الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 3 سبتمبر 2019

الطعن 3955 لسنة 57 ق جلسة 16/ 6/ 1988 مكتب فني 39 ج 1 ق 122 ص 816

جلسة 16 من يونيه سنة 1988
برئاسة السيد المستشار/ قيس الرأي عطية نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد نجيب صالح وعوض جادو نائبي رئيس المحكمة وصلاح عطية وعبد اللطيف أبو النيل.
----------
(122)
الطعن رقم 3955 لسنة 57 القضائية
 (1)نقض "ما يجوز وما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام". دعوى مدنية.
الحكم الاستئنافي الغيابي الصادر بالبراءة. حق المدعي بالحقوق المدنية في الطعن فيه منذ صدوره. علة ذلك؟
 (2)دعوى مدنية. نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
تبرئة المتهم على أساس انتفاء التهمة. يستلزم الحكم برفض الدعوى المدنية، ولو لم ينص على ذلك في منطوق الحكم.
 (3)حكم "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب معيب".
إيجاب اشتمال الحكم على الأسباب التي بني عليها. ولو كان بالبراءة. المادة 310 إجراءات.
المراد بالتسبيب المعتبر قانوناً؟
إفراغ الحكم في عبارات معماة. أو وضعه في صورة مجهلة. لا يحقق غرض الشارع.
القضاء بالبراءة في جريمة الشروع في تهريب جمركي استناداً إلى أن الضبط تم خارج المنطقة الجمركية دون بيان نطاقها ومكان الضبط. قصور.
مثال لتسبيب معيب في جريمة الشروع في تهريب جمركي.
(4) تلبس. قبض. تفتيش "بغير إذن". مأمورو الضبط القضائي.
توافر حالة التلبس في الجنايات والجنح المعاقب عليها بالحبس مدة تزيد على ثلاثة أشهر يبيح لمأمور الضبط القضائي القبض على المتهم الحاضر متى وجدت دلائل كافية على اتهامه المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية.
مثال تتوافر فيه حالة التلبس في جريمة الشروع في تهريب جمركي.
(5) جمارك. مأمورو الضبط القضائي "اختصاصهم".
لضباط المباحث الجنائية صفة الضبط القضائي بصفة عامة. المادة 23 إجراءات. مؤدى ذلك؟
(6) مأمورو الضبط القضائي "اختصاصهم". موظفون عموميون. قانون "تفسيره".
إضفاء صفة الضبط القضائي على موظف ما في صدد جرائم معينة لا يسلب تلك الصفة في شأن تلك الجرائم عن مأموري الضبط القضائي ذوي الاختصاص العام.
 (7)دعوى جنائية "تحريكها". جمارك. تهريب جمركي. نقض. "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
الخطاب في المادة 124 من القانون رقم 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك موجه من الشارع إلى النيابة العامة بوصفها سلطة تحقيق دون غيرها من جهات الاستدلال التي يصح لها اتخاذ إجرائه دون توقف على صدور الطلب ممن يملكه قانوناً.
----------------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه وإن صدر في غيبة المطعون ضدهما الأول والثالث إلا أنه وقد قضى بتأييد حكم محكمة أول درجة القاضي بالبراءة لا يعتبر قد أضر بها حتى يصح لهما أن يعارضا فيه ومن ثم فإن طعن المدعي بالحقوق المدنية بالنقض في الحكم من تاريخ صدوره جائز.
2 - القضاء بالبراءة في صدد الدعوى الجنائية وقد أقيم على عدم ثبوت التهمة على المطعون ضدهم إنما يتلازم معه الحكم برفض الدعوى المدنية ولو لم ينص على ذلك في منطوق الحكم، وإذ كان المدعي المدني طرفاً في الخصومة الاستئنافية أمام محكمة ثاني درجة فإنه من ثم يكون قد توافرت له الصفة والمصلحة في الطعن في الحكم بطريق النقض.
3 - لما كان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم - ولو كان صادراً بالبراءة - على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً، والمراد بالتسبيب المعتبر تحديد الأسانيد والحجج المبني عليها والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو من حيث القانون، ولكي يحقق الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي منفصل بحيث يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضى به، أما إفراغ الحكم في عبارة عامة معماة أو وضعه في صورة مجهلة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم. وإذ كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد أسس قضاءه بالبراءة استناداً إلى أن الضبط تم خارج المنطقة الجمركية دون أن يستجلي مدى نطاق دائرة الرقابة الجمركية وما إذا كان ضبط الواقعة قد تم داخلها من عدمه، فإنه يكون قد حال دون تمكين محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون بما يعيبه بالقصور في البيان.
4 - لما كان البين من ظروف الواقعة التي نقلها الحكم عن محضر الضبط أن المطعون ضدهم شوهدوا حال البدء في تنفيذ جريمة تهريب حمولة السيارة الأجرة من المنطقة الحرة إلى داخل البلاد دون سداد الضرائب الجمركية المستحقة عنها مما يكفي لتوافر حالة التلبس بالشروع في جريمة التهريب الجمركي كما هي معرفة في المادة 121 من قانون الجمارك الصادر به القانون رقم 66 سنة 1963، وإذ كانت هذه الجريمة جنحة معاقب عليها بالحبس الذي تزيد مدته على ثلاثة أشهر وكانت قد توافرت لدى مأمور الضبط القضائي وفقاً لما تشير إليه ملابسات الواقعة وظروفها التي أثبتها الحكم دلائل جدية وكافية على اتهام المطعون ضدهم بارتكابها، فإنه من ثم يكون له أن يأمر بالقبض عليهم ما دام أنهم كانوا حاضرين وذلك عملاً بالمادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية.
5 - لما كان لا ينال من سلامة إجراءات القبض على المطعون ضدهم وتفتيشهم - وهي من قبيل إجراءات الاستدلال - أن من قام به ليس من موظفي الجمارك، ذلك بأن ضابط المباحث الجنائية الذي تولى القبض على المطعون ضدهم وتفتيشهم من مأموري الضبط القضائي الذي منحتهم المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية في حدود اختصاصهم سلطة الضبط بصفة عامة وشاملة مما مؤداه أن تنبسط ولايته على جميع أنواع الجرائم بما فيها جريمة الشروع في التهريب الجمركي المسندة إلى المطعون ضدهم.
6 - من المقرر أن إضفاء صفة الضبط القضائي على موظف ما في صدد جرائم معينة لا يعني مطلقاً سلب تلك الصفة في شأن هذه الجرائم عينها من مأموري الضبط القضائي ذوي الاختصاص العام.
7 - من المقرر أن خطاب الشارع في المادة 124 من القانون 66 لسنة 1963 - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - موجه إلى النيابة العامة بوصفها السلطة صاحبة الولاية فيما يتعلق بالدعوى الجنائية التي لا تبدأ إلا بما تتخذه هذه السلطة من أعمال التحقيق ولا ينصرف فيها إلى غيرها من جهات الاستدلال التي يصح لها اتخاذ إجراءاته دون توقف على صدور الطلب ممن يملكه قانوناً، ومن ثم فإن أعمال الاستدلال التي قام بها ضابط المباحث الجنائية تكون قد تمت صحيحة في صدد حالة من حالات التلبس بالجريمة استناداً إلى الحق المخول أصلاً لرجل الضبط القضائي وبدون ندب من سلطة التحقيق مما لا يرد عليها قيد الشارع في توقفها على الطلب، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون وفي تطبيقه مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بالنسبة للدعوى المدنية.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم بأنهم شرعوا في تهريب البضائع الأجنبية المبينة بالأوراق بقصد الاتجار دون سداد الرسوم الجمركية المستحقة عليها وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو ضبطهم والجريمة متلبس بها. وطلبت عقابهم بمواد القانون رقم 66 سنة 1963 المعدل بالقانون رقم 75 سنة 1985. ومحكمة جنح الميناء قضت حضورياً ببراءة المتهمين وتسليمهم السيارتين لمالكيهما استأنف كل من وزير المالية بصفته والنيابة العامة هذا الحكم ومحكمة بور سعيد الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً للأول والثاني وغيابياً للثالث بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد لحكم المستأنف فطعنت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن وزير المالية بصفته في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.

المحكمة
من حيث إن الحكم المطعون فيه وإن صدر في غيبة المطعون ضدهما الأول والثالث إلا أنه قد قضى بتأييد حكم محكمة أول درجة القاضي بالبراءة لا يعتبر قد أضر بهما حتى يصح لهما أن يعارضا فيه ومن ثم فإن طعن المدعي بالحقوق المدنية بالنقض في الحكم من تاريخ صدوره جائز.
ومن حيث إن البين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه ببراءة المطعون ضدهم من جريمة الشروع في التهريب الجمركي على أساس أن التهمة غير ثابتة في حقهم، وإذ كان هذا القضاء إنما ينطوي ضمناً على الفصل في الدعوى المدنية المقامة من الطاعن بما يؤدي إلى رفضها، لأن القضاء بالبراءة في صدد الدعوى الجنائية وقد أقيم على عدم ثبوت التهمة على المطعون ضدهم إنما يتلازم معه الحكم برفض الدعوى المدنية ولو لم ينص على ذلك في منطوق الحكم، وإذ كان المدعي المدني طرفاً في الخصومة الاستئنافية أمام محكمة ثاني درجة فإنه من ثم يكون قد توافرت له الصفة والمصلحة في الطعن في الحكم بطريق النقض.
وحيث إن مما ينعاه المدعي بالحقوق المدنية على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضدهم من تهمة الشروع في التهريب الجمركي ورفض - ضمناً - الدعوى المدنية المقامة عليهم قد بني على خطأ في تأويل القانون وتطبيقه وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد استند في قضائه ببراءة المطعون ضدهم على أسباب عامة معماة إذ خلص إلى أن واقعة الضبط تمت خارج الدائرة الجمركية ودون أن يبين حدود تلك الدائرة ومفهومه لها، كما أن الحكم المطعون فيه أضاف إلى أسباب الحكم المستأنف دعامة أخرى هي القول ببطلان إجراءات الضبط تأسيساً على أن من باشرها ليس من رجال الجمارك ولاتخاذها قبل صدور طلب بذلك من مدير عام الجمارك، وعلى الرغم من أن المطعون ضدهم ضبطوا حال شروعهم في تهريب بضائع لم تسدد عنها الضرائب الجمركية من منطقة بور سعيد الحرة إلى داخل البلاد مما تتوافر في حقهم حالة التلبس التي تجيز لمأمور الضبط القضائي إلقاء القبض عليهم وتفتيشهم غير مقيد في ذلك بالقيد الوارد في المادة 124 من قانون الجمارك الصادر به القانون رقم 66 سنة 1963 المعدل بالقانون رقم 75 سنة 1980. مما يعيبه ويستوجب نقضه في خصوص الدعوى المدنية.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد اقتصر في بيان الواقعة الدعوى على مجرد ترديد وصف التهمة ثم خلص إلى براءة المطعون ضدهم بقوله "وحيث إن الثابت من الأوراق أن الضبط تم خارج المنطقة الجمركية وأن العرف قد جرى على أن الأشياء المضبوطة خارج المنطقة الجمركية تشترى بدون فواتير أو مستندات معينة ومن ثم فإن الاتهام يكون على غير سند من القانون ويتعين القضاء ببراءة المتهمين مما أسند إليهم عملاً بالمادة 304 أ. ج". لما كان ذلك، وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم - ولو كان صادراً بالبراءة - على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً، والمراد بالتسبيب المعتبر تحديد الأسانيد والحجج المبني عليها والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو من حيث القانون ولكي يحقق الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي منفصل بحيث يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضى به، أما إفراغ الحكم في عبارة عامة معماة أو وضعه في صورة مجهلة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم. وإذ كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه أسس قضاءه بالبراءة استناداً إلى أن الضبط تم خارج المنطقة الجمركية ودون أن يستجلي مدى نطاق دائرة الرقابة الجمركية وما إذا كان ضبط الواقعة قد تم داخلها من عدمه، فإنه يكون قد حال دون تمكين محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون بما يعيبه بالقصور في البيان. ولما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى بطلان إجراءات الضبط تأسيساً على أن من باشرها ليس من رجال الجمارك ولاتخاذها قبل صدور طلب بذلك من مدير عام الجمارك وأورد واقعة الدعوى بما حصله "أن الرائد..... وقوة الشرطة المرافقين له قد شاهدوا المتهمين أثناء وضعهم كمية من بضائع المنطقة الحرة في السيارة...... أجرة بحيرة والتي كانت تقف بإحدى الطرق الفرعية المجاورة لبحيرة المنزلة ثم قام بضبطهم وخلص الحكم إلى بطلان إجراءات الضبط تأسيساً على أن ما قام بالضبط هو ضابط مباحث منطقة الرسوة دون اشتراك أي فرد من رجال الجمارك معه وبدون إذن سابق له من مدير عام الجمارك". لما كان ذلك وكان البين من ظروف الواقعة التي نقلها الحكم عن محضر الضبط أن المطعون ضدهم شوهدوا حال البدء في تنفيذ جريمة تهريب حمولة السيارة الأجرة من المنطقة الحرة إلى داخل البلاد دون سداد الضرائب الجمركية المستحقة عنها مما يكفي لتوافر حالة التلبس بالشروع في جريمة التهريب الجمركي كما هي معرفة في المادة 121 من قانون الجمارك الصادر به القانون رقم 66 سنة 1963، وإذ كانت هذه الجريمة جنحة معاقب عليها بالحبس الذي تزيد مدته على ثلاثة أشهر وكانت قد توافرت لدى مأمور الضبط القضائي وفقاً لما تشير إليه ملابسات الواقعة وظروفها التي أثبتها الحكم - دلائل جدية وكافية على اتهام المطعون ضدهم بارتكابها، فإنه من ثم يكون له أن يأمر بالقبض عليهم ما دام أنهم كانوا حاضرين وذلك عملاً بالمادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية، كما يجوز له تفتيشهم عملاً بما تخوله المادة 46 من القانون سالف الذكر، ولما كان لا ينال من سلامة إجراءات القبض على المطعون ضدهم وتفتيشهم - وهي من قبيل إجراءات الاستدلال - أن من قام به ليس من موظفي الجمارك ذلك بأن ضابط المباحث الجنائية الذي تولى القبض على المطعون ضدهم وتفتيشهم من مأموري الضبط القضائي الذين منحتهم المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية في حدود اختصاصهم - سلطة الضبط بصفة عامة وشاملة مما مؤداه أن تنبسط ولايته على جميع أنواع الجرائم بما فيها جريمة الشروع في التهريب الجمركي المسندة إلى المطعون ضدهم، ولا يغير من ذلك تخويل صفة الضبطية القضائية الخاصة في صدد تلك الجريمة لبعض موظفي الجمارك وفقاً لحكم المادة 25 من قانون الجمارك سالف البيان لما هو مقرر من أن إضفاء صفة الضبط القضائي على موظف ما في صدد جرائم معينة لا يعني مطلقاً سلب تلك الصفة في شأن هذه الجرائم عينها من مأموري الضبط القضائي ذوي الاختصاص العام، وكان لا يعيب تلك الإجراءات كذلك اتخاذها قبل صدور طلب كتابي من مدير عام الجمارك برفع الدعوى الجنائية على المطعون ضدهم وفقاً لحكم المادة 124 من القانون المشار إليه، ذلك بأن خطاب الشارع في تلك المادة - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - موجه إلى النيابة العامة بوصفها السلطة صاحبة الولاية فيما يتعلق بالدعوى الجنائية التي لا تبدأ إلا بما تتخذه هذه السلطة من أعمال التحقيق ولا ينصرف فيها إلى غيرها من جهات الاستدلال التي يصح لها اتخاذ إجراءاته دون توقف على صدور الطلب ممن يملكه قانوناً، ومن ثم فإن أعمال الاستدلال التي قام بها ضابط المباحث الجنائية تكون قد تمت صحيحة في صدد حالة من حالات التلبس بالجريمة استناداً إلى الحق المخول أصلاً لرجل الضبط القضائي وبدون ندب من سلطة التحقيق مما لا يرد عليها قيد الشارع في توقفها على الطلب، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون وفي تطبيقه مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بالنسبة للدعوى المدنية.

الطعن 2623 لسنة 57 ق جلسة 16/ 6/ 1988 مكتب فني 39 ج 1 ق 121 ص 812

جلسة 16 من يونيه سنة 1988
برئاسة السيد المستشار/ قيس الرأي عطية نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد نجيب صالح وعوض جادو نائبي رئيس المحكمة وعبد الوهاب الخياط وصلاح عطية.
-----------
(121)
الطعن رقم 2623 لسنة 57 القضائية
 (1)نقض "إجراءاته".
تقرير الأسباب، وجوب اشتماله على الأسباب التي بني عليها الطعن. المادة 34 من القانون 57 لسنة 1959.
اقتصار تقرير الأسباب المقدمة على وجه واحد لا يتصل بأحد الطاعنين. اعتباره لم يقدم أسباباً لطعنه. مؤدى ذلك؟
(2) استئناف "ميعاده". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
قيام عذر المرض المانع من التقرير بالاستئناف. يوجب على الحكم التصدي لدليله.
 (3)حكم "وضعه والتوقيع عليه وإصداره" "بطلان الحكم".
وجوب وضع الأحكام الجنائية وتوقيعها في مدة ثلاثين يوماً من النطق بها وإلا كانت باطلة. المادة 312 إجراءات جنائية.
امتداد أثر النقض للطاعن الآخر الذي لم يقبل طعنه شكلاً. علة ذلك؟
-------------
1 - لما كان البين من الأوراق أن الحكم المطعون فيه صدر حضورياً بتاريخ...... وقرر الطاعنان بالطعن فيه بطريق النقض في..... ثم قدما بتاريخ.... مذكرة بأسباب طعنهما اقتصرت على وجه واحد لا يتصل بالطاعن الأول..... هو التفات محكمة الموضوع عن عذر المرض الذي حال بين الطاعن الثاني وبين التقرير بالاستئناف في الميعاد. ولما كانت المادة 34 من القانون رقم 57 سنة 1959 قد أوجبت في الفقرة الثانية منها تقديم الأسباب التي يبنى عليها الطعن في الميعاد المبين بالفقرة الأولى، وكان الثابت مما تقدم أن الطاعن الأول لم يقدم أسباباً لطعنه فإنه يتعين الحكم بعدم قبول الطعن المقدم منه شكلاً.
2 - من المقرر أنه يتعين على الحكم إذا ما قام عذر المرض أن يعرض لدليله ويقول كلمته فيه.
3 - لما كان قانون الإجراءات الجنائية قد أوجب في المادة 312 منه وضع الأحكام الجنائية وتوقيعها في مدة ثلاثين يوماً من النطق بها وإلا كانت باطلة فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالبطلان وهو ما يتسع له وجه الطعن ويعجز محكمة النقض عن أن تقول كلمتها فيما يثيره الطاعن بوجه الطعن. لما كان ما تقدم. فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بالنسبة للطاعن الثاني والطاعن الأول الذي لم يقبل طعنه شكلاً لحسن سير العدالة.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما الأول: أحدث عمداً بـ...... و ..... الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على عشرين يوماً وكان ذلك باستعمال آلة حادة (مدية) الثاني: أحدث عمداً بـ....... الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تقرر علاجها مدة لا تزيد على عشرين يوماً باستعمال آلة حادة (مدية). وطلبت عقابهما بالمادة 242/ 1، 3 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح السيدة زينب قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بحبس كل منهما شهرين مع الشغل وكفالة عشرين جنيهاً لإيقاف التنفيذ. استأنف المحكوم عليهما ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بعدم قبول الاستئناف شكلاً للتقرير به بعدم الميعاد.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.

المحكمة
حيث يبين من الأوراق أن الحكم المطعون فيه صدر حضورياً بتاريخ .... وقرر الطاعنان بالطعن فيه بطريق النقض في ..... ثم قدما بتاريخ ...... مذكرة بأسباب طعنهما اقتصرت على وجه واحد لا يتصل بالطاعن الأول..... هو التفات محكمة الموضوع عن عذر المرض الذي حال بين الطاعن الثاني وبين التقرير بالاستئناف في الميعاد. ولما كانت المادة 34 من القانون رقم 57 سنة 1959 قد أوجبت في الفقرة الثانية منها تقديم الأسباب التي يبنى عليها الطعن في الميعاد المبين بالفقرة الأولى وكان الثابت مما تقدم أن الطاعن الأول لم يقدم أسباباً لطعنه فإنه يتعين الحكم بعدم قبول الطعن المقدم منه شكلاً.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعن الثاني قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بعدم قبول الاستئناف شكلاً للتقرير بعد الميعاد قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب ذلك بأن الطاعن حال بينه وبين التقرير بالاستئناف في الميعاد عذر قهري هو المرض الثابت بالشهادة المرضية المقدمة منه بالجلسة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه إلا أن المحكمة التفتت كلية عن تلك الشهادة ولم تحقق عذره أو تتناوله بالرد. مما يعيب حكمها بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مراجعة محضر جلسة....... التي صدر فيها الحكم المطعون فيه أن الحاضر مع الطاعن قدم شهادة مرضية للتدليل على مرض الطاعن الذي منعه من التقرير بالاستئناف في الميعاد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يتعين على الحكم إذا ما قام عذر المرض أن يعرض لدليله ويقول كلمته فيه. ولما كان الثابت من الأوراق ومن الشهادة السلبية الصادرة من قلم كتاب نيابة جنوب القاهرة أن الحكم المطعون فيه صدر في 12/ 10/ 1983 وقضى بعدم قبول استئناف الطاعن شكلاً وإنه لم يودع ملف الدعوى موقعاً عليه حتى 15/ 10/ 1985 وكان قانون الإجراءات الجنائية قد أوجب في المادة 312 منه وضع الأحكام الجنائية وتوقيعها في مدة ثلاثين يوماً من النطق بها وإلا كانت باطلة فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالبطلان وهو ما يتسع له وجه الطعن ويعجز محكمة النقض عن أن تقول كلمتها فيما يثيره الطاعن بوجه الطعن. لما كان ما تقدم. فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بالنسبة للطاعن الثاني والطاعن الأول الذي لم يقبل طعنه شكلاً لحسن سير العدالة.

الطعن 5228 لسنة 57 ق جلسة 24/ 5/ 1988 مكتب فني 39 ج 1 ق 107 ص 725

جلسة 24 من مايو سنة 1988
برئاسة السيد المستشار/ حسن عثمان عمار نائب المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة ومحمود رضوان وحسن عشيش ورضوان عبد العليم.
-----------
(107)
الطعن رقم 5228 لسنة 57 القضائية
إيجار أماكن. خلو رجل. قانون "تفسيره" "تطبيقه". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون" "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
التزام المؤجر بتحرير عقد إيجار كتابي للمستأجر. يقتضي قيام علاقة إيجارية مباشرة بين الطرفين. عدم تحقق ذلك إلا بتلاقي إرادة المؤجر وإرادة شخص يرغب في استئجار وحدة سكنية منه وهو المستأجر.
قضاء الحكم بإدانة الطاعن رغم إيراده ما يكشف عن قيام أية علاقة إيجارية بينه وبين المجني عليه. خطأ في تطبيق القانون. يوجب نقضه. وبراءة الطاعنة.
------------
لما كان الالتزام الذي فرضه الشارع، في قوانين إيجار الأماكن، على المؤجر بتحرير عقد إيجار كتابي للمستأجر إنما يقتضي بداهة قيام علاقة إيجارية مباشرة بين الطرفين وهي علاقة تعاقدية لا تتحقق إلا بتلاقي إرادة المؤجر وإرادة شخص معين بذاته يرغب في استئجار وحدة سكنية منه ويكون هو المستأجر الوحيد لهذه الوحدة. لما كان ذلك. وكان ما أورده الحكم المطعون فيه، فيما سلف يكشف عن عدم قيام أية علاقة إيجارية بين الطاعنة والمجني عليها، فإنه كان لزاماً على المحكمة أن تعمل الأثر المترتب على ما أفصحت عنه من ذلك وهو القضاء ببراءة الطاعنة أما وهي لم تفعل بل قضت على الرغم من ذلك بإدانة الطاعنة فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون. ولا يغير من ذلك ما قاله الحكم من ثبوت العلاقة الإيجارية بين الطاعنة وزوج المجني عليها ذلك بأن هذه العلاقة - بفرض صحة ما ذكره الحكم في شأن ثبوتها - إنما هي واقعة مستقلة تغاير تلك التي رفعت بها الدعوى موضوع هذا الطعن. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والحكم ببراءة الطاعنة.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها: أولاً: تقاضت من المستأجرة المبلغ النقدي المبين بالأوراق خارج نطاق عقد الإيجار. ثانياً: وهي مؤجرة لم تقم بتحرير عقد إيجار للمستأجرة. وطلبت عقابهما بالمواد 24، 26، 77 من القانون رقم 49 لسنة 1977 المعدل والمادة 23 من القانون رقم 136 لسنة 1981 ومحكمة أمن الدولة الجزئية بالجيزة قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبسها ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لوقف التنفيذ وغرامة قدرها عشرين ألف جنيه وإلزامها برد مبلغ عشرة آلاف جنيه للمجني عليها استأنفت. ومحكمة الجيزة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به بالنسبة للتهمة الأولى وبراءة المتهمة منها وبتغريم المتهمة مبلغ مائة جنيه عن التهمة الثانية.
فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.

المحكمة
حيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمة الامتناع عن تحرير عقد إيجار للمستأجرة فقد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه كشف في مدوناته عن ثبوت العلاقة الإيجارية بين الطاعنة وشخص آخر خلاف الشاكية. وهو ما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن النيابة العامة أسندت إلى الطاعنة تهمتي تقاضيها من المستأجرة..... مبلغاً خارج نطاق عقد الإيجار، وامتناعها عن تحرير عقد إيجار للمستأجرة، وبعد أن عرض الحكم للتهمة الأولى وانتهى إلى تبرئة الطاعنة منها، خلص إلى إدانتها عن التهمة الثانية المسندة إليها - الامتناع عن تحرير عقد إيجار للمستأجرة - في قوله: "أما عن التهمة الثانية وهي عدم تحرير عقد إيجار للمستأجرة فإن الثابت بالأوراق أن المتهمة وافقت على تنازل المستأجر الأصلي للشقة لزوج المجني عليها وهو ما شهد به كل من...... و..... و...... وقررا أن المتهمة طلبت منها حضور جلسة تنازل المستأجر الأصلي....... عن عقد الإيجار الصادر له إلى..... زوج المجني عليها وأن المستأجر الأصلي حضر الجلسة وأن الطرفين اختلفا على مقابل التنازل، ولما كان الثابت بأقوال...... أمام هذه المحكمة أنه أجر الشقة لـ...... في....... لدواعي سفره وأنه حرر له العقد مفروشاً لمدة خمس سنوات ثم ثبت قيامه ببيع المنقولات للمستأجر...... بموجب المبايعة المرفقة بالأوراق والسالف الإشارة إليها والمؤرخة....... أي بعد العقد بأقل من خمسة وعشرين يوماً وهذا يكون تنازلاً منه عن عقد الإيجار الخاص به ودليل ذلك قيام المستأجر...... بتركيب عداد إنارة بالشقة وقيام المستأجر بأعمال ترميم وصيانة بها وإدخال منقولاته إليها وإقامته بها، فمن ثم تكون العلاقة الإيجارية ثابتة بين زوج الشاكية والمتهمة وإعمالاً لنص المادة 24/ 4 فإنه يجوز إثبات واقعة التأجير وشروط العقد بكافة طرق الإثبات، ونصت المادة 24/ 1 على ضرورة تحرير عقد الإيجار كتابة ويقع هذا الالتزام بداهة على عاتق المؤجر فهو ملتزم بتحرير عقد الإيجار للوحدة المؤجرة للمستأجر، ولما كانت المتهمة لم تقم بتحرير عقد إيجار للشاكية أو زوجها عن الشقة سكنهما فمن ثم تكون هذه الجريمة ثابتة قبل المتهمة ويتعين القضاء بإدانتها عنها..... لما كان ذلك، وكان الالتزام الذي فرضه الشارع، في قوانين إيجار الأماكن، على المؤجر بتحرير عقد إيجار كتابي للمستأجر إنما يقتضي بداهة قيام علاقة إيجارية مباشرة بين الطرفين وهي علاقة تعاقدية لا تتحقق إلا بتلاقي إرادة المؤجر وإرادة شخص معين بذاته يرغب في استئجار وحدة سكنية منه ويكون هو المستأجر الوحيد لهذه الوحدة. لما كان ذلك وكان ما أورده الحكم المطعون فيه، فيما سلف، يكشف عن عدم قيام أية علاقة إيجارية بين الطاعنة والمجني عليها، فإنه كان لزاماً على المحكمة أن تعمل الأثر المترتب على ما أفصحت عنه من ذلك وهو القضاء ببراءة الطاعنة، أما وهي لم تفعل بل قضت على الرغم من ذلك بإدانة الطاعنة فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون. ولا يغير من ذلك ما قاله الحكم من ثبوت العلاقة الإيجارية بين الطاعنة وزوج المجني عليها ذلك بأن هذه العلاقة - بفرض صحة ما ذكره الحكم في شأن ثبوتها - إنما هي واقعة مستقلة تغاير تلك التي رفعت بها الدعوى موضوع هذا الطعن. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والحكم ببراءة الطاعنة.

الاثنين، 2 سبتمبر 2019

الطعن 702 لسنة 58 ق جلسة 12/ 5/ 1988 مكتب فني 39 ج 1 ق 106 ص 712

جلسة 12 من مايو سنة 1988
برئاسة السيد المستشار/ حسن جمعه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد أبو زيد ومصطفى طاهر نائبي رئيس المحكمة وحسن عميره وصلاح البرجي.
-------------
(106)
الطعن رقم 702 لسنة 58 القضائية
(1) اختصاص "الاختصاص الولائي" "تنازع الاختصاص". قانون "تفسيره".
قرار رئيس الجمهورية رقم 560 لسنة 1981 وأمر رئيس الجمهورية رقم 1 لسنة 1981 خلوهما وأي تشريع آخر من النص على إفراد محاكم أمن الدولة المشكلة وفقاً لقانون الطوارئ بالفصل وحدها في كافة الجرائم المبينة بهما. خلو أي منهما وأي تشريع آخر من النص على إفراد محاكم أمن الدولة بالاختصاص دون غيرها. أثر ذلك: بقاء اختصاص القضاء العادي بهذه الجرائم قائماً.
 (2)إثبات "بوجه عام" "شهود" "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تطابق الدليل القولي مع الدليل الفني. غير لازم. متى كان الجميع بينهما لا يستعصى على الملائمة والتوفيق.
(3) إثبات "خبرة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
متى لا تلتزم المحكمة بإجابة طلب استدعاء الخبير لمناقشته؟
(4) إثبات "إقرار". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
ماهية الإقرار القضائي وغير القضائي. تقدير صحته وقيمته في الإثبات. موضوعي.
 (5)إجراءات "إجراءات التحقيق" "إجراءات المحاكمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يجوز إثارته لأول مرة أمام النقض.
 (6)إثبات "بوجه عام". إكراه. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
دفاع الطاعن بأن أقواله أمام النيابة كانت وليدة إكراه أدبي. إثارته لأول مرة أمام النقض. غير مقبولة. علة ذلك؟
 (7)استجواب. إجراءات "إجراءات التحقيق". تحقيق "التحقيق بمعرفة النيابة".
جواز استجواب المتهم أو مواجهته بغير دعوة محاميه في حالتي التلبس والسرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة. تقدير ذلك للمحقق تحت رقابة محكمة الموضوع. أساس ذلك؟
(8) إثبات "بوجه عام" "شهود". إجراءات "إجراءات التحقيق". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على تصرف النيابة عدم سماع شهود. تعييب للإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يصح أن يكون سبباً للطعن.
(9) اشتراك. اتفاق. إثبات "بوجه عام". سبق إصرار. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
ثبوت سبق الإصرار في حق المتهمين. يستلزم بالضرورة توافر الاشتراك بالاتفاق بالنسبة لمن لم يقارف الجريمة بنفسه منهم.
(10) إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام المحكمة بتتبع المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي.
مثال.
---------------
1 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن قرار رئيس الجمهورية رقم 560 سنة 1981 بإعلان حالة الطوارئ وأمر رئيس الجمهورية رقم 1 لسنة 1981 بإحالة بعض الجرائم إلى محكمة أمن الدولة "طوارئ" ومنها الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر والقوانين المعدلة له قد خلا كلاهما، كما خلا أي تشريع آخر، من النص على إفراد محاكم أمن الدولة المشكلة وفق قانون الطوارئ بالفصل وحدها دون ما سواها في هذه الطائفة من الجرائم، وأن اختصاص هذه المحكمة الاستثنائية محصور في الفصل في الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام الأوامر التي يصدرها رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه، ولو كانت في الأصل مؤثمة بالقوانين المعمول بها وكذلك الجرائم المعاقب عليها بالقانون العام وتحال إليها من رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه وأن الشارع لم يسلب المحاكم صاحبة الولاية العامة شيئاً البتة من اختصاصها الأصيل الذي أطلقته الفقرة الأولى من المادة 15 من قانون السلطة القضائية الصادر به القانون رقم 46 لسنة 1972 المعدل ليشمل الفصل في الجرائم كافة - إلا ما استثنى بنص خاص وبالتالي يشمل هذا الاختصاص الفصل في الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل.
2 - من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني مع الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها وجه دقيق بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
3 - إن المحكمة لا تلتزم بإجابة طلب استدعاء الخبير لمناقشته ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها اتخاذ هذا الإجراء.
4 - من المقرر أن الإقرار في المسائل الجنائية بنوعيه - القضائي وغير القضائي - بوصفه طريقاً من طرق الإثبات إنما هو من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الإقرار المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه.
5 - من المقرر أن تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
6 - لما كان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن أحداً من الطاعنين قد تمسك أمام محكمة الموضوع بأن أقواله في تحقيق النيابة كانت وليدة إكراه أدبي فإنه لا يقبل منهم إثارة هذا النوع من الإكراه لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه ذلك من إجراء تحقيق تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة.
7 - إن المادة 124 التي أحالت إليها المادة 199 من قانون الإجراءات الجنائية إذ نصت على عدم استجواب المتهم أو مواجهته - في الجنايات - إلا بعد دعوة محاميه للحضور إن وجد فقد استثنت من ذلك حالتي التلبس والسرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة، وإذ كان تقدير هذه السرعة متروكاً للمحقق تحت رقابة محكمة الموضوع فما دامت هي قد أقرته عليه للأسباب السائغة التي أوردتها على النحو المتقدم ودللت بها على توافر الخوف من ضياع الأدلة فلا يجوز للطاعن الأول من بعد مصادرتها في عقدتها أو مجادلتها فيما انتهت إليه.
8 - لما كان ما ينعاه الطاعنون على تصرف النيابة من عدم سماع شهودهم لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم فإن النعي عليه بذلك يكون غير قويم.
9 - من المقرر أن مجرد إثبات سبق الإصرار على المتهمين يلزم عنه الاشتراك بالاتفاق بالنسبة لمن لم يقارف الجريمة بنفسه من المصرين عليها وليست المحكمة ملزمة ببيان وقائع خاصة لإفادة الاتفاق غير ما تبينه من الوقائع المفيدة لسبق الإصرار.
10 - من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بأن تتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد مستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم، فإن ما يثيره الطاعن الرابع في شأن عدم إمكان الفرار بالسيارة لعدم وجود سائق بها ولتعطلها لا يعدو أن يكون مجادلة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح وهو ما لا تقبل إثارته لدى محكمة النقض.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم: قتلوا....... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتله فأعدوا لذلك سلاحاً نارياً "مسدس" وترصدوا في المكان الذي أيقنوا تواجده فيه وما أن ظفروا به حتى عاجله المتهم الأول بأربعة أعيرة نارية فأرداه قتيلاً بينما وقف المتهمون الباقون على مسرح الجريمة يشدون من أزره ثم فروا هاربين. المتهم الأول أيضاً: ( أ ) أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً "مسدس". (ب) أحرز ذخيرة مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له في حيازته أو إحرازه. وأحالتهم إلى محكمة جنايات كفر الشيخ لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وادعت كل من...... و...... عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر و........ - أرامل المجني عليه - مدنياً قبل المتهمين متضامنين بأن يدفعوا لكل منهن مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات كفر الشيخ قضت حضورياً عملاً بالمواد 230، 231، 232 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 6، 26/ 2 - 5 من القانون رقم 394 لسنة 1954 والجدول رقم 3 الملحق بالقانون الأول مع تطبيق المادة 32/ 2 وإعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات لكل لما أسند إليهم وبإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد ودان الطاعن الأول أيضاً بجريمتي إحراز سلاح ناري وذخيرته بغير ترخيص قد شابه البطلان والخطأ في تطبيق القانون فضلاً عن القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ذلك بأنه صدر من محكمة جنايات عادية حالة أن الاختصاص بنظر الدعوى ينعقد لمحكمة أمن الدولة العليا المشكلة وفق قانون الطوارئ، هذا إلى أن الحكم أطرح دفاع الطاعنين بقيام التناقض بين الدليلين القولي والفني برد غير سائغ ولم تستجب المحكمة إلى طلب الدفاع مناقشة الطبيب الشرعي في هذا الخصوص، كما عول الحكم في قضائه على إقرار الطاعنين الثاني والرابع في التحقيقات رغم تمسك الدفاع بأنه كان وليد إكراه وقع عليهما تخلف عنه إصابات بثانيهما وأمسكت النيابة العامة عن إثبات إصاباتهما استناداً إلى دليل فني وببطلان أقوال الطاعنين جميعاً للإدلاء بها تحت تأثير التهديد والوعيد من رجال الشرطة وببطلان مواجهة الطاعن الأول بالشهود لعدم دعوة محاميه الثابت حضوره معه منذ بدء التحقيق ومع ذلك فلم تعن المحكمة بتحقيق هذا الدفاع وردت على الدفعين بما لا يصلح رداً يضاف إلى ذلك أن النيابة العامة لم تحفل بطلب الطاعنين سماع شهود النفي وأخيراً فإن الحكم لم يدلل على مساهمة الطاعن الرابع في الجريمة باستظهار علمه بها وقصد الاشتراك فيها وأعرض عن دفاعه بعدم إمكان الفرار بالسيارة بعد وقوع الحادث لعدم وجود سائق بها وتعطلها نتيجة تفريغ إطاراتها، وكل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد وإحراز سلاح ناري وذخيرته بغير ترخيص التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة مستقاة من أقوال شاهدي الرؤية وأقوال ضابط المباحث وتحرياته ومن إقرار الطاعنين الثاني والرابع بالتحقيقات ومما دل عليه تقرير الصفة التشريحية وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن قرار رئيس الجمهورية رقم 560 سنة 1981 بإعلان حالة الطوارئ، وأمر رئيس الجمهورية رقم 1 لسنة 1981 بإحالة بعض الجرائم إلى محاكم أمن الدولة "طوارئ" ومنها الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر والقوانين المعدلة له قد خلا كلاهما، كما خلا أي تشريع آخر، من النص على إفراد محاكم أمن الدولة المشكلة وفق قانون الطوارئ بالفصل وحدها - دون ما سواها - في هذه الطائفة من الجرائم، وأن اختصاص هذه المحكمة الاستثنائية محصور في الفصل في الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام الأوامر التي يصدرها رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه، ولو كانت في الأصل مؤثمة بالقوانين المعمول بها وكذلك الجرائم المعاقب عليها بالقانون العام وتحال إليها من رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه وأن الشارع لم يسلب المحاكم صاحبة الولاية العامة شيئاً البتة من اختصاصها الأصيل الذي أطلقته الفقرة الأولى من المادة 15 من قانون السلطة القضائية الصادر به القانون رقم 46 لسنة 1972 المعدل ليشمل الفصل في الجرائم كافة - إلا ما استثنى بنص خاص وبالتالي يشمل هذا الاختصاص الفصل في الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل ومن ثم فإن النعي بصدور الحكم من محكمة غير مختصة يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما أثاره الدفاع من قيام تعارض بين الدليلين القولي والفني وطلب مناقشة الطبيب الشرعي في هذا الخصوص ورد عليه بقوله "أن رواية شاهدي الواقعة في التحقيقات قد اتفق مدلولها وما خلص إليه تقرير الصفة التشريحية وبما لا يتلاءم مع ما خلصت إليه المحكمة بشأن الصورة الحقيقية للحادث وموقف الضارب للمجني عليه ولا ترى ثمة تعارضاً فيما أورداه بروايتهما من إصابته في وجهه بعد أن صرعته الرصاصة الأولى وألقت به أرضاً على ظهره فبدا وجهه أمام الجاني فوجه إليه باقي الطلقات وهو على هذا الوضع بما لا يتنافى مع ما ورد بتقرير الصفة التشريحية من أن الضارب كان أمام المجني عليه وتضحى دعوى التناقض بين هذين الدليلين القولي والفني على غير سند بغير حاجة إلى خبرة فنية خاصة بما تطرح معه المحكمة طلب مناقشة الطبيب الشرعي في هذا الخصوص إذ تطمئن إلى جوهر ومضمون كل من الدليلين وما استخلصته منهما دون تناقض بينهما". وإذ كان هذا الذي رد به الحكم كافياً ويسوغ به رفض طلب مناقشة الطبيب الشرعي طالما أن المحكمة قد أوضحت انتفاء الخلاف المدعي بين الدليلين القولي والفني ولم تجد هي تعارضاً بين هذين الدليلين يبرر إجابة هذا الطلب لما هو مقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني مع الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، ومن أن المحكمة لا تلتزم بإجابة طلب استدعاء الخبير لمناقشته ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها اتخاذ هذا الإجراء فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله.
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد تصدى للرد على دفاع الطاعنين الثاني والرابع وببطلان إقرارهما في التحقيقات لصدوره تحت تأثير الإكراه المادي بقوله "كما تلتفت المحكمة عما لاذ به المتهمان الثالث وصحته الثاني والرابع من زعم الإكراه المدعي وقوعه عليهما لحملهما على الإدلاء بأقوالهما وعلى خلاف البادي من الأوراق فقد أدليا بها أمام وكيل النيابة المحقق طواعية واختياراً وبإرادة حرة واعية وقصداً إلى قولتهما دون ما شائبة من إكراه عليهما أو ضغط دفعهما إليهما على أي نحو، وليس من صلة سببية بين ما وجد بعد ذلك بالمتهم الرابع من إصابات لم تكن به عند مناظرة المحقق له وبين ما أدلى به من أقوال تطمئن المحكمة إلى سلامتها ومطابقة مضمونها للحقيقة والواقع تعتد بجوهرها وما استخلصته منها وسائر أدلة الدعوى ومؤداها مقارفة المتهمين الأربعة للجرم المسند إليهم". وإذ كان الإقرار في المسائل الجنائية بنوعيه - القضائي وغير القضائي - بوصفه طريقاً من طرق الإثبات إنما هو من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الإقرار المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه وكانت المحكمة قد تحققت - للأسباب السائغة التي أوردتها على النحو المتقدم بيانه - من أن إقرار الطاعنين الثاني والرابع بالوقائع التي أدليا بها في التحقيقات سليم مما يشوبه واطمأنت إلى مطابقته للحقيقة والواقع فلا تثريب عليها إذ هي عولت عليه بالإضافة إلى سائر الأدلة والقرائن التي ساقتها في حكمها، وإذ كان من المقرر أن تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض وكان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن أحداً من الطاعنين الثاني والرابع لم يثر شيئاً عما يدعيه من قعود النيابة العامة عن تحقيق إصابتهما ولم يطلب من المحكمة اتخاذ إجراء في هذا الشأن فضلاً عن أن الحكم قد عرض لإصابة الطاعن الرابع وأثبت للأسباب السائغة التي أوردها عدم صلتها بالأقوال التي أدلى بها في تحقيق النيابة فلا يقبل منهما إثارة شيء من ذلك أمام محكمة النقض.
لما كان ذلك، وكان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن أحداً من الطاعنين قد تمسك أمام محكمة الموضوع بأن أقواله في تحقيق النيابة كانت وليدة إكراه أدبي فإنه لا يقبل منهم إثارة هذا النوع من الإكراه لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه ذلك من إجراء تحقيق تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفع الطاعن الأول ببطلان مواجهته بالشهود لعدم دعوة محاميه ورد عليه بقوله "الثابت من الاطلاع على الأوراق أن المتهم الأول مثل أمام المحقق في يوم....... لأول مرة ومعه محاميان حضرا في أثناء استجوابه كما جرت مواجهته بالمتهمين الثاني والرابع في حضور محامين كذلك ولئن تمت مواجهته من بعد بشاهدين دون دعوة محاميه فمرده إلى ما قدره المحقق وترى معه أن الأمر كان يحتم الإسراع في إجرائها خشية من تردد الشاهدين أو عدولهما مما قد يعرض الدليل للضياع فكان تصرف المحقق لضرورة يقتضيها صالح التحقيق ولا مخالفة فيه". فإن هذا الذي أورده الحكم صحيح في القانون وسائغ في الرد على الدفع ذلك بأن المادة 124 التي أحالت إليها المادة 199 من قانون الإجراءات الجنائية إذ نصت على عدم استجواب المتهم أو مواجهته - في الجنايات - إلا بعد دعوة محاميه للحضور إن وجد فقد استثنت من ذلك حالتي التلبس والسرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة، وإذ كان تقدير هذه السرعة متروكاً للمحقق تحت رقابة محكمة الموضوع فما دامت هي قد أقرته عليه للأسباب السائغة التي أوردتها على النحو المتقدم ودللت بها على توافر الخوف من ضياع الأدلة فلا يجوز للطاعن الأول من بعد مصادرتها في عقيدتها أو مجادلتها فيما انتهت إليه، هذا فضلاً عن أنه لم يزعم أن اسم محاميه كان قد أعلن بالطريق الذي رسمته المادة 124 سالفة الذكر سواء بتقرير في قلم كتاب المحكمة أم إلى مأمور السجن وهو مناط الاستفادة من حكمها ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعنون على تصرف النيابة من عدم ساع شهودهم لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم فإن النعي عليه بذلك يكون غير قويم. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت في حق الطاعنين - وتربطهم صلة القربى - اتفاقهم على قتل المجني عليه أخذاً بالثأر لاتهامه بقتل والد الطاعن الأول وأعدوا لذلك خطة تنفيذ الجريمة بتسلح الطاعن الأول بمسدس وعندما علموا بوجود المجني عليه ببلدة سيدي سالم توجهوا إليها بسيارة الطاعن الرابع حيث كمنوا بينما توجه الطاعن الثاني للبحث عن المجني عليه حتى ظفروا به واقفاً أمام متجر الشاهد الأول فأخبر الطاعن الأول بمكانه الذي خف إليه وأطلق عليه أربعة أعيرة نارية وأسرع والطاعن الثاني إلى السيارة وفروا جميعاً بها من مكان الحادث، ودلل الحكم على توافر ظرفي سبق الإصرار والترصد في حق الطاعنين بما ينتجه من وجوه الأدلة السائغة - بما لا مطعن عليه من الطاعن الرابع في هذا الخصوص - وكان من المقرر أن مجرد إثبات سبق الإصرار على المتهمين يلزم عنه الاشتراك بالاتفاق بالنسبة لمن يقارف الجريمة بنفسه من المصرين عليها وليست المحكمة ملزمة ببيان وقائع خاصة لإفادة الاتفاق غير ما تبينه الوقائع المفيدة لسبق الإصرار وكان الحكم قد أثبت تصميم المتهمين على قتل المجني عليه فإن ذلك يرتب تضامناً في المسئولية يستوي في ذلك أن يكون الفعل الذي قارفه كل منهم محدداً بالذات أو غير محدد وبصرف النظر عن مدى مساهمة هذا الفعل في النتيجة المترتبة عليه، هذا إلى أن ما أثبته الحكم كاف بذاته للتدليل على اتفاق الطاعن الرابع مع باقي الطاعنين على قتل المجني عليه من معيتهم في الزمان والمكان ووقع الصلة بينهم إذ تربطهم صلة القربى وصدور الجريمة عن باعث واحد هو الأخذ بالثأر واتجاههم وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهم قَصَدَ قصْد الآخر في إيقاعها بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه وهو ما لم يقصر الحكم في استظهاره فإن النعي عليه من الطاعن الرابع بالقصور في التدليل على مساهمته في الجريمة ونية تدخله في مقارفتها يكون في غير محله، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بأن تتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد مستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم، فإن ما يثيره الطاعن الرابع في شأن عدم إمكان الفرار بالسيارة لعدم وجود سائق بها ولتعطلها لا يعدو أن يكون مجادلة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح وهو ما لا تقبل إثارته لدى محكمة النقض. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 622 لسنة 58 ق جلسة 12/ 5/ 1988 مكتب فني 39 ج 1 ق 105 ص 707

جلسة 12 من مايو سنة 1988
برئاسة السيد المستشار/ حسن جمعه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد أبو زيد ومصطفى طاهر نائبي رئيس المحكمة وحسن عميرة وصلاح البرجي.
------------
(105)
الطعن رقم 622 لسنة 58 القضائية
 (1)أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". دفوع "الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن ما يقبل منها".
متى يتوافر حق الدفاع الشرعي في حالة التشاجر بين فريقين؟
 (2)أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". دفوع "الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". ضرب "أفضى إلى الموت".
إغفال الحكم في رده على الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي الإشارة إلى إصابات الطاعن التي اتهم أحد المجني عليهما بإحداثها. وعدم تعرضه لاستظهار الصلة بين الاعتداء الواقع على الطاعن والاعتداء الواقع منه وأيهما كان الأسبق. وأثر ذلك في قيام الدفاع الشرعي وانتفائه. قصور.
----------
1 - من المقرر أن التشاجر بين فريقين إما أن يكون اعتداء من كليهما ليس فيه من مدافع حيث تنتفي مظنة الدفاع الشرعي عن النفس وإما أن يكون مبادأة بعدوان فريق ورداً له من الفريق الآخر فتصدق في حقه حالة الدفاع الشرعي عن النفس.
2 - الحكم حين أفصح عن اقتناعه بعدم صحة هذا الدفاع بقوله أنه ليس في الأوراق ما يقطع بمبادأة المجني عليهما بالعدوان وأنه أثناء تماسك الفريقين اعتدى الطاعن على المجني عليهما قد أغفل كلية الإشارة إلى الإصابات التي حدثت بالطاعن والتي اتهم بإحداثها المجني عليه الثاني ولم يرد بشيء على ما ذكره محامي الطاعن في مرافعته من أن المجني عليه الأول وفريقه قدموا إلى محله واعتدوا عليه وأحدث به المجني عليه الثاني عدة إصابات وأمرت النيابة بنسخ صورة من الأوراق عن واقعة إصاباته قيدت برقم جنحة وقضى فيها بإدانة المجني عليه الثاني كما لم يتعرض الحكم لاستظهار الصلة بين هذا الاعتداء الذي وقع على الطاعن والاعتداء الذي وقع منه وأي الاعتداءين كان الأسبق وأثر ذلك في قيام أو عدم قيام حالة الدفاع الشرعي لديه، فإن الحكم يكون قاصر البيان مما يوجب نقضه والإحالة.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه 1 - قتل....... عمداً بأن طعنه بآلة حادة (سكين) في بطنه وصدره قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابتين الموصوفتين بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. 2 - ضرب...... بالسلاح الأبيض المبين بوصف التهمة الأولى فأحدث به الإصابات المبينة بالأوراق والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة لا تزيد على عشرين يوماً. 3 - أحرز سلاحاً أبيض (سكين) دون أن يكون هناك مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية لإحرازه أو حمله. وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعت....... بصفتها وصية على أولادها القصر وكذا ورثته مدنياً قبل المتهم بمبلغ خمسين ألف جنيه على سبيل التعويض. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بالمواد 236/ 1، 241، 242 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25/ 1، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند 11 من الجدول رقم 1 الملحق مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات أولاً: - في الدعوى الجنائية بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه مائة جنيه عما هو منسوب إليه وبمصادرة السكين المضبوط باعتبار أن التهمة الأولى المسندة إليه هي الضرب المفضي إلى الموت. ثانياً: - بالنسبة للدعوى المدنية بإحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.

المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الضرب المفضي إلى الموت والضرب البسيط بآلة وإحراز سلاح أبيض دون مسوغ لإحرازه أو حمله قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك بأن الطاعن تمسك بقيام حالة الدفاع الشرعي لديه إذ أن المجني عليهما اقتحما محله للاعتداء عليه وحين تصدى لهما لمنعهما اعتديا عليه وأحدث به المجني عليه الثاني عدة إصابات أثبتها الكشف الطبي وأمرت النيابة العامة بنسخ صورة من الأوراق - خصصتها لواقعة إصابته بيد أن الحكم رد على هذا الدفاع بما لا يصلح رداً حيث لم يعرض لإصابات الطاعن ولم يستظهر الصلة بين الاعتداء الذي وقع عليه والاعتداء الذي وقع منه وأثر ذلك في قيام حالة الدفاع الشرعي مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى والأدلة على ثبوتها في حق الطاعن عرض لدفاعه القائم على أنه كان في حالة دفاع شرعي عن النفس ورد عليه بقوله "إن المحكمة تطرح ذلك الدفع إذ ليس في الأوراق ما يدل دلالة قاطعة على أن المجني عليهما البادئين بالاعتداء وأن المتهم كان في حالة دفع لهذا الاعتداء وإنما نشأ الحادث من فوره بين أطرافه تماسكاً وأثناء ذلك اعتدى المتهم على المجني عليهما بسكين على نحو ما سلف عرضه ومن ثم فإن حالة الدفاع الشرعي بشرائطها المنصوص عليها في المادة 245 وما بعدها من قانون العقوبات لا تتوافر في الدعوى ومن ثم فإنه يتعين طرح هذا الدفع". لما كان ذلك، وكان الثابت من الاطلاع على المفردات المضمومة تحقيقاً لوجه الطعن أن الطاعن وجدت به عدة إصابات بفروة الرأس والوجه ومنطقة الكتف أثبتها التقرير الطبي الموقع عليه وأمرت النيابة العامة بنسخ صورة من التحقيقات خصصتها عن واقعة إصابته ونسبت إحداثها إلى المجني عليه الثاني.......، وكان من المقرر أن التشاجر بين فريقين إما أن يكون اعتداء من كليهما ليس فيه من مدافع حيث تنتفي مظنة الدفاع الشرعي عن النفس وإما أن يكون مبادأة بعدوان فريق ورداً له من الفريق لآخر فتصدق في حقه حالة الدفاع الشرعي عن النفس. وكان ما قاله الحكم فيما تقدم لا يصلح رداً لنفي ما أثاره الطاعن من أنه كان في حالة دفاع شرعي عن نفسه، ذلك أن الحكم حين أفصح عن اقتناعه بعدم صحة هذا الدفاع بقوله أنه ليس في الأوراق ما يقطع بمبادأة المجني عليهما بالعدوان وأنه أثناء تماسك الفريقين اعتدى الطاعن على المجني عليهما قد أغفل كلية الإشارة إلى الإصابات التي حدثت بالطاعن والتي اتهم بإحداثها المجني عليه الثاني ولم يرد بشيء على ما ذكره محامي الطاعن في مرافعته من أن المجني عليه الأول وفريقه قدموا إلى محله واعتدوا عليه وأحدث به المجني عليه الثاني عدة إصابات وأمرت النيابة بنسخ صورة من الأوراق عن واقعة إصابته قيدت برقم جنحة وقضى فيها بإدانة المجني عليه الثاني كما لم يتعرض الحكم لاستظهار الصلة بين هذا الاعتداء الذي وقع على الطاعن والاعتداء الذي وقع منه وأي الاعتداءين كان الأسبق وأثر ذلك في قيام أو عدم قيام حالة الدفاع الشرعي لديه، فإن الحكم يكون قاصر البيان مما يوجب نقضه والإحالة وذلك بغير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.