الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 24 أبريل 2023

الطعن 114 لسنة 43 ق جلسة 16 / 3 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 151 ص 768

جلسة 16 من مارس سنة 1978

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة عبد العال السيد وعضوية السادة المستشارين: أحمد صلاح الدين زغو، ومحمد فاروق راتب، وإبراهيم فوده، وعماد الدين بركات.

---------------

(151)
الطعن رقم 114 لسنة 43 القضائية

(1) إثبات. تزوير.
تسليم المدين باختياره الورقة الموقعة منه على بياض لآخر. قيام هذا الأخير بتسليمها الثالث الذي ملأ بياناتها على خلاف الحقيقة. اعتباره تزويراًً. جواز إثباته بكافة الطرق.
(2) تزوير. حكم.
عدم جواز الحكم في الادعاء بالتزوير وفي الموضوع معاً. مخالفة الحكم المطعون فيه لهذه القاعدة. خطأ في القانون.

--------------
1 - إذ كان المطعون عليه لما طعن بالتزوير على السند قرر أنه سلم السند لخاله... بعد أن وقع عليه على بياض مقابل اقتراضه من خاله مبلغ 12 جنيهاً وأنه لخلاف بين والد المطعون عليه وبين خاله سلم هذا الأخير السند للطاعن الذي قام بملئه بما يفيد مديونية المطعون عليه له في مبلغ 350 جنيهاً على خلاف الحقيقة بما مفاده أن المطعون عليه لم يسلم السند الذي وقع عليه على بياض باختياره إلى الطاعن وإنما سلمه لخاله الذي سلمه للطاعن وأن هذا الأخير هو الذي قام بملء بياناته على خلاف الحقيقة، وكانت الواقعة على هذه الصورة تعتبر تزويراً طبقاً للفقرة الأخيرة من المادة 340 من قانون العقوبات، فإنه يجوز إثبات هذا التزوير بكافة طرق الإثبات بما فيها شهادة الشهود.
2 - مفاد نص المادة 44 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 أنه لا يجوز الحكم بتزوير الورقة وفي الموضوع معاً بل يجب أن يكون القضاء بالتزوير سابقاً على الحكم في موضوع الدعوى وذلك حتى لا يحرم الخصم الذي تمسك بالورقة التي قضى بتزويرها من تقديم ما عسى أن يكون لديه من أدلة قانونية أخرى لإثبات ما أراد إثباته بتلك الورقة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن استصدر أمر الأداء رقم 20 سنة 1966 كلي سوهاج بإلزام المطعون عليه بأن يدفع له مبلغ 350 جنيه بموجب سند إذني مؤرخ 2/ 11/ 1961 - تظلم المطعون عليه من هذا الأمر بالتظلم رقم 447 لسنة 1966 كلي سوهاج طالباً الحكم ببطلان الأمر واحتياطياً برد وبطلان السند لتزويره - وطعن على السند بالتزوير وأعلن شواهده وخلاصتها أنه في سنة 1964 وقع على السند على بياض وسلمه لخاله السيد سلطان عبد العال مقابل استدانته منه مبلغ 12 جنيه للاستعانة به على نفقاته خلال فترة دراسته بالأزهر والخلاف بين والد المطعون عليه وبين خاله سلم هذا الأخير السند الموقع عليه من المطعون عليه على بياض للطاعن الذي قام بملئه بما يفيد مديونيته للطاعن في مبلغ 350 جنيه على خلاف الحقيقة وركن في إثبات ذلك إلى شهادة الشهود وإلى قرائن الأحوال، وبتاريخ 9/ 3/ 1967 قضت المحكمة بسقوط حق المتظلم "المطعون عليه" في التظلم - استأنف المطعون عليه هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط "مأمورية سوهاج" وقيد استئنافه برقم 128 سنة 42 ق أسيوط وبتاريخ 12/ 1/ 1969 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبقبول التظلم شكلاً وإعادة - الدعوى إلى محكمة سوهاج الابتدائية للفصل في الموضوع، بتاريخ 27/ 5/ 1971 قضت محكمة سوهاج الابتدائية بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليه بكافة الطرق بما فيها شهادة الشهود أنه سلم السند المدعي بتزويره موقعاً منه على بياض إلى سلطان عبد العال ضماناً لمديونيته له في مبلغ 12 وإن هذا الأخير سلمه للطاعن فملأ بياناته على النحو المثبت حالياً على خلاف الحقيقة وصرحت للطاعن بالنفي بذات الطرق وبعد سماع أقوال شهود الطرفين قضت المحكمة بتاريخ 30/ 3/ 1972 برفض الادعاء بالتزوير وبصحة السند ثم قضت بتاريخ 27/ 4/ 1972 بتأييد الأمر المتظلم فيه - استأنف المطعون عليه هذين الحكمين لدى محكمة استئناف أسيوط "مأمورية سوهاج" طالباً إلغاءهما والحكم برد وبطلان السند المطعون عليه وإلغاء أمر الأداء المتظلم فيه وقيد الاستئناف برقم 207 سنة 47 ق وبتاريخ 9/ 12/ 1972 قضت المحكمة بإلغاء الحكمين المستأنفين وبإلغاء أمر الأداء المتظلم فيه ورفض دعوى المستأنف عليه "الطاعن"... طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول منها مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول أن ادعاء المطعون عليه أنه وقع على السند على بياض وإن البيانات التي أثبتت به بعد ذلك جاءت على خلاف ما اتفق عليه هو نوع من خيانة الأمانة لا يجوز إثبات عكسها إلا بالكتابة ولا يجوز الإثبات بالشهود إلا إذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة والطعن على السند في هذه الحالة بالتزوير لا يكون إلا إذا أثبت المدين أن توقيعه على بياض قد اختلس منه اختلاساً وهو ما لم يقل به المتظلم "المطعون عليه" وإذ أجاز الحكم المطعون فيه إثبات عكس ما هو ثابت بالسند بغير الكتابة واستند في قضائه برد وبطلان السند على شهادة الشهود تنفيذاً لحكم التحقيق الذي أصدرته محكمة أول درجة فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه لما كان يبين من صحيفة التظلم ومن أمر الأداء ومن تقرير الطعن بالتزوير على السند موضوع الدعوى ومن إعلان شواهده أن المطعون عليه لما طعن بالتزوير على السند قرر أنه سلم السند لخاله السيد سلطان عبد العال بعد أن وقع عليه على بياض مقابل اقتراضه من خاله مبلغ 12 جنيهاً وإنه لخلاف بين والد المطعون عليه وبين خاله سلم هذا الأخير السند للطاعن الذي قام بملئه بما يفيد مديونية المطعون عليه له في مبلغ 350 جنيهاً على خلاف الحقيقة بما مفاده أن المطعون عليه لم يسلم السند الذي وقع عليه على بياض باختياره إلى الطاعن وإنما سلمه لخاله الذي سلمه للطاعن وأن هذا الأخير هو الذي قام بملء بياناته على خلاف الحقيقة، وكانت الواقعة على هذه الصورة تعتبر تزويراً طبقاً للفقرة الأخيرة من المادة 340 من قانون العقوبات لا خيانة أمانة وفي هذه الحالة يجوز إثبات التزوير بكافة طرق الإثبات بما فيها شهادة الشهود فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد خالف القانون في اعتماده في القضاء بتزوير السند على أقوال شهود المطعون عليه الذين سمعت أقوالهم محكمة أول درجة وعلى القرائن التي ساقتها ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الثاني بالبطلان وفي بيان ذلك يقول أنه إذ تمسك في مذكرته أمام محكمة أول درجة بأنه لا يجوز للمطعون عليه إثبات ما ادعاه من تغير في بيانات السند بشهادة الشهود وكانت المحكمة قد أحالت الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليه ادعاءه بتزوير السند بشهادة الشهود دون أن يتناول دفاعه هذا بالرد وكان الحكم المطعون فيه قد عول في قضائه بتزوير السند على أقوال الشهود الذين سمعت أقوالهم محكمة أول درجة تنفيذاً لحكمها المذكور رغم مخالفته للقانون فإنه يكون باطلاً بما يوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود أولاً بأنه لما كان هذا السبب وارداً على قضاء محكمة الدرجة الأولى وأسباب الحكم الابتدائي وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه جاء خالياً من هذا الدفاع ولم يقدم الطاعن إلى هذه المحكمة ما يدل على أنه أثار هذا الدفاع أمام محكمة الدرجة الثانية فإنه بذلك يكون سبباً جديداً لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، ومردود ثانياً بأنه غير منتج طالما أن الحكم على ما سلف البيان في الرد على السبب الأول قد اعتبر الواقعة تزويراً يجوز إثباته بكافة طرق الإثبات بما في ذلك شهادة الشهود ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الثالث مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول أن المحكمة حكمت في الادعاء بالتزوير برد وبطلان السند المدعي بتزويره وفي الموضوع معاً وكان يجب أن تحدد لنظر الموضوع جلسة حتى تتاح الفرصة للطرفين لإبداء دفاعهما في الموضوع وهي إذ لم تفعل فإن قضاءها يكون باطلاً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن المادة 44 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 تنص على أنه "إذا قضت المحكمة بصحة المحرر أو برده أو قضت بسقوط الحق في إثبات صحته أخذت في نظر موضوع الدعوى في الحال أو حددت لنظره أقرب جلسة" ومفاد ذلك أنه لا يجوز الحكم بتزوير الورقة وفي الموضوع مقابل بل يجب أن يكون القضاء بالتزوير سابقاً على الحكم في موضوع الدعوى وذلك حتى لا يحرم الخصم الذي تمسك بالورقة التي قضى بتزويرها من تقديم ما عسى أن يكون لديه من أدلة قانونية أخرى لإثبات ما أراد إثباته بتلك الورقة - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى بتزوير السند وفي الموضوع معاً فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص.

الطعن 481 لسنة 47 ق جلسة 1 / 4 / 1980 مكتب فني 31 ج 1 ق 196 ص 1006

جلسة أول إبريل سنة 1980

برئاسة السيد المستشار/ عز الدين الحسيني نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد فاروق راتب، مصطفى قرطام، عبد الحميد المنفلوطي وجلال الدين أنسى.

------------------

(196)
الطعن رقم 481 لسنة 47 القضائية

بيع. شفعة. صورية.
الثمن الواجب على الشفيع إيداعه خزينة المحكمة هو الثمن الحقيقي م 942/ 2 مدني اشتراط إيداع الثمن المسمى بالعقد ولو كان صورياً. لا محل له.

-------------
تنص المادة 942/ 2 من القانون المدني على أن "وخلال ثلاثين يوماً على الأكثر من تاريخ هذا الإعلان (إعلان الرغبة) يجب أن يودع خزانة المحكمة الكائن في دائرتها العقار كل الثمن الحقيقي الذي حصل به البيع، مع مراعاة أن يكون هذا الإيداع قبل رفع الدعوى بالشفعة"، فإن لم يتم الإيداع في هذا الميعاد على الوجه المتقدم سقط حق الأخذ بالشفعة. ولما كان هذا النص صريحاً في أن ما يجب إيداعه هو كل الثمن الحقيقي الذي حصل به البيع، فإن اشتراط إيداع الثمن المسمى في العقد ولو كان صورياً يعد قيداً لا يحتمله النص.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليها الأولى أقامت الدعوى رقم 128 سنة 1975 مدني كلي بورسعيد ضد الطاعن والمطعون عليه الثاني للحكم بأحقيتها في أن تأخذ بالشفعة الحصة المبيعة من المطعون عليه الثاني إلى الطاعن وقدرها 8/ 11 و4 من 24 على الشيوع في المنزل الموضح بالصحيفة لقاء الثمن المودع وقدره 1200 وتسليم هذه الحصة إليها، لأنها شريكة في الشيوع في هذا المنزل. دفع الطاعن بسقوط الحق في الشفعة لأن المطعون عليها الأولى لم تودع الثمن قبل رفع الدعوى، ولأن الثمن الذي أودعته أقل من الثمن المسمى في العقد المشهر والذي كان يجب عليها إيداعه حتى ولو ادعت صوريته. وفي 21/ 11/ 1975 رفضت المحكمة هذا الدفع وحكمت للمدعية بطلباتها. استأنف الطاعن والمطعون عليه الثاني هذا الحكم بالاستئناف رقم 127 سنة 16 ق الإسماعيلية (مأمورية بور سعيد). وبتاريخ 12/ 2/ 1977 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى بسببي الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والفساد في الاستدلال والقصور، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بسقوط حق الشفعة عملاً بنص المادة 942/ 2 من القانون المدني، والتي تستلزم لقبول دعوى الشفعة أن يودع الشفيع الثمن المسمى في العقد ولو ادعى صوريته على أن يثبت بعد ذلك الثمن الحقيقي الذي يقضي له بالشفعة مقابله، كما تستلزم أن يتم هذا الإيداع قبل رفع الدعوى، ولما كان الثابت أن الشفيعة لم تودع الثمن المسمى في العقد المشهر والذي استمدت منه علمها بالبيع وقدره 2500 ج وإنما أودعت الثمن الذي ذكر في طلب شهر العقد وقدره 1200 ج والذي لم يقصد به إلا التخفيف من رسم التسجيل، كما أنها لم تودع هذا الثمن إلا بعد رفع الدعوى بدليل عدم ذكر رقم يومية إيداعه بصحيفة الدعوى وترك مكان هذا الرقم شاغراً إلى أن تم إعلان الصحيفة فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى رغم ذلك بقبول دعوى الشفعة ودون أن يتحقق من الثمن الحقيقي ومن وقت إيداعه يكون قد خالف القانون وشابه الفساد في الاستدلال والقصور.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن المادة 942/ 2 من القانون المدني تنص على أن "وخلال ثلاثين يوماً على الأكثر من تاريخ هذا الإعلان (إعلان الرغبة) يجب أن يودع خزانة المحكمة الكائن في دائرتها العقار كل الثمن الحقيقي الذي حصل به البيع، مع مراعاة أن يكون هذا الإيداع قبل رفع الدعوى بالشفعة، فإن لم يتم الإيداع في هذا الميعاد على الوجه المتقدم سقط حق الأخذ بالشفعة". ولما كان هذا النص صريحاً في أن ما يجب إيداعه هو كل الثمن الحقيقي الذي حصل به البيع، فإن اشتراط إيداع الثمن المسمى في العقد ولو كان صورياً يعد قيداً لا يحتمله النص، ولما كان استخلاص الثمن الحقيقي ووقت إيداعه هو من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع متى أقام قضاءه على أسباب سائغة، وكان الحكم الابتدائي - المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه - قد قرر أن "المدعى عليهما الأولى والثاني ذكرا ثمناً للصفقة المشفوع فيها مرة 1200 وذلك في الطلب المقيد تحت رقم 101 في 23/ 5/ 1974 ومرة أخرى ذكرا نفس الثمن في الطلب الرقيم 54 في 3/ 2/ 1975 مما يوحي بأن هذا الثمن الظاهر هو الثمن الواجب على المدعية إيداعه على ذمة دعوى الشفعة دون الثمن الذي ذكره المدعى عليهما في العقد الذي سجل وقدره 250 ج الأمر الذي ينبئ عن أنهما قصدا إلى رفع الثمن بغية الوصول إلى تعجيز المدعية عن ولوج دعوى الشفعة، وأن الثابت أن الإيداع قد سبق رفع الدعوى بدليل الأسبقية في الإيصال الدال على الإيداع وإيصال سداد الرسم". وكان هذا الذي أورده الحكم سائغاً ويكفي لحمل ما انتهى إليه من أن الثمن الحقيقي الذي حصل به البيع هو 1200 وأن إيداعه خزانة المحكمة تم قبل رفع الدعوى، إذا كان ذلك فإن النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والفساد في الاستدلال والقصور يكون على غير أساس.

الطعن 45 لسنة 12 ق جلسة 1 / 4 / 1943 مج عمر المدنية ج 4 ق 39 ص 96

جلسة أول إبريل سنة 1943

برياسة حضرة عبد الفتاح السيد بك رئيس المحكمة وبحضور حضرات: حسن زكي محمد بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك ونجيب مرقس بك المستشارين.

----------------

(39)
القضية رقم 45 سنة 12 القضائية

جيش. 

ضباط الجيش الملحقون بوزارة الداخلية للعمل بها. أحكام قرار مجلس الوزراء الذي صدر في 28 من أكتوبر سنة 1931. تسري عليهم.

--------------
إن أحكام قرار مجلس الوزراء الذي صدر في 28 من أكتوبر سنة 1931 باستثناء ضباط الجيش من أحكام القرار الذي صدر في 19 أغسطس سنة 1931 وكان يقضي بوقف ترقيات موظفي الحكومة يسري على ضباط الجيش الذين ألحقوا بوزارة الداخلية للعمل بها فينتفعون هم أيضاً بها أسوة بزملائهم.

الطعن 1312 لسنة 47 ق جلسة 31 / 3 / 1980 مكتب فني 31 ج 1 ق 195 ص 1003

جلسة 31 من مارس سنة 1980

برئاسة السيد المستشار/ مصطفى الفقي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور سعيد عبد الماجد، عاصم المراغي، سيد عبد الباقي والدكتور أحمد حسني.

-----------------

(195)
الطعن رقم 1312 لسنة 47 القضائية

التماس. إعادة النظر.
أحكام محكمة النقض. عدم جواز الطعن فيها بالتماس إعادة النظر أو بغيره من طرق الطعن. الاستثناء. توافر حالة من حالات عدم الصلاحية بأحد القضاة الذين أصدروا الحكم. م. 147 مرافعات.

---------------
إنه وإن كان التماس إعادة النظر يعتبر طريقاً غير عادي للطعن في الأحكام الصادرة بصفة انتهائية في الحالات التي عددتها المادة 241 من قانون المرافعات على سبيل الحصر إلا أن النص في المادة 272 من القانون المشار إليه على أنه لا يجوز الطعن في أحكام محكمة النقض بأي طريق من طرق الطعن قد أفاد بأن المشرع منع الطعن في أحكام هذه المحكمة بأي طريق من طرق الطعن عادية أو غير عادية باعتبارها نهاية المطاف في الخصومة. وقد ورد هذا الحظر المطلق مؤكداً لما كانت تنص عليه صراحة المادة 448 من قانون المرافعات السابق والمادة 27 من القانون رقم 57 لسنة 1959 الخاص بحالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض بقولهما "لا تجوز المعارضة في أحكام محكمة النقض الغيابية، ولا يقبل الطعن في أحكامها بطريق التماس إعادة النظر". لما كان ذلك فإن التماس إعادة النظر الذي أقامته الشركة الملتمسة في الحكم الصادر من محكمة النقض بتاريخ 13/ 7/ 1977 بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه في الطعن رقم 714 لسنة 47 ق يكون غير جائز (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من أوراق هذا الطعن وبالقدر اللازم للفصل فيه - تتحصل في أن المطعون ضده الأول كان قد طعن بطريق النقض في الحكم الصادر من محكمة استئناف الإسكندرية بتاريخ 15/ 3/ 1977 في الاستئناف رقم 184 لسنة 32 ق وقيد طعنه برقم 714 لسنة 47 ق وتضمنت صحيفة الطعن طلباً مؤقتاً بوقف تنفيذ الحكم المشار إليه - وبتاريخ 13/ 6/ 1977 أمرت محكمة النقض بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه مؤقتاً ريثما يفصل في موضوع الطعن، فأقامت الشركة الطاعنة طعنها الحالي بالتماس إعادة النظر في حكم محكمة النقض سالف الذكر وإلغائه مع ما ترتب عليه من آثار والأمر باستمرار تنفيذ حكم محكمة الاستئناف المطعون فيه بالنقض. دفع المطعون ضده الأول بعدم جواز التماس إعادة النظر في أحكام محكمة النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن - وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من المطعون ضده الأول ومن النيابة العامة أن المادة 273 من قانون المرافعات إذ نصت على أنه لا يجوز الطعن في أحكام محكمة النقض بأي طريق من طرق الطعن فقد دلت على أن المشرع منع الطعن في أحكام محكمة النقض بجميع طرق الطعن عادية وغير عادية ولم يستثن من هذا الأصل إلا ما نصت عليه المادة 147 مرافعات في فقرتها الثانية من جواز الطعن ببطلان الحكم الصادر من محكمة النقض إذا قام بأحد القضاة الذين أصدروه سبب من أسباب عدم الصلاحية المنصوص عليها في المادة 146 من قانون المرافعات.
وحيث إن هذا الدفع في محله ذلك أنه وإن كان التماس إعادة النظر يعتبر طريقاً غير عادي للطعن في الأحكام الصادرة بصفة انتهائية في الحالات التي عددتها المادة 241 من قانون المرافعات على سبيل الحصر إلا أن النص في المادة 272 من القانون المشار إليه على أنه لا يجوز الطعن على أحكام محكمة النقض بأي طريق من طرق الطعن قد أفاد بأن المشرع منع الطعن في أحكام هذه المحكمة بأي طريق من طرق الطعن عادية أو غير عادية باعتبارها نهاية المطاف في الخصومة. وقد ورد هذا الحظر المطلق مؤكداً لما كانت تنص عليه صراحة المادة 448 من قانون المرافعات السابق والمادة 27 من القانون رقم 57 لسنة 1959 الخاص بحالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض بقولهما: "لا يجوز المعارضة في أحكام محكمة النقض الغيابية، ولا يقبل الطعن في أحكامها بطريق التماس إعادة النظر.
لما كان ذلك فإن التماس إعادة النظر الذي أقامته الشركة الملتمسة في الحكم الصادر من محكمة النقض بتاريخ 13/ 6/ 1977 بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه في الطعن رقم 714 لسنة 47 يكون غير جائز.


(1) نقض 11/ 6/ 1970 مجموعة المكتب الفني - السنة 21 ص 1031.

الطعن 812 لسنة 49 ق جلسة 30 / 3 / 1980 مكتب فني 31 ج 1 ق 193 ص 996

جلسة 30 مارس سنة 1980

برئاسة السيد المستشار/ محمد فاضل المرجوشي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد شيبه الحمد، أحمد شوقي المليجي، أحمد صبري أسعد وفهمي عوض مسعد.

---------------

(193)
الطعن رقم 812 لسنة 49 القضائية

عمل. عقد "انتهاء عقد العمل".
العجز المبرر لإنهاء عقد العمل هو العجز عن أداء العمل المتفق عليه بصفة دائمة ولو كان العامل قادراً على أداء أعمال أخرى من نوع مغاير.عدم التزام رب العمل بإسناد عمل آخر إليه تنفيذاً لتوجيه الأطباء.

----------------
إذ كانت الفقرة الأولى من المادة 81 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 تنص على أن ينتهي عقد العمل بوفاة العامل أو بعجزه عن تأدية عمله... وذلك مع عدم الإخلال بالأحكام الخاصة بتأمين إصابات العمل" وكان المقصود بالعجز المبرر لإنهاء العقد هو العجز عن أداء العمل المتفق عليه بصفة دائمة على وجه مرض ولو كان العامل قادراً على أداء أعمال أخرى من نوع مغاير، ولا يشترط أن يكون العامل عاجزاً عجزاً كاملاً بل يكفي أن يكون غير قادر على أداء ذات العمل المتفق عليه، ولا يلتزم رب العمل بإسناد عمل آخر إليه، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد جرى في قضائه على أن رفض الطاعنة إسناد عمل خفيف إلى المطعون ضده غير العمل المتفق عليه، تنفيذاً لتوصية الأطباء يعتبر خطأ تلتزم الطاعنة بالتعويض عما يكون قد نتج عنه من ضرر، فإنه يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعنة... - الدعوى رقم 1787 لسنة 73 عمال كلي جنوب القاهرة - وطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدى إليه مبلغ عشرة آلاف جنيه وقال بياناً لها أنه بتاريخ 17/ 5/ 1957 التحق بالعمل لدى الطاعنة في وظيفة كاتب وأنه في عام 1961 أصيب بمرض في عينيه وبعرض أمره على طبيب الطاعنة أوصى له بعمل خفيف، وبتاريخ 22/ 9/ 1965 قرر الطبيب أن يعمل نصف يوم فقط إلا أن الطاعنة لم تأخذ بهذه التوصية فطلب عرض حالته على القومسيون الطبي لهيئة التأمينات الاجتماعية الذي قرر عجزه الكامل المستديم عن العمل، وفي 5/ 11/ 1973 قررت الطاعنة إنهاء خدمته فأصيب نتيجة لذلك بأضرار مادية وأدبية قدرها بمبلغ عشرة آلاف جنيه وهو ما أقام به دعواه، وبتاريخ 27/ 4/ 1974 قضت المحكمة بندب الطبيب الشرعي لأداء المهمة المبينة بمنطوق الحكم، وبعد أن قدم الطبيب تقريره حكمت في 24/ 12/ 1977 بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي ما جاء بمنطوق حكمها، وبعد أن تم إجراء التحقيق قضت في 10/ 6/ 1978 برفض الدعوى - استأنف المطعون ضده هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد الاستئناف برقم 1141 لسنة 95 ق القاهرة، وبتاريخ 24/ 3/ 1979 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعنة بأن تؤدى إلى المطعون ضده مبلغ 2500 جنيه طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها رفض الطعن، وعرض الطعن على غرفة المشورة فحددت لنظره جلسة 10/ 2/ 1980 وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه بالسببين الثاني والثالث من أسباب الطعن مخالفة القانون، وفي بيان ذلك تقول أن الحكم أقام قضاءه على وقوع خطأ منها في حق المطعون ضده يتمثل في عدم تنفيذها توصية الطبيب بإسناد عمل خفيف له يناسب حالته الصحية مما أدى به إلى عجز كامل في قوة إبصاره، في حين أن الثابت من التقارير الطبية وأقوال الشهود الذين سمعوا في التحقيق أمام محكمة أول درجة أن المطعون ضده كان مصاباً بحالة مرضية سابقة في عينيه هي التي أدت إلى فقد بصره بما ينتفي معه قيام ركن الخطأ في جانبهما، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى ما يخالف ذلك فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة 81 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 تنص على أن ينتهي عقد العمل بوفاة العامل أو بعجزه عن تأدية عمله... وذلك مع عدم الإخلال بالأحكام الخاصة بتأمين إصابات العمل وكان المقصود بالعجز المبرر لإنهاء العقد هو العجز عن أداء العمل المتفق عليه بصفة دائمة على وجه مرض ولو كان العامل قادراً على أداء أعمال أخرى من نوع مغاير، ولا يشترط أن يكون العامل عاجزاً عجزاً كاملاً بل يكفي أن يكون غير قادر على أداء ذات العمل المتفق عليه، ولا يلتزم رب العمل بإسناد عمل آخر إليه، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد جرى في قضائه على أن رفض الطاعنة إسناد عمل خفيف إلى المطعون ضده غير العمل المتفق عليه، تنفيذاً لتوصية الأطباء يعتبر خطأ تلتزم الطاعنة بالتعويض عما يكون قد نتج عنه من ضرر فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون ما حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين القضاء في موضوع الاستئناف رقم 1141 لسنة 95 ق القاهرة برفضه وبتأييد الحكم المستأنف.

الطعن 477 لسنة 47 ق جلسة 30 / 3 / 1980 مكتب فني 31 ج 1 ق 192 ص 987

جلسة 30 من مارس سنة 1980

برئاسة السيد المستشار محمد فاضل المرجوشي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد شوقي المليجي، أحمد صبري أسعد، فهمي عوض مسعد وجهدان حسين عبد الله.

-----------------

(192)
الطعن رقم 477 لسنة 47 القضائية

(1، 2) تأمينات اجتماعية.
(1) التأمين الإضافي المستحق للعامل في حالات العجز الكامل أو الوفاء. تأخر هيئة التأمينات في صرفه له. أثره. التزامها بدفع 1% من قيمته عن كل يوم تأخير. ق 63 لسنة 1964. عدم اقتصار هذا الجزء على التأخر في صرف المعاشات وتعويض الدفعة الواحدة.
(2) التزام هيئة التأمينات بسداد 1% من قيمة مستحقات العامل عند التأخير في صرفها إليه. الغرض منه. نفاذه من تاريخ استيفاء مستندات الصرف.

---------------
1 - مفاد نص المادتين 87، 88 من قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالقانون رقم 63 لسنة 1964 أن التأمين الإضافي عبارة عن مبلغ نقدي يصرف دفعة واحدة إلى المؤمن عليه أو المستحق عنه في حالات العجز الكامل أو الوفاة بالشروط التي عينها القانون، ويكون معادلاً لنسبته من متوسط الأجر السنوي المشار إليه في المادة 81 تبعاً للسن ووفقاً للجدول رقم 4 المرافق للقانون مع زيادة النسب الواردة في الجدول المذكور بواقع 50% من قيمتها إذا كان العجز الكامل أو الوفاة بسبب إصابة عمل، ويعتبر بهذه المثابة تعويضاً قصد منه المشرع مساعدة المؤمن عليه وأسرته بسبب انتهاء خدمته قبل سن التقاعد ومعالجة الآثار الناجمة عن الوفاة أو العجز الكامل قبل هذه السن، وكانت عبارة "المعاشات أو التعويضات" قد وردت في نص المادة 95 من ذات القانون بصيغة عامة مطلقة فتشمل تبعاً التأمين الإضافي باعتباره تعويضاً يتعين صرفه في المواعيد المقررة بالمادة المشار إليها وإلا التزمت الهيئة بناء على طلب صاحب الشأن بدفعه مضافاً إليه 1% من قيمته عن كل يوم يتأخر فيه الصرف اعتباراً من تاريخ استيفاء المؤمن عليه أو المستحقين عنه المستندات المطلوبة منه، فإن القول بقصر مدلول عبارة "المعاشات أو التعويضات" على المعاش أو تعويض الدفعة الواحدة دون هذا التأمين الإضافي يكون تقييداً لمطلق النص وتخصيصاً لعمومه بغير مخصص وهو ما لا يجوز.
2 - مفاد نص المادة 95 من قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالقانون رقم 63 لسنة 1964 أنه إذا استحق المؤمن عليه أو المستحق معاشاً أو تعويضاً تعين على الهيئة صرف استحقاقه له خلال أربعة أسابيع من تاريخ تقدمه إليها بطلب الصرف مؤيداً بمستنداته، فإن هي تراخت في الصرف كان من حق المؤمن عليه أو المستحق مطالبتها به مضافاً إليه 1% من قيمته عن كل يوم يتأخر فيه الصرف اعتباراً من تاريخ استيفاء المستندات المطلوبة، لأنه طالما أم حق المؤمن عليه أو المستحق أساسه القانون وكانت الهيئة قد خولت اتخاذ الوسائل الكفيلة بتقديره وتحديد مبلغه فلا تقدر إن هي لم تف به في الميعاد، ولأن ما دعا الشارع إلى تقرير هذا الحق للمؤمن عليه أو للمستحق هو رغبته الأكيدة في سرعة صرف هذه الحقوق التأمينية لأربابها لما لها من صلة أساسية بأسباب معيشتهم ولهذا فقد ألزم الهيئة بأداء التعويض الإضافي الذي يوقع عليها بناء على طلب صاحب الشأن كجزاء مالي إن هي تراخت في الصرف بعد استيفائها المستندات المطلوبة ويسري هذا التعويض من تاريخ استيفاء هذه المستندات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها قصر المرحوم... الدعوى رقم 910 سنة 1973 عمال كلي الإسكندرية على الطاعنة - الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية - وطلبت الحكم بإلزامها بأن تؤدى إليها مبلغ 2100 ج و735 م قيمة التعويض عن التأخير في صرف التأمين الإضافي المقضى به بالحكم رقم 1069 سنة 25 ق الإسكندرية عن المدة 28/ 11/ 1972 إلى 30/ 6/ 1973 وما يستجد بواقع 10 ج و773 م يومياً حتى تمام صرف التأمين، وقالت بياناً لدعواها أن محكمة استئناف الإسكندرية قضت في 13/ 6/ 1973 في الاستئناف رقم 1069 سنة 25 ق بإلزام الهيئة الطاعنة بأن تدفع لها عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها قصر المرحوم... مبلغ 1077 ج و300 م قيمة التأمين الإضافي المستحق لها عن وفاة مورثها، وقد تقدمت بالصورة التنفيذية لهذا الحكم إلى الطاعنة في 25/ 6/ 1973 وإذ كان التأمين الإضافي المشار إليه يستحق الصرف اعتباراً من 28/ 11/ 1972 بعد صدور الحكم النهائي رقم 593 سنة 1966 عمال جزئي الإسكندرية بتحديد أجر مورثها بمبلغ 45 ج شهرياً وبتقديمها الاستمارتين رقمي 1، 6 تأمينات للهيئة في هذا التاريخ حال نظر الاستئناف رقم 1069 سنة 25 ق الإسكندرية وتستحق من هذا التاريخ تعويضاً عن التأخير في صرف هذا التأمين بواقع 1% من قيمته عن كل يوم تأخير حتى تمام السداد طبقاً للمادة 95 من قانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 1964 فقد أقامت الدعوى بطلباتها السالفة البيان وبجلسة 4/ 11/ 1973 قررت الطاعنة أن المطعون ضدها نفذت في 1/ 8/ 1973 الحكم الصادر لصالحها بمبلغ التأمين الإضافي وعدلت المطعون ضدها طلباتها في مواجهة الطاعنة إلى طلب الحكم بإلزامها بأن تدفع لها مبلغ 2234 ج و698 م قيمة التعويض عن التأخير في صرف التأمين الإضافي عن المدة من 28/ 11/ 1972 إلى 31/ 7/ 1973 بواقع 1% من قيمة هذا التأمين عن كل يوم تأخير. وبتاريخ 30/ 12/ 1973 حكمت المحكمة بإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضدها عن نفسها وبصفتها وصية عن أولادها قصر المرحوم... مبلغ 398 ج و601 م استأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية وقيد استئنافها برقم 95 سنة 30 ق وبتاريخ 7/ 2/ 1977 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم نقضاً جزئياً في خصوص الوجه الرابع من السبب الثاني للطعن، وعرض الطعن على غرفة المشورة فحددت لنظره جلسة 3/ 2/ 1980 وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الأول وبالوجه الأول من السبب الثاني من سببي الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إنه وفقاً لما تنص عليه المادة 95 من قانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 1964 فإن التعويض عن التأخير في صرف المستحقات مقصور على حالة التأخير في صرف المعاشات أو التعويضات، ومن ثم فلا محل لإعمال حكم هذا النص في حالة التأخير في صرف التأمين الإضافي المقرر بالمادة 87 من هذا القانون، وقد تمسكت الطاعنة في مذكرة دفاعها المقدمة لمحكمة الاستئناف بهذا الدفاع إلا أن الحكم المطعون فيه أعرض عن دفاعها وقضى بما يخالفه مؤيداً قضاء محكمة أول درجة بإلزام الطاعنة بأداء التعويض عن التأخير في صرف التأمين الإضافي استناداً إلى المادة 95 المشار إليها بما يعيبه فضلاً عن مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك لأنه لما كانت المادة 87 من قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالقانون رقم 63 لسنة 1964 الذي يحكم واقعة الدعوى تنص على أن "تلتزم الهيئة بأداء مبلغ التأمين الإضافي إلى المؤمن عليه وفقاً لأحكام هذا القانون أو المستحقين عنه في الحالتين الآتيتين (أولاً) عجز المؤمن عليه عجزاً كاملاً. (ثانياً) وفاة المؤمن عليه. ويؤدى مبلغ التأمين الإضافي في هذه الحالة إلى ورثته الشرعيين ما لم يكن قد عين مستفيدين آخرين قبل وفاته فيؤدى مبلغ التأمين الإضافي إليهم. ويشترط لاستحقاق المؤمن عليه أو المستحق عنه لمبلغ التأمين الإضافي ما يأتي (1) أن تكون الاشتراكات المسددة عن المؤمن عليه لا تقل عن ثلاثة اشتراكات شهرية متصلة أو ستة اشتراكات شهرية متقطعة، ويستثنى من هذا الشرط المؤمن عليهم المشار إليهم في الفقرة الثالثة من المادة 76 من هذا القانون، كما لا يسري هذا الشرط في الحالات التي يكون فيها العجز الكامل أو الوفاة ناشئاً عن إصابة عمل (ب) أن يحدث العجز أو تقع الوفاة أثناء خدمة المؤمن عليه"، كما تنص المادة 88 من هذا القانون على أن "يكون مبلغ التأمين الإضافي الذي تؤديه الهيئة طبقاً للمادة السابقة معادلاً لنسبة من متوسط الأجر السنوي المشار إليه في المادة (81) تبعاً للسن وذلك وفقاً للجدول رقم (4) المرافق وتزاد النسب الواردة في الجدول المذكور بواقع 50% من قيمتها إذا كان العجز الكامل أو الوفاة بسبب إصابة عمل" مما مفاده أن التأمين الإضافي عبارة عن مبلغ نقدي يصرف دفعة واحدة إلى المؤمن عليه أو المستحق عنه في حالات العجز الكامل أو الوفاة بالشروط التي عينها القانون، ويكون معادلاً لنسبة من متوسط الأجر السنوي المشار إليه في المادة 81 تبعاً للسن ووفقاً للجدول رقم 4 المرافق للقانون مع زيادة النسب الواردة في الجدول المذكور بواقع 50% من قيمتها إذا كان العجز الكامل أو الوفاة بسبب إصابة عمل، ويعتبر بهذه المثابة تعويضاً قصد منه المشرع مساعدة المؤمن عليه وأسرته بسبب انتهاء خدمته قبل سن التقاعد ومعالجة الآثار الناجمة عن الوفاة أو العجز الكامل قبل هذه السن، وكانت عبارة "المعاشات أو التعويضات" قد وردت في نص المادة 95 من ذات القانون بصفة عامة مطلقة فتشمل تبعاً التأمين الإضافي باعتباره تعويضاً يتعين صرفه في المواعيد المقررة بالمادة المشار إليها وإلا التزمت الهيئة بناء على طلب صاحب الشأن بدفعه مضافاً إليه 1% من قيمته عن كل يوم يتأخر فيه الصرف اعتباراً من تاريخ استيفاء المؤمن عليه أو المستحقين عنه المستندات المطلوبة منه، فإن القول بقصر مدلول عبارة المعاشات أو التعويضات على المعاش أو تعويض الدفعة الواحدة دون هذا التأمين الإضافي يكون تقييداً لمطلق النص وتخصيصاً لعمومه بغير مخصص وهو ما لا يجوز، لما كان ما تقدم. فإن الحكم المطعون فيه إذ أجرى تطبيق نص المادة 95 في شأن التزام الهيئة الطاعنة بدفع التعويض عن التأخير في صرف المبالغ المستحقة معاشاً أو تعويضاً عن المواعيد المقررة لها على حالة التأخير في صرف التأمين الإضافي والتفت عن دفاع الطاعنة في هذا الشأن، لا يكون قد خالف القانون. ويكون النعي عليه في هذا الخصوص ولا أساس له.
وحيث إن الطاعنة تنعى بألا وجه من الثاني إلى الرابع من السبب الثاني من سببي الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وتقول في الوجه الثاني من هذا السبب بياناً لذلك أن مناط تقرير الجراء المالي بنسبة 1% عن كل يوم تأخير طبقاً للمادة 95 من قانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 1964 أن يحدث التأخير من جانب الهيئة بعد استيفاء المؤمن عليه أو المستحق المستندات التي حددها قرار وزير العمل رقم 183 لسنة 1964 ومن بينها القرار الصادر بتعيين الوصي في حالة ما إذا كان من بين المستحقين قصر، وأنه لما كانت المطعون ضدها لم تتقدم للهيئة بالقرار الصادر بتعيينها وصية فإن مستنداتها لا تكون مستوفاة وبالتالي فلا يجوز إعمال نص المادة 95 السالفة الذكر على الطاعنة للتأخر في صرف التعويض الإضافي لعدم استيفاء شرطه. وتقول في الوجه الثالث من سبب الطعن أن المشرع وقد أمهل الهيئة مدة أربعة أسابيع من تاريخ تقديم المؤمن عليه أو المستحق طلب الصرف مشفوعاً بالمستندات لتقوم بصرف المعاش أو التعويض خلالها، فإن الهيئة لا تعتبر متأخرة في الصرف وبالتالي لا يستحق التعويض المالي بنسبة 1%، وأنه لما كانت المطعون ضدها قد قدمت مستنداتها للهيئة في 25/ 6/ 1973 وصرفت التأمين الإضافي في 1/ 8/ 1973 فإن نسبة الواحد في المائة المنصوص عليها في المادة 95 المشار إليها لا تستحق إلا من اليوم التالي لانقضاء الأربعة أسابيع اللاحقة لذلك التاريخ والتي تنتهي في 23/ 7/ 1973 أي لا تستحق إلا من 24/ 7/ 1973 وحتى 31/ 7/ 1973 ولمدة ثمانية أيام فقط، وتقول الطاعنة في الوجه الرابع والأخير من هذا السبب أنه بفرض حساب مدة التأخير اعتباراً من تاريخ تقديم المطعون ضدها صورة الحكم التنفيذية للهيئة في 25/ 6/ 1973 فإن الواقعة المنشئة للاستحقاق وهي التأخير في الصرف لا تتحقق إلا من اليوم التالي لتقديم صورة الحكم التنفيذية أي اعتباراً من 26/ 6/ 1973 وحتى 31/ 7/ 1973 فلا يدخل في حسابها اليوم الذي استوفيت فيه مستندات الصرف وبالتالي تكون جملة الأيام التي يستحق عنها نسبة الواحد في المائة هي سنة وثلاثون يوماً فقط، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتد في مقام استيفاء مستندات الصرف بصورة الحكم الصادر بتقرير التأمين الإضافي للمطعون ضدها كبديل عن قرار الوصاية، وأجرى حساب مدة التأخير التي يستحق عنها التعويض من 25/ 6/ 1973 تاريخ تقديم المطعون ضدها إلى الطاعنة الصورة التنفيذية للحكم الصادر في الاستئناف رقم 1096 سنة 25 ق الإسكندرية لا من اليوم التالي لانقضاء الأربعة أسابيع التالية لتاريخ تقديم المستندات الصرف كما أجرى حساب أيام التأخير في الصرف بدءاً من تاريخ تقديم صورة الحكم إلى الطاعنة فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك لأنه لما كان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أثبت في أسبابه وفي خصوص تقريره باستيفاء المطعون ضدها تقديم المستندات المطلوبة منها قوله أنها قامت في 25/ 6/ 1973 بتسليم الطاعنة الصورة التنفيذية للحكم الصادر لصالحها في الاستئناف رقم 1069 سنة 25 ق الإسكندرية بإلزام الطاعنة بأن تدفع لها عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها قصر المرحوم... مبلغ 1077 ج و300 م قيمة التأمين الإضافي المستحق لها بسبب وفاة مورثها، وكان هذا الذي أثبته الحكم كافياً في التدليل على استيفاء المطعون ضدها المستندات المطلوبة وأهمها ما يقطع بكونها وصية على قصر المرحوم... لما كان ذلك، وكان ما تنص عليه المادة 95 من قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالقانون رقم 63 لسنة 1964 من أنه على الهيئة أن تتخذ من الوسائل ما يكفل تقدير المعاشات أو التعويضات وصرفها خلال أربعة أسابيع من تاريخ تقديم المؤمن عليه طلباً بذلك مشفوعاً بكافة المستندات المطلوبة منه. فإذا تأخر صرف المبالغ المستحقة عن المواعيد المقررة لها التزمت الهيئة بناء على طلب صاحب الشأن بدفعها مضافاً إليها 1% من قيمتها عن كل يوم يتأخر فيه صرف تلك المبالغ وذلك من تاريخ استيفاء المؤمن عليه أو المستحقين عنه المستندات المطلوبة منه، مما مفاده أنه إذا استحق المؤمن عليه أو المستحق معاشاً أو تعويضاً تعين على الهيئة صرف استحقاقه له خلال أربعة أسابيع من تاريخ تقدمه إليها بطلب الصرف مؤيداً بمستنداته، فإن هي تراخت في الصرف كان من حق المؤمن عليه أو المستحق مطالبتها به مضافاً إليه 1% من قيمته عن كل يوم يتأخر فيه الصرف اعتباراً من تاريخ استيفاء المستندات المطلوبة، لأنه طالما أن حق المؤمن عليه أو المستحق أساسه القانون وكانت الهيئة قد خولت اتخاذ الوسائل الكفيلة بتقديره وتحديد مبلغه فلا تعذر إن هي لم تف به في الميعاد، ولأن ما دعا الشارع إلى تقرير هذا الحق للمؤمن عليه أو للمستحق هو رغبته الأكيدة في سرعة صرف هذه الحقوق التأمينية لأربابها لما لها من صلة أساسية بأسباب معيشتهم، ولهذا فقد ألزم الهيئة بأداء التعويض الإضافي الذي يوقع عليها بناء على طلب صاحب الشأن كجزاء مالي إن هي تراخت في الصرف بعد استيفائها المستندات المطلوبة ويسري هذا التعويض من تاريخ استيفاء هذه المستندات. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وقضى للمطعون ضدها بالتعويض الإضافي بواقع 1% من قيمة التأمين الإضافي المحكوم لها به اعتباراً من 25/ 6/ 1973 تاريخ استيفائها المستندات المطلوبة وفق ما تنص عليه المادة 95 المشار إليها فإنه لا يكون قد خالف القانون ويكون النعي عليه بهذه الأوجه على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 4 لسنة 11 ق جلسة 1 / 4 / 1943 مج عمر المدنية ج 4 ق 38 ص 95

جلسة أول إبريل سنة 1943

برياسة حضرة عبد الفتاح السيد بك رئيس المحكمة وبحضور حضرات: حسن زكي محمد بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك ونجيب مرقس بك المستشارين.

-------------

(38)
القضية رقم 4 سنة 11 القضائية

تعهدات. 

دين. الوفاء به بغير طريقة دفعه نقداً. وجوب حصوله باتفاق الطرفين ووجوب أن يكون منجزاً نافذاً غير قابل للعدول عنه. ادعاء الوفاء بالدين من طريق الوصية من المدين للدائن بغير اتفاق ثابت بينهما. لا يتحقق به شرط الوفاء بالدين قانوناً.

--------------
إن وفاء الديون بغير طريقة دفعها نقداً يجب أن يكون حاصلاً باتفاق الطرفين (الدائن والمدين) المتعاقدين، وأن يكون فوق ذلك منجزاً نافذاً غير قابل للعدول عنه. فإذا كان الوفاء المدعى به هو من طريق الوصية بمال بغير اتفاق بين الموصي والموصى له الذي يدعي الدين، فإن هذا التصرف الذي هو بطبيعته قابل للعدول عنه في حياة الموصي لا يتحقق به شرط الوفاء بالدين قانوناً (1).
وعلى ذلك فإذا دفع الوارث الموصى له دعوى بطلان الوصية بأن الوصية لم تكن تبرعاً بل كانت بمقابل هو وفاء الديون التي كانت له على الموصي، واستخلصت محكمة الموضوع من عبارات التصرف ذاته ومن الظروف والملابسات التي حرر فيها أنه كان مقصوداً به التمليك المضاف إلى ما بعد الموت بطريق التبرع فقضت ببطلانه وحفظت للموصى له حقه في مطالبة التركة بدينه المتنازع عليه إذا شاء بدعوى مستقلة فليس في قضائها بذلك خطأ في تطبيق القانون (2).


(1) المراد بهذا أن التمليك المقابل لانقضاء الدين بالوفاء المدعى به لم يتم بصدور التصرف في صورة الوصية.
(2) القواعد التي قررتها المحكمة في الحكم السابق مكررة هنا أيضاً.

الطعن 969 لسنة 44 ق جلسة 15 / 3 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 150 ص 762

جلسة 15 من مارس سنة 1978

برياسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور إبراهيم صالح، ومحمد الباجوري، ومحمود رمضان، وإبراهيم فراج.

---------------

(150)
الطعن رقم 969 لسنة 44 القضائية

(1) وكالة "نطاق الوكالة" نقض.
التوكيل العام الصادر من أجنبي لزوجته لإدارة أمواله والتصرف فيها واتخاذ كافة الإجراءات للمحافظة عليها. مؤداه. جواز مباشرتها إجراءات الدعاوى أمام المحاكم بما فيها محكمة النقض.
(2) إيجار "إيجار الأماكن". نظام عام. نقض.
قواعد تحديد أجرة الأماكن. تعلقها بالنظام العام. جواز إثارتها في أية حالة كانت عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة النقض.
(3) دعوى "الطلبات في الدعوى". نقض "السبب الجديد". عقد. بطلان.
تنازل المدعي أمام محكمة أول درجة عن طلب بطلان العقد. عدم جواز إثارته من بعد أمام محكمة النقض.
(4) وكالة. إثبات.
المحرر العرفي الموقع من الوكيل حجة على الأصيل في تاريخه ولو لم يكن ثابتاً طالما لم يقم الدليل على عدم صحته.

--------------
1 - إذ كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا لم يكن التوكيل صريحاً في تخويل المحامي أن يطعن نيابة عن الموكل بطريق النقض، فللمحكمة أن تحصل ذلك من عبارة التوكيل والملابسات التي حرر فيها. لما كان ذلك وكانت عبارات التوكيل تدل على أن الطاعن فوض زوجته إدارة كافة أمواله والتصرف فيها وأنه وكلها في اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة للحفاظ عليها، فإن صدور التوكيل في الخارج ومن شخص غير مصري ليس له دراية بإجراءات التقاضي في مصر يشير إلى أن نطاق التوكيل العام يرخص لزوجة الطاعن ووكيلته في توكيل محامين نيابة عنه لمباشرة إجراءات الدعاوى أمام المحاكم بمختلف درجاتها ومنها محكمة النقض.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تحديد أجرة الأماكن طبقاً للقوانين المحددة - للإيجارات من مسائل النظام العام ولا يجوز الاتفاق على ما يخالفها، وكل نزاع بهذا الشأن متى كان لازماً للفصل في الدعوى لا يعد طلباً جديداً في الاستئناف إذ يجوز إثارته في أي مرحلة من مراحل التقاضي ولو لأول مرة أمام محكمة النقض، ولما كان التعرف إلى حقيقة الأجرة القانونية والقدر الذي لم توف به المطعون عليها أمراً لازماً لإمكان الفصل فيما يطلبه الطاعن من أجرة متأخرة، فإن الحكم المطعون فيه إذ عرض لبحث الأجرة القانونية وحقق النزاع حولها وأعمل قوانين التخفيض المتعلقة بالنظام العام والتي أوردها تقرير الخبير المنتدب في الدعوى يكون قد التزم صحيح القانون.
3 - إذ كان البين من حكم محكمة أول درجة أن الطاعن تنازل عن طلب بطلان عقد الإيجار الذي أبرمه وكيله واقتصر على طلب المتأخر من الأجرة، فإن إثارته لهذا الدفاع يعتبر سبباً جديداً لا يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض.
4 - إذ كان الأصيل لا يعتبر من الغير بالنسبة إلى المحرر العرفي الذي وقعه نائباً أياً كانت صفته في النيابة، ويكون المحرر حجة عليه وفق المادة 15 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968، فإن إيصالات سداد الأجرة محل النعي تكون حجة على الطاعن في تاريخها ولو لم يكن ثابتاً طالما لم يقم الدليل على عدم صحة هذا التاريخ باعتباره طرفاً فيها بواسطة وكيله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1070 لسنة 1930 مدني أمام محكمة القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليها بطلب الحكم بإلزامها أن تدفع له مبلغ 541 جنيهاً و700 مليماً أجرة الشقة رقم 20 من المنزل رقم 2 ( أ ) بشارع أحمد سعيد بالقاهرة عن المدة من 1/ 6/ 1965 حتى 30/ 11/ 1970 وما يستجد حتى الحكم في الدعوى بواقع الأجرة الشهرية مبلغ 5 جنيهات و396 مليماً، وقال شرحاً لها أنها أجر تلك الشقة إلى زينب محمد أحمد وحصل على حكم من القضاء المستعجل بطردها، فاستشكلت المطعون عليها في التنفيذ بدعوى أنها تستأجرها من وكيله بموجب عقد مؤرخ أول ديسمبر سنة 1960 لقاء أجرة قدرها خمسة جنيهات شهرياً، وإذ أقر الوكيل بصورية هذا العقد والإيصالات الصادرة منه والتي تفيد سدادها الأجرة حتى مايو سنة 1965 وتقاعست عن سداد الأجرة بواقع 5 جنيهات و796 مليماً شهرياً أسوة بباقي المستأجرين رغم إنذارها بتاريخ 20/ 11/ 1966 فقد أقام دعواه وبتاريخ 30/ 1/ 1971 حكمت المحكمة بإلزام المطعون عليها بأن تدفع للطاعن مبلغ 351 جنيهاً و900 مليماً، استأنفت المطعون عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم 1293 السنة 88 ق القاهرة بطلب إلغائه ورفض الدعوى، وبتاريخ 25/ 4/ 1972 حكمت محكمة الاستئناف بندب مكتب الخبراء لبيان الأجرة القانونية المستحقة في المدة من 1/ 6/ 1965 حتى 1/ 11/ 1970 وما سددته المطعون عليها للطاعن أو من ينوب عنه قانوناً وبعد أن قدم الخبير تقريره عادت فحكمت في 30/ 6/ 1974 بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذي صفة وفي الموضوع برفضه وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الدفع مردود، ذلك أنه لما كان الثابت من التوكيل الصادر من الطاعن لزوجته والذي بمقتضاه وكلت المحامي الذي أودع صحيفة الطعن أنه توكيل عام محرر في أديس أبابا عاصمة أثيوبيا في 31/ 12/ 1964 ومصدق عليه من سفارة جمهورية مصر العربية بمقتضاه وكل الطاعن - السعودي الجنسية - زوجته "توكيلاً عاماً مطلقاً في إدارة أمواله وممتلكاته الموجودة بالجمهورية العربية المتحدة الثابتة منها والمنقولة الموجودة حالياً والتي ستكون مستقبلاً بما فيها البيع والشراء والرهن ولها اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة للمحافظة عليها واستلام المبالغ المستحقة لدى كافة الدوائر والجهات الحكومية والأهلية وعلى العموم بها كافة الاختصاصات كشخصه تماماً وأذنتها توكيل الغير في كل أو بعض ما ذكر"، وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا لم يكن التوكيل صريحاً في تخويل المحامي أن يطعن نيابة عن الموكل بطريق النقض، فللمحكمة أن تحصل ذلك من عبارة التوكيل والملابسات التي حرر فيها، لما كان ذلك وكانت عبارات التوكيل على النحو الذي سلف بيانه تدل على أن الطاعن فوض زوجته إدارة كافة أمواله والتصرف فيها، وأنه وكلها في اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة للحفاظ عليها فإن صدور التوكيل الخارج ومن شخص غير مصري ليس له دراية بإجراءات التقاضي في مصر يشير إلى أن نطاق التوكيل العام يرخص لزوجة الطاعن ووكيله في توكيل محامين نيابة عنه لمباشرة إجراءات الدعاوى أمام المحاكم بمختلف درجاتها ومنها محكمة النقض ويكون الدفع في غير محله.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب، ينعى الطاعن بالسببين الأول والثاني والوجه الثاني من السبب الثالث منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أقام قضاؤه بتخفيض أجرة الشقة المؤجرة على سند من خضوعها لأحكام قوانين إيجارات الأماكن أرقام 168، 169 لسنة 1961، 7 لسنة 1965 في حين أن الدعوى رفعت بطلب المتأخر من الأجرة ومسألة تحديد الأجرة القانونية لم تعرض على محكمة أول درجة ولم تكن محل نزاع. وإذ تصدى الحكم المطعون فيه لهذه المسألة وفصل فإنه يكون قد قضى بما لم يطلبه الخصوم وفوت عليه درجة من درجات التقاضي هذا إلى أن الحكم لم يبين نطاق تطبيق كل من التشريعات الاستثنائية المتعاقبة التي أعمل تقرير الخبير حكمها ومجالها. بالإضافة إلى أنه لم يتثبت من صحة إجراءات إيداع المبالغ التي أودعتها المطعون عليها، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تحديد أجرة الأماكن طبقاً للقوانين المحددة للإيجارات من مسائل النظام العام ولا يجوز الاتفاق على ما يخالفها، وكل نزاع بهذا الشأن متى كان لازماً للفصل في الدعوى لا يعد طلباً جديداً في الاستئناف إذ يجوز إثارته في أي مرحلة من مراحل التقاضي ولو لأول مرة أمام محكمة النقض. ولما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه والحكم الصادر من محكمة الاستئناف بتاريخ 25/ 4/ 1972 أن المطعون عليها أجابت على الدعوى بأن وكيل الطاعن أجر إليها شقة النزاع في أول ديسمبر سنة 1960 لقاء أجرة شهرية قدرها خمسة جنيهات، وأنها قامت بسدادها بموجب إيصالات تفاوتت مقاديرها وفقاً لقوانين التخفيض المتتالية، وأنها كانت توفيها طبقاً لأحكامها، وكان التعرف إلى حقيقة الأجرة القانونية والقدر الذي لم توف به المطعون عليها أمراً لازماً لإمكان الفصل فيما لا يطلبه الطاعن من أجرة متأخرة، فإن الحكم المطعن فيه إذ عرض لبحث الأجرة القانونية وحقق النزاع حولها وأعمل قوانين التخفيض المتعلقة بالنظام العام والتي أوردها تقرير الخبير المنتدب في الدعوى، يكون قد التزم صحيح القانون. لما كان ذلك وكان الطاعن لم يبين وجه اعتراضه على الحكم في تطبيقه للتخفيضات التي قررتها تشريعات إيجار الأماكن الاستثنائية، كما لم يوضح أي من إجراءات إيداع الأجرة التي تمت على خلاف القانون، وأثر ذلك على النحو الذي يكشف عن قصده، فإن اعتراضه في هذا الشق يكتنفه الغموض والتجهيل، ويكون النص على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي في الوجه الأول من السبب الثالث وبالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعن أنه قدم لمحكمة الموضوع إقراراً من وكيله الذي تعاقد مع المطعون عليها أنه أثبت في العقد أجرة لا تتناسب مع الوحدات الأخرى بالعقار كيداً له بسبب عزله من الوكالة، بما يفيد أن المطعون عليها لا تقيم في العين بناء على سند قانوني، وإذ لم يعرض الحكم لدلالة هذا الإقرار فإنه يكون مشوباً بالقصور هذا إلى أن الحكم عول في قضائه بوفاء الأجرة على الإيصالات الصادرة من وكليه المعزول بسبب تكشف خيانته رغم أنها ليست ثابتة التاريخ فلا يحاج بها وهو ما يعيبه بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان البين من مدونات حكم محكمة أول درجة أن الطاعن تنازل عن طلب بطلان عقد الإيجار الذي أبرمه وكيله واقتصر على طلب المتأخر من الأجرة، فإن إثارته لهذا الدفاع يعتبر سبباً جديداً لا يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكانت الأوراق خلواً مما يفيد أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع في طلب حازم صريح بصورية الإيصالات الصادرة من وكيله المعزول، وكان ما نسبه إلى وكيله من اختلاس ريع العقار لا ينفي سداد المطعون عليها المبالغ المثبتة في الإيصالات والتي تسلمها الوكيل، وكان الأصيل لا يعتبر من الغير بالنسبة إلى المحرر العرفي الذي وقعه نائبه أياً كانت صفته في النيابة ويكون المحرر حجة عليه وفق المادة 15 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968، فإن إيصالات سداد الأجرة محل النعي تكون حجة على الطاعن في تاريخها ولو لم يكن ثابتاً، طالما لم يقم الدليل على عدم صحة هذا التاريخ باعتباره طرفاً فيها بواسطة وكيله، ويكون النعي على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الأحد، 23 أبريل 2023

الطعن 66 لسنة 10 ق جلسة 1 / 4 / 1943 مج عمر المدنية ج 4 ق 37 ص 74

جلسة أول إبريل سنة 1943

برياسة حضرة عبد الفتاح السيد بك رئيس المحكمة وبحضور حضرات: حسن زكي محمد بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك ونجيب مرقس بك المستشارين.

----------------

(37)
القضية رقم 66 سنة 10 القضائية

اختصاص:
أ - المواد 54 و55 و130 مدني. المقصود مما جاء بها. تعيين القانون الواجب تطبيقه بالنسبة للأجانب فيما يطرح على القضاء الأهلي من نزاع متعلق بالمسائل المعينة المنصوص عليها فيها. هل للمجالس الملية اختصاص في مسائل الوصية؟
ب وجـ - مواريث. 

(ب) طبيعية أم إيصائية. الاختصاص بالفصل فيها بين جميع المصريين، مسلمين وغير مسلمين، للقضاء الشرعي. 

(ج) متى يصح الاحتكام فيها إلى المجلس الملي؟ المقصود بالأحوال الشخصية التي من اختصاص المجلس الملي الفصل فيها. المواد المذهبية أو الروحية.

---------------
1 - إن ما جاء بالمواد 54 و55 و130 من القانون المدني الأهلي لم يكن الغرض منه وضع قواعد للتنازع الداخلي بين القوانين المتعلقة بالأحوال الشخصية، بل المقصود من هذه المواد هو تعيين القانون الواجب تطبيقه بالنسبة إلى الأجانب فيما عساه يطرح أمام القضاء الأهلي من نزاع متعلق بالمسائل المعينة المنصوص عليها فيها.
2 - إن المواريث عموماً، ومنها الوصية، هي وحدة واحدة وتسري الأحكام المتعلقة بها على جميع المصريين، مسلمين كانوا أو غير مسلمين، وفق قواعد الشريعة الإسلامية باعتبارها الشريعة القائمة (1).
3 - الاحتكام إلى المجلس الملي في مسائل المواريث لا يكون إلا استثناء في حالة الميراث الخالي عن الوصية (2). فإذا لم يتفق ذوو الشأن - وهم الورثة على حسب الشريعة الإسلامية باعتبارها مصدر الأحكام العامة في ذلك - على الاحتكام إليه كان لا مناص من التقاضي أمام جهة الأحوال الشخصية ذات الولاية العامة وهي المحكمة الشرعية. وكذلك الحال في الميراث الإيصائي، إذ النوعان مرتبطان كل الارتباط أحدهما بالآخر. ولا يمكن أن يتناول اختصاص المجلس الملي مسائل الوصايا إطلاقاً فيكون الشخص الواحد في مسائل المواريث تابعاً لتشريعين مختلفين: يوصي إذا ما أراد الإيصاء لأي غرض من الأغراض وفقاً لأحكام قانون، ثم يرثه ورثته على مقتضى قانون آخر، وقد لا يجدون تركة يرثونها إذا أعمل القانونان. وبهذا يكون في وسع المورث في حال حياته العبث بما أوجبت شريعة التوريث العامة أن يحفظ للورثة، فيكون اختلافهم على الميراث غير منتج. ذلك مع أن القاعدة الأساسية العامة، وفقاً للأحكام الشرعية التي لم يرد في القانون الوضعي ما يخالفها، تقضي باحترام حقوق الورثة فيما يجب أن يبقى محفوظاً لهم احتراماً تاماً، ولا سبيل لتحقيق ذلك إلا إذا استطاعوا الحيلولة دون المساس بها. وإذن فلا يمكن أن يفسر القول باختصاص المجلس الملي بالفصل في الميراث الخالي عن الوصية عند الاتفاق واتحاد الملة بأن هذا المجلس يختص بالوصايا إطلاقاً لمجرد اعتبارها من مواد الأحوال الشخصية. ومع ذلك فإن المقصود بالأحوال الشخصية التي من اختصاص المجلس المذكور لا يمكن أن يكون إلا المواد المذهبية أو الروحية التي لا تتصادم مع القواعد الأساسية العامة في التشريع والتقاليد المتبعة في ذلك إزاء الطوائف الملية جميعاً والتي لم يرد الشارع الخروج عنها بأي حال.


الوقائع

تتحصل وقائع هذه الدعوى في أن المرحوم داود يوسف مورث الطرفين توفي في 25 من أغسطس سنة 1933 وتبين أنه ترك وصيتين مكتوبتين بخطه ومسجلتين بالمجلس الملي الإنجيلي العام في 31 من مارس وأول يوليو سنة 1933 خص فيهما أولاده القصر رضا وراضي وفايقة وبنتيه سرية وستهم بما يملك. فأقام المطعون ضده الأول بولس داود يوسف أمام محكمة قنا الشرعية دعوى يطلب فيها الحكم ببطلان هاتين الوصيتين بناءً على القاعدة المقررة شرعاً وهي أن لا وصية لوارث بغير إجازة باقي الورثة. ورفع الموصى لهم بدورهم دعوى أمام المجلس الملي العام لطائفة الإنجيليين الوطنيين طلبوا فيها الحكم بصحة الوصيتين فحكم لهم بطلبهم، وعلى إثر ذلك رفع المطعون ضده الأول الدعوى رقم 37 سنة 1934 أمام محكمة قنا الابتدائية طلب فيها الحكم ببطلان الوصيتين وتثبيت ملكيته لنصيبه الشرعي وقدره قيراطان وجزء من تسعة من القيراط من أربعة وعشرين في الأطيان والعقارات والنقود والمنقولات وغيرها المخلفة عن المورث والتي بينها في عريضة دعواه. وفي 25 من يونيو سنة 1934 قررت المحكمة وقف الدعوى حتى يفصل في الدعوى الشرعية القائمة بين الطرفين في موضوع صحة الوصيتين آنفتي الذكر.
وبجلسة 20 من يناير سنة 1936 عدل المطعون ضده المذكور دعواه إلى القدر الذي حكمت به المحكمة الشرعية وهو أربعة قراريط وثلثان من القيراط.
وأقامت السيدة سرية داود يوسف أمام محكمة قنا الابتدائية الدعوى رقم 60 سنة 1936 قالت فيها إنها وإن كانت من ضمن الموصى لهم في الوصيتين سالفتي الذكر إلا أن الوصيتين غير جائزتين قانوناً، لأن جميع الموصى لهم من الورثة فالوصية لا تجوز لهم إلا بإجازة باقي الورثة فضلاً عن أن أخاها بولس داود يوسف صدر له من المحكمة العليا الشرعية بتاريخ 11 من مارس سنة 1935 حكم قاض بإبطال الوصية بالنسبة إليه، وبناءً على ذلك يكون لها أن تطلب الحكم لها بنصيبها الشرعي في الميراث وقدره قيراطان وثلث قيراط من أربعة وعشرين قيراطاً مما خلف المورث.
وأقامت كذلك السيدة ستهم داود يوسف أمام محكمة قنا الابتدائية الدعوى رقم 61 سنة 1936 تطلب فيها نصيبها الشرعي في الميراث للأسباب ذاتها المشار إليها في الدعوى الثانية.
وبجلسة 20 من يناير سنة 1936 قررت المحكمة ضم الدعويين رقمي 60 و61 سنة 1936 كلي قنا للدعوى رقم 37 سنة 1934 كلي قنا. وفي 25 من مايو سنة 1937 قضت المحكمة أولاً: ببطلان الوصيتين المؤرختين 31 من مارس وأول يوليو سنة 1933 والمسجلتين في 3 من إبريل و5 من يوليو سنة 1933. ثانياً: بتثبيت ملكية بولس داود يوسف (المطعون ضده الأول) لنصيبه الشرعي وقدره أربعة قراريط وستة عشر سهماً من أصل أربعة وعشرين قيراطاً في الأطيان والعقارات والنقود والمنقولات والمواشي والآلات الزراعية والذممات التي للمورث المرحوم داود يوسف قبل الغير والمشار إليها في عريضة دعواها الافتتاحية. ثالثاً: بتثبيت ملكية سرية داود يوسف لنصيبها الشرعي وقدره قيراطان وثمانية أسهم من أربعة وعشرين قيراطاً في الأعيان والمنقولات والذممات السابق ذكرها. رابعاً: بتثبيت ملكية ستهم داود يوسف لنصيبها الشرعي وقدره قيراطان وثمانية أسهم من أربعة وعشرين قيراطاً فيما تقدم ذكره. خامساً: بكف منازعة وصي الخصومة (الطاعن) لكل من بولس داود يوسف وأختيه سرية وستهم داود يوسف كل في نصيبه المتقدم ذكره وبتسليم نصيب كل منهم إليه وإلزامه بصفته بمصاريف الدعاوى الثلاث وأتعاب المحاماة 250 قرشاً لبولس داود يوسف و500 قرش لكل من سرية وستهم داود يوسف ورفضت طلب النفاذ.
فاستأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف أسيوط طالباً إلغاء الحكم المستأنف بكامل أجزائه بما في ذلك القرار الصادر في 25 من يونيه سنة 1934 ورفض دعوى المستأنف عليهم الثلاثة الأول (المطعون ضدهم الثلاثة الأول) مع إلزامهم بالمصاريف وأتعاب المحاماة عن الدرجتين ومع حفظ كافة الحقوق. وفي 15 من يونيو سنة 1940 قضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وبرفضه موضوعاً وبتأييد الحكم المستأنف وإلزام الطاعن بالمصاريف وبمبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة.
أعلن هذا الحكم إلى الطاعن في 3 من أغسطس سنة 1940 فقرر وكيله الطعن فيه بطريق النقض في أول سبتمبر سنة 1940 بتقرير أعلنه إلى المطعون ضدهم... إلخ... إلخ..


المحكمة

وحيث إن أوجه الطعن تتحصل فيما يأتي: -
الوجه الأول - قضى الحكم المطعون فيه باختصاص المحاكم الأهلية بالنظر في موضوع وصايا غير المسلمين وقصر اختصاص محاكمهم الدينية في حالة اتحاد ملة الخصوم على أهلية الموصي وصيغة الوصية، مع أن الوصية بكل ما يتعلق بها بما في ذلك موضوعها معتبرة في مصر من عهد الفتح الإسلامي إلى الآن من مسائل الأحوال الشخصية وداخلة في اختصاص المجلس الملي التابع له الموصي.
الوجه الثاني - أخطأ الحكم في تطبيق قواعد الشريعة الإسلامية على وصايا المصريين غير المسلمين فحكم بأن الوصية لوارث لا تصح إلا إذا أجازها باقي الورثة، ولا تصح لأجنبي إلا إذا خرجت من ثلث التركة، وترتب على ذلك أن قضى بإبطال الوصيتين المتنازع عليهما وهما صادرتان من إنجيلي وطني لأولاده، وبذلك خالف الحكم القوانين المعمول بها والقاضية باختصاص المجلس الملي الإنجيلي بالنظر في وصايا الإنجيليين صحة وبطلاناً طبقاً لقانون أحوالهم الشخصية الذي يجيز الوصية لوارث بدون قيد ولا شرط.
الوجه الثالث - يقول الحكم الابتدائي - وقد أيده في ذلك الحكم المطعون فيه - إنه وإن كان القانون لم ينص في أحكامه العامة بالنسبة إلى الوصية على قاعدة عدم جواز الوصية لوارث إلا بعد إجازة باقي الورثة إلا أنه وضع أحكاماً تدل على احترامه لها واعتبارها حكماً واجب الاتباع، فوضع لأحكام تصرفات المريض مرض الموت المنصوص عليها في المادتين 254 و255 من القانون المدني الأهلي حكم الوصية السابق ذكره على اعتبار أن التصرفات الإنشائية المنجزة التي تصدر من المريض مرض الموت تعتبر من قبيل الوصية فتأخذ حكمها. وقد نحا الشارع هذا النحو أيضاً في الفقرة التي أضافها إلى المادة 55 من القانون المدني بالقانون رقم 79 الصادر في 10 من يونيو سنة 1933 للمحافظة على حقوق المشترين والدائنين المرتهنين حسني النية بسبب تجاوز النصاب الشرعي أو عدم إبقاء القدر المفروض شرعاً. ويقول الطاعن إن خطأ الحكم في هذا كله ظاهر، لأن الشارع إذا كان قد اتخذ بعض الأحكام المقررة في الشريعة الإسلامية في مسألة بيع المريض مرض الموت وأجراها على هذه المسألة بالذات وأدمجها في قانونه المدني فليس معنى ذلك أنه أراد تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية على وصايا المسيحيين، بل إن الشارع أخذ من أحكام بيع المريض ما اعتبره من عيوب الرضا فنص عليه في الباب الخاص بالمتعاقدين لا في باب الوصية والمواريث، واقتبس ما جاء في الفقرة المضافة إلى المادة 55 من التشريع الفرنسي.
الوجه الرابع - قضت المحكمة الابتدائية بوقف الدعوى حتى يفصل في الدعوى الشرعية القائمة بين الخصوم في موضوع الوصيتين المتنازع عليهما فكان ذلك قضاء منها باختصاص جهات الأحوال الشخصية بالنظر في موضوع الوصايا صحة وبطلاناً، ولكنها تناقضت عندما قضت بعد ذلك باختصاصها وببطلان الوصيتين المذكورتين. ويقول الطاعن إنه تمسك بهذا التناقض أمام محكمة الاستئناف فجاء الحكم خلواً من الرد على هذا الدفاع.
الوجه الخامس - جاء الحكم المطعون فيه، إذ قضى ببطلان الوصيتين، مشوباً بالمخالفات الآتية: 1 - أن الوصية الثانية المؤرخة في 5 من يوليو سنة 1933 شملت 45 فداناً وكسر الفدان موصى بها للأعمال الخيرية، وهي صحيحة طبقاً للشريعة الإسلامية أو لقانون ملة الموصي إذ أنها لغير وارث وتخرج من ثلث التركة. 2 - يوجد بين الورثة من لم ينازع في الوصيتين وهما السيدة فائقة داود بنت الموصي والسيدة ستهم باخوم زوجته. وقد استأنف الوصي على الأولى الحكم الابتدائي القاضي بإبطال الوصيتين، ولما بلغت القاصر سن الرشد في أثناء نظر الاستئناف ومثلت فيه مستقلة لم تبد هي ولا السيدة ستهم باخوم أي مطعن على الوصيتين، فكان الواجب أن تبقيا نافذتين بالنسبة لهما. 3 - أبطل الحكم المطعون فيه الوصيتين إطلاقاً مع أن السيدتين ستهم وسرية بنتي الموصي أجازتا الوصيتين بعدم المنازعة فيهما إذ وضعتا اليد على القدر الموصى به لهما مفرزاً محدداً عقب وفاة الموصي.
الوجه السادس - أخطأ الحكم في تفسير القانونين رقمي 49 و91 لسنة 1937، ويقول الطاعن في ذلك إنه استند إلى هذين القانونين في تمسكه باختصاص المجالس الملية بنظر الوصايا والحكم فيها طبقاً لقوانينها لاتفاق نص المادة 28 من لائحة التنظيم القضائي للمحاكم المختلطة الصادرة في 24 من يوليو سنة 1937 مع المادة 2 من القانون رقم 9 لسنة 1937 المبين لاختصاص محاكم الأحوال الشخصية ومن بينها المنازعات والمسائل المتعلقة بالهبات والمواريث والوصايا. كما استند إلى أن المادة الثالثة من القانون رقم 91 لسنة 1937 التي اشتملت على نص المادة 29 من اللائحة المشار إليها نصت على الرجوع في أحكام الوصايا إلى قانون بلد الموصي وقالت في فقرتها الأخيرة "تشمل عبارة قانون البلد فيما يتعلق بتطبيق أحكام هذه المادة عدا ما تقدم كل قانون ديني تطبقه محكمة مصرية للأحوال الشخصية". ولكن المحكمة ردت على هذا بأن هذه النصوص خاصة بالأجانب أصحاب الامتيازات مع أنها في الواقع عامة تشمل أيضاً الأجانب غير الممتازين والمصريين جميعاً.
تلك هي أوجه الطعن:
وحيث إن أهم ما يدور حوله البحث فيما اشتمل عليه الطعن وأثاره الطرفان من المسائل القانونية هو معرفة ما إذا كان للمجالس الملية في مصر اختصاص في مسائل الوصية ومدى هذا الاختصاص.
وحيث إن ما يستخلص من كتب فقهاء الحنفية، وهم الذين عرضوا أكثر من سواهم لهذا الموضوع، هو أن ولاية المسلمين في دار الإسلام عامة تشمل الذميين كما تشمل المسلمين على السواء، وأن أهل الذمة خاضعون لأحكام الإسلام إلا فيما يقرون عليه من الأمور الخاصة بمعتقداتهم، وذلك يستتبع بطبيعة الحال أن يكون القاضي الشرعي قاضياً لجميع الأهلين، لا فرق في ذلك بين مسلم وذمي، إلا إذا تراضى المتخاصمون واتخذوا من رجال دينهم محكمين للفصل فيما يقوم بينهم من نزاع.
وحيث إن الفقهاء عدوا الوصية من المعاملات وجعلوا أحكام الإسلام الخاصة بها نافذة في أهل الذمة، على أساس أن الذمي بعقد الذمة ساوى المسلم في المعاملات والتبرعات، فكما أن الوصية فيما زاد على الثلث والوصية لبعض الورثة لا تجوز من المسلم مراعاة لحق ورثته، فكذلك لا تجوز من الذمي. ولم يكن ثمة خلاف بين الفقهاء على الإطلاق إلا فيما يتفرع عن تلك القاعدة الأساسية مما يتعلق بأغراض الوصية وأشخاص الموصى لهم، وهو ما لا محل للخوض فيه في هذه الدعوى.
وحيث إن الأحكام السابقة كانت على ممر العصور الإسلامية مطبقة باطراد حتى إن الذميين كانوا - على أساس التسليم بها والخضوع لها - يلجأون إلى مفتي الإسلام لاستفتائهم في تقسيم الميراث بينهم وفي صحة الوصايا الصادرة من المتوفين منهم فكانوا يفتونهم بمقتضى أحكام الشريعة الإسلامية. وقد ظل الحال كذلك في مصر حتى أصبحت ولاية تابعة للدولة العثمانية فتأثرت بما يجرى فيها من تشريع عام.
وحيث إن الدولة العثمانية حينما استولت على القسطنطينية رأت لاعتبارات سياسية محضة أن تسلك مع الروم الأرثوذكس مسلكاً مغايراً للسياسة الإسلامية العامة، فتركت لبطريكهم ما كان له من سلطة قضائية عليهم، وظل الحال كذلك عهداً طويلاً حتى إذا ما استبانت الدولة سوء تأثير هذه السياسة في سلطانها على رعاياها أعلنت في 3 من نوفمبر سنة 1839 خط جلخانة واستهلته بالتنديد بمنهجها السابق، وهو عدم انقيادها إلى الأحكام الشرعية، ونوهت باعتزامها على اتباع تلك الأحكام في جميع الدعاوى ووضع التنظيمات الكفيلة بذلك، ثم أصدرت في 18 من فبراير سنة 1856 الخط الهمايوني وهو الذي يعد بحق دستور الحكم والنظام الإداري والقضائي في الدولة العثمانية. وقد تحدث هذا الخط عن مركز غير المسلمين فأبقى لهم في المادة الثانية امتيازاتهم الروحية (Les immunités et privilégiés spirituels) وعرض للدعاوى في المواد 16 و17 و18 وخصص المادتين الأوليين منها للدعاوى الجنائية والتجارية والمدنية المحضة وجعلها من اختصاص محاكم الدولة. أما باقي الدعاوى فقال بشأنها في المادة 18 "وأما الدعاوى الخاصة (Les procès spéciaux) مثل الحقوق الإرثية فيما بين شخصين من المسيحيين وباقي التبعة الغير المسلمة فتحال على أن ترى - إذا أراد أصحاب الدعوى - بمعرفة البطريك أو الرؤساء أو المجالس".
وحيث إنه يستفاد مما تقدم أن الخط الهمايوني أعاد الأمور إلى نصابها تجرى على حسب أحكام الشريعة الإسلامية، وأصبح التجاء أهل الذمة إلى رؤسائهم الدينيين من قبيل التحكيم ليس إلا.
وحيث إنه في 14 من أغسطس سنة 1861 صدرت لائحة تركات العيسويين وفيها نص صراحة على أن تركة المسيحي تقسم عند الخلاف بين الورثة أو وجود عديمي أهلية بينهم طبقاً لأحكام الشرع الإسلامي، كما احتوت على نص صريح "بأن الوصية بثلث المال لبعض الوجوه الخيرية تكون معتبرة لدى قضاة المحاكم الشرعية". ثم صدر في 3 من فبراير سنة 1891 منشور وزاري خاص بطائفة الروم الأرثوذكس بناءً على شكوى تقدمت من البطريكخانة ورد فيه أن الوصايا متى كان مصدقاً عليها من البطريك أو المتروبوليت أو البسقيوس تكون معتبرة بالمحكمة (والمقصود المحكمة الشرعية). وصدر في أوائل إبريل سنة 1891 منشور ثان خاص بالأرمن وقد ودر فيه أمر باتباع ما هو مرعى من الاستعلام من البطريكخانة عن أرباب المواريث في دعاواهم التي تنظر لدى المحاكم الشرعية. وصدر بعد هذين المنشورين منشور ثالث نص على تطبيق أحكامها المتعلقة باستدعاء رجال الدين لدى محاكم الدولة أو بدعاوى النفقات المتولدة عن الزواج على سائر الملل غير المسلمة.
وحيث إنه لا يمكن أن يستفاد من تطور هذا التشريع العثماني الدائر إلا أن طائفة الروم الأرثوذكس هي التي تقرر لها وحدها بمقتضى المنشور الأول عدم المساس بالوصية التي توجد بتركة من يتوفون من أتباعها متى توافرت فيها شروط معينة، أما بالنسبة إلى غير هذه الطائفة فليس في المنشورين التاليين ما يفيد معاملته على هذا النحو، إذ كل ما ورد فيهما جاء مقصوراً على أمور أخرى معينة، وفي هذا الدليل القاطع على بقاء الاختصاص في مسائل المواريث والوصية للقضاء الشرعي.
وحيث إن النظم الخاصة بالطوائف غير الإسلامية كانت متبعة في مصر باعتبارها ولاية عثمانية، ثم اكتسبت مصر تدريجياً في غضون تلك التبعية حق التشريع بمقتضى الفرمانات السلطانية المتوالية، فقد جاء الفرمان الصادر لإسماعيل باشا في 28 من يونيو سنة 1867 بمنحه لقب الخديوية والفرمانات التالية له مخولة مصر حق التشريع الداخلي في أوسع مدى، وكان من نتيجة ذلك أن أصدرت مصر ثلاثة تشريعات منظمة لثلاثة مجالس ملية وهي: أولاً: المجلس الملي لطائفة الأقباط الأرثوذكس في 14 من مايو سنة 1883 (وهو الذي عدل فيما بعد بالقانون رقم 3 لسنة 1912 وبالقانون رقم 19 لسنة 1927) ثانياً: المجلس الملي للإنجيليين الوطنيين في أول مارس سنة 1902. ثالثاً: المجلس الملي للأرمن الكاثوليك في 18 من نوفمبر سنة 1905. وعلى إثر زوال السيادة العثمانية عن مصر صدر القانون رقم 18 لسنة 1915، وقد جاء فيه "أن السلطات القضائية الاستثنائية المعترف بها حتى الآن في الديار المصرية تستمر إلى حين الإقرار على أمر آخر على التمتع بما كان لها من الحقوق عند زوال السيادة العثمانية... وعلى ذلك فإن السلطات القضائية المذكورة هي والهيئات التي بواسطتها تمارس تلك السلطات أعمالها يكون مخولاً لها بصفة مؤقتة جميع الاختصاصات والحقوق التي كانت تستمدها لغاية الآن من المعاهدات والفرمانات والبراءات العثمانية".
وحيث إنه يتضح مما ذكر أن الأمور في مصر كانت ولا تزال جارية على منوالين: أحدهما مساير لما كان عليه الحال في الدولة العثمانية بالنسبة إلى الطوائف العثمانية غير المسلمة، والثاني خاص بالطوائف المصرية التي صدرت بشأنها قوانين من الحكومة المصرية بما لها من حق التشريع.
وحيث إن الخصوم في هذه الدعوى مصريون أصلاً، وقد صدر بشأن الطائفتين اللتين ينتمون إليهما أو تنازعوا على الانتماء إليهما تشريع خاص، فليس الطاعن، والحال هذه، أن يرجع إلى التشريع العثماني. على أن هذا التشريع في حد ذاته خال من أي نص يخول المجالس الملية حق النظر في الوصايا، بل إن ما اشتمل عليه يؤيد اختصاص القضاء الشرعي في مسائل المواريث والوصايا وتطبيق الأحكام الشرعية فيها.
وحيث إنه مما يؤيد ذلك، فوق ما سبق ذكره عن التشريع العثماني، البراءات الصادرة من الدولة العثمانية بتعيين بطاركة لبعض الطوائف العثمانية في مصر مع تحديد مهامهم وحقوقهم وما لهم من اختصاص، وقد نشرت في سنة 1925 مع تقرير للمرحوم عبد الخالق ثروت باشا عن الطوائف المسيحية العثمانية في مصر وهي: أولاً: براءة تعيين بطريك طائفة السريان في 5 من جمادى الأولى سنة 1292. ثانياً: براءة تعيين بطريك الروم الأرثوذكس في 28 من رمضان سنة 1317. ثالثاً: براءة تعيين بطريك الأرمن الكاثوليك في أول رجب سنة 1319. رابعاً: براءة تعيين بطريك الروم الكاثوليك في 5 من جمادى الأولى سنة 1320 ويؤخذ من نصوص هذه البراءات جميعها أن اختصاص مجالس تلك الطوائف لا يخرج عن الأمور المذهبية أو الروحية ومسائل الزواج والطلاق والمسائل الكنسية. أما الوصايا فقد ورد ذكرها في هذه البراءات مقصوراً على ما كان منها صادراً لأغراض دينية أو خيرية. ومع ذلك فقد جعل النظر في كل نزاع حاصل بشأنها من اختصاص المحاكم الشرعية. وقد أشير بنوع خاص في براءة تعيين بطريك الروم الأرثوذكس إلى الوصية بالثلث إلى جهات دينية معينة، كما أشير في البراءات كلها إلى جواز سماع شهود مسيحيين لإثباتها لدى المحاكم الشرعية. ومن كل هذا يبين أن ما أرادت البراءات استظهاره في شأن الوصايا هو إجازة ما يكون منها قربة لدى المسيحيين رفعاً لكل لبس في هذا الصدد عند التقاضي، أما غيرها من الوصايا العادية فيبقى بطبيعة الحال خاضعاً للقواعد العامة النافذة في حق الأهلين جميعاً، يستوي في ذلك المسلمون وغير المسلمين.
وحيث إنه فضلاً عن ذلك فإن القول بتعميم تطبيق المنشورات الثلاثة الصادرة من الدولة العثمانية في سنة 1891 على المجالس الملية في مصر لا محل له ولا سبيل إليه، لأنها صدرت وقت أن كانت مصر صاحبة السلطان التام في تشريعها الداخلي، ولم يكن تبليغها إلى مصر على أساس أنها تابعة في هذه الناحية من التشريع للدولة العثمانية، بل لأن مصر ذاتها رأت، بمناسبة قضية خاصة بطائفة عثمانية لم يكن قد صدر بشأنها تشريع خاص في مصر، أن تستهدي بما هو جار العمل به في الدولة العثمانية في شأن أبناء هذه الطائفة، فبعث الباب العالي بالمنشورات الثلاثة مع إفادة إلى المعية السنية التي أبلغتها إلى نظارة الداخلية. ولا شك في أن عدم تبليغ هذه المنشورات من الدولة العثمانية من تلقاء نفسها وقت صدورها، كما كانت تبلغ الفرمانات، لذو مغزى يدل على أنها لا تمتد إلى مصر في مفعولها. هذا بصرف النظر عن قوتها من الناحية التشريعية وعن مدى ما جاء بأحدها دون الآخرين خاصاً بالوصايا.
وحيث إنه عن التعميم في حد ذاته فإن القول به كان نتيجة خطأ في ترجمة المنشور الثالث إلى اللغة الفرنسية. ذلك لأن ما ورد بهذا المنشور المقول بأنه جاء معمماً كل ما ورد في المنشورين السابقين بما في ذلك مسائل الوصية على سائر الطوائف غير الإسلامية ترجم على اعتبار أن ما ورد بالمنشورين السابقين خاصاً باستدعاء واستنطاق وتوقيف الرهبان وبدعاوى النفقات المتولدة عن عقد وفسخ الأنكحة قد ذكر بالمنشور الثالث على سبيل المثال بدليل استعمال لفظتي"Telles que" في الترجمة مع أن كتاب التبليغ الوارد إلى المعية السنية ينبئ قطعاً بأن ذكر هذه المواد إنما كان على سبيل الحصر لا التمثيل إذ جاء فيه أن ما عمم هو ما كان متعلقاً "relativement a" بالمسائل المذكورة. على أن النيابة العمومية فوق ذلك قدمت الصور الشمسية لأصول هذه المنشورات مع ترجمة المنشور الثالث وفيها القول الفصل بأن ما جاء به كان على سبيل الحصر، وأن ما ورد بالمنشور الأول خاصاً بالوصايا لم يكن من بين المسائل التي تناولها التعميم في المنشور الثالث.
وحيث إنه فضلاً عن كل ما ذكر فإن محكمة النقض السورية، وهي في بلد كان لعهد قريب جزءاً من الدولة العثمانية ذاتها تجري عليه نظمها وتشريعها بلا فارق أو تمييز، قد أخذت بهذا النظر ورأت أن مسائل الوصايا الواردة بالمنشور الأول مقصور أمرها على طائفة الروم الأرثوذكس بالشروط الواردة بالمنشور ذاته (حكم الدوائر المجتمعة في 27 من يناير سنة 1930 المنشور في غازيتة المحاكم المختلطة المصرية المجلد 21 ص 142 - 146).
وحيث إنه لا حاجة إلى البحث فيما إذا كان المنشور الأول قد اشتمل حقاً تخويل المجلس الملي لطائفة الروم الأرثوذكس حق النظر في الوصايا إطلاقاً - أي شكلاً وموضوعاً - دون تقيد بأحكام الشريعة الإسلامية، أم أن هذا الاختصاص مقصور على شكل الوصية أو النظر في صحتها فيما هو داخل في النصاب الجائز الإيصاء به بحسب الشريعة الإسلامية، كما يفهم ذلك من الإشارة في المنشور إلى تصديق رجال الدين على الوصية لإمكان اعتبارها بالمحكمة الشرعية. ذلك لأن هذا البحث غير مجد في هذه الدعوى بعد أن تبين مما سلف أن مفعول المنشور مقصور على طائفة الروم الأرثوذكس في الدولة العثمانية، وأنه لم يعمم على سواها من سائر الطوائف، وأن مصر فوق ذلك غير مقيدة به إطلاقاً. على أن ما ترى المحكمة لفت النظر إليه هنا أن لبراءة تعيين بطريك الروم الأرثوذكس في مصر من قبل الدولة العثمانية السابقة الإشارة إليها دلالتها الخاصة ومغزاها، لا في صدد ما قيل عن تعميم المنشور الأول فحسب بل وفيما يمكن أن يكون قد اشتمل عليه هذا المنشور من بيان لحقوق الطائفة ذاتها في الدولة العثمانية في مسائل الوصايا.
وحيث إنه بعد أن تمكنت مصر من الاتفاق مع الدول الأجنبية على إنشاء المحاكم المختلطة ظهرت لأول مرة القوانين المصرية في أسلوبها الحديث وصيغتها العامة، وقد اشتملت على نصوص خاصة بمسائل الأحوال الشخصية وبالمواريث والوصية وردت في لائحة ترتيب المحاكم المختلطة وقانونيها المدني والتجاري. وتنقسم هذه النصوص في مجموعها إلى ثلاثة أقسام: أولها خاص بالمواد الخارجة عن وظيفة القضاء المختلط، وقد وردت أحكامه في المادة 9 من لائحة الترتيب وكذا في المادة 4 من القانون المدني التي أتت ببيان عن المسائل التي يختص بها قاضي الأحوال الشخصية. وقد ألغيت هاتان المادتان فيما بعد بمناسبة اتفاقية مونترو بمقتضى القانون رقم 49 الصادر في 24 من يوليو سنة 1937 والمرسوم بقانون رقم 89 الصادر في 11 من أكتوبر سنة 1937 وحلت محلهما فيما يتعلق بمسائل الأحوال الشخصية المادة 39 من لائحة التنظيم القضائي الجديدة. وليس في النصوص آنفة الذكر ما يصح الاستناد إليه في صدد اختصاص المجالس الملية بالوصايا، إذ كلها جاء لغرض واحد: هو تعيين مواد الأحوال الشخصية الخارجة عن وظيفة القضاء المختلط. والقسم الثاني خاص بالتنازع الدولي في تطبيق القوانين، وقد ورد في المواد 77 و78 و190 من القانون المدني و10 و11 من القانون التجاري.
فالمادة 77 نصت على طريقة التوريث إطلاقاً أي بلا تفريق بين الإرث الطبيعي والإرث الإيصائي، وجعلتها خاضعة لقانون جنسية المتوفى، ثم استثنت منه حق الإرث في منفعة الأموال الموقوفة فأخضعته لأحكام التشريع المحلي. والمقصود بذلك حق المنفعة في الوقف الآيل بالعقد المسمى بالإجارتين الوارد ذكره في المادة 37 من القانون المدني المختلط، لأن انتفاع المستحق بالغلة ليس من الحقوق التي تورث عن الواقف بل طبقاً للائحة المؤرخة 7 من صفر سنة 1284 هجرية المشار إليها في المادة 37 المتقدم ذكرها المقابلة للمادة 18 من القانون المدني الأهلي التي جاءت بقواعد خاصة في توريث المنفعة ومنها المساواة التامة في ذلك بين الذكر والأنثى. أما المادة 78 فقد تحدثت عن أهلية الموصي لعمل الوصية وطريقة عملها وانعقادها، وأحالت في ذلك إلى قانون جنسية الموصي، وأتت في فقرتها الثانية بحكم يصون حقوق الدائنين والمشترين حسني النية حتى لا يضاروا بما قد يكون من تجاوز لما يريد قانون الجنسية بقاءه للورثة. وأحالت المادة 190 الخاصة بالأهلية كذلك إلى قانون الجنسية.
ونصت المادة 10 من القانون التجاري على شروط الأهلية لممارسة التجارة وقيدت ذلك في حدود معينة بقانون الأحوال الشخصية للتاجر، كما نصت المادة 11 بوجه خاص على أهلية النساء للتجارة وأرجعت الأمر في ذلك إطلاقاً إلى قانون الأحوال الشخصية أو بالأحرى قانون الجنسية.
وهذه المواد جميعها لم يعرض لها القانونان المدني والتجاري إلا من الناحية الدولية، وذلك بقصد معاملة الأجانب بقوانينهم الشخصية، أي بقوانين بلادهم، بدلاً من القانون الإقليمي. إذ ليس من شأن التشريع المختلط وقد وضع لمحاكم مصرية أن يعرض لأحكام قوانين مصرية أخرى مطلوب منه بحكم وظيفته احترامها والعمل على مقتضاها.
أما القسم الثالث فقد جاء بنصوص مؤسسة على الأحكام الشرعية، وهذه النصوص واردة في المواد 320 و321 و322 وهي خاصة ببيع المريض مرض الموت، وقد جعله القانون في منزلة الوصية، عملاً بالأحكام الشرعية، بحيث لا ينعقد صحيحاً إذا كان لوارث، ولا بأكثر من الثلث إذا كان لغير وارث، إلا بإجازة الورثة. وجاءت المادة 323 بنص يقصر حكم هذه المواد على البائع الخاضع في أهليته إلى القانون المحلي La loi locale أي الشريعة العامة على أن لا يضر ذلك بحقوق الغير حسني النية. وظاهر من هذه النصوص أنها وضعت على أساس أن المصريين عموماً من أي دين كانوا خاضعون في مسائل المواريث والوصية لأحكام الشريعة الإسلامية.
وحيث إن القانون الأهلي قد جاء على نمط القانون المختلط حاذياً حذوه مقتفياً أثره، فجاء بالمادة 16 من لائحة الترتيب الأهلية على نمط المادتين 9 من لائحة الترتيب المختلط و4 من القانون المدني الملغاتين وبالمواد 54 و55 و130 المقابلة للمواد 77 و78 و190 وبالمواد 254 وما بعدها المقابلة للمواد 320 وما بعدها من القانون المدني المختلط، وأتى في القانون التجاري بالمادتين 4 و5 المقابلتين للمادتين 10 و11 من القانون التجاري المختلط.
وحيث إن ما يجب تقريره أولاً تلك الحقيقة التاريخية التي لا شك فيها وهي أن القوانين الأهلية في عهد إنشاء المحاكم الأهلية وضعت أولاً باللغة الفرنسية ثم ترجمت إلى لغة البلاد، وقد كان لتطور الحوادث في مصر وإنشاء المحاكم الأهلية على نمط المحاكم المختلطة الأثر الفعال في ذلك، وإذن فلا مناص من الرجوع إلى النص الفرنسي كلما أشكل النص العربي للقانون.
وحيث إن ما جاء في المادة 16 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية هو تعيين المواد الخارجة عن اختصاص المحاكم الأهلية ومنها مسائل الأحوال الشخصية بصرف النظر عن الهيئات الأخرى المختصة بالفصل فيها، شأن المادة 4 الملغاة من القانون المدني المختلط. أما المواد 54 و55 و130 فقد أشارت إلى قانون الأحوال الشخصية بدلاً من قانون الجنسية في المواد المقابلة لها من القانون المختلط وجاءت الترجمة العربية لعبارة "d'après le statut personnel du défunt" الواردة في النص الفرنسي الأهلي كما يأتي: "على حسب المقرر في الأحوال الشخصية المختصة بالملة التابع لها المتوفى". أما باقي المواد فقد جاءت فيها ترجمة كلمتي Statut personnel سليمة لا شائبة فيها.
وحيث إن المقصود من هذه المواد جميعاً، ما ورد منها في القانون المدني وما ورد في القانون التجاري، هو تعيين القانون الواجب تطبيقه بالنسبة إلى الأجانب في مسائل معينة إذا ما اقتضى الأمر الرجوع إليها في نزاع مطروح أمام القضاء الأهلي، ولا شأن لهذه النصوص إطلاقاً بالتنازع الداخلي بين القوانين المتعلقة بالأحوال الشخصية، لأن الشارع هنا - كما هي الحال في القانون المختلط بل ومن باب أولى - لم يكن قط بحاجة إلى أن يعرض لنظم أو أحكام مصرية لا محيص لهيئة قضائية مصرية أخرى من اتباعها والعمل على مقتضاها دون حاجة لنص خاص في أي تشريع مصري آخر.
وحيث إنه متى كان الأمر كذلك فإنه لا سبيل لفهم مدلول الترجمة العربية إلا بالرجوع إلى النص الفرنسي الذي وضع به القانون ثم نقل منه إلى اللغة العربية. والنص المذكور كما سبق البيان يؤيد هذا النظر، ويدل على أن المقصود بما جاء في المواد 54 و55 و130 هو قانون الأحوال الشخصية للمتوفى، ولا دخل في ذلك للدين أو المذهب أو التنازع الداخلي بين أهل الأديان المختلفة في هذا الصدد. وكل ما يمكن أن يقال إن الشارع المختلط عبر في المادتين 77 و78 عن الأحوال الشخصية بقانون الجنسية مخالفاً في ذلك ما كان منه في النصوص الأخرى التي عرضت لقانون الأحوال الشخصية. وليس من فارق بين التعبيرين لأن المؤدى واحد والغرض منهما واحد، ولا فرق كذلك فيما كان من الشارع الأهلي من استعمال تعبيرين مختلفين المقصود منهما واحد وإن كان أحدهما قد جاء بتعريب غير موفق لكلمات "d'apres le statut personnel".
وحيث إن القول بأن المقصود مما جاء في النص العربي لتلك المواد هو المذهب أو الدين يتعارض كل التعارض مع التشريع السابق الصادر من مصر ذاتها قبل صدور القوانين الأهلية والعمل بها، فإن الأمر العالي الصادر في 24 من مايو سنة 1883 بإنشاء المجلس الملي للأقباط الأرثوذكس راعى كل المراعاة تلك التقاليد المتبعة مع غير المسلمين من حيث قصر اختصاص رجال الدين على المسائل المذهبية وجعل اختصاصهم في مسائل المواريث إطلاقاً (أي طبيعية كانت أم إيصائية) مقيداً باتفاق الورثة واتحادهم مذهباً بصرف النظر عما إذا كان التقسيم يقع وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية أو غيرها إذ لا حاجة للبحث في ذلك. ولا سبيل للقول بأن الشارع المصري أراد في قانونه الأهلي أن يتنكب طريقة التشريع السابق، لأن القانون المدني، من جهةٍ، لم يكن موطناً لوضع قواعد للتنازع الداخلي في مسائل الميراث والوصية حتى يمكن أن يقال إنه أتى ناسخاً لتشريع صادر قبله، ولأن التشريع الصادر للأقباط الأرثوذكس أنفسهم بعد ذلك في سنتي 1912 و1927 قد جاء على نمط التشريع السابق ولم يحد عنه قيد أنملة في هذا الصدد.
وحيث إن القواعد المتعلقة بالأهلية تطبق على جميع المصريين من أي دين كانوا ولم تجئ أحكام قانون المجالس الحسبية الصادر في 23 من أكتوبر سنة 1925 إلى مقررة للأمر الواقع. وفي هذا ما يدل على أن المرجع في ذلك هو التشريع المصري الخاص بالأحوال الشخصية لا القانون المدني، كما يدل دلالة قاطعة على أن المادة 130 كالمادتين 54 و55 موضوعة للرجوع إليها في حالة التنازع بين القوانين من الناحية الدولية لا الداخلية.
وحيث إن الاعتراض بما ورد بقانوني المجلس الملي للإنجيليين الوطنيين الصادر في أول مارس سنة 1902 والأرمن الكاثوليك الصادر في 18 من نوفمبر سنة 1905 للقول بأن القانون الكنائسي هو الذي يجب تطبيقه في مسائل الوصايا إطلاقاً - هذا الاعتراض مردود. وذلك لأن المادة 21 من قانون المجلس الملي للإنجيليين الوطنيين - وهي التي جاءت المادة 16 من قانون المجلس الملي للأرمن الكاثوليك في الجوهر مماثلة لها - تنص على ما يأتي: "يختص المجلس العمومي بسماع وفصل جميع المسائل المتعلقة بإدارة الأوقاف الخيرية أو بالأحوال الشخصية التي تقع بين كنائس إنجيلية أو بين إنجيليين وطنيين، وكذلك المسائل المتعلقة بهم فيما يتعلق بهذه المواد. على أن هذا الاختصاص لا يتناول أية مادة من المواد التي لا يمكن الفصل فيها إلا بإحضار أشخاص غير إنجيليين وطنيين أمام المجلس بصفة خصوم في الدعوى ولا مسائل المواريث الخالية عن الوصية، (Succession ab intestat) إلا في حالة ما إذا قبل الخصوم التقاضي أمام المجلس المذكور". ومؤدى ذلك أن الاحتكام إلى المجلس الملي في مسائل المواريث لا يكون إلا استثناءاً في حالة الميراث الطبيعي. فإذا لم يتفق ذوو الشأن، وهم الورثة على حسب الشريعة الإسلامية باعتبارها مصدر الأحكام العامة في ذلك، على الاحتكام إلى هذا المجلس كان لا مناص من التقاضي أمام جهة الأحوال الشخصية ذات الولاية العامة وهي المحكمة الشرعية. يستوي في ذلك الميراث الطبيعي والإيصائي إذ هما مرتبطان كل الارتباط أحدهما بالآخر، ولا يمكن أن يتناول اختصاص المجلس الملي مسائل الوصايا إطلاقاً بحيث يكون الشخص الواحد في مسائل المواريث تابعاً لتشريعين مختلفين فيوصي وفقاً لأحكام أحدهما إذا ما أراد ذلك لأي غرض من الأغراض ثم يرثه ورثته طبقاً للتشريع الآخر وقد لا يجدون تركة يرثونها، وبهذا يكون في وسعه العبث في حال حياته بما أرادت شريعة التوريث العامة حفظه للورثة فتصبح حقوقهم مهما اختلفوا على الميراث مهدرة وكأنها لا وجود لها، مع أن القاعدة الأساسية العامة وفقاً للأحكام الشرعية التي لم يرد في القانون الوضعي ما يخالفها تقضي باحترام هذه الحقوق احتراماً تاماً لا سبيل لتحققه إلا إذا استطاع من تعنيهم تلك الأحكام من أصحاب الشأن الحيلولة دون المساس بها. ولا يمكن أن يفسر قصر اختصاص المجلس على الميراث الطبيعي عند الاتفاق واتحاد الملة بأن المجلس مختص بالوصايا إطلاقاً لمجرد اعتبارها من مواد الأحوال الشخصية، لأن ارتباطها بالميراث ارتباطاً وثيقاً يجعل أمر النظر في التركة راجعاً إلى تقديرهما معاً لا إلى الفصل بينهما والوصول بذلك إلى نتائج غير مقبولة أصلاً كما تقدم. على أن المقصود بالأحوال الشخصية التي من اختصاص المجلس لا يمكن أن يكون إلا المواد المذهبية أو الروحية التي لا تتصادم مع القواعد الأساسية العامة في التشريع والتقاليد المتبعة في ذلك إزاء الطوائف الملية جميعاً والتي لم يرد الشارع الخروج عنها بأي حال.
وحيث إنه لا محل للرجوع إلى الأحكام الواردة في المادتين 28 و29 من لائحة التنظيم القضائي المختلط الصادر بها القانون رقم 49 لسنة 1937 ولا إلى ما ورد بالقانون رقم 91 لسنة 1937 فإن ما ورد بهما خاص بالأجانب، والغرض منه وضع قواعد للتنازع الدولي ولا شأن له بالتنازع الداخلي بين جهات الأحوال الشخصية المصرية، والأحكام الواردة فيهما وإن كانت قد اشتملت على كثير من البيان والتفصيل فإنها - كالأحكام الواردة في المادتين 77 و78 من القانون المدني المختلط (54 و55 أهلي) - خاصة بالتشريع الذي يعامل الأجانب بموجبه، ولم يكن مقصوداً منها تنظيم حالة المصريين فيما بينهم إذ هذا مما يملكه المشرع المصري وما كانت مصر في حاجة إلى الاتفاق مع الدول بشأنه.
وحيث إنه يخلص مما تقدم:
أولاً - أن ما جاء بالمواد 54 و55 و130 من القانون المدني الأهلي لم يكن لوضع قواعد للتنازع الداخلي بل للتنازع الدولي، أي فيما يتعلق بالقانون الواجب تطبيقه بالنسبة إلى الأجانب في المسائل التي نصت عليها في هذه المواد.
ثانياً - أن المواريث عموماً، طبيعية كانت أم إيصائية، تكون وحدة غير قابلة للتجزئة وتسري الأحكام المتعلقة بها على جميع المصريين، مسلمين كانوا أو غير مسلمين، وفق القواعد الشرعية الإسلامية باعتبارها الشريعة العامة.
ثالثاً - أن منشأ اختلاف وجهات النظر هو الخطأ في ترجمة المواد 54 و55 و130 من القانون المدني والمنشور الثالث الصادر من الدولة العثمانية في سنة 1891 فقد أدى الخطأ في ترجمة المواد المذكورة إلى خطأ آخر هو حسبان هذه المواد مرتبة لقواعد خاصة بالتنازع الداخلي في تطبيق القوانين في حين أنها كزميلاتها في القانون المختلط خاصة بالتنازع الدولي أي بغير المصريين جنسية، كما أدى خطأ الترجمة إلى الفرنسية في المنشور آنف الذكر إلى القول بتعميم أحكام هذا المنشور والمنشورين اللذين سبقاه على جميع المجالس الطائفية.
وحيث إنه لما تقدم تكون أوجه الطعن الأول والثاني والثالث والسادس في غير محلها.
وحيث إنه عن الوجه الرابع فإن الحكم ابتدائياً في الدعوى لبعض المطعون ضدهم بأنصبتهم الشرعية في التركة صدر في 25 من مايو سنة 1937 أي بعد أن قضت المحكمة الشرعية العليا بإبطال الوصيتين في 11 من مارس سنة 1935 وبهذا أصبح الكلام في الاختصاص والبحث فيه لدى القضاء الأهلي عديم الجدوى. على أن الحكم في الدعاوى التي رفعها لفيف من الورثة والتي صدر فيها الحكم المطعون فيه ما كان يقتضي الفصل فيها سوى تطبيق القاعدة القانونية الأساسية المعروفة وهي عدم صحة الوصية لوارث إلا بإجازة باقي الورثة أياً كانت جهة القضاء التي يثار النزاع أمامها بشأن الوصيتين. فإذا كان القضاء الأهلي أوقف الفصل في الدعوى حتى يفصل في الوصيتين من جهة القضاء الشرعي بعد أن أقيمت دعوى المطالبة ببطلانهما أمامه فليس في ذلك ما يفيد الحكم بعدم الاختصاص، بل كل ما في الأمر أن وقف الدعوى كان احتياطاً تفادياً من تضارب وجهات النظر.
وحيث إنه عن الوجه الخامس فإن ما ورد به خاصاً بإبطال الوصيتين إطلاقاً مع أن إحداهما مشتملة على قدر موصى به للأعمال الخيرية دفاع موضوعي لم يثره الطاعن أمام محكمة الموضوع حتى تنظر فيه. على أنه قد يكون المانع من إثارته لديها أن هذه المسألة فصلت فيها المحكمة الشرعية العليا في 11 من مارس سنة 1935 بإبطال الوصيتين إجمالاً فلما رفع الطاعن عنه التماساً للنظر في أمر الوصية للأعمال الخيرية قضت المحكمة ذاتها برفضه بتاريخ 13 من مايو سنة 1935. وكذلك عن الشطر الخاص بعدم منازعة السيدتين فائقة داود وستهم باخوم - وهما من الورثة - في الوصية، فإن الطاعن لم يثره أيضاً لدى محكمة الاستئناف. ولذا فلا سبيل للبحث في هذا الدفاع الموضوعي لأول مرة أمام محكمة النقض. وأما عن الشطر الخاص بالرضاء الضمني بالوصيتين المسند إلى السيدتين ستهم داود وسرية داود فإن الحكم المطعون فيه قد عرض لهذا الدفاع وفنده بناءً على ما أورده من أدلة ثم خلص إلى أن هاتين السيدتين كانتا تنازعان في الوصيتين. وإذ كان هذا التقدير موضوعياً فلا معقب على ما كان من محكمة الموضوع في شأنه.


(1) سبق لمحكمة النقض أن أصدرت حكماً في 21 يونيه سنة 1934 نشر بالجزء الأول من هذه المجموعة رقم 200 ص 454 وما بعدها قرر أن قانون الملة بالنسبة إلى المصريين غالباً ما يكون هو نفس الشريعة المحلية أي الشريعة الإسلامية، كما قرر أن وصية غير المسلم هي كوصية المسلم خاضعة لحكم الشريعة الإسلامية. وقد تدخل الشارع في الأمر بعد صدور الحكم الجديد فأصدر في سنة 1944 القانون رقم 25 سنة 1944 الذي نص فيه على أن قانون البلد بالنسبة إلى المواريث والوصايا هو الشريعة الإسلامية، كما عدل بالقانون رقم 26 سنة 1944 المادتين 54 و55 مدني فاستبدل بعبارة (الأحوال الشخصية المختصة بالملة) عبارة (قانون البلد).
(2) سبق لمحكمة النقض في حكم 21 يونيه سنة 1934 المتقدمة الإشارة إليه أن قالت: - إن التعبير "بالمواريث الخالية عن الوصية" هو خطأ شائع في ترجمة Successions ab intestat وترجمتها الصحيحة هي "المواريث الغير الآتية من طريق الوصية".

الطعن 903 لسنة 44 ق جلسة 15 / 3 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 149 ص 759

جلسة 15 من مارس سنة 1978

برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور إبراهيم صالح، ومحمد الباجوري، وصلاح نصار، وإبراهيم فراج.

----------------

(149)
الطعن رقم 903 لسنة 44 القضائية

إعلان.
اكتساب أحد طرفي الخصومة صفة من الصفات المبينة بالفقرات 6، 7، 8 من المادة 13 مرافعات. وجوب أن يكون معلوماً للخصم الآخر علماً يقينياً وقت مباشرته إعلان خصمه وإلا حق إعلانه في موطنه. مثال بشأن إعلان أفراد القوات المسلحة.

----------------
توجب المادة 13 من قانون المرافعات اتباع إجراءات معينة في تسليم صور الإعلانات إلى بعض الهيئات والأشخاص ومنهم أفراد القوات المسلحة، والأصل في إعلان أوراق المرافعات طبقاً للمادة العاشرة من ذات القانون أن يتم تسليمها إلى شخص المعلن إليه أو في موطنه، واكتساب أحد طرفي الخصومة صفة من الصفات المبينة بالفقرات 6، 7، 8 من المادة 13 سالفة البيان التي توجب إجراء الإعلان على وجه مخالف لهذا الأصل يتعين أن يكون معلوماً لدى خصمه علماً يقينياً وقت مباشرته الإعلان حتى يلتزم الطريق المخصص له، وإلا حق اتباع القواعد الأصلية في الإعلان، لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن الطاعن أعلن بصحيفة افتتاح الدعوى في موطنه بصفة طبيباً وقد حضر بناء على هذا الإعلان وأبدى دفاعه أمام محكمة أول درجة دون أن يوجه أية مطاعن لإجراء الإعلان في موطنه بالصفة المبينة بالورقة، وكون الطاعن لم يقدم ما يدل على اشتمال ملف الدعوى على ما يثبت صفته كأحد أفراد القوات المسلحة، فإن النعي ببطلان إعلان صحيفة الاستئناف لعدم اتباع القواعد المقررة لإعلانه طبقاً للفقرة السادسة من المادة 13 من قانون المرافعات وبطلان الحكم تبعاً لذلك يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة المطعون عليها الأولى أقامت الدعوى رقم 6224 لسنة 1971 مدني أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية ضد الطاعن والمطعون عليه الثاني بطلب الحكم بإخلائهما من العين المؤجرة المبينة بالصحيفة وتسليمها لها، وقالت شرحاً لدعواها أنه بموجب عقد مؤرخ 10/ 10/ 1970 استأجر منها المطعون عليه الثاني الشقة رقم 65 بالعقار رقم 11 ميدان الفلكي بالقاهرة لاستعمالها سكناً خاصاً له إلا أنه تنازل عن إيجارها إلى الطاعن الذي غير نوع الاستعمال واتخذ منها عيادة طبية له دون الحصول على إذن كتابي، فقد أقامت الدعوى، وبتاريخ 12/ 2/ 1973 حكمت المحكمة برفض الدعوى، استأنفت المطعون عليها الأولى هذا الحكم بالاستئناف رقم 2769 لسنة 20 ق القاهرة طالبة إلغاءه والحكم بطلباتها، وبتاريخ 6/ 6/ 1974 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبإخلاء الطاعن والمطعون عليه الثاني من العين المؤجرة. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد، ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه البطلان، وفي بيان ذلك يقول أن المطعون عليها الأولى لم تتبع في إعلان صحيفة الاستئناف الطريق المقرر قانوناً لإعلان أفراد القوات المسلحة باعتباره من ضباطها فقد وجهت إليه الإعلان في موطنه خلافاً لما تقضي به المادة 13 من قانون المرافعات من وجوب تسليم صور الإعلان المتعلق بأفراد القوات المسلحة بوساطة النيابة العامة إلى الإدارة القضائية المختصة بالقوات المسلحة وبذلك يقع الإعلان باطلاً بطلاناً مطلقاً لتعلقه بالنظام العام ويبطل الحكم المطعون فيه تبعاً له.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه وإن كانت المادة 13 من قانون المرافعات توجب اتباع إجراءات معينة في تسليم صور الإعلانات إلى بعض الهيئات والأشخاص ومنهم أفراد القوات المسلحة، إلا أنه لما كان الأصل في إعلان أوراق المرافعات طبقاً للمادة العاشرة من ذات القانون أن يتم تسليمها إلى شخص المعلن إليه أو في موطنه، وكان اكتساب أحد طرفي الخصومة صفة من الصفات المبينة بالفقرات 6، 7، 8 من المادة 13 سالفة البيان التي توجب إجراء الإعلان على وجه مخالف لهذا الأصل يتعين أن يكون معلوماً لدى خصمه علماً يقينياً وقت مباشرته الإعلان حتى يلتزم الطريق المخصص له، وإلا حق اتباع القواعد الأصلية في الإعلان لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن الطاعن أعلن بصحيفة افتتاح الدعوى في موطنه بصفته طبيباً وقد حضر بناء على هذا الإعلان وأبدى دفاعه أمام محكمة أول درجة دون أن يوجه أية مطاعن لإجراء الإعلان في موطنه بالصفة المبينة بالورقة، وكان الطاعن لم يقدم ما يدل على اشتمال ملف الدعوى على ما يثبت صفته كأحد أفراد القوات المسلحة، فإن النعي ببطلان إعلان صحيفة الاستئناف لعدم اتباع القواعد المقررة لإعلانه طبقاً للفقرة السادسة من المادة 13 من قانون المرافعات وبطلان الحكم تبعاً لذلك يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 69 لسنة 12 ق جلسة 11 / 3 / 1943 مج عمر المدنية ج 4 ق 36 ص 69

جلسة 11 مارس سنة 1943

برياسة حضرة عبد الفتاح السيد بك رئيس المحكمة وبحضور حضرات. حسن زكي محمد بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك ونجيب مرقس بك المستشارين.

---------------

(36)
القضية رقم 69 سنة 12 القضائية

عقد. 

صراحته في ألفاظه في أنه تمليك قطعي منجز. ورقة ضد صادرة من المشتري في ذات تاريخ العقد. استخلاص المحكمة منها ومن سائر ظروف الدعوى أن العقد وصية. لا تدخل في ذلك لمحكمة النقض.

-----------
إذا كان العقد المختلف على تكييفه صريحاً في نصه في أنه تمليك قطعي منجز، ولكن استظهرت المحكمة من ورقة الضد الصادرة ممن صدر له العقد في ذات تاريخه المتضمنة، فيما تضمنته، تعهده بعدم المساس بملكية الأطيان الواردة في العقد طوال حياة والديه البائعين له ثم بعد وفاتهما يكون لأخواته البنات نصيب معين في تلك الأطيان، ومن عدم دفعه شيئاً من الثمن، ومن سائر ظروف الدعوى، ومن اقتناعها بأن السبب الذي صدر من أجله التصرف هو استكمال المتصرف له النصاب القانوني اللازم للترشيح للعمودية - استظهرت من كل ذلك أن هذا التصرف لم يكن عقد بيع منجز بل هو وصية، فإن هذا مما يدخل في سلطتها ولا معقب عليها فيه.


الوقائع

تتلخص وقائع هذا الطعن في أن محمد خليل إبراهيم وزوجته خديجة بنت موسى سالم والدي الطاعن والمطعون ضدهن باعا لابنهما الطاعن بموجب عقد تاريخه 18 من يوليو سنة 1916 ومسجل في 18 من سبتمبر سنة 1916 12 س و10 ف مبينة الحدود والمعالم فيه. وقد باع الوالد من هذا القدر 12 س و3 ط و9 ف بثمن قدره 900 ج أقر بأنه قبض منه 500 ج وأبقى تحت يد الطاعن 400 ج لوفاء ديون على هذه الأطيان - وباعت الوالدة الباقي وهو 21 ط بثمن قدره 80 ج أقرت أنها قبضته. وفي يوم البيع حرر الطاعن وهو المشتري ورقة عرفية نصها ما يأتي: "أنا الموقع عليه أدناه عبد المطلب محمد من القنايات أقر وأعترف وأتعهد وأشترط على نفسي أنني لا أتصرف مطلقاً في الأطيان المبيعة في تاريخه من والدي البالغ قدرها 12 س و3 ط و9 ف وكذا الأطيان المبيعة من الست والدتي البالغ قدرها أيضاً 21 ط لا بالبيع ولا بالرهن ولا بالانتفاع بالريع ولا بما يمس الملكية طول حياة والدي ووالدتي، وأما بعد وفاتهما فيكون لإخوتي البنات وهن هانم وأم محمد وناعسة فدان ونصف - كل واحدة منهن نصف فدان والباقي يكون ملكاً باتاً لي لا ينازعني فيه أحد ما وقد تحررت هذه المعاهدة بذلك، المقر بما فيه عبد المطلب محمد خليل. تحريراً في 18 يوليو سنة 1916".
ثم توفي الوالدان وتبقى من هذه الأطيان - بعد أن تصرف الطاعن في جزء منها - ستة أفدنة شائعة في 22 س و20 ط و7 ف مبينة الحدود والمعالم في صحيفة الدعوى رقم 333 منه 1939 المعلنة في 31 من يوليو سنة 1939 التي رفعتها المطعون ضدها الأولى أمام محكمة الزقازيق الابتدائية ضد الطاعن وباقي المطعون ضدهن وطلبت فيها الحكم بتثبيت ملكيتها إلى فدانين من الستة الأفدنة المشار إليها على اعتبار أنهما نصيبها الشرعي في ميراث والديها وكف منازعة الطاعن وباقي المطعون ضدهن لها فيهما وتسليمهما إليها وإلزامهم متضامنين بالمصاريف وأتعاب المحاماة. وطعنت على عقد البيع المشار إليه بأنه باطل، وأنه قصد به الوصية، واستندت في ذلك إلى أن الطاعن لم يدفع ثمناً وأن الورثة التي حررها وقت البيع السابق ذكرها نصها والتي تصفها بأنها ورقة ضد تفيد أن تملكه للأطيان أضيف إلى ما بعد موت والديها. أما الطاعن فقد ارتكن على عقد البيع الذي انتقلت بموجبه ملكية الأطيان إليه ووضع يده عليها فعلاً من وقت شرائها، وعلى أنه دفع الثمن بإقرار البائعين في العقد، وقام بوفاء ديون على والده تزيد قيمتها على المبلغ الذي تبقى تحت يده من الثمن. وقد أخذت محكمة أول درجة بدفاع الطاعن واعتبرت أن العقد المؤرخ 18 من يوليو سنة 1916 هو عقد بيع منجز توفرت فيه جميع أركان البيع، وأن ما جاء بورقة الضد المحررة في تاريخه لا يخرج العقد عن حقيقته وقضت في 30 من ديسمبر سنة 1940 برفض الدعوى.
استأنفت المطعون ضدها الأولى هذا الحكم أمام محكمة استئناف مصر بالاستئناف رقم 617 سنة 58 قضائية وطلبت القضاء بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والحكم لها بالطلبات التي تقدمت بها لمحكمة أول درجة. ومحكمة الاستئناف قضت في 21 من مايو سنة 1942 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وتثبيت ملكية المطعون ضدها الأولى إلى فدانين شائعين في 22 س و20 ط و7 ف المبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وكف منازعة الطاعن لها في هذا القدر مع تسليمهما إليها وألزمته بالمصاريف عن الدرجتين و300 قرش أتعاب محاماة. وذلك بناءً على ما رأته من أن العقد يخفي وصية إذ هو تمليك مضاف إلى ما بعد الموت.
أعلن هذا الحكم للطاعن في 6 من أغسطس سنة 1942 فقرر الطعن فيه بطريق النقض في 5 من سبتمبر سنة 1942 إلخ. إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أن المحكمة الاستئنافية قد أخطأت في تطبيق القانون. ذلك لأن الظاهر من عقد البيع موضوع الدعوى المسجل تسجيلاً تاماً في 18 من سبتمبر سنة 1916 أنه عقد تمليك قطعي منجز انتقلت بموجبه الملكية فوراً إلى الطاعن الذي وضع يده على الأطيان المبيعة وانتفع بها وتصرف فيها تصرف الملاك في أملاكهم، ولكن المحكمة أغفلت كل ذلك، كما أغفلت ما قام به الطاعن من وفاء الديون التي كانت تثقل الأطيان المبيعة تنفيذاً لما التزم به في العقد. كما أنه تصرف في بعض هذه الأطيان في حياة والديه بالبيع بعقود مسجلة. وهذه الملابسات كلها تنفي الزعم بأنه عقد تمليك مضاف إلى ما بعد الموت خصوصاً أنه مشهور بالتسجيل. وإذا قيل إن الطاعن لم يدفع ثمناً، وإن الثمن المبين في العقد كان في الواقع صورياً، فإن العقد يكون عقد تبرع منجز أي هبة مستترة في صورة عقد بيع، والهبة الموصوفة بصفة عقد آخر صحيحة طبقاً لنص المادة 48 من القانون المدني ولو لم تكن بعقد رسمي. أما الورقة العرفية فهي صادرة من الطاعن وحده ولم يكن البائعان طرفاً فيها ولم تسلم لهما وهي لا تفيد استمرار وضع يدهما على الأطيان المبيعة منهما، وإنما هي عبارة عن تعهد يجعل ريع الأطيان لهما طوال حياتهما ولا يمنع انتقال ملكية الرقبة للطاعن فوراً ولا المنفعة أيضاً. فهي على هذه الصورة تعتبر تبرعاً منه بريعها لهما - الأمر الظاهر من عدم اشتمالها على ما يفيد وجود المقابل لهذا التعهد. ولذلك كله، ولأن واقعة ترشيح الطاعن نفسه للعمودية التي تقدمت بها المطعون ضدها الأولى واقعة لا أصل لها ولا دليل عليها ولا تأثير لوجودها في كيان العقد فإنه لذلك تكون المحكمة الاستئنافية قد أخطأت في تكييف العقد موضوع النزاع واعتباره وصية. ويجب نقض الحكم المطعون فيه والقضاء برفض دعوى المطعون ضدها الأولى.
وحيث إنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أن المحكمة الاستئنافية أوردت في حكمها العبارات التي تضمنها العقد المؤرخ 18 من يوليو سنة 1916 موضوع النزاع ثم عقبت عليها بما يأتي: " وحيث إن هذا العقد حسب الظاهر من عباراته هو عقد تمليك منجز لم يحتفظ البائعان فيه بحق انتفاعهما بالعين المبيعة حتى الوفاء بل بالعكس ظاهر منه أن المشتري وهو المستأنف عليه الأول وضع يده على العين المبيعة للتصرف فيها بما يشاء أي للانتفاع بها وبيعها إذا أراد، وما كان لأية محكمة أن تشك في صحة ما ورد في هذا العقد لولا الورقة التي حررها على نفسه لمستأنف عليه الأول في نفس اليوم الذي حرر العقد فيه أي في 18 يوليو سنة 1916 وتعهد فيها بأن لا يتصرف مطلقاً في الأطيان المبيعة من والده وقدرها 9 ف و3 ط و12 س وكذا الأطيان المبيعة من والدته وقدرها 21 ط لا بالرهن ولا بالانتفاع بالريع ولا بما يمس الملكية طول حياة والديه. كما تعهد بأنه بعد وفاتهما يكون لأخواته البنات ومنهن المستأنفة فدان ونصف فدان. فهذه الورقة الصريحة في مدلولها والتي تعتبرها المحكمة ورقة ضد تدل دلالة قاطعة على أن عقد البيع المشار إليه لم يكن عقد تمليك منجز، وأن البائعين فيه لم يقصدا إلى التخلي عن ملكيتهما للعقار وقت تحريره، وأن الذي لا شك فيه أن التمليك مضاف لما بعد الموت. ويفهم من هذه الورقة فوق ذلك أن المستأنف عليه الأول لم يدفع شيئاً، إذ لو كان دفع من الثمن مبلغ 580 ج كما جاء في العقد المشار إليه لما قبل أن يحرر هذه الورقة التي تمنعه من التصرف مدة حياة والديه وتلزمه بالتنازل لإخوته عن فدان ونصف فدان". وبعد أن رجحت المحكمة صحة دفاع المطعون ضدها الأولى بأن السبب الذي تحرر عقد البيع من أجله هو استيفاء الطاعن للنصاب القانوني ليرشح نفسه للعمودية إذ لم يكن يملك هذا النصاب قالت: وحيث إنه من كل ما تقدم يكون عقد 18 يوليه سنة 1916 عقد تمليك غير منجز مضاف إلى ما بعد الموت، فهو عقد باطل ويتعين الحكم ببطلانه. ومن ثم يكون نصيب المستأنفة (المطعون ضدها الأولى) في القدر المبيع فدانين لأن البائعين تركا ولداً وثلاث بنات، ولما كان المستأنف عليه الأول تصرف في جزء من الأطيان ولم يبق له سوى ستة أفدنة شائعة في 7 ف 20 ط و22 س المبينة الحدود بصحيفة التكليف فيتعين الحكم للمستأنفة بفدانين شائعين في هذا القدر".
وحيث إنه يبين مما تقدم أن محكمة الاستئناف قد استظهرت من ورقة الضد الصادرة من الطاعن نفسه ومن عدم دفعه شيئاً من الثمن ومن اقتناعها بصحة ما ذكرته المطعون ضدها عن سبب تحرير العقد المذكور وتعهد الطاعن بعدم مساسه بملكية الأطيان الواردة في العقد طول حياة والديه أن هذا التصرف لم يكن عقد بيع منجز بل إن حقيقته وصية مرجأ تنفيذها إلى ما بعد موت المتصرف، وأن للمطعون ضدها على هذا الاعتبار بصفتها وارثة لم تجز الوصية أن تطالب بنصيبها الشرعي في الأطيان المخلفة. ولما كان هذا الذي استخلصته محكمة الموضوع ورتبت عليه قضاءها مستقى من ورقة الضد ومن ظروف الدعوى وملابساتها فلا سلطان لمحكمة النقض عليها فيه.