جلسة 4 من إبريل سنة 2005
برئاسة
السيد المستشار / أمين عبد العليم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين
/ د/ وفيق الدهشان ، حسن أبو المعالي ، مصطفى
صادق
نواب رئيس المحكمة وخالد مقلد.
----------
(36)
الطعن 19775 لسنة 74 ق
(1) إثبات " بوجه عام " . شروع . جريمة " أركانها " . قصد
جنائي . تقليد . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل . حكم " تسبيبه
. تسبيب غير معيب " .
الشروع في مفهوم حكم
المادة 45 عقوبات . ماهيته ؟
لا يشترط لتحقق
الشروع أن يبدأ الفاعل تنفيذ جزء من الأعمال المكونة للركن المادي للجريمة . كفاية أن يبدأ في تنفيذ فعل
ما سابق مباشرة على تنفيذ الركن المادي لها ومؤدى إليه حتماً لاعتباره شارعاً في
ارتكاب جناية أو جنحة . متى كان قصد الفاعل معلوماً وثابتاً . مؤدى ذلك ؟
تقدير العوامل التي
أدت إلى وقف الفعل الجنائي أو خيبة أثره وكون الأسباب التي من أجلها لم تتم الجريمة هي إرادية أم
خارجة عن إرادة الجاني . موضوعي . التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر . صحيح .
مثال لتسبيب سائغ لحكم
صادر بالإدانة في جريمة تقليد عملة ورقية .
(2) إثبات " خبرة " . تقليد . جريمة " أركانها " . حكم "
تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
التشابه بين العملة
المقلدة والصحيحة بما يجعلها مقبولة في التعامل على نحو من شأنه أن يخدع الناس .
كاف للعقاب على جريمة تقليد الأوراق المالية .
إغفال الحكم التعرض
لأوجه الشبه بين العملة الصحيحة والمقلدة . لا يعيبه . متى أثبت أن الأوراق
المقلدة من شأنها أن ينخدع الناس بها .
مثال .
(3) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير
جدية التحريات" . استدلالات . تسجيل المحادثات . تفتيش " إذن التفتيش .
إصداره " .
تقدير جدية التحريات
وكفايتها لإصدار إذن التسجيل والضبط والتفتيش . موضوعي . المجادلة في ذلك أمام محكمة
النقض . غير جائزة .
(4) مأمورو الضبط القضائي "
سلطاتهم " . استدلالات . إجراءات " إجراءات التحقيق " .
تولى رجل الضبط
القضائي بنفسه مراقبة الأشخاص المتحرى عنهـم . غير لازم . له الاستعانة فيما يجريه
من تحريات بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه بالجرائم
.
بقاء شخصية المرشد
غير معروفة وعدم إفصاح مأمور الضبط عنها . لا يعيب الإجراءات . النعي على الحكم في
هذا الشأن . غير مقبول .
(5) دفوع " الدفع ببطلان إذن
التفتيش " . بطلان . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
إثارة أساس جديد
للدفع ببطلان إذن القبض والتفتيش لأول مرة أمام محكمة النقض . غير مقبول . ما لم
يكن قد أثير أمام محكمة الموضوع أو كانت مدونات الحكم ترشح لقيامه . علة ذلك ؟
مثال .
(6) تقليد . شروع . جريمة " أركانها
" . ترويج عملة . قصد جنائي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب "
.
جريمة الشروع في
تقليد الأوراق المالية . تحققها : بقيام الجاني بطبع هذه الأوراق بما استعمله من
آلة الطباعة وبما استخدمه من أدوات ومداد ومواد أخرى . ولو كان هناك نقص أو عيوب
في التقليد .
جريمة الشروع في تقليد
عملة بقصد الترويج . تستلزم قصداً خاصاً . هو نية دفعها للتداول . وجوب استظهار
المحكمة له . عدم التزامها بإثباته في حكمها على استقلال . متى كان ما أوردته يكشف
بذاته عن ذلك القصد . التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر . صحيح .
مثال لتسبيب سائغ للرد
على الدفع بانتفاء القصد الجنائي في جريمة شروع في تقليد عملة ورقية بقصد الترويج
.
(7) تقليد . محكمة الموضوع "
سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها "
.
نعي الطاعن بعدم
كفاية الأدوات المضبوطة بحانوت الشاهد لتقليد العملة وأنها مما تحويه كافة المنازل
عادة . جدل موضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .
(8) إثبات " بوجه عام " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره
". حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ".
عدم
التزام محكمة الموضوع بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة
يثيرها . استفادة الرد من أدلة الثبوت التي يوردها الحكم . مفاد ذلك : اطراحه .
مثال
.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - لما كان الحكم المطعون فيه
قد حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أن التحريات السرية التي أجراها المقدم .....
رئيس قسم الأموال العامة قد أسفرت على صحة البلاغ المقدم به كل من ...... و.......بقيام
الطاعن بعرض تقليد عملات وطنية بفئاتها المختلفة باستخدام جهاز وألة طبع كمبيوتر
ودفعها للتداول بمعرفته مقابل حصول كل منهم على نسبة من حصيلة ترويج تلك العملات
المقلدة ، فاستصدر إذن من القاضي الجزئي بمحكمة بورسعيد الكلية بتسجيل المحادثات
الهاتفية التي تدور بين المبلغين والطاعن عبر الهواتف التي أثبت أرقامها في محضر جمع
الاستدلالات وقد تبين لـه من تسجيل هذه المحادثات اتفاقهم على اللقاء وتوفير الورق
اللازم لتقليد العملة والأحبار وفئات العملة التي يتم تقليدها وقيام الطاعن
بإملاء المبُلغ الأول أرقام عملة ورقية فئة العشرون جنيهاً وأخرى فئة الخمسة
جنيهات وكيفية ترويج تلك العملات بعد تقليدها والمقابل الذى يحصل عليه كل منهم من
حصيلة الترويج ، وأنه قد تحدد مساء يوم 3/2/2003 لاجتماعهم ، وبناء على ذلك فقد
انتدب المأذون لـه الرائد .... بتنفيذ الإذن فقام بتجهيز المبُلغ الأول
بالأجهزة الفنية الخاصة بالتسجيل وتقابل الطاعن مع المبُلغ الثاني في المكان
المتفق عليه واصطحبه إلى الحانوت المملوك للمبُلغ الأول وهناك قام الضابط بضبط
الطاعن حال قيامه باستخدام جهاز الكمبيوتر والطباعة الملونة في تقليد العملات
وبتفتيشه لـه عثر معه على مبلغ قدره خمسة وعشرون جنيهاً وتحمل ذات الأرقام التي أثبتت
في محضر جمع الاستدلالات كما تمكن من ضبط إحدى وعشرون ورقة مالية فئة المائة جنيه
منها ورقة واحدة كاملة الوجه والظهر وعدد خمس ورقات للوجه فقط وعدد خمس ورقات
للظهر فقط كما تم ضبط عدد ثماني ورقات مالية مقلدة فئة العشرون جنيهاً تحمل ذات
الأرقام ، كما تم ضبط عدد سبعة ورقات مالية مقلدة فئة الخمسة جنيهات منها ثلاثة
ورقات كاملة للوجه والظهر وعدد أربعة ورقات للوجه فقط كما تمكن من ضبط الأسطوانة
المدمجة من وحدة التحكم فيها وجهاز الكمبيوتر بالكامل والطابعة الملونة ، ثم أورد
الحكم أدلة الثبوت التي استمد منها ثبوت الواقعة في حق الطاعن من أقوال شهود
الإثبات ومما ثبت من تقرير أبحاث التزييف والتزوير ومما جاء بتقرير خبير الأصوات
بالإذاعة ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها، وخلص منها
إلى إدانة الطاعن بجريمة الشروع في تقليد عملات ورقية مالية محلية . لما كان ذلك ،
وكانت المادة 45 من قانون العقوبات قد عرفت الشروع بأنه " البدء في تنفيذ فعل
بقصد ارتكاب جناية أو جنحة إذا أوقف أو خاب أثره لأسباب لا دخل لإرادة الفاعل فيها
، فلا يشترط لتحقق الشروع أن يبدأ الفاعل بتنفيذ جزء من الأعمال المكونة للركن
المادة للجريمة بل يكفي لاعتبار أنه شرع في ارتكاب جريمة - جناية أو جنحة - أن
يبدأ في تنفيذ فعل ما سابق مباشرة على تنفيذ الركن المادي لها ومؤد إليه حتماً ،
وبعبارة أخرى يكفي أن يكون الفعل الذى باشره الجاني هو الخطوة الأولى في سبيل
ارتكاب الجريمة وأن يكون بذاته مؤدياً حالاً ومن طريق مباشر إلى ارتكاب الجريمة ما
دام قصد الجاني من هذا الفعل معلوماً وثابتاً ، وكان من المقرر أن تقدير العوامل
التي أدت إلى وقف الفعل الجنائي أو خيبة أثره ، وكون الأسباب التي من أجلها لم تتم
الجريمة هي إرادية أو خارجة عن إرادة الجاني هو أمر متعلق بالوقائع يفصل فيه قاضى الموضوع
، وكان الثابت من الحكم - على السياق المتقدم - أن الطاعن عقد العزم وأعد عدته
لتقليد العملات الورقية المحلية وقد أبدى هذه الرغبة للشاهدين الأول والثاني فأعدا
لـه جهاز الكمبيوتر والطباعة الملونة بينما قام هو بإعداد الأوراق والأحبار
اللازمة وأنه حال قيامه بطباعة الأوراق المالية من عملات محلية مختلفة تم القبض
عليه ، فإن ما خلص إليه الحكم من تحقق أركان هذه الجريمة ، وأن الطاعن لم يعدل
إرادياً عن ارتكابها بل كان ذلك لسبب خارج عن إرادته يكون قد أصاب صحيح القانون ،
ويكون منعى الطاعن على الحكم في هذا الخصوص غير سديد .
2 - من المقرر أنه يكفى للعقاب على تقليد أوراق العملة أن تكون هناك مشابهة بين
الصحيح وغير الصحيح ، ولا يشترط أن يكون التقليد متقناً بحيث ينخدع به حتى المدقق
، بل يكفي أن يكون بين الورقة المزورة والورقة الصحيحة من التشابه ما تكون به
مقبولة في التداول وأن يكون على نحو من أن يخدع الناس ، وإذ كان الحكم قد أثبت
نقلاً عن تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير أن الأوراق التي عوقب الطاعن من أجل
الشروع فى تقليدها وترويجها مزيفة وفق أسلوب التزييف الكلي باستخدام المسح الضوئي
(سكانر) للورقتين الماليتين فئتي الخمسة جنيهات والعشرين جنيهاً ومن ورقة مالية
فئة المائة جنيه مصري وتم الطباعة بواسطة طابعة كمبيوتر تماثل الطابعة المضبوطة
وأنه من الممكن أن ينخدع الشخص العادي في تلك الأوراق المالية المقلدة فيقبلونها
في التعامل على غرار الصحيحة وذلك في حالة إتمام المرحلة الأخيرة لعملية التزييف
وهي قص وتهذيب وتنظيم الوجه والظهر للعملة الواحدة منها ، فإن عدم تعرض الحكم
لأوجه الشبه بين العملة الصحيحة والعملة المضبوطة لا يؤثر في سلامته ما دامت
المحكمة قد قـدرت أن من شأن ذلك التقليد أن يخدع الناس ، ومن ثم فإن منعى الطاعن
بهذا الوجه يكون غير سديد .
3 - من المقرر أن قضاء هذه المحكمة قد
استقر على تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتسجيل والضبط والتفتيش هو
من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة
الموضوع ، فمتى كانت هذه المحكمة - على ما يبين من مدونات الحكم المطعون فيه - قد
اقتنعت بجدية التحريات التي بني عليها أمر التسجيل وإذن الضبط والتفتيش وكفايتها
لتسويغ إصداره فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، ولا يجوز
المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض ،
4 - من المقرر أن القانون لا يوجب حتماً أن يتولى رجل الضبط القضائي بنفسه
مراقبة الأشخاص المتحرى عنهم أو أن يكون على معرفة سابقة بهم بل عليه أن يستعين
فيما يجريه من تحريات أو أبحاث أو ما يتخذه من وسائل التفتيش بمعاونيه من رجال
السلطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم ما
دام قد اقتنع شخصياً بصحة ما
نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه من معلومات ، وكان لا يعيب الإجراءات أن تبقى شخصية المرشد
غير معروفة وأنه لا يفصح عنها رجل الضبط القضائي الذي اختاره لمعاونته في مهمته ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون لـه
محل .
5 - لما كان ما ينعاه الطاعن من بطلان إذن الضبط والتفتيش بمقولة أنه صدر لضبط
جريمة مستقبلية مردود بما هو مقرر من أنه لا يصح إثارة أساس جديد للدفع ببطلان إذن
الضبط والتفتيش أمام محكمة النقض ما دام أنه فى عداد الدفوع القانونية المختلطة
بالواقع ، ما لم يكن قد أثير أمام محكمة الموضوع ، أو كانت مدونات الحكم ترشح
لقيام ذلك البطلان . لما كان ذلك ، وكان الطاعن قد قصر دفاعه أمام محكمة الموضوع
ببطلان إذن الضبط والتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية ولم يتمسك ببطلانه لصدوره
عن جريمة مستقبلية ، فإنه لا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض .
6 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بانتفاء القصد الجنائي لديه
لقيام المبلغ الأول بكافة مراحل تجهيز الجريمة وأطرحه في قوله " … لما كان
الثابت من أقوال شهود الإثبات وما أسفرت عنه التحريات والتسجيلات والمراقبات
الفنية أن تفتيش حانوت الشاهد الأول قد أسفر عن ضبط جهاز كمبيوتر وطابعة ملونة
والأسطوانة المدمجة التي ثبت بتقرير أبحاث التزييف والتزوير أنها تحوي ثماني ملفات
تحوى نسخاً لظهر ووجه الأوراق المالية المقلدة المضبوطة وكذا تم ضبط تلك الأوراق
المقلدة المشار إليها وهى من فئة الخمسة جنيهات والعشرون جنيهاً والمائة جنيه
المصرية مقلدة وصالحة لطرحها للتداول على غرار الصحيحة وذلك في حالة إتمام المرحلة
الأخيرة لعملية التزييف وهي فصل وتهذيب وتنظيم الوجه والظهر للعملة الواحدة منها ،
وكان ذلك من مثل نشاط المتهم وسلوكه الإجرامي بقصد الإضرار بمال الدولة وتحقيق ربح
مادي وإن وقف نشاطه عن حد الشروع " وهو ما يكفى لاطراح دفاع الطاعن لما هو
مقرر أن جريمة الشروع في تقليد الأوراق المالية تتحقق بقيام الجاني بطبع هذه
الأوراق بما استعمله من آلات للطباعة وبما استخدمه من أدوات ومداد ومواد أخرى ،
ولو كان هناك نقص أو عيوب في التقليد ، وإن هذه الجريمة وإن استلزمت - فضلاً عن
القصد الجنائي العام - قصداً خاصاً هو نية دفع العملة الزائفة إلى التداول مما
يتعين على الحكم استظهاره إلا أن المحكمة لا تلتزم بإثباته في حكمها على استقلال
متى كان ما أوردته عن تحقق الفعل المادي يكشف بذاته عن توافر تلك النية الخاصة
التي يتطلبها القانون ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن أنه شرع
في تقليد أوراق مالية محلية وأورد على ذلك أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما
رتبه عليها كما أورد في تحصيله لواقعة الدعوى أنه كان ينوي أن يدفع بالعملة
الزائفة إلى التداول وأن يقتسم حصيلة ذلك بينه وبين الشاهدين الأول والثاني ، كما
أن الطاعن لا يدعى أن هناك هدفاً آخر له غير الترويج من تزييف العملة المضبوطة
، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى القصور في بيان الركن المعنوي للجريمة لا
يكون سديداً.
7 - من المقرر أن ما
يثيره الطاعن حول الأدوات التي ضبطت بحانوت الشاهد الأول من أنها لا تكفي وحدها
دون جهاز المسح الضوئي في عملية تقليد العملة الورقية وأن هذه الأجهزة مما تحويه
كافة المنازل عادة فإنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً مما لا يجوز إثارته أمام
هذه المحكمة .
8
- من المقرر أن محكمة الموضوع
ليست ملزمة بمتابعة المتهم فى مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها على
استقلال إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي يوردها الحكم وفي عدم إيراها
لهذا الدفاع ما يدل على أنها أطرحته اطمئناناً منها للأدلة التي عولت عليها في
الإدانة ، فإن منعى الطاعن على الحكم إغفاله دفاعه القائم على اختلاف الرقم الذي
تحمله الورقة المالية المضبوطة فئة الخمسة جنيهات عن الرقم الذى أملاه للشاهد
الأول يكون في غير محله . لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً
رفضه موضوعاً.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه : شرع في تقليد عملات ورقية متداولة
قانوناً داخل البلاد بأن قام بطبع صور لوجه وظهر عملات ورقية من فئة المائة جنيه
والعشرين جنيه والخمسة جنيهات المصرية بأن اصطنعها على غرار العملات الورقية
الصحيحة من تلك الفئات على النحو المبين بتقرير إدارة أبحاث التزييف والتزوير
بمصلحة الطب الشرعي وخاب أثر جريمته بسبب لا دخل لإرادته فيه وهو ضبطه والجريمة
متلبساً بها على النحو المبين بالأوراق - حاز بغير مسوغ آلات وأدوات مما تستخدم فى
عملية تقليد العملات الورقية المضبوطة وذلك على النحو المبين بالأوراق .
وإحالته
إلى محكمة جنايات ..... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45 ، 46 /3 ، 202 /1 ، 204
مكرر ثانياً من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما أسند
إليه ومصادرة الأوراق المالية والأدوات المضبوطة .
فطعن المحكوم عليه في
هذا الحكم بطريق النقض ......... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
ومن
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي الشروع في تقليد
عملات ورقية محلية وحيازة الأدوات المستعملة في التقليد قد شابه القصور في التسبيب
ومخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ذلك
إنه دانه رغم أن ما قام به من أفعال لا تؤدى لتوافر الجريمة في حقه ولم يبين أوجه
الشبه بين العملة الصحيحة والعملة المزيفة المضبوطة وأطرح بما لا يسوغ دفعه ببطلان
إذن التسجيل لابتنائه على تحريات غير جدية لعدم الإفصاح عن مصدرها كما أنه صدر عن
جريمة مستقبلية وقعت بناء على تحريض من رجال المباحث ورد الحكم بما لا يصلح على
دفاعه بانتفاء القصد الجنائي لديه لقيام المبلغ الأول بكافة مراحلها وأن الأجهزة
المضبوطة مملوكة لـه وحده كما أنها توجد بكل مسكن ولا تكفى لتقليد العملة بدون
جهاز المسح الضوئي (الاسكانر) والذي لم
يضبط وأخيراً فقد التفت الحكم عن دفاعه القائم على اختلاف الرقم الذي تحمله الورقة
المالية فئة الخمسة جنيهات عن الرقم الذي أملاه الطاعن للمبلغ الأول وهو ما يعيب
الحكم بما يوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أن التحريات
السرية التي أجراها المقدم .... رئيس قسم الأموال العامة قد أسفرت على
صحة البلاغ المقدم به كل من ..... و..... بقيام الطاعن بعرض تقليد
عملات وطنية بفئاتها المختلفة باستخدام جهاز وألة طبع كمبيوتر ودفعها للتداول
بمعرفته مقابل حصول كل منهم على نسبة من حصيلة ترويج تلك العملات المقلدة ، فاستصدر
إذن من القاضي الجزئي بمحكمة ..... الكلية بتسجيل المحادثات الهاتفية التي
تدور بين المبلغين والطاعن عبر الهواتف التي أثبت أرقامها في محضر جمع الاستدلالات
وقد تبين لـه من تسجيل هذه المحادثات اتفاقهم على اللقاء وتوفير الورق اللازم
لتقليد العملة والأحبار وفئات العملة التي يتم تقليدها وقيام الطاعن بإملاء
المبُلغ الأول أرقام عملة ورقية فئة العشرون جنيهاً وأخرى فئة الخمسة جنيهات
وكيفية ترويج تلك العملات بعد تقليدها والمقابل الذى يحصل عليه كل منهم من حصيلة
الترويج ، وأنه قد تحدد مساء يوم 3/2/2003 لاجتماعهم ، وبناء على ذلك فقد انتدب
المأذون لـه الرائد ... بتنفيذ الإذن فقام بتجهيز المبُلغ الأول بالأجهزة
الفنية الخاصة بالتسجيل وتقابل الطاعن مع المبُلغ الثاني في المكان المتفق عليه
واصطحبه إلى الحانوت المملوك للمبُلغ الأول وهناك قام الضابط بضبط الطاعن حال
قيامه باستخدام جهاز الكمبيوتر والطباعة الملونة في تقليد العملات وبتفتيشه لـه
عثر معه على مبلغ قدره خمسة وعشرون جنيهاً وتحمل ذات الأرقام التي أثبتت في محضر
جمع الاستدلالات كما تمكن من ضبط إحدى وعشرون ورقة مالية فئة المائة جنيه منها
ورقة واحدة كاملة الوجه والظهر وعدد خمس ورقات للوجه فقط وعدد خمس ورقات للظهر فقط
كما تم ضبط عدد ثماني ورقات مالية مقلدة فئة العشرون جنيهاً تحمل ذات الأرقام ،
كما تم ضبط عدد سبعة ورقات مالية مقلدة فئة الخمسة جنيهات منها ثلاثة ورقات كاملة
للوجه والظهر وعدد أربعة ورقات للوجه فقط كما تمكن من ضبط الأسطوانة المدمجة من
وحدة التحكم فيها وجهاز الكمبيوتر بالكامل والطابعة الملونة ، ثم أورد الحكم أدلة
الثبوت التي استمد منها ثبوت الواقعة في حق الطاعن من أقوال شهود الإثبات ومما ثبت
من تقرير أبحاث التزييف والتزوير ومما جاء بتقرير خبير الأصوات بالإذاعة ، وهي
أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وخلص منها إلى إدانة
الطاعن بجريمة الشروع في تقليد عملات ورقية مالية محلية . لما كان ذلك ، وكانت
المادة 45 من قانون العقوبات قد عرفت الشروع بأنه " البدء في تنفيذ فعل بقصد
ارتكاب جناية أو جنحة إذا أوقف أو خاب أثره لأسباب لا دخل لإرادة الفاعل فيها ،
فلا يشترط لتحقق الشروع أن يبدأ الفاعل بتنفيذ جزء من الأعمال المكونة للركن
المادة للجريمة بل يكفى لاعتبار أنه شرع في ارتكاب جريمة - جناية أو جنحة - أن
يبدأ في تنفيذ فعل ما سابق مباشرة على تنفيذ الركن المادي لها ومؤد إليه حتماً ،
وبعبارة أخرى يكفى أن يكون الفعل الذى باشره الجاني هو الخطوة الأولى فى سبيل
ارتكاب الجريمة وأن يكون بذاته مؤدياً حالاً ومن طريق مباشر إلى ارتكاب الجريمة ما
دام قصد الجاني من هذا الفعل معلوماً وثابتاً ، وكان من المقرر أن تقدير العوامل
التي أدت إلى وقف الفعل الجنائي أو خيبة أثره ، وكون الأسباب التي من أجلها لم تتم
الجريمة هي إرادية أو خارجة عن إرادة الجاني هو أمر متعلق بالوقائع يفصل فيه
قاضي الموضوع ، وكان الثابت من الحكم -
على السياق المتقدم - أن الطاعن عقد العزم وأعد عدته لتقليد العملات الورقية
المحلية وقد أبدى هذه الرغبة للشاهدين الأول والثاني فأعدا له جهاز الكمبيوتر
والطباعة الملونة بينما قام هو بإعداد الأوراق والأحبار اللازمة وأنه حال قيامه
بطباعة الأوراق المالية من عملات محلية مختلفة تم القبض عليه ، فإن ما خلص إليه الحكم
من تحقق أركان هذه الجريمة ، وأن الطاعن لم يعدل إرادياً عن ارتكابها بل كان ذلك
لسبب خارج عن إرادته يكون قد أصاب صحيح القانون ، ويكون منعى الطاعن على الحكم في
هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر ، أنه يكفي للعقاب على تقليد
أوراق العملة أن تكون هناك مشابهة بين الصحيح وغير الصحيح ، ولا يشترط أن يكون
التقليد متقناً بحيث ينخدع به حتى المدقق ، بل يكفي أن يكون بين الورقة المزورة
والورقة الصحيحة من التشابه ما تكون به مقبولة في التداول وأن يكون على نحو من أن
يخدع الناس ، وإذ كان الحكم قد أثبت نقلاً عن تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير أن
الأوراق التي عوقب الطاعن من أجل الشروع في تقليدها وترويجها مزيفة وفق أسلوب
التزييف الكلى باستخدام المسح الضوئي (سكانر) للورقتين الماليتين فئتي الخمسة
جنيهات والعشرين جنيهاً ومن ورقة مالية فئة المائة جنيه مصري وتم الطباعة بواسطة
طابعة كمبيوتر تماثل الطابعة المضبوطة وأنه من الممكن أن ينخدع الشخص العادي في
تلك الأوراق المالية المقلدة فيقبلونها فى التعامل على غرار الصحيحة وذلك في حالة
إتمام المرحلة الأخيرة لعملية التزييف وهي قص وتهذيب وتنظيم الوجه والظهر للعملة
الواحدة منها ، فإن عدم تعرض الحكم لأوجه الشبه بين العملة الصحيحة والعملة
المضبوطة لا يؤثر في سلامته ما دامت المحكمة قد قـدرت أن من شأن ذلك التقليد أن
يخدع الناس ، ومن ثم فإن منعى الطاعن بهذا الوجه يكون غير سديد . لما كان ذلك ،
وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر
بالتسجيل والضبط والتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة
التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، فمتى كانت هذه المحكم - على ما يبين من مدونات
الحكم المطعون فيه - قد اقتنعت بجدية التحريات التي بني عليها أمر التسجيل وإذن
الضبط والتفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا
بالقانون ، ولا يجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض ، وإذ كان القانون لا يوجب
حتماً أن يتولى رجل الضبط القضائي بنفسه مراقبة الأشخاص المتحرى عنهم أو أن يكون
على معرفة سابقة بهم بل عليه أن يستعين فيما يجريه من تحريات أو أبحاث أو ما يتخذه
من وسائل التفتيش بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولون
إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم ما دام قد اقتنع شخصياً بصحة ما نقلوه إليه وبصدق
ما تلقاه من معلومات ، وكان لا يعيب الإجراءات أن تبقى شخصية المرشد غير معروفة
وأنه لا يفصح عنها رجل الضبط القضائي الذي اختاره لمعاونته في مهمته ، فإن
النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون لـه محل . لما كان ذلك ، وكان ما ينعاه
الطاعن من بطلان إذن الضبط والتفتيش بمقولة أنه صدر لضبط جريمة مستقبلية مردود بما
هو مقرر من أنه لا يصح إثارة أساس جديد للدفع ببطلان إذن الضبط والتفتيش أمام محكمة النقض ما دام
أنه في عداد الدفوع القانونية المختلطة بالواقع ، ما لم يكن قد أثير أمام محكمة الموضوع ، أو كانت مدونات الحكم
ترشح لقيام ذلك البطلان . لما كان ذلك ، وكان الطاعن قد قصر دفاعه أمام محكمة
الموضوع ببطلان إذن الضبط والتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية ولم يتمسك
ببطلانه لصدوره عن جريمة مستقبليــة ، فإنه لا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة أمام
محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بانتفاء
القصد الجنائي لديه لقيام المبلغ الأول بكافة مراحل تجهيز الجريمة وأطرحه في قوله
"… لما كان الثابت من أقوال شهود الإثبات وما أسفرت عنه التحريات
والتسجيلات والمراقبات الفنية أن تفتيش حانوت الشاهد الأول قد أسفر عن ضبط جهاز
كمبيوتر وطابعة ملونة والأسطوانة المدمجة التي ثبت بتقرير أبحاث التزييف والتزوير
أنها تحوي ثماني ملفات تحوي نسخاً لظهر ووجه الأوراق المالية المقلدة المضبوطة
وكذا تم ضبط تلك الأوراق المقلدة المشار إليها وهي من فئة الخمسة جنيهات والعشرون
جنيهاً والمائة جنيه المصرية مقلدة وصالحة لطرحها للتداول على غرار الصحيحة وذلك
في حالة إتمام المرحلة الأخيرة لعملية التزييف وهي فصل وتهذيب وتنظيم الوجه والظهر
للعملة الواحدة منها ، وكان ذلك من مثل نشاط المتهم وسلوكه الإجرامي بقصد الإضرار
بمال الدولة وتحقيق ربح مادى وإن وقف نشاطه عن حد الشروع " وهو ما يكفي
لاطراح دفاع الطاعن لما هو مقرر أن جريمة الشروع في تقليد الأوراق المالية تتحقق
بقيام الجاني بطبع هذه الأوراق بما استعمله من آلات للطباعة وبما استخدمه من أدوات
ومداد ومواد أخرى، ولو كان هناك نقص أو عيوب في التقليد ، وإن هذه الجريمة وإن
استلزمت - فضلاً عن القصد الجنائي العام - قصداً خاصاً هو نية دفع العملة الزائفة
إلى التداول مما يتعين على الحكم استظهاره إلا أن المحكمة لا تلتزم بإثباته في
حكمها على استقلال متى كان ما أوردته عن تحقق الفعل المادي يكشف بذاته عن توافر
تلك النية الخاصة التي يتطلبها القانون ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في
حق الطاعن أنه شرع في تقليد أوراق مالية محلية وأورد على ذلك أدلة سائغة من شأنها
أن تؤدي إلى ما رتبه عليها كما أورد في تحصيله لواقعة الدعوى أنه كان ينوى أن يدفع
بالعملة الزائفة إلى التداول وأن يقتسم حصيلة ذلك بينه وبين الشاهدين الأول
والثاني ، كما أن الطاعن لا يدعى أن هناك هدفاً آخر له غير الترويج من تزييف
العملة المضبوطة ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى القصور في بيان الركن
المعنوي للجريمة لا يكون سديداً ، أما ما يثيره الطاعن حول الأدوات التي ضبطت
بحانوت الشاهد الأول من أنها لا تكفى وحدها دون جهاز المسح الضوئي في عملية تقليد
العملة الورقية وأن هذه الأجهزة مما تحويه كافة المنازل عادة فإنه لا يعدو أن يكون
جدلاً موضوعياً مما لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة . لما كان ذلك ، وكانت محكمة
الموضوع ليست ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة
يثيرها على استقلال إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي يوردها الحكم وفي
عدم إيراها لهذا الدفاع ما يدل على أنها أطرحته اطمئناناً منها للأدلة التي عولت
عليها في الإدانة ، فإن منعى الطاعن على الحكم إغفاله دفاعه القائم على اختلاف
الرقم الذي تحمله الورقة المالية المضبوطة فئة الخمسة جنيهات عن الرقم الذي أملاه
للشاهد الأول يكون في غير محله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس
متعيناً رفضه موضوعاً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ