطرفان في العقد ثم تقدر الثمن على هذا الأساس.
وحيث إن النعي بهذين السببين مردود، ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه في خصوص تحديد مساحة الأطيان المبيعة على قوله "أنه يبين من الاطلاع على عقد البيع موضوع هذه الدعوى والمؤرخ 2/ 1/ 1958 أنه تضمن بيع مساحة قدرها 14 فداناً و13 قيراطاً و16 سهماً شيوعاً في 19 فداناً و11 قيراطاً و1 سهم وتبين من الاطلاع على العقد موضوع الدعوى رقم 332 سنة 1966 مدني محل سوهاج واستئنافها رقم 40 سنة 43 ق المحجوز للحكم مع هذا الاستئناف أنه تضمن بيع شقيقتي مورث المستأنف عليهم إلى المستأنفين 4 أفدنة و21 قيراطاً و8 أسهم شيوعاً في 19 فداناً و11 قيراطاً و1 سهم بذات القطعة والحدود الواردة بالعقد الأول، وبالرجوع إلى تقرير الخبير المقدم في الدعوى يتضح أن المساحة التي يضع المستأنفون في الدعويين اليد عليها هي 17 فداناً و13 قيراطاً وأن الحكومة قد نزعت ملكية 10 قراريط و18 سهماً في المشروع رقم 739 شئون قرية كلية بعد تمام البيع، كما أن هناك مساحة قدرها 1 فدان و11 قيراطاً و7 أسهم مر بها فرع جنابية الكسرة اليسرى لإكثار الحبوب ولم تنزع الحكومة ملكية هذه الأرض ولكنها تستأجرها وجملة المساحات الثلاثة المذكورة هي 19 فداناً و11 قيراطاً و1 سهم الأمر الذي يفيد بالضرورة أن البيع بالعقدين المذكورين قد شمل مساحة القطعة جميعها البالغة 19 فداناً و11 قيراطاً و7 أسهم مما يترتب عليه أن المقدار المتنازع عليه وقدره 1 فدان، و11 قيراطاً و7 أسهم يدخل ضمن البيع في العقدين وترتيباً على ما تقدم فلا محل لمسايرة المستأنفين فيما ذهبوا إليه من أن مساحة 1 فدان و11 قيراطاً و7 أسهم لم تدخل ضمن البيع أو أن هناك ثمة عجز في المساحة، ذلك أن الأطيان الواردة بعقد البيع موجودة على الطبيعة بكامل مساحتها سواء ما كان في وضع اليد الفعلي للمستأنفين طبقاً لتقرير الخبير الذي لم يعترضوا عليه أو تحت يد الحكومة باعتبارها مستأجرة لمساحة 1 فدان، 11 قيراطاً، و7 أسهم وإذ يبين من ذلك أن محكمة الاستئناف فسرت شروط البيع في خصوص تحديد مساحة الأطيان المبيعة، تفسيراً سائغاً لم تخرج به عن حد حمل عباراتها على ما يمكن أن تحتمله ودعمت حكمها في هذا الخصوص بما يؤيده من اعتبارات معقولة مما يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع التي لا رقابة لهذه المحكمة عليها فيه، فإن النص بهذين السببين يكون في غير محله.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه، مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقولون أنه اتفق في عقد البيع على سداد باقي الثمن على قسطين وعلى أنه إذا تأخر المشترون في الوفاء بقسط أو بجزء منه كان عليهم أن يدفعوا نصف أجرة الأطيان المبيعة في سنة 1958 على سبيل التعويض. ولما كان الثابت أنهم سددوا نحو 6/ 7 الثمن فقد طلبوا من المحكمة تخفيض التعويض المتفق عليه إلى قدر يتناسب ومقدار الصافي في ذمتهم من الثمن، إلا أن المحكمة رفضت هذا الطلب استناداً إلى أن التعويض المتفق عليه يستحق بأكمله للمطعون عليهم أياً كان مقدار الباقي من الثمن، وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد خالف نص المادة 224 من القانون المدني التي تجيز تخفيض التعويض الاتفاقي إذا أثبت المدعين أن الالتزام قد نفذ في جزء منه.
وحيث إن هذا النص مردود، ذلك أنه لما كان الثابت من عقد البيع أن الطرفين اتفقا على سداد باقي الثمن وقدره 910 جنيهات، 500 مليم قسطين أولهما وقدره 2000 جنيه في أول فبراير سنة 1958 وثانيهما وقدره 1920 جنيهاً، 500 مليم في آخر مارس من نفس السنة، وأنه إذا تأخر المشترون في الوفاء بأي قسط أو جزء منه التزموا بأداء نصف أجرة الأطيان المبيعة في سنة 1958 دون تنبيه أو إنذار، فإن هذا الشرط الجزائي يكون في حقيقته اتفاقاً على فوائد عن التأخر في الوفاء. بالتزام محله مبلغ من النقود، يخضع لحكم المادة 227 من القانون المدني، فلا يجوز أن يزيد سعر الفائدة المتفق عليها عن سبعة في المائة وإلا وجب تخفيضها إلى هذا الحد. وإذ يبين من الحكم المطعون فيه أن باقي الثمن الذي استحق للمطعون عليهم هو مبلغ 1570 جنيهاً و500 مليم وقد تأخر الطاعنون في الوفاء به من تاريخ استحقاقه حتى 16/ 12/ 1970 تاريخ الحكم النهائي في الدعوى فإن التعويض المقضى به وقدره 141 جنيهاً و414 مليماً لا يكون مجاوزاً في مقداره الحد الأقصى لسعر الفائدة، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه سليماً فيما انتهى إليه ورفض تخفيض التعويض الاتفاقي، فإنه لا يبطله ما يكون قد اشتملت عليه أسبابه من أخطاء قانونية، إذ لمحكمة النقض أن تصحح هذه الأسباب بغير أن تخفضه وبذلك يكون النعي على الحكم سالف الذكر بهذا السبب على غير أساس.

الطعنان 519 ، 983 لسنة 48 ق جلسة 12 / 4 / 1980 مكتب فني 31 ج 1 ق 206 ص 1069

جلسة 12 من إبريل سنة 1980

برئاسة السيد المستشار عدلي مصطفى بغدادي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور إبراهيم علي صالح، عبد العزيز عبد العاطي إسماعيل، حسن عثمان عمار ورابح لطفي جمعه.

--------------

(206)
الطعنان رقما 519 لسنة 46 و983 لسنة 48 القضائية

(1) حكم "حجية الحكم". نقض "السبب الجديد". نظام عام.
حجية الأحكام جواز التمسك بها لأول مرة أمام محكمة النقض. شرطه أن تكون عناصرها الواقعية مطروحة على محكمة الموضوع. لا يكفي مجرد الإشارة في المذكرة المقدمة لمحكمة الاستئناف إلى صدور الحكم أو تقديم صورته إلى محكمة النقض. النعي في هذا الحالة. اعتباره سبباً جديداً.
(2) حكم "ما يعد قصوراً".
إغفال الحكم بحث دفاع جوهري للخصم. قصوره في أسباب الحكم الواقعية. موجبة لبطلانه.
(3) إيجار "التغيير في العين المؤجرة".
انتفاع المستأجر بشقتين متلاصقتين في مبنى واحد بطريق الإيجار. إجراؤه فتحة بينهما تيسيراً للانتفاع بهما دون أن يحلق ضرر بالعين المؤجرة أو المؤجر. وجوب رفض دعوى الإخلاء لهذا السبب.

---------------
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة (1) أنه وإن كان الالتزام بحجية الأحكام من الأمور المتعلقة بالنظام العام وتقضي بها المحكمة من تلقاء نفسها ويجوز من ثم إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض، إلا أن ذلك مشروط بثبوت أن جميع عناصرها الواقعية التي تسمح بالوقوف عليها والإلمام بها كانت مطروحة ومتوفرة لدى محكمة الموضوع، وكان المقرر بنص المادة 102 من قانون الإثبات أن القاضي المدني لا يرتبط بالحكم الجنائي إلا في الوقائع التي فصل فيها هذا الحكم، وكان فصله ضرورياً مما مفاده أن التمسك أمام المحكمة المدنية بحجية الحكم الجنائي يقتضي أن يكون الحكم مقدماً إليها حتى يتسنى لها أن تقف منه على ما تلتزم بالتقيد به من الوقائع التي فصل فيها فصلاً لازماً سواء بالنسبة لوقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية أو الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله. لما كان ما تقدم، وكانت أوراق الطعن قد خلت مما يفيد اتصال محكمة الموضوع بعناصر الحكمين الجنائيين المشار إليهما بسبب النعي أو ما يدل على سبق تقديمهما إليها، وكان لا يجدي في ذلك ما ورد بصورة المذكرة المقدمة من الطاعنين لمحكمة الاستئناف بجلسة.... المحددة لإصدار الحكم من مجرد الإشارة إلى صدور أحد هذين الحكمين وتأييده استئنافياً، كما لا يقبل منهم أن يتقدموا بعد ذلك رفق طعنهم الماثل بصورة من الحكم المذكور وشهادة بما تم في الحكم الآخر وصورة غير رسمية ادعوا أنها كانت مقدمة منهم للمحكمة الابتدائية، لما كان ذلك، وكان ما ورد بسبب النعي لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع ولم تكن عناصره الواقعية مطروحة عليها، فإنه يكون سبباً جديداً لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
2 - المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهرياً ومؤثراً في النتيجة التي انتهت إليها المحكمة، إذ يعتبر ذلك الإغفال قصوراً في أسباب الحكم الواقعية بما يقتضي بطلانه، ومؤدى ذلك أنه إذا طرح على المحكمة دفاع كان عليها أن تنظر في أثره في الدعوى فإن كان منتجاً فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذا ما رأته متسماً بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على أثره في قضائها فإن هي لم تفعل كان حكمها قاصراً.
3 - إذ كانت محكمة النقض قد انتهت إلى رفض الطعن - المنضم - المرفوع من المطعون عليه في الطعن الماثل عن الحكم رقم 751 لسنة 30 ق استئناف الإسكندرية الذي قضى بصحة ونفاذ عقد الإيجار الشفوي الصادر من المطعون عليه - المالك - إلى الطاعن الأول عن الشقة رقم 8 والملاصقة للشقة رقم 7 - موضوع التداعي الماثل - فإن مؤدى ذلك أن التغيير الذي قام به الطاعن مستأجر الشقتين - بإجراء فتحة بينهما لتيسير الانتفاع بهما - لم يترتب عليه ضرر على النحو السالف بيانه، وكان من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن التغيير المحظور على المستأجر في حكم المادة 23/ 2 من القانون 52 لسنة 1969 هو الذي يلحق ضرراً بالعين المؤجرة أو بالمؤجر، فإن دعوى المطعون عليه تكون بذلك على غير سند من القانون خليقة بالرفض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفياً أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن وقائع الطعن رقم 519 سنة 46 ق - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه بصفته أقام الدعوى رقم 684 سنة 1973 مدني كلي الإسكندرية ضد الطاعنين للحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 1/ 1/ 1939 الصادر للطاعن الثاني عن الشقة رقم 7 الكائنة بالعقار المبين بصحيفة الدعوى وإخلائها وتسليمها إليه، وذلك قولاً منه بأن الطاعن الثاني أجرها من باطنه إلى الطاعن الأول الذي أحدث بها تغييراً جوهرياً بأن أجرى فتحة بالحائط المشترك بينها وبين الشقة رقم 8 المجاورة لها، والتي كان قد استولى عليها بطريق الغصب ثم قام بضم غرفتين منها إلى الشقة الأولى بقصد عرقلة تنفيذ الحكم بطرده من الشقة الأخرى، وإذ كان هذا التغيير محظور على المستأجر بنص العقد فقد أقام عليهما دعواه، قضت محكمة الدرجة الأولى له بطلباته، فاستأنف الطاعن الثاني الحكم بالاستئناف رقم 454 سنة 30 ق الإسكندرية، كما استأنفه الطاعن الأول بالاستئناف رقم 458 سنة 30 ق الإسكندرية ضمت المحكمة الاستئنافين معاً ثم ندبت فيهما خبيراً وبعد أن قدم تقريره قضت في 8/ 5/ 1979 بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن.
وحيث إن وقائع الطعن رقم 983 سنة 48 ق - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 1186 سنة 1972 مدني كلي الإسكندرية ضد الطاعنين للحكم بصحة ونفاذ عقد الإيجار الشفوي الصادر له من الطاعن الأول بصفته بتاريخ 14/ 2/ 1972 عن الشقة رقم 8 بالعقار المبين بصحيفة الدعوى وهو ذات العقار المشار إليه بالطعن السابق، أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد سماع الشهود قضت برفض الدعوى، استأنف المطعون عليه هذا الحكم بالاستئناف رقم 751 سنة 30 ق الإسكندرية، وبتاريخ 28/ 3/ 1978 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبصحة ونفاذ عقد الإيجار الشفوي ما بين المطعون عليه والطاعن الأول بصفته في فبراير سنة 1972 عن الشقة موضوع النزاع وذلك في مواجهة الطاعن الأخير، طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعند نظر الطعنين أمام هذه المحكمة بجلسة 22/ 3/ 1980 قررت ضم الطعن رقم 983 سنة 48 ق إلى الطعن رقم 519 سنة 46 ق للارتباط القائم بينهما ليصدر فيهما حكم واحد.
وحيث إن الطعن رقم 983 سنة 48 ق، يقوم على أربعة أسباب ينعى الطاعنون بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم - في قضائه بإثبات العلاقة الإيجارية بين الطاعن الأول بصفته وبين المطعون عليه عن شقة النزاع - قد خالف حجية حكمين جنائيين حائزين لقوة الأمر المقضي، أولهما الحكم رقم 1113 سنة 1973 جنح العطارين الذي قضى بإدانة المطعون عليه لثبوت دخوله شقة النزاع بطريق عير مشروع، والآخر الحكم رقم 2754 سنة 1973 جنح العطارين الذي قضى ببراءة الطاعن الأول من تهمة تقاضيه من المطعون عليه مقابل تأجيره له عين النزاع مبالغ تجاوز المسموح به قانوناً، هذا فضلاً عما تضمنه هذا الحكم الأخير من إهدار لأقوال شهود المطعون عليه التي استند إليها قضاء الحكم المطعون فيه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه وإن كان الالتزام بحجية الأحكام من الأمور المتعلقة بالنظام العام وتقضي بها المحكمة من تلقاء نفسها ويجوز من ثم إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض، إلا أن ذلك مشروط بثبوت أن جميع عناصرها الواقعية التي تسمح بالوقوف عليها والإلمام بها كانت مطروحة ومتوفرة لدى محكمة الموضوع، وكان المقرر بنص المادة 102 من قانون الإثبات أن القاضي المدني لا يرتبط بالحكم الجنائي إلا في الوقائع التي فصل فيها هذا الحكم وكان فصله ضرورياً، مما مفاده أن التمسك أمام المحكمة المدنية بحجية الحكم الجنائي يقتضي أن يكون الحكم مقدماً إليها حتى يتسنى لها أن تقف منه على ما تلتزم بالتقيد به من الوقائع التي فصل فيها فصلاً لازماً سواء بالنسبة لوقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية أو الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله، لما كان ما تقدم، وكانت أوراق الطعن قد خلت مما يفيد اتصال محكمة الموضوع بعناصر الحكمين الجنائيين المشار إليهما بسبب النعي أو ما يدل على سبق تقديمهما إليها، وكان لا يجدي في ذلك ما ورد بصورة المذكرة المقدمة من الطاعنين لمحكمة الاستئناف بجلسة 8/ 6/ 1977 - المحددة لإصدار الحكم - من مجرد الإشارة إلى صدور أحد هذين الحكمين وتأييده استئنافياً، كما لا يقبل منهم أن يتقدموا بعد ذلك - رفق طعنهم الماثل - بصورة من الحكم المذكور وشهادة بما تم في الحكم الآخر وصورة غير رسمية ادعوا أنها كانت مقدمة منهم للمحكمة الابتدائية، لما كان ذلك وكان ما ورد بسبب النعي لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع ولم تكن عناصره الواقعية مطروحة عليها، فإنه يكون سبباً جديداً لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه البطلان في الإجراءات والخطأ في الإسناد والقصور، وفي بيان السبب الثاني يقولون إنهم كانوا قد تقدموا لمحكمة الموضوع بعقد الإيجار الصادر للمستأجرة السابقة لشقة النزاع - وهو مذيل بإقرار صادر منها بتاريخ 23/ 1/ 1972 يفيد تنازلها عن العقد المذكور وتعهدها بتسليم العين في 1/ 2/ 1972 - ثم كان أن قاموا بسحب هذا المستند وإيداعه بقضية أخرى دون أن يعاد تقديمه بعد ذلك بملف الدعوى الماثلة، وإذ مضت محكمة الاستئناف مع هذا في الفصل في الدعوى، وتضمن قضاؤها التشكيك في إقرار المستأجرة المذكورة رغم عدم وجوده أمامها، فإن حكمها يكون منطوياً على بطلان في الإجراءات، وفي بيان السبب الثالث يقولون إن الحكم المطعون فيه انتهى إلى القول بصورية عقد الإيجار المؤرخ 1/ 2/ 1972 - الصادر من الطاعن الأول إلى الطاعن الثالث عن عين النزاع - تأسيساً على أن المستأجرة السابقة لها توفيت في 11/ 2/ 1972 أي بعد تحرير ذلك العقد، في حين أن الثابت بالإقرار الصادر من المستأجرة المذكورة بتاريخ 23/ 1/ 1972 - السالف الإشارة إليه والذي حجبت محكمة الاستئناف نفسها عن مطالعته - أنها قبلت إنهاء الإيجار وإخلاء العين في 1/ 2/ 1972 بما كان يحق معه للطاعن تأجيرها من هذا التاريخ، هذا فضلاً عن أن القول بصورية العقد المذكور لا يتفق وثبوت تاريخه في 19/ 2/ 1972 أي قبل بدء النزاع بين الطاعن الأول والمطعون عليه في 26/ 2/ 1972.
وحيث إن النعي بالسبب الثاني غير مقبول، ذلك أنه لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يتناول الإقرار المنسوب للمستأجرة السابقة لعين النزاع بأي بحث أو قضاء - صريحاً كان أو ضمنياً - وكان المقرر في قضاء النقض أنه لا تثريب على محكمة الموضوع إن هي فصلت في الدعوى على مقتضى المستندات المقدمة إليها غير ملزمة بأن تكلف الخصوم بتقديم أدلة دفاعهم أو تلفت نظرهم إلى مقتضياته وحسبها أن تقيم قضاءها على ما يكفي لحمله من الأدلة والمستندات المطروحة عليها، ومن ثم يكون ما جاء بهذا السبب وارداً على غير محل، والنعي بالسبب الثالث مردود، ذلك أن المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن لقاضي الموضوع مطلق السلطة في تقدير الأدلة التي يأخذ بها في ثبوت الصورية أو نفيها دون ما رقابة عليه في ذلك من محكمة النقض ما دام الدليل الذي أخذ به مقبولاً، ولما كان الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه أنه استخلص من القرائن التي عددها صورية عقد الإيجار المشار إليه وكان استخلاصه سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق وكافياً لحمل قضائه، فإن النعي عليه بالخطأ في الإسناد والقصور يكون على غير أساس، ولا يعدو ما جاء بهذا السبب أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وبالتالي غير جائز.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولون إنه قد ثبت بالأوراق أن المطعون عليه يشغل شقة أخرى بذات العقار الكائن به شقة النزاع ومن ثم فإنه ما كان لمحكمة الاستئناف - وفقاً لنص المادة 5 من القانون رقم 52 لسنة 1969 - أن تقضي له بصحة ونفاذ عقد استئجاره لعين التداعي دون أن يثبت أمامها قيام مقتضى لديه في شغلها.
وحيث إن النعي غير مقبول، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا كان سبب النعي متعلقاً بدفاع قانوني يخالطه واقع لم يسبق التمسك به أمام محكمة الموضوع ولم تكن عناصره الموضوعية مطروحة عليها فإنه يعتبر سبباً جديداً لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، ولما كان قوام النعي بهذا السبب التمسك بتطبيق حكم القانون بالنسبة لاحتجاز الشخص أكثر من مسكن بالبلد الواحد دون مقتضى، وكانت واقعة الاحتجاز ومقتضاه من الأمور التي يقتضى، بحثها تحقيق واقع الدعوى، وكان الطاعنون لم يقدموا رفق طعنهم ما يدل على سبق تمسكهم بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع أو أن عناصره الواقعية كانت مطروحة عليها، فإنه يكون من غير الجائز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
ولما تقدم يتعين رفض هذا الطعن.
وحيت إنه بالنسبة للطعن رقم 519 سنة 46 ق، فإن مما ينعاه الطاعنان - بالسبب الثاني - على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وذلك من وجهين حاصلهما أن الطاعنين كانا قد تمسكا أمام محكمة الموضوع بدفاع حاصله أن التغيير الذي قام به الطاعن الأول بإجراء فتحة بين الشقتين رقمي 7، 8 اللتين يحوزهما كان بقصد تيسير انتفاعه بهما، وأنه لم ينشأ عنه ضرر ما بالعين المؤجرة أو بالمؤجر على النحو الثابت بتقرير الخبير المنتدب في الدعوى، غير أن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على هذا الدفاع مكتفياً بما قرره من أن الفتحة التي أجراها الطاعن الأول بين الشقتين التي يستأجرها إحداهما ويدعي استئجار الأخرى تضر بهذه الشقة الأخيرة وقد تؤدي إلى بقائها دون استغلال وأنه لم يقصد بها إلا عرقلة تنفيذ الحكم المستعجل إضراراً بالمالك وبمستأجر الشقة المذكورة، وبذلك يكون الحكم قد بني قضاءه على افتراضات لا أصل لها في الأوراق وأقامه على ضرر وهمي، إذ أن ما ذهب إليه الحكم من نفي حيازة الطاعن الأول للشقة الأخرى رقم 8 بنقضه الثابت بالأوراق من استناد الطاعن الأول في هذه الحيازة إلى عقد إيجار شفوي صادر له من المطعون عليه، ومن إقرار المطعون عليه ذاته بهذه الحيازة - وإن نازعه في سندها - إذ أن تلك المنازعة تؤكد وجود الحيازة ولا تنفيها، وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه بالقصور والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهرياً ومؤثراً في النتيجة التي انتهت إليها المحكمة، إذ يعتبر ذلك الإغفال قصوراً في أسباب الحكم الواقعية بما يقتضي بطلانه، ومؤدى ذلك أنه إذا طرح على المحكمة دفاع كان عليها أن تنظر في أثره في الدعوى فإن كان منتجاً فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذا ما رأته متسماً بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على أثره في قضائها، فإن هي لم تفعل كان حكمها قاصراً، ولما كان الثابت بالأوراق أن الطاعن الأول قد تمسك أمام محكمة الموضوع بدفاع حاصله أنه ينتفع بالشقتين رقمي 7، 8 بطريق الإيجار، الأولى بموجب عقد إيجار صادر له من مستأجرها الأصلي - الطاعن الثاني - المصرح له بذلك، والأخرى بموجب عقد إيجار شفوي صادر له من المالك - المطعون عليه - في فبراير سنة 1972، وأن ما أحدثه من تغيير لم يتجاوز إجراء فتحة بين الشقتين المؤجرتين له بقصد تيسير انتفاعه بهما مما لم يترتب عليه أي ضرر بالعين المؤجرة أو بالمؤجر، وإذ يجيز القانون للمستأجر إثبات قيام العلاقة الإيجارية بكافة طرق الإثبات القانونية بما فيها البينة وكان الطاعن الأول قد استدل على قيام هذه العلاقة بينه وبين المطعون عليه عن الشقة رقم 8 بأقوال الشهود التي أشارت إليها محكمة الدرجة الأولى، كما دلل على انتفاء الضرر بما أثبته الخبير المنتدب في الدعوى، وكان من شأن هذا الدفاع بشقيه - لو فطنت إليه المحكمة - تغيير وجه الرأي في الدعوى، إذ أن مؤداه أن الطاعن الأول - بوصفه مستأجراً لشقتين متجاورتين - أجرى فتحة بينهما تيسر له غاية الانتفاع بهما دون أن تلحق ضرراً بالعين المؤجرة أو بالمؤجر، وكانت محكمة الموضوع قد التفت عن تناول هذا الدفاع الجوهري بما يقتضيه من البحث ووقفت منه عند حد القول بأن الطاعن الأول يستأجر إحدى الشقتين ويدعي استئجار الأخرى دون أن تقول كلمتها في هذا الادعاء وهو ما أدى بها إلى استخلاص الضرر الذي بنت عليه قضاءها من مصدر لا يؤدى إليه، لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بقصور مبطل وهو ما يستوجب نقضه لهذا السبب ودون حاجة للتعرض لباقي أسباب الطعن.
وحيث إن موضوع الدعوى صالح للفصل فيه، ولما كانت هذه المحكمة قد انتهت - فيما تقدم من هذا الحكم - إلى رفض الطعن رقم 983 سنة 48 ق المرفوع من المطعون عليه في الطعن الماثل عن الحكم رقم 751 سنة 30 ق استئناف الإسكندرية والذي قضى بصحة ونفاذ عقد الإيجار الشفوي الصادر من المطعون عليه إلى الطاعن الأول عن الشقة رقم 8 المشار إليها والملاصقة للشقة رقم 7 موضوع التداعي الماثل، مما مؤداه أن التغيير الذي قام به الطاعن الأول مستأجر الشقتين لم يترتب عليه ضرر على النحو السالف بيانه، وكان المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن التغيير المحظور على المستأجر - في حكم المادة 23 ف 3 من القانون رقم 52 سنة 1969 - هو الذي يلحق ضرراً بالعين المؤجرة أو بالمؤجر، فإن دعوى المطعون عليه تكون بذلك على غير سند من القانون خليقة بالرفض.


(1) نقض 29/ 1/ 1975 مجموعة أحكام المكتب الفني السنة 26 ص 284.

الطعن 513 لسنة 44 ق جلسة 12 / 4 / 1980 مكتب فني 31 ج 1 ق 205 ص 1064

جلسة 12 من إبريل سنة 1980

برئاسة السيد المستشار/ عدلي مصطفى بغدادي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: د. إبراهيم علي صالح، محمود حسن رمضان، عبد العزيز عبد العاطي إسماعيل وحسن عثمان عمار.

---------------

(205)
الطعن رقم 513 لسنة 44 القضائية

إيجار. "إيجار الأماكن".
الدعوى بطلب التمكين من شقة النزاع. استناد المدعي إلى عقد إيجار صادر له من المستأجرة الأصلية دون موافقة المالك. القضاء برفض الدعوى. لا خطأ.

--------------
إذا كانت دعوى الطاعن وهي دعوى تمكين من شقة النزاع تقتضي أن يتلقى حقه فيها ممن يملك تمكينه منها قانوناً في حين أنه تعاقد عنها مع المستأجرة الأصلية "المطعون عليها الأولى" وهي محظور عليها طبقاً لنصوص عقدها التنازل عن عقد الإيجار إلا بموافقة المالكة، فلا تملك بالتالي تمكينه من الشقة بغير هذه الموافقة التي لم يقدم الطاعن عليها دليلاً. 


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 3557 لسنة 1968 مدني كلي الإسكندرية ضد المطعون عليها الأولى للحكم بإلزامها بتمكينه من الانتفاع بالشقة المبينة بصحيفة الدعوى، وقال بياناً لها إن المطعون عليها - وهي المستأجرة للشقة المشار إليها - قد باعتها له بمنقولاتها وتنازلت له عن إجارتها بعقد مؤرخ في 4/ 2/ 1967، ونفذ العقد في حينه، وقد سمح للبائعة بالإقامة في حجرة بالشقة على سبيل الاستضافة لحين مغادرتها البلاد، بيد أنها اختلفت معه واستصدرت من النيابة العامة أمراً بتمكينها من حيازة الشقة فأقام عليها دعواه، تدخل المطعون عليه الثالث في الدعوى بوصفه مستأجراً للشقة من مالكة العقار بعقد مؤرخ 29/ 5/ 1968 واختصمها في الدعوى، قضت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 598 سنة 28 ق الإسكندرية، وبتاريخ 16/ 3/ 1974 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، ينعى الطاعن بأولها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إنه على الرغم مما تمسك به أمام محكمة الاستئناف من أنه ما دام عقد الإيجار المبرم بين المطعون عليها الأولى - المتنازلة له - وبين المؤجر لم يفسخ رضاء أو قضاء فإن عقد الإيجار الصادر من المطعون عليها الثانية إلى المطعون عليه الثالث يكون غير جدير بالحماية لوروده على عين مؤجرة للغير بعقد قائم، فقد رد الحكم المطعون فيه على هذا الدفاع بتفضيل عقد المطعون عليه الثالث بمقولة إنه هو الواضع اليد على العين في معنى المادة 573 من القانون المدني لاستناد حيازته إلى عقد صادر من مالكة العقار، خلافاً لحيازة الطاعن المستندة إلى عقد صادر إليه ممن لا تملك التأجير من الباطن، وهو من الحكم خطأ في تطبيق القانون من عدة وجوه، ذلك أنه وقد طبق الحكم نص المادة آنفة الذكر على واقعة النزاع فإن الطاعن - بحكم سبقه إلى وضع اليد على العين دون غش - يكون هو الأولى بالتفضيل، هذا إلى أن اعتداد الحكم بالعقد الصادر من المالكة إلى المطعون عليه الثالث ينطوي على إهدار لأحكام ضمان المؤجر بعدم التعرض، كما أن استناد الحكم إلى الشرط الوارد في عقد إيجار المطعون عليها الأولى - بمنعها من التأجير من الباطن أو التنازل عن الإيجار - يعتبر قضاء في مسألة غير مطروحة في الدعوى، بالإضافة إلى أنه لا محل لإعمال حكم التفضيل الوارد بالمادة 573 من القانون المدني لانعدام محل عقد إيجار المطعون عليه الثالث، مما ينتفي معه تعدد المستأجرين لعين واحدة، وإذ كانت الدعوى هي دعوى استرداد حيازة، وكانت قد سلبت من الطاعن بالقوة نتيجة أمر صادر من النيابة العامة فيما يجاوز اختصاصها، فإنه يكون من حقه استرداد هذه الحيازة قضاء.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الثابت من مدونات حكم محكمة الدرجة الأولى المؤيد بالحكم المطعون فيه أن الطاعن أقام دعواه بطلب الحكم بإلزام المطعون عليها الأولى بتمكينه من الانتفاع بالشقة مثار النزاع تأسيساً على أنها باعتها له بمنقولاتها وتنازلت له عن إجارتها بعقد مؤرخ 24/ 2/ 1967، وقد تدخل المطعون عليه الثالث في الدعوى طالباً الحكم برفضها بوصفه مستأجراً للشقة من مالكة العقار - المطعون عليها الثانية - بعقد مؤرخ 29/ 5/ 1968 واختصمها في الدعوى، فحضرت وأقرت بتأجيرها عين النزاع للمطعون عليه الثالث بصفتها صاحبة الحق في التأجير. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أقام قضاءه برفض دعوى الطاعن على سند من أن العقد الذي يستند إليه صادراً له ممن لا يملك الحق في التأجير، لأن المطعون عليها الأولى وهي المستأجرة الأصلية لا تملك حق التأجير من الباطن أو التنازل عن عقد الإيجار، وكان هذا من الحكم صحيحاً في القانون، وكافياً لحمل قضائه، ذلك أن دعوى الطاعن - وهي دعوى تمكين من شقة النزاع - تقتضي أن يتلقى حقه فيها ممن يملك تمكينه منها قانوناً، في حين أنه تعاقد عنها مع المستأجرة الأصلية "المطعون عليها الأولى"، وهي محظور عليها طبقاً لنصوص عقدها التنازل عن عقد الإيجار إلا بموافقة المالكة، فلا تملك بالتالي تمكينه من الشقة بغير هذه الموافقة التي لم يقدم الطاعن عليها دليلاً، ولما كان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه لا يعيب الحكم ما يستطرد إليه تزيداً ما دام قام على أسباب تكفي لحمله، فلا يعبب الحكم المطعون فيه ما تطرق إليه من أن مناط تفضيل المطعون عليه الثالث على الطاعن فيه أن الأول يعتبر واضع اليد في حكم المادة 573/ 1 من القانون المدني، وأن عقده أولى بالتفضيل، إذ لا يعدو هذا من الحكم أن يكون تزيداً خارجاً عن نطاق طلب الطاعن لتلعقه بإثبات أحقية المطعون عليه الثالث في شقة النزاع وهو أمر غير لازم لاستقامة الحكم برفض دعوى الطاعن لافتقادها لما يساندها، هذا إلى أنه لما كان لا ينال من الحكم التفاته عن أوجه الدفاع غير المؤثرة في سلامة النتيجة التي خلص إليها إذ ينطوي قضاؤه الصحيح على معنى الرد الضمني عليها المسقط لدلالتها بما يغني عن تناولها بالتفنيد الصريح، لما كان ذلك، وكان فيما أحال إليه الحكم الاستئنافي من مدونات الحكم الابتدائي ما يكفي لحمل قضائه بغض النظر عما أضافه الحكم الاستئنافي من أسباب هي الموجهة إليها أوجه النعي بهذا السبب، فإن النعي بها - وأياً ما كان وجه الرأي فيها - يضحى غير مؤثر في صحة الحكم ومن ثم غير منتج.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه التهاتر في الأسباب، وفي بيان ذلك يقول إنه بعد أن قرر الحكم أنه لا أهمية لتنازل المطعون عليها الأولى عن الإيجار للمطعون عليه الثالث لأن حكم محكمة الدرجة الأولى لم يجعل من هذا التنازل الثاني قواماً لقضائه، عاد فذكر أن تلك المطعون عليها لم تحضر في الدعوى ولم تتمسك ببقاء عقدها بل إنها تنازلت عنه للمطعون عليه الثالث بموجب الإقرار المؤرخ 15/ 3/ 1968، وأن ذلك يفيد عدولها عن التنازل الصادر للطاعن الأمر الذي لا يبين منه ما إذا كان الحكم قد اعتد بالتنازل الثاني الصادر من المطعون عليها الأولى للمطعون عليه الثالث أم التفت عنه مما يعد تهاتراً في الأسباب، علاوة على ما ينطوي عليه من فساد في الاستدلال باعتبار التنازل الأخير عدولاً عن التنازل الأول، في حين أنه لا محل لذلك بعد أن أنتج التنازل الأول أثره وتخلت المطعون عليها الأولى عن الحيازة فعلاً.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه وقد قام الحكم المطعون فيه - حسبما تقدم البيان في الرد على السبب الأول - على ما يكفي لحمل ما انتهى إليه من عدم أحقية الطاعن في الشقة مثار النزاع، فإنه لا يعيبه ما استطرد إليه فيما جاوز ذلك تعليقاً على التنازل الصادر من المطعون عليها الأولى للمطعون عليه الثالث ما دام لم يؤثر في النتيجة الصحيحة التي انتهى إليها، ويكون النعي عليه بهذا السبب - أياً ما كان وجه الرأي فيه - غير منتج بدوره.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 70 لسنة 12 ق جلسة 22 / 4 / 1943 مج عمر المدنية ج 4 ق 51 ص 137

جلسة 22 إبريل سنة 1943

برياسة حضرة صاحب العزة عبد الفتاح السيد بك رئيس المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة حسن زكي محمد بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك ونجيب مرقس بك المستشارين.

----------------

(51)
القضية رقم 70 سنة 12 القضائية

ارتفاق:
أ - الحي الذي أوجدته شركة جزيرة نيل لاند بالزمالك. القيود والشروط التي قيدت بها الملكية في هذا الحي. اعتبارها حقوق ارتفاق متبادلة.
ب - التزام المتعاقد في عقد. وجود سببه في التزام يفرضه عقد آخر لصالحه ولصالح غيره من المتعاقدين مع الشركة في هذا الحي. جوازه.
جـ - التنازل عن حق الارتفاق. جواز أن يكون ضمنياً. لا يشترط لتحقق التنازل صورة معينة. جواز استخلاصه من ظروف الدعوى.

---------------
1 - إذا كانت المحكمة قد بنت تكييفها للقيود والشروط التي قيدت بها الملكية في الحي الذي أوجدته شركة جزيرة نيل لاند بالزمالك بأنها حقوق ارتفاق متبادلة، ورتبت ذلك على ما ثبت لها من أن تلك القيود كانت معلومة لجميع المشترين لأراضي هذا الحي ومشترطة عليهم جميعاً في عقود الشراء المشهرة بالتسجيل، وأنها تسري على الخلف سريانها على السلف في التعاقد، وأنه لولاها لما رضيت الشركة ولا من اشتروا منها بالبيع، وأن للشركة ولهؤلاء البائعين الحق في أن يلزموا المشتري وخلفاءه باحترامها بكل دقة وإلا كان الجزاء الهدم حالاً بدون تعويض، فإنها لا تكون مخطئة. إذ بموجب ما ذكرته تكون كل قطعة مبيعة من أراضي الشركة مرتفقاً بها لمنفعة مجموع القطع. وذلك تحقيقاً للغرض المقصود من تقرير هذه التكاليف المستمرة على جميع الأراضي المبيعة وهو إنشاء حي خاص تتوافر فيه لجميع سكانه أسباب الراحة والهدوء والتمتع بالشمس والهواء.
2 - ليس ثمة ما يمنع قانوناً أن يكون سبب التزام المتعاقد في عقد موجوداً في التزام يفرضه عقد آخر لصالحه ولصالح غيره من المتعاقدين مع الشركة وخلفائها في هذا الحي، ما دامت هذه الالتزامات معلومة لهم جميعاً وقت التعاقد والتزموا بها جميعاً في عقودهم، فإن كل مشتر منهم في الواقع لم يقبل أن يقيد أرضه بما قيدها بها من حقوق الارتفاق إلا لأن المشترين الآخرين قيدوا أراضيهم هم أيضاً بذلك. ومن ثم يكون السبب في التزام هذا المشتري بما تعهد به في عقده مع الشركة أو خلفائها هو التزام الآخرين بترتيب ارتفاقات لأرضه على أراضيهم في عقودهم مع الشركة أيضاً أو خلفائها بقصد إنشاء الحي الممتاز الذي ينشده كل واحد منهم.
3 - إن التنازل عن حقوق الارتفاق كما يكون صريحاً يجوز أن يكون ضمنياً، إذ القانون لم يشترط لتحققه صورة معينة. فإذا استخلصت المحكمة هذا التنازل من أن الجار الذي يطالب جاره باحترام شروط عقده وقيوده قد خالف هو الآخر شروط عقد شرائه وقيوده كما خالفها كثير من سكان هذا الحي مما يقوم معه العذر في الاعتقاد بسقوط تلك الحقوق، فإنها تكون قد استخلصت هذا التنازل استخلاصاً سائغاً من وقائع تؤدي إليه، ولا يكون على حكمها معقب في ذلك لتعلقه بأمر موضوعي.


الوقائع

تتلخص وقائع هذا الطعن في أن الطاعن رفع الدعوى رقم 134 سنة 1937 أمام محكمة مصر الابتدائية ضد المطعون ضده بتاريخ 28 من نوفمبر سنة 1936 وقال في عريضتها إن المرحوم بطرس باشا غالي كان يملك بحي الزمالك بشارع محمد مظهر باشا قطعتي أرض على النيل مشتراة من شركة نيل لاند بعقد رسمي محرر في 9 من نوفمبر سنة 1905 ومسجل في 29 من الشهر المذكور. وهاتان القطعتان معروفتان بالقطعة رقم 6 والقطعة رقم 10 من أرض الشركة المذكورة وقد اشترى الطاعن القطعة الأولى ومساحتها 3710 متراً واشترى المطعون ضده القطعة الثانية ومساحتها 3590 متراً وحرر عقدا الشراء وصدق عليهما في يوم واحد ونص في كلا العقدين على شروط خاصة بشكل المباني ومساحتها وبعدها عن الشارع العام والجار، ومن بين تلك الشروط أنه لا يجوز للمالك أو من يتلقى الملك عنه أن يبني على مسافة أقل من خمسة أمتار من أرض الجار كما يجب أن يكون بناؤه متفقاً مع شروط الصحة والنظافة، وأن جزاء مخالفة أحد هذه الشروط هدم المبنى محل المخالفة على مصاريف المخالف مع الحكم عليه بالتعويضات. وجاء في العريضة أن المطعون ضده خالف ما ورد في الشروط بأن أقام بناء منزله على بعد أربعة أمتار من أرض الطاعن المجاورة له كما أنه أحدث في الحائط القبلي المطل على الحديقة ومنزل الطاعن عدة فتحات يظهر أنها دورات مياه وحمامات وما شابه ذلك مما جعلها لا تتفق وما هو مشروط في العقد، ولذلك يطلب الطاعن الحكم: أولاً بإلزام المطعون ضده بإزالة الجزء الداخل من بناء منزله في مسافة خمسة أمتار من حائطه البحرية وذلك في ظرف شهر من تاريخ إعلانه بالحكم وبمصاريف من عنده بحيث إذا لم يقم بالإزالة في هذا الميعاد يصبح للطاعن الحق في مباشرة الإزالة في هذا الميعاد بنفسه بمصاريف يرجع بها على المطعون ضده. ثانياً - بتعديل مبناه من الوجهة القبلية بإزالة دورات المياه المطلة على منزل الطاعن من جهته البحرية وجعلها داخلة مبنى المطعون ضده كما جرى العمل في المباني الحديثة طبقاً لشروط الصحة والنظافة. ثالثاً - بإلزام المطعون ضده بالمصاريف والأتعاب والنفاذ بلا كفالة.
وفي 12 من إبريل سنة 1937 قضت المحكمة بحضور الطرفين شخصياً لمناقشتهما فيما رأته لازماً في الدعوى وقد تمت المناقشة. وفي 16 من يونيه سنة 1937 ندبت المحكمة خبيراً لأداء المأمورية التي أوضحتها بالحكم، وقد باشر الخبير عمله وقدم تقريره ثم حكمت أخيراً في 25 من فبراير سنة 1939 برفض الدعوى وألزمت رافعها بالمصاريف وألف قرش أتعاب محاماة.
استأنف الطاعن هذا الحكم في 3 من مايو سنة 1939 أمام محكمة استئناف مصر وطلب للأسباب الواردة بصحيفة الاستئناف قبوله شكلاً وفي الموضوع إلغاء الحكم المستأنف والحكم بالطلبات المقدمة منه لمحكمة أول درجة وإلزام المطعون ضده بالمصاريف والأتعاب عن الدرجتين، ومحكمة الاستئناف قضت حضورياً في 22 من يونيه سنة 1941 بقبول الاستئناف شكلاً وقبل الفصل في الموضوع بندب خبير لأداء الأعمال المدونة بأسباب الحكم، وبعد أن باشر الخبير عمله وقدم تقريره قضت في 12 من إبريل سنة 1942 برفض الاستئناف موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف وألزمت الطاعن بمصاريف ثاني درجة وبمبلغ ألفي قرش صاغ أتعاباً للمحاماة.
ولما أعلن هذا الحكم للطاعن في 8 من أغسطس سنة 1942 قرر وكيله الطعن فيه بطريق النقض في 5 من سبتمبر سنة 1942 وأعلن تقرير الطعن للمطعون ضده إلخ إلخ.


المحكمة

وحيث إن الطعن يتحصل في أن الحكم المطعون فيه بني على أسس فاسدة ومخالفة للقانون تجعله معدوم الأثر للأسباب الآتية:
أولاً - قرر الحكم أن القيود والشروط التي قيدت بها الملكية في الحي الذي أوجدته شركة جزيرة نيل لاند بالزمالك هي حقوق ارتفاق متبادلة، فأراد بذلك أن يعتبر أن إلزام الطاعن بها كان سبباً لالتزام المطعون ضده بنفس هذه القيود، وأن عدم تنفيذ الطاعن لما تعهد به يجعل المطعون ضده في حل من عدم تنفيذ ما التزم به من ناحيته أو بعبارة أخرى أراد الحكم أن يقول: إن هناك شرطاً فاسخاً ضمنياً، مع أن هذا الشرط لا يمكن أن يتصور إلا في عقد ملزم للجانبين ولا يتحقق إلا بعدم قيام أحد الطرفين بما في ذمته من التزام في ذلك العقد. وبما أن القيود التي قيدت بها ملكية كل من الطرفين هي حقوق ارتفاق لم يتبادلها المشتريان في عقد واحد التزم فيه كل واحد منهما بتلك القيود لمصلحة الآخر بل إن كلاً منهما اشترى مستقلاً عن الآخر ملكية مقيدة لا يستطيع أن يتعدى حدودها فإذا هو تعداها كان لكل ذي شأن أن يرده إلى تلك الحدود، لذلك لا يمكن بأية حال اعتبار أن ما التزم به الطاعن من قيود كان السبب في التزام المطعون ضده بها، وأن تقصير أحدهما يجعل الآخر في حل من عدم احترام تعهده.
ثانياً - إذا كان ما قصده الحكم هو أن الطاعن ارتكب مخالفات كما ارتكبت مخالفات من غيره من أصحاب الملك في هذا الحي وأن هذه المخالفات جعلت المطعون ضده معذوراً في اعتقاده أن الطاعن قد أهمل وتنازل عن تلك الحقوق فإن هذا يكون أيضاً أساساً فاسداً مخالفاً للقانون، لأن حق الارتفاق حق عيني لا يزول عن صاحبه إلا بإحدى الطرق التي قررها القانون وليس الإهمال منها إلا إذا طال وقته وترتب عليه سقوط الحق بالمدد المقررة قانوناً. هذا فضلاً عن أن مقام الدفاع بالعذر محله القضاء الجنائي لا القضاء المدني، فللمجرم عذر قد يقلل من عقابه أو يمحوه وليس للمتعاقد عذر في أن يتحلل مما يجب عليه أداؤه إلا بالطرق التي رسمها القانون.
ثالثاً - نسب الحكم المطعون فيه إلى الطاعن مخالفات لا أساس لها من جهة الواقع الثابت في الدعوى لأنه ليس صحيحاً أن الطاعن ارتفع بالمباني وبسور الحديقة أكثر من الشروط في عقد شرائه أو أنه لم يقدم دليلاً على أن حساب الارتفاع في مبانيه يرجع إلى تقديره على أساس أرضية الشارع يوم الشراء وأن مستوى الشارع قد تغير بعد الشراء تسهيلاً للمرور فيه، لأن الطاعن بنى دفاعه في هذا الصدد على إقرار صادر من المطعون ضده في مذكرة موقع عليها منه شخصياً، كما بناه على دليل موجود لدى مصلحة التنظيم، وكان في وسع المحكمة الانتقال إلى تلك المصلحة لتحقيقه، لذلك كان إغفال تحقيق هذا الدفاع مما يعيب الحكم المطعون فيه ويبطله.
ويضيف الطاعن إلى ما تقدم أنه كان من ضمن ما شكا منه وجود مدخنة في دار المطعون ضده تقذف رمادها ودخانها في داره هو، لكن الحكم المطعون فيه لم يعن ببحث هذه الشكوى للتحقق من الضرر الذي أثبته الخبير في تقريره، وهذا القصور مما يعيب الحكم أيضاً ويستوجب نقضه.
عن الوجهين الأول والثاني:
وحيث إنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يتضح أن محكمة الاستئناف عند إعطائها الوصف القانوني للقيود والشروط الواردة بعقدي شراء الطاعن والمطعون ضده قالت: "إن القيود المذكورة في عقد كل مشتر تعتبر حقوق ارتفاق للباقين إذ لا نزاع في علم المشترين بأنها واردة في عقودهم جميعاً وفي علمهم بفائدتها لهم جميعاً والغرض منها، ولا شك في أن من يشتري في مثل هذه المناطق والأحياء لا يقبل أن يقيد نفسه ويحد من حرية المالك المطلقة أصلاً ويضحى الانتفاع ببعض ملكه وغير ذلك إلا لأن جيرانه مقيدون مثله فيتمتعون جميعاً في مقابل ذلك بالهواء والشمس وبعد المسافات وحسن المنظر وجمال الحي ونظام مبانيه، وشروط هذه العقود وإن كانت في ظاهرها قيوداً للجميع إلا أنها في الحقيقة في مصلحة الجميع، كما تقدم، يقبلها المشترون راضين مختارين بل راغبين فيها ساعين إليها. ولذلك وجب اعتبارها في الوقت نفسه حقوقاً للجميع أيضاً. وخلاصة ذلك أن القيود التي تشترط على المشترين في منطقة معينة من حيث المساحة التي تبنى والمسافات التي تترك والارتفاع الذي لا يصح تجاوزه... إلخ تعتبر حقوق ارتفاق متبادلة بين جميع المشترين ما دامت معلومة لهم جميعاً ومشترطة عليهم جميعاً. وهذه القيود أو حقوق الارتفاق هذه الواردة في عقود مشهرة بالمعرفة التي لا نزاع فيها وبالتسجيل كما تسري على السلف، أي الأصيل في التعاقد، كذلك تسري على الخلف. وخصوصاً أنه قد ذكر في المادة 11 من العقد الذي باعت به الشركة للمرحوم بطرس باشا غالي الذي باع ورثته لكل من طرفي النزاع أن هذه الشروط تعتبر أساسية، ولولاها لما رضيت الشركة بالبيع، ولها الحق في حالة المخالفة في أن تلزم المشتري وخلفاءه باحترامها بكل دقة وإلا كان الجزاء الهدم حالاً بدون تعويض. ومن ضمن تلك الشروط أنه يجب أن تكون المباني بعيدة عن الجار خمسة أمتار وأن لا ترتفع أكثر من 15 متراً وأن لا يرتفع السور عن مترين (المواد 5 و6 و8). وجاءت هذه الشروط الثلاثة في كلا عقدي المستأنف والمستأنف عليه في المواد 6 و7 و8 ثم جاء في المادة 11 أن هذا البيع متوقف على مراعاة المواد السابقة، وللبائعين أن يجبروا المشتري على هدم المباني حالاً بلا تعويض إذا هو أخل بالشروط...".
وحيث إنه يتضح مما سبق ذكره أن محكمة الاستئناف بنت تكييفها ما اشترط في التعاقد بأنه حق ارتفاق بالمعنى القانوني على ما ثبت لها من أن الحقوق والقيود المشار إليها كانت معلومة لجميع المشترين لأراضي حي الزمالك ومشترطة عليهم جميعاً في عقود البيع المشهرة بالتسجيل، وأنها تسري على الخلف سريانها على السلف في التعاقد، وأنه لولاها لما رضيت الشركة والبائعون للطرفين بالبيع، وأن للشركة ولهؤلاء البائعين الحق، في حالة المخالفة، أن يلزموا المشتري وخلفاءه باحترامها بكل دقة وإلا كان الجزاء الهدم حالاً بدون تعويض إذا هو أخل بالشروط. والمحكمة إذ انتهت إلى هذه النتيجة لم تخطئ في شيء بل تكون قد أعطت القيود والحقوق المذكورة وصفها القانوني الصحيح. إذ بموجب ما أورده الحكم المطعون فيه بالصفة المتقدمة تصبح كل قطعة مبيعة من أراضي الشركة مرتفقاً بها لمنفعة مجموع القطع، وذلك تحقيقاً للغرض المقصود من تقرير هذه التكاليف المستمرة على جميع الأراضي المبيعة في تلك المنطقة وهو إنشاء حي خاص تتوافر فيه لجميع السكان أسباب الراحة والهدوء والتمتع بالهواء والشمس. أما ما أشار إليه الطاعن بوجه الطعن من أنه يجب لقيام الالتزامات المتبادلة أن يحصل الاتفاق بشأنها في عقد واحد ملزم للجانبين فغير سليم. إذ ليس هناك ما يمنع قانوناً أن يكون سبب التزام المتعاقد في عقد موجوداً في التزام يفرضه عقد آخر لصالحه ولصالح غيره من المتعاقدين مع الشركة وخلفائها في هذا الحي، ما دامت هذه الالتزامات معلومة لهم جميعاً وقت التعاقد والتزموا بها جميعاً في عقودهم. فكل مشتر منهم في الواقع لم يقبل أن يقيد أرضه بما قيدها بها من حقوق الارتفاق إلا لأن المشترين الآخرين قيدوا أراضيهم هم أيضاً بذلك. ومن ثم يكون السبب في التزام هذا المشتري بما تعهد به في عقده مع الشركة أو خلفائها هو التزام الآخرين بترتيب ارتفاقات لأرضه على أراضيهم في عقودهم مع الشركة أيضاً أو خلفائها بقصد تكوين الحي الممتاز الذي ينشده كل واحد منهم.
وحيث إن محكمة الاستئناف مع ذلك استظهرت من اعتبار الشروط والقيود الواردة بعقود البيع حقوق ارتفاق متبادلة بين جميع المشترين أنه يجب احترام حقوق كل متعاقد احترم شروط عقده أو قيوده أو بعبارة أخرى احترم حقوق غيره ما دامت له مصلحة في المطالبة باحترام تلك الحقوق ولم يسقط حقه، وخصوصاً إذا ما كان جاراً ملاصقاً لمن يطالب باحترام حقوقه، لأن ضرر المخالفة يكون في هذه الحالة مباشراً ومحققاً. وبعد أن استظهرت المحكمة ما تقدم أوضحت أن المطعون ضده وهو جار مباشر للطاعن قد خالف فعلاً شروط عقد شرائه وبنى من جاره المذكور على مسافة أربعة أمتار بدل خمسة. أما بالنسبة للطاعن فندبت خبيراً ليبين ما إذا كان هناك مخالفات وقعت منه أم لا. وبعد أن قدم الخبير تقريره رأت للأدلة المعقولة التي استندت إليها في الحكم المطعون فيه أن الطاعن خالف شروط ارتفاع مباني منزله وشرط ارتفاع السور فارتفع ببعض مباني المنزل نحو 80 سنتيمتراً أكثر من المشروط في عقد شرائه وبالسور أيضاً نحو 40 سنتيمتراً أو 20 سنتيمتراً على الأقل. ثم قالت المحكمة بعد إيراد ما تقدم إن مخالفة المستأنف (الطاعن) قبل أن يبني المستأنف عليه (المطعون ضده) وبعد المخالفات العديدة التي حصلت بالحي من أغلب سكانه كما جاء في الحكم الابتدائي، ومنهم من خالف الشروط جميعها فبنى على أرضه لا منزلاً للسكن بل عمارة للاستغلال على جميع مساحة الأرض وعلى حدود الشارع بدون أن يترك أي فراغ بينه وبين أرض جاره وعلى ارتفاع يزيد على 15 متراً وجعل في عمارته دكاكين ومخازن لأغراض تجارية ومضت على ذلك المدة القانونية أو رفعت دعاوى من البعض لاحترام الشروط رفضتها المحاكم المختلطة لاعتبارها تلك الشروط حقوق ارتفاق متبادلة - كل ذلك يجعل المستأنف عليه معذوراً إذا اعتقد أن الطاعن قد انضم إلى من سبقوه في إهمال تلك الحقوق المتبادلة والتنازل عنها، فبنى من أرض جاره على مسافة أربعة أمتار بدل خمسة، والعبرة بوقوع المخالفات لا بنوعها، خصوصاً وقد سبق ذلك وقوع مخالفات أشد كثيراً من أغلب سكان الحي.
وحيث إنه يبين مما تقدم أن محكمة الاستئناف لم تؤسس حكمها على إهمال صدر من الطاعن في استعمال حقه بل أسسته بصفة أصلية على أن الطاعن قد تنازل عن حقوق الارتفاق التي ترتبت لأرضه بمقتضى عقد شرائه على أرض جاره المطعون ضده، وأن الأخير كان معذوراً إذا ما اعتقد - للمخالفات التي ارتكبها الطاعن وباقي أهل الحي - قيام هذا التنازل وزوال تلك الحقوق. والحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى ذلك لا غبار عليه، لأن التنازل عن حقوق الارتفاق كما يكون صريحاً يجوز أن يكون ضمنياً؛ إذ القانون لم يشترط لتحققه صورة معينة. وبما أن المحكمة قد استخلصت هذا التنازل الضمني استخلاصاً سائغاً من وقائع الدعوى وظروفها المطروحة عليها، ومن الدلائل التي أوردتها في حكمها، فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بتقدير موضوعي داخل في سلطتها المطلقة.
عن الوجه الثالث:
وحيث إنه بالاطلاع على الحكم المطعون فيه يتضح أن المحكمة قد سردت فيه الوقائع والأدلة التي أقنعتها بأن الطاعن خالف شروط ارتفاع المباني وشرط ارتفاع السور. كما أنها من جهة أخرى عنيت بذكر الأسباب التي استنتجت منها عدم صحة ما ادعاه الطاعن من تخفيض التنظيم لأرضية الشارع نحو أربعين سنتيمتراً بعد أن بنى هو منزله، وهي وإن أوردت ضمن هذه الأدلة عدم تقديم الطاعن ما يدل على حصول التخفيض المدعى به بواسطة التنظيم إلا أن هذا الأمر لم يكن هو سند الحكم الوحيد في تقرير النتيجة التي وصلت إليها المحكمة بشأن مخالفة ارتفاع السور، بل إن الحكم قد اشتمل على أدلة أخرى متعددة تكفي لقيامه عليها. ولذا فإنه إذا صرف النظر عما قاله الحكم من عدم تقديم الطاعن ما يثبت التخفيض فإن الحكم يبقى سليماً بدونه. كما أن المحكمة من جهة أخرى بحثت الإقرار الذي نسبه الطاعن إلى المطعون ضده في إحدى المذكرات المقدمة لمحكمة أول درجة من أن الشارع خفض نحو سبعين سنتيمتراً فلم تعده اعترافاً يصح اتخاذه حجة عليه بل اعتبرته صادراً منه في مجال الجدل لا بقصد الالتزام به.
وحيث إنه يبين مما تقدم أن محكمة الموضوع قد استخلصت استخلاصاً سائغاً النتيجة التي انتهت إليها بشأن مخالفة الطاعن لشرط ارتفاع المباني والسور، وبصدد تفسير أقوال المطعون ضده بالصفة المتقدمة من ظروف ووقائع الدعوى ومرامي العبارة التي تناولها التفسير. ولهذا تكون المحكمة قد فصلت في مسائل موضوعية من خصائصها وحدها البت فيها بلا رقابة عليها في ذلك من محكمة النقض.
وحيث إنه بالنسبة لما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من أن المحكمة لم تتناول شكواه عن المدخنة التي أقامها المطعون ضده في داره، ولم تعن بالرد على دعوى الطاعن بالنسبة لما ناله منها من الضرر نتيجة ما تقذفه من رماد ودخان في منزله، الأمر الذي أوضحه الخبير في تقريره، فإنه قد تقدم القول عند الرد على الوجه الثاني أن محكمة الاستئناف قد أسست بصفة أصلية حكمها برفض الدعوى على ما ثبت لها من تنازل الطاعن عن حقوق الارتفاق التي ترتبت لأرضه على أرض جاره المطعون ضده. وإذ كان الكلام في صدد المدخنة إنما جاء مؤسساً على ما تمسك به الطاعن من وجود حق الارتفاق ومتفرعاً عنه فإن ما قضت به المحكمة من رفض الدعوى بناءً على اقتناعها بحصول التنازل عن هذا الحق فيه الرد الضمني بأن الطلبات الأخرى المترتبة على وجود هذا الحق لا محل لها دون حاجة للبحث في ذلك صراحة.

الطعن 496 لسنة 44 ق جلسة 20 / 3 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 160 ص 816

جلسة 20 من مارس سنة 1978

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة مصطفى الفقي وعضوية السادة المستشارين: حافظ رفقي، وجميل الزيني، ومحمود حسن حسين، ومحمود حمدي عبد العزيز.

---------------

(160)
الطعن رقم 496 سنة 44 القضائية

(1، 2) إعلان "تزوير".
(1) تسليم صورة الإعلان لجهة إدارية عند غلق مسكن المعلن إليه. عدم وجوب تسليمها إلى مأمور القسم شخصياً. تسليمها لمندوب الإدارة دون بيان اسمه. لا خطأ.
(2) إجراءات الإعلان التي يقوم بها المحضر بنفسه أو وقعت تحت بصره. اكتسابها صفة الرسمية. ادعاء المعلن إليه أن صورة الإعلان لم تسلم إلى جهة الإدارة على خلاف ما أثبته المحضر في الورقة وجوب سلوك طريق الطعن بالتزوير.

---------------
1 - إذ كان الثابت من صحيفة الاستئناف ومن مدونات الحكم المطعون فيه، أن المحضر أثبت بها أنه انتقل إلى موطن المطعون ضده لإعلانه بها فوجد مسكنه مغلقاً فتوجه في ذات اليوم إلى قسم شرطة المعادي الكائن في دائرته موطن المطعون ضده وسلم مندوب الإدارة بالقسم صورة من صحيفة الاستئناف ووقع على أصل الصحيفة بالاستلام ثم قام المحضر بإخطار المطعون ضده بذلك في اليوم التالي بموجب كتاب مسجل وأثبت في أصل الصحيفة حصول هذا الإخطار، فإن الإعلان يكون قد استوفى الإجراءات والبيانات التي تتطلبها المادة 11 من قانون المرافعات 13 لسنة 1968 ولا ينال من صحته تسليم الصورة إلى مأمور القسم شخصياً، ذلك أنه وإن كانت المادة المشار إليها قد عددت رجال الإدارة الذين تسلم إليهم الأوراق المطلوب إعلانها إلا أن عبارة نصها لا تدل على أن تسليم صور تلك الأوراق مقصور على أيهم دون الآخرين ولا على إيجاب ترتيب معين يسبق فيه أحدهم الآخرين، كما لا ينال من صحة الإعلان كذلك، عدم ذكر اسم مستلم الصورة لأن المشرع قد اعتد في صحة الإعلان بتسلم الصورة لجهة الإدارة دون نظر إلى اسم مستلمها ذلك أن ما كانت تنص عليه الفقرة الثانية من المادة 11 من قانون المرافعات قبل تعديلها بالقانون 100 لسنة 1974 - من وجوب إخطار المعلن إليه في كتاب مسجل عمن سلمت إليه الصورة، قصد به مواجهة الحالات الأخرى التي كان يتطلب القانون فيها الإخطار - إذا تم تسليم الورقة إلى غير شخص المعلن إليه، وآية ذلك أنه لما عدل المشرع عن ذلك، ورأى قصر الإخطار تسليم الورقة إلى جهة الإدارة - كما كان عليه الحال في ظل قانون المرافعات السابق - اضطر إلى تعديل الفقرة الثانية من المادة 11 سالفة الذكر بالقانون 100 لسنة 1974 ونص على أن يكون إخطار المعلن إليه بإخباره أن الصورة سلمت إلى جهة الإدارة دون اعتداد باسم من سلمت إليه.
2 - من المقرر أن ما يثبته المحضر بورقة الإعلان من إجراءات قام بها بنفسه أو وقعت تحت بصره تكتسب صفة الرسمية فلا يجوز إثبات عكسها إلا بالطعن عليها بالتزوير وإذ كان المطعون ضده قد اكتفى في إثبات عدم تسليم صورة صحيفة الاستئناف إلى جهة الإدارة بما دون على الإخطار الوارد إليه من بيانات نسبت إلى شخص قبل بأنه موظف بالقسم تدل على عدم وصول الصورة إلى الإدارة على خلاف ما أثبته المحضر من حصوله، ولم يتخذ المطعون ضده طريق الطعن بالتزوير على إعلان صحيفة الاستئناف، فإن هذا الادعاء لا يكفي بذاته للنيل من صحة وحجية الإجراءات التي أثبت المحضر في أصل الإعلان قيامه بها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 3144 لسنة 1971 كلي جنوب القاهرة على الطاعن طلب فيها الحكم بطرده من العقار المبين بصحيفة الدعوى وتسليمه إليه، تأسيساً على أنه كان يشغل هذا العقار ويقيم فيه بوصفه حارساً على ماكينة الري المبينة بذات العقار، ورغم بيع الماكينة، فقد رفض الطاعن إخلاء العقار وظل شاغلاً له دون سند، وبتاريخ 12/ 5/ 1974 قضت المحكمة بطرده، فاستأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 3350 سنة 91 ق القاهرة. دفع المطعون ضده باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم إعلانه بالصحيفة خلال تسعين يوماً من تاريخ إيداعها قلم الكتاب. وبتاريخ 20/ 4/ 1976 قضت المحكمة باعتبار الاستئناف كأن لم يكن - فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى بهما الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إن الثابت في أصل إعلان صحيفة الاستئناف أن المحضر توجه بتاريخ 16/ 7/ 1974 إلى موطن المطعون ضده، فوجد مسكنه مغلقاً فتوجه في ذات اليوم إلى قسم شرطة المعادي الكائن في دائرته موطن المطعون ضده، وسلم مندوب الإدارة بالقسم ورقة الإعلان ووقع على الأصل بما يفيد الاستلام، وقام بإخطار المطعون ضده بذلك في اليوم التالي بكتاب مسجل ورغم أن المحضر قد التزم في الإعلان الطريق الذي رسمه المشرع في المادة 11 من قانون المرافعات إلا أن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه باعتبار الاستئناف كأن لم يكن على أن إعلان المطعون ضده بصحفية الاستئناف في جهة الإدارة لا يعتد به قانوناً لعدم تسليم صورة الصحيفة إلى مأمور قسم المعادي إذ سلمت إلى مندوب الإدارة دون بيان لأسمه وصفته، وأن الموظف المختص بالقسم أشر على الإخطار الذي وصل المطعون ضده بأن صورة الإعلان لم ترد إلى القسم في حين أن ورقة الإعلان - وهي ورقة رسمية تكسب ما يثبته فيها المحضر من إجراءات قام بها حجية، لا يكفي لإهدارها مجرد الادعاء بعدم حصول تلك الإجراءات، بل يتعين لذلك سلوك طريق الطعن على الورقة بالتزوير ولما كان الحكم المطعون فيه لم يعتد بصحة إعلان صحيفة الاستئناف بمقولة أنها لم تعلن مع مأمور القسم شخصياً، وأهدر حجية ما أثبت فيها من إجراءات قام بها المحضر دون أن يتخذ المطعون ضده سبيل الطعن بالتزوير، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بقبول الدفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن على قوله "أنه تبين من الاطلاع على الأوراق أن المحضر لم يسلم صحيفة الاستئناف إلى مأمور قسم المعادي كان يجب عليه أن يسلمها له وإنما سلمها لمن أثبت أنه مندوب الإدارة دون أن يبين اسمه وصفته وأن المستأنف عليه (المطعون ضده) وصله الإخطار من المحضر بأنه سلم الصورة يوم 17/ 2/ 1974 إلى مندوب الإدارة فتوجه إلى قسم المعادي وطلب تسلم صورة الاستئناف ولكن الموظف المنوط به ذلك أشر عليه إخطار المحضر بأن الصورة لم ترد إلى القسم وكان ذلك في يوم 22/ 7/ 1974 ومن ثم فإنه لا يمكن قانوناً عملاً بنص المادة 11 من قانون المرافعات أن يعتد بهذا الإعلان وهذا من الحكم خطأ في تطبيق القانون ذلك أنه لما كانت المادة 11 من قانون المرافعات - قبل تعديلها بالقانون 100 لسنة 1974 قد نصت على أنه (إذا لم يجد المحضر من يصح تسليم الورقة إليه طبقاً للمادة السابقة أو أمتنع عن وجده من المذكورين فيها عن الاستلام أوجب في اليوم ذاته إلى مأمور القسم أو المركز أو العمدة أو شيخ البلد الذي يقع موطن المعلن إليه في دائرته حسب الأحوال - ويجب على المحضر في جميع الأحوال خلال أربع وعشرين ساعة من تسليم الورقة إلى شخص المعلن إليه أن يوجه إليه في موطنه الأصلي أو المختار كتاباً مسجلاً يخبره فيه بمن سلمت إليه الصورة -
ويجب أن يبين ذلك كله في حينه في أصل الإعلان وصورته. ويعتبر الإعلان منتجاً لآثاره من وقت تسليم الصورة إلى من سلمت إليه قانوناً، وكان الثابت من صحيفة الاستئناف ومن مدونات الحكم المطعون فيه، أن المحضر أثبت فيها أنه انتقل إلى موطن المطعون ضده لإعلانه بها في 16/ 7/ 1974 فوجد مسكنه مغلقاً فتوجه في ذات اليوم إلى قسم شرطة المعادي الكائن في دائرته موطن المطعون ضده وسلم مندوب الإدارة بالقسم صورة من صحيفة الاستئناف ووقع على أصل الصحيفة بالاستلام ثم قام المحضر بإخطار المطعون ضده بذلك في اليوم التالي بموجب كتاب مسجل وأثبت في أصل الصحيفة حصول هذا الإخطار، لما كان ذلك فإن الإعلان يكون قد استوفى الإجراءات والبيانات التي تتطلبها المادة 11 من قانون المرافعات سالف الذكر، ولا ينال من صحته تسليم الصورة إلى مأمور القسم شخصياً، ذلك أنه وإن كانت المادة المشار إليها قد عددت رجال الإدارة الذين تسلم إليهم الأوراق المطلوب إعلانها، إلا أن عبارة نصها لا تدل على أن تسليم صور تلك الأوراق مقصور على أنهم دون الآخرين ولا على إيجاب ترتيب معين يسبق فيه أحدهم الآخرين، كما لا ينال من صحة الإعلان كذلك عدم ذكر اسم مستلم الصورة لأن المشرع قد اعتمد في صحة الإعلان بتسلم الصورة لجهة الإدارة دون نظر إلى اسم مستلمها ذلك أن ما كانت تنص عليه الفقرة الثانية من المادة 11 من قانون المرافعات قبل تعديلها بالقانون 100 لسنة 1974 - من وجوب إخطار المعلن إليه في كتاب مسجل عمل سلمت إليه الصورة، قصد به مواجهة الحالات الأخرى التي كان يتطلب القانون فيها الإخطار - إذا تم تسليم الورقة إلى غير شخص المعلن إليه، وآية ذلك أنه لما عدل المشرع عن ذلك، ورأى قصر الإخطار على حالة تسليم الورقة إلى جهة الإدارة - كما كان عليه الحال في ظل قانون المرافعات السابق - اضطر إلى تعديل الفقرة الثانية من المادة 11 سالفة الذكر بالقانون 100 لسنة 1974 ونص على أن يكون إخطار المعلن إليه بإخباره أن الصورة سلمت إلى جهة الإدارة دون اعتداد باسم من سلمت إليه، ولما كان من المقرر أن ما يثبته المحضر بورقة الإعلان من إجراءات قام بها بنفسه أوقعت تحت بصره تكتسب صفة الرسمية فلا يجوز إثبات عكسها إلا بالطعن عليها بالتزوير وإذ كان المطعون ضده قد اكتفى في إثبات عدم تسليم صورة صحيفة الاستئناف إلى جهة الإدارة بما دون على الإخطار الوارد إليه من بيانات نسبت إلى شخص قيل بأنه موظف بالقسم تدل على عدم وصول الصورة إلى الإدارة على خلاف ما أثبته المحضر من حصوله، ولم يتخذ المطعون ضده طريق الطعن بالتزوير على إعلان صحيفة الاستئناف فإن هذا الادعاء لا يكفي بذاته للنيل من صحة وحجية الإجراءات التي أثبت المحضر في أصل الإعلان قيامه بها، لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر ولم يعتد بإعلان صحيفة الاستئناف رغم صحته وعدم سلوك المطعون ضده سبيل الادعاء بالتزوير، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه والإحالة.

الطعن 66 لسنة 12 ق جلسة 15 / 4 / 1943 مج عمر المدنية ج 4 ق 50 ص 136

جلسة 15 إبريل سنة 1943

برياسة حضرة عبد الفتاح السيد بك رئيس المحكمة وبحضور حضرات: حسن زكي محمد بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك ونجيب مرقس بك المستشارين.

-----------------

(50)
القضية رقم 66 سنة 12 القضائية

حجز ما للمدين لدى الغير. 

توقيعه. متى يستوجب مسئولية الدائن؟ عند إساءة استعمال الحق وارتكاب خطأ جسيم في ذلك. دعوى تعويض على الدائن لتوقيعه حجزاً على ما للمدين تحت يده ويد غيره. رفضها. بناؤه على ما استخلصته المحكمة من أن الحاجز كان لديه من المبررات ما يبرر توقيعه الحجز. لا تثريب عليها في ذلك.

---------------
إن توقيع الدائن حجزاً على ما للمدين لدى الغير هو حق له لا يستوجب مسئوليته إلا إذا كان قد أساء استعماله بارتكابه خطأ لا يصح التسامح فيه. فإذا كانت المحكمة قد رفضت دعوى التعويض المرفوعة من المدين على الدائن الحاجز بعد أن محصتها من جهة تأسيسها على الخطأ المسند إلى الدائن في توقيعه الحجز تحت يده ويد غيره على مبالغ مستحقة للمدين، وخلصت إلى الاقتناع بأن الحاجز كان لديه من المسوغات ما يبرر توقيعه الحجز بدليل تثبيته والحكم له ابتدائياً واستئنافياً على المدين بالتعويض، وأنه إذا كانت محكمة النقض قد رأت بعد ذلك عدم استحقاق الدائن للتعويض فلا تأثير لهذا لأن الأمر كان من الدقة وصعوبة التقدير من الوجهة القانونية بحيث إن الدائن يعد معذوراً إذا هو في سبيل المحافظة على حقوقه قد عمد إلى ما لَه من حق قانوني في توقيع الحجز على ما لمدينه لديه ولدى الغير، فإن قضاءها بذلك يكون قد جاء على أساس سليم من الوقائع ومن القانون.

الطعن 538 لسنة 44 ق جلسة 20 / 3 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 159 ص 809

جلسة 20 من مارس سنة 1978

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة مصطفى الفقي وعضوية السادة المستشارين: حافظ رفقي وجميل الزيني ومحمود حسن حسين وعاصم المراغي.

--------------

(159)
الطعن 538 لسنة 44 القضائية

(1) تأميم. "لجان التقييم".
نهائية قرار لجنة التقييم. شرطه. التزامها بعناصر المنشأة أصولاً وخصوماً وقت التأميم. قرار اللجنة بالفصل في المنازعات بين المنشأة المؤممة والغير. لا يكتسب أية حصانة. جواز طرح هذه المنازعات على المحكمة المختصة لتحقيقها والفصل فيها.
(2) شركات. التزام. تأمين.
التزام الشركة المؤممة بأن تؤدي لمالك المنشأة نقداً قيمة الفرق بين ما خصصته لجنة التقييم لحساب الضرائب وما استحق لها بالفعل. خطأ. علة ذلك. وجوب أداء هذا الفرق بسندات رسمية على الدولة.

--------------
1 - اختصاص لجان التقييم - وعلى ما بينته المادة الثالثة من القانونين 117، 118 لسنة 1961 - هو تقييم رؤوس أموال الشركات المساهمة المؤممة التي لم تكن أسهمها متداولة في البورصة أو كان قد مضى على آخر تعامل عليها أكثر من ستة شهور وكذلك تقييم المنشآت غير المتخذة شكل شركات مساهمة وتقييم رأس مال المنشأة يكون بتحديد الحقوق والأموال المملوكة لها وقت تأميمها وتقدير قيمتها وتحديد مقدار ديونها في ذلك التاريخ وعلى ضوء ذلك يتحدد صافي رأس مال المنشأة المؤممة ويكون قرار لجنة التقييم في هذا الشأن نهائياً وغير قابل للطعن فيه متى التزمت اللجنة في تقييمها بعناصر المنشأة أصولاً وخصوماً وقت تأميمها، أما إذا خرجت لجنة التقييم عن هذا النطاق الذي رسمه لها المشرع بأن أضافت إلى أموال وحقوق المنشأة ما ليس لها أو استبعدت منها شيئاً أو حملتها بديون ليست ملزمة بها، فإن قرارها في هذا الصدد لا يكتسب أية حصانة ولا يكون حجية قبل الدولة أو أصحاب الشأن، كما أنه ليس للجان التقييم أن تفصل في أي نزاع يثور بشأن الأموال والحقوق المتنازع عليها بين المنشأة المؤممة وبين الغير أو أن تتعرض لأي نزاع آخر لا يتعلق بالتقييم في ذاته ذلك أن تحقيق المنازعات والفصل فيها من اختصاص المحاكم صاحبة الولاية العامة في ذلك إلا ما استثنى بنص خاص، فإذا تعرضت لجنة التقييم للفصل تلك المنازعات، فإن قرارها لا يكتسب حصانة تحول دون طرح تلك المنازعات على المحاكم المختصة لتحقيقها والفصل فيها ولا يعد ذلك طعناً في قرارات لجان التقييم وإنما هو سعي إلى الجهة ذات الولاية العامة للحصول على قضاء يحسم تلك المنازعات، لما كان ذلك وكان المطعون ضدهم الخمسة الأول باعتبارهم أصحاب مضرب للأرز قبل تأميمه أقاموا الدعوى منازعين في مقدار المبلغ الذي حملتهم به لجنة التقييم وخصصته لحساب الضرائب لأنه يزيد كثيراً على ما استحق عليهم من هذه الضرائب بالفعل ولذا طالبوا بالفرق، وكان الفصل في تلك المنازعة يخرج عن اختصاص لجنة التقييم ويدخل في اختصاص المحاكم ذات الولاية العامة فضلاً عن أن قرار لجنة التقييم بتحميل المنشأة المؤممة بمبالغ غير مدينة بها للغير، لا يلحقه وصف النهائية المنصوص عليها في المادة الثالثة سالفة الذكر ولا يكتسب حصانة تحول دون الالتجاء إلى المحاكم المختصة.
2 - إذا كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أيد الحكم الابتدائي فيما قضى به من إلزام الطاعنة نقداً بقيمة الفرق بينما ما خصصته لجنة التقييم لحساب الضرائب المستحقة على المنشأة المؤممة وبين ما استحق منها بالفعل. فإن هذا الذي أورده الحكم خطأ في القانون ذلك أن تحديد لجنة التقييم لعنصر من عناصر المنشأة المؤممة على نحو مؤقت لا يخرج هذا العنصر من العناصر المنشأة سواء كان من الخصوم أو الأصول ولا يبعده عن نطاق التأميم، ومن ثم إذا تم تحديد هذا العنصر بصفة نهائية بمعرفة الجهة المختصة، ارتد أثر هذا التحديد إلى وقت التأميم، فإن ترتب عليه زيادة في صافي رأس مال المنشأة، جرت على تلك الزيادة ما يجرى على قيمة المنشأة المؤممة من أحكام، ولما كانت المادة الثانية من القانون 117 لسنة 1961 والمادة الرابعة من القانون 118 لسنة 1961 قد نصتا على أن تؤدي قيمة المنشأة المؤممة بموجب سندات اسمية على الدولة - وذلك في حدود مبلغ خمسة عشر ألف جنيه لكل من الملاك السابقين لتلك المنشآت وفقاً لأحكام القانون 134 لسنة 1964 - وإذا خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهم الخمسة الأول أقاموا على الطاعنة والمطعون ضده الأخير الدعوى رقم 588 سنة 1970 مدني كلي كفر الشيخ بطلب الحكم بإلزامهما بأن يدفعا لهم مبلغ 28058 جنيهاً و372 مليماً تأسيساً على أن هذا المبلغ يمثل الفرق بين ما خصصته لجنة تقييم منشآتهم المؤممة المسماة "مضرب الجندي" لحساب مصلحة الضرائب وبين ما استحق عليهم فعلاً من هذه الضرائب، وبعد ندب خبير في الدعوى، قضت محكمة أول درجة بتاريخ 29/ 3/ 1972 بإلزام الطاعنة بأن تؤدي للمدعين مبلغ 22269 جنيهاً و830 مليماً. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 52 لسنة 5 ق، كما استأنفه المطعون ضدهم الخمسة الأول بالاستئناف رقم 54 سنة 5 ق. وبتاريخ 18/ 3/ 1974، وبعد ندب خبير لمناقشة اعتراضات الطرفين على تقرير الخبرة المقدم لمحكمة أول درجة - قضت محكمة استئناف طنطا - مأمورية كفر الشيخ - بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول أنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بأن المادة الثالثة من القانون 117 لسنة 1961 118 لسنة 1961 نصت صراحة على نهائية قرارات لجان التقييم وعدم قابليتها للطعن فيها بأي وجه من أوجه الطعن، وأنه لما كان تقييم رأس مال المنشأة المؤممة يبنى على نتيجة الموازنة بين خصومها وأصولها، فإن النهائية لا تقتصر على قرار تحديد مقدار رأس المال فحسب بل تشمل كذلك العناصر المؤدية إليه أصولاً وخصوماً لأنها مرتبطة بتحديده ارتباطاً لا يقبل الانقسام ولا التجزئة وإجراء أي تغيير في هذه العناصر يؤدي بالضرورة إلى تغيير أي عنصر في رأس المال، ومن ثم فلا تختص المحاكم ولائياً بتعديل أي عنصر أقيم عليه تقرير لجنه التقييم النهائي وأن السبيل الوحيد لتعديله هو الالتجاء إلى لجنة التقييم، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأطرح الدفع بعدم الاختصاص الولائي تأسيساً على تخصيص لجنة التقييم لبعض أموال المنشأة المؤممة لوفاء دين معين ينطوي على إخراج لهذه الأموال من أصول المنشأة والاحتفاظ بها على سبيل الأمانة فتنقطع علاقتها بالتأميم ومن ثم لا تلحقها النهائية التي تخرجها من نطاق اختصاص المحاكم ولائياً، فإن الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن اختصاص لجان التقييم - وعلى ما بينته المادة الثالثة من القانونين 117، 118 لسنة 1961 - هو تقييم رؤوس أموال الشركات المساهمة المؤممة التي لم تكن أسهمها متداولة في البورصة أو كان قد مضى على آخر تعامل عليها أكثر من ستة شهور وكذلك تقييم المنشآت غير المتخذة شكل شركات مساهمة وتقييم رأس مال المنشأة يكون بتحديد الحقوق والأموال المملوكة لها وقت تأميمها وتصدير قيمتها وتحديد مقدار ديونها في ذلك التاريخ وعلى ضوء ذلك يتحدد صافي رأس مال المنشأة المؤممة ويكون قرار لجنة التقييم في هذا الشأن نهائياً وغير قابل للطعن فيه متى التزمت اللجنة في تقييمها بعناصر المنشأة أصولاً وخصوماً وقت تأميمها، أما إذا خرجت لجنة التقييم عن هذا النطاق الذي رسمه لها المشرع بأن أضافت إلى أموال وحقوق المنشأة ما ليس لها أو استبعدت منها شيئاً أو حملتها بدون ليست ملومة بها، فإن قرارها في هذا الصدد لا يكتسب أية حصانة ولا يكون حجة قبل الدولة أو أصحاب الشأن، كما أنه ليس للجان التقييم أن تفصل في أي نزاع يثور بشأن الأموال والحقوق المتنازع عليها بين المنشأة المؤممة وبين الغير أو أن تتعرض لأي نزاع آخر يتعلق بالتقييم في ذاته ذلك أن تحقيق المنازعات والفصل فيها من اختصاص المحاكم صاحبة الولاية العامة في ذلك إلا ما استثنى بنص خاص فإذا تعرضت لجنة التقييم للفصل في تلك المنازعات، فإن قرارها لا يكتسب حصانة تحول دون طرح تلك المنازعات على المحاكم المختصة لتحقيقها والفصل فيها ولا يعد ذلك طعناً في قرارات لجان التقييم وإنما هو سعى إلى الجهة ذات الولاية العامة للحصول على قضاء يحسم تلك المنازعات لما كان ذلك وكان المطعون ضدهم الخمسة الأول باعتبارهم أصحاب مضرب للأرز قبل تأميمه أقاموا الدعوى منازعين في مقدار المبلغ الذي حملتهم به لجنة التقييم وخصصته لحساب الضرائب لأنه يزيد كثيراً على ما استحق عليهم من هذه الضرائب بالفعل ولذا طالبوا بالفرق، وكان الفصل في تلك المنازعة يخرج عن اختصاص لجنة التقييم ويدخل اختصاص المحاكم ذات الولاية العامة فضلاً عن أن قرار لجنة التقييم بتحميل المنشأة المؤممة بمبالغ غير مدينة بها للغير، لا يلحقه وصف النهائية المنصوص عليها في المادة الثالثة سالفة الذكر ولا يكتسب حصانة تحول دون الالتجاء إلى المحاكم المختصة، لما كان ما يقدم وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى في قضائه إلى هذه النتيجة التي تتفق وصحيح القانون، فإنه لا يبطله ما اشتملت عليه أسبابه من خطأ اعتبار المبالغ التي خصصتها لجنة التقييم لحساب مصلحة الضرائب قد أخرجت من نطاق التأميم ذلك أن لمحكمة النقض - وعلى ما جرى به قضاؤها - أن تصحح هذا الخطأ ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول أن الحكم أغفل الرد على دفاع جوهري تضمنه صحيفة استئنافها ومذكرتها المقدمة إلى محكمة الاستئناف بجلسة 18/ 12/ 1972 وهو خطأ تقرير مكتب الخبراء باستبعاد حصة العاملين في الأرباح مع سابقة صرفها لهم وأثر ذلك في الضرائب المستحقة وفي رأس المال والخطأ في الاعتماد على الميزانية المؤقتة دون تلك التي أسفرت بمجلس إدارة المؤسسة وفي حساب الضرائب بما لا يتفق مع الأصول المحاسبة السليمة.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أنه لما كانت الطاعنة لم تقدم صورة رسمية من صحيفة الاستئناف أو المذكرة التي تقول إنها تمسكت فيها لدى محكمة الاستئناف بأوجه النعي الواردة بهذا السبب وكان الحكم المطعون فيه قد أشار في أسبابه بخصوص اعتراضات الشركة الطاعنة على تقرير الخبير أنه يعتمد هذا التقرير للأسس والأسباب السليمة التي بني عليها والتي اعتبرها مكملة لأسبابه وكانت الطاعنة لم تقدم أيضاً صورة رسمية من تقرير الخبير للتدليل على خلو أسبابه من الرد على اعتراضاتها فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور يكون عارياً عن الدليل.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك تقول أن الزيادة في المبلغ الذي احتسبته لجنة التقييم ضمن خصوم المنشأة المؤممة لحساب مصلحة الضرائب عن التقدير النهائي للضرائب المستحقة على تلك المنشأة، لا تعدو أن تكون زيادة في الأصول عن الخصوم ترتد أثرها إلى وقت التأميم ومن ثم لا ترد نقداً إلى أصحاب المنشأة قبل تأميمها بل تروى لهم بسندات على الدولة طبقاً لأحكام القانونين 117، 118 لسنة 1961 وإذ قضى الحكم المطعون فيه بتلك الزيادة للمطعون ضدهم الخمسة الأول نقداً فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أيد الحكم الابتدائي فيما قضى به من إلزام الطاعنة نقداً بقيمة الفرق بين ما خصصته لجنة التقييم لحساب الضرائب المستحقة على المنشأة المؤممة وبين ما استحقق منها بالفعل على قوله "أنه بخصوص ما ذهبت إليه الشركة المستأنفة (الطاعنة) من أن الرد لا يكون إلا بسندات على الدولة ما هو إلا نتيجة طبيعية لوجهه نظرها من أن هذه المبالغ المخصصة دخلت في أصول ما اسم على عكس الحقيقة حسبما انتهت إليه المحكمة... وهذا الذي أورده الحكم خطأ في القانون ذلك أن تحديد لجنة التقييم لعنصر من عناصر المنشأة المؤممة على نحو مؤقت لا يخرج هذا العنصر من العناصر المنشأة سواء كان من الخصوم أو الأصول ولا يبعده عن نطاق التأميم، ومن ثم إذا تم تحديد هذا العنصر بصفة نهائية بمعرفة الجهة المختصة، ارتد أثر هذا التحديد إلى وقت التأميم، فإن ترتب عليه زيادة في صافي رأس مال المنشأة، جرت على تلك الزيادة ما يجرى على قيمة المنشأة المؤممة من أحكام، ولما كانت المادة الثانية من القانون 117 لسنة 1961 والمادة الرابعة من القانون 118 لسنة 1961 قد نصتا على أن تؤدي قيمة المنشآت المؤممة بموجب سندات اسمية على الدولة - وذلك في حدود مبلغ خمسة عشر ألف جنيه لكل من الملاك السابقين لتلك المنشآت وفقاً لأحكام القانون 134 لسنة 1964 - وإذا خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه والإحالة دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.

الطعنان 459 ، 510 لسنة 49 ق جلسة 10 / 4 / 1980 مكتب فني 31 ج 1 ق 204 ص 1056

جلسة 10 من إبريل سنة 1980

برئاسة السيد المستشار/ حافظ رفقي نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: يوسف أبو زيد، مصطفى صالح سليم، درويش عبد المجيد وعزت حنوره.

----------------

(204)
الطعنان رقما 459/ 510 لسنة 49 القضائية

(1، 2) نقض "الأحكام الجائز الطعن فيها". تنفيذ عقاري. استئناف.
(1) الحكم الصادر من محكمة الاستئناف. جواز الطعن فيه بطريق النقض لأحد الأسباب المقررة قانوناً. الدفع بعدم جواز الطعن بالنقض في الحكم الصادر من المحكمة الاستئنافية بشأن حكم مرسى المزاد. لا محل له.
(2) حكم مرسى المزاد. جواز استئنافه في حالات أوردتها المادة 451/ 1 مرافعات على سبيل الحصر. العيب في إجراءات المزايدة. من بين هذه الحالات.
(3) بطلان. تنفيذ عقاري.
التنفيذ الجبري على العقار. إجراء المزايدة في اليوم المحدد للبيع دون طلب من مباشر الإجراءات أو ممن ورد ذكرهم بالمادة 435 مرافعات. أثره. بطلان حكم إيقاع البيع. تحقق مصلحتهم في الطعن عليه.
(4) تنفيذ عقاري. إفلاس. فوائد.
الديون المضمونة برهن أو امتياز أو اختصاص. سريان فوائدها الاتفاقية أو القانونية على الرغم من الإفلاس. جواز التنفيذ بها على الأموال المحملة بهذه التأمينات.
(5) تجزئة. تنفيذ عقاري. نقض " أثر نقض الحكم".
بطلان إجراءات البيع الجبري. موضوع غير قابل للتجزئة. نقض الحكم بالنسبة لمباشر الإجراءات. أثره. وجوب نقضه بالنسبة لباقي الخصوم في الدعوى.

--------------
1 - متى كان الحكم المطعون فيه صادراً من محكمة الاستئناف فإنه يجوز - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - الطعن فيه بالنقض لأحد الأسباب المقررة قانوناً، ولما كان الحكم المطعون فيه صادراً من محكمة الاستئناف برفض الاستئناف وتأييد حكم إيقاع البيع وطعن فيه بالخطأ في تطبيق القانون وتفسيره، فإن الطعن فيه يكون جائزاً.
2 - إذ كان الحكم الصادر بإيقاع البيع ليس حكماً بالمعنى المفهوم للأحكام الفاصلة في الخصومات وإنما هو محضر يحرره القاضي باستيفاء الإجراءات والبيانات التي يتطلبها القانون، فإن المشرع قد أجاز الطعن فيه بطريق الاستئناف في حالات أوردها على سبيل الحصر في المادة 451/ 1 من قانون المرافعات من بينها وجود عيب في إجراءات المزايدة.
3 - تنص المادة 435 من قانون المرافعات على أنه "يتولى قاضي التنفيذ في اليوم المحدد للبيع إجراء المزايدة بناء على طلب من يباشر التنفيذ أو المدين أو الحائز أو الكفيل أو أي دائن أصبح طرفاً في الإجراءات... وإذا جرت المزايدة بدون طلب من أحد من هؤلاء كان البيع باطلاً"، وكان الطاعن قد أقام استئنافه على أن الثابت من الصورة الرسمية لمحضر جلسة.... أمام محكمة أول درجة - وهي الجلسة التي حصلت فيها المزايدة وصدر فيها الحكم بإيقاع البيع - أن البنك الطاعن - وهو مباشر التنفيذ - طلب التأجيل ولم يطلب إجراء المزايدة كما لم يطلب أحد غيره إجراء المزايدة، فإنه إذ قام قاضي التنفيذ بإجرائها في ذات الجلسة فإن البيع يكون باطلاً لوجود عيب في الإجراءات عملاً بالمادة 451/ 1 من قانون المرافعات، وإن وجود بطلان في حكم مرسى المزاد يتيح للمدين - أو من يمثله - ولكل دائن أصبح طرفاً في الإجراءات أن يطلب الحكم ببطلانه عملاً بالمادة 435 من القانون المذكور، بما مؤداه أن حق البنك الطاعن في اقتضاء دينه من الثمن الذي رسا به المزاد لا يكون مستقراً، وكان مناط المصلحة في الطعن - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو بتحقيقها وقت صدور الحكم المطعون فيه ومن ثم تتوافر للبنك الطاعن مصلحة في الطعن بالاستئناف على حكم محكمة أول درجة للفصل في أوجه البطلان حتى تتم المزايدة بإجراءات صحيحة، ويكون الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى عدم جواز استئنافه قولاً منه بأنه ليست له مصلحة في الاستئناف يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
4 - المقرر طبقاً لنص المادة 226 من القانون التجاري أنه لا يقف سريان الفوائد إلا بالنسبة إلى الديون العادية أما الديون المضمونة برهن أو امتياز أو اختصاص فتظل فوائدها سارية على الرغم من الإفلاس، فيجوز إذن للدائن المرتهن وأصحاب حقوق الامتياز والاختصاص الاحتجاج بالفوائد المستحقة - سواء كانت اتفاقية أو قانونية - في مواجهة جماعة الدائنين، وكل ما في الأمر أنه لا يجوز لهم التنفيذ بالفوائد المستحقة بعد شهر الإفلاس إلا على الأموال التي يقع عليها الرهن أو الامتياز أو الاختصاص.
5 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد صدر في موضوع غير قابل للتجزئة هو بطلان إجراءات البيع الجبري، فإن نقضه بالنسبة للبنك الطاعن - مباشر الإجراءات - يستتبع نقضه بالنسبة لباقي الخصوم دون حاجة لبحث الأسباب التي بني عليها الطعن الآخر المرفوع من وكيل الدائنين.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن بنك مصر - الطاعن في الطعن رقم 459 لسنة 49 ق، المطعون ضده الرابع في الطعن رقم 510 سنة 49 ق - اتخذ ضد.... بصفته وكيلاً للدائنين في تفليسة.... - الطاعن في الطعن رقم 510 سنة 49 ق والمطعون ضده الأول في الطعن رقم 459 ق - إجراءات نزع الملكية بالدعوى رقم 52 سنة 1969 بيوع طهطا على العقارات المملوكة للمفلس المذكور وفاءاً لمبلغ 6290 ج و962 م بخلاف ما يستجد من فوائد بواقع 7% والمصاريف لحين تمام السداد، وأودع البنك مباشر الإجراءات قائمة شروط البيع في 23/ 6/ 1962 وبجلسة 12/ 2/ 1978 طلب البنك التأجيل لإعادة النشر إلا أن المحكمة أجرت المزايدة وحكمت في ذات الجلسة بإيقاع البيع على المطعون ضدهم من الثاني إلى الرابع - المطعون ضدهم الثلاثة الأول في الطعن رقم 510 سنة 49 ق - نظير ثمن قدره 6600 ج والمصاريف المقدرة بمبلغ 331 ج و650 م. استأنف البنك هذا الحكم أمام محكمة استئناف أسيوط - مأمورية سوهاج - بالاستئناف رقم 80 سنة 53 ق طالباً إلغاءه وبعدم اختصاص محكمة أول درجة بإيقاع البيع واحتياطياً بطلان حكمها المستأنف، كما استأنفه وكيل الدائنين بالاستئناف رقم 81 سنة 53 ق وكذلك وزير الخزانة بصفته ومدير عام مصلحة الضرائب بسوهاج بالاستئناف رقم 84 سنة 53 ق، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافات الثلاثة حكمت بتاريخ 13/ 1/ 1979 بعدم جواز كل من استئنافي البنك والضرائب وبرفض استئناف وكيل الدائنين. طعن البنك في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 459 سنة 49 ق وقدمت النيابة العامة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة إلى المطعون ضدهما وزير الخزانة بصفته ومدير عام مصلحة الضرائب بسوهاج وطلبت نقض الحكم المطعون فيه بالنسبة لباقي المطعون ضدهم، وطعن أيضاً في هذا الحكم بطريق النقض من المطعون ضده الأول - وكيل الدائنين - وقيد طعنه برقم 510 سنة 49 ق، ودفع المطعون ضدهم الثلاثة الأول فيه بعدم جواز الطعن، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الدفع، ودفعت بعدم قبول الطعن بالنسبة إلى المطعون ضدهما وزير الخزانة بصفته ومدير عام مصلحة الضرائب بسوهاج، وطلبت نقض الحكم المطعون فيه بالنسبة لباقي المطعون ضدهم، وإذ عرض الطعنان على المحكمة في غرفة مشورة رأت تحديد جلسة لنظرهما وفيها التزمت النيابة رأيها، وقررت المحكمة ضم الطعنين ليصدر فيهما حكم واحد.
وحيث إن مبنى الدفع بعدم جواز الطعن أن حكم مرسى المزاد لا يعتبر حكماً قضائياً بالمعنى المفهوم للأحكام فلا يخضع لطرق الطعن التي نظمها القانون للأحكام بصفة عامة ولأن الطاعن لم يبد أوجه البطلان بطريق الاعتراض قبل جلسة الاعتراض فإن حقه يكون قد سقط في إبدائها بعد صدور حكم إيقاع البيع.
وحيث إن هذا الدفع مردود بأنه متى كان الحكم المطعون فيه صادراً من محكمة الاستئناف فإنه يجوز - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - الطعن فيه بالنقض لأحد الأسباب المقررة قانوناً، ولما كان الحكم المطعون فيه صادراً من محكمة الاستئناف برفض الاستئناف وتأييد حكم إيقاع البيع، وطعن فيه بالخطأ في تطبيق القانون وتفسيره، فإن الطعن يكون جائزاً ويكون الدفع بعدم جواز الطعن في غير محله.
وحيث إن مبنى دفع النيابة العامة أن مصلحة الضرائب لم تختصم إلا في الاستئناف وقضى الحكم المطعون فيه بعدم جواز الاستئناف بالنسبة لها، ومن ثم لم تعد خصماً في النزاع ولا يجوز اختصاصها في هذين الطعنين.
وحيث إنه لما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه قضى بعدم جواز الاستئناف بالنسبة للمطعون ضدهما وزير الخزانة بصفته ومدير عام مصلحة الضرائب بسوهاج لأنهما لم يختصما أمام محكمة أول درجة وبذلك لم يكونا خصمين في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه فإن الطعن - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يكون غير مقبول بالنسبة لهما.
وحيث إن الطعنين بالنسبة لمن عداهما من المطعون ضدهم استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الطعن رقم 459 سنة 49 ق أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعن - بنك مصر - على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتفسيره والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الثابت من محضر جلسة 12/ 1/ 1978 التي حصلت فيها المزايدة أن البنك لم يطلب إجراء المزايدة بل طلب التأجيل لإعادة النشر كما لم يطلب أحد ممن عددتهم المادة 435 من قانون المرافعات إجراء المزايدة، ومن ثم فإن البيع يكون باطلاً ويحق للمدين ولكل دائن أصبح طرفاً في الإجراءات الطعن على الحكم الصادر بإيقاعه بالاستئناف للقضاء ببطلانه، بما مفاده أن اقتضاء البنك دينه من ثمن المبيع يكون غير مستقر وعرضه للاسترداد إذا ما حكم ببطلان حكم مرسى المزاد، كما أن مصلحة البنك قائمة من جهة أخرى لأن دينه وفوائده يجاوز الثمن الموقع به البيع إذ تم البيع بمبلغ 6600 ج بينما الثابت أن دينه حتى 31/ 12/ 1960 مبلغ 6290 ج و862 م بخلاف ما يستجد من فوائد بواقع 7% سنوياً حتى السداد، وأنه ليس صحيحاً ما قرره الحكم المطعون فيه من عدم أحقيته في المطالبة بفوائد من تاريخ الحكم بإشهار إفلاس المدين، ذلك أن قاعدة وقف سريان الفوائد بشهر الإفلاس لا تسري في مواجهة البنك لكونه دائناً مرتهناً ويجرى التنفيذ على العقارات المرهونة، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى عدم جواز استئناف البنك الطاعن تأسيساً على أن الحكم المستأنف قد قضى بطلباته فلا تكون له مصلحة في الطعن، بالاستئناف فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتفسيره وعاره قصوره في التسبيب بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لئن كان الحكم الصادر بإيقاع البيع ليس حكماً بالمعنى المفهوم للأحكام الفاصلة في الخصومات وإنما هو محضر يحرره القاضي باستيفاء الإجراءات والبيانات التي يتطلبها القانون فإن المشرع قد أجاز الطعن فيه بطريق الاستئناف في حالات أوردها على سبيل الحصر في المادة 451/ 1 من قانون المرافعات من بينها وجود عيب في إجراءات المزايدة، ولما كانت المادة 435 من القانون سالف الذكر تنص على أنه "يتولى قاضي التنفيذ في اليوم المحدد للبيع إجراء المزايدة بناء على طلب من يباشر التنفيذ أو المدين أو الحائز أو الكفيل أو أي دائن أصبح طرفاً في الإجراءات... وإذا جرت المزايدة بدون طلب من أحد من هؤلاء كان البيع باطلاً"، وكان الطاعن قد أقام استئنافه على أن الثابت من الصورة الرسمية لمحضر جلسة 12/ 1/ 1978 أمام محكمة أول درجة - وهي الجلسة التي حصلت فيها المزايدة وصدر فيها الحكم بإيقاع البيع - أن البنك الطاعن - وهو مباشر التنفيذ - طلب التأجيل ولم يطلب المزايدة كما لم يطلب أحد غيره إجراء المزايدة، فإنه إذ قام قاضي التنفيذ بإجرائها في ذات الجلسة فإن البيع يكون باطلاً لوجود عيب في الإجراءات عملاً بالمادة 451 من قانون المرافعات، وإن وجود بطلان في حكم مرسى المزاد يتيح للمدين - أو من يمثله - ولكل دائن أصبح طرفاً في الإجراءات أن يطلب الحكم ببطلانه عملاً بالمادة 435 من القانون المذكور، بما مؤداه أن حق البنك الطاعن في اقتضاء دينه من الثمن الذي رسا به المزاد لا يكون مستقراً، وكان مناط المصلحة في الطعن - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو بتحققها وقت صدور الحكم المطعون فيه ومن ثم تتوافر للبنك الطاعن مصلحة في الطعن بالاستئناف على حكم محكمة أول درجة للفصل في أوجه البطلان حتى تتم المزايدة بإجراءات صحيحة، ويكون الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى عدم جواز استئنافه قولاً منه بأنه ليست له مصلحة في الاستئناف قد أخطأ في تطبيق القانون، ومن جهة أخرى فإنه لما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن البنك أورد في دفاعه أمام محكمة الاستئناف أن الثمن الراسي به المزاد لا يفي بدينه المضمون وفوائده وقد رد الحكم على هذا الدفاع بقوله "أن الفوائد سواء قانونية أو اتفاقية بوقف سريانها بقوة القانون في حالة إفلاس المدين المنزوع ملكيته وقد أشهر إفلاس المدين في 2/ 1/ 1961"، وكان هذا الذي قرره الحكم غير صحيح على إطلاقه، إذ المقرر طبقاً لنص المادة 226 من القانون التجاري أنه لا يقف سريان الفوائد إلا بالنسبة إلى الديون العادية أما الديون المضمونة برهن أو امتياز أو اختصاص فتظل فوائدها سارية على الرغم من الإفلاس فيجوز إذن للدائن المرتهن وأصحاب حقوق الامتياز والاختصاص الاحتجاج بالفوائد المستحقة - سواء كانت اتفاقية أو قانونية - في مواجهة جماعة الدائنين، وكل ما في الأمر أنه لا يجوز لهم التنفيذ بالفوائد المستحقة بعد شهر الإفلاس إلا على الأموال التي يقع عليها الرهن أو الامتياز أو الاختصاص، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فيما انتهى إليه من أن البنك ليست له مصلحة في الطعن بالاستئناف فحجب نفسه بذلك عن تمحيص دفاعه بأن الدين وفوائده معاً يجاوز الثمن الراسي به المزاد، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد صدر في موضوع غير قابل للتجزئة هو بطلان إجراءات البيع الجبري، فإن نقضه بالنسبة للبنك الطاعن يستتبع نقضه بالنسبة لباقي الخصوم دون حاجة لبحث الأسباب التي بني عليها الطعن الآخر رقم 510 سنة 49 ق.

الطعن 64 لسنة 12 ق جلسة 15 / 4 / 1943 مج عمر المدنية ج 4 ق 49 ص 132

جلسة 15 إبريل سنة 1943

برياسة حضرة عبد الفتاح السيد بك رئيس المحكمة وبحضور حضرات: حسن زكي محمد بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك ونجيب مرقس بك المستشارين.

-------------

(49)
القضية رقم 64 سنة 12 القضائية

وارث. 

التاريخ العرفي الوارد في المحرر الصادر من مورثه. له بكافة الطرق أن يثبت أن هذا التاريخ غير صحيح، وأنه صدر في تاريخ آخر ليتوصل من ذلك إلى أنه صدر في مرض الموت. العبرة في هذا المقام هي بصدور التصرف فعلاً في أثناء مرض الموت بصرف النظر عن التاريخ الموضوع له عرفياً كان أم ثابتاً بصفة رسمية. إهدار التصرف لمجرد أن تاريخه عرفي. لا يصح. 

(المادة 228 مدني)

-------------
إن الوارث وإن كان لا يرتبط بالتاريخ العرفي الوارد في ورقة التصرف الصادر من مورثه متى كان له قانوناً حق الطعن في ذلك التصرف، إلا أنه ليس له أن يطالب بعدم الاحتجاج عليه بذلك التاريخ لمجرد كونه غير ثابت بصفة رسمية، بل كل ماله هو أن يثبت بكافة الطرق القانونية أن التصرف المطعون فيه لم يصدر في تاريخه العرفي وإنما صدر في تاريخ آخر ليتوصل من ذلك إلى أن صدوره كان في مرض الموت فيكون باطلاً. ذلك لأن حق الوارث يتعلق قانوناً بمال مورثه بمجرد حصول مرض الموت فلا يملك المورث بعده حق التصرف في ماله الذي يعتبر في حكم المملوك لوارثه، مما يقتضي أن تكون العبرة في هذه المسألة هي بصدور التصرف فعلاً في أثناء مرض الموت بصرف النظر عن التاريخ الموضوع له (1). وإذن فإذا كان الحكم لم يعتبر التصرف الصادر من المورث لبعض الورثة لمجرد كون تاريخه عرفياً وأن المورث توفي على إثر المرض، دون بحث في حقيقة التاريخ المدون في العقد والتحقق من أن التصرف إنما صدر فعلاً في مرض الموت، فإنه يكون مخطئاً في تطبيق القانون.


الوقائع

تتلخص وقائع هذه الدعوى في أن المطعون ضده كان متزوجاً من المرحومة ستوتة محمد عبد الله والدة الطاعنين، وفي 22 من يونيو سنة 1937 أثناء مرض تلك الزوجة أبلغ المطعون ضده النيابة العمومية أن الطاعنين عاملون على استصدار بيع منها لهم بجميع ممتلكاتها حالة كونها مريضة وفي خطر الموت. وقد سمع البوليس أقوالها في اليوم نفسه فذكرت له أنها قد باعت لأولادها جميع ما تملك بعقد صادر منها في 22 من فبراير سنة 1937، وفي اليوم التالي 23 من يونيو سنة 1937 توفيت.
وفي 14 و23 من مارس سنة 1939 رفع المطعون ضده على الطاعنين الدعوى المدنية رقم 227 سنة 1939 كلي المنصورة طلب فيها الحكم بثبوت ملكيته لحصة قدرها الربع شيوعاً في العقارات المتروكة عن زوجته المرحومة ستوتة وبطلان عقد البيع المؤرخ 22 من فبراير سنة 1937 المنسوب صدوره إليها فيما يختص بهذا النصيب وإلغاء ما يكون قد ترتب عليه من تسجيلات وإلزام الطاعنين متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ 110 جنيه قيمة نصيبه فيما تركته المورثة المذكورة من نقود ومصوغات ومواشي، وذلك كله مع المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.
وفي 18 من إبريل سنة 1940 قضت محكمة المنصورة تمهيدياً بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون ضده صدور عقد 22 من فبراير سنة 1937 في مرض موت المورثة. وبعد أن تنفذ الحكم التمهيدي بسماع بينة الطرفين قضت المحكمة في 20 من فبراير سنة 1941 برفض دعوى المطعون ضده بناءً على أنه لم يثبت من التحقيق الذي أجرته صدور العقد المطعون فيه وقت مرض المورثة، ولأن الطاعنين قد حلفوا اليمين الحاسمة بالنسبة للنقود والمصوغات والمواشي.
استأنف المطعون ضده الحكم الابتدائي أمام محكمة استئناف مصر وفي 29 من إبريل سنة 1942 قضت محكمة استئناف مصر بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة لعقد البيع الصادر في 22 من فبراير سنة 1937 من المرحومة ستوتة محمد عبد الله إلى الطاعنين وبطلان هذا العقد وتثبيت ملكية المطعون ضده إلى الربع شائعاً في الأطيان الواردة به وملحقاتها، وقبل الفصل في باقي الطلبات بفتح باب المرافعة لجلسة 3 من يونيو سنة 1942 لمناقشة طرفي الخصوم فيما هو مدون بأسباب الحكم وأبقت الفصل في المصاريف.
وفي 22 من أغسطس سنة 1942 طعن الطاعنون بطريق النقض في حكم محكمة الاستئناف طالبين نقضه والحكم أصلياً في موضوع الاستئناف بتأييد الحكم الابتدائي الصادر من محكمة المنصورة الابتدائية واحتياطياً إحالة الدعوى إلى محكمة استئناف مصر لتفصل فيها من جديد دائرة أخرى، وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده إلخ إلخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه اعتبر المطعون ضده بالنسبة للمورثة من طبقة الغير الذين لا يصح الاحتجاج عليهم بالمحررات العرفية إلا إذا كان تاريخها ثابتاً بصفة رسمية حسبما تقتضيه المادة 228 من القانون المدني واعتبر العقد المطعون فيه مكتسباً تاريخاً ثابتاً في يوم 22 من يونيو سنة 1937 نذكر المورثة له في محضر البوليس عند استجوابها أثناء مرضها، ورتب على ذلك اعتبار العقد المذكور صادراً في مرض الموت لأنها توفيت في اليوم التالي لاستجوابها. ويقول الطاعنون إن محكمة الاستئناف قد أخطأت قانوناً فيما ذهبت إليه لأن الوارث لا يعتبر من طبقة الغير بالنسبة لتصرفات مورثه إلا إذا كانت هذه التصرفات قد صدرت منه أثناء مرضه مرض الموت، فمدار البحث والحالة هذه يجب أن يكون دائراً حول الوقت الذي صدر فيه التصرف بصرف النظر عن التاريخ الموضوع له سواء أكان ثابتاً بصفة رسمية أم غير ثابت كذلك، وأن كل تصرف يصدر من المورث في حال صحته يكون ملزماً للوارث ولو كان تاريخه غير ثابت. وقد فطنت محكمة المنصورة الابتدائية إلى الوجه الصحيح في المسألة فقضت تمهيدياً بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون ضده صدور العقد من مورثته في مرض موتها، ولكن محكمة الاستئناف اعتبرت العقد صادراً في حال المرض لمجرد أنه لا يحمل تاريخاً ثابتاً بصفة رسمية قبل حصول المرض.
وحيث إن الحكم المطعون فيه يقول في صدد ما ينعاه الطاعنون في طعنهم: "وحيث إن المستأنف (المطعون ضده) إذ يطعن في البيع الصادر من مورثته بالبطلان لوقوعه أثناء هذا المرض مستمداً طعنه من الحقوق التي يرتبها له القانون في تركتها منذ بداية مرض الموت، فإنه يخرج من عداد الخلفاء إلى طبقة الغير فلا يحتج عليه بالمحررات العرفية إلا إذا كان تاريخها ثابتاً بوجه رسمي ومن ذلك التاريخ الثابت دون خلافه حسبما تقتضيه المادة 228 مدني. وحيث إن العقد المشار إليه لم يكتسب تاريخاً ثابتاً إلا في يوم 22 من يونيو سنة 1937 عندما ورد ذكره على لسان البائعة في محضر البوليس فلا مناص من اعتباره صادراً في مرض الموت غير نافذ في حق المستأنف لأنه لم يجزه".
وحيث إن الوارث وإن كان لا يرتبط بالتاريخ العرفي للتصرفات الصادرة من مورثه والتي يكون له حق الطعن فيها قانوناً، إلا أنه ليس له أن يطالب بعدم الاحتجاج عليه بذلك التاريخ لمجرد كونه غير ثابت بصفة رسمية بل كل ماله هو أن يثبت بكافة الطرق القانونية أن التصرف المطعون فيه لم يصدر في تاريخه العرفي وإنما صدر في تاريخ آخر.
وحيث إن القانون قد جعل للوارث حق إبطال البيع الصادر من مورثه، في مرض موته لأن حق الوارث يتعلق بالتركة بحكم القانون بمجرد حصول مرض الموت فلا يملك المورث بعده حق التصرف في ماله الذي يعتبر في حكم المملوك لوارثه. ويترتب على ذلك أن مقطع النزاع في هذه المسألة هو صدور التصرف فعلاً في أثناء مرض الموت بصرف النظر عن التاريخ الموضوع له عرفياً كان أم ثابتاً بصفة رسمية.
وحيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد جاء مخالفاً لحكم القانون إذ اعتبر المطعون ضده غير مقيد بالتاريخ العرفي للعقد المطعون فيه لمجرد كونه غير ثابت بصفة رسمية دون أن يكلفه إثبات حصول التصرف في تاريخ آخر، ورتب على ذلك اعتبار التصرف صادراً في مرض الموت فعلاً لمجرد أنه لا يعد ثابت التاريخ بصفة رسمية إلا في اليوم السابق على وفاة المورثة حين ذكرته في تحقيقات البوليس وقد كانت وقتئذ مريضة، ومن أجل هذا يتعين نقض الحكم وإحالة الدعوى إلى محكمة استئناف مصر للفصل فيها من جديد.


(1) لحضرة الدكتور سليمان مرقس الأستاذ بكلية الحقوق مقال قيم تناول فيما تناوله هذا الموضوع وهو منشور بمجلة القانون والاقتصاد السنة 14 صفحة 251 وما بعدها.