بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 09-07-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 460 لسنة 2025 طعن تجاري
طاعن:
ب. د. ا. ش.
مطعون ضده:
ا. ب. ل. ش.
ذ. ل. ه. ل. ذ.
ب. س. ر.
ش. ا. ا. ل. ذ.
م. ح. ز.
ي. ح. ز.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2025/152 استئناف تجاري بتاريخ 13-03-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي أعده القاضي المقرر / رفعت هيبه والمرافعة وبعد المداولة
وحيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية
وحيث إن الوقائع -على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن- تتحصل في أن البنك الطاعن أقام على المطعون ضدهم الدعوى رقم 1324 لسنة 2023 تجاري أمام محكمة دبي الابتدائية بطلب الحكم - وفقا للطلبات الختامية- بإلزامهم بالتضامن بأن يؤدوا إليه مبلغ 58,835,740.52 درهم والفائدة بواقع 5% سنويًا من تاريخ المطالبة وحتى تمام السداد.وقال بيانا لذلك إن المطعون ضدها الثانية قد تحصلت منه على تسهيلات مصرفية وضمانا لسداد أية مديونية تترصد بموجب تلك التسهيلات قدمت المطعون ضدها الأولى رهن تأميني بقيمة 330.000.000 درهم يمثل حق منفعة لمجمع مستودعات مكون من عدد 15 مبنى على قطعة الأرض رقم 252(4900-597) الكائنة بمنطقة مجمع دبي للاستثمار، والمملوكة لشركة تطوير مجمع دبي للاستثمار رهنا من الدرجة الأولى من تاريخ 8-5-2019 حتى تاريخ 30-10-2036 وذلك لصالحه، وكانت الشركة المالكة لقطعة الأرض المشمولة بالرهن قد أبرمت اتفاقيات تأجير طويلة الأمد للمطعون ضدهما الأولى والثانية اللتين أخلتا بالتزاماتهما التعاقدية بشأن سداد القيمة الإيجارية ومقابل الخدمات ومصروفات المعاملات ورسوم المرافق المتصلة في مواعيد استحقاقها فأقامت الشركة المالكة دعاوى قضائية قِبل المطعون ضدهما الأولى والثانية واختصمت البنك الطاعن فيها بصفته دائنا مرتهنا للعقارات سالفة البيان، وتحصلت على أحكام نهائية بفسخ اتفاقيات الإجارة المذكورة، مما يترتب عليه انقضاء رهن حق الانتفاع المقرر لمصلحته كأثر من آثار القضاء بالفسخ، ونتيجة لصدور تلك الأحكام القضائية التي ترتب عليها فقدانه لضمانات دينه المترصد في ذمة المطعون ضدهما الأولى والثانية، فأبرم اتفاقية تسوية مع الشركة المالكة سالفة البيان بتاريخ 31-8-2022 بموجبها سدد مبلغ 42,000,000 درهم إليها مقابل المديونية المستحقة لها في ذمة المطعون ضدهما الأولى والثانية، وذلك مقابل تنازلها عن الأحكام الصادرة لصالحها ليتمكن من الحفاظ على ضمانات دينه المتمثلة في التنفيذ على العقارات المرهونة، ونفاذا لاتفاقية التسوية المشار إليها سدد إجمالي مبلغ 50,563,039 درهم عبارة عن الإيجارات المستحقة على حقوق الانتفاع العائدة للمطعون ضدهما الثانية والثالثة من عام 2018 وحتى عام 2023، فكانت الدعوى. كما أقام البنك الطاعن على المطعون ضدهم الثالثة والرابع والخامس الدعوى رقم 517 لسنة 2024 تجاري مصارف أمام محكمة دبي الابتدائية بطلب الحكم 1- بإلزام المطعون ضدها الثالثة بتقديم كافة عقود الإيجار لحقوق الانتفاع الواردة على العقارات مجمع مستودعات مكون من عدد 15 مبنى على قطعة الأرض رقم 252(4900-597) الكائنة بمنطقة مجمع دبي للاستثمار لبيان القائمين على إدارتها وبيان قيمة الإيرادات ومصيرها. 2 - بإلزامها بتقديم بيان عما إذا كانت تلك الإيرادات يتم إيداعها في حساباتها البنكية من عدمه وتقديم كشوف الحسابات الخاصة بها وبالمطعون ضدهما الأولى والثانية لديها لبيان عما إذا كانت الإيرادات يتم سدادها للأخيرتين من عدمه وكيفية السداد. 3- وبإلزامها ببيان الجهة أو الشخص الذي قام بمنح حق إدارة تلك العقارات إليها وسبب وسند ذلك ومن القائم بالتوقيع على عقود الإيجار وصفته وسنده في ذلك وما إذا كان مديرها هو القائم بالتوقيع على عقود الإيجار من عدمه وفي الحالة الأخيرة بيان الشخص المفوض بالتوقيع وكذلك القائم بالتوقيع عن سالفتي الذكر على تلك العقود وبيان ما إذا كانت شيكات الإيرادات الصادرة عن المستأجرين تكون باسمها ولحسابها أم باسم ولحساب سالفتي الذكر. 4-بإلزام المطعون ضدهم الثالثة والرابع والخامس بالتضامن والتضامم والتكافل فيما بينهم بأن يؤدوا إليه مبلغ 58,835,740.52 درهما مع الفوائد القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد. على سند من تحصل المطعون ضدها الثالثة على إيرادات تلك العقارات وعدم إيداعها بحساب الشركتين المدينتين له وذلك بقصد تهريبها إضرارا به حتى لا يتحصل على قيمة المديونية المستحقة له، كما رفضت تزويده المستندات الخاصة بتأجير العقارات وقيمة الإيرادات ومصيرها كما أنها أقرت على خلاف الحقيقية بأنه لا يوجد لديها ثمة أموال عائدة للشركتين المطعون ضدهما الأولى والثانية، فكانت الدعوى.ضمت المحكمة الدعويين للارتباط، وندبت خبيرا وبعد أن أودع تقريريه الأصلي والتكميلي، حكمت بتاريخ 31-12-2024 برفض الدعويين. استأنف البنك الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 152 لسنة 2025 تجاري، وبتاريخ 13-3-2025 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن البنك الطاعن في هذا القضاء بالتمييز الماثل بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى بتاريخ11-4-2025بطلب نقضه وقد محامي المطعون ضدهم مذكرة بدفاعهم التمس في ختامها رفض الطعن ،وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره
وحيث إن الطعن أُقيم على سبب واحد من عدة أوجه ينعَى به البنك الطاعن على الحكم المطعون فيه البطلان ومخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وتفسيره والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق وفي بيانهم يقول إنه بموجب عقود إيجار طويلة الأمد فيما بين المطعون ضدها الأولى بوصفها (المستأجر) وبين شركة تطوير مجمع دبي للاستثمار بوصفها (المالك) -غير مختصمة في الطعن- تحصلت المطعون ضدها الأولى على حقوق المنفعة لمجمع مستودعات مكون من عدد 15 مبنى على قطعة الأرض رقم 252(4900-597) الكائنة بمنطقة مجمع دبي للاستثمار والمملوكة للشركة المذكورة، وقامت المطعون ضدها الأولى وبعد موافقة الأخيرة بعمل رهن تأميني من الدرجة الأولى لحق المنفعة الوارد على هذه المستودعات لصالحه بصفته (الدائن المرتهن) بمبلغ 330,000,000 درهم، ولما كانت شركة تطوير مجمع دبي للاستثمار هي المالك لتلك المستودعات المذكورة ومنحت المطعون ضدها الأولى حقوق المنفعة لتلك المستودعات كما أنها وافقت على رهن تلك الحقوق لصالحه، وإذ أخلتا المطعون ضدهما الأولى والثانية بالتزاماتهما التعاقدية في مواجهة شركة تطوير مجمع دبي للاستثمار (المالك) مما حدا بالأخيرة إلى إقامة دعاوى قضائية في مواجهتهما واختصمت البنك الطاعن فيها لعلمها بوجود رهن تأميني على تلك الحقوق وذلك للمطالبة بفسخ عقود المنفعة وإلغاء الرهن على تلك المستودعات، وقُضي فيها لصالحها، إلا أنه وقبل تنفيذ تلك الأحكام الصادرة لصالح المالك وحفاظا منه على ضمانات الدين وهي عقود الرهن التأميني التي تم ترتيبها على حقوق المنفعة الممنوحة للمطعون ضدهما الأولى والثانية، أبرم بتاريخ 31-8-2022 اتفاقية تسوية مع المالك (شركة تطوير مجمع دبي للاستثمار) بموجبها تتنازل عن تلك الأحكام الصادرة لصالحها ضد المطعون ضدهما الأولى والثانية وفي مواجهته وعدم تنفيذها والإقرار باستمرارية الرهن على حقوق المنفعة لصالحه والتصريح له بموالاة السير في إجراءات بيع حقوق المنفعة بالمزاد العلني والتي كان قد شرع في اتخاذها، كما أن الشركة سالفة البيان والتزاما منها بالبند رقم (8) من اتفاقية التسوية قدمت بتاريخ 15-6-2023 طلب الى محكمة دبي الابتدائية في الدعوى رقم 317 لسنة 2021 بيع عقار مرهون أقرت فيه بتنازلها عن الأحكام سالفة البيان الصادرة لصالحها وطلبت من المحكمة الموقرة التصريح له بموالاة إجراءات بيع حقوق المنفعة للمستودعات المذكورة أعلاه والمرهونة لصالحه وقد صدر القرار بتاريخ 18-6-2023 بموالاة إجراءات التنفيذ على حقوق المنفعة المرهونة له، فتكون الأحكام الصادرة لصالح شركة تطوير مجمع دبي للاستثمار (المالك) لا حجية لها وغير ملزمة وذلك لتنازلها عنها وإقرارها بعدم تنفيذها وباستمرار عقود الرهن على حقوق المنفعة وعدم إلغائها بدليل عدم تنفيذها وعدم تقدمها بطلبات لتنفيذ تلك الأحكام أو مخاطبة دائرة الأراضي والأملاك بدبي لإلغاء عقود الرهن بل أنها تقدمت بطلب لمحكمة التنفيذ للإقرار باستمرارية عقود الرهن والتنازل عن الأحكام وطلب السماح له باتخاذ إجراءات بيع العقار المرهون، وكان الحكم المطعون فيه أقام قضاءه تأسيسا على أنه بمجرد صدور الحكم بفسخ عقود المنفعة على المستودعات وإلغاء الرهن أصبح الرهن غير قائم وغير موجود وأنه لا يحق للبنك اتخاذ ما يلزم للحفاظ على ذلك الرهن ملتفتا عن هذا الدفاع وأيد الحكم المطعون فيه الحكم المستأنف في قضائه برفض الدعوى على ما خلص إليه من أن اتفاقية التسوية المحررة فيما بينه والمالك (شركة تطوير مجمع دبي للاستثمار) لا أثر لها إلا فيما بين طرفيها فقط ولا يمتد أثرها إلى المطعون ضدهما الأولى والثانية، على الرغم من أنها تضمنت مصلحة للمطعون ضدهما الأولى والثانية، والتزم فيها البنك بسداد المبالغ المستحقة للمالك بذمتهما والمطالب بها في الدعوى الماثلة والتي بلغت قيمتها 58,835,740.52 درهم وتضمنت المبالغ التي سددها نيابة عن المطعون ضدهما الأولى والثانية وذلك للحفاظ على عقود الرهن التي تم ترتيبها على حقوق الانتفاع الواردة على تلك العقارات بموجب الاتفاقيات المحررة فيما بين المطعون ضدهما الأولى والثانية وبين شركة تطوير مجمع دبي للاستثمار وهو ما يُعد بمثابة المحافظة على جزء من الضمانات التي تحصل عليها البنك للوفاء بجزء من المديونية المترصدة بذمة المطعون ضدهم، ذلك أنه حال بيع حقوق المنفعة المرهونة له وتسلمه حصيلة هذا البيع سيتم خصمها من قيمة المديونية المترصدة بذمة المطعون ضدهم وهو ما يؤكد أن اتفاقية التسوية المحررة فيما بينه وشركة تطوير مجمع دبي للاستثمار قد حققت مصلحة لهم وللبنك وهو الامر الذى ما لم يفطن إليه الحكم.كما تساند الحكم في قضائه برفض الدعوى تأسيسا على انتهاء الرهن لصدور حكم نهائي بفسخ العقد وإلغاء الرهن بما لا يحق له التمسك بأحقيته في الحفاظ على الرهن بإبرام اتفاقية التسوية مع المالك شركة تطوير مجمع دبي للاستثمار، في حين أن اتفاقية التسوية سالفة الذكر المؤرخة 31-8-2022 محررة فيما بينه وبين المالك وسدد مبلغ 58,835,740.52 درهما إليه نيابة عن المطعون ضدهما الأولى والثانية مقابل المديونية المستحقة عليهما حتى عام 2024 بشأن القيمة الإيجارية ورسوم الخدمات على العقارات المملوكة للمجمع والمرهونة للبنك، وهى المبالغ المطالب بها في الدعوى المطروحة، وقد جاء ذلك التصرف حفاظا على حقه باستمرارية عقود الرهن حتى يستطيع التنفيذ على تلك العقارات وبيعها بالمزاد العلني لسداد جزء من المديونية المستحقة له وذلك استنادا إلى نص المادة 1414 من قانون المعاملات المدنية
وحيث تم سداد تلك المبالغ مقابل تنازل المالك شركة تطوير مجمع دبي للاستثمار عن الأحكام الصادرة لصالحها في شأن فسخ عقود حق المنفعة وإلغاء عقود الرهن على تلك العقارات كما أن الشركة المذكورة -المالك- تقدمت بطلبات إلى المحكمة للتصريح والسماح له بموالاة السير في إجراءات بيع حقوق المنفعة بالمزاد العلني من خلال الدعوى رقم 317 لسنة 2021 بيع عقار مرهون وهو ما يؤكد عدم تنفيذ تلك الأحكام وتنازل المحكوم له عنها وعن تنفيذها وإقراره باستمرار عقود الرهن على العقارات بما يكون معه تصرف البنك جاء وفق صحيح القانون حيث تمكن من الحفاظ على حقه باستمرارية عقود الرهن على حقوق المنفعة الواردة على المستودعات بما يؤكد أحقيته في الرجوع على الراهن بقيمة النفقات التي تكبدها للحفاظ على حقه وفق نص المادة سالفة البيان، وأن مطالبته تتمثل في إلزام المطعون ضدهم بسداد تلك النفقات التي تكبدها للمحافظة على حقه بما تكون معه تلك الطلبات قد جاءت وفق صحيح القانون، كما أيد الحكم المطعون فيه الحكم الابتدائي فيما قضى به بشأن الدعوى المضمومة رقم 517 لسنة 2024 تجاري مصارف من رفض تحقيق طلبات البنك فيها على سند من أن إنهاء العلاقة التعاقدية بشأن عقود المنفعة وإلغاء الرهن لا يقتضي إلزام المطعون ضدها الثالثة بتقديم ما تحت يدها من مستندات من عقود الإيجار لمجمع المستودعات المكون من 15 مبنى بمنطقة مجمع دبي للاستثمار لبيان القائمين على إدارتها وقيمة الإيرادات ومصيرها ومن الذي يتحصل عليها ما إذا كانت شيكات الإيجار تصدر باسم المطعون ضدها الثالثة أم باسم ولحساب المطعون ضدهما الأولى والثانية وبيان القائم بمنح المطعون ضدها الثالثة حق إدارة تلك العقارات وجميع طلبات البنك بتلك الدعوى والتي لم يفطن لمرماها، حيث سبق له أن قدم بعض عقود إيجار تلك المستودعات وجاءت تلك العقود بتواريخ لاحقة على تواريخ الأحكام الصادرة بفسخ عقود المنفعة وانتهاء الرهن وكان الثابت منها أن القائم بالتأجير هما المطعون ضدهما الأولى والثالثة بما يؤكد استمرارية المطعون ضدهم في الانتفاع بالمستودعات وعدم تنفيذ الحكم الصادر بالفسخ كنتيجة ضرورية لالتزام المالك باتفاقية التسوية المحررة فيما بينه وبين البنك وهو ما يؤكد تنازل المالك عن تنفيذ تلك الأحكام واستمرارية عقود الرهن بما يكون معه البنك قد حافظ على حقه بشأن عقود الرهن، كما أن اتفاقية التسوية حققت مصلحة للمطعون ضدهما الأولى والثالثة حيث تحصلتا على إيرادات تلك المستودعات من خلال تأجيرها للغير، وكانت طلباته السابقة بغرض التأكيد على استمرار المطعون ضدهما الأولى والثانية بالانتفاع بتلك العقارات وتأجيرها للغير من خلال المطعون ضدها الثالثة والحصول على الإيرادات بما يثبُت معه تنازل المالك عن الأحكام الصادرة لصالحة بشأن فسخ عقود حق المنفعة وإلغاء الرهن،وإذ لم يفطن الحكم المطعون فيه لكافة أوجه الدفاع المشار اليه مما يعيبه ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي سديد-ذلك بأنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة- أن وفق ما تقضي به المواد (2، 3، 4، 5، 7، 10، 18، 19، 20، 25، 26) من القانون رقم (14) لسنة 2008 بشأن الرهن التأميني في إمارة دبي أن عقد الرهن التأميني هو عقد يُكسب الدائن على عقار مخصص لوفاء دينه حقا عينيا بالتقدم على الدائنين العاديين والدائنين التاليين له في المرتبة في استيفاء حقه من ثمن ذلك العقار في أي يد يكون عند حلول أجل الدين بطلب نزع ملكية العقار المرهون وبيعه إذا لم يؤد المدين الراهن الدين في ميعاد استحقاقه، وأن لجوء الدائن المرتهن لاقتضاء دينه من العقار المرهون بأن يطلب من قاضى التنفيذ بيعه هو مجرد رخصة وخيار منحه له القانون وهي لا تحول بينه وبين إقامة دعوى ضد المدين الراهن بطلب الحكم بإلزامه بكافة الدين المترصد له بذمته عن عقد القرض وغيره من التسهيلات المصرفية والذى يفوق أحيانا مقدار الدين المضمون بالرهن، وأن من المقرر أيضاً أن النص في المادة 1399 من قانون المعاملات المدنية على أن "الرهن التأميني عقد به يكتسب الدائن على عقار مخصص لوفاء دينه حقا عينيا يكون له بمقتضاه أن يتقدم على الدائنين العاديين والدائنين التاليين له في المرتبة في استيفاء حقه من ثمن العقار في أي يد يكون''، والنص في المادة 1414 من ذات القانون على أنه "يضمن الراهن العقار المرهون وهو مسؤول عن سلامته كاملا حتى تاريخ وفاء الدين. وللمرتهن أن يعترض على كل نقص في ضمانه وأن يتخذ من الإجراءات ما يحفظ حقه على أن يرجع بالنفقات على الراهن''، مؤداه أن المشرع قد أقر للدائن المرتهن ضمانة أساسية تتمثل في حق تتبع العقار في أي يد يكون لاستيفاء دينه، وأن الرهن لا يحول دون حق الراهن في التصرف في العقار المرهون بما يراه أوفى بمصلحته سواء بالقسمة أو بالبيع أو بأي وجه من أوجه التصرف التي خولها له القانون طالما لم يترتب على تصرفاته أي نقص في الضمانات التي تتوفر للمرتهن على العقار المرهون، وأن على المدعي إثبات حقه وعلى المدعى عليه نفيه، وقد افصحت المذكرة الايضاحية تعليقا على المادة 1414 من قانون المعاملات المدنية لا يجوز للراهن أن يقوم بأى عمل من شأنه ضياع ضمان الدائن أو إنقاصه أوتعييبه وللدائن أن يتخذ من الوسائل ما يحفظ حقه كأن يطلبمن المحكمة تعيين حارس على العقار أو منع الراهن أو غيره من تخريب المرهون ومن أي عمل من شأنه إنقاص قيمة الضمان وله أن يرجع على الراهن بجميع النفقات التى تكبدها فى خفظ العين وإعادتها الى أصلها عند نشوء الضمان ، وأن من المقرر كذلك أن محكمة الموضوع إذا ما عرضت للفصل في الخصومة القائمة بين طرفيها يتعين عليها أن تقيم قضاءها على عناصر مستقاة من أصل ثابت لها في الأوراق وأن يشتمل حكمها في ذاته على ما يُطمئن المطلع عليه إلى أنها محصت الأدلة والقرائن والمستندات المطروحة عليها وصولا إلى ما ترى أنه الواقع الثابت في الدعوى بحيث يكون استدلال الحكم مؤديا إلى النتيجة التي بنى قضاءه عليها بما يصادف صحيح القانون. ومن المقرر أيضا أن أسباب الحكم تعتبر مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم العناصر الواقعية التي ثبتت لديها أو وقوع تناقض بين هذه العناصر، كما في حالة عدم اللزوم المنطقي للنتيجة التي انتهت إليها المحكمة بناء على تلك العناصر التي ثبتت لديها.وان من المقرر أيضاًأن كل وجه دفاع يدلي به الخصم لدى محكمة الموضوع ويكون الفصل فيه مما يجوز أن يترتب عليه تغيير وجه الرأي في الدعوى فإنه يتعين على المحكمة أن تعرض له في أسباب حكمها وإلا كان حكمها مشوبا بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع.لما كان ذلك، وكان البين من أوراق الدعوى ومستنداتها وتقريري الخبرة المنتدبة فيها أن البنك الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بدفاع مؤداه أنه أبرم بتاريخ 31-8-2022 اتفاقية تسوية مع شركة تطوير مجمع دبي للاستثمار (المالك) وسدد المبالغ المطالب به قيمة التسوية وما سدده نيابة عن المطعون ضدهما الأولى والثانية مقابل المديونية المستحقة عليهما بشأن القيمة الإيجارية، ورسوم الخدمات على العقارات المملوكة للمجمع والمرهونة للبنك، وقد جاء ذلك التصرف حفاظا منه على حقه في استمرارية عقود الرهن حتى يستطيع التنفيذ على تلك العقارات وبيعها بالمزاد العلني لسداد جزء من المديونية المستحقة له، وذلك استنادا إلى نص المادة 1414 من قانون المعاملات المدنية، حيث تم سداد تلك المبالغ مقابل تنازل شركة تطوير مجمع دبي للاستثمار عن الأحكام الصادرة لصالحها بشأن فسخ عقود حق المنفعة وإلغاء عقود الرهن على تلك العقارات، وأن الشركة المذكورة تقدمت بطلبات إلى المحكمة للتصريح والسماح له بموالاة السير في إجراءات بيع حقوق المنفعة بالمزاد العلني من خلال الدعوى رقم 317 لسنة 2021 بيع عقار مرهون وهو ما يؤكد عدم تنفيذ تلك الأحكام وتنازل المحكوم له عنها وعن تنفيذها وإقراره باستمرار عقود الرهن على العقارات، وتمكن نتيجة لتلك التسوية من الحفاظ على حقه باستمرارية عقود الرهن على حقوق المنفعة الواردة على المستودعات بما يحق له معه الرجوع على الراهن بقيمة النفقات التي تكبدها للحفاظ على حقه عملا بنص المادة 1414 من قانون المعاملات المدنية، إلا أن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدعويين، وعدم أحقيته في الرجوع على المطعون ضدهم، تأسيسا على أن القانون يستلزم لتطبيق نص المادة سالف البيان على وقائع الدعوى أن يكون الرهن قائما، وأنه بمجرد صدور الحكم النهائي من المحكمة بانتهاء الرهن وفسخ العقد فلا يحق للبنك الطاعن -بصفته الدائن المرتهن- المطالبة والتمسك بأحقيته إذ أعاد الحكم المتقاضين إلى الحالة التي كانوا عليها مطهرا العقار من الرهون، وأنه لا يقدح في ذلك ما قرره البنك بإبرامه العقد المؤرخ 31-8-2022 مع شركه تطوير -غير المختصمة في الدعوى- إذ إن أثر العقد لا يمتد إلى الغير أو إلى كل من كانت له صلة بالمراسلات أو المفاوضات السابقة طالما لم يكن طرفا في التعاقد الذي تم، وأن ما قام بسداده البنك إثراء بلا سبب، وأن اتفاق البنك بصفته مع شركه تطوير على سداد مبلغ الإيجار المتأخر ضمانا لحقه في الرهن قد بُني على غير سند من الواقع والقانون إذ تم بإرادة منفردة منه، ولم يتضمن العقد مثول المؤجر، وكان ما خلص إليه الحكم -على هذا النحو- لا يصلح ردا على دفاع البنك الطاعن سالف البيان مما حجبه عن بحث ما ينعاه بشأن تنازل الشركة المالكة عن الأحكام الصادرة لصالحها في شأن فسخ عقود حق المنفعة محل النزاع نتيجة التسوية، وأثر هذا التنازل في التنفيذ على الضمانات لدى الدائن المرتهن، وأثره على المديونية، ولم يتناوله أو يعرض له على الرغم من تمسك البنك الطاعن به أمام محكمة الموضوع، وكذلك ما تمسك به البنك الطاعن من دفاع في الدعوى المضمومة رقم 517 لسنة 2024 تجاري مصارف بطلب الزام المطعون ضدها الثالثة بتقديم العقود التي تثبت أن القائم بالتأجير المطعون ضدهما الأولى والثالثة بما يؤكد استمرارية المطعون ضدهم في الانتفاع بالمستودعات، ودون أن يستظهر ما اتخذه البنك من إجراءات للحفاظ على حقه كدائن مرتهن على العقارات المرهونة وصولا إلى إثبات مدى أحقيته في الرجوع بالنفقات على الراهن إعمالا لنص المادة 1414 من قانون المعاملات المدنية، ومن ثم فإن الحكم يكون قد ران عليه القصور المبطل، والإخلال بحق الدفاع بما يعيبه ويوجب نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه وبإحالة الدعوى الى محكمة الاستئناف لتقضي فيها من جديد وألزمت المطعون ضدهم المصروفات ومبلغ الفي درهم مقابل أتعاب المحاماة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق