الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 24 أبريل 2023

الطعن 38 لسنة 12 ق جلسة 15 / 4 / 1943 مج عمر المدنية ج 4 ق 46 ص 115

جلسة 15 إبريل سنة 1943

برياسة حضرة عبد الفتاح السيد بك رئيس المحكمة وبحضور حضرات: حسن زكي محمد بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك ونجيب مرقس بك المستشارين.

-----------------

(46)
القضية رقم 38 سنة 12 القضائية

أ - موظف. 

مجالس التأديب. هيمنة المحاكم على القرارات التأديبية. مداها. مقصورة على مراقبة استيفاء الشكل والأوضاع.
ب - قوة الشيء المحكوم فيه. 

العبرة في اتحاد الدعويين. بالسبب المباشر المولد لكل منهما وبماهية الموضوع. دعوى تعويض. اختلاف علة سبب التعويض. اختلاف قيمة التعويض. لا تأثير لهما.

-----------------
1 - إن الغرض من وضع القوانين الخاصة بمجالس التأديب هو تنظيم علاقة الحكومة بموظفيها لكي يكون العمل سليماً منتجاً مع إحاطة الموظفين بضمانات تكفل لهم العدالة وتبعث في نفوسهم الثقة. وقد نصت المادة السادسة من الأمر العالي الصادر في 24 من مايو سنة 1885 الخاص بمجالس الإدارة والتأديب على أن توقيع الجزاءات التأديبية لا يدخل في دائرة اختصاص المجالس العادية أي المحاكم العادية. إلا أنه إذا كان ممتنعاً على المحاكم أن تعرض لموضوع المحاكمة التأديبية وتبدي رأياً في الحكم التأديبي، فإن لها بحكم أنها صاحبة الاختصاص العام أن تراقب عدم إخلال مجالس التأديب بالضمانات التي كفلت للموظفين العدل وجريان المحاكمة على مقتضى الأشكال والأوضاع المقررة لها في القانون ما دام لا يوجد نص يمنعها من ذلك (1). فلها إذن أن تنظر في صحة تشكيل مجلس التأديب أو المجلس المخصوص وأن تبحث في سلامة إجراءاته وفي أنه لم يخرج في حكمه عن حدود اختصاصه.
2 - إن المدار في وحدة الدعويين، في صدد قوة الشيء المحكوم فيه، هو على ماهية الموضوع في كل دعوى والسبب المباشر الذي تولدت عنه كل منهما. فإذا كان موضوع الدعوى الأولى بين الخصوم هو المطالبة بتعويض، وسببها حفر مسقى، وموضوع الدعوى الثانية المطالبة بتعويض أيضاً، وسببها هي الأخرى حفر المسقى نفسها، فلا يؤثر في وحدتهما اختلاف علة السبب المطلوب التعويض من أجله ولا قيمة التعويض المطالب به.


الوقائع

تتحصل وقائع هذه الدعوى في أن الطاعن رفع الدعوى رقم 446 لسنة 1935 ضد الحكومة وآخرين لدى محكمة مصر الابتدائية. وقد حدد طلباته فيها في مذكرته الختامية التي قدمها للمحكمة الابتدائية على الوجه الآتي: - أولاً - الحكم له على وزارتي الأشغال والداخلية بأن تدفعا له بطريق التضامن مبلغ ألف جنيه تعويضاً عما لحقه من الضرر في أمواله بسبب إجراءاتهما، واحتياطياً تعيين خبير لتقدير ذلك الضرر. ثانياً - الحكم على وزارتي العدل والمالية وعبد العزيز فهمي باشا ومحمد لبيب عطية باشا بأن يدفعوا له بطريق التضامن مبلغ عشرين ألف جنيه تعويضاً عما لحقه من الضرر المادي والأدبي بسبب حرمانه من وظيفته. ثالثاً - الحكم على الحكومة باستحقاقه للعلاوة التي استحقها في شهر مايو سنة 1934 مع عدم التعويل على قرار وزارة الحقانية بحرمانه منها وباستحقاقه لمعاش قدره 500 م و52 ج شهرياً وإلزامها بصرفه له في المواعيد المقررة مع المصاريف وأتعاب المحاماة.
ودفع الطاعن بعدم قبول حضور محامي الحكومة عمن عداها.
وبتاريخ 16 من مارس سنة 1936 حكمت المحكمة: أولاً - برفض الدفع بعدم قبول تمثيل محامي الحكومة لجميع المدعى عليهم وبقبول حضوره عنهم. ثانياً - بقبول الدفع الفرعي وبعدم اختصاص هذه المحكمة بنظر دعوى التعويض المؤسسة على حرمان المدعي من وظيفته، وبعدم جواز نظر دعوى التعويض المؤسسة على ما لحق المدعي من الضرر بسبب حفر المسقى في أرضه لسبق الفصل فيها في الدعوى رقم 2804 سنة 1930 الموسكي. ثالثاً - بشطب العبارات الموضوعة بين قوسين في عريضة الدعوى. رابعاً - رفض باقي الطلبات وإلزام المدعي بجميع المصاريف ومبلغ ألف قرش مقابل أتعاب المحاماة للمدعى عليهم.
استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف مصر طالباً الحكم بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف بكامل أجزائه والقضاء له بطلباته الأصلية.
وبجلسة 28 من ديسمبر سنة 1940 تنازل المستأنف عن مخاصمة عبد العزيز فهمي باشا ومحمد لبيب عطية باشا.
وبجلسة المرافعة الأخيرة قصر طلباته على ما يأتي: أصلياً إلزام وزارتي الأشغال والداخلية بأن تدفعا له بطريق التضامن مبلغ ألف جنيه على سبيل التعويض لما لحقه من الضرر في أمواله الخاصة، واحتياطياً تعيين خبير لتقدير الضرر. ثانياً - الحكم على وزارتي العدل والمالية بأن تدفعا له بطريق التضامن مبلغ عشرين ألف جنيه على سبيل التعويض المادي والأدبي لما لحقه من الضرر بسبب فصله من وظيفته مع الفوائد لغاية الوفاء والمصاريف والأتعاب.
وبتاريخ 22 من يونيو سنة 1941 حكمت محكمة الاستئناف بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنف بمصاريف ثاني درجة وبمبلغ 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات.
أعلن هذا الحكم إلى الطاعن في 5 من مايو سنة 1942 فطعن فيه بطريق النقض في 4 من يونيو سنة 1942 بتقرير أعلن للمطعون ضدهم إلخ إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن الطاعن يبني هذا الطعن على وجهين:
الأول - هو أن الحكم المطعون فيه باطل بطلاناً جوهرياً لعدم فصل المحكمة في الطلبات المقدمة إليها واقتصارها على الفصل في أمر واحد، وهو الخاص بفصل الطاعن من وظيفته بقرار تأديبي. ويقول الطاعن في بيان ذلك إن دعواه لم تكن مقصورة على فصله بقرار من مجلس التأديب والمجلس المخصوص بل شملت تصرفات أخرى إدارية لم يعرض لها الحكم المطعون فيه وهي: (1) إخلال وزارة العدل بالاتفاق الكتابي بعدم نقله لأسيوط لمرضه. (2) تنزيله من وظيفة باشكاتب محكمة استئناف إلى باشكاتب محكمة ابتدائية. (3) تنزيله من الدرجة الرابعة الممتازة إلى الدرجة الرابعة العادية. (4) خصم خمسة عشر يوماً من ماهيته بدون سبب. (5) معاقبته بإنذار بدون حق بسبب قضية خاصة. (6) منعه من السفر إلى مصر للجلوس بلجنة شئون موظفي محكمتي مصر وأسيوط التي هو عضو فيها. (7) الإيعاز إلى مستخدم بمحكمة استئناف مصر بأن يسند إليه تهماً تخل بالشرف والاعتبار. (8) إحالته إلى مجلس تأديب محكمة استئناف أسيوط الغير المختص والمعيب في تشكيله.
الثاني - أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله فيما قضى به في شأن التعويض الذي طلبه بسبب فصله من وظيفته، وكذلك في التعويض الخاص بسبب حفر مسقى في أرضه.
وقال عن الشطر الأول من هذا الوجه إن قرارات مجالس التأديب إن هي إلا قرارات إدارية لا تحوز قوة الشيء المحكوم به. ولذلك فللمحكمة أن تبحث الشروط التي يجب توافرها فيها حتى تكون سليمة. أما هذه الشروط فهي: أولاً - أن يصدر القرار التأديبي من جهة مختصة بإصداره. ثانياً - أن تراعي في إصداره الأشكال والأوضاع المقررة. ثالثاً - أن لا يخالف في موضوعه نصاً من نصوص القوانين واللوائح المعمول بها. رابعاً - أن يكون كل من الغاية منه والباعث عليه مشروعاً. ويقول الطاعن إنه تمسك بعدم توافر هذه الشروط الأربعة. فقد دفع بعدم اختصاص مجلس تأديب محكمة استئناف أسيوط لأنه عضو في هذا المجلس بوصفه باشكاتباً لهذه المحكمة، وهذا يخرجه حتماً من محاكمته أمام هذا المجلس، وكان يجب محاكمته لدى مجلس تأديب موظفي وزارة العدل. وعاب على تشكيله أن أحد أعضائه الذي جلس ممثلاً للباشكاتب لم يكن باشكاتباً للمحكمة المذكورة، فضلاً عن أنه كان في وظيفة درجتها أقل من درجته. وعاب على الإجراءات أنه تحدد لنظر الدعوى التأديبية يوم 9 من يونيه سنة 1934 فاعتذر بمرضه وأرسل شهادة طبية مؤرخة 6 من يونيو سنة 1934 من مفتش صحة العباسية قرر فيها أن حالة الطاعن الصحية لا تمكنه في هذا الوقت الشديد الحرارة من السفر من مصر إلى أسيوط، ولكن مجلس التأديب قرر رفض الدفع بعدم الاختصاص، وأصدر قراره في الوقت نفسه في الموضوع أيضاً دون أن يمكن الطاعن من إبداء دفاعه فيه، مع أنه لم يرتكب شيئاً من الأفعال التي تستوجب المؤاخذة التأديبية. ويخلص الطاعن من كل هذا إلى أن القرار صدر باطلاً وأن الجزاءات التي توقعت عليه لا سند لها من القانون.
وقال الطاعن عن الشطر الثاني من هذا الوجه، وهو الخاص بالتعويض الذي طلبه عن حفر مسقى في أرضه، إن الحكم بعدم جواز نظر الدعوى بالنسبة له لسبق الفصل فيه من محكمة الموسكي في الدعوى رقم 2804 سنة 1930 جاء مخالفاً للقانون لاختلاف الموضوع والسبب في الدعويين إذ أن موضوع الدعوى التي رفعها الطاعن أمام محكمة الموسكي ضد وزارتي الأشغال والداخلية كان المطالبة بخمسين جنيهاً تعويضاً بسبب صدور قرار من وزارة الأشغال مخالف للقوانين واللوائح، فلما أن حفرت الحكومة بعد ذلك ترعة كبيرة في مكان المسقى الصغيرة التي ادعى عليه بهدمها طلب تعويضاً عن الضرر الذي لحقه من جراء ذلك. وكذلك الحال في السبب فإن سبب دعوى الموسكي هو صدور القرار بحفر الترعة، والسبب في الدعوى الحالية هو إنشاء ترعة في أرضه تحت ستار تنفيذ القرار المذكور بإعادة المسقى إلى أصلها.
وحيث إن كلاً من الحكم الابتدائي والحكم الاستئنافي المطعون فيه أورد طلبات الطاعن الختامية وجاء بهما أن التعويض كان مقصوراً على الضرر الذي أصابه بسبب حرمانه من وظيفته وفصله منها. فقد ورد في الحكم الابتدائي ما يأتي: "من حيث إن المدعي (الطاعن) استقر في مذكرته الختامية على الطلبات الآتي بيانها وهي: أولاً - الحكم على الأشغال والداخلية بأن تدفعا له بطريق التضامن مبلغ ألف جنيه على سبيل التعويض عما لحقه من الضرر في أمواله بسبب إجراءاتهما بحفر مسقى في أطيانه واحتياطياً تعيين خبير لتقدير ذلك الضرر. ثانياً - الحكم على وزارتي الحقانية والمالية والمدعى عليهما السادس والسابع بأن يدفعوا له بطريق التضامن مبلغ عشرين ألف جنيه على سبيل التعويض عما لحقه من الضرر المادي والأدبي بسبب حرمانه من وظيفته". وجاء الحكم المطعون فيه مؤيداً لذلك إذ كرر الطاعن أمام محكمة الاستئناف أن طلبه للتعويض مبني على هذا الأساس، فقد ورد فيه أن الطاعن طلب في الجلسة الأخيرة الحكم على وزارتي العدل والمالية بأن تدفعا له بطريق التضامن مبلغ عشرين ألف جنيه على سبيل التعويض المادي والأدبي لما لحقه من الضرر بسبب فصله من وظيفته. وفي هذا ما يدل على أن وجه النزاع كان مقصوراً على هذا السبب وحده، وأما ما أبداه من التظلم من الإجراءات الإدارية التي اتخذت قبله فكان على سبيل البيان للظروف التي سبقت المحاكمة التأديبية وأدت إلى الحكم عليه من مجلس التأديب ابتدائياً ثم استئنافياً، وهي على كل حال مندمجة في تلك المحاكمة ومرتبطة بها كل الارتباط، ولم يتخذها الطاعن وحدها أساساً للمطالبة بالتعويض، وإذن يكون ما ينعاه الطاعن في هذا الوجه على غير أساس.
وحيث إنه فيما يتعلق بالشق الأول من وجه الطعن الثاني، وهو الخاص بالعيوب في تشكيل مجلس تأديب محكمة استئناف أسيوط وفي إجراءاته، وفيما قضى به موضوعاً، فإنه يتعين البحث في مدى حق المحاكم في الهيمنة على القرارات التأديبية وهل هو مقصور على الشكل والأوضاع أم يتناول موضوع المحاكمة التأديبية.
وحيث إن الحكومة حين وضعت القوانين الخاصة بمجالس التأديب قصدت إلى تنظيم علاقتها بموظفيها حتى يكون عملهم سليماً منتجاً مع إحاطتهم بضمانات تكفل لهم العدالة وتبعث في نفوسهم الثقة. وقد نصت المادة السادسة من الأمر العالي الصادر في 24 من مايو سنة 1885 الخاص بمجالس الإدارة والتأديب على أن توقيع الجزاءات التأديبية لا يدخل في دائرة اختصاص المجالس العادية، والمقصود بالمجالس العادية هي المحاكم العادية كما هو واضح من النص الفرنسي لهذه المادة. وبناءً على هذا النص يمتنع على المحاكم أن تعرض إلى موضوع المحاكمة التأديبية وإبداء رأيها في صواب الحكم التأديبي أو عدم إصابة الحق. ولكن لها، بحكم أنها صاحبة الاختصاص العام إلا ما استثنى، أن تراقب عدم إخلال مجالس التأديب بالضمانات التي كفلت للموظفين معاملتهم بالعدل وأن المحاكمة جرت على مقتضى الشكل والأوضاع المقررة قانوناً. وعلى هذا الأساس لها أن تنظر في صحة تشكيل مجلس التأديب أو المجلس المخصوص، وأن تبحث في سلامة إجراءاته، وفي أنه لم يخرج في حكمه عن حدود اختصاصه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد أصاب إذن في امتناعه عن النظر فيما أثاره الطاعن خاصاً بموضوع التهم التي حوكم من أجلها تأديبياً عملاً بالمادة السادسة من الأمر العالي الصادر في 24 من مايو سنة 1885 التي تقدم ذكرها.
وحيث إنه فيما يتعلق بما أبداه الطاعن من أن مجلس التأديب لم يكن مشكلاً تشكيلاً صحيحاً، وأنه لم يكن مختصاً بالفصل في أمره، فقد أسس الطاعن قوله في ذلك على أنه بحكم القانون عضو في مجلس التأديب بوصفه باشكاتباً لمحكمة استئناف أسيوط، وما كان لوزارة العدل أن تندب الموظف الذي ندبته للجلوس بدله، لأنه غير جائز لهذا الموظف فضلاً عن أن ذلك الموظف في درجة دون درجته.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد أورد أن الطاعن لم يكن باشكاتباً لمحكمة استئناف أسيوط حين محاكمته، وأن الثابت أن وزارة العدل كانت قد نقلته إلى محكمة أخرى، وأن باشكاتب المحكمة الشاغل للوظيفة فعلاً هو الذي جلس عضواً بمجلس التأديب. ولهذا يكون ما أثاره الطاعن في هذا الصدد ساقطاً من أساسه.
وحيث إنه فيما يتعلق بما ذكره الطاعن من إخلال مجلس التأديب بحق الدفاع وقضائه في الدفع المقدم منه بعدم الاختصاص وفي الموضوع بحكم واحد دون أن يمنحه أجلاً لإبداء دفاعه في الموضوع، فإنه يبين من الرجوع إلى الحكم المطعون فيه أن إخلالاً بحق الدفاع لم يقع، بل إن الطاعن هو الذي كان يحاول تعطيل محاكمته بغير مسوغ. فقد قال الحكم المطعون فيه بهذا الخصوص: "إلا أنه ظاهر من محاضر جلسات المحاكمة التأديبية أن المجلس قد أجل المحاكمة أكثر من مرة بناءً على طلب المتهم ليتسنى له الحضور أو تقديم ما يرى من الدفاع فلم يفعل، وقد قرر المجلس بعد ذلك نظر القضية بجلسة 9 يونيو سنة 1934 ورفض طلب التأجيل وعدم التعويل على الشهادة المرضية المقدمة منه بسبب انتهاء إجازاته المرضية المرخص له بها، وأن المرض الذي ورد ذكره في الشهادة لا يمنع حضوره أمام المجلس". ثم عقب الحكم المطعون فيه على ذلك فذكر: "وفضلاً عن ذلك فإن قرار مجلس التأديب استؤنف من جانب المستأنف كما استؤنف من جانب الوزارة وفصل المجلس المخصوص في الأمر ولم يشك المستأنف من إجراءاته".
وحيث إنه فيما يتعلق بالشق الثاني من وجه الطعن الثاني الخاص بالحكم بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها بالنسبة لطلب التعويض عن حفر المسقى فإنه بالرجوع إلى صحيفة الدعوى السابقة التي رفعت أمام محكمة الموسكي ضد وزارتي الداخلية والأشغال يتبين أن الطاعن طلب فيها الحكم له بخمسين جنيهاً تعويضاً عما لحقه من الضرر العظيم مادياً وأدبياً لأن الإدارة شرعت بالقوة في إنشاء مسقى عمومية كبيرة في ملكه بطول 500 متر وبعرض 7 أمتار مكان مسقى صغيرة موجودة في ملكه لمصلحته الخاصة وذلك بناءً على قرار من مصلحة الري مخالف للقوانين واللوائح. وتبين من صحيفة الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه أن الطاعن طلب الحكم على وزارتي الداخلية والأشغال بألف جنيه تعويضاً عن الضرر المادي والأدبي الذي لحقه بسبب حفر مسقى في أرضه مكان مسقى خصوصية لا يزيد عرضها على ثلاثة أمتار فجعلت بطول 450 متراً وبعرض 6 أمتار و20 سنتيمتراً.
وحيث إنه ظاهر مما تقدم إيراده أن موضوع الدعويين هو المطالبة بتعويض، وأن السبب المباشر لهما هو حفر مسقى كبيرة في أرضه بغير حق مكان مسقى خصوصية صغيرة. ولا يغير شيئاً من اتحاد الموضوع أن قيمة التعويض في الدعوى الأخيرة زاد عَلَى ما طلب في الأخرى إذ العبرة بماهية الموضوع، وإلا كان للخصم أن يغير في موضوع الدعوى كيفما شاء بتعديل في قيمة الدعوى فلا يقف التقاضي عند حد. وليس بصحيح ما يقوله الطاعن خاصاً بالسبب من أنه في الدعوى الأولى كان عن الضرر الذي لحقه بسبب صدور قرار مخالف للقوانين واللوائح، فقد قال في إعلان هذه الدعوى، كما سبق إيراده، أن الإدارة شرعت بالقوة في حفر مسقى كبيرة وذكر طولها وعرضها بناءً على قرار من مصلحة الري مخالف للقوانين. فتعدد العلل لا يؤثر في السبب المباشر المولد للدعوى وهو حفر المسقى. ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب في قضائه بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها بالرفض من محكمة الموسكي.


(1) أنشئ مجلس الدولة بالقانون رقم 112 لسنة 1946، ومن هيئاته محكمة القضاء الإداري. ومما اختصت به هذه المحكمة الفصل في الطلبات التي يقدمها الموظفون العموميون الدائمون بإلغاء القرارات النهائية للسلطات التأديبية إذا وقعت مخالفة للقوانين واللوائح (مادة 4 فقرة رابعة). كما اختصت هذه المحكمة بالفصل في طلبات التعويض عن هذه القرارات سواء رفعت إليها بصفة أصلية أو تبعاً لطلب الإلغاء (مادة 5). والفقرة الثانية من المادة المذكورة تنص على أنه يترتب على تقديم طلب الإلغاء أو التعويض لمحكمة القضاء الإداري نزول الطالب عن رفع دعوى تعويض أمام أية جهة قضائية أخرى تبنى على القرار الإداري الذي كان مثار الطلب. وفي رأينا أن هذا النص مؤداه أن اختصاص المحاكم المدنية بالنظر في طلبات التعويض عن مثل هذه القرارات لا يزال قائماً. فيكون الطالب بالخيار: إما أن يرفع طلبه إلى محكمة القضاء الإداري تبعاً لطلب الإلغاء أو بصفة أصلية، وأما أن يرفعه إلى المحاكم المدنية. ومهما ورد على هذا الرأي من اعتراضات فإن قضاء محكمة القضاء الإداري وقضاء المحاكم المدنية في خصوصية هذه المسألة سينتهيان حتماً إلى رأي مستقر.

الطعن 758 لسنة 43 ق جلسة 18 / 3 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 155 ص 790

جلسة 18 من مارس سنة 1978

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة أنور خلف وعضوية السادة المستشارين: ممدوح عطية، وحسن السنباطي، ورأفت عبد الرحيم، ومحمد حسب الله.

----------------

(155)
الطعن رقم 758 لسنة 43 القضائية

(1، 2) عمل. تأمينات اجتماعية. قانون. تقادم "التقادم مسقط".
(1) حق العامل في المعاش قبل هيئة التأمينات الاجتماعية. منشؤه القانون وليس عقد العمل. عدم سريان أحكام التقادم المنصوص عليه في المادة 698/ 1 مدني في هذا الخصوص.
(2) نفي الحكم للتقادم الحولي الذي تمسك به الطاعن. عدم أعمال المحكمة لحكم المادة 96 من قانون التأمينات الاجتماعية 63 لسنة 1964. لا خطأ طالما لم يتمسك الطاعن بالتقادم المنصوص عليها فيها.
(3) عمل. التزام "التضامن".
مسئولية صاحب العمل الجديد بالتضامن مع صاحب العمل السابق عن تنفيذ جميع الالتزامات المستحقة للعمال.

---------------
1 - إذ كان الثابت في الدعوى أن المطعون ضده الأول طلب إلزام الهيئة المطعون ضدها الثانية بربط معاش شهري، وكان منشأ الحق في المعاش ليس عقد العمل بل قانون التأمينات الاجتماعية الذي رتب هذا الحق وتظلم أحكامه وكان التقادم المنصوص عليه في المادة 698/ 1 من القانون المدني إنما يواجه الدعاوى الناشئة عن عقد العمل، فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى رفض دفع الطاعن بالسقوط المؤسف على نص المادة 698 من القانون المدني يكون صحيحاً في القانون.
2 - إذ كان البين من الحكم المطعون فيه أن الطاعنة تمسكت أمام محكمة الاستئناف بالتقادم الحولي الوارد في المادة 698 من القانون المدني وانتهت المحكمة إلى عدم انطباقه على واقعة الدعوى فلا على المحكمة بعد هذا أنها لم تعمل حكم المادة 96 من قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالقانون رقم 63 لسنة 1964 لأن الطاعنة لم تتمسك بالتقادم المنصوص عليه في هذه المادة ولا يغنى عن ذلك تمسكها بالتقادم الحولي لأن لكل تقادم شروطه وأحكامه.
3 - إذ كانت الفقرة الثانية من المادة 128 من قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالقانون رقم 63 لسنة 1964 تجعل صاحب العمل الجديد مسئولاً بالتضامن مع أصحاب العمل السابقين عن تنفيذ جميع الالتزامات المستحقة عليهم لهيئة التأمينات الاجتماعية، فإن دفاع الطاعنة بأنه لا تجوز مساءلتها عن مكافأة نهاية الخدمة إلا اعتباراً من... بموجب العمل عقد البيع الصادر إليها من صاحب العمل السابق يضحى غير منتج في الدعوى.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 797 سنة 1967 عمال كلي الإسكندرية على الطاعنة والمطعون ضدها الثانية طالباً الحكم بإلزام هذه الأخيرة يربط معاش شهري مقداره 16 جنيهاً و151 م اعتباراً من شهر أغسطس سنة 1964 وبأن تؤدي له مبلغ 448 جنيهاً 639 م قيمة متجمد المعاش المستحق له حتى ديسمبر سنة 1967 وما يستجد بعد ذلك، وقال بياناً لدعواه أنه في 1/ 1/ 1932 التحق بالعمل بمنشأة يوسف شلم التي أدمجت في الشركة الطاعنة لقاء أجر شهري مقداره 41 جنيهاً و333 مليماً واستمر في العمل لديها حتى تاريخ تقاعده في 21/ 8/ 1964 - ولكن الطاعنة أنكرت عليه حقوقه عن مدة عمله السابقة على الاندماج وكان ذلك سبباً في عدم تقدير حقه في المعاش والاكتفاء بدفع تعويض دفعة واحدة له مقداره 213.551 جنيهاً في حين أنه يستحق معاشاً شهرياً منذ تقاعده عن العمل لذلك أقام دعواه لطلباته سالفة البيان ثم أدخلت الطاعنة والمطعون ضده الأخير خصماً في الدعوى ليقدم صورة من قرار تقييم منشأة شلم وبيان المبالغ التي حصل عليها المطعون ضده الأول. وبتاريخ 14/ 2/ 1968 قضت المحكمة بندب خبير لأداء المأمورية المبينة بمنطوق الحكم. وبتاريخ 14/ 1/ 1970 قضت المحكمة أولاً: بإلزام الحكم المطعون ضدها الثانية بأن تربط للمطعون ضده الأول معاشاً شهرياً مقداره 15.737 جنيهاً ابتداء من شهر أغسطس سنة 1964 وبأن تدفع له مبلغ 587.304 جنيهاً قيمة المتجمد من هذا المعاش حتى فبراير سنة 1968 ثانياً بأحقية الهيئة المطعون ضدها الثانية في الرجوع على الشركة الطاعنة بقيمة الاشتراكات وفروق مكافأة نهاية الخدمة والفوائد القانونية الخاصة بالمطعون ضده الأول. استأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية وقيد استئنافها برقم 324 سنة 26 ق كما استأنفته المطعون ضدها الثانية وقيد استئنافها برقم 302 سنة 26 ق. وبتاريخ 21/ 5/ 1973 قضت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به من متجمد المعاش إلى مبلغ 398.460 جنيهاً حتى 14/ 2/ 1968. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن ثم عرض الطعن على غرفة المشورة فحددت لنظره جلسة 18/ 2/ 1978 وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول مخالفة القانون من وجهين الأول: أن الحكم رفض الدفع لسقوط الدعوى بالتقادم الحولي المنصوص عليه في المادة 698 من القانون المدني قولاً بعدم انطباق هذه المادة وأن مدة التقادم خمس سنوات عملاً بحكم المادة 119 من القانون 63 سنة 1964 في حين أن أساس المنازعة في الدعوى لم يكن حول مستحقات المطعون ضده الأول بل عن مقدار هذه المستحقات اعتبار أنه تسلم مكافأة نهاية الخدمة عن مدة سابقة فلا يستحق عن المدة التالية إلا تعويض الدفعة الواحدة فيكون الدعوى أساسها العقد لا القانون ومن ثم تسقطها بالتقادم الحولي - الوجه الثاني وحاصله أن المطعون ضده الأول وقد تسلم تعويض الدفعة الواحدة ولكنه لم يرفع دعواه إلا بعد مضي أكثر من سنتين وبذلك يكون التقادم المنصوص عليه في المادة 96 من القانون 63 سنة 1964 قد لحقها وكان يتعين على محكمة الاستئناف أن تحمل حكم هذه المادة وتقضي قبول الدفع لسقوط الدعوى بالتقادم.
وحيث إن هذا النعي مردود في وجهه الأول بأنه لما كان الثابت في الدعوى أن المطعون ضده الأول طلب إلزام الهيئة المطعون ضدها الثانية بربط معاش شهري، وكان تنشأ الحق في المعاش ليس عقد العمل بل قانون التأمينات الاجتماعية الذي رتب هذا الحق ونظم أحكامه، وكان التقادم المنصوص عليه في المادة 698/ 1 من القانون المدني إنما يواجه الدعاوى الناشئة عن عقد العمل، فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى رفض الدفع الطاعن بالسقوط المؤسس على نص المادة 698 من القانون المدني يكون صحيحاً في القانون ومن ثم يكون النعي عليه في هذا الخصوص في غير محله، ومردود في وجهه الثاني بأنه لما كان البين من الحكم المطعون فيه أن الطاعنة تمسكت أمام محكمة الاستئناف بالتقادم الحولي الوارد في المادة 698 من القانون المدني وانتهت المحكمة إلى عدم انطباقه على واقعة الدعوى فلا على المحكمة بعد هذا أنها لم تعمل حكم المادة 96 من قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالقانون رقم 63 لسنة 1964 لأن الطاعنة لم تتمسك بالتقادم المنصوص عليه في هذه المادة ولا يغنى عن ذلك تمسكها بالتقادم الحولي لأن لكل تقادم شروطه وأحكامه.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول أنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بأن المطعون ضده الأول قد تسلم مكافأة نهاية الخدمة المستحقة له حتى نهاية عام 1960 واستندت في إثبات ذلك إلى ما هو مدون بدفاتر مؤسسة يوسف شليم، ولكن الحكم طرح هذا الدفاع على سند من القول بأنه لم يذكر في هذه الدفاتر صراحة بأن المبالغ المنصرفة هي مكافأة نهاية الخدمة وأنها قد تمثل مكافأة تشجيعية، وهذا الذي أقام عليه الحكم قضاءه فيه خلط بين المكافأة التشجيعية التي كانت الطاعنة تمنحها للعاملين بها بعد شرائها مؤسسة يوسف سليم وبين مكافأة نهاية الخدمة التي أوقتها هذه الأخيرة إلى المطعون ضده الأول قبل الاندماج كما أن الحكم المطعون فيه لم يعن بالرد على دفاع الطاعنة بأن المبلغين الواردين بدفاتر الشركة يعادلان مكافأة نهاية الخدمة المستحقة للمطعون ضده الأول.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه بعد أن عرض لدفاع الطاعنة وما قدمته من أدلة بشأن ادعائها بأن المطعون ضده الأول تسلم مكافأة نهاية الخدمة حتى عام 1960 خلص الحكم إلى القول "هذا الادعاء لم يقم عليه دليل من الأوراق إذ أنها لم تقدم الدليل على استلام المستأنف ضده (المطعون ضده الأول) المبالغ المقول بها مقابل مكافأة الخدمة ومجرد قيد هذه المبالغ في دفاتر المنشأة لا يقوم دليلاً على أن المستأنف ضده قد استلمها خصوصاً وأنه أنكر استلامه لهذه المبالغ وهو لا يحاج بدفاتر الشركة تلك الدفاتر التي لا سلطان له عليها" ولما كان هذا الذي قرره الحكم سائغاً ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها ويتضمن الرد الضمني المسقط لما ساقته الطاعنة من أوجه دفاع فإن ما تثيره الطاعنة في هذا السبب لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير محكمة الموضوع للأدلة مما لا يجوز التحدي به أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بأنها اشترت مؤسسة.... بموجب عقد بيع حدد الالتزامات التي تسأل عنها المشترية ومنها مكافأة نهاية خدمة المطعون ضده الأول اعتباراً من 1/ 1/ 1960 أما قبل هذا التاريخ فلا تسأل عنها الطاعنة، ولكن الحكم المطعون فيه أهدر هذا الدفاع ولو فطن إليه لتغير وجه الرأي في الدعوى.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت الفقرة الثانية من المادة 128 من قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالقانون رقم 63 لسنة 1964 يجعل صاحب العمل الجديد مسئولاً بالتضامن مع أصحاب العمل السابقين عن تنفيذ جميع الالتزامات المستحقة عليهم لهيئة التأمينات الاجتماعية، فإن دفاع الطاعنة بأنه لا تجوز مساءلتها عن مكافأة نهاية الخدمة إلا اعتباراً من 1/ 1/ 1960 بموجب عقد البيع الصادر إليها من صاحب العمل السابق يضحى غير منتج في الدعوى فإذا لم يشر إليه الحكم المطعون فيه وسكت عن الرد عليه فإنه لا يكون قد شابه في هذا الخصوص قصور يبطله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 65 لسنة 12 ق جلسة 1 / 4 / 1943 مج عمر المدنية ج 4 ق 45 ص 114

جلسة أول إبريل سنة 1943

برياسة حضرة عبد الفتاح السيد بك رئيس المحكمة وبحضور حضرات: حسن زكي محمد بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك ونجيب مرقس بك المستشارين.

---------------

(45)
القضية رقم 65 سنة 12 القضائية

أ - نقض وإبرام. 

مطعون ضده. إغفاله ذكر محله الأصلي في إعلان الحكم المطعون فيه ذاكراً أنه اتخذ مكتب محام محلاً مختاراً له. إعلان تقرير الطعن إلى مكتب هذا المحامي صحيح قانوناً.
ب - نقض وإبرام. 

إيداع الأوراق. إيداع صورتين من الحكم المطعون فيه. القصد منه. عدم القيام به. أثره. لا بطلان. حكم تمهيدي صادر في الدعوى. لا يتناوله الطعن. تقديم صورته. لا لزوم.
جـ - حكم. تسبيبه. 

مستند. تقديمه لأول مرة إلى محكمة الاستئناف. متى يكون عليها أن تمحصه وترد عليه؟

----------------
1 - إذا كان المطعون ضده قد أغفل ذكر محله الأصلي في إعلان الحكم المطعون فيه، وذكر أنه اتخذ مكتب محام محلاً مختاراً له، فإن إعلان تقرير الطعن إليه في هذا المكتب يكون صحيحاً. إذ أن إغفاله بيان محله الأصلي في إعلان الحكم يدل على رغبته في قيام المحل المعين مقام محله الشخصي لتعلن إليه فيه جميع الأوراق الخاصة به، فإن اتخاذه مكتب هذا المحامي محلاً مختاراً يستتبع بطبيعة الحال الترخيص منه للمحامي في تسلم الأوراق القضائية المترتبة على هذا الإعلان بالنيابة عنه (1). وإذن فلا يؤثر في صحة الإعلان إلى هذا المحامي امتناعه عن قبوله بحجة أن وكالته مقصورة على القضية أمام محكمة الاستئناف، بل لا يؤثر في صحة الإعلان إلى المحامي احتجاجه بأنه ليس مقرراً أمام محكمة النقض، لأن تقريره أمام هذه المحكمة لا دخل له في تسلم الإعلانات الخاصة بالطعن.
2 - إن المادة 18 من القانون الصادر بإنشاء محكمة النقض والإبرام قد أوجبت على الطاعن أن يودع صورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه، لكن هذا لا يشمل الحكم التمهيدي إذا كان الطعن لا يتناوله بأية حال سواء من جهة ما فصل فيه قطعياً أو تمهيدياً.
على أن عدم القيام بإيداع صورتي الحكم المطعون فيه في الميعاد الوارد في المادة 18 المذكورة لا يترتب عليه قانوناً أي بطلان، إذ هذا الإيداع لا يعدو أن يكون من قبيل تقديم المستندات المؤيدة لموضوع الطعن فقط ما دام القصد منه ليس إلا توفير العناصر اللازمة لجعل القضية صالحة للفصل في موضوعها. ومن ثم فلا علاقة له بالإجراءات الشكلية الواجب توافرها لقبول الطعن وإلا حكم بعدم قبوله.
3 - إذا قدم إلى محكمة الاستئناف، لأول مرة، مستند من شأنه، لو صحت دلالته، أن يؤثر في مجرى الخصومة، فإنه يكون من واجبها أن تمحصه وتقدره. فإذا هي لم تعن بالرد على ما جاء به إلا بعبارة عامة مجملة كان حكمها قاصر الأسباب متعيناً نقضه.


(1) مؤدى هذه الجملة أن اتخاذ مكتب المحامي محلاً مختاراً يقتضي صحة إعلان الطعن فيه ولو لم يغفل المعلن ذكر محله الأصلي. ويراجع في هذا الصدد أحكام محكمة النقض المنشورة بالجزء الأول من هذه المجموعة تحت أرقام 35 و37 و39 و92 بصفحات 60 و69 و76 و164 على التوالي.

الطعن 213 لسنة 42 ق جلسة 18 / 3 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 154 ص 786

جلسة 18 من مارس سنة 1978

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمد فاضل المرجوشي وعضوية السادة المستشارين: شرف الدين خيري، وأحمد شيبة الحمد، وألفي بقطر حبشي، وأحمد شوقي المليجي.

---------------

(154)
الطعن رقم 213 لسنة 42 القضائية

دعوى. عمل.
دعوى العامل بالمطالبة بحقوقه العمالية قبل انقضاء سنة من وقت انتهاء العقد. اعتبار الدعوى مرفوعة في الميعاد. م 698 مدني. لا يغير من ذلك أن يكون العامل قد عدل طلباته بالزيادة بعد انقضاء تلك المدة عن حقوق استجدت له.

--------------
إذ كان الثابت أن الطاعن أقام الدعوى في 27/ 2/ 1965 بالمطالبة بحقوقه العمالية المرتبة له على الفصل قبل انقضاء سنة من وقت انتهاء عقد عمله الذي فصل منه في 6/ 5/ 1964 أي خلال الميعاد الذي يجرى به نص المادة 698/ 1 من القانون المدني، وكان الطاعن إذ عدل طلباته أثناء سير الدعوى أمام محكمة أول درجة في 29/ 9/ 1966 إنما عدلها بالزيادة ولتشمل حقوقاً أخرى استجدت له بعد تاريخ رفعها دون التنازل عن أي من طلباته الأولى فيها، فإن مطالبته بتلك الحقوق تظل قائمة أمام محكمة دوام المطالبة القضائية بها دون أن يلحقها السقوط.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 28 لسنة 1965 عمال كلي القاهرة على المطعون ضدها - شركة النيل العامة لأتوبيس غرب الدلتا - وطلب الحكم بإلزامها بأن تدفع له مبلغ 521 جنيهاً 520 مليماً وقال بياناً لها أنه بتاريخ 11/ 5/ 1953 التحق بالعمل لدى شركة الإسكندرية والبحيرة للنقل والتي خلفتها شركة الطرق الصحراوية التي اندمجت في الشركة المطعون ضدها؛ وبلغ أجره الشهري 12 جنيهاً و500 مليم؛ وقد فوجئ في 31/ 8/ 1963 بوقفه عن العمل ثم بفصله بلا مبرر في 6/ 5/ 1964 فأقام دعواه بالمبلغ المطالب به ويتمثل في 12 جنيهاً و500 مليم بدل إنذار و8.750 جنيهاً مقابل أجازته لعام 1963؛ 500 جنيهاً تعويضاً عن الفصل التعسفي. وبجلسة 17/ 4/ 1965 قرر أنه عاد وعدل في طلباته في 6/ 1/ 1966 إلى اعتبار مدة خدمته متصلة من 11/ 5/ 1953 حتى استلام عمله في 21/ 3/ 1965 والحكم بإلزام المطعون ضدها بأن تدفع له مبلغ 300 جنيهاً تعويضاً عن الأضرار التي لحقته في فترة إيقافه عن العمل من 31/ 3/ 1963 إلى 21/ 3/ 1965؛ وإذ أعادت المطعون ضدها فصله في 7/ 6/ 1965 عدل الطاعن طلباته بصحيفة معلنة في 29/ 9/ 1969 إلى إلزام المطعون ضدها بأن تدفع له مبلغ ألف جنيه عبارة عن 12 جنيهاً 500 مليماً بدل إنذار، 26.300 جنيهاً مقابل أجرته عن السنوات 1963؛ 1964؛ 1965، 961.200 جنيهاً تعويضاً عن الفصل التعسفي. دفعت الشركة المطعون ضدها بسقوط الدعوى بالتقادم الحولي عملاً بالمادة 698 من القانون المدني؛ وبتاريخ 26/ 11/ 1966 قضت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي ما جاء بمنطوق الحكم؛ وبعد أن تم إجراء التحقيق قضت بسقوط حق الطاعن في إقامة الدعوى بأجر مهلة الإنذار والتعويض ومقابل الأجازة عن سنتي 1964، 1965 بالتقادم وبإلزام المطعون ضدها بأن تدفع له مبلغ 5 جنيهاً 836 مليماً مقابل أجازته عن سنة 1963. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1363 سنة 87 قضائية، وبتاريخ 16/ 3/ 1972 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها رفض الطعن وعرض الطعن على غرفة المشورة وتحدد لنظره أخيراً جلسة 18/ 2/ 1978 فيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث من الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول أن الحكم انتهى إلى تأييد قضاء محكمة أول درجة بسقوط حقه في إقامة الدعوى بأجر مهلة الإنذار ومقابل الإجازة السنوية عن سنتي 1964، 1965 والتعويض عن الفصل التعسفي بالتقادم المنصوص عليه في المادة 698/ 1 من القانون المدني حال أن ذلك التقادم لم يتوافر سببه لأنه لما كان الطاعن قد أقام دعواه بالمطالبة بحقوقه العمالية المترتبة على فصله من العمل تعسفياً قبل فوات السنة المنصوص عليها في المادة سالفة الذكر على تاريخ ذلك الفصل واستمر على التمسك بهذه الحقوق طوال مدة سير الدعوى، فإن قضاء الحكم بسقوط تلك الحقوق بالتقادم رغم قيام الدعوى القضائية بالمطالبة بها، يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كان الثابت من بيانات كل من الحكم الابتدائي والحكم المطعون فيه المؤيد له أن الطاعن التحق بالعمل لدى الشركة المطعون ضدها في 11/ 5/ 1953 وأوقف في 31/ 8/ 1963 ثم فصل منه في 6/ 5/ 1964 فأقام دعواه الحالية بصحيفة أعلنها إلى المطعون ضدها في 27/ 2/ 1965 بطلب الحكم بإلزامها بأن تدفع له مبلغ 521 جنيهاً و250 مليم منه مبلغ 12 جنيهاً و500 م بدل إنذار ومبلغ 8 جنيهات و750 مليم مقابل أجازة عام 1963، 500 جنيهاً تعويضاً عن الفصل التعسفي، وأنه حين أعيد إلى العمل لدى المطعون ضدها في 21/ 3/ 1965 عدل طلباته في الدعوى باعتبار مدة عمله متصلة من 11/ 5/ 1953 حتى ذلك التاريخ مع إلزام المطعون ضدها بأن تدفع له مبلغ 300 جنيه تعويضاً عما لحقه من أضرار خلال الفترة من 31/ 8/ 1963 إلى 21/ 3/ 1965 تاريخ عودته إلى عمله السابق، وأنه إذ أعادت المطعون ضدها فصل الطاعن في 7/ 6/ 1965 عدل هذا الأخير طلباته إلى إلزامها بأن تدفع له مبلغ ألف جنيه منه مبلغ 12 جنيهاً و500 مليم بدل إنذار، ومبلغ 26 جنيهاً و300 مليم مقابل أجازته السنوية عن الأعوام 1963 إلى 1965 ومبلغ 961 جنيهاً و200 مليماً تعويضاً عن الفصل التعسفي، لما كان ذلك وكان البين مما تقدم أنه حين ثار الخلف فيما بين الطرفين بفصل الطاعن من العمل لدى المطعون ضدها في 6/ 5/ 1964 قد أقام - الطاعن - هذه الدعوى 27/ 2/ 1965 بالمطالبة بحقوقه العمالية المترتبة له ذلك الفصل قبل انقضاء سنة من وقت انتهاء عقد عمله الذي فصل منه في التاريخ المشار إليه أي خلال الميعاد الذي يجرى به نص المادة 698/ 1 من القانون المدني، وكان الطاعن إذ عدل طلباته أثناء سير الدعوى أمام محكمة أول درجة إنما عدل بالزيادة ولتشمل حقوقاً أخرى استجدت له بعد تاريخ رفعها، دون التنازل عن أي من طلباته الأولى فيها، فإن مطالبته بتلك الحقوق تظل قائمة أمام محكمة دوام المطالبة القضائية بها دون أن يلحقها السقوط، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى - وعلى خلاف هذا النظر - إلى تأييد حكم محكمة الدرجة الأولى القاضي بسقوط حق الطاعن في إقامة الدعوى بالمطالبة بأجر مهلة الإنذار ومقابل الأجازة السنوية عن سنتي 1964، 1965 والتعويض عن الفصل التعسفي بالتقادم، فإنه يكون قد خالف القانون مما يتعين معه نقضه لهذا السبب دون ما حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 57 لسنة 12 ق جلسة 1 / 4 / 1943 مج عمر المدنية ج 4 ق 44 ص 107

جلسة أول إبريل سنة 1943

برياسة حضرة عبد الفتاح السيد بك رئيس المحكمة وبحضور حضرات: حسن زكي محمد بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك ونجيب مرقس بك المستشارين.

---------------

(44)
القضية رقم 57 سنة 12 القضائية (1)

موظف:
أ - إحالته على المعاش. تقدير السن وفقاً لأحكام قانون المعاشات الصادر في سنة 1913 متعلق بالنظام العام. حيازته قوة الشيء المقضى فيه. تقيد الحكومة والموظف به. لا يصح العدول عنه إلى تقدير آخر ولو قبله الموظف. المادة 40 من ذلك القانون. النص المقابل في قانون سنة 1930. المادة 19 من لائحة القومسيونات الطبية. المقصود منها.
ب - تعويض. إحالة موظف على المعاش قبل الأوان. فوات فرصة الترقية عليه بسبب ذلك. إدخالها ضمن عناصر التعويض. جوازه.

-----------------
1 - إن السن إذا قدرت وفقاً لأحكام قانون المعاشات العسكرية الصادر في نوفمبر سنة 1913 عند تعذر وجود شهادة الميلاد أو مستخرج رسمي من دفاتر المواليد فهذا التقدير مما يتعلق بالنظام العام وله حجية معتبرة. ولذلك فلا تملك جهة الإدارة، بأية حال، نقضه باستصدار قرارات طبية تخالفه، بل ترتبط به الحكومة كما يرتبط به الموظف. ولا يصح العدول عنه إلى تقدير آخر ولو قبله الموظف (2).
ولا يؤثر في ذلك أن المادة 19 من لائحة القومسيونات الطبية تجيز العدول عن قرار القومسيون الطبي إذ قالت "ما لم يقدم فيما بعد ما يثبت جلياً خلاف ذلك" لأن المقصود من هذه العبارة هو فقط الحالة التي لم يكن يوجد فيها أي دليل رسمي سابق للتقدير فيكون في تقديم شهادة الميلاد أو مستخرج رسمي منها ما يدل بطريقة قاطعة على السن الحقيقية للموظف وعلى أن التقدير الذي دعت إليه الضرورة كان خاطئاً.
2 - إذا أدخل الحكم ضمن التعويض المحكوم به ما فات على الموظف من فرصة الترقي بسبب إحالته إلى المعاش قبل الأوان فلا خطأ في ذلك. فإن القول بأن الترقي من الإطلاقات التي تملكها الجهات الرئيسية للموظف وليس حقاً مكتسباً له، محله بالبداهة أن يكون الموظف باقياً يعمل في الخدمة. أما إذا كانت الوزارة هي التي أحالت الموظف إلى المعاش بدعوى بلوغه السن بناءً على قرار باطل فلا مناص من إدخال تفويت الترقية على الموظف ضمن عناصر الضرر التي نشأت عن الإخلال بحقه في البقاء في الخدمة. ذلك لأن القانون لا يمنع من أن يحسب في الكسب الفائت الذي هو عنصر من عناصر التعويض ما كان المضرور يأمل الحصول عليه ما دام هذا الأمل له أسباب معقولة (3).


الوقائع

تتلخص وقائع هذا الطعن في أن المطعون ضده أقام على وزارتي الأشغال والمالية أمام محكمة مصر الابتدائية الدعوى رقم 1272 سنة 1938 وقال في صحيفتها إنه تخرج في المدرسة الحربية في أكتوبر سنة 1894 واستمر في الخدمة العسكرية دون أن يطلب تقدير سنه. وفي سنة 1922 رأت وزارة الحربية أن تطبق عليه المادة 40 من قانون المعاشات العسكرية الصادر في سنة 1913 فطالبته بتقديم شهادة الميلاد أو ما يقوم مقامها فأعطى الوزارة البيانات التي تساعدها على استخراج شهادة ميلاده، ولما لم يعثر على اسمه بدفتر المواليد أحالته في 20 من نوفمبر سنة 1922 إلى لجنة طبية لتقدير سنه فقدرتها باثنتين وأربعين سنة. غير أن الوزارة عادت في نوفمبر سنة 1923 فأحالته إلى لجنة طبية ثانية لتقدير سنه مرة أخرى فاضطر للرضوخ للأمر العسكري، ولم يفته أن يرفع شكوى إلى قسم المحروسة في 7 من نوفمبر سنة 1923 محتجاً فيها على إعادة الكشف عليه طبياً لمخالفة ذلك لقانون المعاشات العسكرية. ثم نقل إلى وزارة الأشغال في 17 من يناير سنة 1926 فأرسل إليه كشف ببيان مدة خدمته، وأن سنه بحسب كشف 21 من نوفمبر سنة 1922 هي 42 سنة وقد أقره وحفظ بملف خدمته. وبعد ذلك فاجأته الوزارة بإحالته إلى المعاش ابتداءً من 9 من نوفمبر سنة 1937 استناداً إلى قرار اللجنة الطبية الثاني الذي صدر في نوفمبر سنة 1923.
ولما كان هذا القرار باطلاً لمخالفته القانون فهو يطلب إلزام وزارتي الأشغال والمالية بأن تدفعا له مبلغ 2057 جنيهاً والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.
وفي 30 من مايو سنة 1940 قضت المحكمة بإلزام الطاعنتين بأن تدفعا للمطعون ضده 706 مليم و175 جنيهاً والمصاريف المناسبة و200 قرش مقابل أتعاب المحاماة فاستأنفت الطاعنتان هذا الحكم أمام محكمة استئناف مصر، كما استأنفه المطعون ضده.
وفي 31 من يناير سنة 1942 قضت محكمة الاستئناف برفض الاستئناف المرفوع من الطاعنتين، وفيما يختص بالاستئناف المرفوع من المطعون ضده بتعديل الحكم المستأنف وبإلزام وزارة المالية في مواجهة وزارة الأشغال بأن تدفع له مبلغ 350 جنيهاً والمصاريف المناسبة لذلك على أول درجة والمناسبة لمبلغ 174 جنيهاً و214 مليماً عن ثاني درجة وبمبلغ 600 قرش مقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين وألزم هو بباقي المصاريف عنهما.
أعلن هذا الحكم للطاعنتين في 13 من مايو سنة 1942 فقررتا الطعن فيه بطريق النقض بتقرير أعلن للمطعون ضده إلخ إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن الطاعنتين تنعيان على الحكم المطعون فيه أنه:
أولاً: خالف القانون إذ قضى بالتعويض للمطعون ضده لإحالته إلى المعاش مع أن الإحالة إلى المعاش من تصرفات الحكومة الإدارية التي لا يجوز الحكم فيها بالتعويض إلا إذا وقعت مخالفة للقوانين أو الأوامر العالية على مقتضى المادة 15 من لائحة ترتيب المحاكم. وقد جاء قرار اللجنة الطبية التي قدرت سن المطعون ضده في نوفمبر سنة 1923 مطابقاً للقانون، لأن المادة 40 من قانون المعاشات العسكرية الصادر في سنة 1913 لا تمنع من إعادة تقدير سن الموظف مرة أخرى، ولأن المادة 19 من لائحة القومسيونات الطبية إذ أجازت العدول عن قرار القومسيون الطبي إذا تقدم فيما بعد ما يثبت خلاف السن التي قدرها قد أقامت الدليل على أن هذا القرار لا يحوز قوة الشيء المحكوم فيه. أما ما ورد في المادة 42 من قانون المعاشات العسكرية الصادر في سنة 1930 من أنه لا يجوز الطعن في تقدير اللجنة الطبية بأي حال من الأحوال فهو حكم جديد لم يكن موجوداً أو مستفاداً من المادة 40 من قانون سنة 1913.
ثانياً - أخطأ إذ اعتمد تقدير اللجنة الطبية الأولى مع أن اللجنة لم تراع في هذا التقدير الأوضاع والشروط المبينة في المادة 19 من لائحة القومسيونات الطبية لأنها لم تطلع على البيانات الخاصة بالمطعون ضده والموجودة بملف خدمته ومنها جملة قرارات عن سنه، ثم إن تقديرها لم يجيء جازماً إذ قدرت سن المطعون ضده باثنتين وأربعين سنة تقريباً، وهذه العبارة تتسع للزيادة وتتحمل النقص فكان من الضروري أن يضبط التقدير.
ثالثاً - أخطأ أيضاً إذ أدخل ضمن التعويض المحكوم به ما فات المطعون ضده من فرصة الترقي بإحالته إلى المعاش، مع أن ترقية الموظف إلى درجة أعلى من درجته ليست حقاً مكتسباً، بل هي من الإطلاقات التي تستقل بها الإدارة دون أن يكون هناك معقب على تصرفها.
رابعاً - جاء قاصر التسبيب. وذلك لأن الحكومة أبدت في دفاعها أمام محكمة الاستئناف أوجهاً جديدة فذكرت أن المطعون ضده قد قبل المعاملة بالتقدير الطبي الثاني ولذا أصبح ملتزماً بنتيجة هذا التقدير، ويمتنع عليه الطعن فيه، كما أبدت أن المطعون ضده عين في ديسمبر سنة 1923 تعييناً جديداً فشغل وظيفة مدنية في مصلحة التنظيم وجرت وزارة الأشغال في هذا التعيين الجديد على اعتباره من مواليد سنة 1877 وفقاً للتقدير الطبي الثاني، وهذا الاعتبار مما يحتج به عليه إذ ألحق بالخدمة على أساسه، ولكن محكمة الاستئناف لم ترد على ذلك.
عن الوجه الأول:
ومن حيث إن تقدير السن وفقاً لأحكام قانون المعاشات الصادر في سنة 1913 لتعذر وجود شهادة الميلاد أو مستخرج رسمي من دفاتر المواليد يتعلق بالنظام العام ويحوز قوة الشيء المقضى به، كما استقر على ذلك قضاء هذه المحكمة في تفسير هذه الأحكام. وإذن فلا تملك جهة الإدارة بأية حال نقض هذا التقدير باستصدار قرارات طبية تخالفه.
ومن حيث إنه متى تقرر ذلك فلا محل لما تثيره الطاعنتان بهذا الوجه من مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون بأخذه بتقدير اللجنة الطبية الأولى الحاصل في 20 من نوفمبر سنة 1922 وباعتباره تصرف وزارة الدفاع الوطني بإعادة تقدير سن المطعون ضده بمعرفة اللجنة الطبية الثانية في نوفمبر سنة 1923 وأخذ وزارة الأشغال بنتيجة هذا التقدير الأخير تصرفاً مخالفاً للقانون ومناقضاً لوجوب احترام قرار اللجنة الأولى. ولا يلتفت إلى ما تقوله الطاعنتان من أن المادة 40 من قانون سنة 1913 لا تجعل تقدير اللجنة الطبية تقديراً نهائياً لا رجوع فيه كما نص على ذلك قانون سنة 1930، فالنص في القانون الأخير إنما جاء بياناً لما تضمنه قانون سنة 1913. كذلك لا يلتفت إلى ما تستند إليه الطاعنتان من أن المادة 19 من لائحة القومسيونات الطبية تجيز العدول عن قرار القومسيون الطبي لورود عبارة "ما لم يقدم فيما بعد ما يثبت جلياً خلاف ذلك"، فإن المقصود من هذه العبارة هو فقط الحالة التي لا يوجد فيها دليل رسمي سابق على التقدير، بأن تقدم شهادة الميلاد أو مستخرج رسمي منها، إذ في تقديم هذا المستند ما يدل بطريقة قاطعة على السن الحقيقية للموظف، وعلى أن التقدير الذي دعت إليه الضرورة كان خاطئاً.
عن الوجه الثاني:
ومن حيث إن ما جاء بهذا الوجه مردود بأنه يكفي لصحة التقدير أن يكون مبنياً على اعتبارات فنية، فإذا كانت اللجنة لم تكن في حاجة وهي تقدر السن إلى الاطلاع على البيانات المشار إليها بوجه الطعن فلا يصح أن ينعى عليها بأنها أخطأت، ثم إن الحكومة لم تعترض في الوقت المناسب على قرار اللجنة الطبية الأولى بما تثيره بهذا الوجه بل قبلته وأرفقته بملف المطعون ضده، وكذلك الحال بالنسبة إلى الإقرار الصادر من المطعون ضده عن سنه وخصوصاً أن الحكومة لا تأخذ بإقرار الموظف عن سنه، بل تعتمد في ذلك على ما يقرره أهل الفن الذين يندبون لهذا الغرض. وأما القول بأن تقدير اللجنة الأولى وصف بأنه تقريبي فلا يعتد به لأن إضافة كلمة تقريباً أمر تقتضيه طبيعة المهمة الصادر فيها التقدير، وبدليل أن التقدير الثاني الذي تعتمد عليه الحكومة قد وصف بهذا الوصف.
عن الوجه الثالث:
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه لم يخطئ إذ أدخل ضمن التعويض المحكوم به ما فات المطعون ضده من فرصة الترقي. لأن القول بأن الترقي لم يكن حقاً مكتسباً للمطعون ضده محله أن يكون الموظف باقياً في الخدمة، ففي هذه الحالة يصح القول بأن الترقي هو من الإطلاقات التي تملكها الوزارة، أما والوزارة هي التي قد أحالت المطعون ضده إلى المعاش بدعوى بلوغه السن بناءً على قرار باطل مخالف لقرار لا تملك نقضه فلا مناص من إدخال فوات هذه الترقية على المطعون ضده ضمن عناصر الضرر التي ترتبت على إخلالها بحقه في البقاء في الخدمة مدة أخرى؛ ذلك لأن القانون لا يمنع من أن يشمل الكسب الفائت الذي هو عنصر من عناصر التعويض ما كان المضرور يأمل الحصول عليه ما دام هذا الأمل له أسباب معقولة.
عن الوجه الرابع:
وحيث إن ما جاء بهذا الوجه مردود بأن الدفاع الذي تقول الطاعنتان إنه أبدى لأول مرة أمام محكمة الاستئناف لم يكن دفاعاً جديداً بل ذكر أمام محكمة أول درجة التي أثبتت رد المطعون ضده عليه من أنه حرص على الاحتجاج على إعادة الكشف الطبي عليه مرة ثانية وسجله في شكوى قدمها في 7 من نوفمبر سنة 1923، كما أنه عندما التحق بخدمة وزارة الأشغال في سنة 1926 أرسلت إليه الوزارة كشفاً ببيان مدة خدمته باعتبار سنه 42 سنة بحسب قرار اللجنة الطبية الأولى الصادر في سنة 1922 فأقره وحفظ بملف خدمته. وقد اعتمدت محكمة الاستئناف أسباب الحكم الابتدائي التي أشير فيها إلى ما تقدم. على أن المحكمة لم تكن ملزمة بالرد على ما تثيره الطاعنتان بوجه الطعن ما دام المقرر هو أن تقدير السن عند عدم وجود شهادة ميلاد للموظف أمر متعلق بالنظام العام بحيث ترتبط به الحكومة كما يرتبط به الموظف فلا يسوغ العدول عنه. وإذن فلا تأثير لأي تقدير لاحق له حتى لو قبله الموظف.


(1) قررت المحكمة هذه القواعد أيضاً في الحكم الصادر بهذه الجلسة في القضية رقمي 58 و67 سنة 12 القضائية.
(2) لمحكمة النقض في هذا حكمان سابقان أحدهما في القضية رقم 26 سنة 1 بجلسة 31/ 12/ 1931 وهو منشور بالجزء الأول من هذه المجموعة برقم 28 ص 41 والثاني صدر بجلسة 13 إبريل سنة 1939 في القضية رقم 37 سنة 8 وهو منشور بالجزء الثاني برقم 178 بصفحة 541.
(3) يراجع في هذا المعنى حكم محكمة النقض الصادر بجلسة 3 فبراير سنة 1938 في القضية رقم 53 سنة 7 ق المنشور بالجزء الثاني من هذه المجموعة برقم 90 بصفحة 262.

الطعن 56 لسنة 12 ق جلسة 1 / 4 / 1943 مج عمر المدنية ج 4 ق 43 ص 107

جلسة أول إبريل سنة 1943

برياسة حضرة عبد الفتاح السيد بك رئيس المحكمة وبحضور حضرات: حسن زكي محمد بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك ونجيب مرقس بك المستشارين.

----------------

(43)
القضية رقم 56 سنة 12 القضائية

تصرف. تكييفه. 

وصية. جواز صدورها في حال الصحة. العبرة بنية المتصرف وقصده. استظهار هذا القصد. العدول في ذلك عن المدلول الظاهر لصيغة التصرف إلى ما يظهر من ظروف العقد وملابساته. مثال.

----------------
إن الوصية يجوز صدورها في حال الصحة كما يجوز في حال المرض. فإذا طعن في تصرف بأنه وصية فالعبرة في تكييفه هي بما انتواه المتصرف وقصد إليه. ولقاضي الموضوع، في سبيل استظهار هذا القصد، أن يعدل عن المدلول الظاهر لصيغة التصرف إلى ما يتضح له من الظروف والملابسات. فإذا كيفت محكمة الموضوع التصرف بأنه وصية، معتمدة على ما تدل عليه عباراته من أن المتصرف قد قصد به أن يختص بعض أولاده، دون غيره من ورثته، بكل ما يترك عنه بعد وفاته من عقار ومنقول ليقسم بينهم قسمة تركة للذكر مثل حظ الأنثيين، وعلى عدم تسجيل ورقة التصرف، واحتفاظ المتصرف بها طول حياته، وحصول التصرف بغير عوض، ووجود ورقة بين أوراق المورث مكتوبة في نفس اليوم الذي أجري فيه التصرف ومماثلة لورقته من جميع الوجوه عدا بيان الثمن، فإن هذا التكييف لا غبار عليه.

الطعن 158 لسنة 45 ق جلسة 16 / 3 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 153 ص 781

جلسة 16 من مارس سنة 1978

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة عبد العال السيد وعضوية السادة المستشارين الدكتور عبد الرحمن عياد، ومحمد فاروق راتب، وإبراهيم فوده، وعماد الدين بركات.

---------------

(153)
الطعن رقم 158 لسنة 45 القضائية

إصلاح زراعي. إيجار. التزام.
إخطار الجمعية التعاونية الزراعية بالديون المستحقة على مستأجر الأرض الزراعية خلال شهرين من تاريخ العمل بالقانون رقم 52 لسنة 1966 وجوبه. على كل دائن أياً كان سبب الدين. لا محل مع وضوح النص للالتجاء إلى حكمة التشريع.

-----------------
النص في المادة الثالثة من القانون رقم 52 لسنة 1966 بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم 177 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي على أنه "يجب على كل مؤجر أو دائن أياً كانت صفته يحمل سنداً بدين على مستأجر أرض زراعية كالكمبيالات وغيرها أن يتقدم خلال شهرين من تاريخ العمل بهذا القانون ببيان واف عن الدين وقيمته وسببه وتاريخ نشوئه وتاريخ استحقاقه واسم الدائن وصفته ومحل إقامته واسم المدين وصفته ومحل إقامته، ويقدم هذا الإخطار إلى الجمعية التعاونية الزراعية الواقع في دائرتها محل إقامة المدين ويسقط كل دين لا يخطر عنه خلال الموعد المحدد لذلك" وكانت العبرة في تطبيق الأحكام التي أوردتها هذه المادة هي بشخص المدين وكونه مستأجراً لأرض زراعية وليست العبرة بشخص الدائن أياً كانت صفته وسواء كان مؤجراً أو غير مؤجر وأياً كان سبب الدين سواء كان قد نشأ بسبب عقد الإيجار أو الاستغلال الزراعي بشكل عام أو لأي سبب آخر لا علاقة له بزراعة المستأجر للأرض وذلك درءاً للوسائل التي قد يلجأ إليها الملاك الحاصلون على توقيعات مستأجريهم على سندات محررة على بياض وملء بياناتها بأسماء دائنين آخرين سواهم - على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون المذكور - وكان نص المادة الثانية سابقة الذكر قد جاء مطلقاً بالنسبة لكل مدين يستأجر أرضاً زراعية دون قيد أو شرط ولا وجه للاستناد إلى حكمة التشريع لأن ذلك إنما يكون عند غموض النص أو وجود لبس فيه أما إذا كان النص واضحاً جلي المعنى فإنه لا يجوز الخروج عليه أو تأويله بدعوى الاستهداء بالحكمة التي أملته، وإذ كان يبين من الحكم المطعون أنه قضى بسقوط الحق في المطالبة بالدين استناداً إلى أن المطعون عليه يستأجر أرضاً زراعية من ابن الطاعن الثاني بالعقد المؤرخ 1/ 10/ 1963 الأمر الذي تأيد بما ورد بمذكرة الطاعنين المقدمة لمحكمة الاستئناف وأن الأوراق خلت من الدليل على أن أياً من الدائن الأصلي أو المحال إليها قد قام بالإخطار عن الدين إلى الجمعية التعاونية الزراعية في الميعاد الذي حددته المادة الثالثة من القانون سالف الذكر فإن لا يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - وعلى ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة الأولى تقدمت بطلب لاستصدار أمر الأداء لإلزام المطعون عليه بأن يؤدي لها مبلغ الـ 600 جنيه، وبنت ذلك على إنها تداين المطعون عليه في المبلغ المطالب به على أنه الباقي من سند إذني مؤرخ 2/ 10/ 1959 صادر منه لصالح الطاعن الثاني بمبلغ 757 جنيهاً و750 مليم وأحيل السند إلى المرحوم.... الذي أحاله بدوره إلى الطاعنة الأولى في 20/ 3/ 1961 وبتاريخ 25/ 2/ 1973 صدر أمر الأداء رقم 13 لسنة 1973 كلي سوهاج بإلزام المطعون عليه بأن يؤدي للطاعنة الأولى مبلغ 600 جنيه استأنف المطعون عليه هذا الأمر لدى محكمة استئناف أسيوط (مأمورية سوهاج) طالباً إلغاءه وقيد الاستئناف برقم 100 سنة 48 ق وفي 15/ 12/ 1974 حكمت المحكمة بإلغاء أمر الأداء رقم 13 لسنة 1973 كلي سوهاج. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنان بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور وفي بيان ذلك يقولان أن الحكم المطعون فيه قضى بسقوط الحق في المطالبة بالدين على أن المطعون عليه مستأجر لأرض زراعية وأنه لم يتم إخطار الجمعية التعاونية الزراعية عن الدين كنص المادة الثالثة من القانون رقم 52 لسنة 1966 وذلك مخالفاً للقانون؛ لأنه كان يجب على المحكمة أن تتحقق قبل الحكم بالسقوط أن الدين في حقيقة زيادة عن سبعة أمثال الضريبة، كما ادعى المطعون عليه إذ أن الحكمة في هذا النص على ما جاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون هو محاربة الاستغلال الذي يقوم فيه الملاك بتحرير كمبيالات لصالحهم موقعة من المستأجرين على بياض تمثل ديوناً غير منظورة وغير مشروعة الغرض منها حصول المالك على قيمة إيجارية تزيد على سبعة أمثال الضريبة إذ تمثل ديوناً وهمية يستغلها المالك للتخلص من مزارعة في أي وقت يشاء، فإذا كان الدين مشروعاً انتفت الحكمة من الإخطار.
حيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أن النص في المادة الثالثة من القانون رقم 52 لسنة 1966 بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي على أنه "يجب على كل مؤجر أو دائن أياً كانت صفته يحمل سنداً بدين على مستأجر أرض زراعية كالكمبيالات وغيرها أن يتقدم خلال شهرين من تاريخ العمل بهذا القانون ببيان واف عن هذا الدين وقيمته وسببه من تاريخ نشوئه وتاريخ استحقاقه واسم الدائن وصفته ومحل إقامته واسم المدين وصفته ومحل إقامته ويقدم هذا الإخطار إلى الجمعية التعاونية الزراعية الواقع في دائرتها محل إقامة المدين ويسقط كل دين لا يخطر عنه خلال الموعد المحدد لذلك، وكانت العبرة في تطبيق الأحكام التي أوردتها هذه المادة هي بشخص المدين وكونه مستأجراً لأرض زراعية وليست العبرة بشخص الدائن أياً كانت صفته سواء كان مؤجراً أو غير مؤجراً وأياً كان سبب الدين سواء كان قد نشأ بسبب عقد الإيجار أو الاستقلال الزراعي بشكل عام أو لأي سبب آخر لا علاقة له بزراعة المستأجر للأرض وذلك درءاً للوسائل التي قد يلجأ إليها الملاك الحاصلون على توقيعات مستأجريهم على سندات محررة على بياض وملء بياناتها بأسماء دائنين آخرين سواهم - على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون المذكور وكان نص المادة الثانية سالفة الذكر قد جاء مطلقاً بالنسبة لكل مدين يستأجر أرضاً زراعية دون قيد أو شرط ولا وجه للاستناد إلى حكمة التشريع لأن ذلك إنما يكون عند غموض النص أو وجود لبس فيه أما إذا كان النص واضحاً جلي المعنى فإنه لا يجوز الخروج عليه أو تأويله بدعوى الاستهداء بالحكمة التي أملته، لما كان ذلك وكان يبين من الحكم المطعون أنه قضى بسقوط الحق في المطالبة بالدين استناداً إلى أن المطعون عليه يستأجر أرضاً زراعية من ابن الطاعن الثاني بالعقد المؤرخ 1/ 10/ 1963 الأمر الذي تأيد بما ورد بمذكرة الطاعنين المقدمة لمحكمة الاستئناف بجلسة 21/ 3/ 1973 وأن الأوراق خلت من الدليل على أن أياً من الدائن الأصلي أو المحال إليها قد قام بالإخطار عن الدين إلى الجمعية التعاونية الزراعية في الميعاد الذي حددته المادة الثالثة من القانون سالف الذكر، فإن لا يكون قد خالف القانون ويكون النص عليه بهذا السبب في غير محله.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه بالقصور وفي بيان ذلك يقولان أن المطعون عليه قرر في صحيفة الاستئناف أنه قد تخالص عن الدين الوارد بالسند موضوع النزاع بمخالصة مؤرخة 3/ 2/ 1962 صادرة من مورث الطاعنة الأولى الأمر الذي يحمل في ذاته أقوالاً ضمنياً منه بجدية الدين ومشروعيته ورغم ذلك لم تلتفت المحكمة إلى مدلول هذا القول ولم ترد عليه ولو أنها فعلت لتغير وجه الرأي في الدعوى، هذا فضلاً عن أنه لا يعقل أن يمثل الدين البالغ قدره 757.750 جنيهاً زيادة عن سبعة أمثال الضريبة عن الأطيان البالغ مساحتها 17.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه وعلى ما جاء في الرد على السبب الأول فإن نص المادة الثالثة من القانون رقم 52 لسنة 1966 جاء واضح الدلالة على أنه يجب على الدائنين لمستأجري الأراضي الزراعية بديون سابقة على صدور القانون أن يحضروا الجمعية التعاونية الزراعية الكائن بدائرتها مقراً بدين بديونهم خلال شهرين من تاريخ صدوره كما أن كلمة ديون وردت بهذا النص بصفة عامة بحيث تشمل جميع الديون التي على مستأجري الأرض الزراعية قبل صدور ذلك القانون ولم يرد بها تخصيص لنوع معين من الديون ورتب القانون على عدم الإخطار عنها في الموعد المحدد جزاء هو سقوطها وهذا الجزاء يجب توقيعه بمجرد التحقيق من نشوء الدين قبل القانون المذكور وإن المدين به مستأجر لأرض زراعية، لما كان ذلك وكان إغفال الحكم المطعون فيه بحث جدية الدين أو مشروعيته لا يؤثر في النتيجة التي انتهى إليها فإنه النعي عليه بالقصور يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 703 لسنة 47 ق جلسة 3 / 4 / 1980 مكتب فني 31 ج 1 ق 199 ص 1017

جلسة 3 من إبريل سنة 1980

برئاسة السيد المستشار/ حافظ رفقي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمدي الخولي، يوسف أبو زيد، درويش عبد المجيد وعزت حنورة.

---------------

(199)
الطعن رقم 703 لسنة 47 القضائية

(1) استئناف. نقض "السبب الجديد".
النعي بخلو الملف الاستئنافي من نسخة الحكم الابتدائي. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. إثبات الحكم المطعون فيه في مدوناته اطلاعه على ذلك الحكم. اعتبار النعي عارياً عن الدليل.
(2) أحوال شخصية. "ولاية على المال". اختصاص. أهلية. دعوى.
اختصاص محكمة الأحوال الشخصية للولاية على المال بالفصل في مواد الحساب بين عديم الأهلية أو ناقصها وبين النائب عنهما. مناطه. قيام المادة أمامها. عدم تقديم الحساب إليها. أثره. للقاصر عند بلوغه سن الرشد حتى الالتجاء إلى طريق الدعوى العادية وفقاً للقواعد العامة.
(3، 4) إثبات "اليمين الحاسمة". محكمة الموضوع.
(3) اليمين الحاسمة ملك للخصم. التزام القاضي بإجابة طلب توجيهها متى توافرت شروطها وكان الطالب غير متعسف في طلبها. استقلال محكمة الموضوع باستخلاص كيدية اليمين متى استندت لأسباب سائغة.
(4) استخلاص المحكمة لكيدية اليمين بشأن واقعة الوفاء من أن الدعوى ظلت متداولة مدة 12 سنة أمام المحكمة دون الادعاء بحصول هذا الوفاء. لا خطأ.

----------------
1 - إذا كان الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الاستئناف بأن أوراق الدعوى المطروحة عليها خلو من نسخة الحكم الابتدائي فإن ما يثيره من نعي بالبطلان في هذا الصدد يكون قائماً على أمور واقعية لم يسبق عرضها على محكمة الموضوع فلا يقبل منه التحدي به أمام محكمة النقض، وإذ كان الأصل في الإجراءات أن تكون قد روعيت وكان ما تضمنته الورقة المقدمة من الطاعن والتي تحمل إفادة قلم كتاب محكمة الاستئناف قاصرة عن إثبات أن مفردات الدعوى طرحت على المحكمة وفصلت فيها دون أن تكون مشتملة على نسخة رسمية من الحكم الابتدائي، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة الثابت بالأوراق، يكون غير مقبول لافتقاره إلى الدليل الذي يدحض ما أثبت به من اطلاع المحكمة على ذلك الحكم المستأنف.
2 - النص في المادة 970 من قانون المرافعات من أنه إذا انتهت الولاية على المال تظل المحكمة المرفوعة إليها المادة مختصة بالفصل في الحساب الذي قدم لها، والنص في المادة 1008 من هذا القانون باختصاص المحكمة المنظورة أمامها المادة دون غيرها بالفصل في حساب النائب عن عديم الأهلية أو الوكيل عن النائب أو المدير المؤقت، مفادهما أن اختصاص الفصل في مسائل الحساب بين عديم الأهلية أو ناقصها وبين النائب عنهما معقود للمحكمة المرفوعة إليها مادة الولاية على المال، وهو اختصاص أصيل تنفرد به، مانع لأية جهة أخرى من نظره باعتبار أنها أقدر من غيرها من المحاكم على الفصل في حساب الإدارة التي تشرف عليها وتوجهها وفقاً للقانون، إلا أن مناط اختصاصها في هذا الصدد هو أن تكون المادة لا تزال قائمة لديها، فإذا ما انتهت بانتهاء الولاية على المال أصبح اختصاصها قاصراً على الفصل فيما قدم إليها فعلاً من الحساب فإن لم يكن قد قدم لها الحساب فإن ذلك لا يحول دون القاصر الذي بلغ سن الرشد ورفعت عنه الوصاية والالتجاء إلى طريق الدعوى العادية يسلكه أمام المحكمة المختصة وفقاً للقواعد العامة المقررة في قانون المرافعات لمطالبة الوصي بتقديم حساب عن وصايته. لما كان ذلك، وكان الثابت من الواقع في الدعوى أن الاطلاع على ملف الدعوى رقم.... أظهر أن الوصي الطاعن لم يقدم لمحكمة الولاية على المال كشوف الحساب منذ بداية سنة 1960 وقد أصدرت المحكمة قراراً كلفته فيه بتقديم كشف حساب هذه السنة والسنة التالية، وإذ لم يقدم الحساب فقد أصدرت قراراً بتاريخ 24/ 1/ 1965 بإحالة الأوراق إلى النيابة العامة لإجراء تحقيق مع الطاعن لامتناعه عن تسليم المطعون ضده الذي بلغ سن الرشد أمواله بعد رفع الوصاية عنه، ومن ثم فإن الفترة محل الحساب في الدعوى والتي تبدأ منذ أول عام 1960 لحين بلوغ المطعون ضده سن الرشد لم يكن قد قدم عنها حساب فعلاً لمحكمة الولاية على المال حتى انتهت الوصاية الأمر الذي ينيط بمحكمة أول درجة اختصاص الفصل فيه (1).
3 - النص في الفقرة الأولى من المادة 114 من قانون الإثبات على أنه يجوز لكل من الخصمين أن يوجه اليمين الحاسمة إلى الخصم الآخر وللقاضي أن يمنع توجيه اليمين إذا كان الخصم متعسفاً في توجيهها، مؤداه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن اليمين الحاسمة ملك للخصم فيكون على القاضي أن يجيب طلب توجيهها متى توافرت شروطها إلا إذا بان له أن طالبها متعسف في هذا الطلب، ولمحكمة الموضوع السلطة في استخلاص كيدية اليمين على أن تقيم استخلاصها على اعتبارات من شأنها أن تؤدى إليه.
4 - إذ يبين من الحكم المطعون فيه أنه قضى برفض طلب الطاعن توجيه اليمين الحاسمة في شأن واقعة الوفاء بمبلغ مائة وخمسين جنيهاً من الدين العالق بذمته على سند من القول بأن الدعوى ظلت متداولة أمام محكمة أول درجة فترة استطالت اثني عشر عاماً دون أن يزعم الطاعن وفاءه بذلك المبلغ الذي يدعيه وأنه ما استهدف بهذا الطلب استظهاراً من ظروف الدعوى وملابساتها سوى الكيد لخصمه وإطالة أمد التقاضي، لما كان ذلك، وكان هذا الذي أورده الحكم كافياً في حدود سلطته التقديرية لحمل قضائه في استخلاص التعسف المبرر لرفض طلب توجيه اليمين الحاسمة، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعن الدعوى رقم 852 لسنة 1961 مدني أمام محكمة المنصورة الابتدائية وقال بياناً لها إن مورثه المرحوم.... توفى في شهر سبتمبر سنة 1953 وخلف تركة أثبت بمحضر حصرها بيان لأعيانها التي تشمل أرضاً زراعية مساحتها مائتا فدان وماكينة طحين ومضرب أرز وآلات زراعية خلاف الماشية والمنقولات، وكان وقتئذاك قاصراً فأسندت الوصاية إلى أخيه الطاعن الذي لم تتم محاسبته عن فترة وصايته أمام محكمة الأحوال الشخصية للولاية على المال، ومن بعد بلوغه سن الرشد ظل الطاعن يضع يده على نصيبه الموروث في التركة معرضاً عن تسليمه شيئاً من الريع ولذا فقد أقام دعواه طالباً الحكم بإلزام الطاعن بتقديم كشف حساب منذ وفاة المورث، وأثناء سير الدعوى طلب المطعون ضده قصر الحساب على الفترة التي تبدأ من أول عام 1960، وبتاريخ 3 من فبراير سنة 1966 قضت محكمة المنصورة بندب خبير لتصفية الحساب بين طرفي التداعي منذ بداية سنة 1960 وحتى تاريخ هذا الحكم، وقدم الخبير تقريراً خلص في نتيجته إلى أن تصفية الحساب عن الفترة التي حددها الحكم أسفرت عن أن الطاعن مدين للمطعون ضده بمبلغ 3072 ج و451 م، ومن بعد ذلك أبدى المطعون ضده تعديلاً لمطلبه من دعواه إلى الحكم بإلزام الطاعن أن يؤدى له المبلغ الوارد بتقرير الخبير، وبتاريخ 15 من نوفمبر سنة 1973 قضت المحكمة بهذا الطلب. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة طالباً إلغاءه والقضاء برفض الدعوى، وقيد الاستئناف برقم 506 لسنة 25 قضائية، وبتاريخ 26 من فبراير سنة 1977 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه البطلان ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول إن نسخة حكم محكمة أول درجة لم تكن مرافقة لأوراق الدعوى لدى نظرها أمام محكمة الاستئناف، ودلالة ذلك أنه بمناسبة رفعه الطعن بالنقض قدم طلباً لتسليمه صورة رسمية من ذلك الحكم إلى قلم كتاب محكمة استئناف المنصورة الذي أثبت بطلبه أن الحكم المستأنف محل مطالبة برسوم مستحقة على الدعوى التي صدر فيها ومودع بالمحكمة الابتدائية من تاريخ 4/ 12/ 1973 وإزاء ذلك لم يتمكن من تسلم الصورة الرسمية منه إلا بعد إصدار رئيس المحكمة الابتدائية أمره على الطلب الذي تقدم به إليه، وإنه لما كانت محكمة الاستئناف لم تأمر بضم نسخة الحكم المستأنف ولم تطلع عليه حتى أصدرت قضاءها المطعون فيه، فإن حكمها يكون معيباً بالبطلان، هذا إلى أنه وإن كانت تلك المحكمة قد أوردت بأسباب حكمها ما يفيد مطالعتها الحكم الابتدائي وتأييده للأسباب التي بني عليها، إلا أن في ذلك ما يناقض الثابت بالأوراق، لما تبين من إفادة قلم كتاب المحكمة أن الحكم لم يكن مطروحاً عليها، بل كان موضع مطالبة بالرسوم ومودع بالمحكمة الابتدائية الأمر الذي يعيب الحكم المطعون فيه بمخالفة الثابت بالأوراق فضلاً عن بطلانه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك بأنه لما كان الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الاستئناف بأن أوراق الدعوى المطروحة عليها خلو من نسخة الحكم الابتدائي، فإن ما يثيره من نعي بالبطلان في هذا الصدد يكون قائماً على أمور واقعية لم يسبق عرضها على محكمة الموضوع فلا يقبل التحدي به أمام محكمة النقض، لما كان ذلك وكان الأصل في الإجراءات أن تكون قد روعيت، وكان ما تضمنته الورقة المقدمة من الطاعن والتي تحمل إفادة قلم كتاب محكمة الاستئناف قاصرة عن إثبات أن مفردات الدعوى طرحت على المحكمة وفصلت فيها دون أن تكون مشتملة على نسخة رسمية من الحكم الابتدائي، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة الثابت بالأوراق يكون غير مقبول لافتقاره إلى الدليل الذي يدحض ما أثبت به من اطلاع المحكمة على ذلك الحكم المستأنف.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجهين الأول والخامس من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون، ويقول في بيان ذلك إنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الاستئناف بأن المطعون ضده بلغ سن الرشد في مايو سنة 1961 فتكون المحاسبة وفقاً لتقرير الخبير الذي اتخذه الحكم المستأنف عماداً لقضائه قد امتدت إلى فترة سابقة على هذا التاريخ كان إبانها وصياً على المطعون ضده مما يجعل منازعة الحساب عنها من اختصاص محكمة الأحوال الشخصية للولاية على المال دون غيرها من المحاكم تطبيقاً لنص المادتين 970، 1008 من قانون المرافعات، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بتأييد الحكم المستأنف الذي أخطأ في قواعد الاختصاص ودون أن يعنى بالرد على دفاعه في هذا الشأن، يكون معيباً بالقصور والخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بأن النص في المادة 970 من قانون المرافعات من أنه إذا انتهت الولاية على المال تظل المحكمة المرفوعة إليها المادة مختصة بالفصل في الحساب الذي قدم لها، والنص في المادة 1008 من هذا القانون باختصاص المحكمة المنظورة أمامها المادة دون غيرها بالفصل في حساب النائب عن عدم الأهلية أو الوكيل عن الغائب أو المدير المؤقت، مفادها أن اختصاص الفصل في مسائل الحساب بين عديم الأهلية أو ناقصها وبين النائب عنهما معقود للمحكمة المرفوعة إليها مادة الولاية على المال، وهو اختصاص أصيل تنفرد به، مانع لأية جهة أخرى من نظره باعتبار أنها أقدر من غيرها من المحاكم على الفصل في حساب الإدارة التي تشرف عليها وتوجهها وفقاً للقانون، إلا أن مناط اختصاصها في هذا الصدد هو أن تكون المادة لا تزال قائمة لديها فإذا ما انتهت بانتهاء الولاية على المال أصبح اختصاصها قاصراً على الفصل فيما قدم إليها من الحساب، فإن لم يكن قد قدم إليها الحساب فإن ذلك لا يحول دون القاصر الذي بلغ سن الرشد ورفعت عنه الوصاية والالتجاء إلى طريق الدعوى العادية يسلكه أمام المحكمة المختصة وفقاً للقواعد العامة المقررة في قانون المرافعات لمطالبة الوصي بتقديم حساب عن وصايته، لما كان ذلك وكان الثابت من الواقع في الدعوى - وعلى نحو ما ورد بمحضر محكمة أول درجة المؤرخ 13/ 5/ 1965 - أن الاطلاع على ملف الدعوى رقم 27 لسنة 1953 كلي الولاية على المال المنصورة أظهر أن الوصي الطاعن لم يقدم لمحكمة الولاية على المال كشوف الحساب منذ بداية سنة 1960، وقد أصدرت المحكمة قراراً كلفته فيه بتقديم كشف حساب هذه السنة والسنة التالية، وإذ لم يقدم الحساب فقد أصدرت قراراً بتاريخ 24/ 1/ 1965 بإحالة الأوراق إلى النيابة العامة لإجراء تحقيق مع الطاعن لامتناعه عن تسليم المطعون ضده الذي بلغ سن الرشد أمواله بعد رفع الوصاية عنه، ومن ثم فإن الفترة محل الحساب في الدعوى والتي تبدأ منذ أول عام 1960 لحين بلوغ المطعون ضده سن الرشد لم يكن قد قدم عنها حساب فعلاً لمحكمة الولاية على المال حتى انتهت الوصاية، الأمر الذي ينيط بمحكمة أول درجة اختصاص الفصل فيه، ولما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى في قضائه صائباً إلى هذا النظر مطرحاً المنازعة التي أثارها الطاعن بشأن اختصاص محكمة الولاية على المال دون غيرها بنظر ما أثبته الخبير من دين سابق على انتهاء وصايته، فإن النعي عليه بالقصور والخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالأوجه الثاني والثالث والرابع من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون، ويقول بياناً لذلك إنه اعترض على تقرير الخبير لدى محكمة الموضوع في احتسابه الغلة الناتجة عن الأرض الزراعية على أساس من أن الأرض مؤجرة لآخرين بطريق المزارعة، في حين أن محكمة الأحوال الشخصية كانت قد أذنت له باستئجارها لنفسه نقداً وقدم دليل صدور هذا الإذن فكان على الخبير أن يجرى الحساب على أساس الإيجار النقدي، كذلك فقد تمسك باستبعاد المبالغ التي أثبتها الخبير أنها نصيب المطعون ضده في ديون مستحقة للتركة لعدم تقديم دليل يثبت أنه اقتضى فعلاً هذه الديون، كما نازع في احتساب ريع عن استغلال ماكينة الطحن بالرغم من أنها كانت معطلة ولم تنتج ريعاً، وإذ كان الحكم لم يعن بتمحيص وتحقيق دفاعه ولم يرد عليه رداً سائغاً، فإنه يكون معيباً بالقصور والخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك بأن تقدير عمل الخبير مما تستقل بتقديره محكمة الموضوع باعتباره عنصراً من عناصر الإثبات التي تخضع لتقديرها دون معقب عليها في ذلك، وإذ كان الطاعن لم يقدم لمحكمة الموضوع دليلاً يثبت قيام علاقة إيجارية عن الأرض الزراعية التي يملكها المطعون ضده تولدت عن الإيجار نقداً وأنه المستأجر فيها وذلك وفقاً لما يتطلبه قانون الإصلاح الزراعي في هذا الشأن، وكان لا يكفي أن تأذن محكمة الأحوال الشخصية للولاية على المال بقيام هذه العلاقة طالما لم يثبت قيامها بناء على هذا الإذن، فلا تثريب على الحكم المطعون فيه إن هو التفت عن هذا الدفاع العاري عن الدليل واعتد بحساب الخبير المؤسس على ما قدمه الطاعن نفسه من عقود إيجار بطريق المزارعة أبرمها خلال فترة وصايته مع مستأجري أرض المطعون ضده وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه ناقش أيضاً اعتراضات الطاعن الأخرى على تقرير الخبير فرد عليها "إن الديون التي للتركة والواردة بمحضر الحصر جميعها ثابتة بإيصالات وقد تشملها ضمن ما تسلم من عناصر التركة ولم يقدم حساباً عنها كما لم يقدم الإيصالات المثبتة لهذه الديون الأمر الذي يقطع بتحصيله لها، وما يثيره المستأنف في شأن نصيب المستأنف عليه في إيراد ماكينة الطحن ومضرب الأرز مردود بأنه لم يقدم ما يثبت أن الماكينة كانت معطلة في فترة المحاسبة"، لما كان ذلك، وكان هذا الذي أورده الحكم يحمل رداً كافياً سائغاً لما كان موضع اعتراض من الطاعن على تقرير الخبير، فإن ما يثيره الطاعن بسبب النعي لا يعدو أن يكون جدلاً في كفاية الدليل الذي اقتنعت به محكمة الموضوع بما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، ومن ثم يكون ذلك النعي بكافة وجوهه على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه السادس من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور والفساد في الاستدلال، ويقول في بيان ذلك إنه طلب من محكمة الاستئناف توجيه اليمين الحاسمة إلى خصمه عن واقعة وفائه لمبلغ مائة وخمسين جنيهاً دون كتابة سند بهذا الوفاء، ولكن المحكمة رفضت طلبه استناداً إلى أنه متعسف في إبدائه وجاء حكمها قاصراً في بيان وجه التعسف فاسداً في الاستدلال عليه من مجرد التراخي في إبدائه أمام محكمة أول درجة.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن النص في الفقرة الأولى من المادة 114 من قانون الإثبات على أنه يجوز لكل من الخصمين أن يوجه اليمين الحاسمة إلى الخصم الآخر وللقاضي أن يمنع توجيهه اليمين إذا كان الخصم متعسفاً في توجيهها، مؤداه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن اليمين الحاسمة ملك للخصم فيكون على القاضي أن يجيب طلب توجيهها متى توافرت شروطها، إلا إذا بان له أن طالبها متعسف في هذا الطلب، ولمحكمة الموضوع السلطة في استخلاص كيدية اليمين، على أن تقيم استخلاصها على اعتبارات من شأنها أن تؤدى إليه، وإذ يبين من الحكم المطعون فيه أنه قضى برفض طلب الطاعن توجيه اليمين الحاسمة في شأن واقعة الوفاء بمبلغ مائة وخمسين جنيهاً من الدين العالق بذمته على سند من القول بأن الدعوى ظلت متداولة أمام محكمة أول درجة فترة استطالت اثني عشر عاماً دون أن يزعم الطاعن وفاءه بذلك المبلغ الذي يدعيه وأنه ما استهدف بهذا الطلب استظهاراً من ظروف الدعوى وملابساتها سوى الكيد لخصمه وإطالة أمد التقاضي، لما كان ذلك، وكان هذا الذي أورده الحكم كافياً في حدود سلطته التقديرية لحمل قضائه في استخلاص التعسف المبرر لرفض طلب توجيه اليمين الحاسمة، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) نقض 14/ 3/ 1979 مجموعة المكتب الفني السنة 19 ص 297.

الطعن 53 لسنة 12 ق جلسة 1 / 4 / 1943 مج عمر المدنية ج 4 ق 42 ص 103

جلسة أول إبريل سنة 1943

برياسة حضرة عبد الفتاح السيد بك رئيس المحكمة وبحضور حضرات: حسن زكي محمد بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك ونجيب مرقس بك المستشارين.

-------------

(42)
القضية رقم 53 سنة 12 القضائية

دعوى إبطال التصرف. 

تواطؤ المدين مع من تصرف إليه. حق صاحب الدين الثابت في اقتضاء دينه من مدينه غير التاجر في أي وقت، وفي الاتفاق معه على طريقة الوفاء نقداً أو بمقابل. لا تأثير في ذلك لمجرد علم الدائن بما لغيره من دين. تمسك المتصرف إليه بأن البيع كان تسوية لمعاملات سابقة بينه وبين البائع. استناده في ذلك إلى مستندات. إهمال المحكمة بحث هذه المستندات قولاً منها بتواطؤ المشتري مع البائع لعلم المشتري بدين غيره. قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع.
(المادة 143 مدني)

------------
إن طلب إبطال التصرف الحاصل من المدين عملاً بالمادة 143 من القانون المدني يقتضي أن يثبت الدائن تواطؤ مدينه مع من تصرف إليه، وأن يكون التصرف ذاته قد أدى إلى إعسار المدين بحيث لم يعد لديه ما يوفى بحق الدائن المدعي. هذا هو حكم القانون على إطلاقه. إلا أنه يجب أن يلاحظ في تطبيقه أن لمن يكون له دين ثابت الحق في أن يقتضي دينه من غريمه غير التاجر في أي وقت شاء، وأن يتفق معه على طريقة الوفاء، سواء أكان ذلك عيناً أم بمقابل (Dation en payement). ولا يؤثر في ذلك علم هذا الدائن بما لغيره من دين، بل إذا كان هناك مطعن فلا سبيل لتوجيهه إلا إلى الحق الذي اتخذ أساساً للاتفاق أو إلى المحاباة التي قد تقع فيه. فإذا كان المشتري قد تمسك بأن البيع الصادر إليه إنما كان تسوية لمعاملات سابقة بينه وبين البائع مستنداً في ذلك إلى عقود مسجلة وإلى مستندات أخرى قدمها لتأييد دعواه، فلم تتناول المحكمة هذه الأوراق بالبحث والتمحيص لكي تقول كلمتها فيها، بل استخلصت من مجرد علم المشتري بدين غيره على مدينه دليلاً على تواطئه مع البائع، وحكمت في الدعوى على هذا الأساس، فإن حكمها يكون مشوباً بالقصور في أسبابه.


الوقائع

تتحصل وقائع هذا الطعن في أن الطاعن رفع أمام محكمة مصر الابتدائية الدعوى رقم 1023 سنة 1933 كلي ضد حسنين شحاته مورث المطعون ضدهم وحافظ زين الدين وقلم كتاب محكمة مصر، وقال في صحيفتها إنه يمتلك منزلاً و18 س و8 ط و15 ف آلت إليه بطريق الشراء من حافظ زين الدين بموجب عقد مصدق عليه في 22 من مارس سنة 1932 ومسجل في 30 من ذلك الشهر، وإنه واضع اليد على هذه العقارات من تاريخ الشراء كما كان واضعاً اليد عليها من قبل، بعضها بطريق الرهن الحيازي والبعض بطريق البيع الوفائي بمقتضى عقد يرجع تاريخه إلى 15 من مايو سنة 1924، وإنه لدين مطلوب لمورث المطعون ضدهم قبل حافظ زين الدين (البائع) شرع هذا المورث في نزع ملكية العقارات على اعتبار أنها مملوكة للمدين. وطلب الطاعن في نهاية الصحيفة الحكم له بملكيته لهذه العقارات ومحو ما توقع عليها من التسجيلات بناءً على طلب مورث المطعون ضدهم مع الحكم على من ترى المحكمة إلزامه بالمصاريف.
وفي 22 من إبريل سنة 1934 قضت محكمة مصر للطاعن بطلباته وألزمت المورث بالمصاريف.
استأنف المورث الحكم أمام محكمة استئناف مصر بالاستئناف رقم 1084 سنة 51 قضائية.
وفي 21 من إبريل سنة 1935 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المستأنف عليه (الطاعن) مع إلزامه بالمصاريف وثمانية جنيهات مقابل أتعاب المحاماة.
فرفع الطاعن عن ذلك الحكم طعناً إلى محكمة النقض والإبرام قيد برقم 94 سنة 5 قضائية. وفي 21 من مايو سنة 1936 قضت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى لمحكمة الاستئناف للحكم فيها من جديد.
نظر الاستئناف من جديد. وفي 27 من يونيو سنة 1937 قضت محكمة الاستئناف بعدم قبول الاستئناف شكلاً وألزمت مورث المطعون ضدهم بالمصاريف. فطعن هذا الأخير في الحكم بطريق النقض وقيد طعنه برقم 77 سنة 7 قضائية. وفي 17 من مارس سنة 1938 قضت محكمة النقض والإبرام بنقض الحكم المطعون فيه وبإعادة الدعوى لمحكمة الاستئناف للحكم في الموضوع دون الشكل وألزمت حسن علي العوادلي (الطاعن الحالي) بالمصاريف.
نظر الاستئناف للمرة الثالثة. وفي 19 من مايو سنة 1942 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الطاعن مع إلزامه بالمصاريف وخمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة.
أعلن الحكم للطاعن في 4 من يوليو سنة 1942 فقرر وكيله الطعن فيه بطريق النقض في 2 من أغسطس سنة 1942 وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهم إلخ إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن الوجه الأول يتحصل في أن بالحكم المطعون فيه قصوراً في التسبيب بيانه أن الطاعن تقدم لمحكمة الاستئناف بعدة مستندات يؤيد بها دعواه وينفي فكرة التواطؤ بينه وبين المدين حافظ زين الدين حسين إضراراً بالغير، ويثبت أن سبب تحرير عقد البيع الصادر إليه من المدين إنما كان لوفاء الدين المطلوب من هذا المدين من زمن سابق للدين المطلوب لمورث المطعون ضدهم، ولكن محكمة الموضوع لم تتول هذه المستندات بالبحث، كما لم ترد على ما تضمنه الحكم الابتدائي من أسباب تنفي حصول التواطؤ بين الطاعن والمدين.
وحيث إنه يتبين من مراجعة وقائع الدعوى حسبما جاء بالحكم الابتدائي والحكم الاستئنافي المطعون فيه والمذكرات المقدمة إلى القضاء الموضوعي أن الطاعن أسس دعواه على أن الأعيان موضوع النزاع آلت إليه بطريق الشراء من حافظ زين الدين حسين بمقتضى عقد مصدق عليه في 22 من مارس سنة 1932 ومسجل بمحكمة مصر المختلطة في 30 منه برقم 1352 وأن هذا البيع قد تم تسوية للديون المطلوبة من البائع المذكور فقد كان مورث الطاعن علي علي العوادلي واضعاً يده على الأطيان على سبيل الرهن الحيازي منذ سنة 1922 ثم البيع الوفائي المحرر في 15 من مايو سنة 1924 والمسجل في 21 من مارس سنة 1930 برقم 1406.
وحيث إن طلب إبطال التصرف الحاصل من المدين عملاً بالمادة 143 من القانون المدني يقتضي أن يثبت الدائن تواطؤ مدينه مع من تصرف إليه، وأن يكون هذا التصرف بالذات قد أدى إلى إعسار المدين بحيث لم يعد في طاقته الوفاء بحق الدائن الذي يطلب إبطال التصرف. هذا هو حكم القانون؛ إلا أنه يجب أن يلاحظ في تطبيقه أن لمن كان له دين ثابت الحق التام في اقتضاء دينه من غريمه غير التاجر في أي وقت شاء، وفي الاتفاق مع هذا الغريم على طريقة الوفاء سواء كان ذلك نقداً أو عيناً من الأعيان (Dation en payement)، وأنه لا تأثير في ذلك لمجرد علم هذا الدائن بدين غيره، بل إذا كان هناك مطعن فلا سبيل لتوجيهه إلا إلى الحق الذي اتخذ أساساً للاتفاق أو المحاباة التي قد تقع فيه.
وحيث إنه قد تقدم القول بأن ما يتمسك به الطاعن لدى القضاء الموضوعي هو أن البيع الصادر إليه كان تسوية لمعاملات سابقة. وقد استند في ذلك إلى عقود مسجلة ومستندات أخرى قدمها تأييداً لدعواه إلا أن محكمة الموضوع لم تتناول هذه المستندات بالبحث والتمحيص حتى تقول كلمتها فيها بل استخلصت من مجرد علم الدائن بدين غيره دليلاً على التواطؤ مع أن هذا العلم لا تتوافر به وحده شرائط دعوى إبطال التصرف. وكان الأمر يقتضي أن تتحقق المحكمة مما يتمسك به الطاعن من حقوق لو ثبتت لكان لها أثرها في مصير الدعوى.
وحيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد جاء مشوباً بقصور في أسبابه وإخلال بحقوق الدفاع وهو ما يعيبه ويوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

الطعنان 37 ، 38 لسنة 48 ق جلسة 2 / 4 / 1980 مكتب فني 31 ج 1 أحوال شخصية ق 198 ص 1013

جلسة 2 إبريل سنة 1980

برئاسة السيد المستشار أحمد سيف الدين سابق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محمود الباجوري، إبراهيم محمد هاشم، محمد طه سنجر وصبحي رزق داود.

----------------

(198)
الطعنان رقما 37/ 38 لسنة 48 ق "أحوال شخصية"

إرث. استئناف. حكم. نقض.
إقامة كل من الخصمين دعوى بإثبات وراثته. القضاء برفض الدعوى الأولى وفي الدعوى المنضمة بثبوت النسب مع إحالتها للتحقيق لإثبات أن المدعي هو الوارث الوحيد. تأييده استئنافياً. قضاء غير منه للخصومة. عدم جواز الطعن فيه بطريق النقض استقلالاً. م 212 مرافعات.

------------------
إذ كان البين من الحكم المطعون فيه أن محكمة أول درجة أمرت بضم الدعوى رقم 246 لسنة 1971 كلي أحوال شخصية الإسكندرية "نفس" إلى الدعوى رقم 325 لسنة 1969 كلي أحوال شخصية الإسكندرية "نفس" ليصدر فيهما حكم واحد، وإذ كان المدعي في كل يدعي وراثته للمتوفاة دون خصمه، فالطلب في إحداها يعتبر الوجه الآخر للطلب في الأخرى ودفاع فيها، بحيث يكون الحكم بالطلبات في إحداها مؤدياً بالضرورة لرفض الطلبات في الثانية، ومن ثم فإنهما تندمجان فتصبحان دعوى واحدة، وتفقد كل منهما استقلالها وذاتيتها. لما كان ذلك، وكانت الدعوى رقم 346 لسنة 1971 أحوال كلي الإسكندرية قد أقيمت بطلب إثبات وراثة السيدة..... للمرحومة.... دون شريك لها في التركة، فقضى فيها بعدم الضم بثبوت بنوتها للمتوفاة وبإحالة الدعوى للتحقيق لتثبت أنها الوارثة الوحيدة لكل التركة، وكان الحكم المنهي للخصومة في معنى المادة 212 مرافعات هو الذي ينتهي به النزاع في كل الطلبات التي رفعت بها الدعوى، فإن الحكم المطعون فيه وإن صدر برفض الدعوى رقم 325 لسنة 1969 أحوال كلي الإسكندرية بعد أن فقدت استقلالها واندمجت في الدعوى رقم 346 لسنة 1971 أحوال كلي الإسكندرية التي لازال طلب إثبات وراثة المدعية فيها للمتوفاة دون شريك لها معروضاً على محكمة الموضوع ولما تفصل فيه بعد، فإن الحكم في هذه الدعوى الأخيرة لا يكون منهياً لكل الخصومة، ويكون الطعن فيه مباشرة وقبل الفصل في الطلب سالف البيان غير جائز عملاً بنص المادة 212 من قانون المرافعات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المرحوم... مورث الطاعنين في الطعن رقم 37 لسنة 48 ق أقام الدعوى رقم 325 لسنة 69 كلي أحوال شخصية "نفس" ضد المطعون عليها... بطلب إثبات وفاة المرحومة... في 19/ 6/ 1969 وانحصار إرثها فيه وفي المرحومين.... و.... "مورثي المطعون عليهم الثانية والثالثة والخامس" وفي المطعون عليها الأولى دون شريك ولا وارث للمتوفاة سواهم وأمر المطعون عليها الرابعة بتسليمه نصيبه في التركة وبعدم التعرض له فيه. وقال بياناً لها إن المرحومة.... توفيت ولا وارث لها سواه وأولاد خالتها المذكورين، وقد تقدم بطلب لضبط الإشهاد الشرعي رقم 243 لسنة 1969 وراثات محكمة الرمل الجزئية فتدخلت المطعون عليها الرابعة وطلبت رفضه بزعم أنها ابنة المتوفاة بينما هي لا ترث في التركة بأي سبب من أسباب الإرث وأن المطعون عليها الأولى التي تضع اليد على أعيان التركة لم تسلمه نصيبه فيها. وأقامت.... الدعوى رقم 346 لسنة 1971 كلي أحوال شخصية الإسكندرية ضد السيدة... "الطاعنة في الطعن رقم 38 لسنة 48 ق" وباقي المطعون عليهم فيه، بطلب إثبات وفاة نفس المتوفاة وانحصار إرثها فيها وحدها دون شريك لها فيه، وإبطال إعلام الوراثة الصادر للطاعنة المذكورة في المادة 45 وراثات الوايلي. وبعد أن قررت المحكمة ضم الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد حكمت بتاريخ 30/ 12/ 1974 في الدعوى رقم 346 لسنة 1971 بثبوت نسب... إلى المرحومة... وببطلان إعلام الوراثة الصادر في المادة 45 وراثات الوايلي، وقبل الفصل في باقي طلباتها بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت أنها الوارثة الوحيدة لأمها، وفي الدعوى 325 لسنة 1969 برفضها. استأنفت الطاعنة في الطعن رقم 38 لسنة 48 ق هذا الحكم بالاستئناف رقم 4 لسنة 1975 أحوال شخصية الإسكندرية، واستأنفه ورثة المرحوم... بالاستئناف رقم 14 لسنة 1975 أحوال شخصية الإسكندرية وبعد ضم الاستئنافين حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف، طعنت السيدة.... في هذا الحكم بطريق النقض وقيد طعنها برقم 38 لسنة 48 ق، كما طعنت السيدة... عن نفسها وبصفتها عليه بذات الطريق وقيد طعنها برقم 37 لسنة 48 ق، وقدمت النيابة العامة مذكرة في هذا الطعن أبدت فيه الرأي برفضه، ومذكرة في الطعن الآخر دفعت فيه بعدم جوازه، وإذ عرض الطعنان على المحكمة في غرفة مشورة أمرت بضمهما وحددت جلسة لنظرهما وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن البين من الحكم المطعون فيه أن محكمة أول درجة أمرت بضم الدعوى 346 لسنة 1971 إلى الدعوى رقم 325 لسنة1969 ليصدر فيهما حكم واحد، وإذ كان المدعى في كل يدعي وراثته للمتوفاة دون خصمه، فالطلب في إحداها يعتبر الوجه الآخر للطلب في الأخرى ودفاع فيها، بحيث يكون الحكم بالطلبات في إحداها مؤدياً بالضرورة لرفض الطلبات في الثانية، ومن ثم فإنهما تندمجان فتصبحان دعوى واحدة، وتفقد كل منهما استقلالها وذاتيتها، لما كان ذلك، وكانت الدعوى رقم 346 لسنة 1971 أحوال كلي الإسكندرية قد أقيمت بطلب إثبات وراثة السيدة... للمرحومة.... دون شريك لها في التركة، فقضى فيها بعد الضم بثبوت بنوتها للمتوفاة وبإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت أنها الوارثة الوحيدة لكل التركة، وكان الحكم المنهي للخصومة في معنى المادة 212 مرافعات هو الذي ينتهي به النزاع في كل الطلبات التي رفعت بها الدعوى، فإن الحكم المطعون فيه وإن صدر برفض الدعوى رقم 325 لسنة 1969 بعد أن فقدت استقلالها واندمجت في الدعوى 346 لسنة 1971 التي لا تزال طلب إثبات وراثة المدعية فيها للمتوفاة دون شريك لها معروضاً على محكمة الموضوع ولما تفصل فيه بعد، فإن الحكم في هذه الدعوى الأخيرة لا يكون منهياً لكل الخصومة، ويكون الطعن فيه مباشرة وقبل الفصل في الطلب سالف البيان غير جائز عملاً بنص المادة 212 من قانون المرافعات.
ولما تقدم يتعين الحكم بعدم جواز الطعنين.

الطعن 351 لسنة 44 ق جلسة 16 / 3 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 152 ص 773

جلسة 16 من مارس سنة 1978

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة عز الدين الحسيني وعضوية السادة المستشارين: الدكتور مصطفى كيره، وعثمان الزيني، وسعد العيسوي، والدكتور سعيد عبد الماجد.

----------------

(152)
الطعن رقم 351 لسنة 44 القضائية

(1) إعلان "بطلان الإعلان". بطلان. استئناف. إثبات.
حضور الخصم الذي يسقط الحق في التمسك ببطلان الصحيفة لعيب في الإعلان هو الذي يتم بناء على إعلان الورقة ذاتها. مجرد الحضور في الزمان والمكان المعينين في الورقة قرينة على أن الحضور تم بناء على الورقة. والتمسك ببطلانها إثبات العكس.
(2) تقادم "تقادم مسقط" انقطاع التقادم.
للمحكمة من تلقاء نفسها أن تقرر بانقطاع التقادم إذا طالعتها أوراق الدعوى بقيام سببه.
(3) هبة "التزام" "الشرط الفاسخ" عقد.
تعليق الهبة على شرط فاسخ. تحقق الشرط. أثره. جواز استرداد الواهب ما وهبه. لا يجوز للموهوب له التمسك بقيام مانع من الرجوع في الهبة. علة ذلك.
(4) دعوى. عقد "فسخ العقد" تقادم.
حق الواهب في استرداد المال الموهوب في حالة تحقق الشرط الفاسخ الذي علق عليه الالتزام. أساسه دعوى الفسخ. عدم خضوعها للتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 187 مدني.

---------------
1 - من المقرر إنه طبقاً لنص المادة 114 من قانون المرافعات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يزول البطلان في ورقة التكليف بالحضور الناشئ عن عيب إعلانها بحضور المعلن إليه بالجلسة المحددة في هذا الإعلان. ولئن كان حضور الخصم الذي يسقط الحق في التمسك بالبطلان هو الذي يتم بناء على إعلان الورقة ذاتها، إلا أن مجرد الحضور في الزمان والمكان المعينين في الورقة يقيم قرينة قضائية على أن الحضور بناء على الورقة، ومن ثم يقع على التمسك ببطلانها عبء إثبات العكس.
2 - جرى قضاء هذه المحكمة على أنه حسب محكمة الموضوع أن يدفع أمامها بالتقادم حتى يتعين عليها أن تبحث شرائطه القانونية ومنها المدة بما يعترضها من انقطاع إذ إن حصول الانقطاع يحول دون اكتمال مدة التقادم مما يقتضي التثبت من عدم قيام أحد أسباب الانقطاع، ومن ثم فالمحكمة ولو من تلقاء نفسها أن تقرر بانقطاع التقادم إذا طالعتها أوراق الدعوى بقيام سببه.
3 - الالتزام في عقد الهبة - شأنه شأن سائر العقود - قد يكون معلقاً على شرط فاسخ، فإذا تحقق الشرط ترتب على ذلك زوال الالتزام وحاز للواهب أن يسترد ما وهبه ولا يشترط في هذه الحالة أن يستند الواهب إلى عذر مقبول وإنما يكفي تحقق الشرط، كما لا يجوز للموهوب له أن يتمسك بقيام مانع من الرجوع في الهبة، لأن العقد شريعة المتعاقدين ويجب عليهما تنفيذ ما اشتمل عليه، ويقوم مقام القانون في تنظيم العلاقة بينهما، بل هو ينسخ القانون في دائرة النظام العام والآداب. ولما كانت محكمة الموضوع بما لها من سلطة تفسير العقود قد استظهرت - للأسباب السائغة السابق بيانها إن الدولة وهبت جمعية الاقتصاد لموظفي البريد التي يمثلها الطاعن المبلغ موضوع النزاع هبه معلقة على شرط فاسخ هو عدم استحقاق مستخدمي المصلحة الخارجين على الهيئة والمؤقتين لمكافآت من قبل الدولة، وإن هذا الشرط قد تحقق بصدور القانون رقم 545 لسنة 1953 الذي حمل الدولة بالمكافآت المستحقة لهم، ورتب الحكم على ذلك قضاءه برد المبلغ الموهوب فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
4 - حق الواهب في استرداد المال الموهوب في حالة تحقق الشرط الفاسخ للهبة يقوم على أساس استرداد ما دفع بغير وجه حق وقد أكدت المادة 182 من القانون المدني هذا المعنى بنصها على إنه يصح استرداد غير المستحق إذا كان الوفاء قد تم تنفيذاً لالتزام زال سببه بعد أن تحقق، إلا أنه لما كان الثابت أن المطعون عليه رفع دعواه بطلب رد المبلغ الموهوب، وكان الطاعن قد نازعه في ذلك وكان رد المبلغ لا يقضي به في هذه الحالة إلا كأثر من الآثار المترتبة على انفساخ العقد طبقاً للمادة 160 من القانون المدني التي تقضي بأنه إذا فسخ العقد أعيد المتعاقدان إلى الحالة التي كان عليها قبل العقد، وكانت دعوى الفسخ لا تخضع للتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 187 من القانون المدني ولا تقادم إلا بمضي خمس عشرة سنة، فإنه طالما يكون للواهب أن يرفع هذه الدعوى فإنه يكون له أن يطالب بالآثار المترتبة عليها ومنها رد المال الموهوب، إذ لا يكون هذا المال مستحق الأداء ممكناً المطالبة به إلا بعد تقرير الفسخ، إذ كان ذلك فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي وتلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن وزير المالية والاقتصاد (المطعون عليه) أقام الدعوى رقم 7569 سنة 1971 مدني كلي جنوب القاهرة ضد الطاعن بصفته المصفى لجمعية الاقتصاد والتعاون لموظفي هيئة البريد وطلب فيها الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 58691 جنيهاً و233 مليماً، وقال بياناً لها أن الوزارة كانت تمنح تلك الجمعية إعانة سنوية تعادل 2% من مجموع مرتبات الموظفين بمصلحة البريد الخارجين على الهيئة والمؤقتين في مقابل أن تصرف الجمعية مكافآتهم عند ترك الخدمة أو الوفاة، ولما صدر القانون رقم 545 لسنة 1953 ونص فيه على التزام الوزارة بصرف المكافآت المستحقة للعاملين البائعين لها توقفت عن دفع تلك الهبة وطالبت الطاعن برد ذلك المبلغ والذي ظهر في ميزانية الجمعية عن السنة المالية المنتهية في 31/ 12/ 1959 أنه لم يصرف لهؤلاء الموظفين، وإذ امتنع السداد فقد أقام الدعوى بطلباته. وبتاريخ 27/ 4/ 1952 حكمت محكمة أول درجة بانقضاء التزام الطاعن بالتقادم الطويل استأنف المطعون عليه بالاستئناف رقم 3735 سنة 89 ق القاهرة. وفي 14/ 6/ 1973 حكمت محكمة الاستئناف برفض الدفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن ثم عادت في 31/ 3/ 1974 وحكمت بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون عليه المبلغ المطلوب. طعن الطاعن في هذين الحكمين بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على المحكمة في غرفة المشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
حيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الصادر بتاريخ 12/ 6/ 1973 الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أنه دفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم إعلانه بصحيفته إعلاناً صحيحاً خلال ثلاثة أشهر من تقديمها إلى قلم الكتاب، وأن إعلانها باطل لأن الورقة سلمت في مسكنه مع أنه يجب تسليمها في مقر الجمعية التي يمثلها، وأن حضوره بالجلسة المحددة لنظر الاستئناف لا يزيل هذا البطلان لأنه لم يكن بناء على الإعلان ولكنه علم مصادفة بقيام الاستئناف وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض هذا الدفع استناداً إلى القول بأن مجرد حضور الطاعن بالجلسة يزيل البطلان ولم يورد الدليل على أن ذلك الإعلان الباطن كان مصدر علم الطاعن بالجلسة، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه طبقاً لنص المادة 114 من قانون المرافعات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يزول البطلان في ورقة التكليف بالحضور الناشئ عن عيب في إعلانها بحضور المعلن إليه بالجلسة المحددة في هذا الإعلان. ولئن كان حضور الخصم الذي يسقط الحق في التمسك بالبطلان هو الذي يتم بناء على إعلان الورقة ذاتها، إلا أن مجرد الحضور في الزمان والمكان المبينة في الورقة يقيم قرينة قضائية على أن الحضور تم بناء على الورقة، ومن ثم يقع على التمسك ببطلانها عبء إثبات العكس. ولما كان الطاعن - المستأنف عليه - قد حضر بالجلسة الأولى التي تحددت لنظر الاستئناف في الإعلان الذي وجه إليه في مسكنه في خلال الموعد القانوني، ولم يقدم لمحكمة الاستئناف أي دليل على أن حضوره بتلك الجلسة لم يكن بناء على هذا الإعلان أو يطلب منها تحقيق ذلك، فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون أو القصور في التسبيب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثاني الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت في الأوراق والقصور في التسبيب ذلك أن الحكم المطعون فيه رفض الدفع بسقوط الدين محل النزاع بالتقادم الطويل تأسيساً على أن مدة التقادم قد انقطعت بالطلب الذي حرره رئيس الجمعية بتاريخ 25/ 4/ 1956، في حين أن المطعون عليه لم يتمسك بهذا الخطاب أو يستند إليه في دفاعه، كما أنه صادر من رئيس الجمعية الذي لا يملك الإقرار بالدين طبقاً لنظامها الأساسي، فضلاً عن أنه لا يتضمن إقراراً صحيحاً أو ضمنياً بالدين وأن تضمن مفاوضه في إنهاء النزاع، ومن ثم لا يقطع التقادم حسب التيارات الواردة به والتي لم تشر إليها محكمة الاستئناف في حكمها.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المطعون عليه وقد تمسك أمام محكمة الموضوع بانقطاع التقادم وقدم لها مستنداته التي اعتمد عليها في دفاعه ومن بينها الخطاب المؤرخ 25/ 4/ 1956 فلا محل للنعي على قضائها بأنها استندت إلى هذا الخطاب باعتباره قاطع للتقادم وحسبها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تدفع أمامها بالتقادم حتى يتعين عليها أن تثبت شرائطه القانونية ومنها المدة بما يعترضها من انقطاع، إذ أن حصول الانقطاع يحول دون اكتمال مدة التقادم مما يقتضي التثبت من عدم قيام أحد أسباب الانقطاع، ومن ثم فالمحكمة ولو من تلقاء نفسها أن تقرر بانقطاع التقادم إذا طالعتها أوراق الدعوى بقيام سببه. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بانقطاع التقادم على أن رئيس الجمعية الطاعنة قد أثر صراحة المديونية في الخطاب المؤرخ 25/ 4/ 1956، وكان الإقرار بالدين أو الحق قبل اكتمال مدة التقادم لا يتضمن تصرفاً في الحق ذاته ولكنه يتضمن نزولاً عن مدة التقادم التي انقضت فيكفي أن تتوافر في المقر أهلية الإدارة، وكان لا يعيب الحكم أنه لم يذكر عبارات الخطاب الذي اعتمد عليه ما دام هذا المستند مقدماً للمحكمة وترافع بشأنه الخصوم، مما يكفي معه مجرد الإشارة إليه، فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب يكون على غير أساس، لما كان ذلك وكان الطاعن لم يقدم صورة رسمية من الخطاب المؤرخ 25/ 4/ 1956 للتدليل على ما تمسك به من أن عباراته لا يتضمن الإقرار بالدين، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة الثابت بالأوراق يكون مجرد من الدليل.
وحيث إن حاصل السببين الرابع والخامس الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول الطاعن أن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على ما تمسك به من أن صدور القانون رقم 545 لسنة 1953 لا يمكن اعتباره عذراً للرجوع في الهبة لأنه وإن كانت المبالغ التي وهبتها الدولة إلى الجمعية التي يمثلها الطاعن مخصصة لصرف المكافآت المستحقة لبعض العاملين بمصلحة البريد وهم المستخدمين الخارجين على الهيئة والمؤقتين إلا أنه من حق هؤلاء كما جاء بكتاب وزارة المالية المؤرخ 31/ 1/ 1954 الجمع بين المكافآت المستحقة لهم قبل الدولة وتلك التي تصرفها لهم الجمعية من أموالها الخاصة، هذا إلى خطأ الحكم إذ قضى بالرجوع في الهبة في حين أن الجمعية تلقتها بعوض هو قيامها بسداد المكافآت المستحقة لبعض الموظفين ومن ثم لا يجوز الرجوع فيها وفقاً لنص المادة 503 فقرة (ز) من القانون المدني.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على قوله" ولما كان قانون نظام الجمعية قد نص في الفقرة رابعاً من البند الرابع من الباب الثاني على أنه موارد الجمعية (المبلغ المخصص من الحكومة للجمعية من أول يناير سنة 1904 بواقع 2% من مجموع ماهيات المستخدمين الخارجين عن هيئة البريد والذي يصرف لهم دون سواهم وعن المدة السابقة حتى سبتمبر سنة 1953 طالما أن هذا الباب مرصد بإيرادات الجمعية) ومؤدى ذلك أن المبلغ الذي كان يدفع من الحكومة لم يكن إعانة منها للجمعية لتحقق أغراضها بل كان هذا المبلغ مخصصاً لفئة معينة من موظفي هيئة البريد الأمر الذي يجعل من حق الحكومة استرداد المبالغ التي لم يتم صرفها بعد لهؤلاء الموظفين، ويؤكد هذا النظر البند 24 من الباب الرابع من نظام الجمعية الذي نص على أن للأعضاء الخارجين عن هيئة العمال الحق في الاستيلاء على نصيبهم في الإعانة التي تمنحها الحكومة للجمعية من سنة 1904 وعن المدة السابقة حتى سبتمبر سنة 1953 وذلك علاوة على مكافآت الجمعية المنصوص عنها في البندين 18، 19 من نظام الجمعية، فالجمعية بحكم قانونها تقر بأن المبالغ التي تؤديها الدولة إليها ليست إعانة بالمعنى المطلق بحيث يكون لها التصرف فيها في أي غرض من أغراض الجمعية وإنما هي هبة مشروطة ومخصصة لغرض معين وأشخاص محددين من أعضاء الجمعية هم أولئك المشار إليهم في قانونها... ولما كان للواهب العدول عن الهبة متى تخلف الشرط الذي صدرت به فلا جدل في أن المبالغ التي دخلت ذمة الجمعية المستأنف عليها ولم تكن قد استحقت لهم حتى صدور القانون رقم 545 لسنة 1953 قد تخلف شرط التبرع به إذ التزمت الدولة بأن تؤدي إليهم مباشرة حقوقهم كاملة، كما أن الجمعية بحكم قانونها لا يجوز لها أن تتصرف فيها بغير هذا الغرض المحدود هو ما يجعل المطالبة هنا على أساس القانون "ولما كان الالتزام في عقد الهبة - شأنه شأن سائر العقود - قد يكون معلقاً على شروط فاسخ فإنه إذا تحقق الشرط ترتب على ذلك زوال الالتزام وجاز للواهب أن يسترد ما وهبه. ولا يشترط في هذه الحالة أن يستند الواهب إلى عذر مقبول وإنما يكفي تحقق الشرط، كما لا يجوز للموهوب له أن يتمسك بقيام مانع من الرجوع في الهبة، لأن العقد شريعة المتعاقدين ويجب عليهما تنفيذ ما اشتمل عليه، ويقوم مقام القانون في تنظيم العلاقة بينهما، بل هو يفسخ القانون في دائرة النظام العام والآداب، ولما كانت محكمة الموضوع بما لها من سلطة تفسير العقود قد استظهرت للأسباب السائغة السابق بيانها أن الدولة وهبت جمعية الاقتصاد لموظفي البريد التي يمثلها الطاعن المبلغ موضوع النزاع هبة معلقة على شرط فاسخ هو عدم استحقاق مستخدمي المصلحة الخارجين على الهيئة والمؤقتين لمكافآت من قبل الدولة، وأن هذا الشرط قد تحقق بصدور القانون رقم 545 لسنة 1953 الذي حمل الدولة بالمكافآت المستحقة لهم ورتب الحكم على ذلك قضاءه برد المبلغ الموهوب، فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون أو شابه قصور في التسبيب.
وحيث إن حاصل السبب الثالث الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول الطاعن أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأن الدعوى في حقيقتها دعوى رد ما دفع بغير وجه وتمسك على هذا الأساس بسقوط الحق في إقامتها بمضي أكثر من ثلاث سنوات على تاريخ علم المطعون عليه بحقه في الاسترداد، ورفض الحكم المطعون في هذا الدفاع بمقولة أن دعوى الرجوع في الهبة واسترداد المبالغ الموهوبة ليست من الدعاوى التي نص القانون على أجل قصير لتقادمها، في حين أن المادة 181 من القانون المدني الذي بينت الحالات التي يصح فيها استرداد غير المستحق ولم تذكر دعاوى معينة وإنما أجازت الاسترداد متى كان للوفاء وقد تم تنفيذاً لأي التزام زال سببه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه وإن كان حق الواهب في استرداد المال الموهوب في حالة تحقق الشرط الفاسخ للهبة يقوم على أساس استرداد ما دفع بغير وجه حق، وقد أكدت المادة 182 من القانون المدني هذا المعنى بنصها على أنه يصح استرداد غير المستحق إذا كان الوفاء قد تم تنفيذاً لالتزام زال سببه بعد أن تحقق، إلا أنه لما كان الثابت أن المطعون عليه رفع دعواه بطلب رد المبلغ الموهوب، وكان الطاعن قد نازعه في ذلك، وكان رد المبلغ لا يقضي به في هذه الحالة إلا كأثر من الآثار المترتبة على انفساخ العقد طبقاً للمادة 160 من القانون المدني التي تقضي بأنه إذا فسخ العقد أعيد للمتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد، وكانت دعوى الفسخ لا تخضع للتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 187 من القانون المدني ولا تتقادم إلا بمضي خمس عشرة سنة، فإنه طالما يكون له أن يطالب بالآثار المترتبة عليها ومنها رد المال الموهوب، إذ لا يكون هذا المال مستحق الأداء ممكناً المطالبة به إلا بعد تقرير الفسخ. إذ كان ذلك فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 52 لسنة 12 ق جلسة 1 / 4 / 1943 مج عمر المدنية ج 4 ق 41 ص 97

جلسة أول إبريل سنة 1943

برياسة حضرة عبد الفتاح السيد بك رئيس المحكمة وبحضور حضرات: حسن زكي محمد بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك ونجيب مرقس بك المستشارين.

-------------

(41)
القضية رقم 52 سنة 12 القضائية

أ - نقض وإبرام. 

حكم بعدم قبول طلب تعجيل الدعوى بناءً على الحكم الصادر فيها ببطلان المرافعة صار نهائياً. حكم منه للخصومة. الطعن فيه بطريق النقض. جائز.
(المادة 9 من القانون رقم 68 لسنة 1931).
ب - دعوى. صفة. 

خصم قاصر. تمثيل والده له. بلوغ القاصر الرشد في أثناء الخصومة. عدم علم الخصم الآخر بتغير حالة القاصر. استمرار حضور والده عنه بقبوله ورضائه. قيام هذه النيابة. تقدير موضوعي. الحكم الصادر في الدعوى. سريانه على القاصر.

----------------
1 - القضاء بعدم قبول تعجيل الدعوى بناءً على أن الحكم الصادر فيها ببطلان المرافعة قد صار نهائياً هو حكم قطعي مُنْه للخصومة، فالطعن فيه بطريق النقض جائز طبقاً للمادة التاسعة من قانون محكمة النقض.
2 - إذا كان أحد خصوم الدعوى قاصراً يمثله والده فيها تمثيلاً صحيحاً، ثم لما بلغ رشده في أثناء التقاضي استمر والده يحضر عنه بقبوله ورضائه، فإن هذا التمثيل يجب أن ينتج كل آثاره القانونية، فيكون الحكم الصادر في الدعوى كما لو كان القاصر بعد بلوغه قد حضر بنفسه الخصومة. وخصوصاً إذا كان خصم القاصر لم يكن على بينة من التغير الطارئ على حالته، فإنه يكون معذوراً إذا هو لم يكن قد وجه الإعلانات المتعلقة بالخصومة إليه شخصياً. على أن الرأي في قيام هذه الإنابة أو عدم قيامها مما يتعلق بالوقائع، فلا سبيل للجدل فيه لدى محكمة النقض متى كانت النتيجة التي انتهت إليها محكمة الموضوع خالصة مما يؤدي إليها (1).


الوقائع

تتحصل وقائع هذه الدعوى في أن المطعون ضدها رفعت الدعوى رقم 130 سنة 1927 أمام محكمة كوم أمبو ضد علي محمود محمد علي وآخرين طلبت فيها الحكم بثبوت ملكيتها إلى 7 س و14 ط و7 ف شيوعاً في 20 س و6 ط و144 ف وإلى 18 ط و1518 ذراعاً شيوعاً في منزل مساحته 4050 ذراعاً وإلى 337.5 ذراعاً شائعاً في منزل مساحته 4500 ذراع مع كف المنازعة والتسليم وإلزام المدعى عليهم بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. وأثناء نظر الدعوى طلب التدخل فيها كل من علي محمود وأحمد محمد علي طه. وبجلسة 31 من ديسمبر سنة 1928 قررت المحكمة قبول هذا التدخل.
وبتاريخ 28 من مايو سنة 1929 قضت محكمة أول درجة بثبوت ملكية المطعون ضدها إلى 15 س و19 ط و4 ف شائعة في 2 س و2 ط و24 ف وإلى 18 ط و1518 ذراعاً شائعة في منزل مساحته 4050 ذراعاً، وإلى337.5 ذراعاً شائعاً في منزل مساحته 4500 ذراع وكف المنازعة والتسليم وإلزام علي محمود محمد علي والأخصام الآخرين بالمصاريف وإخراج باقي المدعى عليهم من الدعوى بلا مصاريف.
وبتاريخ 15 من سبتمبر سنة 1929 استأنف علي محمود محمد على هذا الحكم لدى محكمة قنا الابتدائية وطلب الحكم بقبول الاستئناف شكلاً وبقبول الدفع الفرعي بعدم اختصاص محكمة أول درجة بالفصل في هذه الدعوى، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى فاطمة حسنين مع إلزامها بمصاريف الدرجتين وأتعاب المحاماة. ولتعديل القانون فيما يختص بالنصاب قررت محكمة قنا الابتدائية إحالة هذا الاستئناف إلى محكمة استئناف أسيوط لاختصاصها، وحددت لذلك جلسة 7 من أكتوبر سنة 1930 وفي هذه الجلسة أوقفت الدعوى لوفاة المستأنف وكذلك لوفاة مدينه موسى.
وبتاريخ 9 من فبراير سنة 1931 عجلت فاطمة حسنين الاستئناف لجلسة 11 من مارس سنة 1931 وحل محل المستأنف علي محمود محمد علي ورثته ومن بينهم محمد عدلان عن نفسه وبصفته ولياً على أولاده القصر مصطفى وخديوية وشاذلية. وأثناء نظر الدعوى بالاستئناف قرر محمد عدلان المذكور بجلسة 16 من نوفمبر سنة 1932 أن نفيسة علي محمود إحدى ورثة المستأنف توفيت وأنه هو وأولاده القصر هم ورثتها، وأنه هو الممثل لهؤلاء القصر باعتباره ولي أمرهم، ووجه الخصومة إلى المستأنف ضدها (المطعون ضدها) بهذه الصفة.
وبجلسة 12 من مايو سنة 1936 أوقفت الدعوى مرة أخرى لوفاة يوسف موسى أحد المستأنف ضدهم.
ثم رفعت فاطمة حسنين (المطعون ضدها) الدعوى رقم 121 سنة 14 قضائية ببطلان المرافعة ضد جميع الخصوم ومنهم محمد عدلان عن نفسه وبصفته ولي أمر خديوية ومصطفى لدى محكمة استئناف أسيوط، وذلك في الاستئناف رقم 178 سنة 5 قضائية أسيوط، وبتاريخ 13 من مارس سنة 1941 قضت لها محكمة استئناف أسيوط بطلباتها وإلزام المدعى عليهم بالمصاريف.
وبتاريخ 22 و23 من إبريل سنة 1941 عجل مصطفى محمد عدلان الاستئناف رقم 178 سنة 5 قضائية أسيوط، وقد دفعت فاطمة حسنين بعدم قبول طلب التعجيل لأن الاستئناف سبق أن فصل فيه ببطلان المرافعة، وأما طالب التعجيل (الطاعن) فقد استند إلى أنه كان قد اختصم في دعوى بطلان المرافعة بصفته قاصراً وممثلاً في شخص والده وولي أمره محمد عدلان في حين أنه كان قد بلغ سن الرشد قبل رفع دعوى بطلان المرافعة.
وبتاريخ 26 من إبريل سنة 1942 حكمت المحكمة بقبول الدفع وبعدم قبول تعجيل الدعوى لسبق الحكم فيها ببطلان المرافعة في الدعوى رقم 121 سنة 14 قضائية وألزمت مصطفى محمد عدلان بالمصاريف وبمبلغ 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة لفاطمة حسنين عبد الرحمن.
وبتاريخ 28 من يوليو سنة 1942 قرر مصطفى محمد عدلان بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدها إلخ إلخ.


المحكمة

من حيث إن المطعون ضدها دفعت بعدم قبول الطعن لأنه خاص بإجراء في الدعوى وهو قبول طلب التعجيل أو عدم قبوله، وهو مما لا يصح الطعن فيه بطريق النقض.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قضى بعدم قبول طلب التعجيل على اعتبار أن الحكم ببطلان المرافعة أصبح نهائياً وأن لا حق للطاعن في تعجيل الاستئناف فهو حكم قطعي انتهت به الخصومة. ومن ثم فالطعن فيه بطريق النقض مقبول طبقاً للمادة التاسعة من قانون محكمة النقض والإبرام.
وحيث إن أوجه الطعن تتحصل فيما يأتي: أولاً - خالف الحكم المطعون فيه نص المادة 232 من القانون المدني إذ اعتبر الطاعن ممثلاً تمثيلاً صحيحاً في شخص والده باعتباره ولياً شرعياً في حين أنه كان قد بلغ سن الرشد وقت إعلان دعوى بطلان المرافعة إلى أبيه فهو لم يحضر فيها بنفسه ولا بواسطة من يملك تمثيله قانوناً. وقد خالف الحكم المطعون فيه القانون من ناحية أخرى إذ اعتبر أنه كان يجب على الطاعن أن يتقدم في دعوى بطلان المرافعة بصفته بالغاً للدفاع عن حقه مع أنه غير مطلوب قانوناً من شخص لم ترفع عليه الدعوى أن يحضر فيها للدفاع عن نفسه لأن الحكم الذي يصدر بغير إعلانه لا يكون حجة عليه. ثانياً - ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه قصوره في التسبيب. ويقول في بيان ذلك أن الحكم المطعون فيه اعتبر أن الطاعن تواطأ مع أبيه على إخفاء بلوغ أولهما سن الرشد دون أن تبين مصدر علم الطاعن بدعوى بطلان المرافعة وكيفية هذا التواطؤ والدليل عليه فيما يختص به، فضلاً عن أن واقعة بلوغ سن الرشد ليست من الوقائع التي يمكن إخفاؤها على الخصوم ما دام في مكنتهم الرجوع إلى دفاتر المواليد.
وحيث إن الحكم المطعون فيه اعتبر الحكم القاضي ببطلان المرافعة حجة على الطاعن وقال في هذا الصدد: "وحيث إنه ثابت من الأوراق أن مصطفى محمد عدلان المذكور كان ممثلاً في الدعوى الأصلية في شخص والده محمد عدلان بصفته وليه الشرعي وقد أوقفت الدعوى لوفاة أحد المستأنف عليهم وهو ممثل بتلك الصفة الصحيحة ثم أعلن في دعوى بطلان المرافعة بالصفة المذكورة ولكنه رغماً عن بلوغه سن الرشد في ذلك الوقت، كما يقول، لم يحرك ساكناً للتدخل في الخصومة بصفته الجديدة. كما أن والده محمد عدلان استمر في الخصومة باعتباره وليه الشرعي مع علمه بالتغيير الذي طرأ على صفة ابنه المذكور، وأخفى هذا الأمر على المستأنف عليها التي ما كانت تعلم به. فسلوك الوالد على هذا النحو يستدل منه على تواطئهما معاً على إخفاء الصفة الجديدة عن المستأنف عليها للإضرار بحقوقها، فلا يصح أن ينبني على مثل هذا التواطؤ أي أثر قانوني، وهما اللذان يجب أن يتحملا نتيجته، وليس لهما أن يحتجا على المستأنف عليها ببطلان الحكم الصادر ببطلان المرافعة بحجة أنه قد بني على إجراء باطل طالما أنهما هما اللذان قد تعمدا أن يخفيا عنها الصفة الجديدة المقول بها، وأنهما قبلا توجيه الخصومة إليهما بالصفة القديمة، ومن ثم يكون ذلك الحكم الذي قضى ببطلان المرافعة في الدعوى حجة على المستأنف مصطفى محمد عدلان وليس له - بناءً على ذلك - الحق في تعجيل الدعوى وطلب السير فيها ويتعين الحكم بعدم قبول هذا التعجيل".
وحيث إنه يخلص مما ذكر أن الحكم المطعون فيه اعتبر الحكم القاضي ببطلان المرافعة حجة على مصطفى عدلان بناءً على ما اقتنعت به المحكمة من أن والده كان يمثله تمثيلاً صحيحاً في الخصومة حتى إذا ما بلغ سن الرشد أثناء التقاضي استمر تمثيل والده له بقبوله ورضائه على الأقل بصرف النظر عن قصد الإضرار بالمطعون ضدها، ومن ثم يجب أن ينتج هذا التمثيل كل آثاره القانونية، ويعتبر الحكم كما لو كان القاصر بعد بلوغه سن الرشد حاضراً في الخصومة بنفسه، وما دامت المطعون ضدها لم تكن على بينة من تغير حالة الابن (الطاعن) فلا لوم عليها إذا هي لم توجه الإعلانات المتعلقة بالخصومة إلى الابن نفسه بناءً على استمرار هذا التمثيل. وإذ كان ما رأته المحكمة في صدد هذه الإنابة أمراً متعلقاً بتقدير الوقائع واستخلاص ما تؤدي إليه من نتائج فلا سبيل للجدل في ذلك لدى محكمة النقض.


(1) كان الحكم الذي أراد القاصر التنصل من أثره قد صدر ببطلان المرافعة في الاستئناف المرفوع من والده بصفته ولياً له، وكان دفاع القاصر في طلب التعجيل المقدم منه بعد ذلك الحكم أن طلب بطلان المرافعة قد أعلن إلى وليه في حين أنه كان قبل إعلان ذلك الطلب قد بلغ الرشد. ولم تر محكمة النقض - على ما يظهر من حكمها - أن تعتبر إعلان طلب المرافعة مبدءاً لخصومة جديدة رغم ظاهر نص المادة 302 (مرافعات) بل اعتبرت حضور الوالد بصفته ممثلاً لابنه في دفع هذا الطلب الحادث "مجرد استمرار" في الخصومة عنه بهذه الصفة في الخصومة الأصلية.
ولما كانت الخصومة تنقطع حتماً بزوال صفة الخصم ويترتب على انقطاعها بطلان الإجراءات والأحكام - التالية لحدوث سبب الانقطاع - في حق صاحب الصفة الجديد، فإن محكمة النقض لم تر بداً، لتصحيح حكم بطلان المرافعة في حق الابن، من إبرام الحكم المطعون فيه فيما ذهب إليه من قيام النيابة بين الوالد وابنه بعد بلوغه الرشد ومن اعتبار القول بقيام هذه النيابة (أي الوكالة في هذه الحالة) من التقديرات الموضوعية التي لا سلطان لمحكمة النقض فيها على محكمة الموضوع. ولم تحفل محكمة النقض بما نعى الطاعن على الحكم من قصور في تسبيب قضائه بقيام التواطؤ بين الوالد وابنه على إخفاء الصفة الجديدة، رغم خلو هذا الحكم - في الواقع - من أي دليل على علم الابن بقيام الدعوى عليه في مواجهة أبيه أو على قبوله لوكالته عنه.
وعلى أن محكمة النقض قد ذهبت إلى أبعد مما يكفي لإقامة حكمها - على فرض ثبوت الوكالة بين الأب وابنه - فتحدثت عن أن المطعون ضدها لم تكن على بينة من تغير حالة الابن وأنها لا لوم عليها إذن إذا هي لم توجه الإعلانات المتعلقة بالخصومة إلى الابن نفسه. ولعل الاعتذار يجهل الخصم تغير حالة خصمه مع انتفاء الخطأ من جانب الخصم الذي تغيرت حالته - لعله أن يكون محل نظر، وخصوصاً حين يكون تغير الحالة ببلوغ الرشد ونحوه من العوارض التي يجب إدخالها في حساب الحاسب وترقبها على مر الأيام.
وفي الحق أنه متى كان غرض الشارع من انقطاع المرافعة هو حماية ورثة المتوفى ومن في حكمهم، وليس هو معاقبة خصوم هؤلاء على إهمالهم أو تقصيرهم في مراقبة التغير في صفات خصومهم، فلا يكون ثمة محل للاعتبار بجهل أولئك أو بعذرهم. (يراجع الدكتور محمد حامد فهمي كتاب المرافعات رقم 495 ص 530 وهامشها).

الطعن 51 لسنة 12 ق جلسة 1 / 4 / 1943 مج عمر المدنية ج 4 ق 40 ص 96

جلسة أول إبريل سنة 1943

برياسة حضرة عبد الفتاح السيد بك رئيس المحكمة وبحضور حضرات: حسن زكي محمد بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك ونجيب مرقس بك المستشارين.

--------------

(40)
القضية رقم 51 سنة 12 القضائية

أ - نقض وإبرام. 

حكم من محكمة الاستئناف. قابليته للطعن دائماً. صدوره في موضوع الاختصاص فيه للمحكمة الابتدائية. لا يؤثر في قابليته للطعن.
(المادة 9 من القانون رقم 68 لسنة 1931).
ب - قوة الشيء المحكوم فيه. 

عقد إيجار. الاتفاق فيه على التجاوز عن بعض الأجرة في حالة دفعها في مواعيدها. عدم أداء الأجرة في مواعيدها. القضاء بكل الباقي من الأجرة المستحقة على المستأجر. طلبه فيما بعد الحكم ببراءة ذمته من مبلغ التجاوز. عود إلى موضوع سبق الفصل فيه.

----------------
1 - إن المادة (9) من قانون محكمة النقض والإبرام نصها عام مطلق يقضي بأن للخصوم أن يطعنوا بطريق النقض في جميع الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف. ولذلك فإن الحكم يكون جائزاً الطعن فيه بطريق النقض ولو كان الموضوع في حقيقته من اختصاص المحكمة الابتدائية الفصل فيه.
2 - إذا كان عقد الإيجار متفقاً فيه على التجاوز عن بعض الأجرة في حالة دفعها في مواعيدها فإن هذا التجاوز يكون متعلقاً بذات الحق المطالب به ومرتبطاً بشروط الوفاء به. فإذا قضت المحكمة للمؤجر بباقي الأجرة المستحقة على المستأجر بعد تحققها من انشغال ذمته به، فإنها تكون قد قضت في ذات الوقت ضمناً بعدم استحقاق هذا المستأجر للتجاوز المشترط، وتكون دعوى المستأجر بعد ذلك ببراءة ذمته منه عوداً إلى موضوع سبق الفصل فيه.