الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 19 مارس 2022

الطعن 3449 لسنة 78 ق جلسة 11 / 2 / 2020 مكتب فني 71 ق 32 ص 230

جلسة 11 من فبراير سنة 2020
برئاسة السيد القاضي/ نبيل عمران "نائب رئيس المحكمة"، وعضوية السادة القضاة/ محمود التركاوي، د. مصطفى سالمان، صلاح عصمت ود. محمد رجاء "نواب رئيس المحكمة".

------------------

(32)

الطعن 3449 لسنة 78 ق

(1 ، 2) نقض. الخصوم في الطعن بالنقض".
(1) الاختصام في الطعن بالنقض. شرطه. لمن كان خصما في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه. اختصام من لم يقض له أو عليه بشيء. غير مقبول.

(2) عدم القضاء للمطعون ضده الثاني بصفته أو عليه بشيء. مؤداه. ليس خصما حقيقيا في النزاع. أثره. عدم قبول اختصامه في الطعن.

(3 - 5) تحكيم. اتفاق التحكيم: ماهيته".
(3) اتفاق التحكيم. شرط أو مشارطة. ماهيته. عقد حقيقي له سائر شروط وأركان العقود عموما. التراضي. ركن لا يقوم بدونه اتفاق التحكيم. جوهره. تلاقي إرادتين على اتخاذ التحكيم وسيلة لتسوية المنازعات الناشئة عن تلك العلاقة أيا كان أساسها. شرطه. تدخل في المسائل التي يجوز بشأنها التحكيم وفقا للمادة 11 من ق التحكيم.

(4) اتفاقية الأمم المتحدة للاعتراف بأحكام التحكيم الأجنبية وتنفيذها نيويورك 1958. استخدمت مصطلحا واحدا هو "اتفاق التحكيم". شرط التحكيم ومشارطته. اختلافهما. ماهيته. شرط التحكيم عقد مستقل داخل العقد الأصلي موضوعا وسببا وسابق على قيام النزاع والمشارطة لاحقه عليه. لازمه. احتفاظ كل منهما بخصائصه المميزة.

(5) ثبوت اتفاق التحكيم بالأوراق والحكم الابتدائي وتسليم الطاعنة والمطعون ضدها باتفاقهما على أن الالتجاء إلى التحكيم كان سابقا على قيام النزاع بينهما. شرطا كافيا بذاته في الدلالة على اتفاق الطرفين على الالتجاء إلى التحكيم لتسوية النزاع الذي قد ينشأ في المستقبل. لازمه. الامتناع عن إقامة الدعوى بالنزاع محل اتفاق التحكيم أمام القضاء. م13 (1) من ق التحكيم. أثره. الحكم بعدم قبول الدعوى لو خالف أحدهما ذلك الالتزام السلبي ودفع بعدم قبول الدعوى قبل إبداء أي طلب أو دفاع. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضاءه بقبول الدفع المبدي من المطعون ضدها الأولى بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم والتفاته عن دفاع لا يستند إلى أساس قانوني. صحيح.

(6) نقض" أسباب الطعن بالنقض: السبب العاري عن دليله".
التزام الخصوم أنفسهم بتقديم الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن في المواعيد التي حددها القانون. عدم إيداع الطاعنة وقت تقديم صحيفة الطعن بالنقض صورة من عقد النزاع وترجمته الرسمية. النعي على شرط التحكيم مفتقرا لدليله. عله ذلك. م255 مرافعات.

(7 - 9) تحكيم" التحكيم المؤسسي: المحكمة الدولية للتحكيم".
(7) التحكيم المؤسسي. هو الذي يتفق فيه الأطراف على أن يتم التحكيم بواسطة ووفقا للقواعد الإجرائية بمؤسسة أو مركز دائم للتحكيم سواء كانت وطنية أو إقليمية أو دولية. م 25ق 27 لسنة 1994. إمكانية تعيين المحكمين أو أحدهم حسب اتفاق الطرفين أو مراجعة حكم التحكيم وفقا للائحته. أهميته. حيازة ثقة المتعاملين في مجال الأعمال والتجارة الدولية والاستثمار. علة ذلك. توافر لها لوائح ونظم داخلية وأجهزة إدارية مستقرة صقلتها الخبرة العملية والتواتر على إدارة القضايا التحكيمية. أثره. شعور الأطراف بالأمان القانوني والإجرائي لأطراف التحكيم.

(8) المحكمة الدولية للتحكيم مؤسسة تحكيم. ماهيتها. جهاز إداري مهمته الإشراف على سير إجراءات التحكيم التي تجرى طبقا لقواعد التحكيم بغرفة التجارة الدولية. م1 من قواعد تحكيم غرفة التجارة الدولية الصادرة 1998 والمادة 1/3 من الملحق رقم 1 والمادتين 2/4، 3 و6 من الملحق رقم 2 من ذات القواعد. مؤداه. ليست جهة قضاء ولا تفصل في قضايا التحكيم. اقتصار عملها على التأكد من سلامة حكم التحكيم وخلوه من أسباب العوار التي تعرضه للبطلان في دولة إصداره أو التي تؤدي إلى رفض تنفيذه. عله ذلك.

(9) رضاء الطاعنة إخضاع إجراءات التحكيم للقواعد الواردة بنظام الحكم الخاص بغرفة التجارة الدولية بباريس وللمحكمة الدولية للتحكيم بها. مؤداه. قبولها اختصاصات هذه المحكمة. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر. صحيح.

-----------------

1 - المقرر أنه لا يجوز أن يختصم في الطعن إلا من كان خصما في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه، وأن الخصم الذي لم يقض له أو عليه بشيء لا يكون خصما حقيقيا ولا يقبل اختصامه في الطعن.

2 - إذ كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده الثاني بصفته وزير الصحة لم يكن خصما حقيقيا في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه، إذ لم يقض له أو عليه بشيء، ومن ثم يكون اختصامه في الطعن غير مقبول.

3 - النص في المادة 10 من قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية رقم 27 لسنة 1994 على أن" (1) اتفاق التحكيم هو اتفاق الطرفين على الالتجاء إلى التحكيم لتسوية كل أو بعض المنازعات التي نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهما بمناسبة علاقة قانونية معينة عقدية كانت أو غير عقدية. (2) يجوز أن يكون اتفاق التحكيم سابقا على قيام النزاع سواء قام مستقلا بذاته أو ورد في عقد معين بشأن كل أو بعض المنازعات التي قد تنشأ بين الطرفين، وفي هذه الحالة يجب أن يحدد موضوع النزاع في بيان الدعوى المشار إليه في الفقرة الأولى من المادة 30 من هذا القانون، كما يجوز أن يتم اتفاق التحكيم بعد قيام النزاع ولو كانت قد أقيمت في شأنه دعوى أمام جهة قضائية، وفي هذه الحالة يجب أن يحدد الاتفاق المسائل التي يشملها التحكيم وإلا كان الاتفاق باطلا"، يدل على أن جوهر اتفاق التحكيم، شرطا كان أم مشارطة، أنه عقد حقيقي له سائر شروط وأركان العقود عموما، وأنه تراض بين طرفي علاقة قانونية معينة، وتلاقي إرادتيهما على اتخاذ التحكيم وسيلة لتسوية المنازعات الناشئة عن تلك العلاقة، أيا كان أساس تلك العلاقة القانونية، طالما أنها تدخل في المسائل التي يجوز بشأنها التحكيم وفقا للمادة 11 من ذات القانون.

4 - قد يكون الاتفاق (اتفاق التحكيم) سابقا على نشوء النزاع بين الطرفين، وهو ما يسمى بشرط التحكيم clause compromissoire وهو ولئن كان بندا أو شرطا من شروط العقد إلا أنه يعد في ذاته عقدا مستقلا داخل العقد الأصلي، له موضوعه وسببه المختلفان عن موضوع وسبب العقد الأصلي؛ فموضوعه هو تسوية النزاع بين الطرفين بطريق التحكيم، أما سببه فهو رغبة الطرفين في سلب النزاع من قضاء الدولة وتخويل سلطة الفصل فيه لقضاء التحكيم. وقد يكون اتفاق التحكيم لاحقا على نشوء النزاع ووقوع الخلاف بين أطراف العلاقة القانونية، وهو ما يسمى بعقد التحكيم أو مشارطة التحكيم compromis فيكون عقدا حقيقيا قائما بذاته. ولقد حرصت اتفاقية الأمم المتحدة للاعتراف بأحكام التحكيم الأجنبية وتنفيذها "نيويورك 1958"، United Nations Convention on the Recognition and Enforcement of Foreign Arbitral Awards (New York, 1958)، على تجنب استعمال مصطلحي "شرط التحكيم" و"مشارطة التحكيم"، واستخدمت مصطلحا واحدا هو "اتفاق التحكيم" يستوعبهما معا مع احتفاظ كل منهما بخصائصه المميزة.

5 - إذ كان الثابت بالأوراق ومدونات الحكم الابتدائي، وعلى ما تسلم به الطاعنة في صحيفة أسباب طعنها والمطعون ضدها في مذكرة ردها وبما لا خلاف عليه بينهما، أن اتفاق الطرفين على الالتجاء إلى التحكيم كان سابقا على قيام النزاع بينهما واتخذ صورة شرط التحكيم الوارد بالبند 23 من عقد النزاع والذي نص على أن "أي نزاع بين الطرفين يتعلق بهذا الاتفاق لا يمكن تسويته وديا، يتم تسويته باللجوء إلى التحكيم، من هيئة مكونة من ثلاثة محكمين يجيدون الإنجليزية بطلاقة، بموجب قواعد الصلح والتحكيم بغرفة التجارة الدولية بباريس". وكان هذا الشرط كافيا بذاته في الدلالة على اتفاق الطرفين على الالتجاء إلى التحكيم لتسوية النزاع الذي قد ينشأ في المستقبل بخصوص ذلك العقد، بما يرتب التزاما عليهما بالامتناع عن إقامة الدعوى بالنزاع محل اتفاق التحكيم أمام القضاء، ولو خالف أحدهما ذلك الالتزام السلبي ورفع دعواه إلى محاكم الدولة ودفع أمامها الطرف الآخر بعدم قبول الدعوى قبل إبدائه أي طلب أو دفاع في الدعوى، وجب عليها– عملا بالمادة 13(1) من قانون التحكيم المصري- أن تحكم بعدم قبول الدعوى. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بقبول الدفع المبدى من المطعون ضدها الأولى بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ولا عليه إن التفت عن دفاع لا يستند إلى أساس قانوني صحيح، ويضحى النعي عليه على غير أساس.

6 - المقرر أن الشارع عد من الإجراءات الجوهرية في الطعن بطريق النقض أن يناط بالخصوم أنفسهم تقديم الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن في المواعيد التي حددها القانون. لما كان ذلك، وكانت الطاعنة لم تودع قلم كتاب هذه المحكمة وقت تقديم صحيفة الطعن بالنقض، عملا بالمادة 255 من قانون المرافعات المدنية والتجارية- صورة من عقد النزاع المؤرخ 1/1/1996 وترجمته الرسمية، مذيلة بعبارة "صورة لتقديمها لمحكمة النقض"، والذي تقول إن شرط التحكيم الذي تضمنه العقد خولها الحق في اللجوء إلى أي محكمة ذات اختصاص قضائي، حتى يمكن التحقق من صحة ما تنعاه على الحكم المطعون فيه، فإن نعيها في هذا الخصوص يكون مفتقرا لدليله.

7 - المادة 25 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 تنص على أنه " لطرفي التحكيم الاتفاق على الإجراءات التي تتبعها هيئة التحكيم بما في ذلك حقهما في إخضاع هذه الإجراءات للقواعد النافذة في أي منظمة أو مركز تحكيم في جمهورية مصر العربية أو خارجها فإذا لم يوجد مثل هذا الاتفاق كان لهيئة التحكيم، مع مراعاة أحكام هذا القانون، أن تختار إجراءات التحكيم التي تراها مناسبة". وكان التحكيم المؤسسي Institutional Arbitration هو التحكيم الذي يتفق فيه الأطراف على أن يتم التحكيم بواسطة مركز دائم للتحكيم أو مؤسسة تحكيم دائمة، سواء كانت وطنية أو إقليمية أو دولية، فيتم التحكيم وفقا لنظام هذه المؤسسة وقواعدها الإجرائية التي يجب إتباعها في التحكيم، فقد تقوم تلك المؤسسة بتعيين المحكمين أو أحدهم حسب اتفاق الطرفين، أو تقوم بمراجعة حكم التحكيم حسبما تنص عليه لائحتها، غير أن أهم ما يميزها هو أنها تحوز ثقة المتعاملين- عبر السنين- في مجال الأعمال والتجارة الدولية والاستثمار، لما توافر لها من لوائح ونظم داخلية، وأجهزة إدارية مستقرة صقلتها الخبرة العملية والتواتر على إدارة القضايا التحكيمية، بما يوفر– في نهاية الأمر- الأمان القانوني والإجرائي لأطراف التحكيم.

8 - إذ كان لا خلاف بين الطرفين على أن شرط التحكيم، الوارد كبند في العقد المبرم بينهما عام 1996، تضمن أن تسوية النزاع تكون طبقا لقواعد محكمة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية (ICC) في باريس. وبالرجوع إلى قواعد تحكيم غرفة التجارة الدولية الصادرة عام 1998 المنطبقة على واقعة النزاع- والتي تم تعديلها لاحقا عامي 2012 و2017– يبين أن المادة الأولى المعنونة "محكمة التحكيم الدولية" International Court of Arbitration، تنص على أن "1- محكمة التحكيم الدولية" ("المحكمة") المنبثقة عن غرفة التجارة الدولية هي جهاز التحكيم المستقل التابع لغرفة التجارة الدولية .... 2- لا تفصل "المحكمة" بنفسها في المنازعات. لكن وظيفتها هي ضمان تطبيق قواعد التحكيم الخاصة بغرفة التجارة الدولية .... ومن بين ما تضمنته تلك "القواعد" أن يقبل الأطراف، بمجرد الاتفاق على التحكيم وفقا "للقواعد"، أن تقوم "المحكمة" بإدارة عملية التحكيم". وأن تكون قرارات "المحكمة" نهائية فيما يتعلق بتعيين المحكم أو تأكيده أو رده أو استبداله. وإذا لم يتفق الأطراف على عدد المحكمين تعين "المحكمة" محكما منفردا إلا إذا تبين لها أن المنازعة من شأنها أن تستدعي تعيين ثلاثة محكمين. وإذا لم يسم أحد الأطراف محكما عنه تقوم "المحكمة" بالتعيين appointment، كما أنها هي التي تعين المحكم الثالث. وإذا رأى الأمين العام عدم تثبيت confirmation عضو هيئة تحكيم أو محكم منفرد أو رئيس هيئة تحكيم، يعرض الأمر على "المحكمة". وفي حالة تقدم طلب رد challenge أحد المحكمين تصدر "المحكمة" قرارها بشأن قبول طلب الرد. كما أن لها سلطة تحديد مكان التحكيم place of the arbitration إذا لم يتفق عليه الأطراف. وبعد أن تتلقى "المحكمة" من هيئة التحكيم وثيقة المهمة terms of reference تكون لها سلطة اعتمادها. وهي المنوط بها تدقيق حكم التحكيم Scrutiny of the Award، إذ يتعين على هيئة التحكيم، قبل توقيع أي حكم تحكيم، أن تقدم مشروعه إلى "المحكمة". و"للمحكمة" أن تدخل تعديلات تتعلق بشكل الحكم as to the form، ولها أيضا- دون المساس بما لهيئة التحكيم من حرية الفصل في المنازعة- أن تلفت انتباه الهيئة إلى مسائل تتعلق بالموضوع. ولا يجوز أن يصدر أي حكم تحكيم من هيئة التحكيم حتى تعتمده "المحكمة" من حيث الشكل. و"للمحكمة" أيضا سلطة اعتماد أي حكم تصدره هيئة التحكيم، من تلقاء نفسها، بتصحيح أي خطأ كتابي أو حسابي أو مطبعي أو أية أخطاء ذات طبيعة مماثلة وردت في حكم التحكيم. وإذا قدم طلب لتصحيح خطأ مماثل أو لتفسير حكم تحكيم من قبل أحد الأطراف، تعرض هيئة التحكيم مشروع قرارها المتعلق بالطلب على "المحكمة". كما أنه "للمحكمة" سلطة تحديد قيمة الدفعة المقدمة لتغطية مصاريف التحكيم. وهي التي تحدد مصاريف التحكيم التي تشمل أتعاب المحكمين ومصاريفهم والنفقات الإدارية لغرفة التجارة الدولية. ومن ناحية ثانية، فإن المادة 1(3) من الملحق رقم (1) المعنون "النظام الأساسي للمحكمة الدولية للتحكيم" تنص على أن "أعضاء "المحكمة" مستقلون عن اللجان الوطنية والمجموعات التابعة لغرفة التجارة الدولية". وكان الملحق رقم 2 المعنون "القواعد الداخلية للمحكمة الدولية للتحكيم" ينص في مادته الثانية المعنونة "مشاركة أعضاء محكمة التحكيم الدولية في التحكيم بغرفة التجارة الدولية" في الفقرة الثالثة منه على أنه "عندما يكون الرئيس أو أحد نوابه أو عضو من أعضاء "المحكمة" على علاقة، بأية صفة كانت، بإجراءات تحكيم معروضة على "المحكمة" يجب على هذا الشخص، بمجرد علمه بهذه العلاقة، إعلام الأمين العام "للمحكمة" بهذه العلاقة". كما ينص في الفقرة الرابعة منه على أنه "يجب على هذا الشخص عدم حضور جلسة "المحكمة" في أي وقت تنظر فيه "المحكمة" في الدعوى ولا يجوز له أن يشارك في مناقشات أو قرارات "المحكمة" في هذا الشأن". وأخيرا فتنص المادة 6 من هذا الملحق المعنونة "تدقيق أحكام التحكيم" Scrutiny of Arbitral Awards على أنه "عند تدقيق "المحكمة" لمشاريع أحكام التحكيم طبقا للمادة الرابعة والثلاثين من "القواعد" تراعي المحكمة بقدر الإمكان متطلبات القانون الآمرة المعمول بها بمقر التحكيم". يبين مما تقدم أن المحكمة الدولية للتحكيم "المحكمة" ليست جهة قضاء ولا تفصل في قضايا التحكيم، وأنها لا تشترك مع هيئة التحكيم في إصدار حكم التحكيم؛ فهي على الرغم من تسميتها "بمحكمة" ليست محكمة بالمعنى المعروف، وإنما هي مؤسسة تحكيم arbitral institution، فهي جهاز إداري مهمته الإشراف على سير إجراءات التحكيم التي تجرى طبقا لقواعد التحكيم بغرفة التجارة الدولية، ولا شأن لها بموضوع القضية التحكيمية أو مدى أحقية كل طرف فيها فيما يدعيه أو ما تنتهي إليه هيئة التحكيم من قضاء في موضوع النزاع، وعملها في خصوص مراجعة حكم التحكيم مقصور على التأكد من سلامته من حيث الشكل وخلوه من أسباب العوار التي تعرضه للبطلان أو تلك التي تؤدي إلى رفض تنفيذه طبقا لقانون البلد التي سينفذ في إقليمها، وإن كان لها تقديم ملاحظات بشأن سلامة الحكم من الناحية الموضوعية إلا أن هذه الملاحظات غير ملزمة بأي حال لهيئة التحكيم، ومع ذلك فهي تتم لصالح أطراف النزاع لضمان سلامة حكم التحكيم الذي يصدر، لذلك فإن المراجعة المذكورة ضرورية كذلك حتى في مشروع الحكم الذي يقتصر على مجرد إثبات ما اتفق عليه الطرفان لإنهاء التحكيم صلحا، ومن ناحية أخرى يحقق مراجعة مشروع حكم التحكيم فائدة لنظام التحكيم أمام غرفة التجارة الدولية بباريس عن طريق ضمان جودة الأحكام وقلة احتمالات الطعن فيها أو عدم تنفيذها بما يحفظ لنظام التحكيم بالغرفة السمعة الدولية التي يتمتع بها في أوساط التجارة الدولية.

9 - ليس للطاعنة التنصل من شرط التحكيم الوارد في عقد النزاع إذ بموجبه ارتضت إخضاع إجراءات التحكيم للقواعد الواردة بنظام التحكيم الخاص بغرفة التجارة الدولية بباريس وإسناد إدارتها إلى مؤسسة التحكيم المسماة "المحكمة الدولية للتحكيم" ومؤدى هذا القبول ولازمه قبولها لاختصاصات هذه المؤسسة وقراراتها، ولا على الحكم المطعون فيه من بعد إن هو التفت عن دفاع الطاعنة في هذا الخصوص والذي لا يستند إلى أساس قانوني سليم، ومن ثم يكون النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس.

---------------

الوقائع

حيث إن الوقائع- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت على المطعون ضدهما الدعوى رقم ..... لسنة 2005 تجاري كلي جنوب القاهرة الابتدائية، بطلب الحكم بصحة ونفاذ العقد المؤرخ 1/1/1996، وإلزام الشركة المطعون ضدها الأولى بتنفيذ هذا العقد، مع التزامها بدفع غرامة تهديديه مقدارها عشرون ألف جنيه عن كل أسبوع في حالة امتناعها عن التنفيذ، وإلزامها بمبلغ عشرة ملايين جنيه تعويضا ماديا وأدبيا، وبيانا لذلك قالت إنه بموجب العقد المشار إليه حصلت على ترخيص من المطعون ضدها الأولى بتصنيع منتجاتها الدوائية في جمهورية مصر العربية وتصديرها، غير أن الأخيرة امتنعت عن إرسال المواد الخام اللازمة للتصنيع، وأنهت التعاقد في 15/6/2005 بإرادتها المنفردة، فكانت الدعوى. دفعت المطعون ضدها بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم، وحكمت المحكمة بقبول الدفع. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم ....... لسنة 134 ق القاهرة، فقضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

-------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إنه من المقرر أنه لا يجوز أن يختصم في الطعن إلا من كان خصما في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه، وأن الخصم الذي لم يقض له أو عليه بشيء لا يكون خصما حقيقيا ولا يقبل اختصامه في الطعن. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده الثاني بصفته وزير الصحة لم يكن خصما حقيقيا في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه، إذ لم يقض له أو عليه بشيء، ومن ثم يكون اختصامه في الطعن غير مقبول.
وحيث إن الطعن- فيما عدا ما تقدم- استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الأول من سبب الطعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنها تمسكت أمام محكمة الاستئناف بأن المشرع أوجب في المادة 10(2) من قانون التحكيم المصري تحديد موضوع النزاع في اتفاق التحكيم وإلا كان الاتفاق باطلا، ومع ذلك فقد جاء شرط التحكيم الوارد في العقد المحرر بين الطاعنة والمطعون ضدها في عبارة عامة فضفاضة ولم يتضمن أي تحديد لموضوع النزاع وطبيعته، غير أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع إيرادا أو ردا على الرغم من جوهريته، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بأن النص في المادة 10 من قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية رقم 27 لسنة 1994 على أن " (1) اتفاق التحكيم هو اتفاق الطرفين على الالتجاء إلى التحكيم لتسوية كل أو بعض المنازعات التي نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهما بمناسبة علاقة قانونية معينة عقدية كانت أو غير عقدية. (2) يجوز أن يكون اتفاق التحكيم سابقا على قيام النزاع سواء قام مستقلا بذاته أو ورد في عقد معين بشأن كل أو بعض المنازعات التي قد تنشأ بين الطرفين، وفي هذه الحالة يجب أن يحدد موضوع النزاع في بيان الدعوى المشار إليه في الفقرة الأولى من المادة 30 من هذا القانون، كما يجوز أن يتم اتفاق التحكيم بعد قيام النزاع ولو كانت قد أقيمت في شأنه دعوى أمام جهة قضائية، وفي هذه الحالة يجب أن يحدد الاتفاق المسائل التي يشملها التحكيم وإلا كان الاتفاق باطلا"، يدل على أن جوهر اتفاق التحكيم، شرطا كان أم مشارطة، أنه عقد حقيقي له سائر شروط وأركان العقود عموما، وأنه تراض بين طرفي علاقة قانونية معينة، وتلاقي إرادتيهما على اتخاذ التحكيم وسيلة لتسوية المنازعات الناشئة عن تلك العلاقة، أيا كان أساس تلك العلاقة القانونية، طالما أنها تدخل في المسائل التي يجوز بشأنها التحكيم وفقا للمادة 11 من ذات القانون. فقد يكون الاتفاق سابقا على نشوء النزاع بين الطرفين، وهو ما يسمى بشرط التحكيم clause compromissoire وهو ولئن كان بندا أو شرطا من شروط العقد إلا أنه يعد في ذاته عقدا مستقلا داخل العقد الأصلي، له موضوعه وسببه المختلفان عن موضوع وسبب العقد الأصلي؛ فموضوعه هو تسوية النزاع بين الطرفين بطريق التحكيم، أما سببه فهو رغبة الطرفين في سلب النزاع من قضاء الدولة وتخويل سلطة الفصل فيه لقضاء التحكيم. وقد يكون اتفاق التحكيم لاحقا على نشوء النزاع ووقوع الخلاف بين أطراف العلاقة القانونية، وهو ما يسمى بعقد التحكيم أو مشارطة التحكيم compromis فيكون عقدا حقيقيا قائما بذاته. ولقد حرصت اتفاقية الأمم المتحدة للاعتراف بأحكام التحكيم الأجنبية وتنفيذها "نيويورك 1958"، United Nations Convention on the Recognition and Enforcement of Foreign Arbitral Awards (New York, 1958)، على تجنب استعمال مصطلحي "شرط التحكيم" و"مشارطة التحكيم"، واستخدمت مصطلحا واحدا هو "اتفاق التحكيم" يستوعبهما معا مع احتفاظ كل منهما بخصائصه المميزة. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق ومدونات الحكم الابتدائي، وعلى ما تسلم به الطاعنة في صحيفة أسباب طعنها والمطعون ضدها في مذكرة ردها وبما لا خلاف عليه بينهما، أن اتفاق الطرفين على الالتجاء إلى التحكيم كان سابقا على قيام النزاع بينهما واتخذ صورة شرط التحكيم الوارد بالبند 23 من عقد النزاع والذي نص على أن "أي نزاع بين الطرفين يتعلق بهذا الاتفاق لا يمكن تسويته وديا، يتم تسويته باللجوء إلى التحكيم، من هيئة مكونة من ثلاثة محكمين يجيدون الإنجليزية بطلاقة، بموجب قواعد الصلح والتحكيم بغرفة التجارة الدولية بباريس". وكان هذا الشرط كافيا بذاته في الدلالة على اتفاق الطرفين على الالتجاء إلى التحكيم لتسوية النزاع الذي قد ينشأ في المستقبل بخصوص ذلك العقد، بما يرتب التزاما عليهما بالامتناع عن إقامة الدعوى بالنزاع محل اتفاق التحكيم أمام القضاء، ولو خالف أحدهما ذلك الالتزام السلبي ورفع دعواه إلى محاكم الدولة ودفع أمامها الطرف الآخر بعدم قبول الدعوى قبل إبدائه أي طلب أو دفاع في الدعوى، وجب عليها– عملا بالمادة 13(1) من قانون التحكيم المصري- أن تحكم بعدم قبول الدعوى. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بقبول الدفع المبدى من المطعون ضدها الأولى بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ولا عليه إن التفت عن دفاع لا يستند إلى أساس قانوني صحيح، ويضحى النعي عليه على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثاني من سبب الطعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وبيانا لذلك قالت إن شرط التحكيم بالعقد أعطى لها الحق في اللجوء لأي محكمة ذات اختصاص قضائي.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك بأنه من المقرر أن الشارع عد من الإجراءات الجوهرية في الطعن بطريق النقض أن يناط بالخصوم أنفسهم تقديم الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن في المواعيد التي حددها القانون. لما كان ذلك، وكانت الطاعنة لم تودع قلم كتاب هذه المحكمة وقت تقديم صحيفة الطعن بالنقض، عملا بالمادة 255 من قانون المرافعات المدنية والتجارية- صورة من عقد النزاع المؤرخ 1/1/1996 وترجمته الرسمية، مذيلة بعبارة "صورة لتقديمها لمحكمة النقض"، والذي تقول إن شرط التحكيم الذي تضمنه العقد خولها الحق في اللجوء إلى أي محكمة ذات اختصاص قضائي، حتى يمكن التحقق من صحة ما تنعاه على الحكم المطعون فيه، فإن نعيها في هذا الخصوص يكون مفتقرا لدليله.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثالث من سبب الطعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت بدفاع أمام محكمة الاستئناف مؤداه بطلان شرط التحكيم، باعتبار أنه يتعين على هيئة التحكيم- في التحكيم الذي يتم طبقا لقواعد تحكيم غرفة التجارة الدولية بباريس- أن تعرض مشروع حكمها على المحكمة الداخلية بالغرفة- عملا بالمادة 27 من تلك القواعد- لتبدي رأيها فيه قبل النطق بالحكم، وهو ما يؤدي حتما إلى بطلان حكم التحكيم، إذ إن قانون التحكيم المصري لا يسمح لغير المحكمين أن يشتركوا في إصدار الحكم، ومع ذلك فقد التفت الحكم المطعون فيه عن هذا الدفاع فلم يعرض له إيرادا أو ردا، بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المادة 25 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 تنص على أنه " لطرفي التحكيم الاتفاق على الإجراءات التي تتبعها هيئة التحكيم بما في ذلك حقهما في إخضاع هذه الإجراءات للقواعد النافذة في أي منظمة أو مركز تحكيم في جمهورية مصر العربية أو خارجها فإذا لم يوجد مثل هذا الاتفاق كان لهيئة التحكيم، مع مراعاة أحكام هذا القانون، أن تختار إجراءات التحكيم التي تراها مناسبة". وكان التحكيم المؤسسي Institutional Arbitration هو التحكيم الذي يتفق فيه الأطراف على أن يتم التحكيم بواسطة مركز دائم للتحكيم أو مؤسسة تحكيم دائمة، سواء كانت وطنية أو إقليمية أو دولية، فيتم التحكيم وفقا لنظام هذه المؤسسة وقواعدها الإجرائية التي يجب إتباعها في التحكيم، فقد تقوم تلك المؤسسة بتعيين المحكمين أو أحدهم حسب اتفاق الطرفين، أو تقوم بمراجعة حكم التحكيم حسبما تنص عليه لائحتها، غير أن أهم ما يميزها هو أنها تحوز ثقة المتعاملين- عبر السنين- في مجال الأعمال والتجارة الدولية والاستثمار، لما توافر لها من لوائح ونظم داخلية، وأجهزة إدارية مستقرة صقلتها الخبرة العملية والتواتر على إدارة القضايا التحكيمية، بما يوفر– في نهاية الأمر- الأمان القانوني والإجرائي لأطراف التحكيم. لما كان ذلك، وكان لا خلاف بين الطرفين على أن شرط التحكيم، الوارد كبند في العقد المبرم بينهما عام 1996، تضمن أن تسوية النزاع تكون طبقا لقواعد محكمة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية (ICC) في باريس. وبالرجوع إلى قواعد تحكيم غرفة التجارة الدولية الصادرة عام 1998 المنطبقة على واقعة النزاع- والتي تم تعديلها لاحقا عامي 2012 و 2017– يبين أن المادة الأولى المعنونة "محكمة التحكيم الدولية" International Court of Arbitration، تنص على أن "1- محكمة التحكيم الدولية" ("المحكمة") المنبثقة عن غرفة التجارة الدولية هي جهاز التحكيم المستقل التابع لغرفة التجارة الدولية .... 2- لا تفصل "المحكمة" بنفسها في المنازعات. لكن وظيفتها هي ضمان تطبيق قواعد التحكيم الخاصة بغرفة التجارة الدولية .... ومن بين ما تضمنته تلك "القواعد" أن يقبل الأطراف، بمجرد الاتفاق على التحكيم وفقا "للقواعد"، أن تقوم "المحكمة" بإدارة عملية التحكيم". وأن تكون قرارات "المحكمة" نهائية فيما يتعلق بتعيين المحكم أو تأكيده أو رده أو استبداله. وإذا لم يتفق الأطراف على عدد المحكمين تعين "المحكمة" محكما منفردا إلا إذا تبين لها أن المنازعة من شأنها أن تستدعي تعيين ثلاثة محكمين. وإذا لم يسم أحد الأطراف محكما عنه تقوم "المحكمة" بالتعيين  appointment، كما أنها هي التي تعين المحكم الثالث. وإذا رأى الأمين العام عدم تثبيت  confirmation عضو هيئة تحكيم أو محكم منفرد أو رئيس هيئة تحكيم، يعرض الأمر على "المحكمة". وفي حالة تقدم طلب رد challenge أحد المحكمين تصدر "المحكمة" قرارها بشأن قبول طلب الرد. كما أن لها سلطة تحديد مكان التحكيم  place of the arbitration إذا لم يتفق عليه الأطراف. وبعد أن تتلقى "المحكمة" من هيئة التحكيم وثيقة المهمة terms of reference  تكون لها سلطة اعتمادها. وهي المنوط بها تدقيق حكم التحكيم Scrutiny of the Award، إذ يتعين على هيئة التحكيم، قبل توقيع أي حكم تحكيم، أن تقدم مشروعه إلى "المحكمة". و"للمحكمة" أن تدخل تعديلات تتعلق بشكل الحكم as to the form، ولها أيضا- دون المساس بما لهيئة التحكيم من حرية الفصل في المنازعة- أن تلفت انتباه الهيئة إلى مسائل تتعلق بالموضوع. ولا يجوز أن يصدر أي حكم تحكيم من هيئة التحكيم حتى تعتمده "المحكمة" من حيث الشكل. و"للمحكمة" أيضا سلطة اعتماد أي حكم تصدره هيئة التحكيم، من تلقاء نفسها، بتصحيح أي خطأ كتابي أو حسابي أو مطبعي أو أية أخطاء ذات طبيعة مماثلة وردت في حكم التحكيم. وإذا قدم طلب لتصحيح خطأ مماثل أو لتفسير حكم تحكيم من قبل أحد الأطراف، تعرض هيئة التحكيم مشروع قرارها المتعلق بالطلب على "المحكمة". كما أنه "للمحكمة" سلطة تحديد قيمة الدفعة المقدمة لتغطية مصاريف التحكيم. وهي التي تحدد مصاريف التحكيم التي تشمل أتعاب المحكمين ومصاريفهم والنفقات الإدارية لغرفة التجارة الدولية. ومن ناحية ثانية، فإن المادة 1(3) من الملحق رقم (1) المعنون "النظام الأساسي للمحكمة الدولية للتحكيم" تنص على أن "أعضاء "المحكمة" مستقلون عن اللجان الوطنية والمجموعات التابعة لغرفة التجارة الدولية". وكان الملحق رقم 2 المعنون "القواعد الداخلية للمحكمة الدولية للتحكيم" ينص في مادته الثانية المعنونة "مشاركة أعضاء محكمة التحكيم الدولية في التحكيم بغرفة التجارة الدولية" في الفقرة الثالثة منه على أنه "عندما يكون الرئيس أو أحد نوابه أو عضو من أعضاء "المحكمة" على علاقة، بأية صفة كانت، بإجراءات تحكيم معروضة على "المحكمة" يجب على هذا الشخص، بمجرد علمه بهذه العلاقة، إعلام الأمين العام "للمحكمة" بهذه العلاقة". كما ينص في الفقرة الرابعة منه على أنه "يجب على هذا الشخص عدم حضور جلسة "المحكمة" في أي وقت تنظر فيه "المحكمة" في الدعوى ولا يجوز له أن يشارك في مناقشات أو قرارات "المحكمة" في هذا الشأن". وأخيرا فتنص المادة 6 من هذا الملحق المعنونة "تدقيق أحكام التحكيم" Scrutiny of Arbitral Awards على أنه "عند تدقيق "المحكمة" لمشاريع أحكام التحكيم طبقا للمادة الرابعة والثلاثين من "القواعد" تراعي المحكمة بقدر الإمكان متطلبات القانون الآمرة المعمول بها بمقر التحكيم".
ويبين مما تقدم أن المحكمة الدولية للتحكيم "المحكمة" ليست جهة قضاء ولا تفصل في قضايا التحكيم، وأنها لا تشترك مع هيئة التحكيم في إصدار حكم التحكيم؛ فهي على الرغم من تسميتها "بمحكمة" ليست محكمة بالمعنى المعروف، وإنما هي مؤسسة تحكيم arbitral institution، فهي جهاز إداري مهمته الإشراف على سير إجراءات التحكيم التي تجرى طبقا لقواعد التحكيم بغرفة التجارة الدولية، ولا شأن لها بموضوع القضية التحكيمية أو مدى أحقية كل طرف فيها فيما يدعيه أو ما تنتهي إليه هيئة التحكيم من قضاء في موضوع النزاع، وعملها في خصوص مراجعة حكم التحكيم مقصور على التأكد من سلامته من حيث الشكل وخلوه من أسباب العوار التي تعرضه للبطلان أو تلك التي تؤدي إلى رفض تنفيذه طبقا لقانون البلد التي سينفذ في إقليمها، وإن كان لها تقديم ملاحظات بشأن سلامة الحكم من الناحية الموضوعية إلا أن هذه الملاحظات غير ملزمة بأي حال لهيئة التحكيم، ومع ذلك فهي تتم لصالح أطراف النزاع لضمان سلامة حكم التحكيم الذي يصدر، لذلك فإن المراجعة المذكورة ضرورية كذلك حتى في مشروع الحكم الذي يقتصر على مجرد إثبات ما اتفق عليه الطرفان لإنهاء التحكيم صلحا، ومن ناحية أخرى يحقق مراجعة مشروع حكم التحكيم فائدة لنظام التحكيم أمام غرفة التجارة الدولية بباريس عن طريق ضمان جودة الأحكام وقلة احتمالات الطعن فيها أو عدم تنفيذها بما يحفظ لنظام التحكيم بالغرفة السمعة الدولية التي يتمتع بها في أوساط التجارة الدولية.
لما كان ما تقدم، فإنه ليس للطاعنة التنصل من شرط التحكيم الوارد في عقد النزاع إذ بموجبه ارتضت إخضاع إجراءات التحكيم للقواعد الواردة بنظام التحكيم الخاص بغرفة التجارة الدولية بباريس وإسناد إدارتها إلى مؤسسة التحكيم المسماة "المحكمة الدولية للتحكيم" ومؤدى هذا القبول ولازمه قبولها لاختصاصات هذه المؤسسة وقراراتها، ولا على الحكم المطعون فيه من بعد إن هو التفت عن دفاع الطاعنة في هذا الخصوص والذي لا يستند إلى أساس قانوني سليم، ومن ثم يكون النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الجمعة، 18 مارس 2022

منشور فني رقم 9 بتاريخ 12 / 3 / 2022 بشأن اعتبار شهادات الإفراج الجمركي مستندا رسميا في إثبات ملكية السيارات

وزارة العدل
مصلحة الشهر العقاري والتوثيق
الإدارة العامة للبحوث القانونية
-----------------------
منشور فني رقم 9 بتاريخ 12/ 3 / 2022
إلى مكاتب الشهر العقاري ومأمورياتها ومكاتب التوثيق وفروعها
والإدارات العامة بالمصلحة
---------------------
نصت المادة 3 من القانون رقم 66 لسنة 1973 بإصدار قانون المرور والمعدل بالقانون رقم 121 لسنة 2008 على انه : في تطبيق أحكام هذا القانون يقصد بالمركبة كل ما أعد للسير على الطرق العامة من آلات ومن أدوات النقل والجر.

والمركبات نوعان: مركبات النقل السريع وهي السيارات والجرارات والمقطورات ونصف المقطورات والدراجات النارية والمعدات الثقيلة (اللوادر، الحفارات، الأوناش، الجرافات، البلدوزرات) وغير ذلك من الآلات المعدة للسير على الطرق.

نصت المادة 220 من قرار وزير الداخلية رقم 1613 لسنة 2008 بإصدار اللائحة التنفيذية لقانون المرور على انه : " يقبل في إثبات ملكية المركبة أحد المستندات الآتية: 1 - المحرر المتضمن عقد شرائها الصادر من المصنع المنتج أو من إحدى وكالات بيع المركبات المقيدة بهذه الصفة بالسجل التجاري والمعتمدة بإدارات المرور..... 6 - بالنسبة للمركبات الواردة من الخارج لأول مرة يكتفى بالإقرار الجمركي بالإفراج عن المركبة المثبت به اسم المالك."

ومفاد ذلك أنه يجوز اعتبار شهادات الإفراج الجمركي مستندا رسميا في إثبات ملكية السيارات الواردة من الخارج لأول مرة ، وجواز إتمام الإجراءات بأسماء المشترين مباشرة دون الحاجة إلى ضرورة ترخيصها أولا بأسماء مستورديها المصريين ، وكذلك الحال بالنسبة إلى فاتورة عقد شراء المركبة الصادرة من المصنع المنتج أو من احد التجار أو وكالات بيع المركبات المعتمدة من إدارات المرور .

بناء عليه

أولاً :يتم تعديل الفصل التاسع من الباب السابع من الجزء الثالث من تعليمات التوثيق طبعة 2001 ليكون تحت عنوان "المركبات" بدلا من " السيارات".

ثانيا : تضاف مادة جديدة برقم 201 مكرر إلى تعليمات التوثيق طبعة 2001 نصها كالتالي :" يجوز الاستناد إلى فاتورة عقد شراء المركبة الصادر من المصنع المنتج أو من احدى وكالات بيع المركبات المقيدة بهذه الصفة بالسجل التجاري والمعتمدة من إدارات المرور ، وكذا شهادات الإفراج الجمركي للمركبات الواردة من الخارج لأول مرة كمستند مثبت لملكية المركبة حال إتمام إجراءات التصديق على التوقيعات بمكاتب وفروع التوثيق ، شريطة اعتماد أي منهما من إدارات المرور على أن تكون مشتملة على كافة البيانات اللازمة للفحص الفني والمالي اللازمين لإتمام التصديق أو التوثيق ، دون الحاجة إلى ضرورة ترخيص المركبة أولا باسم الصادر باسمه الفاتورة أو المستورد .

ثالثا : على الإدارات العامة للتفتيش الفني الثلاث والسادة أمناء المكاتب والأمناء المساعدين والسادة رؤساء مأموريات الشهر العقاري ومكاتب وفروع التوثيق مراعاة تنفيذ ذلك بكل دقة .

لذا يقتضي العلم بما تقدم ومراعاة تنفيذه .



منشور فني رقم 10 بتاريخ 16 / 3 / 2022 بشأن صدور حكم نهائي من محكمة الجنايات بتزوير مشهر أو تزوير التوكيلات

وزارة العدل

مصلحة الشهر العقاري والتوثيق
الإدارة العامة للبحوث القانونية
-----------------------

منشور فني رقم 10 بتاريخ 16/ 3 / 2022

إلى مكاتب الشهر العقاري ومأمورياتها ومكاتب التوثيق وفروعها

والإدارات العامة بالمصلحة

---------------------

حيث نصت المادة 15 من قانون 114 لسنة 1946 بشأن تنظيم الشهر العقاري : " يجب التأشير في هامش سجل المحررات واجبة الشهر بما يقدم ضدها من الدعاوى التي يكون الغرض منها الطعن في التصرف الذي يتضمنه المحرر وجودا أو صحة أو نفاذا كدعاوى البطلان أو الفسخ أو الإلغاء أو الرجوع فإذا كان المحرر الأصلي لم يشهر تسجل تلك الدعاوى.ويجب كذلك تسجيل دعاوى استحقاق أي حق من الحقوق العينية العقارية أو التأشير بها على حسب الأحوال كما يجب تسجيل دعاوى صحة التعاقد على حقوق عينية عقارية. وتحصل التأشيرات والتسجيلات المشار إليها بعد إعلان صحيفة الدعوى وقيدها بجدول المحكمة."

ونصت المادة 16 من ذات القانون على : " يؤشر بمنطوق الحكم النهائي في الدعاوى المبينة بالمادة السابقة في ذيل التأشير بالدعوى أو في هامش تسجيلها. "

وحيث إن التأشير الهامشي بالأحكام القضائية النهائية غير ممكن إلا اذا تضمن الحكم في منطوقه ما يمكننا من التأشير على هذا المحرر بعينه ؛ لان التأشير الهامشي يكون بمنطوق الحكم على النحو الوارد بالمادة سابقة الذكر .

وإلحاقا بالمنشور الفني رقم 11 لسنة 2017 بشأن التأشير الهامشي بالبطلان بموجب الأحكام النهائية على صفحة مستقلة تلحق بالمحرر المقضي نهائيا ببطلانه .... وعلى النحو الوارد به .

فاذا ما أشارت حيثيات الحكم الصادر من محكمة الجنايات إلى انه هناك محرر مشهر مضبوط ومزور وقضى الحكم في منطوقه بمصادرة المحررات المزورة ؛ لم يكن من الجائز التأشير بمنطوق هذا الحكم على المحرر المشهر لأن المنطوق لم يذكر المشهر بعينه ، ولأن دلالة العبارة الواردة بالمنطوق لن تكون دالة بذاتها على معناها .

بيد أن ذلك ليس معناه ترك هذا المشهر ينعم بأثره القانوني بالرغم من وجود قضاء نافذ بتزويره ، والصحيح التأشير على هامش هذا المحرر المشهر بقرار مصلحي يفيد عدم التعامل بمقتضاه استنادا إلى قوة الأمر المقضي التي يتمتع بها حكم محكمة الجنايات .

بناء عليه

أولاً : في حالة صدور حكم نهائي من محكمة الجنايات تضمن في حيثياته تزوير مشهر أو تزوير التوكيلات التي تم التصديق عليه بمقتضاها وحكم في منطوقه بمصادرة تلك المحررات المزورة دون الحكم بمحو المشهر ضرورة العرض على رئاسة المصلحة لإصدار قرار مصلحي بعدم التعامل بمشهر مزور وفقا لحيثيات الحكم الصادر من محكمة الجنايات ما دامت هذه الحيثيات قد قطعت بتزويره أو بتزوير التوكيلات التي تم التصديق عليه بمقتضاها . مع التأشير بهذا القرار على هامش المشهر المذكور .

ثانيا : على الإدارات العامة للتفتيش الفني الثلاث والسادة أمناء المكاتب والأمناء المساعدين ورؤساء مأموريات الشهر العقاري ورؤساء مكاتب وفروع التوثيق مراعاة تنفيذ ما تقدم بكل دقة . 

لذا يقتضي العلم بما تقدم ومراعاة تنفيذه .



الطعن 17430 لسنة 89 ق جلسة 9 / 6 / 2020 مكتب فني 71 ق 65 ص 499

جلسة 9 من يونيو سنة 2020
برئاسة السيد القاضي/ نبيل عمران "نائب رئيس المحكمة"، وعضوية السادة القضاة/ محمود التركاوي، د. مصطفى سالمان، د. محمد رجاء "نواب رئيس المحكمة"، ومحمد علي سلامة.

--------------

(65)

الطعن 17430 لسنة 89 ق

(1 ، 2) نقض "شروط قبول الطعن: المصلحة في الطعن بالنقض".
(1) المصلحة في الطعن. مناطها. ألا يكون منطوق الحكم أو أسبابه المرتبطة بالمنطوق محققة لمقصود الطاعن ومتسقة مع المركز القانوني الذي يدعيه.
(2) جريان منطوق الحكم المطعون فيه في ظاهره لصالح الشركة الطاعنة إلا أنه في أسبابه المكملة للمنطوق قد أضر بها. مؤداه. توافر لها المصلحة في الطعن على ذلك الحكم.
(3 - 7) التزام "تجديد الالتزام".
(3) تجديد الالتزام بتغيير موضوعه م 352/ 1 مدني. ماهيته.
(4) كتابة سند بدين موجود من قبل أو تغيير الالتزام الذي لا يتناول إلا زمان الوفاء أو كيفيته. لا يستفاد منه تجديد الالتزام.
(5) التعديل الذي يقتصر على المساس بمقدار الدين أو المساس بالطريقة التي يتم بها الوفاء بالدين أو إضافة أجل إلى الالتزام. لا يعد تغييرا للمحل من شأنه تجديد الالتزام. الأصل. قيام التجديد عند قيام الدليل على العكس. مثال. كما في حالة التصالح مع المفلس.
(6) استخلاص تجديد الالتزام. أمر موضوعي تستقل به محكمة الموضوع. شرطه.
(7) اتفاق الشركة الطاعنة على جدولة ديونها للشركة المطعون ضدها مع استمرار الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه حتى صدور حكم نهائي على أن يكون المبلغ الذي تم تحديده من قبل المحكمة هو المعول عليه من حيث المديونية المستحقة. مؤداه. عدم اعتباره تجديدا للالتزام الأصلي. عله ذلك. بقاء مصدر الالتزام الأصلي وخلو الاتفاق بين الطاعنة والمطعون ضدها على التجديد. اعتبار الحكم المطعون فيه ذلك الاتفاق تجديدا للدين مرتبا على ذلك رفض الدعوى. مخالفة وخطأ.
(8 ، 9) محاكم اقتصادية "تصدي محكمة النقض لموضوع الدعوى الاقتصادية".
(8) القضاء بنقض الحكم في الطعون الاقتصادية. مؤداه. وجوب التصدي للموضوع. م12 فقرة أخيرة ق120 لسنة 2008. نطاق تصدي محكمة النقض مقيد بألا يضار الطاعن بطعنه. نقض الحكم نقضا كليا. نطاقه.
(9) خلو الأوراق من أن المطعون ضدها قد طعنت بطريق النقض على الحكم المطعون فيه وإنما طعنت عليه الطاعنة بمفردها. مؤداه.

---------------

1 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أنه ولئن كان الأصل أن المصلحة النظرية البحتة لا تصلح أساسا للطعن بالنقض متى كان الطاعن لا يحقق أي نفع من ورائها فلا يقبل الطعن على حكم صدر وفق طلبات الطاعن بدعوى تعديل بعض الأسباب التي لم تصادف هوى في نفسه، إلا أن شرط القول بعدم توافر المصلحة المؤدية إلى عدم جواز الطعن. وجوب أن يكون الحكم محققا لمقصود الطاعن ومتمشيا مع المركز القانوني الذي يدعيه بما يترتب عليه من آثار بحيث لا يكون من شأنه إنشاء التزامات جديدة أو الإبقاء على التزامات يريد التحلل منها أو حرمانه من حق يدعيه سواء وردت هذه القيود في منطوق الحكم أو أسبابه طالما كانت هذه الأسباب هي جوهر القضاء ولبه ولا يستقيم الحكم بغيرها وتعتبر بهذه المثابة مكملة للمنطوق.

2 - إذ كان منطوق الحكم المطعون فيه ولئن جرى في ظاهره لصالح الشركة الطاعنة حين قضى برفض دعوى الشركة المطعون ضدها قبلها، إلا أنه في أسبابه المكملة للمنطوق قد أضر بها حين انتهى إلى انقضاء عقد التوريد كمصدر للدين، وحل محله الاتفاق المؤرخ 14/ 8/ 2018 الذي يثبت مديونيتها بمبلغ 28.477.327 جنيه، وهو ما من شأنه أن يتوافر لها المصلحة في الطعن على ذلك الحكم، ويكون الطعن فيه جائزا، فيضحى الدفع على غير أساس.

3 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن تجديد الالتزام بتغيير موضوعه وفقا لما تقضي به الفقرة الأولى من المادة 352 من القانون المدني هو عقد يتفق فيه الطرفان على انقضاء التزام سابق وأن يحلا محله التزاما آخر يختلف عن الأول في محله أو في مصدره.

4 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن تجديد الالتزام وفقا للمادة 354 من القانون المدني لا يستفاد من كتابة سند بدين موجود قبل ذلك ولا مما يحدث في الالتزام من تغيير لا يتناول إلا زمان الوفاء أو كيفيته.

5 - التعديل الذي يقتصر على المساس بمقدار الدين– كما في حالة التصالح مع المفلس– أو المساس بالطريقة التي يتم بها الوفاء بالدين، أو إضافة أجل إلى الالتزام، لا يعد تغييرا للمحل من شأنه تجديد الالتزام، وكان الأصل ألا يكون هناك تجديد حتى يقوم الدليل على العكس.

6 - لئن كان تفسير الاتفاقات والمشارطات وسائر المحررات واستخلاص تجديد الالتزام أمر موضوعي تستقل به محكمة الموضوع إلا أن ذلك مشروط بأن تكون قد استندت في قضائها إلى أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق.

7 - إذ كان الثابت من الاتفاق المؤرخ 14 أغسطس 2018 أنه قد ورد به أن الشركة الطاعنة مدينة للشركة المطعون ضدها، وأن الطاعنة تقدمت بطلب للمطعون ضدها لجدولة الدين، وتم إبرام ذلك الاتفاق بناء على موافقة الشركة المطعون ضدها على قبول التسوية محل ذلك الاتفاق، كما تم الاتفاق على استمرار الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه حتى صدور حكم نهائي ويكون المبلغ الذي يتم تحديده من قبل المحكمة فيها هو المعول عليه من حيث المديونية المستحقة على الطاعنة لصالح المطعون ضدها، مع استمرار التزام الطاعنة بسداد أقساط الجدولة محل ذلك الاتفاق حتى صدور حكم نهائي في الدعوى الراهنة، وهو ما لا يعتبر تجديدا للالتزام الأصلي بتغيير مصدره- سببه- إذ بقى مصدر الالتزام الأصلي هو ذاته مصدر الالتزام بموجب الاتفاق سالف الإشارة إليه، وقد خلا ذلك الاتفاق من النص صراحة على التجديد ولم تنبئ عنه الظروف بوضوح، ومن ثم فلا يترتب عليه تغيير مصدر الدين ومن ثم تجديده، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر ذلك الاتفاق تجديدا للدين بتغيير مصدره انقضى به الدين الأصلي– عمليات التوريد– وحل الدين الثابت بذلك الاتفاق محله، مرتبا على ذلك القضاء برفض الدعوى لانقضاء سبب الدعوى الذي استند إليه المدعي- عمليات التوريد- فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.

8 - لما كانت الفقرة الأخيرة من المادة 12 من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية توجب على محكمة النقض، استثناء من حكم الفقرة الثانية من المادة 269 من قانون المرافعات المدنية والتجارية، أن تحكم في موضوع الدعوى إذا قضت بنقض الحكم المطعون فيه ولو كان الطعن لأول مرة، فتقوم هذه المحكمة عندئذ بالتصدي لموضوع الدعوى، شأنها في ذلك شأن محكمة الموضوع، إلا أن هذا التصدي ليس طليقا من كل قيد، فلا يجوز لها أن تسوء مركز الطاعن بالطعن الذي قام برفعه ولو كان ما تقضي به المحكمة متعلقا بالنظام العام، بأن تقضي عليه بأكثر مما قضى به عليه الحكم المنقوض، حيث لا يسوغ أن يضار الطاعن بطعنه، إذ إن نقض الحكم السابق نقضا كليا إنما يكون فيما قضى به على الطاعن لا ما قضى به لمصلحته فيزول الحكم وتزول جميع آثاره ويعود الخصوم إلى مراكزهم القانونية السابقة على صدور الحكم المنقوض وتلغى جميع الأعمال والأحكام اللاحقة عليه متى كان أساسا لها فيما يضر الطاعن لا فيما ينفعه؛ لأن المساس بما ينفعه ضار له ولا يضار الطاعن بطعنه.

9 - إذ كانت الأوراق قد خلت من أن المطعون ضدها قد طعنت بطريق النقض على الحكم المطعون فيه وإنما طعنت عليه الطاعنة بمفردها فإن هذه المحكمة لا تملك في هذه الحالة، تقيدا منها بقاعدة أن الطاعن لا يضار بطعنه، إلا أن تعدل الحكم لصالح رافعة الطعن أو تقف عند حد القضاء- رغم ثبوت مديونيتها- برفض دعوى المطعون ضدها بالحالة التي هي عليها أمام هذه المحكمة– التي تصدت للموضوع بعد نقض الحكم لمصلحة الطاعنة مقيدة بقاعدة ألا يضار الطاعن بطعنه- دون أن تتعدى ذلك إلى بحث مقدار تلك المديونية أو إلزام الطاعنة بها حتى لا تخل بذلك القيد، ودون اعتبار القضاء برفض دعوى المطعون ضدها بحالتها على ما سلف من أسباب- وفي خصوصية هذه الدعوى- حائزا للحجية في مسألة وجود المديونية ومقدارها أو مانعا من نظرها لذات العلة، إذ للخصوم أن يكتفوا إذا شاءوا بحكم محكمة النقض أو أن يعاودوا طرح النزاع على القضاء من جديد.

-----------

الوقائع

حيث إن الوقائع– على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق– تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها أقامت على الشركة الطاعنة الدعوى رقم ..... لسنة 2017 تجاري شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم– وفق طلباتها الختامية– بإلزامها أن تؤدي لها مبلغ 29369305.46 جنيه حتى 1/ 6/ 2018 بخلاف ما يستجد من فوائد حتى تمام السداد، وقالت بيانا لذلك إنه تم الاتفاق على أن تشتري منها الطاعنة كميات من السكر وفقا للأسعار وطريقة السداد المتفق عليها، واستلمت الطاعنة الكميات المتفق عليها وسددت جزء من ثمنها وتخلف عن ذلك مديونية لصالح المطعون ضدها، وبتاريخ 26/ 5/ 2015 تقدمت الطاعنة بطلب جدولة المديونية وافقت عليه المطعون ضدها، فسددت الطاعنة جزء من المتفق عليه بطلب الجدولة، وأصبحت المديونية المتبقية على الطاعنة المبلغ المطالب به دون سداد فكانت الدعوى. ندبت المحكمة خبيرا، وبعد أن أودع تقريره أقامت الطاعنة دعوى فرعية بطلب الحكم بندب خبير وإجراء المحاسبة، وبتاريخ 16/ 2/ 2019 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها نوعيا بنظرها وإحالتها بحالتها إلى الدائرة الاستئنافية المختصة بمحكمة القاهرة الاقتصادية فأعيد قيدها لديها برقم ..... لسنة 11ق استئناف القاهرة الاقتصادية وبتاريخ 25/ 6/ 2019 قضت المحكمة برفض الدعوى. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم جواز الطعن، وإذ عرض الطعن على دائرة فحص الطعون الاقتصادية حددت جلسة لنظره أمام هذه المحكمة وفيها التزمت النيابة رأيها.

--------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
وحيث إن الدفع المبدي من النيابة العامة بعدم جواز الطعن لانتفاء المصلحة في الطعن غير سديد، ذلك أنه من المقرر– في قضاء هذه المحكمة– أنه ولئن كان الأصل أن المصلحة النظرية البحتة لا تصلح أساسا للطعن بالنقض متى كان الطاعن لا يحقق أي نفع من ورائها فلا يقبل الطعن على حكم صدر وفق طلبات الطاعن بدعوى تعديل بعض الأسباب التي لم تصادف هوى في نفسه، إلا أن شرط القول بعدم توافر المصلحة المؤدية إلى عدم جواز الطعن. وجوب أن يكون الحكم محققا لمقصود الطاعن ومتمشيا مع المركز القانوني الذي يدعيه بما يترتب عليه من آثار بحيث لا يكون من شأنه إنشاء التزامات جديدة أو الإبقاء على التزامات يريد التحلل منها أو حرمانه من حق يدعيه سواء وردت هذه القيود في منطوق الحكم أو أسبابه طالما كانت هذه الأسباب هي جوهر القضاء ولبه ولا يستقيم الحكم بغيرها وتعتبر بهذه المثابة مكملة للمنطوق. لما كان ذلك، وكان منطوق الحكم المطعون فيه ولئن جرى في ظاهره لصالح الشركة الطاعنة حين قضى برفض دعوى الشركة المطعون ضدها قبلها، إلا أنه في أسبابه المكملة للمنطوق قد أضر بها حين انتهى إلى انقضاء عقد التوريد كمصدر للدين، وحل محله الاتفاق المؤرخ 14/ 8/ 2018 الذي يثبت مديونيتها بمبلغ 28.477.327 جنيه، وهو ما من شأنه أنه يتوافر لها المصلحة في الطعن على ذلك الحكم، ويكون الطعن فيه جائزا، فيضحى الدفع على غير أساس.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن حاصل ما تنعاه الطاعنة بالأوجه من الثاني حتى الخامس من السبب الأول وبالسبب الثالث، مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه كيف العقد المؤرخ 14/ 8/ 2018 على أنه اتفاق تسوية حل محل العقود السابقة وأن نية عاقديه اتجهت إلى انقضاء عقد التوريد وحسم الخصومة واستبدال التزام جديد مصدره ذلك العقد بالالتزام الأصلي ومصدره عقد التوريد، وأنه يعد بمثابة تجديد للالتزام، على الرغم من أن كلا منهما لم يتمسك بتجديد الدين، ولم يتفقا صراحة في العقد المشار إليه على تجديد الالتزام، ولم تتجه إرادتهما إلى حلوله محل العلاقة الأصلية، وأن اتفاقهما بالبند الرابع من ذلك العقد على أن المديونية سيتم تحديدها وفقا لما سينتهي إليه الحكم في الدعوى الماثلة من شأنه أن تنفيذ ذلك العقد يكون معلقا على شرط واقف غير محقق الوقوع هو صدور حكم في الدعوى الراهنة، وأن إقرارها بذلك العقد والمتضمن قبولها سداد المديونية المترصدة في ذمته والناشئة عن عقد التوريد وموافقة الطاعنة على ذلك لا يعتبر تجديدا للالتزام المتولد عن عقد التوريد وإنما اعترافا وإقرارا بهذا الالتزام، وأن تجديد الالتزام لا يستفاد من سند بدين موجود قبل ذلك، ولا مما يحدث في الالتزام من تغيير لا يتناول إلا زمان الوفاء وكيفيته، وأن كلمات (مدينة، جدولة، تسوية) الواردة بالاتفاق يظهر منها الاحتفاظ بسبب الدين الأصلي، كما أن الصلح لا يعد تجديدا للالتزام، مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه من المقرر– في قضاء هذه المحكمة– أن تجديد الالتزام بتغيير موضوعه وفقا لما تقضي به الفقرة الأولى من المادة 352 من القانون المدني هو عقد يتفق فيه الطرفان على انقضاء التزام سابق وأن يحلا محله التزاما آخر يختلف عن الأول في محله أو في مصدره. كما أن تجديد الالتزام وفقا للمادة 354 من القانون المدني لا يستفاد من كتابة سند بدين موجود قبل ذلك ولا مما يحدث في الالتزام من تغيير لا يتناول إلا زمان الوفاء أو كيفيته. كما أن التعديل الذي يقتصر على المساس بمقدار الدين– كما في حالة التصالح مع المفلس– أو المساس بالطريقة التي يتم بها الوفاء بالدين، أو إضافة أجل إلى الالتزام، لا يعد تغييرا للمحل من شأنه تجديد الالتزام، وكان الأصل ألا يكون هناك تجديد حتى يقوم الدليل على العكس، وأنه ولئن كان تفسير الاتفاقات والمشارطات وسائر المحررات واستخلاص تجديد الالتزام أمر موضوعي تستقل به محكمة الموضوع إلا أن ذلك مشروط بأن تكون قد استندت في قضائها إلى أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق. لما كان ذلك، وكان الثابت من الاتفاق المؤرخ 14/ 8/ 2018 أنه قد ورد به أن الشركة الطاعنة مدينة للشركة المطعون ضدها، وأن الطاعنة تقدمت بطلب للمطعون ضدها لجدولة الدين، وتم إبرام ذلك الاتفاق بناء على موافقة الشركة المطعون ضدها على قبول التسوية محل ذلك الاتفاق، كما تم الاتفاق على استمرار الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه حتى صدور حكم نهائي ويكون المبلغ الذي يتم تحديده من قبل المحكمة فيها هو المعول عليه من حيث المديونية المستحقة على الطاعنة لصالح المطعون ضدها، مع استمرار التزام الطاعنة بسداد أقساط الجدولة محل ذلك الاتفاق حتى صدور حكم نهائي في الدعوى الراهنة، وهو ما لا يعتبر تجديدا للالتزام الأصلي بتغيير مصدره- سببه- إذ بقى مصدر الالتزام الأصلي هو ذاته مصدر الالتزام بموجب الاتفاق سالف الإشارة إليه، وقد خلا ذلك الاتفاق من النص صراحة على التجديد ولم تنبئ عنه الظروف بوضوح، ومن ثم فلا يترتب عليه تغيير مصدر الدين ومن ثم تجديده، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر ذلك الاتفاق تجديدا للدين بتغيير مصدره انقضى به الدين الأصلي– عمليات التوريد– وحل الدين الثابت بذلك الاتفاق محله، مرتبا على ذلك القضاء برفض الدعوى لانقضاء سبب الدعوى الذي استند إليه المدعي- عمليات التوريد- فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.
ولما كانت الفقرة الأخيرة من المادة 12 من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية توجب على محكمة النقض، استثناء من حكم الفقرة الثانية من المادة 269 من قانون المرافعات المدنية والتجارية، أن تحكم في موضوع الدعوى إذا قضت بنقض الحكم المطعون فيه ولو كان الطعن لأول مرة، فتقوم هذه المحكمة عندئذ بالتصدي لموضوع الدعوى، شأنها في ذلك شأن محكمة الموضوع، إلا أن هذا التصدي ليس طليقا من كل قيد، فلا يجوز لها أن تسوء مركز الطاعن بالطعن الذي قام برفعه ولو كان ما تقضي به المحكمة متعلقا بالنظام العام، بأن تقضي عليه بأكثر مما قضى به عليه الحكم المنقوض، حيث لا يسوغ أن يضار الطاعن بطعنه، إذ إن نقض الحكم السابق نقضا كليا إنما يكون فيما قضى به على الطاعن لا ما قضى به لمصلحته فيزول الحكم وتزول جميع آثاره ويعود الخصوم إلى مراكزهم القانونية السابقة على صدور الحكم المنقوض وتلغى جميع الأعمال والأحكام اللاحقة عليه متى كان أساسا لها فيما يضر الطاعن لا فيما ينفعه؛ لأن المساس بما ينفعه ضار له ولا يضار الطاعن بطعنه. ولما كانت الأوراق قد خلت من أن المطعون ضدها قد طعنت بطريق النقض على الحكم المطعون فيه وإنما طعنت عليه الطاعنة بمفردها فإن هذه المحكمة لا تملك في هذه الحالة، تقيدا منها بقاعدة أن الطاعن لا يضار بطعنه، إلا أن تعدل الحكم لصالح رافعة الطعن أو تقف عند حد القضاء- رغم ثبوت مديونيتها- برفض دعوى المطعون ضدها بالحالة التي هي عليها أمام هذه المحكمة– التي تصدت للموضوع بعد نقض الحكم لمصلحة الطاعنة مقيدة بقاعدة ألا يضار الطاعن بطعنه- دون أن تتعدى ذلك إلى بحث مقدار تلك المديونية أو إلزام الطاعنة بها حتى لا تخل بذلك القيد، ودون اعتبار القضاء برفض دعوى المطعون ضدها بحالتها على ما سلف من أسباب- وفي خصوصية هذه الدعوى- حائزا للحجية في مسألة وجود المديونية ومقدارها أو مانعا من نظرها لذات العلة، إذ للخصوم أن يكتفوا إذا شاءوا بحكم محكمة النقض أو أن يعاودوا طرح النزاع على القضاء من جديد.

الطعن 4838 لسنة 89 ق جلسة 23 / 2 / 2020 مكتب فني 71 ق 41 ص 312

جلسة 23 من فبراير سنة 2020
برئاسة السيد القاضي/ عبد الجواد موسى "نائب رئيس المحكمة"، وعضوية السادة القضاة/ عامر عبد الرحيم، خالد سليمان، أحمد مطرود. عاصم رمضان "نواب رئيس المحكمة".

---------------

(41)

الطعن 4838 لسنة 89 ق

(1) نقض "الخصوم في الطعن".
الاختصام في الطعن بالنقض. شرطه. اختصام من لم يقض له أو عليه بشيء. غير مقبول. عله ذلك. كونه ليس خصما حقيقيا.

(2) قوة الأمر المقضي "نطاقها".
قضاء المحكمة. ماهيته. القول الفصل في الدعوى أيا كان موضعه في الأسباب أو في المنطوق. علة ذلك. أسباب الحكم المرتبطة بمنطوقه وحدة لا تتجزأ يرد عليها ما يرد على المنطوق من قوة الأمر المقضي. العبرة بحقيقة ما فصلت فيه المحكمة مما تعلق بمنطوقها أو كان الأخير نتيجة لها.

(3) قوة الأمر المقضي "نطاقها".
صدور حكم من محكمة النقض وآخر من المحكمة الإدارية العليا بشأن علامتين تجاريتين خلاف العلامة التجارية محل دعوى الطاعنة. أثره. عدم حيازتهما قوة الأمر المقضي في الدعوى الراهنة. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر. صحيح.

(4) حكم" حجية الأحكام: حجية الحكم الجنائي".
حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية. اقتصارها على منطوق الحكم الصادر بالإدانة أو البراءة والأسباب الضرورية له. علة ذلك. المادتان 456 إ. ج و102 إثبات. مثال.

(5 ، 6) محكمة الموضوع" سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع وتقدير المستندات والأدلة في الدعوى". حكم" رقابة محكمة النقض".
(5) فهم الواقع في الدعوى وبحث الأدلة والمستندات وترجيح ما يطمئن إليها منها. سلطة قاضي الموضوع. خطئه في فهم الواقع. لا رقابة عليه من محكمة النقض. علة ذلك. الاستثناء. إثباته مصدر وهمي للواقعة أو مناقض لما أثبته أو يستحيل عقلا استخلاص الواقعة منه.

(6) قضاء الحكم المطعون فيه برفض دعوى الطاعنة لعدم تقديمها مستندات قاطعة بسبق استعمالها للعلامة التجارية في جمهورية مصر العربية قبل استعمال المطعون ضدها الأولى لها. استخلاص سائغ. النعي عليه. جدل موضوعي. استقلال محكمة الموضوع بتقديره.

(7) قانون "تطبيق القانون".
تطبيق القانون على وجهه الصحيح. واجب القاضي دون طلب من الخصوم. أثره. التزامه بالبحث عن الحكم القانوني المنطبق على الواقعة المطروحة وإنزاله عليها.

(8) قانون "تفسيره".
النص الواضح قاطع الدلالة على المراد منه. الاستهداء بالحكمة التي أملته. لا تجيز الخروج عليه أو تأويله.

(9 - 11) ملكية فكرية" علامات تجارية: مؤدى تسجيل ذات العلامة التجارية عن فئة واحدة من المنتجات".
(9) اللبس بين منتجات تستخدم علامة تجارية ذات شهرة دولية ولو لم تكن مسجلة لدى إحدى دول اتفاقية باريس. كفايته لتقرير الحماية لها ولو اقتصر الأمر على مجرد التزوير أو التقليد على الجزء الجوهري منها. م 6/1 (مكررة 2) من الاتفاقية المذكورة. مؤداه. عدم خروج أحكام هذه المادة عن مفهوم محكمة النقض للحماية المقررة للعلامات التجارية.

(10) تسجيل ذات العلامة التجارية أو علامة متشابهة عن فئة واحدة من المنتجات في وقت واحد. مؤداه. التزام مصلحة التسجيل بوقف إجراءات التسجيل. استئناف إجراءات التسجيل. شرطه. صدور تنازل صريح أو ضمني عن العلامة التجارية من أحد أطراف النزاع عن تسجيل علامته أو صدور حكم قضائي نهائي لصالح الطرف الذي كان ينازع في التسجيل. علة ذلك. م76 ق 82 لسنة 2002.

(11) اعتراض المطعون ضدها الأولى على تسجيل الطاعنة للعلامة التجارية وعدم رد الأخيرة عليه. أثره. اعتبار الطاعنة متنازلة عن تسجيلها. تقدم المطعون ضدها الأولى بتسجيل ذات العلامة وعدم معارضة الطاعنة للتسجيل. مؤداه. عدم وجود تزاحم على تسجيل العلامة. قضاء الحكم المطعون فيه برفض دعوى الطاعنة بمحو وشطب العلامة التجارية الخاصة بالمطعون ضدها الأولى. صحيح.

---------------

1 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أنه لا يجوز أن يختصم في الطعن- بطريق النقض- إلا من كان خصما في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه، وأن الخصم الذي لم يقض له أو عليه بشيء ولم توجه إليه طلبات في الدعوى لا يكون خصما حقيقيا في الدعوى ولا يقبل اختصامه في الطعن. لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن المطعون ضدهم من الثاني حتى الأخير ليسوا خصوما حقيقيين في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه، ومن ثم يضحى اختصامهم في الطعن بالنقض غير مقبول.

2 - قضاء الحكم ليس هو منطوق الحكم وحده وإنما هو ذات القول الفصل في الدعوى أيا كان موضعه سواء في الأسباب أو في المنطوق، باعتبار أن أسباب الحكم المرتبطة بمنطوقة ارتباطا وثيقا وحده لا تتجزأ يرد عليها ما يرد على المنطوق من قوة الأمر المقضي، والمرجع هو حقيقة ما فصلت فيه المحكمة مما تعلق بمنطوقها أو كان هذا الأخير نتيجة لها.

3 - إذ كان الثابت من الأوراق أن الطاعنة أقامت دعواها بطلب الحكم ببطلان وشطب العلامة التجارية رقم .... على منتجات الفئة "6" الخاصة بالطاعنة في حين أن حكم محكمة النقض وحكم المحكمة الإدارية العليا سالفي البيان خاص بالعلامتين التجاريتين رقمي .....، .... محل منتجات الفئة "16" ومن ثم فلا يحوزا حجية الأمر المقضي به في تلك الدعوى، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد طبق صحيح القانون.

4 - مفاد نص المادتين 456 من قانون الإجراءات الجنائية و102 من قانون الإثبات- وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض- أن حجية الحكم الجنائي الصادرة من المحكمة الجنائية في موضوع الدعوى الجنائية أمام المحكمة المدنية مقصورة على منطوق الحكم الصادر بالإدانة أو بالبراءة بالنسبة لمن كان موضوع المحاكمة دون أن تلحق الحجية الأسباب التي لم تكن ضرورية لهذه البراءة أو تلك الإدانة وكان البين من الحكم الجنائي الصادر في الدعوى الجنائية رقم .... لسنة 2011 جنح مستأنف اقتصادي القاهرة و.... لسنة 2011 أنه قضى ببراءة موزع لشركة الطاعنة من تهمة حيازة منتجات بقصد البيع عليها علامات تجارية بغير حق بناء على بلاغ المطعون ضدها الأولى كان بشأن العلامة التجارية رقم ... على منتجات الفئة "16" وإذ كان هذا الحكم الجنائي الصادر ببراءة موزع الشركة الطاعنة لم يتعرض- سواء في منطوقه أو أسبابه- لما يخص العلامة محل الطعن على منتجات الفئة "6" ومن ثم فلا يلتزم القاضي المدني عند نظر الدعوى بذلك القضاء، إذ لا يحوز حجية أمام المحكمة المدنية في شأن هذه العلاقة، وإذ لم يعول الحكم المطعون فيه على الأحكام الجنائية سالفة الإشارة فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة تتفق وصحيح القانون.

5 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن لقاضي الموضوع السلطة التامة في بحث الدلائل والمستندات المقدمة له تقديما صحيحا، وفي موازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما تطمئن نفسه إلى ترجيحه منها، وفي استخلاص ما يرى أنه هو واقعة الدعوى، دون أن يكون لمحكمة النقض أية رقابة عليه في ذلك، ولو أخطأ في نفس الأمر لأن خطأه يكون في فهم الواقع في الدعوى لا في فهم حكم القانون في هذا الواقع، ومحكمة النقض لا تنظر إلا في مسائل القانون ولا يستثنى من هذه القاعدة إلا صورة واحدة هي أن يثبت القاضي مصدرا للواقعة التي يستخلصها يكون وهميا لا وجود له، أو يكون موجودا ولكنه مناقض لما أثبته أو غير مناقض ولكن يستحيل عقلا استخلاص الواقعة منه كما فعل هو.

6 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوى الطاعنة على سند من أن المستندات المقدمة منها لا تقطع بسبق استعمالها للعلامة في جمهورية مصر العربية قبل استعمال المطعون ضدها الأولى لها وهو استخلاص سائغ مما يدخل في حدود سلطة محكمة الموضوع في تقدير الأدلة والمستندات المقدمة فيها، فإن النعي في هذا الخصوص لا يعدو إلا أن يكون جدلا موضوعيا فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره لا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة ومن ثم يضحى النعي غير مقبول.

7 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن تطبيق القانون على وجهه الصحيح لا يحتاج إلى طلب من الخصوم بل هو واجب القاضي الذي عليه- ومن تلقاء نفسه- أن يبحث عن الحكم القانوني المنطبق على الواقعة المطروحة عليه، وأن ينزل هذا الحكم عليها.

8 - المقرر أنه متى كان النص واضحا جلي المعنى قاطعا في الدلالة على المراد منه، فإنه لا يجوز الخروج عليه أو تأويله بدعوى الاستهداء بالحكمة التي أملته.

9 - النص في الفقرة الأولى من المادة السادسة (مكررة 2) من اتفاقية باريس الدولية التي انضمت إليها جمهورية مصر العربية بالقرار الجمهوري رقم 1580 لسنة 1974 على أن "تتعهد دول الاتحاد بأن ترفض التسجيل أو تبطله وأن تمنع الاستعمال، سواء من تلقاء نفسها إذا كان تشريعها يسمح بذلك أو بناء على طلب صاحب الشأن بالنسبة للعلامات الصناعية أو التجارية المزورة أو المقلدة أو المترجمة والتي من شأنها أن توجد لبسا لعلامة ترى السلطة المختصة في بلد الأصل أو الاستعمال أن لها شهرة خاصة في تمييز منتجات شخص له حق التمتع بالحقوق الواردة بأحكام الاتفاقية ومخصصة لمنتجات مماثلة أو مشابهة ويسري هذا التعهد في حالة ما إذا كان التزوير أو التقليد ينصب على الجزء الجوهري من العلامة وكان من شأنه أن يحدث لبسا "يدل على أن أحكام هذه المادة لم تخرج عن مفهوم الحماية المقررة للعلامات التجارية والتي استقر قضاء محكمة النقض عليها وهي وجوب أن يتوفر التشابه بين المنتجات المستخدمة للعلامات التجارية لتقرير الحماية لها، ولو كان الأمر متعلقا بعلامة تجارية ذات شهرة خاصة دوليا ولو لم تكن مسجلة لدى إحدى دول هذه الاتفاقية، على أن يسري ذات المبدأ ولو اقتصر الأمر على مجرد التزوير أو التقليد على الجزء الجوهري منها، وكان من شأنه أن يحدث لبسا.

10 - النص في المادة 76 من القانون رقم 82 لسنة 2002 بشأن إصدار قانون حماية حقوق الملكية الفكرية على أنه "إذا طلب شخصان أو أكثر في وقت واحد تسجيل ذات العلامة أو تسجيل علامات متشابهة عن فئة واحدة من المنتجات، توقف إجراءات التسجيل إلى أن يقدم أحدهم تنازلا من منازعيه أو حكما واجب النفاذ صادرا لصالحه "يدل على أنه في حالة التزاحم على تسجيل العلامة التجارية ذاتها أو بشأن تسجيل علامة متشابهة عن فئة واحدة بين أكثر من شخص وهو ما يفترض تقدم شخص بطلب التسجيل ثم معارضة آخر له، وفي هذه الحالة تلتزم مصلحة التسجيل بوقف إجراءات تسجيل العلامة ولا تستأنف التسجيل مرة أخرى إلا في إحدى حالتين أولهما صدور تنازل عن العلامة التجارية من أحد أطراف النزاع عن تسجيل علامته، وهذا التنازل قد يكون صريحا بالتقدم مباشرة إلى الجهة الإدارية بالتنازل عن التسجيل أو المعارضة في تسجيل علامة خصمه، وقد يكون التنازل ضمنيا تستخلصه محكمة الموضوع من ظروف الدعوى المطروحة عليها إلا أن شرط ذلك أن يكون استخلاصها سائغا له معينة الثابت في الأوراق، والحالة الثانية لاستئناف الجهة السير في إجراءات التسجيل هي صدور حكم قضائي نهائي لصالح الطرف الذي كان ينازع في التسجيل.

11 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوى الطاعنة على سند من أن الطاعنة تقدمت للجهة الإدارية بطلب تسجيل العلامة "...." تحت رقم .... على منتجات الفئة "6" بتاريخ 21/3/2007، وكانت المطعون ضدها الأولى قد عارضت التسجيل وتم قبول معارضتها لاعتبار الطاعنة متنازلة عن التسجيل لعدم ردها على المعارضة المقدمة ضدها فتقدمت المطعون ضدها بطلب تسجيل العلامة التجارية "...." على الفئة ذاتها برقم ... في 24/11/2008 ثم سجلت علامتها في 15/7/2010 وقامت الطاعنة بتسجيل علامتها في 4/2/2018 والتي كانت محل الطلب المقدم بتاريخ 21/7/2007 إعمالا للحكم الصادر من القضاء الإداري في الدعوى ...... لسنة 60ق بجلسة 23/12/2017 بإلغاء قرار إدارة العلامات برفض السير في إجراءات التسجيل لعدم ثبوت إخطارها بالمعارضة في التسجيل، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه- بما له من سلطة- إلى نفي الشهرة على علامة الطاعنة، وكان البين من الأوراق أن الطاعنة لم تتقدم بمعارضة حال طلب المطعون ضدها تسجيل علامتها، وإنما اقتصر طعنها أمام القضاء الإداري على قرار الجهة الإدارية باعتبارها متنازلة عن طلب تسجيل علامتها، ومن ثم فلا يوجد تزاحم على تسجيل العلامة حال تقدم المطعون ضدها بطلبها، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض دعوى الطاعنة بطلب محو وشطب العلامة التجارية الخاصة بالمطعون ضدها يكون قد التزم صحيح القانون.

----------

الوقائع

حيث إن الواقعات- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت الدعوى رقم ..... لسنة 10ق استئناف اقتصادية القاهرة بطلب الحكم ببطلان وشطب تسجيل العلامة التجارية رقم .... وما يرتبط بها من علامات لتسجيلها دون وجه حق وبسوء نية مع نشر الحكم على نفقة الشركة المطعون ضدها في إحدى الجرائد اليومية، على سند من أن الطاعنة تقدمت بطلب لتسجيل علامتها التجارية سالفة البيان في 21/3/2007 على منتجات الفئة "6" إلا أن المطعون ضدها عارضت تسجيلها، فأصدرت إدارة العلامات التجارية قرارها باعتبار طلب التسجيل متنازلا عنه لعدم الرد على المعارضة، فطعنت عليه أمام محكمة القضاء الإداري بالدعوى رقم ..... لسنة 64ق إلا أن المطعون ضدها سجلت تلك العلامة بذات الفئة في 24/11/2008 بعد قبول طلبها، وصدر حكم المحكمة الإدارية العليا في الدعوى رقم ...... لسنة 60ق بإلغاء القرار فيما يتعلق برفض السير في إجراءات تسجيل العلامة رقم .... وما يترتب على ذلك من آثار، ثم قامت المطعون ضدها بتسجيل تلك العلامة، ولما كانت الطاعنة هي صاحبة العلامة وذلك بتسجيلها في أكثر من دولة وهي الأسبق في طلب التسجيل في مصر والأسبق– أيضا– في استعمالها، فضلا عن إقرار المطعون ضدها بملكية الطاعنة للعلامة بمقتضى مذكرة التفاهم المبرمة بينهما في 26/5/2008 لتوزيع منتجات الطاعنة في مصر، فقد أقامت الدعوى وبجلسة 8/1/2019 قضت المحكمة برفض الدعوى. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه. وإذا عرض الطعن على هذه الدائرة، فحددت جلسة لنظره أمام هذه المحكمة، وفيها التزمت النيابة رأيها.

------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من النيابة العامة بعدم قبول الطعن شكلا لرفعه على غير ذي صفة بالنسبة للمطعون ضدهم من الثاني حتى الأخير، فهو في محله، ذلك بأنه من المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أنه لا يجوز أن يختصم في الطعن- بطريق النقض- إلا من كان خصما في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه، وأن الخصم الذي لم يقض له أو عليه بشيء ولم توجه إليه طلبات في الدعوى، لا يكون خصما حقيقيا في الدعوى ولا يقبل اختصامه في الطعن. لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن المطعون ضدهم من الثاني حتى الأخير ليسوا خصوما حقيقيين في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه، ومن ثم يضحى اختصامهم في الطعن بالنقض غير مقبول.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بصفته- بالوجه الأول من أولهما- على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيانه يقول إن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدعوى على سند من عدم تقديم الشركة ما يفيد استعماله للعلامة قبل تسجيل المطعون ضدها لها رغم أن محكمة النقض أوردت في أسباب حكمها في الطعن رقم ..... لسنة 85ق بجلسة 13/2/2018 ما يفيد خلاف ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه، فضلا عن مخالفته لحجية حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في الطعن رقم ..... لسنة 56ق بجلسة 4/6/2011 المتضمن أن المطعون ضدها كانت وكيلا لتوزيع منتجات الطاعنة، فإنه يكون معيبا مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كان قضاء الحكم ليس هو منطوق الحكم وحده وإنما هو ذات القول الفصل في الدعوى أيا كان موضعه سواء في الأسباب أو في المنطوق، باعتبار أن أسباب الحكم المرتبطة بمنطوقه ارتباطا وثيقا وحده لا تتجزأ يرد عليها ما يرد على المنطوق من قوة الأمر المقضي، والمرجع هو حقيقة ما فصلت فيه المحكمة مما تعلق بمنطوقها أو كان هذا الأخير نتيجة لها. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعنة أقامت دعواها بطلب الحكم ببطلان وشطب العلامة التجارية رقم .... على منتجات الفئة "6" الخاصة بالطاعنة في حين أن حكم محكمة النقض وحكم المحكمة الإدارية العليا سالفي البيان خاص بالعلامتين التجاريتين رقمي .....، .... محل منتجات الفئة "16" ومن ثم فلا يحوزان حجية الأمر المقضي به في تلك الدعوى، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد طبق صحيح القانون، ويضحى النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن بصفته ينعي- بالوجه الثاني من السبب الأول- على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيانه يقول إنه إذ قضى برفض الدعوى رغم صدور أحكام جنائية نهائية تثبت أحقيتها في استعمال العلامة وأنها غير مملوكة للمطعون ضدها الثانية، فإنه يكون معيبا مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن مفاد نص المادتين 456 من قانون الإجراءات الجنائية و102 من قانون الإثبات- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- أن حجية الحكم الجنائي الصادر من المحكمة الجنائية في موضوع الدعوى الجنائية أمام المحكمة المدنية مقصورة على منطوق الحكم الصادر بالإدانة أو بالبراءة بالنسبة لمن كان موضوع المحاكمة دون أن تلحق الحجية الأسباب التي لم تكن ضرورية لهذه البراءة أو تلك الإدانة وكان البين من الحكم الجنائي الصادر في الدعوى الجنائية رقم .... لسنة 2011 جنح مستأنف اقتصادي القاهرة و.... لسنة 2011 أنه قضى ببراءة موزع لشركة الطاعنة من تهمة حيازة منتجات بقصد البيع عليها علامات تجارية بغير حق بناء على بلاغ المطعون ضدها الأولى كان بشأن العلامة التجارية رقم ... على منتجات الفئة "16" وإذ كان هذا الحكم الجنائي الصادر ببراءة موزع الشركة الطاعنة لم يتعرض- سواء في منطوقه أو أسبابه- لما يخص العلامة محل الطعن على منتجات الفئة "6" ومن ثم فلا يلتزم القاضي المدني عند نظر الدعوى بذلك القضاء، إذ لا يحوز حجية أمام المحكمة المدنية في شأن هذه العلاقة، وإذ لم يعول الحكم المطعون فيه على الأحكام الجنائية سالفة الإشارة فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة تتفق وصحيح القانون ويضحى النعي في هذا الخصوص على غير أساس.
وحيث إن الطاعن بصفته ينعي- بالوجهين الثالث والرابع من السبب الأول والسبب الثاني- على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيانه يقول إنه إذ قضى برفض الدعوى رغم أنه قدم العديد من المستندات الجوهرية التي تثبت أسبقية استعمال العلامة محل الدعوى قبل المطعون ضدها الأولى داخل جمهورية مصر العربية، وأن علامتها لها شهرة عالمية أثبتها حكم محكمة النقض في الطعن رقم ....... لسنة 85ق، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعرض لها مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أن المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن لقاضي الموضوع السلطة التامة في بحث الدلائل والمستندات المقدمة له تقديما صحيحا، وفي موازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما تطمئن نفسه إلى ترجيحه منها، وفي استخلاص ما يرى أنه هو واقعة الدعوى، دون أن يكون لمحكمة النقض أية رقابة عليه في ذلك، ولو أخطأ في نفس الأمر لأن خطاه يكون في فهم الواقع في الدعوى لا في فهم حكم القانون في هذا الواقع، ومحكمة النقض لا تنظر إلا في مسائل القانون ولا يستثنى من هذه القاعدة إلا صورة واحدة هي أن يثبت القاضي مصدرا للواقعة التي يستخلصها يكون وهميا لا وجود له، أو يكون موجودا ولكنه مناقض لما أثبته أو غير مناقض ولكن يستحيل عقلا استخلاص الواقعة منه كما فعل هو. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوى الطاعنة على سند من أن المستندات المقدمة منها لا تقطع بسبق استعمالها للعلامة في جمهورية مصر العربية قبل استعمال المطعون ضدها الأولى لها وهو استخلاص سائغ مما يدخل في حدود سلطة محكمة الموضوع في تقدير الأدلة والمستندات المقدمة فيها، فإن النعي في هذا الخصوص لا يعدو إلا أن يكون جدلا موضوعيا فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره لا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة ومن ثم يضحى النعي غير مقبول.
وحيث إن الطاعن بصفته ينعي- بالوجه الخامس من السبب الأول- على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيانه يقول إن الحكم إذ قضى برفض دعواه بمحو وشطب العلامة التجارية التي سجلتها المطعون ضدها الأولى، رغم أنه كان يتعين وقف إجراءات تسجيل العلامة لحين الفصل في النزاع عليها عملا بنص المادة 76 من القانون رقم 82 لسنة 2002 بإصدار قانون حماية الملكية الفكرية، ونصوص المادة 6/3 وسابعا من اتفاقية باريس والمنضمة إليها جمهورية مصر العربية بموجب القرار الجمهوري رقم 1580 لسنة 1974 فإنه يكون معيبا مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن تطبيق القانون على وجهه الصحيح لا يحتاج إلى طلب من الخصوم بل هو واجب القاضي الذي عليه- ومن تلقاء نفسه- أن يبحث عن الحكم القانوني المنطبق على الواقعة المطروحة عليه، وأن ينزل هذا الحكم عليها، كما أن المقرر أنه متى كان النص واضحا جلي المعنى قاطعا في الدلالة على المراد منه، فإنه لا يجوز الخروج عليه أو تأويله بدعوى الاستهداء بالحكمة التي أملته، وكان النص في الفقرة الأولى من المادة السادسة (مكررة 2) من اتفاقية باريس الدولية التي انضمت إليها جمهورية مصر العربية بالقرار الجمهوري رقم 1580 لسنة 1974 على أن "تتعهد دول الاتحاد بأن ترفض التسجيل أو تبطله وأن تمنع الاستعمال، سواء من تلقاء نفسها إذا كان تشريعها يسمح بذلك أو بناء على طلب صاحب الشأن بالنسبة للعلامات الصناعية أو التجارية المزورة أو المقلدة أو المترجمة والتي من شأنها أن توجد لبسا لعلامة ترى السلطة المختصة في بلد الأصل أو الاستعمال أن لها شهرة خاصة في تمييز منتجات شخص له حق التمتع بالحقوق الواردة بأحكام الاتفاقية ومخصصة لمنتجات مماثلة أو مشابهة ويسري هذا التعهد في حالة ما إذا كان التزوير أو التقليد ينصب على الجزء الجوهري من العلامة وكان من شأنه أن يحدث لبسا "يدل على أن أحكام هذه المادة لم تخرج عن مفهوم الحماية المقررة للعلامات التجارية والتي استقر قضاء محكمة النقض عليها وهي وجوب أن يتوفر التشابه بين المنتجات المستخدمة للعلامات التجارية لتقرير الحماية لها، ولو كان الأمر متعلقا بعلامة تجارية ذات شهرة خاصة دوليا ولو لم تكن مسجلة لدى إحدى دول هذه الاتفاقية، على أن يسري ذات المبدأ ولو اقتصر الأمر على مجرد التزوير أو التقليد على الجزء الجوهري منها، وكان من شأنه أن يحدث لبسا، وأن النص في المادة 76 من القانون رقم 82 لسنة 2002 بشأن إصدار قانون حماية حقوق الملكية الفكرية على أنه "إذا طلب شخصان أو أكثر في وقت واحد تسجيل ذات العلامة أو تسجيل علامات متشابهة عن فئة واحدة من المنتجات، توقف إجراءات التسجيل إلى أن يقدم أحدهم تنازلا من منازعيه أو حكما واجب النفاذ صادرا لصالحه "يدل على أنه في حالة التزاحم على تسجيل العلامة التجارية ذاتها أو بشأن تسجيل علامة متشابهة عن فئة واحدة بين أكثر من شخص وهو ما يفترض تقدم شخص بطلب التسجيل ثم معارضة آخر له، وفي هذه الحالة تلتزم مصلحة التسجيل بوقف إجراءات تسجيل العلامة ولا تستأنف التسجيل مرة أخرى إلا في إحدى حالتين أولهما صدور تنازل عن العلامة التجارية من أحد أطراف النزاع عن تسجيل علامته، وهذا التنازل قد يكون صريحا بالتقدم مباشرة إلى الجهة الإدارية بالتنازل عن التسجيل أو المعارضة في تسجيل علامة خصمه، وقد يكون التنازل ضمنيا تستخلصه محكمة الموضوع من ظروف الدعوى المطروحة عليها إلا أن شرط ذلك أن يكون استخلاصها سائغا له معينة الثابت في الأوراق، والحالة الثانية لاستئناف الجهة السير في إجراءات التسجيل هي صدور حكم قضائي نهائي لصالح الطرف الذي كان ينازع في التسجيل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوى الطاعنة على سند من أن الطاعنة تقدمت للجهة الإدارية بطلب تسجيل العلامة "...." تحت رقم .... على منتجات الفئة "6" بتاريخ 21/3/2007، وكانت المطعون ضدها الأولى قد عارضت التسجيل وتم قبول معارضتها لاعتبار الطاعنة متنازلة عن التسجيل لعدم ردها على المعارضة المقدمة ضدها فتقدمت المطعون ضدها بطلب تسجيل العلامة التجارية "...." على الفئة ذاتها برقم ... في 24/11/2008 ثم سجلت علامتها في 15/7/2010 وقامت الطاعنة بتسجيل علامتها في 4/2/2018 والتي كانت محل الطلب المقدم بتاريخ 21/7/2007 إعمالا للحكم الصادر من القضاء الإداري في الدعوى ...... لسنة 60ق بجلسة 23/12/2017 بإلغاء قرار إدارة العلامات برفض السير في إجراءات التسجيل لعدم ثبوت إخطارها بالمعارضة في التسجيل، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه- بما له من سلطة- إلى نفي الشهرة على علامة الطاعنة، وكان البين من الأوراق أن الطاعنة لم تتقدم بمعارضة حال طلب المطعون ضدها تسجيل علامتها، وإنما اقتصر طعنها أمام القضاء الإداري على قرار الجهة الإدارية باعتبارها متنازلة عن طلب تسجيل علامتها، ومن ثم فلا يوجد تزاحم على تسجيل العلامة حال تقدم المطعون ضدها بطلبها، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض دعوى الطاعنة بطلب محو وشطب العلامة التجارية الخاصة بالمطعون ضدها يكون قد التزم صحيح القانون، ويضحى النعي برمته على غير أساس.
ولما تقدم، فإنه يتعين رفض الطعن.