جلسة 22 من فبراير سنة 1989
برئاسة السيد المستشار/ محمد محمود راسم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسين علي حسين نائب رئيس المحكمة، حمدي محمد علي، عبد الحميد سليمان وعزت عمران.
-----------------
(95)
الطعن رقم 1366 لسنة 52 القضائية
(1) حكم "صدور الحكم". بطلان.
جواز مشاركة قاضي في الهيئة التي نطقت بالحكم بخلاف من سمع المرافعة ووقع على مسودته. شرطه. بيان ذلك في نسخه الحكم الأصلية.
(2 - 5) إيجار "إيجار الأماكن" "القواعد العامة في الإيجار" "مدة العقد". "انتهاء العقد". عقد "انعقاده".
2- مواعيد التنبيه بالإخلاء. م 563 مدني. عدم تحديد أجل لحصول التنبيه بالإخلاء. أثره. جواز توجيهه في أي وقت قبل انقضاء مدة الإيجار دون التزام بالمواعيد المقررة بالمادة المذكورة.
3- عقود الإيجار الخاضعة لأحكام القانون المدني. انتهاؤها بانتهاء المدة المحددة. فيها. التنبيه بالإخلاء الصادر من أحد طرفي عقد الإيجار للآخر. أثره. انحلال الرابطة العقدية بينهما.
4- تطبيق أحكام قانون إيجار الأماكن على القرى التي يصدر بها قرار من وزير الإسكان. مناطه. عدم سريان أحكام التشريع الاستثنائي على العقود التي انقضت بانتهاء مدتها بالتنبيه على المستأجر بالإخلاء قبل صدور القرار المذكور.
5- انقضاء فترة من الزمن بين حصول التنبيه ورفع دعوى الإخلاء لا يعد دليلاً على تنازل المؤجر ضمناً عن أثر التنبيه ولا يحول دون استعمال حقه في طلب إخلاء العين المؤجرة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الجمعية الطاعنة الدعوى 261 لسنة 1980 أمام محكمة المنزلة الجزئية بطلب الحكم بإنهاء عقدي الإيجار المؤرخين 27/ 1/ 1965، 1/ 8/ 1966 وإخلاء الأماكن المؤجرة محل النزاع وتسليمها إليه، وقال بياناً لدعواه أنه بموجب العقد الأول استأجرت الجمعية الطاعنة الشقة المبينة بالصحيفة ثم استأجرت خمسه مخازن بالعقد الثاني. وإذ انتهى العقدان بانتهاء مدتهما لوقوع الأماكن المؤجرة بقرية ميت سلسيل مركز المنزلة التي لا تخضع لأحكام قانون إيجار الأماكن فقد أقام الدعوى. وبتاريخ 3/ 3/ 1981 قضت المحكمة بعدم اختصاصها قيمياً بنظر الدعوى وبإحالتها لمحكمة المنصورة الابتدائية حيث قيدت برقم 1527 لسنة 1981. وبتاريخ 10/ 11/ 1981 قضت المحكمة برفض الدعوى. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 593 لسنة 33 ق - المنصورة. وبتاريخ 4/ 3/ 1982 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وطرد الجمعية الطاعنة من الأعيان محل النزاع وتسليمها للمطعون ضده خاليه. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة - رأته جديراً بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعه أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الثاني منها على الحكم المطعون فيه البطلان وفى ذلك تقول أن رئيس الهيئة التي استمعت للمرافعة وحجزت الاستئناف للحكم تغيب يوم النطق به وحل محله عضو آخر............. - اشترك في المداولة ووقع على مسوده الحكم رغم أنه لم يكن من بين أعضاء الهيئة المذكورة مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن النص في المادة 167 من قانون المرافعات على أن "لا يجوز أن يشترك في المداولة غير القضاة الذين سمعوا المرافعة وإلا كان الحكم باطلاً" وفى المادة 170 منه على أنه "يجب أن يحضر القضاة الذين اشتركوا في المداولة تلاوة الحكم فإذا حصل لأحدهم مانع وجب أن يوقع مسوده الحكم وفى المادة 178 على أنه "يجب أن يبين في الحكم"...... أسماء القضاء الذي سمعوا المرافعة واشتركوا في الحكم وحضروا تلاوته..... وعدم بيان أسماء القضاة الذي أصدروا الحكم يترتب عليه بطلان الحكم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أنه ليس ثمة ما يمنع من مشاركة قاضي في الهيئة التي نطقت بالحكم وحلوله محل القاضي الذي سمع المرافعة واشترك في إصدار الحكم ووقع على مسودته ثم تغيب لمانع عند النطق به، على أن يثبت بيان ذلك بنسخه الحكم الأصلية. لما كان ذلك وكان البين من مطالعة محضر جلسة 1/ 2/ 1982 أن الهيئة التي استمعت إلى المرافعة وحجزت الدعوى للحكم مكونه من المستشارين.......، وأثبت بنسخة الحكم الأصلية أن الهيئة التي نطقت بالحكم مكونة من المستشارين....... أما الهيئة التي وقعت على المسودة وحضرت المداولة فهي مؤلفة من ذات الأعضاء الواردة أسماءهم بمحضر الجلسة المشار إليه، وإذ خلت الأوراق مما يفيد أن المستشار.... قد اشترك في المداولة أو وقع على مسوده الحكم حسبما تدعي الطاعنة فإن النعي ببطلان الحكم لهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول والوجه الأول من السببين الثالث والرابع مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفى بيان ذلك تقول أن عقد الإيجار المؤرخ 1/ 8/ 1966 نص فيه على أن مدته ستة أشهر وأنه يستمر سارياً بنفس الشروط والمدة ما لم يعلن أحد الطرفين الآخر قبل انقضاء مدته، مما يتعين معه أن يكون التنبيه بالإخلاء قبل انتهاء المدة بشهرين وفقاً لنص المادة 563 من القانون المدني ويكون التنبيه الحاصل في 29/ 9/ 1979 قد تم قبل انتهاء المدة بأقل من شهرين إذ ينتهي العقد في آخر أكتوبر سنة 1979 مما يترتب عليه بطلان هذا التنبيه. وإذ اعتبر الحكم المطعون فيه أن العقد قد تجدد تجديداً ضمنياً لمدة غير محددة وأقام قضاءه على هذا التنبيه الباطل فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن النص في المادة 563 من القانون المدني على أنه "إذا عقد الإيجار دون اتفاق على مدة أو عقد لمدة غير معينة أو تعذر إثبات المدة المدعاة اعتبر الإيجار منعقد للفترة المعينة لدفع الأجرة، وينتهي بانقضاء هذه الفترة بناء على طلب أحد المتعاقدين إذا هو نبه على المتعاقد الآخر بالإخلاء في المواعيد الآتي بيانها ......" يدل على أن مناط إعمال حكم هذا النص أن يكون المتعاقدان قد أغفلا تحديد مدة معينة ينتهي بانتهائها عقد الإيجار، أو يكون العقد قد أبرم لمدة غير محدده أو تعذر إثبات المدة المتفق عليها، أما حيث يكون للعقد مدة معينه اتفق عليها الطرفان فإنه ينتهي بانتهاء هذه المدة ما لم يشترطا وجوب التنبيه بالإخلاء فإذا لم يعينا أجلاً محدداً لحصول التنبيه قبل انتهاء مدة العقد جاز توجيهه في أي وقت قبل انقضاء مدة الإيجار دون التزام بالمواعيد المقررة في المادة 563 من القانون المدني. لما كان ذلك وكان البين بمطالعة عقد الإيجار المؤرخ 1/ 8/ 1966 أنه نص فيه صراحة على أن مدة العقد ستة أشهر ابتداء من أول مايو سنة 1966 قابله للتجديد واتفق في البند الثامن منه على أنه إذا أراد أحد الطرفين إغلاق المحل في نهاية مدة الإيجار فعليه إعلان الطرف الآخر بذلك قبل انقضاء مدة الإجارة، وإذا لم يحصل إعلان قبل الميعاد المدد يعتبر الإيجار سارياً بين الطرفين بنفس الشروط المدونة في هذا العقد ولمدة أخرى كمدة هذا العقد ويتكرر والسريان بالشروط والمدة المذكورة فإن مفاد ذلك أن المتعاقدين قد حددا مده معينه للإيجار تمتد تلقائياً لمدد متتالية كل منها ستة أشهر ما لم ينبه أحد الطرفين على الآخر برغبته في إنهاء العقد، وإذ لم يحدد أجلاً لحصول التنبيه وكان المطعون ضده قد نبه على الطاعن في الإخلاء في 29/ 9/ 1989 قبل انقضاء المدة الأخيرة التي أمتد إليها العقد في آخر أكتوبر سنة 1979 فإن التنبيه يكون قد تم صحيحاً وفقاً لما اتفق عليه الطرفان. وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة الصحيحة فإن النعي عليه فيما أورده بمدوناته من تقريرات بشأن إعمال نص المادة 563 من القانون المدني - وأياً كان وجه الرأي فيها - يكون غير منتج.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثاني من السبب الثالث على الحكم المطعون في الخطأ في تطبيق القانون وفى بيان ذلك تقول أن قرية ميت سلسيل أدخلت في نطاق تطبيق قانون إيجار الأماكن رقم 49 لسنة 1977 بمقتضى قرار محافظ الدقهلية رقم 117 لسنة 1980 وقرار وزير الإسكان رقم 48 لسنة 1982 ومن ثم فإنه ما كان يجوز إخلاء الأماكن المؤجرة إلا لأحد الأسباب المبينة على سبيل الحصر بالقانون المذكور وإذ أعمل الحكم المطعون فيه القواعد العامة في القانون المدني فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأصل في عقود الإيجار الخاضعة لأحكام القانون المدني أنها تنقضي بانتهاء المدة المحددة فيها وأن التنبيه بالإخلاء في الميعاد الصادر من أحد الطرفين للطرف الآخر يؤدي إلى انحلال الرابطة العقدية القائمة بينهما، وإذ كان مناط تطبيق أحكام قانون إيجار الأماكن على القرى التي يصدر بها قرار من وزير الإسكان أن تكون العلاقة الإيجارية عن الأماكن الواقعة بها ما زالت قائمة في تاريخ العمل بهذا القرار. فلا تسري أحكام التشريع الاستثنائي على تلك التي انقضت عقود استئجارها بانتهاء مدتها من قبل تاريخ العمل به، لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن عقدي الإيجار سند الدعوى المؤرخين 27/ 1/ 1965 و1/ 8/ 1966 قد انتهت المدة المتفق عليها فيهما بالتنبيه الصادر من المطعون ضده (المؤجر) إلى الطاعنة (المستأجرة) في 29/ 9/ 1979 بإخلاء الأماكن المؤجرة لها بمقتضى هذين العقدين في آخر أكتوبر سنة 1979 ومن ثم فقد أنتج هذا التنبيه أثره من قبل صدور قرار وزير الإسكان رقم 48 لسنة 1982 بخضوع قرية ميت سلسيل - الواقع بها الأعيان المؤجرة - لأحكام التشريع الاستثنائي بإيجار الأماكن، مما لا محل معه وقد انقضت العلاقة الإيجارية إلى إعمال أحكام هذا التشريع، ويتعين لذلك الرجوع إلى القواعد العامة في الإيجار المنصوص عليها في القانون المدني. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه بالوجه الثاني من السبب الرابع القصور في التسبيب وفى بيان ذلك تقول أنها تمسكت في دفاعها بأن الدعوى وقد رفعت بعد مضي سبعه أشهر من توجيه التنبيه بالإخلاء فإنه يدل على عدول المطعون ضده عن هذا التنبيه. خاصة وأنه كان يتقاضى الأجرة من الجمعية بعد توجيه هذا التنبيه إليها، إلا أن الحكم لم يتبين حقيقة دفاعها في هذا الخصوص مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه وفي معرض الرد على دفاع الطاعنة الوارد بسبب النعي - أشار في مدوناته إلى أنها لم تقدم دليلاً على انصراف نية المطعون ضده إلى تجديد العقد لخلو الأوراق مما يفيد استلامه الأجرة بعد صدور التنبيه بالإخلاء. وإذ كان هذا الذي خلص إليه الحكم سائغاً وكان مجرد انقضاء فترة من الزمن بين حصول التنبيه ورفع دعوى الإخلاء لا ينهض دليلاً على تنازل المؤجر ضمناً عن أثر هذا التنبيه ولا يحول دون استعمال حقه في طلب إخلاء العين المؤجرة، فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.