الصفحات

الثلاثاء، 21 مارس 2023

الطعن 120 لسنة 30 ق جلسة 21 / 1 / 1965 مكتب فني 16 ج 1 ق 13 ص 81

جلسة 21 من يناير سنة 1965

برياسة السيد/ محمود القاضي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، وحافظ محمد بدوي، والسيد عبد المنعم الصراف، وعباس حلمي عبد الجواد.

----------------

(13)
الطعن رقم 120 لسنة 30 القضائية

مسئولية. "مسئولية عقدية". مقاولة. "التزامات المقاول".
المقاول الذي يعمل بإشراف رب العمل الذي جعل نفسه مكان المهندس المعماري. الأصل عدم مساءلته عن تهدم البناء أو عيوبه إذا كان ذلك ناشئاً عن الخطأ في التصميم. اشتراكه في المسئولية مع رب العمل متى كان على علم بالخطأ في التصميم وأقره أو كان الخطأ من الوضوح بحيث لا يخفى أمره على المقاول المجرب.

----------------
لئن كان الأصل أن المقاول الذي يعمل بإشراف رب العمل الذي جعل نفسه مكان المهندس المعماري لا يسأل عن تهدم البناء أو عن العيوب التي يترتب عليها تهديد متانة البناء وسلامته إذا كان ذلك ناشئاً عن الخطأ في التصميم الذي وضعه رب العمل، إلا أن المقاول يشترك في المسئولية مع صاحب العمل إذا كان على علم بالخطأ في التصميم وأقره أو كان ذلك الخطأ من الوضوح بحيث لا يخفى أمره على المقاول المجرب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - كما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن الشركة الطاعنة أزمعت إنشاء خزان لمادة المولاس المتخلفة عن صناعة السكر بالحوامدية فأرسلت في 12/ 10/ 1954 كتاباً إلى الشركة المطعون ضدها تخبرها فيه بأنها طرحت في المناقصة عملية إنشاء ذلك الخزان طبقاً للرسومات التصميمية والمواصفات والشروط العامة التي وضعتها هي - أي الشركة الطاعنة - وإذ تمت المناقصة التي قبل فيها طلب الشركة المطعون ضدها فقد أرسلت الشركة الطاعنة بتاريخ 4/ 11/ 1954 كتاباً إلى الشركة المطعون ضدها تخبرها فيه بهذا القبول وتطلب إليها إبداء أية ملاحظات بشأن تصميم الخزان في ظرف ثلاثة أيام حتى تتحمل كل المسئولية فيما يتعلق بقوة مباني الخزان وعدم تسرب السائل منه فردت عليها الشركة المطعون ضدها بخطاب مؤرخ في 6/ 11/ 1954 أبدت فيه ما عن لها من ملاحظات وبتاريخ 9/ 11/ 1954 تم التوقيع على العقد الذي أبرم بين الشركتين حيث تضمن التزام الشركة المطعون ضدها بالقيام بتنفيذ الأعمال الخاصة ببناء حوض للمولاس بالحوامدية طبقاً للمقايسة والشروط العامة والرسومات رقم هـ. م 875، 876 الموقع عليها من الطرفين والمرفقة بالعقد والتي تعتبر جزءاً منه وأن الشركة المطعون ضدها عاينت قطعة الأرض وتأكدت من طبيعتها وأنها تتحمل المسئولية الكاملة كما تعهدت باحترام الشروط الفنية الموضحة بآخر قائمة الاشتراطات الخاصة بوزارة الأشغال العمومية للأعمال المماثلة. وقد قامت الشركة المطعون ضدها بإنشاء الخزان وسلمته للشركة الطاعنة بموجب محضر تسليم ابتدائي مؤرخ 15/ 2/ 1955 جاء به أنه لا مانع من استلام البناء استلاماً ابتدائياً حيث إنه قد نفذ حسب شروط العقد وليست به عيوب ظاهرة تمنع من الاستلام إلا أنه بتاريخ 22/ 6/ 1955 تبينت الشركة الطاعنة حصول هبوط في سقف الخزان فوق الأعمدة الحاملة وتسرب المولاس في بعض المواضع وحدوث شروخ في الحائط القبلي فأخطرت بذلك الشركة المطعون ضدها بخطاب في 24 من يونيه سنة 1955 ناسبة ذلك إلى رداءة الخرسانة بالأساسات فردت عليها الشركة المطعون ضدها بخطاب آخر مؤرخ 28 من يونيه سنة 1955 جاء فيه أن تسرب المولاس كان طفيفاً ولا يمكن نسبته إلى رداءة الخرسانة بالأساسات بل إنه يرجع إلى شروخ شعرية بالمباني يمكن معالجتها بحقنها بالأسمنت إلا أنه في أول يوليه سنة 1955 حدث أن مال الحائط القبلي إلى الخارج وتدفق المولاس منه بصورة مروعة مجتاحاً كل ما قابله وسبب للشركة الطاعنة خسائر وأضراراً مما حدا بها إلى رفع الدعوى رقم 5563 سنة 1955 مستعجل القاهرة طلبت فيها إثبات حالة الخزان وبيان ما حدث به من تصدع وسببه وما يلزم لإصلاحه وبيان مدى ما أصابها من ضرر وبتاريخ 6/ 7/ 1957 صدر الحكم بندب الدكتور عبد العزيز العروسي رئيس قسم الخرسانة بكلية الهندسة بجامعة عين شمس لمعاينة الخزان وإثبات حالته وبيان ما حدث به من تصدع وسببه وهل ذلك راجع إلى التصميم أو التنفيذ أو الاستعمال وبيان مدى مطابقة مبنى الخزان للتصميم والمواصفات الواردة في المقايسة الملحقة بالعقد وبيان ما يلزم لإصلاح الخزان وقد قدم الخبير تقريره الذي انتهى فيه إلى نفي وقوع إهمال ما من الشركة المطعون ضدها في التنفيذ وإلى أن السبب في تهدم الخزان يرجع إلى الأخطاء في التصميم وبتاريخ 6/ 8/ 1957 رفعت الشركة الطاعنة هذه الدعوى طالبة الحكم بإلزام الشركة المطعون ضدها بأن تدفع لها مبلغ 25673 ج و749 م والفوائد بواقع 5% من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد كتعويض عما أصابها من ضرر من جراء ما حدث بالخزان من خلل مقيمة دعواها على نصوص المواد 651 و652 و653 من القانون المدني والتي ترى الشركة الطاعنة أنها توجب مسئولية الشركة المطعون ضدها عن تهدم الخزان ولو كانت الشركة الطاعنة قد أهملت أو أخطأت في التصميم والمواصفات أو تدخلت في العمل ونفذ المقاول أوامرها، بل ولو كانت الشركة المطعون ضدها تقوم بالعمل بإشراف مهندسي الشركة الطاعنة. دفعت الشركة المطعون ضدها الدعوى بأن العملية التي طرحتها الشركة الطاعنة في المناقصة هي عملية تنفيذ الرسومات والتصميمات والمواصفات والمقايسات التي استقلت بوضعها الشركة الطاعنة وأن دورها قد اقتصر على مراجعة الحسابات الهندسية لهذه التصميمات والرسومات وقد قامت بهذا الالتزام دون عيب في الأعمال التي قامت بها وأنه إذا كان البند الثامن من الشروط العامة قد تضمن استحقاق الشركة الطاعنة للتأمين المدفوع منها وقدره 1130 ج و479 م عند ثبوت وجود عيب في الأعمال وقد تبين عدم وجود عيب فإن على الشركة الطاعنة أن ترد لها هذا المبلغ وهو ما طلبت "في صورة طلب عارض" الحكم به على الشركة الطاعنة بجلسة 9/ 10/ 1958 مع فوائده القانونية من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد. ومحكمة القاهرة الابتدائية قضت في 25/ 4/ 1959: أولاً - برفض الدعوى الأصلية: ثانياً - في الدعوى الفرعية بإلزام الشركة الطاعنة بأن تدفع إلى الشركة المطعون ضدها مبلغ 1130 ج و479 م - رفعت الشركة الطاعنة استئنافاً عن هذا الحكم قيد برقم 870 سنة 76 ق ومحكمة استئناف القاهرة قضت في 6/ 2/ 1960 بتأييد الحكم المستأنف - طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى الدائرة المدنية وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى بالسببين الأول والثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه انتهى في قضائه إلى نفي مسئولية الشركة المطعون ضدها بحجة أنه لم يقع منها خطأ في التنفيذ تأسيساً على أن المقاول لا يسأل إلا عن العيوب التي تقع في التنفيذ دون تلك التي تأتي من الخطأ أو عدم التبصر في وضع التصميم وذلك إذا ما كان المقاول يعمل بإشراف رب العمل الذي جعل نفسه مكان المهندس المعماري - كما هو الحال في هذه الدعوى - وقد استند الحكم في ذلك إلى المبادئ التي تضمنتها المادة 897 من المشروع التمهيدي للقانون المدني والتي حذفت منه بعد ذلك مع أن الذي يبين من أحكام المواد 651 و652 و 653 من القانون المدني أن الشركة المطعون ضدها تتحمل كل المسئولية عن تهدم بناء الخزان ولو كان ذلك راجعاً إلى التصميم بل حتى لو أذنت الشركة الطاعنة بإنشاء الأبنية المعيبة ولا يعفي الشركة المطعون ضدها من المسئولية أن يكون العمل قد تم بإشراف الشركة الطاعنة أو أن يكون دور الشركة المطعون ضدها قد اقتصر على تنفيذ ما أمرت به الشركة الطاعنة إذ أن المقاول ملزم بمراعاة ما تقتضيه قواعد الفن وأصوله.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد أورد في هذا الصدد ما يأتي "أما عن قواعد توزيع المسئولية بين المقاول ومهندس المباني فإن المادة 652 مدني قد أبرأت الخير إذا ما اقتصر دوره على وضع التصميم دون أن يتكلف بالرقابة على التنفيذ من المسئولية إلا من العيوب التي أتت من التصميم" وكانت المادة 652 أصلاً الفقرة الأولى للمادة 897 من المشروع - وكانت هذه المادة تتضمن فقرة ثانية نصها "إذا عمل المقاول بإشراف مهندس معماري أو بإشراف رب العمل وقد جعل نفسه مكان المهندس المعماري فلا يكون المقاول مسئولاً إلا عن العيوب التي تقع في التنفيذ دون العيوب التي تأتي من الغلط أو عدم التبصر في وضع التصميم" وقد جاء بالمذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي عن هذه الفقرة أنها مؤيدة لأحكام القضاء المصري وقد اقترحت اللجنة حذفها باعتبار أنها تطبيق للقاعدة العامة بأن المقاول لا يسأل إلا عن خطئه وأن الخلل في البناء إذا حصل في خلال عشر سنوات لا يكفي وحده لتقرير مسئولية المقاول إذا كان من الثابت أن هذا الخلل لا يرجع لخطئه ومن ثم فإن المحكمة تستهدي في حكمها بهذه المبادئ التي وردت بالمذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي والتي سايرت ما استقرت عليه أحكام القضاء في هذا الصدد. وحيث إنه لا نزاع بين الطرفين على أن الشركة المستأنف عليها (المطعون ضدها) قد قامت بتنفيذ أعمال المقاول وإنما استحكم الخلف بينهما بصدد أعمال التصميمات حيث استمسكت الشركة المستأنفة (الطاعنة) بتحميل الشركة المستأنف عليها المسئولية عنها كاملة وركنت في ذلك إلى الكتابين المؤرخين 4/ 11/ 1954 و22/ 12/ 1954 وأنكرت الشركة المستأنف عليها ذلك وحيث إن الواضح من أوراق الدعوى أن للشركة المستأنفة قسم للهندسة المدنية وأن هذا القسم قد وضع الرسومات والمواصفات الخاصة بإنشاء خزان المولاس وأجرى الإعلان عنها وتلقى عطاءاتها وقام بفحصها والمفاضلة بينها ثم ارتأى أن يرسيها على الشركة المستأنف عليها فالشركة المستأنفة إذن لم تعهد إلى الشركة المستأنف عليها بإنشاء خزان وإنما عهدت إليها بتنفيذ التصميم الذي وضعته هي أي الشركة المستأنفة... وقد أكد الحاضر عن الشركة المستأنفة للأستاذ الدكتور عبد العزيز العروسي في 15/ 8/ 1955 أن الشركة المذكورة أي المستأنفة هي التي أعدت الرسومات والتصميمات وأنها طلبت إلى الشركة المستأنف عليها إعدادها عن السقف. وقد أرجع الدكتور عبد العزيز العروسي التصدع إلى الخطأ في التصميم والمواصفات ذلك الخطأ الذي تمثل في بنوده السبع التي ضمنها تقريره والتي أوردها الحكم الابتدائي ونأى بأعمال التنفيذ التي أكد مطابقتها للرسومات والمواصفات عن أن يكون لها دخل في إحداثه. ولما كان ذلك، وكان المقاول غير مسئول إلا عن العيوب التي تقع في التنفيذ دون العيوب التي تأتي من الغلط أو عدم التبصر في وضع التصميم إذا ما كان يعمل بإشراف رب العمل الذي جعل نفسه مكان المهندس المعماري فإنه لا يكون ثمة وجه لمجادلة الشركة المستأنفة في انتفاء مسئولية الشركة المستأنف عليها عن التصدع الذي نشأ بالخزان، وحيث إنه وإن كان الأصل أن المقاول الذي يعمل بإشراف رب العمل الذي جعل نفسه مكان المهندس المعماري لا يسأل عن تهدم البناء أو عن العيوب التي يترتب عليها تهديد متانة البناء وسلامته إذا كان ذلك ناشئاً عن الخطأ في التصميم الذي وضعه رب العمل إلا أن المقاول يشترك في المسئولية مع رب العمل إذا كان قد علم بالخطأ في التصميم وأقره أو كان ذلك الخطأ من الوضوح بحيث لا يخفى أمره على المقاول المجرب وإذ كان الحكم المطعون فيه قد نفى المسئولية عن الشركة المطعون ضدها لمجرد ما قال به من أن الشركة الطاعنة هي التي أعدت الرسومات والتصميمات وأن التهدم الذي حصل في الخزان يرجع إلى الخطأ في التصميم والمواصفات دون أعمال التنفيذ، فإنه يكون مخطئاً في القانون ولا محل لاستناد الحكم في نفي المسئولية عن المقاول في حالة عدم اشتراكه في التصميم إلى نص الفقرة الثانية من المادة 897 من المشروع التمهيدي للقانون المدني لأن هذا النص قد حذف في لجنة المراجعة وصدر القانون المدني خلواً من نص يقضي بإعفاء المقاول من المسئولية في هذه الحالة بل إن في حذف هذا النص ما يدل على أن المشرع لم ير إطلاق إعفاء المقاول من المسئولية كلما عمل بإشراف مهندس معماري أو بإشراف رب العمل - وقد جاءت الأعمال التحضيرية خلواً مما نسبه إليها الحكم المطعون فيه من أن علة حذف تلك الفقرة هو أن حكمها تطبيق للقواعد العامة - ومن ثم يتعين نقض الحكم المطعون فيه دون حاجة لبحث باقي الأسباب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق