جلسة 29 من مارس سنة 1980
برئاسة السيد المستشار/ الدكتور مصطفى كيرة نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حسن السنباطي، محمد حسب الله، الدكتور جمال الدين محمود ويحيى الرفاعي.
-----------------
(186)
الطعن رقم 749 لسنة 44 القضائية
(1، 2) عمل. "الميزة العينية". شركات. صلح.
(1) استعمال العاملين بشركات القطاع العام لسيارات الركوب الخاصة بها للانتقال إلى مقر أعمالهم. شرطه. قرار رئيس الوزراء 2642 لسنة 1966، اعتبار ذلك ميزة عينية. شرطه. الانتقال بالمخالفة لهذا القرار. لا يكسب العامل حقاً.
(2) بطلان الاتفاق بالصلح أو التنازل بين صاحب العمل والعامل. شرطه. أن يمس حقوقاً تقررها قوانين العمل.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 3123 سنة 1971 عمال كلي جنوب القاهرة بطلب إلغاء قرار الشركة المطعون ضدها بخصم مبلغ ثلاثة جنيهات شهرياً من راتبه منذ 1/ 7/ 1966 مع كافة ما يترتب على ذلك من آثار ورد ما استقطع من مبالغ مع إلزام الشركة الفوائد القانونية وقال بياناً للدعوى أنه يعمل لدى المطعون ضدها التي وضعت نظاماً لنقل العاملين لديها إلى مقار أعمالهم قرر انتقال الموظفين العاديين بالأوتوبيسات من مناطق التجمع وإليها وشاغلي الوظائف الإشرافية بسيارات الاستيشن والمديرون بالسيارات الخاصة من وإلى المنازل وأنه وفقاً لمستواه الوظيفي انتقل بالاستيشن اعتباراً من فبراير سنة 1961 وبالسيارات الخاصة منذ 7/ 5/ 1966 وإذ فرضت عليه المطعون ضدها خصم ثلاثة جنيهات شهرياً من مرتبه من 1/ 8/ 1966 عن انتقاله بهذه السيارات وخيرته بين الانتقال بغير مقابل في أتوبيساتها من مناطق التجمع وبين تحمل هذا الخصم من المرتب واضطر بقبول الخصم فقد رفع الدعوى بطلباته سالفة البيان وبتاريخ 14 من مارس سنة 1972 حكمت المحكمة برفض الدعوى - استأنف الطاعن هذا الحكم باستئنافه المقيد برقم 1211 سنة 89 ق مدني أمام محكمة استئناف القاهرة فقضت في 29 من إبريل سنة 1974 بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت لنظره جلسة أول مارس سنة 1980، وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعن بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ومخالفة الثابت في الأوراق، وبياناً لذلك يقول أنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن حقه المكتسب في الانتقال بسيارات الشركة المطعون ضدها بالمجان من وإلى منزله منذ فبراير سنة 1961 يرجع إلى نظام مقرر بها من سنة 1956 وبأن الشركة استمرت بعد صدور قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2642 لسنة 1966 في نقل زملائه العاملين بها من وإلى منازلهم دون مقابل مما يؤكد حقه في التمتع بهذه الميزة لكن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع الجوهري وخلص إلى أن قراري رئيس الوزراء والشركة بخصم مبلغ ثلاثة جنيهات من مرتبه شهرياً مقابل ذلك الانتقال لم يمسا حقاً مكتسباً له.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن المستقر في قضاء هذه المحكمة أن الشارع عد من الإجراءات الجوهرية في الطعن بطريق النقض أن يناط بالخصوم أنفسهم تقديم الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن في المواعيد التي حددها القانون وإذ لم يقدم الطاعن رفق طعنه نظام الانتقال بسيارات الشركة المطعون ضدها المشار إليه بهذا النعي والسند الكاشف عن حالات زملائه المنوه عنهم به حتى تستطيع المحكمة التحقق من صحة ما ينعاه على الحكم المطعون فيه فإن النعي يكون مفتقراً للدليل.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الثالث والرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه. ويقول في بيان ذلك أن الحكم أسس قضاءه برفض دعواه على قرار رئيس الوزراء رقم 2642 لسنة 1966 في حين أن حق العامل في استخدام سيارات صاحب العمل أجر عيني يلتزم به هذا الأخير دون تأثر بأية ظروف مستجدة مما يجعل تنصل الشركة المطعون ضدها من نقله بسياراتها دون مقابل مخالفاً لنص المادة 147 من القانون المدني، كما أن قرار رئيس الوزراء لم ينص على إلغاء المزايا العينية المقررة للعاملين قبل صدوره التي اعتبرت جزءاً من أجورهم وإنما قرر عدم جواز استخدام السيارات في نقلهم من وإلى منازلهم بالإضافة إلى أن النزاع بينه وبين الشركة لا يدور حول نقله من وإلى منزله بل يقتصر على أحقيتها في اقتضاء مقابل ذلك من عدمه.
وحيث إن هذا النعي برمته غير سديد، ذلك أنه لما كان النص في المادة الأولى من قرار رئيس الوزراء رقم 2642 لسنة 1963 بشأن استخدام سيارات الركوب الحكومية والقطاع العام - الذي يسري من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية في 9 من يوليو سنة 1966 - على أنه "فيما عدا السادة الوزراء ونوابهم والمحافظين أو من في حكمهم... واعتباراً من 1/ 7/ 1966 يحظر استخدام سيارات الركوب في انتقال العاملين بالحكومة والهيئات العامة والمؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها من منازلهم إلى مقار أعمالهم وبالعكس" وفي الفقرة الثانية من المادة الثانية منه على أنه "استثناء من المادة السابقة ( أ ).... (ب).... كما يجوز استخدام سيارات الأوتوبيس أو ما في حكمها في انتقال مجموعة من العاملين من منازلهم إلى مقار أعمالهم وبالعكس نظير سداد بدل نقدي مقداره ثلاثة جنيهات" وفي المادة الثالثة من ذلك القرار على أن لا تسري القواعد السابقة على حالات انتقال العاملين بوحدات الإنتاج من أماكن التجمع إلى مقار أعمالهم وبالعكس مفاده أن المشرع وضع قاعدتين في شأن استعمال العاملين بشركات القطاع العام لسيارات الركوب الخاصة بها - (أولها) توجب سداد مقابل شهري مقداره ثلاثة جنيهات لقاء استعمالهم لها من منازلهم إلى مقار أعمالهم ذهاباً وعودة (وثانيهما) تصرح للعاملين بوحدات الإنتاج استعمال هذه السيارات من أماكن التجمع إلى مقار أعمالهم في الذهاب والإياب بغير مقابل، ولما كان الثابت في الدعوى أن الشركة المطعون ضدها تنقل الطاعن بسياراتها من منزله إلى مقر عمله ذهاباً وإياباً، فإنه يلتزم بسداد مبلغ ثلاثة جنيهات شهرياً لقاء هذا الانتقال، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإن النعي برمته يضحى في غير محله. ولا ينال من ذلك صورة خطاب الشركة المطعون ضدها إلى الطاعن المؤرخ أول أغسطس سنة 1966 - المرفقة بحافظته المودعة ملف الطعن - الذي أخطرته فيه بأن قرار رئيس الوزراء يقضي بخصم المبلغ المذكور من مرتبه نظير استعماله سياراتها من منزله إلى المصانع وبالعكس ما دام هذا الخطاب لا ينبئ عن أن انتقاله بهذه السيارات على هذا النهج قد توفرت له شروط الميزة العينية بأن كانت الشركة ملزمة أصلاً بتوفيره له وليست متبرعة واستكمل صفة الدوام والاستقرار، وما دام ذلك الانتقال بصورته تلك بعد سريان القرار المشار إليه يكون قد تم بالمخالفة لأحكامه فلا يكسب الطاعن حقاً لأن الحقوق لا تكتسب بالتصرفات المخالفة لأحكام القانون.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أسس قضاءه برفض دعواه على الإقرار الذي وقعه بالاستمرار في استعمال سيارة الشركة المطعون ضدها مقابل خصم ثلاثة جنيهات شهرياً من مرتبه بدلاً من استعمال أوتوبيساتها دون مقابل من مناطق التجمع، في حين أن هذا الإقرار باطل طبقاً للمادة السادسة من القانون رقم 91 لسنة 1959 لأنه إبراء من الجزء العيني من أجرة الذي لا يجوز تخفيضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان الاتفاق بالصلح أو التنازع بين صاحب العمل والعامل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يكون باطلاً إلا أن يمس حقوقاً تقررها قوانين العمل، وكان الطاعن ملزماً بأداء مبلغ ثلاثة جنيهات شهرياً مقابل انتقاله بسيارة الشركة المطعون ضدها من منزله إلى مقر عمله بها ذهاباً وعودة - وفقاً لما سبق بيانه في الرد على سببي الطعن الثالث والرابع - فإن الإقرار المشار إليه بسبب النعي لا يمس حقوقاً تقررها قوانين العمل في حكم المادة السادسة من القانون رقم 91 لسنة 1959، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه لم يخالف ذلك النظر، فإن النعي عليه بمخالفة القانون يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
(1) نقض 17/ 3/ 1979 مجموعة المكتب الفني - السنة 30 ص 31.
(2) نقض 17/ 3/ 1979 مجموعة المكتب الفني السنة 30 ص.