جلسة 28 من أكتوبر سنة 1991
برئاسة السيد المستشار: زكى إبراهيم المصري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: د. رفعت عبد المجيد، عبد الرحيم صالح نائبي رئيس المحكمة، علي محمد علي ود. حسن بسيوني.
---------------
(240)
الطعن رقم 1678 لسنة 53 القضائية
(1، 2) دعوى "سقوط الخصومة" "انقضاء الخصومة". تجزئة.
(1) إجراءات طلب الحكم بسقوط الخصومة. م 136 مرافعات. سريانها على طلب الحكم بانقضائها بمضي المدة. علة ذلك. جواز تقديم الطلب إلى المحكمة المقام أمامها الخصومة بالأوضاع المعتادة لرفع الدعوى أو بطريق الدفع. مفاده. عدم اعتبار دعوى انقضاء الخصومة دعوى أصلية يتعين رفعها أمام محكمة أول درجة.
(2) الخصومة فيما يتعلق بسقوطها أو انقضاؤها. قابليتها للتجزئة عند تعدد المدعى عليهم. م 136/ 3 مرافعات. شرطه. قابلية الدعوى للتجزئة. عدم قابلية الدعوى للتجزئة. أثره. سقوط أو انقضاء الخصومة بالنسبة لبعض المدعى عليهم يستتبع سقوطها أو انقضاؤها بالنسبة للباقين.
3 - دعوى "وقف الدعوى" "الوقوف التعليقي". تقادم "وقف التقادم" .
الوقف التعليقي. حكم قطعي. اعتباره عذراً مانعا منً مباشرة الخصومة الموقوفة. مؤداه. وقف سريان تقادم الخصومة من وقت صدوره حتى يتم تنفيذ ما قضى به. مخالفة ذلك. أثره.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم 404 لسنة 77 تجاري شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلزام الشركة الطاعنة والمطعون ضدهما الآخرين بصفتيهما بشطب عبارة "كي تورز" من لافته وكافة أوراق الشركة التي يمثلها الطاعن ومن صحائف السجل التجاري مع نشر الحكم بصحيفتين يوميتين، وقالت بياناً لها أنها سجلت تلك العبارة كعلامة تجارية وصدر عنها شهادة التسجيل الدولي للعلامات التجارية بمدينة جينيف بسويسرا بتاريخ 3/ 7/ 1970 تحت فئة 39 الخاصة بالخدمات والنشاط السياحي والرحلات ويشمل نطاق استخدامها لهذه العلامة عدداً من الدول منها جمهورية مصر العربية، وإذ فوجئت باستخدام الشركة الطاعنة لهذه العلامة وفي ذات النشاط ثم قامت بتسجيلها واستصدرت ترخيصاً من وزارة السياحة بها تحت رقم 177 بتاريخ 16/ 2/ 1977 الأمر الذي أصابها بضرر من جراء ذلك أثر على نشاطها وسمعتها فقد أقامت الدعوى للقضاء بطلباتها آنفة البيان، وبتاريخ 28 يونيه سنة 1978 أجابت محكمة أول درجة الشركة المطعون ضدها الأولى إلى طلباتها، استأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 524 لسنة 95 قضائية، وبجلسة 26 ديسمبر سنة 1979 حكمت المحكمة بوقف نظر الاستئناف إلى حين الفصل في الاستئناف رقم 372 لسنة 96 قضائية المردد بين نفس الخصوم والذي يدور حول ما إذا كانت الشركة المطعون ضدها الأولى ما زالت تستعمل العلامة المتنازع عليها منذ تسجيلها في مصر وحتى نظر الدعوى أم لم تستخدمها منذ خمس سنوات سابقة على رفعها. وبعد أن عجلت الشركة الطاعنة الاستئناف قضت المحكمة بتاريخ 8 من مايو سنة 1983 بانقضاء الخصومة، طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد من وجهين ينعى الطاعن بالوجه الأول منه على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إنه حكم بانقضاء الخصومة في الاستئناف بناءً على دفع وجه من المطعون ضدها الأولى إلى الشركة الطاعنة دون باقي المطعون ضدهم في حين أنه ما كان على الحكم أن يقبل هذا الدفع لوجوب أن يلجأ من له حق التمسك به إلى طريق الدعوى المبتدأة قبل تعجيل الدعوى الموقوفة من الوقف، فضلاً عن أن حق الشركة المطعون ضدها الأولى في التمسك بالانقضاء قد سقط لسابقة تقديمها مذكرة بدفاعها في الموضوع.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأن النص في المادة 136 من قانون المرافعات على أنه "يقدم طلب الحكم بسقوط الخصومة إلى المحكمة المقامة أمامها الدعوى المطلوب إسقاط الخصومة فيها بالأوضاع المعتادة لرفع الدعوى. ويجوز التمسك بسقوط الخصومة في صورة دفع إذا عجل المدعي دعواه بعد انقضاء السنة. ويكون تقديم الطلب أو الدفع ضد جميع المدعين أو المستأنفين وإلا كان غير مقبول" الوارد في الفصل الثالث من الباب السابع من قانون المرافعات والمعنون سقوط الخصومة وانقضائها بمضي المدة يسري حكمه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على طلب انقضاء الخصومة بمضي المدة سواءً كانت الخصومة أمام محكمة أول درجة أم كانت أمام محكمة الاستئناف، ذلك أن طلب السقوط أو الانقضاء كلاهما في الواقع دعوى ببطلان إجراءات الخصومة ومن ثم أجاز المشرع تقديمه إلى المحكمة المقامة أمامها الخصومة إما بالأوضاع المعتادة لرفع الدعاوى أو بطريق الدفع إذا عجلت بعد انقضاء المدة المقررة ويستتبع ذلك حتماً عدم اعتبار دعوى انقضاء الخصومة دعوى أصلية يتعين رفعها ابتداءً أمام محكمة أول درجة، هذا ولئن وردت الفقرة الثالثة من النص خالية من العبارة الأخيرة من المادة 303 من قانون المرافعات السابق التي كانت تنص على أنه "وإذا قدمه الخصوم استفاد منه الباقون" وهي تفيد أن الخصومة فيما يتعلق بسقوطها أو انقضاؤها تعتبر وحده لا تتجزأ ولو كان موضوعها قابلاً للتجزئة بطبيعته، مما مؤداه أن الخصومة بالنسبة لإسقاطها أو انقضائها أصبحت بمقتضى النص الحالي قابلة للتجزئة عند تعدد المدعى عليهم غير أن ذلك لا يتصور إلا إذا كان موضوع الدعوى قابلاً للتجزئة، أما إذا كان الموضوع غير قابل للتجزئة فإن سقوط أو انقضاء الخصومة بالنسبة لبعض المدعى عليهم يستتبع سقوطها أو انقضاؤها بالنسبة للباقين، لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضدها الأولى تمسكت أمام محكمة الاستئناف بانقضاء الخصومة فيه قبل أن تبدى ثمة دفع أو دفاع وكان موضوعها هو طلب الحكم بشطب عبارة "كي تورز" من لافتة الشركة الطاعنة وكافة أوراقها ومن صحيفة السجل التجاري الخاص بها مما مؤداه أن موضوعها غير قابل للتجزئة، فإن الحكم المطعون فيه إذ تصدى إلى الدفع المبدى من الشركة المطعون ضدها الأولى وقضى بقبوله بالنسبة لجميع المستأنف ضدهم يكون قد صادف صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن حاصل الوجه الثاني أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون إذ بنى قضاءه بانقضاء الخصومة في الاستئناف على عدم قيام الشركة الطاعنة بتعجيله خلال الثلاث سنوات التالية للحكم بوقف السير فيه حتى يفصل في الاستئناف رقم 372 لسنة 76 ق القاهرة، في حين أن تعجيل تلك الخصومة قبل الفصل في المسألة الأولية التي أوقفت الخصومة من أجلها يجعل الإجراء غير مجد.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك بأن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تعليق أمر الفصل في الدعوى حتى يتم حسم مسألة أخرى ترى المحكمة ضرورة الفصل فيها أولاً والحكم بوقف الدعوى لهذا السبب، يجعل حكم الوقف هذا قطعياً فيما تضمنه من عدم جواز الفصل في موضوع الدعوى قبل تنفيذ مقتضاه بحيث يمتنع على المحكمة معاودة نظر الدعوى قبل أن يقدم لها الدليل على تمام تنفيذ ما قضى به ذلك الحكم باعتبار أن من شأن حكم الوقف التعليقي هذا أن يتعذر على المدعي أو المستأنف - حسب الأحوال - مباشرة الخصومة الموقوفة ويؤدي إلى وقف سريان تقادمها طوال المدة من وقت صدوره إلى حين تمام تنفيذ ما أمر به ومخالفة ذلك تجعل الإجراء عقيماً إذ سيلقى مصيره الحتمي بعدم قبول المحكمة السير في إجراءات الخصومة ما دام المانع قائماً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قضى بانقضاء الخصومة في الاستئناف بمجرد مضي ثلاث سنوات على تاريخ الحكم بالإيقاف التعليقي أثر تعجيل الشركة الطاعنة له دون أن يعنى ببحث ما إذا كان سبب الوقف قد زال وتاريخ ذلك فإنه يكون - فضلاً عن قصوره - قد أخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه.