الصفحات

Additional Menu

الجمعة، 19 ديسمبر 2025

الطعن 15520 لسنة 92 ق جلسة 12 / 3 / 2023 مكتب فني 74 ق 48 ص 301

جلسة 12 من مارس سنة 2023
برئاسة السيد القاضي/ فراج عباس "نائب رئيس المحكمة"، وعضوية السادة القضاة/ فيصل حرحش، مصطفى الأسود، د. محمود عبدالفتاح محمد وخالد عادل عبد اللطيف "نواب رئيس المحكمة".
--------------------
(48)
الطعن رقم 15520 لسنة 92 القضائية
(1 -4) دعوى "إجراءات رفع الدعوى: طريقة رفع الدعوى: رفع دعوى المخاصمة". قضاة "عدم الصلاحية لنظر الدعوى: دعوى المخاصمة". مسئولية "من صور المسئولية التقصيرية: مسئولية القاضي".
(1) ولاية القضاء. عدم استقامتها لصاحبها إلا أن يأمن جور الناس وتدخل السلطان. تحققه. باستقلاله فيما يعرض عليه من دعاوى عن أي تدخل تفرضه جماعة أو فرد أو يوحى به رأي يؤثر في وجدانه أو ينحرف بحيدته عن جادة الصواب. لازمه. وجوب إحاطته بسياج من القواعد والأحكام التي تفرض على من ابتغى مخاصمته سلوكها. علة ذلك. مثال.
(2) مخاصمة القضاة وأعضاء النيابة العامة. حالاتها. المواد 494 : 500 مرافعات. عدم تقيدها بالقواعد العامة لإجراءات التقاضي سواء بالنسبة لتشكيل المحكمة التي تنظرها ودرجة التقاضي المقررة لها أو الطلبات الجائز للخصوم إبداؤها وما يجوز للمحكمة التعرض له من تلقاء نفسها. نطاقها. اقتصاره على الأعمال القضائية التي يقوم بها القاضي دون غيرها. علة ذلك.
(٣) دعوى المخاصمة. ماهيتها.
(٤) الأصل. عدم مسئولية القاضي عما يصدره من تصرفات أثناء عمله. علة ذلك. الاستثناء. جواز مساءلته عن الضرر الناشئ عن تصرفاته وفقًا م 494 مرافعات. سبيله. رفع دعوى المخاصمة.
(5) قانون "تفسير القانون: التفسير القضائي".
تفسير النصوص القانونية. وجوب مراعاة التناسق فيما بينها بعدم تفسير نص بمعزل عن الآخر.
(6- 8) قضاة "دعوى المخاصمة: عدم جواز مخاصمة رئيس وأعضاء مجلس القضاء الأعلى بصفاتهم". مجلس القضاء الأعلى " تشكيله: اختصاصاته".
(6) القضاة وأعضاء النيابة العامة. جواز مخاصمتهما. م 494 مرافعات. انصراف كلمة القضاة لقضاة المحاكم العادية باختلاف درجاتهم في هذه المحاكم المكونة من محكمة النقض ومحاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية بما يتبعها من محاكم جزئية وأعضاء النيابة العامة. عدم امتداد سريانها لغيرهم إلا بنص خاص.
(7) تشكيل مجلس القضاء الأعلى واختصاصاته وفقًا للمادتين 77 مكررًا /2،1 ق السلطة القضائية المضافة بق 35 لسنة 1984. غايته. الهيمنة على شئون القضاة ورجال النيابة العامة. مؤداه. اعتبار أعضاء مجلس القضاء الأعلى بمنأى عن قواعد المخاصمة. أثره. عدم جواز مخاصمتهم بهذه الصفة.
(8) طلب المدعي مخاصمة المدعى عليه بصفته رئيس مجلس القضاء الأعلى الأسبق بمناسبة اختصاصه المنوط به بهذه الصفة. غير جائز. علة ذلك.
(9) قضاة "عدم الصلاحية لنظر الدعوى: دعوى المخاصمة". نقض "الحكم في الطعن: الحكم بالغرامة ومصادرة الكفالة: حالاتها".
الحكم بالغرامة ومصادرة الكفالة في دعوى مخاصمة القضاة. شرطه. القضاء بعدم جواز المخاصمة أو برفضها. القضاء بعدم القبول لعدم سريان أحكام دعوى المخاصمة على رئيس مجلس القضاء الأعلى. أثره. انتفاء موجب القضاء بالغرامة أو مصادرة الكفالة. علة ذلك. المادتان 496، 499 مرافعات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر- في قضاء محكمة النقض – أن القضاء ولاية لا تستقيم لصاحبها إلا أن يأمن جور الناس وتدخل السلطان ولا يتحقق له ذلك بغير استقلاله فيما يُعرض عليه من دعاوى عند أي تدخل تفرضه جماعة أو فرد أو يوحى به رأي يؤثر في وجدانه أو ينحرف بحيدته عن جادة الصواب، ولا يكون له هذا الاستقلال إلا أن يُحاط بسياج من القواعد والأحكام التي تفرض على من ابتغى مخاصمته أن يسلكها حتى تتحطم معها سهام الجور وسوء القصد، وعلى ذلك ورد النص في الدستور على أن القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون.
2- المقرر- في قضاء محكمة النقض – أن المشرع فرض فيما تضمنه الباب الثاني من الكتاب الثالث من قانون المرافعات أحكام مخاصمة القضاة وأعضاء النيابة في المواد من 494 حتى 500 مستوجبًا أن تكون المخاصمة قاصرة على الحالات التي حددها على سبيل الحصر وأن يتم التقرير بها ونظر دعواها طبقًا لإجراءات فرضها وضمانات ارتآها وقواعد سنها لا تتقيد في الكثير منها مع القواعد العامة لإجراءات التقاضي سواء من حيث تشكيل المحكمة التي تنظر الدعوى أو درجة التقاضي المقررة لها أو الطلبات الجائز للخصوم إبداؤها وما يجوز للمحكمة أن تتعرض له من تلقاء نفسها، وقصر المخاصمة على تعلق سببها بما يقوم به القاضي من أعمال قضائية فلا يتسع نطاقها لغير ذلك مما يباشره خارج هذا النطاق وإلا كانت المخاصمة سبيلًا لحصار القاضي في كل ما يتصل بتصرفاته وينقلب القصد من الحماية إلى الاستباحة فيضيع الأمان وينمحي الاستقلال.
٣- المقرر– في قضاء محكمة النقض – أن دعوى المخاصمة هي دعوى مسئولية ترمي إلى تعويض ضرر أصاب المخاصم وتستند إلى قيام القاضي بعمل أو إصدار حكم مشوب بعيب يجيز مخاصمته.
٤- المقرر– في قضاء محكمة النقض – أن الأصل هو عدم مسئولية القاضي عما يصدره من تصرفات في عمله لأنه يستعمل في ذلك حق خوله له القانون وترك له سلطة التقدير فيه، وأجاز المشرع استثناءً من هذا الأصل مساءلة القاضي عن الضرر الناشئ عن تصرفاته في عمله في أحوال معينة بيَّنَها على سبيل الحصر في المادة 494 من قانون المرافعات ورسم طريقًا خاصًا لهذه المساءلة وهو رفع دعوى المخاصمة، وأفرد لها إجراءات خاصة وأحاطها بضمانات تكفل توفير الطمأنينة للقاضي في عمله، ومن ثم فلا يجوز التوسع في هذا الاستثناء أو القياس عليه سواء فيما يتصل بأحوالها أو الخاضعين لأحكامها.
5- المقرر– في قضاء محكمة النقض – أنه يتعين عند تفسير نصوص القانون مراعاة التناسق فيما بينها على نحو يوجب ألا يُفسَّر نص بمعزل عن آخر.
6- المقرر– في قضاء محكمة النقض – أن المادة 494 من قانون المرافعات أجازت مخاصمة القضاة وأعضاء النيابة، وكانت كلمة القضاة في مقصود هذه المادة وحملًا على سياق نص المادة 497 من ذات القانون التي تناولت ضوابط تحديد المحكمة المختصة بنظر موضوع المخاصمة إنما تنصرف – بالنسبة لقضاة المحاكم العادية – إلى مختلف درجاتهم في هذه المحاكم التي تتكون من محكمة النقض ومحاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية بما يتبعها من محاكم جزئية وأعضاء النيابة العامة، ولا يمتد سريانها إلى غيرهم.
7- المقرر– في قضاء محكمة النقض – أن المادة 77 مكررا (1) من قانون السلطة القضائية المضافة بالقانون رقم 35 لسنة 1984 نصت على أن "يشكل مجلس القضاء الأعلى برئاسة رئيس محكمة النقض وبعضوية كلٍ من .... " وحددت المادة 77 مكررا (2) من ذات القانون اختصاص ذلك المجلس بنظر كل ما يتعلق بتعيين وترقية ونقل وندب وإعارة رجال القضاء والنيابة العامة وبسائر شئونهم على النحو المبين في هذا القانون، بما مفاده أن المشرع بتشكيله المجلس الأعلى للقضاء من كبار رجال القضاء لتكون لهم بهذه الصفة الهيمنة على شئون القضاة ورجال النيابة العامة على النحو المار بيانه، ومن ثم فإنهم بهذه الصفة ووفقًا للاختصاص المنوط به هذا المجلس بمنأى عن قواعد المخاصمة والتي أجازها المشرع فقط لقضاة المحاكم العادية ورجال النيابة العامة على سبيل الاستثناء - لا يجوز التوسع فيه - في أحوال معينة أوردها على سبيل الحصر في المادة 494 من قانون المرافعات قاصرة عليهم فقط بمناسبة ما يطرح عليهم من منازعات قضائية وخصومات للفصل فيها واتخاذ ما يلزم بشأنها وفقًا للمقتضيات الوظيفية لكل منهم، ومن ثم فإن مخاصمة أي من أعضاء المجلس الأعلى للقضاء بهذه الصفة تكون غير جائزة.
8- إذ كان الثابت من مطالعة الأوراق والمستندات المقدمة فيها وطلبات المدعي بمخاصمة المدعى عليه بصفته رئيس مجلس القضاء الأعلى الأسبق وليس بصفته قاضي أو متعلقة بحكم قضائي أصدره وإنما كانت بمناسبة اختصاصه المنوط به بصفته رئيس المجلس الأعلى للقضاء السابق، فإن مخاصمته بهذه الصفة غير مقبولة باعتبار أن المخاصمة قاصرة فقط على قضاة المحاكم العادية على مختلف درجاتهم في هذه المحاكم التي تتكون من محكمة النقض ومحاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية بما يتبعها من محاكم جزئية وأعضاء النيابة العامة ولا يمتد سريانها إلى غيرهم، ومن ثم فإن مخاصمة المدعى عليه بصفته رئيس مجلس القضاء الأعلى الأسبق تكون غير جائزة وتكون الدعوى بهذه المثابة فاقدة لمقومات قبولها.
9- المقرر– في قضاء محكمة النقض – أن مفاد المادتين 496، 499 من قانون المرافعات المعدل - أن الحكم بالغرامة ومصادرة الكفالة يكون عندما تفصل المحكمة في تعلق أوجه المخاصمة بالدعوى وتقضي بعدم جواز المخاصمة أو برفضها وهو ما لا يتأتى إلا بعد أن تكون دعوى المخاصمة قد استقامت أمامها بكافة عناصرها الشكلية اللازمة لقبولها، وهو ليس كذلك بصدد الدعوى المطروحة بعد أن خلصت المحكمة إلى عدم قبولها لعدم سريان أحكام دعوى المخاصمة الواردة في قانون المرافعات على المدعى عليه بصفته مما لا يوجب معه الحكم على المدعي بالغرامة المنصوص عليها في المادة 499 من القانون سالف البيان أو مصادرة الكفالة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
وحيث إن وقائع الدعوى - على ما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المخاصم أقام على المخاصم ضده بصفته رئيس مجلس القضاء الأعلى السابق دعوى المخاصمة المطروحة بتقرير أودع قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 7/7/2022 بطلب الحكم بصحة المخاصمة وبوقف تنفيذ وبطلان قرار القاضي المخاصم ضده في الشكوى رقم .... لسنة 2021 عرائض مجلس القضاء الأعلى بإحالة شكايته المقدمة منه ضد القاضي/.... رئيس الدائرة الثانية بمحكمة .... للتفتيش القضائي لعدم اختصاصه نوعيًا بنظر شكواه، وعدم إصداره إذنًا بالقبض عليه واتخاذ الإجراءات الجنائية قبله، وقال بيانًا لذلك: إنه وقع غش وتدليس وغدر من القاضي المخاصم ضده وذلك بارتكابه جريمة استعمال سلطة وظيفته في وقف تنفيذ أحكام المواد 114، 214 من قانون العقوبات و96، 130 من قانون السلطة القضائية، 496 من قانون المرافعات و6، 13/5 من لائحة مجلس القضاء الأعلى و122 من التعليمات القضائية للنيابات، إذ إن رئيس الدائرة سالف الذكر ارتكب إبان نظره الدعويين رقمي .... لسنة 2021، .... لسنة 2022 حبس أسرة .... – والصادر ضده فيهما حكمان بالحبس – تزويرًا معنويًا مرتين أولهما بأن قام بإصدار قرار بالتحري عن دخله والثاني بمنع إعلان مذكرة شواهد التزوير المقدمة منه في تلك الدعوى، وإذ قام القاضي المخاصم ضده بإحالة شكواه للتفتيش القضائي دون تحقيقها جنائيًا على النحو المبين تفصيلًا بتقرير المخاصمة مما حدا به لإقامة دعواه بطلب القضاء له بطلبه آنف البيان وتعويضه بمبلغ خمسمائة ألف جنيه عن الأضرار التي لحقت به، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي في ختامها أصليًا بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًا عدم جواز المخاصمة، وعلى سبيل الاحتياط الكلي قبول الدعوى شكلًا وفي الموضوع برفضها مع تغريم المخاصم في الحالتين الأخيرتين عملًا بنص المادة 499 من قانون المرافعات. عرضت الدعوى على المحكمة، فحددت جلسة لنظرها - في غرفة مشورة - وفيها أصر المدعي على طلباته والتزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه من المقرر– في قضاء هذه المحكمة – أنه لما كان القضاء ولاية لا تستقيم لصاحبها إلا أن يأمن جور الناس وتدخل السلطان ولا يتحقق له ذلك بغير استقلاله فيما يعرض عليه من دعاوى عند أي تدخل تفرضه جماعة أو فرد أو يوحى به رأي يؤثر في وجدانه أو ينحرف بحيدته عن جادة الصواب، ولا يكون له هذا الاستقلال إلا أن يحاط بسياج من القواعد والأحكام التي تفرض على من ابتغى مخاصمته أن يسلكها حتى تتحطم معها سهام الجور وسوء القصد، وعلى ذلك ورد النص في الدستور على أن القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون، وفرض المشرع فيما تضمنه الباب الثاني من الكتاب الثالث من قانون المرافعات أحكام مخاصمة القضاة وأعضاء النيابة في المواد من 494 حتى 500 مستوجبًا أن تكون المخاصمة قاصرة على الحالات التي حددها على سبيل الحصر وأن يتم التقرير بها ونظر دعواها طبقًا لإجراءات فرضها وضمانات ارتآها وقواعد سنها لا تتقيد في الكثير منها مع القواعد العامة لإجراءات التقاضي سواء من حيث تشكيل المحكمة التي تنظر الدعوى أو درجة التقاضي المقررة لها أو الطلبات الجائز للخصوم إبداؤها وما يجوز للمحكمة أن تتعرض له من تلقاء نفسها، وقصر المخاصمة على تعلق سببها بما يقوم به القاضي من أعمال قضائية فلا يتسع نطاقها لغير ذلك مما يباشره خارج هذا النطاق وإلا كانت المخاصمة سبيلًا لحصار القاضي في كل ما يتصل بتصرفاته وينقلب القصد من الحماية إلى الاستباحة فيضيع الأمان وينمحي الاستقلال .... وأن دعوى المخاصمة هي دعوى مسئولية ترمي إلى تعويض ضرر أصاب المخاصم وتستند إلى قيام القاضي بعمل أو إصدار حكم مشوب بعيب يجيز مخاصمته، وكان الأصل هو عدم مسئولية القاضي عما يصدره من تصرفات في عمله لأنه يستعمل في ذلك حق خوله له القانون وترك له سلطة التقدير فيه، وأجاز المشرع استثناءً من هذا الأصل مساءلة القاضي عن الضرر الناشئ عن تصرفاته في عمله في أحوال معينة بينها على سبيل الحصر في المادة 494 من قانون المرافعات ورسم طريقًا خاصًا لهذه المساءلة وهو رفع دعوى المخاصمة، وأفرد لها إجراءات خاصة وأحاطها بضمانات تكفل توفير الطمأنينة للقاضي في عمله، ومن ثم فلا يجوز التوسع في هذا الاستثناء أو القياس عليه سواء فيما يتصل بأحوالها أو الخاضعين لأحكامها، وأنه يتعين عند تفسير نصوص القانون مراعاة التناسق فيما بينها على نحو يوجب ألا يفسر نص بمعزل عن آخر، وإذ أجازت المادة 494 من قانون المرافعات مخاصمة القضاة وأعضاء النيابة، وكانت كلمة القضاة في مقصود هذه المادة وحملًا على سياق نص المادة 497 من ذات القانون التي تناولت ضوابط تحديد المحكمة المختصة بنظر موضوع المخاصمة إنما تنصرف – بالنسبة لقضاة المحاكم العادية – إلى مختلف درجاتهم في هذه المحاكم التي تتكون من محكمة النقض ومحاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية بما يتبعها من محاكم جزئية وأعضاء النيابة العامة، ولا يمتد سريانها إلى غيرهم، وإذ نصت المادة 77 مكررا (1) من قانون السلطة القضائية المضافة بالقانون رقم 35 لسنة 1984 على أن " يشكل مجلس القضاء الأعلى برئاسة رئيس محكمة النقض وبعضوية كلًا من .... " وحددت المادة 77 مكررا (2) من ذات القانون اختصاص ذلك المجلس بنظر كل ما يتعلق بتعيين وترقية ونقل وندب وإعارة رجال القضاء والنيابة العامة وبسائر شئونهم على النحو المبين في هذا القانون، بما مفاده أن المشرع بتشكيله المجلس الأعلى للقضاء من كبار رجال القضاء لتكون لهم بهذه الصفة الهيمنة على شئون القضاة ورجال النيابة العامة على النحو المار بيانه، ومن ثم فإنهم بهذه الصفة ووفقًا للاختصاص المنوط به هذا المجلس بمنأى عن قواعد المخاصمة والتي أجازها المشرع فقط لقضاة المحاكم العادية ورجال النيابة العامة على سبيل الاستثناء - لا يجوز التوسع فيه - في أحوال معينة أوردها على سبيل الحصر في المادة 494 من قانون المرافعات قاصرة عليهم فقط بمناسبة ما يطرح عليهم من منازعات قضائية وخصومات للفصل فيها واتخاذ ما يلزم بشأنها وفقًا للمقتضيات الوظيفية لكل منهم، ومن ثم فإن مخاصمة أي من أعضاء المجلس الأعلى للقضاء بهذه الصفة تكون غير جائزة؛ لما كان ذلك، وكان الثابت من مطالعة الأوراق والمستندات المقدمة فيها وطلبات المدعي بمخاصمة المدعى عليه بصفته رئيس مجلس القضاء الأعلى الأسبق وليس بصفته قاضيًا أو متعلقة بحكم قضائي أصدره وإنما كانت بمناسبة اختصاصه المنوط به بصفته رئيس المجلس الأعلى للقضاء السابق، فإن مخاصمته بهذه الصفة غير مقبولة باعتبار أن المخاصمة قاصرة فقط على قضاة المحاكم العادية على مختلف درجاتهم في هذه المحاكم التي تتكون من محكمة النقض ومحاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية بما يتبعها من محاكم جزئية وأعضاء النيابة العامة ولا يمتد سريانها إلى غيرهم، ومن ثم فإن مخاصمة المدعى عليه بصفته رئيس مجلس القضاء الأعلى الأسبق تكون غير جائزة وتكون الدعوى بهذه المثابة فاقدة لمقومات قبولها.
وحيث إن مفاد المادتين 496، 499 من قانون المرافعات المعدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الحكم بالغرامة ومصادرة الكفالة يكون عندما تفصل المحكمة في تعلق أوجه المُخاصمة بالدعوى وتقضي بعدم جواز المخاصمة أو برفضها وهو ما لا يتأتى إلا بعد أن تكون دعوى المخاصمة قد استقامت أمامها بكافة عناصرها الشكلية اللازمة لقبولها، وهو ليس كذلك بصدد الدعوى المطروحة بعد أن خلصت المحكمة إلى عدم قبولها لعدم سريان أحكام دعوى المخاصمة الواردة في قانون المرافعات على المدعى عليه بصفته، مما لا يوجب معه الحكم على المدعي بالغرامة المنصوص عليها في المادة 499 من القانون سالف البيان أو مصادرة الكفالة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق