الصفحات

Additional Menu

السبت، 26 يوليو 2025

الطعن 10794 لسنة 87 ق جلسة 4 / 9 / 2019 مكتب فني 70 ق 58 ص 528

جلسة 4 من سبتمبر سنة 2019
برئاسة السيد القاضي / عاصم الغايش نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضـاة / علي حسن علي، محمد هلالي، خالد حسن محمد وأبو الحسين فتحي نواب رئيس المحكمة .
-------------------
(58)
الطعن رقم 10794 لسنة 87 القضائية
(1) نقض " التقرير بالطعن وإيداع الأسباب " .
التقرير بالطعن بالنقض في الميعاد دون إيداع أسبابه . أثره : عدم قبول الطعن شكلاً . علة ذلك ؟
(2) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وإيراد الأدلة السائغة على ثبوتها في حقهما على نحو كافٍ . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون مجموع ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
مثال .
(3) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
عدم التزام المحكمة أن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها . لها تجزئة أقوال الشهود والأخذ منها بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه . تحصيل الحكم من أقوال الشهود بما له أصل ثابت في الأوراق . النعي عليه في هذا الشأن . جدل موضوعي غير جائز أمام محكمة النقض .
(4) إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
إحالة الحكم في إيراد أقوال الشاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر . لا يعيبه . ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها .
عدم كشف الطاعنين عن مواطن الاختلاف في أقوال الشهود . النعي عليه في هذا الشأن . غير مقبول .
(5) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " .
للمحكمة الأخذ بالأقوال التي ينقلها شخص عن آخر . متى اطمأنت إليها ورأت أنها صدرت منه حقيقة . علة ذلك ؟
(6) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .
لمحكمة الموضوع تقدير جدية التحريات . لها التعويل عليها في تكوين عقيدتها باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة .
مثال .
(7) أمر الإحالة . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
إدانة الحكم الطاعنين عن التهمة الأولى بترتيبه وبراءتهم من التهمة الأولى بأمر الإحالة . لا تناقض . ما دام أعاد ترتيب الاتهامات وفقاً لما انتهى إليه بقضائه .
(8) عقوبة " العقوبة الأصلية " " العقوبة التكميلية " " عقوبة الجرائم المرتبطة " . مراقبة الشرطة . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " " عدم جواز مضارة الطاعن بطعنه " . محكمة النقض " سلطتها " .
العقوبة الأصلية المقررة لأشد الجرائم المرتبطة ببعضها ارتباطًا لا يقبل التجزئة .
تجب العقوبات الأصلية لما عداها من جرائم دون التكميلية . معاقبة الطاعن بالجريمة الأشد وإغفاله القضاء بعقوبة الوضع تحت مراقبة الشرطة عن جريمة استعراض القوة الأخف . خطأ فى تطبيق القانون . لا تملك محكمة النقض تصحيحه . علة وأساس ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـــ لما كان المحكوم عليه / .... وإن قرر بالطعن في الميعاد ، إلَّا أنه لم يقدِّم أسبابًا لطعنه ، ومن ثم يكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلًا ؛ لما هو مُقرَّر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به ، وأن تقديم الأسباب التي بُني عليها الطعن في الميعاد الذي حدَّده القانون هو شرط لقبوله ، وأن التقرير بالطعن ، وتقديم الأسباب يكوِّنان معًا وحدةً إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ، ولا يغني عنه .
2ــ لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها ، وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة مستمدة من أقوال الشهود ، ومما ثبت من التقرير الطبي للمجني عليه ، وتحريات الشرطة ، والمكالمات الهاتفية ، وهي أدلةً سائغةً من شأنها أن تؤدي إلى ما رتَّبه عليها . لما كان ذلك ، وكان من المُقرَّر أن القانون لم يرسم شكلًا أو نمطًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة ، والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافيًا في تفهُّم الواقعة بأركانها وظروفها ، حسبما استخلصتها المحكمة – كما هو الحال في الدعوى الراهنة – فإن ذلك يكون مُحَقِّقًا لحكم القانون ، ومن ثم ، فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان البيِّن أن الحكم المطعون فيه قد بيَّن واقعة الدعوى – على ما سلفت الإشارة إليه – وحصَّل مؤدى أقوال شهود الإثبات في بيانٍ وافٍ يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ، فإنه ينحسر عن الحكم دعوى القصور في التسبيب ، ويضحى منعى الطاعنين في هذا الصدد غير سديد .
3- لما كان من المُقرَّر أن الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل أن تورد من أقوال الشهود إلَّا ما تقيم عليه قضاءها ، ولها أن تجزئ الدليل المقدم لها ، فتأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود ، وتطرح ما لا تثق فيه منها ، وإذ كان البيِّن من الحكم المطعون فيه أنه بيَّن مضمون أقوال شهود الإثبات ، وكان الطاعنان لا يُجادلان في أن ما حَصَّله الحكم منها له أصله الثابت في الأوراق ، فإن ذلك لا يعدو أن يكون جدلًا موضوعيًا مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
4- لما كان لا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ، وكان الطاعنان لم يكشفا عن مواطن الإحالة والاختلاف في أقوال الشهود ، ومن ثم ، فإن منعاهما على الحكم في هذا الشأن يكون غير قويم .
5- من المُقرَّر أنه ليس في القانون ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقةً ، وكانت تُمثِّل الواقع في الدعوى ؛ إذ المرجع في تقدير قيمة الشهادة ولو منقولة هو إلى محكمة الموضوع وحدها فمتى صدَّقتها ، واطمأنت إلى صحتها ، فلا تصح مُصادرتها في الأخذ بها والتعويل عليها ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين في هذا الخصوص يكون لا محل له .
6- من المُقرَّر أن تقدير جديَّة التحريات وكفايتها هو من المسائل الموضوعية التي تخضع لإشراف محكمة الموضوع ، وأن للمحكمة أن تعوِّل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة مُعَزِّزة لما ساقته من أدلة أساسية في الدعوى ، وكانت المحكمة قد اطرحت الدفع بعدم جديَّة التحريات بردٍّ سائغ وتدليل مقبول ، ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد غير سديد .
7- لما كان البيِّن من الحكم المطعون فيه أنه أعاد ترتيب الاتهامات في الدعوى وفقًا لما انتهى إليه في قضائه ، فبعد أن أثبت الاتهامات – القبض دون وجه حق ، والإكراه على توقيع لسندات دين ، واستعراض القوة – في حق الطاعنين ، وكان ترتيب تهمة القبض دون وجه حق هي الأولى في ترتيب الاتهامات التي انتهى إليها ثم خلص إلى براءتهم من تهمة إحراز السلاح ، والتي كان ترتيبها الأولى في أمر الإحالة ، فإن منطوق الحكم يكون قد جاء منسقًا مع أسبابه على النحو سالف البيان ، ومن ثم يكون ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد غير سديد .
8- لما كان الأصل أن العقوبة الأصلية المُقرَّرة لأشد الجرائم المرتبطة ببعضها البعض ارتباطًا لا يقبل التجزئة تجُبُّ العقوبات الأصلية المُقرَّرة لما عداها من جرائم ، دون أن يمتد هذا الجَب إلى العقوبات التكميلية التي تحمل في طياتها فكرة ردّ الشيء إلى أصله ، أو كانت ذات طبيعة وقائية كالمصادرة ومراقبة البوليس ، ولذلك يجب توقيعها مهما تكن العقوبة المُقرَّرة ؛ لما يرتبط بتلك الجريمة من جرائم أخرى ، والحكم بها مع عقوبة الجريمة الأشد ، فإن الحكم المطعون فيه إذ أعمل حكم المادة 32 من قانون العقوبات ، وأغفل الحكم بعقوبة وضع الطاعنين تحت مراقبة البوليس المنصوص عليها في المادة 375 مكررًا "أ"/4 من القانون سالف الذكر ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، إلَّا أنه لما كان المحكوم عليهما هما الطاعنان وحدهما ، فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ ؛ لما في ذلك من إضرار بهما ؛ إذ إنه من المُقرَّر أنه لا يصح أن يضار المتهم بناء على الطعن المرفوع منه وحده .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرون سبق الحكم عليهم بأنهم :ــــ 1- أحرز كل منهم سلاحًا ناريًا مششخنًا " بندقية آلية " حال كونها مما لا يجوز الترخيص بحيازتها أو إحرازها .
2- قبضوا على المجني عليه / .... ، واحتجزوه بدون وجه حق ، وبدون أمر أحد الحكام المختصين بذلك ، وفي غير الأحوال المصرح بها قانونًا ، وذلك بأن اتفقوا فيما بينهم على ارتكاب جريمتهم ، واقتادوه عنوة من أسفل مسكنه إلى مكان ناءٍ بقرية .... بمركز .... ، وأبعدوه عن أعين ذويه ، وقد تمَّت تلك الجريمة بناءً على ذلك الاتفاق الواقع بينهم على النحو المبين بالتحقيقات .
3- أكرهوا المجني عليه سالف الذكر بالقوة والعنف والتهديد على التوقيع بالإمضاء والبصم على سندات مثبتة لدين (عدد أربعة إيصالات أمانة ، وكذا عدد واحد شيك بنكي خاص ببنك ....) وأخرى لبراءته منه ( الإقرارات التي تفيد تنازله عن قطعة أرض كائنة بمحافظة ....) وذلك بأن قاموا بالتعدي عليه بالضرب والإيذاء البدني ، وتمكَّنوا بتلك الوسيلة من الإكراه من أخذ إمضائه على تلك المستندات على النحو المبين بالتحقيقات .
4- استعرضوا القوة ولوَّحوا بالعنف قِبَل المجني عليه سالف الذكر ، وذلك بأن أشهروا في وجهه الأسلحة النارية محل الاتهام الأول قاصدين من ذلك إلقاء الرعب والفزع في نفسه ، وإلحاق الأذى المادي والمعنوي به وتكدير أمنه وسلامته .
5- حصلوا بالتهديد والإكراه الواقع على المجني عليه سالف الذكر على مبلغ نقدي وقدره (ثلاثمائة ألف جنيه ) نظير فك قيده ، وإطلاق سراحه على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا عملًا بالمواد 280 ، 282 /2 ، 325 ، 326 ، 375 مكرراً/2،1 ، 375 مكرر("أ") /2،1 من قانون العقوبات ، مع إعمال المادتين 17 ، 32 من القانون ذاته أولًا: بمعاقبة كل من .... ، .... ، .... بالسجن لمدة ثلاث سنوات لما أسند إليهم من اتهام عن التهمة الأولى . ثانيًا : ببراءة كل من .... ، .... ، .... لما أسند إليهم بشأن التهمة الأولى ( إحراز سلاح آلي ) .
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
أولًا : بالنسبة للطعن المقدم من الطاعن / .... .
من حيث إن المحكوم عليه / .... وإن قرر بالطعن في الميعاد ، إلَّا أنه لم يقدِّم أسبابًا لطعنه ، ومن ثم يكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلًا ؛ لما هو مُقرَّر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به ، وأن تقديم الأسباب التي بُني عليها الطعن في الميعاد الذي حدَّده القانون هو شرط لقبوله ، وأن التقرير بالطعن ، وتقديم الأسباب يكوِّنان معًا وحدةً إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ، ولا يغني عنه .

ثانيًا : بالنسبة للطعن المقدم من الطاعنين / .... ، .... .
حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجرائم القبض والاحتجاز دون أمر من أحد الحكام المختصين ، والإكراه على التوقيع على سندات مُثبتة لدين ، والاستحصال على مبلغ من النقود بطريق التهديد ، واستعراض القوة ، والتلويح بالعنف ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، وران عليه البطلان ، ذلك بأن أسبابه جاءت غامضة مُبْهَمة ، ولم يورد أقوال الشهود في بيان وافٍ ، واجتزأ منها ما برَّر به قضاءه بالإدانة ، وأحال في بيان بعض أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال آخرين رغم اختلافها ، وعوَّل على أقوال بعض الشهود على الرغم من أنها سماعية ، وعلى تحريات الشرطة رغم عدم صلاحيتها كدليل إدانة وتناقضها مع أقول الشهود – ومطرحًا الدفع بعدم جديَّتها بما لا يصلح ردًّا – وأخيرًا تناقض الحكم في منطوقه إذ قضى بإدانتهما عن التهمة الأولى ثم عاد وقضى ببراءتهما منها ، كل ذلك مما يعيبه ويستوجب نقضه .
من حيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها ، وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة مستمدة من أقوال الشهود ، ومما ثبت من التقرير الطبي للمجني عليه ، وتحريات الشرطة ، والمكالمات الهاتفية ، وهي أدلةً سائغةً من شأنها أن تؤدي إلى ما رتَّبه عليها . لما كان ذلك ، وكان من المُقرَّر أن القانون لم يرسم شكلًا أو نمطًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة ، والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافيًا في تفهُّم الواقعة بأركانها وظروفها ، حسبما استخلصتها المحكمة – كما هو الحال في الدعوى الراهنة – فإن ذلك يكون مُحَقِّقًا لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان البيِّن أن الحكم المطعون فيه قد بيَّن واقعة الدعوى – على ما سلفت الإشارة إليه – وحصَّل مؤدى أقوال شهود الإثبات في بيانٍ وافٍ يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ، فإنه ينحسر عن الحكم دعوى القصور في التسبيب ، ويضحى منعى الطاعنين في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المُقرَّر أن الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل أن تورد من أقوال الشهود إلَّا ما تقيم عليه قضاءها ، ولها أن تجزئ الدليل المقدم لها ، فتأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود ، وتطرح ما لا تثق فيه منها ، وإذ كان البيِّن من الحكم المطعون فيه أنه بيَّن مضمون أقوال شهود الإثبات ، وكان الطاعنان لا يُجادلان في أن ما حَصَّله الحكم منها له أصله الثابت في الأوراق ، فإن ذلك لا يعدو أن يكون جدلًا موضوعيًا مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان لا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ، وكان الطاعنان لم يكشفا عن مواطن الإحالة والاختلاف في أقوال الشهود ، ومن ثم ، فإن منعاهما على الحكم في هذا الشأن يكون غير قويم . لما كان ذلك ، وكان من المُقرَّر أنه ليس في القانون ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقةً، وكانت تُمثِّل الواقع في الدعوى ؛ إذ المرجع في تقدير قيمة الشهادة ولو منقولة هو إلى محكمة الموضوع وحدها فمتى صدَّقتها ، واطمأنت إلى صحتها ، فلا تصح مُصادرتها في الأخذ بها والتعويل عليها ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين في هذا الخصوص يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المُقرَّر أن تقدير جديَّة التحريات وكفايتها هو من المسائل الموضوعية التي تخضع لإشراف محكمة الموضوع ، وأن للمحكمة أن تعوِّل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة مُعَزِّزة لما ساقته من أدلة أساسية في الدعوى ، وكانت المحكمة قد اطرحت الدفع بعدم جديَّة التحريات بردٍّ سائغ وتدليل مقبول ، ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان البيِّن من الحكم المطعون فيه أنه أعاد ترتيب الاتهامات في الدعوى وفقًا لما انتهى إليه في قضائه ، فبعد أن أثبت الاتهامات – القبض دون وجه حق ، والإكراه على توقيع لسندات دين ، واستعراض القوة – في حق الطاعنين ، وكان ترتيب تهمة القبض دون وجه حق هي الأولى في ترتيب الاتهامات التي انتهى إليها ثم خلص إلى براءتهم من تهمة إحراز السلاح ، والتي كان ترتيبها الأولى في أمر الإحالة ، فإن منطوق الحكم يكون قد جاء منسقًا مع أسبابه على النحو سالف البيان ، ومن ثم ، يكون ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد غير سديد . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمَّته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن العقوبة الأصلية المُقرَّرة لأشد الجرائم المرتبطة ببعضها البعض ارتباطًا لا يقبل التجزئة تجُبُّ العقوبات الأصلية المُقرَّرة لما عداها من جرائم ، دون أن يمتد هذا الجَب إلى العقوبات التكميلية التي تحمل في طياتها فكرة ردّ الشيء إلى أصله ، أو كانت ذات طبيعة وقائية كالمصادرة ومراقبة البوليس ، ولذلك يجب توقيعها مهما تكن العقوبة المُقرَّرة ؛ لما يرتبط بتلك الجريمة من جرائم أخرى ، والحكم بها مع عقوبة الجريمة الأشد ، فإن الحكم المطعون فيه إذ أعمل حكم المادة 32 من قانون العقوبات ، وأغفل الحكم بعقوبة وضع الطاعنين تحت مراقبة البوليس المنصوص عليها في المادة 375 مكررًا "أ"/4 من القانون سالف الذكر ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، إلَّا أنه لما كان المحكوم عليهما هما الطاعنان وحدهما ، فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ ؛ لما في ذلك من إضرار بهما ؛ إذ إنه من المُقرَّر أنه لا يصح أن يضار المتهم بناء على الطعن المرفوع منه وحده .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق